حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

الثلاثي هشام وفهمي وشيكو: نعم لحرية الإبداع الملتزم

كتب: القاهرة – فايزة هنداوي

منذ فيلم «ورقة شفرة» يؤكد الثلاثي أحمد فهمي وشيكو وهشام ماجد تميزهم عبر تقديم أفكار مختلفة وجديدة. تدور الأحداث في فيلمهم الأخير بعنوان «بنات العم» حول ثلاث فتيات تحولن إلى رجال، عن هذه الفكرة والخطوات المقبلة كان اللقاء التالي.

·         كيف جاءتكم فكرة فيلم «بنات العم»؟

نبحث دائماً عن أفكار جديدة ومختلفة كي نتميز وسط الأفكار التقليدية السائدة. كنا نتحدث حول موقف إنسان يستيقظ من نومه فيجد نفسه شخصاً آخر، وتساءلنا عن رد فعله وكيفية تعامله مع الواقع الجديد، فكانت هذه الفكرة التي حضرنا لها كثيراً كي تكون متقنة.

·         واجه الفيلم مشكلة تتعلق بقصته، فقد رفع الكاتب محمد زكي دعوى يتهمكم فيها بسرقة الفكرة؟

حسمت هذه القضية لصالحنا لأن الفيلم لا علاقة له بقصة زكي، وهو تسرع في الحكم على الفيلم، فالقاسم مشترك بين الفيلمين أنهما يتحدثان عن فتيات يتحولن إلى رجال، وإذا كانت هذه الفكرة باسمه فإن عليه محاكمة فيلم «الأنسة حنفي» لأنه يناقشها أيضاً.

·         كيف كان التحضير للفيلم؟

أخذت مرحلة الكتابة وقتاً طويلاً، وتناقشنا كثيراً للوصول إلى الشكل الأنسب لتقديم العمل، كذلك عقدنا جلسات مع البطلات اللائي يؤدين الأدوار في بداية الفيلم، كي يكون كل ثنائي متجانساً من خلال طريقة المشي والكلام والمفردات والحركات المتكررة. ولأننا حرصنا على إقناع الجمهور بأننا كنا نساء، تعرفنا إلى التفاصيل الخاصة بالنساء من خلال صديقاتنا، وطلب هشام ماجد من زوجته أن تحيطه بهذه المعلومات.

·         كيف كان اختيار البطلات؟

أجرى المخرج أحمد سمير فرج تجارب لاختيار بطلات موهوبات ولديهن دراية بالفكرة بشكل جيد.

·         ماذا عن اتهام البعض لكم بالترويج للشذوذ الجنسي؟

كلام غير منطقي واتهام غريب، ومن يشاهد الفيلم يتأكد ألا علاقة له بترويج الشذوذ، بل يدور حول التحول من النساء إلى رجال. لكننا اعتدنا في مصر على الحكم على الأمور قبل مشاهدتها وعدم التريث حتى تتبين الحقائق.

·         تمر مصر بأحداث عدة هذه الأيام، هل فكرتم في تأجيل الفيلم إلى حين استقرار الأوضاع؟

منذ 25 يناير 2011،  لم تهدأ الأحوال في مصر. لو فكرنا بهذا المنطق وبحثنا عن أنسب فترة لن نعرض الفيلم أبداً، من ثم رأت شركة التوزيع ضرورة طرح الفيلم في هذه الفترة لاستغلال إجازة نصف العام لأنها مناسبة تماما للطلاب والشباب، وفعلاً حقق الفيلم إيرادات تخطت توقعاتنا.

·         بعد تقديم أعمال مشتركة عدة، ألا تفكرون في تقديم أعمال منفردة؟

ليس في الوقت الراهن على الأقل، لأننا وصلنا إلى درجة من التفاهم تجعلنا نفكر بطريقة واحدة، ونجد أن الكتابة المشتركة أسهل من الكتابة بشكل منفرد.

·         ألا تختلفون في الآراء أثناء الكتابة؟

بالتأكيد، تحدث خلافات كثيرة واختلافات حول بعض المشاهد أو المواقف، لكننا في النهاية نصل إلى درجة عالية من التوافق.

