حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

الصفحة الاولى: داخل النيويورك تايمز

محمد موسى

من قلب واحدة من أشهر الصحف في العالم،  يسعى الفيلم التسجيلي (الصفحة الأولى: داخل النيويورك تايمز)، إلى استشراف ملامح مستقبل الإعلام المكتوب. لكنه لا يبقى كثيرا مع الجدال المستمر منذ عقد تقريبا، حول نهاية الصحف الورقية الوشيك، فهذا أضحى نقاشا عتيقا. الفيلم يعي زمنه الحالي، وينطلق منه ليطرح أسئلة، عن الإعلام المكتوب بمجمله، سواء ذلك الذي ينشر في الصحف الورقية وعلى شبكة الانترنيت، وكيف ستكون سمات هذا الإعلام، إذا انتهى النموذج الصحفي الجاد، الذي يمثله خير تمثيل، ما ينشر يوميا ، ومنذ أكثر من مائة عام، على صفحات جريدة  النيويورك تايمز  الأمريكية.

يثير الفيلم، والذي عرض مؤخرا في مهرجان (أدفا) للفيلم التسجيلي في العاصمة الهولندية أمستردام، وبعد أن جال على عدة مهرجانات سينمائية حول العالم، أسئلة عن ندرة الأفلام التسجيلية التي اهتمت بحال ومستقبل الصحافة الورقية مثلا. خاصة أن العقد الأخير شهد نهاية عديد من الصحف والمجلات، والتي كان يمكن أن توفر ميدان عمل مثالي لمخرجين، يربطون الظاهرة )الإعلامية / الاقتصادية( بالقصص الشخصية الإنسانية لمنتجي هذه الصحافة أو جمهورها. الجواب ربما يكمن في فيلم (الصفحة الأولى: داخل النيويورك تايمز)، فطبيعة الأفلام التسجيلية الحقيقية الاستقصائية، لا تختلف عن طبيعة الصحافة ذاتها، الأمر الذي يعقد عملا مشتركا بين هذين الاتجاهين من الصحافة. فشخصيات فيلم (الصفحة الاولى: داخل النيويورك تايمز) من الصحفيين والصحفيات، والتي قضى بعضها عقود طويلة في تقصي الحقائق بكل الطرق الممكنة، خبروا كل خفايا العملية الصحفية، لذلك نراهم يتعاملون بحذر قليل وتعالي احيانا مع مشروع الفيلم، ولا يمنحون ذواتهم بالكامل لكاميرا المخرج.

يقضي مخرج الفيلم الأمريكي أندرو روسي عاما كاملا بين أروقة مكاتب صحيفة النيويورك تايمز في مدينة نيويورك. لكن الفيلم سيركز كثيرا على قسم " الإعلام" في الصحيفة، وعلى صحفيين من هذا القسم هما : ديفيد كار، الخمسيني ، والذي انضم إلى الجريدة في عمر متأخر، وبعد حياة حافلة بالمحطات الصعبة، من إدمان على المخدرات وحتى السجن. و برايان ستلتير، الشاب الذي جذب نجاح مدونته الإخبارية البسيطة  على شبكة الانترنيت ، ونشاطه على شبكات الإعلام الاجتماعي، إدارة الجريدة، لتعرض عليه وظيفة في قسم الإعلام هناك.

لا شك أن اختيارات الفيلم لهاتين الشخصتين، لها دلالاتها الواضحة: صحفي من العصر القديم، كان يرفض وحتى مع بدء تصوير الفيلم، فتح حساب على موقع (توتير). وصحفي آخر من جيل الشباب، من الذي يضحك في سره من نظم العمل القديمة، ويجد صعوبة كبيرة في "تقبل" أي زميل، لا يقوم بالاطلاع على (الفيس بوك) و (توتير) كل خمس دقائق. انه صراع بين جيلين إذن. تميل كفته بالكامل لجيل الشباب، الذي وجد قنواته الإعلامية الخاصة، ومن المستحيل أن يكتفي بما يوفره "الماضي" من وسائط إعلامية. كذلك كان اختيار الفيلم لقسم الإعلام في الجريدة وتسليط الانتباه على عمله اليومي لعام كامل، يرتبط بالرغبة لرصد التطورات في المشهد الإعلامي الأمريكي والعالمي، وكيف ينظر لها قسم إعلام في جريدة تقليدية.

