حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مصريون تحت العسكر في ( العودة الى الساحة)

أمستردام محمد موسى

سبق العرض العالمي الاول للفيلم التسجيلي ( العودة الى الساحة) للمخرج التشيكي الاصل بيتر لوم، ضمن برنامج "إشارات" ، وهو احد  برامج  الدورة الاخيرة لمهرجان روتردام السينمائي الدولي، عرض فيلم قصير للمخرج نفسه، حمل عنوان ( الفيسبوك الطفل)، والذي ينطلق من حادثة نشرتها صحف مصرية وتلقفتها  بعد ذلك محطات اعلامية عدة حول العالم، عن أب مصري أطلق على إبنته التي ولدت ايام الثورة المصرية اسم ( فيسبوك)، ليبدأ  الفيلم بعدها، وباسلوبية كوميدية، رحلة  للبحث عن العائلة المصرية تلك ، مستعرضا خلالها ،  حس الفكاهة الشهير عند المصريين.

ورغم  إن مناسبة اسم طفلة الثورة المصرية ، وعلاقة الأسم بالدور الذي لعبه موقع التواصل الاجتماعي الشهير في الثورة المصرية، هي في جوهرها  ، إحتفالا بالمنجز الذي حققه المصريين في العام الماضي ،  الا ان الفيلم القصير، نقل  أيضا حزنا لا تخطئه العين عند  كثير من المصريين الذين مروا في الفيلم، او الذين تحدثوا الى كاميرا المخرج. وكأن الثورة التي زلزلت مصر، اصبحت الآن ذكرى في الماضي البعيد. لكن الخواء الذي تركه الفيلم القصير، لن يقارن ابدا بذلك الذي سيخلفه الفيلم التسجيلي الطويل للمخرج والذي عرض  مباشرة بعد الفيلم القصير في العروض الثلاث في المهرجان الهولندي ، ونقل صورة تشائمية للغاية عما يجري في مصر، ليس فقط عن ثورتها الناقصة، بل عن النظم الاجتماعية المستبدة الباقية، والتي لم تطح بها ثورة الخامس والعشرين من يناير.

ياتي فيلم ( العودة الى الساحة ) بعد سلسلة من الافلام التسجيلية التي تناولت الثورة المصرية الاولى، والتي بدا فيلمنا هذا غير مشغول بها كثيرا، بقدر تركيزه على الثورة الاخرى المستمرة في مصر، والتي يشير اليها عنوان الفيلم، فعودة المصريون الى ميدان التحرير الشهير في القاهرة، حدثت بعد ايام قصيرة فقط من تنحي الرئيس المصري السابق، ولم يتوقف الميدان ( الساحة) على ان يكون رمزا لثورات المستقبل القادمة، علاوة على تحولها، اي الساحة ذاتها، منصة تنابز وأستعراض عضلات لاحزاب وحركات سياسية، ومكان تسكع لمجرمين واوباش.

يقدم المخرج التسجيلي المستقل والذي قضى اشهر طويلة في مصر، شخصيات مصرية بعضها شهيرة، كاخ مايكل نبيل، الشاب الذي قضى اشهر في السجن بسبب اتهامه باهانة المجلس العسكري ( اطلق سراح نبيل قبل ايام قليلة من عرض الفيلم ، واحتفل مهرجان روتردام بحريته)، واخرى مجهولة تماما، كصبي أتهم هو وعشيرته بانه وراء ضرب متظاهري مبدان التحرير، في الحادثة التي ستعرف بعد ذلك بواقعة الجمل. كما سنتعرف على زوجين قبطيين شابين ، وفتاة مصرية ، ستواجه اقصى هجمات السلطات العسكرية دناءة.