·         يساور بعض الفنانين قلق من صعود التيارات الإسلامية إلى سدة الحكم في مصر، هل لديكم الهاجس نفسه؟

كلا، فلا بد من التريث قبل الحكم على هذه التيارات لأنها قد تحقق أهداف ثورة 25 يناير، من ثم لا مشكلة معها لأنها لم تصرح بأي آراء ضد حرية الفن والإبداع بعد حصولها على الغالبية في مجلس الشعب.

·         لكنها تؤكد على ضرورة أن يكون الفن ملتزماً وراقياً؟

نوافقها تماماً على هذا الرأي، فنحن ضد العري والابتذال وهدفنا الفن الراقي، والمتابع لأفلامنا منذ البداية لن يجد فيها أي مشهد أو لقطة مبتذلة.

·         إذًا أنتم ضد مطالب إلغاء الرقابة؟

صحيح، لأن المجتمع لا يجب أن يكون مفتوحاً تماماً، ولا بد من وجود ضوابط رقابية، لذلك نرى ضرورة الإبقاء على جهاز الرقابة، وهي بشكلها الحالي الذي يؤديه الدكتور سيد خطاب تعتبر رقابة مستنيرة ومتفتحة.

·         لهذا السبب لم تشاركوا في جبهة الإبداع التي تشكلت أخيراً للمطالبة بحماية حرية الإبداع؟

كلا، بل كنا مشغولين بشدة أثناء التحضير لهذه الجبهة، فلم نتمكن من المشاركة. لكننا ندعمها لأننا، وكما ذكرنا نؤيد حرية الإبداع بما لا يتعارض مع قيم المجتمع وأخلاقياته.

·         كيف ترون مستقبل السينما في الفترة المقبلة؟

السينما جزء من المجتمع ولا يمكن أن تتطور بمعزل عنه، وعندما يستقر المجتمع المصري وتتحسن أحواله سينعكس هذا بالتأكيد على السينما.

·         ماذا عن خطواتكم المقبلة؟

نجهز راهناً لمسلسل بعنوان «الرجل العناب»، وهو مشروع فيلم مؤجل منذ سنوات، حتى إننا صورنا يوماً واحداً منه منذ حوالى عامين قبل فيلم «سمير وشهير وبهير» ثم توقفنا لأسباب إنتاجية. في النهاية، قررنا تقديمه كمسلسل ليأخذ فرصته لأن القصة تتخللها تفاصيل كثيرة، وسيكون العمل الأول من نوعه في التلفزيون لأنه يشبه أعمال «سوبر مان» ومليء بالفانتازيا والخيال العلمي.

·         لكن هذا النوع من الأعمال يحتاج إلى تكلفة إنتاجية كبيرة؟

صحيح، لذا سنحاول بقدر الإمكان أن تكون تكاليفه معقولة، وإن كان المنتج وائل عبد الله الذي وقعنا معه عقد المسلسل أكد أنه سيمنح المسلسل كل ما يحتاجه من دعم.

الجريدة الكويتية في

24/02/2012

 

معركة مؤجلة تنتظر أولاد حارتنا

كتب: هند موسى  

رغم أنه لم يُعرض بعد، تواجه موجة من الانتقادات فيلم خالد يوسف الجديد «أولاد حارتنا» المأخوذ عن رواية نجيب محفوظ بالعنوان نفسه، وتتهمه بأنه نموذج لازدراء الأديان. هنا تقفز إلى الواجهة مجدداً مسألة حرية المبدع في التعامل مع القضايا الدينية، لا سيما علاقة الحب بين مسلم ومسيحية، أو العكس، التي تعتبر خطاً أحمر في أي عمل فني.

الحديث عن فيلم «أولاد حارتنا» سابق لأوانه في رأي الناقدة حنان شومان، ويتوقف الحكم عليه على مدى التزام يوسف بالنص ورؤيته للرواية. وتوضح أن الازدراء تهمة عالمية موجودة في القوانين الدولية، وتتفرع منها تهم أخرى كازدراء الشخصيات أو العرقيات المختلفة، والأديان أو المعتقدات.