لن يكون العام الذي يقضيه فريق الفيلم التسجيلي في مطبخ الأخبار في الصحفية الأمريكية عاديا أبدا. ففي منتصفه يبدأ موقع (وكيليكس) ثورته الإعلامية الأولى، والتي تعاون فيها مع صحف عريقة مثل النيويورك تايمز للوصول إلى جمهور واسع. الفيلم ينقل حيرة إدارة تحرير الجريدة أمام "فداحة" المعلومات التي كشفها وكيليكس، وكيف يمكن تعريف العمل المشترك بين الصحيفة وموقع كشف الوثائق الشهير: هل هو تعاون بين مؤسستين للصحافة. ام ان موقع وكيليكس لا يتعدى ان يكون مصدر للأخبار لنيويورك تاميز. هذه الأسئلة أرقت إدارة الجريدة، لان أجوبتها تعني الكثير للصحيفة الأمريكية التي لا ترغب أبدا المغامرة بمهنيتها.

ففيلم الفيديو الشهير الذي سربه موقع وكيليكس لجنود أمريكيين يطلقون النار من طائرة هليكوبتر على مدنيين عراقيين  في العاصمة العراقية بغداد، والذي قامت الصحيفة بالاشارة له في صفحتها الأولى، خضع لنقاشات طويلة، نقل بعضها الفيلم التسجيلي. خاصة بعد الكشف عن نسخة طويلة من فيلم الفيديو ذاته، والذي بين ان بعض الذين اصابهم طلقات الجيش الامريكي، كان يحمل اسلحة يدوية، في شارع مجاور، وقبل ان يصلوا الى الموقع الذي شهد حتف بعضهم.

والعام نفسه الذي غطاه فيلم (الصفحة الاولى: داخل النيويورك تايمز) من عمر الجريدة المديد، هو عام الاهتزازات الاقتصادية والتي زادت من ضبابية المستقبل. فقبل بداية التصوير باشهر، نشرت صحف ومواقع امريكية بان (النيويورك تايمز) قريبة على اعلان افلاسها. الامر الذي نفاه بشدة مدراء في الجريدة تحدثوا للمخرج. لكنهم في الوقت ذاته، اعترفوا بانخفاض كبير لعوائد الاعلانات في الصحيفة. وهو الامر الذي دفع الادارة الى تسريح عدد من موظفيها. لكن انخفاض العائدات يقابله زيادة اعداد متصفحي موقع الجريدة على شبكة الانترنيت، والذي يقترب من 18 مليون متصفح يوميا. لكن هذا العدد الهائل في عرف الصحافة الالكترونية مازال عاجزا عن تحصيل  اعلانات كافية  للموقع على شبكة الانترنيت، لتعوض ما فقدته الصحيفة الورقية . انه اذن زمن قصير حاسم  بين حقبتين تاريخيتين: ما يبدو انه نهاية الصحف الورقية التقليدية، وبداية لاخرى تصل الى جمهورها عبر الشبكة العنكبوتية.

الصحافة الورقية أصبحت من الماضي

ينقل الفيلم كثير من الجدل الدائر عن مستقبل الصحافة الورقية في الولايات المتحدة الامريكية، اذ يقوم بتقديم مواد ارشيفية من الاعوام القليلة الماضية لمنظارات اكاديمية واخرى تلفزيونية لمبشرين بنهاية الصحف الورقية الحتمي، وآخريين يشككون بجدية ما ينشر على مواقع الانترنيت الالكترونية المستقلة، والتي لا تعود الى مؤسسات اعلامية، مثل قنوات تلفزيونية او صحف ورقية. في واحدة من تلك المنظارات، يخرج " ديفيد كار " صفحة ورقية مطبوعة لواجهة احد المواقع الاخبارية الامريكية الشهيرة. تبدو الصفحة المطبوعة زاهية بالمقالات والعناونين المثيرة. بعد ذلك يخرج صحفي (النيويورك تايمز) صفحة ورقية مثقب قسمها الاكبر. " هذه هي واجهة الموقع، اذا تم حذف مقالات صحيفة النيويورك تايمز منها" يفسر الصحفي بصوته الابح. فالموقع الذي تم ذكره في المناظرة، كحال العديد من مواقع الاخبار الالكترونية، يعتمد بشكل كبير على الاخبار والتحقيقيات التي تنشرها جريدة النيويورك تايمز، وما تبقى من صحف امريكية جادة. ولا يوجد حتى الآن تقاليد حقيقية لمعظم المواقع الاخبارية الالكترونية، لانتاج اخبارها الخاصة. بل ان غالبية تلك المواقع لا تستخدم مراسلين خاصين في مواقع الاحداث، وكما تفعل الصحف الورقية الرصينة.