لن يقضي الفيلم اوقاتا طويلة في مقابلات مفصلة مع شخصياته الخمس. هو يركز بالمقابل على مرافقتهم في حياتهم اليومية، وتسجيل ردود الافعال على نشاط بعضهم السياسي العلني ، وتقاطعهم مع آخريين في الشوارع مثلا، لتغدو أفعال عابرين عادين يدخلون عديد من مشاهد الفيلم بدون استذان، اكثر اهمية بدلالاتها مما يصدر عن شخصيات الفيلم الخمس احيانا. لتلقائيتها ونقلها لصورة لا تصلنا غالبا، لانها تمر بالعادة، بمرشحات المؤسسات الاعلامية وشركات الانتاج الكبرى، والتي تملك عشرات الاسباب والمحظورات التي تعرقل وصول تلك الصور الى المشاهد العادي.

من مشاهد الفيلم الرائعة في هذا السياق، ذلك المشهد الطويل، الذي من المستعبد لمخرج غير مستقل كحال بيتر لوم ان ينجزه بتلك الحرية، لسيدة في ميدان التحرير كانت ترفع شعار مؤثر عن حرية المصريين التي يجب ان تصان. تركز الكاميرا لثواني طويلة  على وجه الفتاة الفتي، وحجابها الطويل. فجأة يدخل كادر الكاميرا، شخص ملتحي، ويقوم بانزال الشعار لكي يغطي وجه الفتاة بالكامل، ويحجب صورتها البهية عن الكاميرا. عندها نعرف ان هذه السيدة، هي في الواقع جزء من حزب اسلامي، وانها وإن كانت هناك في الساحة تدافع عن حرية أبناء بلدها، لكنها لا تملك حريتها الشخصية.

من الشخصيات الخمس في الفيلم، تبرز "سلوى"، التي سنتعرف عليها في قريتها الصغيرة في الريف المصري. هي واحدة من الفتيات المصريات التي كسرت بشائر الثورة  والتغيير الذي ستحمله قيودها، لتترك قريتها وتنظم الى ثوار ميدان التحرير، لكن الضربة التي ستتلقاها "سلوى"، لن تكون برصاص حي او مطاطي، بل اشد وضاعة، فهي ستتهم من المجلس العسكري بانها كانت تمارس افعال غير لائقة اخلاقية في الميدان، ليرسلها التحقيق الى طبيب مختص لفحص عذريتها. رغم الدعم الذي تتلقاه سلوى من عائلتها الفقيرة للغاية، وامها، الا ان ضغوطات القرية الصغيرة على العائلة، بل محاولة طردهم من بيتهم المتهالك، تدفع بالفتاة مجددا الى القاهرة.

مفلسة، وبجروح علاقة عاطفية، انتهت بسبب قضية الفساد الاخلاقي الذي اتهمت فيه، تعود سلوى الى ميدان التحرير، الذي يترك ندبات كبيرة على روح الفتاة، دون ان يمنحها اي مكاسب على الاطلاق، بل ليتركها مشوشة تماما، اقرب الى الضياع في مجتمع يبدو ان الثورة لم تدفعه لتبديل مثله، او تجعله اقل تسامحا في احكامه.

ثورات عربية بعيون مخرجين اجانب

مع فيلم بيتير لوم ( العودة الى الساحة) ، والذي عرض في مهرجان روتردام في شهر يناير الماضي ، والعرض العالمي الاول لفيلم ( الثوري المتردد) للبريطاني شون مكاليستر ويسجل فيه جزء من يوميات من  ثورة اليمن ، والذي عرض في مهرجان برلين السينمائي هذا الشهر ، بدئت حقبة تسجيل  مخرجون اجانب للثورات العربية ، والتي لن تتوقف قريبا على الارجح . فالتغييرات المتسارعة التي تمر بها المنطقة العربية ، ستلهم الكثيرين لانجاز افلام تسجل اثار  ذلك الحراك على تفاصيل الحياة اليومية لسكان هذا الجزء من العالم.