تضيف: «يمنح القانون العام المبدع فرصة مناقشة المعتقدات أو الأفكار وحق انتقاد الآخر والاختلاف معه إنما بضوابط. بمعنى أنه يمكنني الاختلاف مع الآخر وانتقاده وعرض وجهة نظري شرط ألا أوجه إهانة إليه».

تعزو شومان الانتقادات الموجهة إلى الأعمال الفنية  التي تناقش العلاقة بين المسلمين والمسيحيين إلى التأجج الطائفي الذي يعانيه المجتمع منذ أعوام، لافتة إلى أن فيلم «فاطمة وماريكا وراشيل» مثلاً الذي عُرض في الأربعينات لم يواجه انتقادات لاقتناع الناس آنذاك بأن الأديان الثلاثة تمثل أطياف المجتمع، إضافة إلى تقبل كل طرف للآخر والتعايش سلمياً معه. لكن المساحة ضاقت اليوم واتجهت العين إلى أي عمل يقترب من هذه العلاقة ولو من بعيد.

تضييق الخناق

يعبر الكاتب والناقد رفيق الصبان عن استيائه لما يتعرض له المبدعون هذه الأيام متسائلاً: «هل نبحث عن مزيد من الحرية للإبداع أم نسعى إلى تقييده؟ يرى أن من الضروري تحرير المبدع من أي قيود، رافضاً وضع حدود وخطوط حمراء في أي قضية تتم مناقشتها.

بدورها، توضح الكاتبة والناقدة ماجدة خير الله أن الوحيد الذي يعرف معنى مصطلح ازدراء هو ملقي هذه التهمة نفسه، لأنها مسألة فضفاضة مقصود بها الإرهاب في الحياة الفنية، بدأت بالنجوم لإثارة ضجة حولهم عبر سابقة هي الأولى من نوعها يحاكَم فيها فنان على أعمال قدمت قبل سنوات  لإخافة النجوم الشباب.

تضيف: «ناقشت السينما المصرية في عهود سابقة بنضج القضايا الدينية المطروحة اليوم ولم تواجه انتقادات خلافاً لما يحدث راهناً، لأننا نعود إلى الخلف مع أنه من المنطقي تقديم الأفكار بحرية. لكن مع تعدد المحاذير ضاق الخناق بهدف قتل الإبداع».

ترى خير الله أن على المبدع ألا يتسم بالجبن وألا يتبع المثل الشعبي «ابعد عن الشر»، لأنه في هذه الحالة لن يقدم أعمالاً قوية: «أمام هذا التيار المتحجر لا يصلح تقديم تنازلات للحفاظ على الحريات، ذلك أن كل فنان يعرف حدود مجتمعه ولا يزايد أحد على غيره لأنه بذلك يخطئ في حق ذاته قبل إبداعه».

كذلك تؤكد أنه «لا يمكن الحكم على «أولاد حارتنا» لأن أي تكهنات في الوقت الحالي غير مقبولة، خصوصاً تلك التي تتعلق بأنه ينوي ازدراء الأديان لأننا لا نعلم ما يدور في فكر المخرج».

اتهامات باطلة

ليس لدى الروائي إبراهيم عبد المجيد تعريف محدد لمفهوم ازدراء الأديان، لكن هذه التهمة تطلق، برأيه، على الفنان إذا جسد شخصية نبي على سبيل المثال أو عندما يكتب مؤلف قصة عن سيرة الصحابة ويتطرق إلى جوانب مهمة مستنداً إلى معلومات غير صحيحة. يؤكد أن من يوجهون الاتهامات إلى المبدعين ويتربصون بأخطائهم  هم أشخاص يعانون فراغاً فكرياً ما يشكل حجراً على عقل المبدع. ويتساءل: «في حال كتب مؤلف قصة عن شخصين الأول مسلم مؤمن والثاني كافر هل يعني ذلك أن الكاتب كافر ويدعو إلى الفجور؟! بالطبع لا، الوضع نفسه عندما نكتب قصة عن عالمة وراقصة هل تعتبر دعوة إلى الانحراف».