يختار الفيلم "الريبورتاج التلفزيوني" العادي عوضا عن التركيز على حالات او شخصيات من قلب (النيويورك تايمز) المتعب والمشوش، كاسلوب لمقاربة الافق المضبب للصحيفة. فالمخرج يرجع الى الارشيف القديم والحديث من عمر الصحيفة للحديث عن ازمات سابقة وعن الطريق الذي قطعته (النيويورك تايمز)  لتحقيق تلك السمعة المدوية. مضيعا فرصا عديدة للبحث عن "قيمة" الصحيفة النفسي عند العاملين بها. فالفيلم مثلا لا يتابع ما يحدث للصحفيات والصحفيين الذي تلقوا اثناء تصوير الفيلم خبر فصلهم من العمل. اذ تبقى الكاميرا بعيدة فعليا ومجازيا عن تلك اللحظات المؤثرة. فنشاهد عن بعد وللحظات قليلة، مسؤولة قسم الوفيات في الجريدة، وهي تحمل اغراضها وتغادر مبنى الصحيفة في مدينة نيويورك، وبعد عشرين عاما من الخدمة هناك. وحتى مع الشخصيتين الاساسيتين في الفيلم، فنحن بالكاد نتعرف على شخصية الصحفي الخمسيني، فيما يعجز الفيلم عن إستدراج الصحفي الشاب للحديث عن حياته وهواجسه الذاتية او تلك التي تخص المهنة التي يزاولها.

الجزيرة الوثائقية في

29/12/2011

 

الشرق الأوسط: ما تستطيعه السينما

ندى الأزهري- باريس  

لا يسع المشاهد إلا الاستغراب تارة، والابتسام تارة أخرى، والاستنكار على طول الخط وهو يتابع "صيدون" أو صيدا. ذا الفيلم الوثائقي الذي حققه اللبناني ميشيل أبي خليل عام 2010 مذهل بحسب تعبير من الذين استطلعت آرائهم وقالوا أنهم يتحدثون بصراحة، ذلك إذا استطعنا إطلاق صفة الصراحة على أقوالهم، وليس صفة أخرى لها علاقة مثلا بالعنصرية الفجة أو بالتعجرف الفارغ أو الشعور المضخَم بتفوق الذات...يسجل الشريط حكاية زوجين غير عاديين في لبنان، "مجدي" الشاب اللبناني  و"لي زايدة" الصانعة الفيليبينية، ويستطلع بخصوصهما مواقف أهل القرية. زواج" استثنائي"، على الأقل لنجاحه في توحيد آراء السكان لمرة في تاريخ القرية. الشاب أحب خادمته الفيليبينية وتزوجها برضا والدته، وجد فيها ما لم يجده في اللبنانية" الفهم والجوهر والثقافة"، لا تعجبه أخلاق اللبنانية التي  تتعلق "بالأشياء التافهة". لكن الضيعة قامت ولم تقعد" ما لقي غيرها؟!" كان رأي الجميع. وفيما تساءلت إحداهن (ومعظم المستطلعات كنَ من النساء)" لم الزواج من أجنبية؟"، أبدت أخرى استعدادها للقبول بهذا الأمر "لو كانت العروس غير هذه، كأن تكون أمريكية مثلا". وفيما أعربت واحدة عن لا مبالاتها وعدم رغبتها حتى بالكلام عن هذا "الشيء" الذي" لا يعني لها شيئا"، تنازلت أخرى لإبداء رأيها بالفتاة الخادمة " ليست منا وما بريد أعرفها، ولا يشرفني هذا". في واقع كهذا، حتى الميزة تتحول إلى مدعاة للاستهزاء والسخرية، فالفيليبينية التي يعجب زوجها بنشاطها واهتمامها ببيتها، يرى الآخرون أنها"كانت تشتغل في بيوت العالم أفلا تشتغل في بيتها؟!".