لا تنحصر الفروقات بين افلام الثورات العربية التي تعود  لمخرجيين اجانب عن تلك التي يقف ورائها مخرجين عرب ، بالاسلوب  والمقاربة  ، هي تختلف بشكل جوهري من النقطة التي تنطلق منها ، فهي لا تعير اهمية كبيرة للمحظورات الاجتماعية المتوراثة ، فكاميرا بيتر لوم تتجول كما يحلو في مصر ، تلتقي من تشاء من الناس ، لا يقيدها "لا شعور جمعي" ، لذلك تصل الى وجهات صادمة حقا ، فلم تنجح اي وسيلة اعلامية ، بنقل الرعب  الذي يمثله "البطلجية" في مصر ، كما نقله الفيلم ، عندما احاط هؤلاء المخرج واحدى شخصيات فيلمه في ميدان التحرير ، كما لم تبدو السلطات العسكرية المصرية بالنفوذ القوي ، كما ظهرت في الفيلم. فهو يدخلون عنوة منزل  عائلة "سلوى" في الريف المصري ، ويطلبون من العائلة وقف التصوير ، وطرد المخرج من القرية. كما لا يتردد المخرج بنقل نموذج من الاهانات التي يتلقاها بعض الاقباط المصريين من السلطات الامنية المصرية او من جماعات اخرى ، والتي تزايدت مع الفوضى الامنية التي تسود مصر. فحساسية العلاقة بين مسلمين ومسيحين لا تعني المخرج كثيرا ، بقدر اهتمامه بما تواجه شخصية فيلمه من مصاعب.

يعمل المخرج   بيتر لوم المقيم في كندا بشكل مستقل تماما ، ويقوم بانتاج افلامه بنفسه ، دون شروط شركات الانتاج  الكبيرة او الصغيرة،  الامر الذي يمنح افلامه تلك الحرية الفريدة ، والتي  ستجذب الحكومة الايرانية ، لتوافق على طلبه، و كأول مخرج اجنبي يسمح له بمرافقة الرئيس الايراني احمدي نجاد لعام كامل في رحلاته الداخلية والخارجية  ، والتي يسجلها بيتر لوم في فيلمه  (رسائل الى الرئيس) والذي عرض في عام 2009.

الجزيرة الوثائقية في

26/02/2012

 

فيلمان لأميرالاي استشرفا التطورات السورية الراهنة

نقولا طعمة – بيروت 

قدم "مركز بيروت للفن" وثائقيين سينمائيين، هما: “«تجربة فيلمية عن سد الفرات" (1970)، و"طوفان في بلاد البعث" (2003) للمخرج السوري الراحل عمر أميرالاي، من ضمن مجموعة نشاطات للمركز تحت عنوان: “ثورة ضد ثورة"، برنامج يستمر زهاء شهرين.

بدأ الفنان في مجال التوثيق السينمائي بفيلمه الأول، مدفوعا من جهاز التلفزة الرسمي السوري الذي صدر الفيلم الأول عنه، ليوثق لتجربة وطنية ضخمة هي سد الفرات مطلع السبعينات- مطلع عمل أميرالاي السينمائي، وللمفارقة، انتهى بالفيلم الثاني عن الموضوع عينه، لكن برؤية معاكسة.

في الفيلم الأول، حاول المخرج إظهار السد بحرا متراميا غير متناهي الحدود، كأنه يعبر به عن أحلامه اللامحدودة الأفق. ويبدو أن الشاب أمل الخير العميم في تجربة نظام قادم من جديد إلى إدارة الحياة العامة في البلاد طالما أنه انطلق بمشروع رؤيوي مستقبلي سيفيد البلاد والشعب الفقير الذي لم يخرج من بداوته، على ما ظهر في الفيلم.

واختيار أميرالاي التوثيق يؤشر إلى مدى تلازمه وارتباطه بواقع بلده، وتأثره بحياة شعبه الفقيرة المتخلفة عن الركب الحضاري. كانت مشاهداته لشعبه، وأحواله، ونمط حياته وامتدادات تلك المشاهدات والأحوال والأنماط حتى نهاياته، تعبيرا عن هاجس اقترن بمخيلته منذ انطلاقه للحياة - هاجس ازداد تفاقما لديه وانعكاسا على وعيه، مع تطورات الحياة العامة السورية بسلبياتها وإيجابياتها.