يطالب عبد المجيد المبدعين بأن يكونوا على قدر المسؤولية للدفاع عن فكرهم، فلا أحد يستطيع فرض رأيه على الآخرين، على أن يتم العرض بأسلوب هادئ عكس المناقشات الصاخبة السائدة اليوم.

يؤكد عبد المجيد أن من يتهم رواية «أولاد حارتنا» بأنها تزدري الأديان لم يقرأها، بالتالي لم يفهم المغزى من ورائها، ويتابع: «الحكمة التي وضعها نجيب محفوظ بين أيدينا هي أن الحياة لا يمكن أن تستمر بالعلم فحسب ولا بالدين فحسب إنما بالاثنين معاً، وهذا معنى جميل لو طبقناه لاستقامت حياتنا».

الجريدة الكويتية في

24/02/2012

 

 

أروقة القصر مختلف عن القصر والميدان

محمد بدر الدين 

يختلف فيلم «أروقة القصر» عن غيره من أفلام لما تعيشه مصر من أحداث منذ ما يزيد على عام، بل سيبقى في ذاكرة السينما والجمهور.

من جهة، يرجع اختلاف الفيلم إلى أن جزءاً كبيراً من وقائعه يدور عند قمة الدولة خلال أيام اندلاع الثورة الشعبية، تحديداً في قصر الرئاسة وداخل أسرة الرئيس قبل أيام من إتمام خلعه، ومن هنا جاء عنوانه «أروقة القصر».

من جهة أخرى، إنه أول فيلم حتى الآن يعاد فيه تمثيل الوقائع، بممثلين يؤدون شخصيات (مبارك، سوزان ثابت، نجلاهما جمال وعلاء… إلخ). وقد جسد شخصية مبارك مدحت أبو العز للتشابه الكبير اللافت بينهما!

لذلك فإن هذا العمل الطويل، الذي أبدعه الشابان الموهوبان، المخرج أحمد فتحي والكاتب أحمد مبارك، والذي تصل مدته إلى نحو الساعة ونصف الساعة، هو فيلم يحتار في توصيفه البعض بين الوثائقي والروائي.

على الرغم من تركيزه على قمة الدولة والقصر الجمهوري و{أروقته»، إلا أنه لا يقتصر على الأطراف والمشاهد في تلك الأروقة، بل يشتمل أيضاً على مجمل أحداث الثورة، وقائعاً وشعباً وشباباً وروحاً. في الوقت نفسه، كُتب وأُخرج بمهنية جادة وحرفية متمكنة، فطموح مبدعيه أن يعرض فيلمهم للجمهور ليس العربي فحسب بل في أي مكان وزمان، كرؤية موضوعية بعيدة قدر الطاقة عن سخونة أو انفعالية اللحظة، لذا تقصوا الحقيقة بسؤال أشخاص ومصادر متنوعة عما دار في تلك الآونة المتفردة، وكيف كان تصرف (أبطال القصة) إزاء المواقف المختلفة، وكيف جاءت ردود الفعل وطبيعة الانفعال…

يركز الفيلم على «القصر»، لكنه لا يقتصر عليه. ففيه طموح إلى توثيق الأحداث والمشاهد الكبرى وتتبعها، من الانفجار الشعبي في 25 يناير 2011 الذي سرعان ما تحول إلى ثورة، بكل معنى الكلمة والاصطلاح، مروراً بأيام وفصول ومشاهد الذروة، كجمعة الغضب (28 يناير) التي كسر فيها الشعب شوكة قوات الأمن الموالية للنظام ورأسها وحزبها الحاكم، وإطلاق النظام البلطجية والمجرمين انتقاماً من الشعب في المحافظات كافة، مروراً بواقعة الجمل التي صوب فيها أهل الحكم المترنح الأسلحة والجمال والبغال لقتل أكبر عدد ممكن من الثوار المحتشدين في ميدان التحرير… وصولاً إلى موقف تخلي رأس النظام عن الحكم في 11 فبراير.