الشريط وثيقة عن هذه العنصرية البغيضة عنوانها "لا أطيق جنسهم"، التي يظن الآخر أنها متبادلة "هم أيضا لا يطيقوننا". ولعل المخرج رغب بإظهار أن" العنصرية" هي في النهاية شعور كامن حتى في أعماق هؤلاء الذين يتعرضون لها، وهي ليست قاصرة على اللبنانيين، فحين سأل الفيليبينية في الختام عن رأيها في سود البشرة، أجابت ضاحكة "لا نستطيع رؤيتهم في الليل"! ثم بصراحة" لا أحبهم"! المدهش في الفيلم قد لا يكون العنصرية في حد ذاتها بقدر ما هو عدم الشعور بالحياء من هكذا إحساس والإدلاء به دون ارتباك أو تردد.

كلنا للوطن!

في شريط لبناني آخر "كلنا للوطن"، الذي حققته اللبنانية كارول منصور هذا العام، ينشدَ المتفرج من اللحظة الأولى إلى هذا الوثائقي الأول من نوعه حول موضوع حساس، يتعلق بعدم منح الأم اللبنانية جنسيتها لزوجها وأطفالها وكأن الارتباط بالأرض وبالوطن هو حق ذكوري أبوي محض. بالنماذج المتعددة والشاملة التي قدمها، والتي استطاعت التعبير عن معاناتها بصدق وعفوية، وبأسلوب الإخراج السلس ينجح الفيلم في إيصال رسالته والتعريف بأوضاع أسر وحقوق المواطنة الممنوعة عنها، كما الوضع القانوني الهش الذي يجعلها مهددة باستمرار بتغيير حياتها، أمكنتها... أسر لا تستطيع تسجيل أولادها في المدارس الرسمية، مشغولة البال على الدوام بوضعها المؤقت بتجديد أوراق الإقامة.. بمحاولة اثبات انتمائها لوطنها كهذا "البطل" الرياضي الذي يسمحون له بأن يغدو "لبنانيا" فقط حين يفوز بالجوائز والأوسمة، وهذا الفارس الصغير الذي لا يستطيع تمثيل لبنان في البطولات لأن والده أجنبي. تورد المخرجة كذلك حالات لأسر تعيش خارج لبنان لكن ذلك لا يمنعها من الشعور بالحرمان من الجنسية. على سبيل المثال تلك اللبنانية المطلقة (من أجنبي) التي تقطن في كندا  والتي لا ترغب لابنتها أن تعيش كأجنبية في لبنان، هي التي تشربت حبه والانتماء إليه رغم البعد. أزواج وأبناء يشعرون بالغربة في هذا الوطن الذي لا يمنحهم هويته ولا اعترافه.

لا نبتعد عن الاجتماعي مع العراقي عامر علوان الذي يحاول مقاربة البعد النفسي والاجتماعي للغزو الأمريكي للعراق وتقديم وجهة نظر عراقية سينمائية في الوجود الأمريكي، وجهة نظر إنسانية وذلك من خلال تتبع جندي أمريكي عائد من العراق إلى نيويورك. في " وداعا  يا بابل" السرجنت أوفاريل الذي وصل إلى بابل في مهمة لثلاث سنوات، مقتنع تماما بالهدف "التحريري" للوجود الأمريكي، واثق من رغبة حكومته بحماية البلد من الإرهاب، بيد أنه سرعان ما يدرك هناك الأسباب غير المعترف بها للغزو ليشعر في النهاية بأن لا مكان في العالم يريد الذهاب إليه سوى بيته وعائلته.

لكن الجندي يحكم بإيجابية تجربته العراقية ويعيد ذلك إلى علاقة الصداقة والمودة التي جمعته مع مترجمه العراقي والتي كان لها أكبر الأثر في نظرته تلك. لقد شعر بالتواصل مع الناس مع هذه الحضارة ورأى ملامح أخرى من العراق. ولم يتصرف، من وجهة نظره، كمحتل بل كمساعد للشعب. "ثمة القليل من الجنود من يستطيع قول هذا عن تجربته العراقية" كما يعترف. فيلم علوان لم يقدم بطلا ولا شريرا بل أمريكيا بسيطا لم يذهب بعيدا في تساؤلاته وصراحته كما فعل اثنان آخران من زملائه لم يترددا في انتقاد الغزو و زيف ادعاءاته.