نجح أميرالاي في إيصال فكرته بتوثيقية موضوعية، لكنها تتضمن أفكاره المسبقة التي باتت قناعاته عن نظام بلده، فلم يتدخل لا شارحا ولا معلقا، لكنه عرض بكل تفاصيل حياة البداوة التي لا يزال شعب بلده، أو قسم منه، يعيشها في ظل التعبئة الإيديولوجية الحزبية. أظهر تفاصيل صغيرة وصلت إلى ماركة الحذاء وتشققات الأرجل البائسة فجعلها تنطق هي بما يريده هو، بحيادية تامة.

يختزل الفيلمان مسار تجربة انحدارية التوجه.  بدأ المخرج متشجعا، وانتهى محبطا. في الأول، (سبع دقائق) عرض للسد وآمال الناس. وفي الثاني (45 دقيقة)، شكوى مما أتى السد عليه من حياة القرى والبلدات المحيطة، والآثار الدفينة التي لن تعوض طالما هي غارقة تحت مياهه.

وينتقل الفيلم، بعد استخدام لقطات من الفيلم الأول، ليوثق للحياة العامة السورية عبر تجربة ضيعة صغيرة يرأسها شيخ، ويدير ابنه مدرستها، والمسؤول عن فرع الحزب فيها نسيبه. محاولة تختزل التركيبة السياسية للبلد.

يركز الفيلم على إيديولوجيا حزب البعث الحاكم، وكيف تمت تعبئة الأجيال بالولاء للنظام، بداية بالولاء لقائده حافظ الأسد، ثم للرئيس الحالي بشار الأسد حتى تمكن من الصمود.

يعرض الفيلم لدروس التعبئة، إن في التاريخ، أم الجغرافيا، أم اللغة بطريقة واقعية استغرب الجمهور معها كيف استطاع أميرالاي إقناع المسؤولين بالتصوير الحي لبرنامج الحزب التعبوي المدرسي.

المتخصص في شؤون المعارض والمتاحف ستيفان تارنوفسكي، وحافظ "مركز بيروت للفن" (Curator)، قال أن "إدارة المركز اختارت الفيلمين في هذه الظروف ليس لأسباب محددة إنما لأنهما أولا، فيلمان ممتازان، ويتوافقان مع برنامج "ثورة ضد ثورة"، وثانيا، ينمان عن تطور نظرة المخرج من حماسته الشبابية لحزب البعث في سوريا، ومشاريع الحزب التحديثية، إلى تراجع التعاطف مع النظام بعد التراجع عن وعود الحزب الإصلاحية السابقة ومنها التحديثية”.

ورأى أن تحول المخرج "يتردد في الوضع القائم حاليا في سوريا، مع العلم أن هذين الفيلمين أنتجا قبل "الربيع العربي"، وقد توفي أميرالاي (منذ عام) قبل اندلاع الأحداث السورية، وربما كان تراجع تعاطفه إنذارا لما حمله المستقبل”.

وأسف لأميرالاي لأنه "لم يكتب له معايشة التطورات التي تراءت في فيلميه”.

الجزيرة الوثائقية في

26/02/2012

 

صور باباذيموس تؤرخ للشرق الأوسط

شادي الأيوبي 

يعرض المركز الثقافي التابع للمصرف الوطني اليوناني في أثينا، حوالي مائتي صورة من عمل المصور اليوناني الراحل ذيميتريس باباذيموس، تمتد ما بين أعوام 1840 حتى 1980، وتعتبر أرشيفا سياسيا واجتماعيا وثقافيا لمنطقة الشرق الأوسط وقبرص واليونان وبعض الدول الأفريقية.