هذا الموقف أو المشهد أحد أبرز العناصر في «أروقة القصر»، لتتبعه وتقصيه الخط المتعلق بالقصر وشخصياته من البداية، وشمل التقصي ضيوفاً للفيلم وشهود عيان من القريبين والمتعاملين مع القصر، بعضهم ظهر وتكلم واكتفى البعض الآخر بالإدلاء بالمعلومة دونما ظهور، كرجال من الحرس الجمهوري وغيرهم.

ممن أفادوا بمعلومات وتفاصيل مهمة د. حسام بدراوي أحد رجال الحزب الحاكم وقد رقي إلى موقع أمينه العام خلال أيام الثورة، ويكشف في الفيلم عن حواراته مع مبارك في تلك الأيام، وكيف بدت مشاعر الحاكم وأعصابه وهو يضطر تدريجاً إلى اتخاذ قرار التخلي عن السلطة، وكيف اتخذ القرار قبل إعلانه بثلاثة أيام بينما حال دون ذلك تعنت أو معاندة أفراد من الأسرة، خصوصاً نجله جمال الذي شعر في لحظة بانهيار مشروعه وتطلعه إلى رئاسة البلاد. فلم يكن ميسوراً له تقبل الحقيقة تحت وقع حشود الجماهير وزحفها إلى القصر الجمهوري، مع اكتشافه والرئيس تخلي قيادة الجيش عنهما، وكانا يعرفان جدية قيادة المؤسسة العسكرية في موقفها الذي يساعد على قلب الموازين كافة، إدراكاً لعدم رضاها عن الخطة الظاهرة باضطراد خلال حوالى عشرة أعوام لتوريث السلطة لنجل الرئيس، وإذ كان النجل يمارس الحكم فعلاً على رغم الإنكار الغريب، المستمر والمصر، على لسان كليهما، لأية نيات في توريث الحكم!

هكذا يسير الفيلم في خطوطه المتوازية، (بالمونتاج المتوازي) بين الميدان والقصر، وكان تصويره ومونتاجه وديكوره وموسيقاه وأداؤه التمثيلي في خدمة تصور وتخطيط مخرجه ومؤلفه من البداية، بالحفاظ على رصانة الرؤية وموضوعيتها من دون صخب أو إنشائية، وعبر عناية فنية وحرفية ملحوظة لفنانين من الأجيال الحديثة الشابة، التي كان لها فضل إشعال الثورة وتقدم الصفوف مهما كانت المخاطر والتضحيات، فمنهم من دفع الثمن ولا يزال، ومنهم من يسعى إلى الإبداع والتعبير عن ملحمة الشعب الثورية الكبرى التي لم تتحقق فصولها بعد.

الجريدة الكويتية في

24/02/2012

 

سينمائيون أجمعوا على أنها موضة وستنتهي

سينما «الثلاثية الأبعــــاد».. أفلام ليست للأرشيف

علا الشيخ - أبوظبي 

ربما كان فيلم «أفاتار» للمخرج الكندي جامس كاميرون، هو الذي مهد لانتشار التقنية «الثلاثية الأبعاد»، كأساس للصناعة السينمائية في العامين الفائتين والمستمرة حتى الآن، وهي تقنية تدخل في ما يسمى «الموضة» حسب سينمائيين عرب التقتهم «الإمارات اليوم» على هامش الدورة الخامسة لمهرجان أبوظبي السينمائي، فعنصر الابهار الذي أنتجته هذه التقنية هو سبب نجاحها، لكن الإبهار مصيره أن يخف وهجه، والدليل حسب البعض أن من يشاهد هذه النوعية من الأفلام يشاهدها لمرة واحدة فقط، لأنه اندهش وتفاجأ واستمتع، فهي أفلام ليست للذاكرة، وقد لا يحفظها الأرشيف، بل هي لساعة المشاهدة وحسب.