تلك الأفلام ومعها أخرى تجاوزت الخمسين، عرضت على مدى أسبوعين في تظاهرة باريسية. واحدة من بين عدة تظاهرات أخرى تكرس للسينما العربية، وللشرق أوسطية. تنظمها جمعيات تهتم باكتشاف الغنى السينمائي لهذه المنطقة وتسعى لحوار ثقافي يتم عبر السينما واللقاءات التي تتبعها بين الضيوف من سينمائيين وصحافيين وباحثين من جهة وبين الجمهور.

"الشرق الأوسط: ما تستطيعه السينما..."كان عنوان التظاهرة التي عرضت أفلاما وثائقية في معظمها، جاءت من لبنان والعراق وفلسطين ومصر وسوريا وإيران كما بعض الأفلام الإسرائيلية. أهديت التظاهرة إلى" أحد الوجوه الكبرى في السينما العربية، المخرج  الكبير والرجل ذو الشجاعة الاستثنائية": عمر أميرلاي. كذلك إلى جوليانو خميس الفنان والناشط من أجل السلام في فلسطين، الذي اغتيل في سيارته هذا العام.

وبالطبع لم تغب أفلام  الربيع العربي عن التظاهرة.

الجزيرة الوثائقية في

29/12/2011

 

 

 (أسس النقد للسينمائي) لـ محمد رضا .. رؤى وأفكار

عمان - ناجح حسن

يتناول الناقد والباحث السينمائي محمد رضا في كتابه الجديد المعنون (أسس النقد والناقد في المجالات الفنية والأدبية ) الصادر حديثا ضمن منشورات كتاب الخليج ماهية وأسس وقواعد وشروط النقد في أكثر من حقل ثقافي وإبداعي لكنه ظل يتمحور حول موضوعات وقضايا النقد السينمائي.

يرى رضا صاحب العديد من الإصدارات السينمائية اللافتة في المكتبة العربية على غرار سلسلة (كتاب دليل السينما العربية والعالمية) إن النقد السينمائي حاجة إبداعية للتعبير عن قضايا الإنسان المعاصر نظرا لما تشتمل عليه من سائر صنوف الإبداع الأخرى سواء في الأدب السردي أو في تلك الاشتغالات الفنية المتنوعة.

يستهل المؤلف موضوعات الكتاب بمدخل ثري بالمعلومات اللغوية التي تعرف وظيفة النقد والناقد مستلة من تعابير مثبتة في قواميس لغوية ساعيا باجتهاد شخصي في التنقيب والبحث عن دلالات كلمة (نقد) واحتمالات تطبيقها على فنون ومعارف حديثة كالسينما وما يتفرع عنها من اشتغالات نقدية تحمل سمات استقلاليتها  .

وزع الناقد رضا موضوعات الكتاب على عشرة فصول أساسية جاءت تحت مسميات : الفعل ورد الفعل ، العملية الإبداعية ودور صاحبها، دور الناقد حيال المبدع وحيال المتلقي، ماذا تكتب، كيف تكتب، العناصر الصحيحة للنقد: نموذج أدبي، العمل الصعب: نموذجان فني وأدبي، مسألة أسلوب: أهميته وقصوره، نموذج سينمائي: برسونا لانغمار برغمان، قضايا عالقة: سينما المؤلف، إضافة إلى خاتمة احتوت على عشرة شروط للناقد .. وخمسة شروط لا بد منها.

ينأى رضا عن الناقد إن تنحصر وظيفته بمراجعة السلبيات في العمل المنقود فحسب بل ضرورة أن يغوص بالجوانب التحليلية والتفكيكية وان تحمل في طياتهما معطيات سلبية أو ايجابية، ويضرب مثالا على ذلك فيلم (افاتار) وما قد يطرحه من قضايا ومواقف سياسية على الرغم إن صنعته كانت وفق أسلوبية مبتكرة وفي تصاميم إنتاجية وفنية ضخمة وظهر للمتلقي في هيئة منجز سينمائي لافت في الكثير من الحقول.

وينظر الكتاب إلى العلاقة بين الناقد والمبدع والمتلقي إلى انه ليس بذات بال الناقد التوجه إلى كل الناس بقدر ما هو مهم الوصول إلى الفئة التي تشارك الناقد الاهتمام ولئن كان النقد مثمرا فانه بامكانه استقطاب شريحة أوسع وهكذا خاصة إذا كانت آراء الناقد إلى المتلقي تتميز بدرجة من الذكاء والمعرفة.