وتعرض الصور للقطات من اللحظات الإنسانية والتاريخية لتلك المنطقة، تميل بشدة لصالح اللحظات الإنسانية، حيث كان المصور مولعا بالنفس الإنسانية ولحظاتها المختلفة أكثر من أي ناحية أخرى.

ولد ذيميتريس باباذيموس في القاهرة عام 1918 في وسط حي متعدد الجنسيات تعلم منه اللغات والتعددية، توفيت والدته وهو طفل، ثم توفي والده وهو في سن المراهقة، مما اضطره للعمل مبكرا.  تعرف في سن المراهقة على المهندس البريطاني "أوستن سايد بارب هاريسون" الذي كان يصمم مباني في الشرق الأوسط مستوحيا تفصيلاتها من الفن والتقاليد العربية، وقد عرفه على مفكرين عرب وأوروبيين. تأثر باباذيموس كذلك بالمستعرب اليوناني "خريستوفوروس نوميكوس"، وخلال فترة الحرب العالمية الثانية عمل كمصور في الجيش اليوناني الذي تجمع في الشرق الأوسط بعد احتلال القوات النازية لليونان، وبعد الحرب سافر في عدة دول أفريقية وعربية صحبة كتاب ومؤلفين غربيين. عام 1956 انتقل بشكل نهائي إلى اليونان، حيث جال في مناطقها وجزرها، تعاون مع فنانين ومجلات تصوير، كما تعاون في عدة أفلام سينمائية يونانية وأجنبية، عام 1974 نشر جزء من صوره في كتاب بعنوان " اليونان التي تغيب ". توفي عام 1994 في أثينا عن 76 عاما، قضى جزء وافرا منها في الترحال والتصوير.

بعد تحرير اليونان من الاحتلال النازي، عاش باباذيموس وأبناء جيله مرارة الحرب الأهلية بين اليمين واليسار اليونانيين، تلك الحرب التي دمرت اليونان أكثر مما فعلت الجيوش النازية، وتركت هذه الفترة، جراحا في نفس المصور اليوناني الرحالة وفي نفوس أبناء جيله، وثّقها من خلال صور كثيرة، لكنه فضل بعد تلك الحرب العودة إلى مصر.

خلال شهر أيار/مايو 1944، أرّخ باباذيموس بصوره وصول الوفود اليونانية المختلفة، التي كانت متوجهة إلى لبنان في تلك الفترة لعقد مؤتمر بين حكومة جورج باباندريو في المنفى والمجموعات اليونانية المقاومة، وفي شهر كانون ثاني/ يناير من عام 1947 رافق الكاتب البريطاني "روبين موم" بحماية عسكرية بريطانية إلى واحة " سيوى" وتوقف الموكب في مكان موقعة العلمين، وهناك صور باباذيموس  للكاتب البريطاني، مصحوبا بحوالي 100 Journey to Siwa(1950) حياة البدو في تلك المنطقة، وكانت محصلة تلك الرحلة كتاب صورة من صور باباذيموس.

كما كان لباباذيموس علاقة خاصة بدير " سان كاترين" في صحراء سيناء والراهب المسؤول عنها " بورفيريوس" الذي كان مدرسه في القاهرة، وتردد على الدير مرات عديدة مصورا المكان وحياة الرهبان فيه والصحراء المحيطة به.

خلال شهر آذار/ مارس 1946، رافق باباذيموس المهندس الإنكليزي " هاريسون" في رحلة إلى القدس والأردن، حيث قدم الأخير نصائح بشأن الحفاظ على آثار البلد، وتزامن موعد السفر مع إعلان استقلال الأردن من السيطرة الانكليزية وتتويج الملك عبد الله، وقد التقط باباذيموس الكثير من الصور التي تؤرخ للاحتفالات بتلك المناسبة، إضافة إلى صور خاصة بالملك عبد الله، وقد جلبت له هذه الحادثة شهرة واسعة في العالم العربي، وبدأ بعدها في التعاون المهني مع العديد من المجلات.