دهشة آنية

الناقد الأردني عدنان مدانات قال «يتمثل أحد تجليات الوعي الزائف بالسينما في تكريس التقنيات الرقمية، بالطريقة التي يجري استخدامها في السينما المعاصرة، خاصة السينما الهوليوودية، باعتبارها قيمة مطلقة، في حين أنها ليست كذلك»، موضحاً «لأن التقنيات الرقمية صارت تستخدم لتحقيق الإثارة البصرية حصراً، التي تفقد مفعولها في النفوس بسرعة ولا تدوم ويتحول ما بدا مبهراً للوهلة الأولى إلى أمر رتيب معتاد، هذا ما يبرهن عليه فقدان بريق وتأثير كل محاولات السعي للإبهار بوساطة اختراع واستعمال التقنيات خلال مسيرة السينما، سواء تقنيات الخدع ثم المؤثرات البصرية أو التقنيات التي حاولت إثارة الجمهور، من خلال أنواع الشاشات العريضة أو التصوير ثلاثي الأبعاد أو الصوت المجسم»، ويضيف مدانات «لا ننسى بالطبع أن الانبهار الأول بالصورة المتحركة تلاشى وحل محله الانبهار بالسينما الناطقة والذي تلاشى بدوره وأخلى الساحة للسينما الملونة الأفلام التي تعتبر خالدة في تاريخ السينما هي الأفلام التي تضمنت إنجازات تعبيرية وجمالية إبداعية ومعرفية واحتوت مضموناً إنسانياً، حتى إن خلت من الإبهار التقني».

من أجل المال

بدوره قال الناقد المصري أمير العمري، ورئيس تحرير «عين على السينما»، إن «الأفلام المجسمة هي ظاهرة لها علاقة بالصناعة التجارية من أجل المال»، وأضاف «السينمائيون طوال تاريخهم يبحثون عن شيء جديد لإضافة عنصري الابهار والزيادة الربحية من خلال بيع التذاكر، فجاءت كل الاختراعات تهتم بالصورة وكيفية تقديمها، حتى ان الكوريين واليابانيين أدخلوا خاصية الروائح التي تصدر من الفيلم ولم تنجح وسميت وقتها بأفلام الرائحة»، مؤكداً أن «أي تقنية تضيف شيئاً جديداً الى السينما مشروعة، لكنها ليست مستقبل السينما او الشكل السينمائي للفيلم»، معللاً «هذه السينما لا يصلح مشاهدتها في كل مكان وزمان، وهي ليست افلاماً تجوب الشوارع وتعرض في المقاهي، لأن العين البشرية تتعامل مع صورة واقعية اذا تم ادخال شيء غريب عليها سيشكل عنصر مفاجأة وإدهاش لكنها لا تدوم، فتعود العين الى رؤية الأشياء الطبيعة التي تحبها».

وترى الفنانة الإماراتية هدى الخطيب أن «الأفلام الثلاثية الأبعاد يتلاءم وجودها مع المرحلة، فنحن في عصر الإبهار وعصر السرعة الذي يريد أن يقدم الاشياء دفعة واحدة»، مؤكدة «كل شيء في بدايته مذهل، لكن وهجه يخف رويدا رويدا».

حالة الدهشة

نائب رئيس جمعية النقاد السينمائيين المصريين محمد الرنوبي، أكد انه يؤمن بنظرية الأواني المستطرقة «نظرية في الفيزياء تحكي عن مجموعة من القضبان ذات أحجام متفاوتة اذا قمت برش الماء عليها ستصبح مشابهة لبعضها» مضيفاً أن «هذا هو حال موضة الأفلام الثلاثية الابعاد التي اصبحت تشبه بعضها بعضا، ما سيفقدها خاصية الإبهار التي بنت تقنيتها على أساسها لتزيد من الاتجار فيها»، وقال «ربما يتم اتهامي بالتقليدية لكني دائماً أنحاز الى الأفلام التي تحتمل الخلود»، وقال الرنوبي وهو عضو في لجنة التحكيم للافلام التسجيلية في الدورة الخامسة من مهرجان أبوظبي السينمائي «السؤال الذي يطرح نفسه هل من الممكن مشاهدة هذه الأفلام أكثر من مرة؟ لا يمكن لأن عنصر الابهار والدهشة يتحقق مرة واحدة ولن يتكرر»، مستشهداً بنكتة قديمة كان يتداولها السينمائيون، وتقول: «الرجل الذي يهتم بتوفير المقاعد للمشاهدين كان يعتمد على (البقشيش) كثيراً في رزقه، وفي مرة لم يعطه أحد المشاهدين أي شيء، فانقهر منه العامل واقترب من أذنيه، وقال: اللي راح يقتل الست جوزها، إذا فهو أنهى القصة بالكشف عن عنصر الدهشة التي يتوق لها المشاهد دائماً».