ويعتبر الكتاب أن موقف الناقد من الفيلم يجب الا يبنى على أساس وجهة الفيلم السياسية بل عليه أن يذكرها وان يتحدث عنها ليس كموضوع قائم بذاته أو ناء عن الفيلم نفسه بل أهمية قراءة الفيلم سينمائيا  وتبيان مفردات لغته السينمائية  وإجراء المقارنة بينه وبين أفلام شبيهة حاكت ذات الموضوع  وهو ما يفيد في القراءة أو التحليل النقدي للعمل .

يستعيد محمد رضا جملة من الأفلام السينمائية العربية والعالمية كأمثلة على ما يرد في طروحاته بالكتاب مثال على ذلك : (القبعات الخضر) لجون واين حول الدعاية السياسية في أفلام الحرب، (معركة الجزائر ) لجيلو بونتكورفو عن نموذج العلاقة بين الشكل والمضمون، (افاتار ) لجيمس كاميرون ورؤية المزج بين النقد السياسي والبراعة التقنية، جميعها اثارت الكثير من التأمل والجدل في الثقافات الإنسانية المتباينة.

يتوقف الكتاب في فصل خاص كرسه محمد رضا إلى قراءة الفيلم الكلاسيكي (بيرسونا) للسويدي انجمار بيرغمان بوصفه من بين أكثر مخرجي السينما العالمية في الغوص بالدواخل الإنسانية ، احتار في تقييمه الكثير من النقاد العرب باعتباره مخرج صعب التفسير في ظواهر ودلالات أفلامه.

يرى رضا إن فيلم (بيرسونا) هو فيلم شعري ممتزج بلون تجريبي خاص من دون التخلي عن عنصر الدراسة النفسية التي ميزت الكثير من أفلام برغمان، وهو اسر في كل استخداماته وعناصره ومفتاحها جميعا واحد: الاداءات والحوارات وتكوين اللقطات وحجومها وزواياها والتوقيت الذي يختاره للانتقال من صورة لأخرى.

يؤكد رضا في كتابه أهمية أن يحترم الناقد لصاحب العمل في حريته وطريقته بالتعبير ، ووجوب احترام عقل المتلقي بعدم الكذب عليه بغية تأكيد وجهة نظره الخاصة تجاه العمل، واحترام الناقد لنفسه عبر السعي ليكون أفضل من دون ادعاء والاعتذار عن أي خطأ يكون وقع فيه أثناء التحليل والشرح للفيلم، فضلا أن يكون صاحب ثقافة شخصية ومتذوقا لكثير من نواحي الثقافة والفنون والمعارف والعلوم ومتابعا لإنجازات الإبداع السينمائي، وان يكون على معرفة الغاية الرئيسة من وراء كونه ناقدا وما يتوخى منها كرسالة إنسانية تلتزم بالقضايا الجوهرية التي تبحث عن الإنصاف والحق والجمال والعدالة الاجتماعية.

كتاب محمد رضا يثري المكتبة العربية بموضوعه النادر، يفيد القاريء والمبدع والمهتم بالإبداع السينمائي برؤى رصينة وشفافة حول التعاطي بين الناقد والفيلم السينمائي في علاقة جدلية تنهض على الاحترام المتبادل، لا ترنو إلى المناكفة والهدم بقدر ما تؤشر إلى حيوية وتنويع الحراك الإبداعي السينما منه بشكل خاص.

الرأي الأردنية في

29/12/2011

 

2011 سنة أولي ثورة

في وداع "2011"

تراجع حاد في عدد الأفلام رغم ظهور "5" مخرجين جدد!!

أيمن وأمجد وأمير وريم وإيمي وإسكندر أبطال لأول مرة!! 

كل عام وأنتم بخير.. انتهي الموسم السينمائي في مصر وقد استقبلت دور العرض "25" فيلماً روائياً طويلاً فقط.. بتراجع ملحوظ عن موسم العام الماضي بأربعة أفلام. حيث عرض العام الماضي 29 فيلماً. وما قبله 39 فيلماً.. أي أن الخط البياني لعدد الأفلام المنتجة والمعروضة في هبوط مستمر مما يهدد بالفعل صناعة السينما المصرية الرائدة في المنطقة و التي يعمل فيها الآلاف من السينمائيين في شتي مجالاتها المتنوعة.