قبرص، غانا، نيجريا

زار باباذيموس جزيرة قبرص مرات عديدة بين أعوام 1947 و1955، وصور فيها الناس والعادات والأماكن، ورافقت صوره تلك كتاب     .Journeys in Cyprus (1951)تحت عنوان Orphaned Realmالمؤلف البريطاني

وفي شهر شباط/ فبراير من عام 1949 زار باباذيموس غانا التي كانت تعرف آنذاك ب الشاطئ الذهبي، مرافقا للمهندس " هاريسون" وزميله " بيرس هامبرت" وكانا تعهدا ببناء أول جامعة في البلد، وعرض صوره من تلك البلد في معرض صور في أثينا عام 1950.

كان باباذيموس مولعا بالعادات والتقاليد لدى الشعوب المختلفة وأحب تأريخ اللحظات الإنسانية بمختلف مراحلها وتقلباتها، رافقت صوره كتبا كثيرة لأدب الرحلات، وعرضت في معارض صور في القاهرة وأثينا، صور الكثير من نواحي حياة مصر والشرق الأوسط، خاصة صور البدو والفلاحين في مصر وغيرها، كما صور بعض الأماكن التاريخية مثل المسجد الأقصى والكثير من الكنائس الشهيرة خلال فترة الخمسينات من القرن الماضي، وتظهر في صوره كذلك شخصيات هامة من تلك الحقبة مثل الملك عبد الله الأول، ملك الأردن السابق،  كما غطى عمليات عسكرية من الحرب العالمية الثانية وحركة السفن التجارية اليونانية في المتوسط خلال تلك الفترة.

ويضم أرشيف باباذيموس اليوم حوالي 65 ألف صورة بالأبيض والأسود، إضافة إلى بضعة آلاف من الصور الملونة، خص منها اليونان بحوالي 45 ألف صورة تكاد تشمل كل زاوية من البلد، فيما خص مصر ب 15 ألف صورة، لتشمل صوره تغطية قيمة للسنوات الممتدة ما بين 1940 حتى 1980، وقد تم تحويل حوالي ثلث تلك الصور إلى صور ديجيتال يمكن للجمهور مشاهدتها، حيث منحت أسرة المصور جميع صوره إلى متحف يوناني في أثينا، بما فيها صوره العائلية.

يانيس باباذيموس، نجل المصور اليوناني، أوضح للجزيرة الوثائقية أن والده كان صديقا حميما لحسن رشيد، الذي كان مسؤولا خلال أعوام الثلاثينات عن المتحف الإسلامي في القاهرة، وقد وجدت فيما بعد في مذكراته أنه أحب الفن العربي من خلال زياراته لمنزل حسن رشيد، وفيه تعرف على "هاريسون"، الذي كان صمم عشرات المباني في مدينة القدس.

وقال باباذيموس الابن، إن والده عمل، خلال الحرب العالمية الثانية، مع مجموعة من الشباب اليونانيين، على تجميع غنائم حرب تركها الإيطاليون في الصحراء مثل الرشاشات والعربات الصغيرة، وترحيلها إلى المجموعات المقاومة في اليونان عبر مرفأ الإسكندرية، وبعد احتلال اليونان من الجيوش الألمانية، تطوع الأب في معسكرات اللاجئين اليونانيين في غزة، وعمل في وزارة الإعلام التابعة للحكومة اليونانية في المنفى.

وتتابع أرملة المصور اليوناني الحديث موضحة أن زوجها الراحل كان صديقا لمعظم الشخصيات المعروفة في مصر، ومن أهم معارفه المهندس حسن فتحي، صاحب مشروع قرية القرنة الشهير، وقد أصدر حسن فتحي وباباذيموس كتابين مشتركين

الجزيرة الوثائقية في

26/02/2012

 

القراصنة ومعاناة الأفارقة في مهرجان الأقصر السينمائي

(أ ح/ د ب أ)

مراجعة: طارق أنكاي 

تميزت العروض الأولى في مسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان الأقصر الدولي للسينما الإفريقية بقوتها وتنوعها. وقد سيطر موضوع القراصنة الصوماليين ومعاناة اللاجئين الأفارقة في ألمانيا على فعاليات اليوم الأول لهذا المهرجان.