إنتاج مكلف

المخرج اللبناني سوني قدوح قال إن «ضرورة وجود مثل هذه النوعية من الأفلام تعمل على تحفيز السينمائي على البحث عن النص الافضل كي يقدم صورة أفضل، خصوصاً ان هذه الصناعة لم تصل الى المنطقة واعتقد ان السبب هو كلفتها العالية في الانتاج، واذا وصلت سيكون الانتاج ضئيلاً لمجرد خوض التجربة».

وبدورها قالت الفنانة المصرية يسرا إن «التقنية تشبه الى حد كبير عندما تخرج اشاعة في شارع ما أن صحنا طائرا يحوم في السماء، فيخرج الناس مع ان هذا الصحن ليس موجوداً البتة، الا انهم يعيشون اللحظة ولو بشكل وهمي»، وأضافت «هي موضة لن تحتملها العين كثيراً، خصوصاً ان العودة ومشاهدة الفيلم نفسه أكثر من مرة يعتبر من النوادر».

للمتعة

وفي المقابل قالت الفنانة الإماراتية موزة المزروعي «لا أرى أي ضرر من الأفلام الثلاثية الأبعاد، فهي لن تلغي الآخر، وببساطة هي اضافة يركز عليها صناع السينما الذين يشتركون برأيهم مع المنتجين الذين يبحثون عن المال، لكنها أبدا لن تطغى على الافلام التي تتناول القصص الواقعية التي لا تتناسب وهذه التقنية التي تبنى على المشهد اكثر منه على النص».

ووافقها الرأي الفنان الإماراتي بلال عبدالله الذي قال «هذه موضة وستنتهي لوحدها، خصوصاً اذا عمل المخرجون على تقديم أفلام تحكي الناس وتحكي الشارع أكثر فأكثر».

مشكلات صحيّة قد تسببها«الأبعاد الثلاثية»

نظراً إلى أن تقنية الأبعاد الثلاثية لاتزال جديدة، فليس هناك الكثير من الأبحاث التي تظهر أنها تسبب مشكلات صحية، كما يقـول الاختصاصي في طـب عيون الأطفال في جامعة مينيسوتا، ورئيـس الجمعيـة الأميركيـة لطب العيون والحول لدى الأطفـال إتيل سمرس، إذ إن نحـو 20٪ مـن النـاس يعانون مشكلات طفيفـة في البصر قد تجعلهم عرضة إلى الصداع، أو إجهاد العينين الذي يرتبط بمشاهدة اللقطات ذات الأبعاد الثلاثية، استناداً إلى ستيفن نيوسناوتز الأستاذ المشارك في طب العيون في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، في حديث له لصحيفة «يو إس إيه توداي». ومثل هذه المشكلات قد تشمل نقصاً في عمق الإدراك، أو ضعف النظر في إحدى العينين.

وقد تسبب لقطات الأبعاد الثلاثية لبعض الأشخاص دوخة حركية، وهذه تحصل عندما تبلغ عينا الشخص دماغه أنه يتحرك، على الرغـم من أنه جالس ساكن على حد قول نيوسناوتز، مع ذلك يقول الناطق بلسان الأكاديمية الأميركية لطب العيون في لوس أنجلوس طبيـب العيون جيمس سالز، إنه لا يتوقع أن تكون لدى أغلبية الناس أي مشكلا

الإمارات اليوم في

25/02/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)