ورغم أن الثورة المصرية قامت في أول السنة. وقد تفاءل السينمائيون بها. واعتبروها أيقونة لحرية الابداع والانطلاق نحو المزيد من الانتاج.. ولكن حدث أن استمرت المظاهرات والمطالبات مما أثر علي اقتصادات السينما من عرض وطلب. حتي تراجع رأس المال عن الضخ في الانتاج. بسبب تهديد دور العرض. وعدم إقبال المشاهدين أصلاً علي مشاهدة الأفلام. لدرجة أن هناك أفلاماً بالفعل انتهي تصويرها ومازالت في العلب لم يستقر أصحابها علي عرضها بعد نظراً للأحداث السريعة والمتلاحقة في الوطن!!

سوء إدارة

بدأ الموسم السينمائي هذا العام بعرض فيلم "الشوق" للمخرج خالد الحجر والذي سبق له الحصول علي جائزة مهرجان القاهرة السينمائي كأحسن فيلم وعرض يوم 5 يناير. وانتهي الموسم في أول هذا الشهر بعرض فيلم "أسماء" للمخرج عمرو سلامة يوم 7 ديسمبر.. وهناك مفارقة طريفة بين الفيلم الأول وبين الفيلم الأخير وهو مناقشة قضايا اجتماعية خطيرة تتمثل في الجهل والفقر والمرض. حيث إن أبطال الفيلمين يعانون من سوء الأحوال وسوء إدارة هذا الوطن!.

امتازت موضوعات أفلام هذا العام بالتنوع. حيث كانت نوعية الأفلام التي استشرفت الثورة أو تنبأت بها مثل "ميكروفون" و"الفاجومي" و"صرخة نملة" و"حاوي" و"المركب" وكلها تقريباً صنعت قبل الثورة وبعضها استكمل مشاهده بعدها.. كما برزت ظاهرة استغلال الثورة واضافة فعالياتها لبعض الأفلام مثل "الفيل في المنديل" الذي واجه بطله طلعت زكريا أكبر حملة هجوم وانتقاد علي الفيس بوك وتويتر. ومع ذلك غازل فيه الثورة وشبابها.. وهناك أفلام المغامرات مثل "سفاري" و"المركب". والأفلام الشبابية مثل "إذاعة حب" و"365 يوم سعادة" و"بيبو وبشير" و"إي يوس" وكالعادة سادت الأفلام الكوميدية وكان أبرزها "إكس لارج" و"سيبها علي بابا" و"تك تك بوم" ثم الأفلام الاجتماعية مثل "كف القمر" و"المسافر" وغيرهما.

شبان جدد

رغم كل أزمات هذا الموسم المتواضع والقصير. إلا أنه قدم خمسة مخرجين قدموا أعمالهم لأول مرة هم: سعيد الماروق "365 يوم سعادة" ومريم أبوعوف "بيبو وبشير" ومحمد شوري "شارع الهرم" وتامر بسيوني "يا أنا ياهو" وأحمد ماهر "المسافر".

وظل الفيلم التجاري "شارع الهرم" هو الأكثر إيرادا حيث حقق وحده حوالي خمسة عشرة مليونا من الجنيهات!! لم ينافسه سوي فيلمي سعد وحلمي "تك تك بوم" و"اكس لارج" اللذين لم يصل كل منهما إلي العشرة ملايين جنيه!.

ظهر في هذا الموسم أيضا برغم ضعفه مجموعة من الفنانين الشبان كأبطال لأفلام لأول مرة مثل: نضال الشافعي بطل فيلم "يا أنا ياهو" ومعه ريم البارودي وهي ممثلة تليفزيون وبطلة لأول مرة في السينما.. وكذلك برز في أدوار البطولة: هيثم أحمد زكي وهاني عادل ومحمد رمضان وعمرو عابد ورامز أمير وماهي ورجوة وكندة علوش ومحمد السيد وفادي اسكندر وشريف الدسوقي ورينا عارف وإسلام جمال ومني هلا وإيمي سمير غانم وأيمن قنديل وأمجد عادل الشهيرين "بتهامي ووديع". والطفلة جينا في ثاني أكسيد الكربون.

كما شهد هذا الموسم عودة الكبار عمر الشريف وإبراهيم نصر ويوسف شعبان وأحمد راتب ورغدة.. كما كان لطفي لبيب أكثر الممثلين انتشاراً "7 أفلام"!!.

الجمهورية المصرية في

29/12/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)