بدأ مهرجان الأقصر الدولي للسينما الإفريقية فعالياته بأفلام "قوية" لقيت استحسان الجمهور والنقاد على السواء وخصوصا فيلما "الحياة وتأجيل مؤقت للرحيل" للمخرج ابولان سيوي، الذي يرصد معاناة اللاجئين الأفارقة في ألمانيا، والثاني فيلم "الصومال أرض الأرواح الشريرة" للمخرجة المصرية منى عراقي ويتناول القراصنة الصوماليين.

فقد كشف المخرج الكاميروني ابولان سيوى مخرج فيلم "الحياة وتأجيل مؤقت للرحيل" أن فيلمه مأخوذ عن قصة حقيقية واقعية في ألمانيا. وأضاف بأن الفيلم يدور حول عائلة أنغولية مقيمة بألمانيا بدون أي أوراق رسمية وتواجه خطر الترحيل إلى بلادها الأصلية مع إرسال أطفالها إلى أحد الملاجئ الألمانية أو وضعهم تحت رعاية أسرة ألمانية.

المخرج الكاميروني شدد على أنه كان يريد تصوير عمل عن مدى تكيف الجاليات والأقليات الأفريقية في المجتمع الألماني خاصة مدينة برلين حتى اهتدى إلى هذه القصة بالمصادفة عبر أحد أصدقائه. وأشاد المخرج ببطلة القصة التي "كانت تملك الشجاعة لتتعاون معي خاصة أن الأسرة مرت بتجارب أليمة في ألمانيا. وقال المخرج أيضا إنه نجح في حصول هذه الأسرة على إقامة مؤقتة لحين تعديل أوراقهم الباقية.

القراصنة الصوماليون نجوم المهرجان

أما فيلم "الصومال أرض الأرواح الشريرة" للمخرجة المصرية منى عراقي فتناول أسرار قراصنة الصومال بالتقاطع مع معاناة الصيادين المصريين، الذين كان بعضهم يتعرض للاختطاف وكان النظام السابق يرفض دفع الفدية المطلوبة مما عرض أرواح هؤلاء الصيادين المصريين للخطر. وقالت المخرجة منى عراقي إنها مرت بتجربة قوية وصعبة للغاية للوصول إلى هذه الأسرار خاصة أنها التقت بالقبيلة الصومالية التي تحترف هذا العمل وترى فيه أنه السبيل الوحيد لحصول المنطقة التي تقيم فيها على الاستقلال بعيدا عن دولة الصومال الأم.

وأضافت المخرجة عراقي أنها تحملت مشاق السفر عبر خمس دول للوصول إلى هذه المنطقة "ولولا وجود سيدة قوية في هذه القبيلة تدعى عائشة" لما عادت إلى مصر وأكملت إنجاز هذا الفيلم لأن القراصنة كانوا بصدد طلب فدية لإطلاق سراحها، وأن الشيء الوحيد الذي شفع لها عند هذه السيدة الصومالية شجاعتها وإقدامها على هذه المغامرة السينمائية.

مهرجان الأقصر احتفى بأفلام أخرى كفيلم "استعارة كسافا" الذي تناول قصة سيدة ترغب في السفر من الكاميرون والوصول إلى مدينة دنفر الأمريكية من خلال تاكسي وليس عبر الطائرة، ما يضعها في موقف عجيب مع سائق التاكسي وأحد ضباط الشرطة. كما حظي فيلم "جلد حي" المعروض ضمن في مسابقة الأفلام القصيرة للمخرج فوزي صالح، والذي يتناول حياة الأطفال عمال المدابغ وسكان منطقة مجرى العيون الشعبية بالقاهرة ومعاناتهم المتعددة في هذا المجتمع، باهتمام كبير.

دويتشه فيله في

26/02/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)