حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أكد في حواره مع «الشرق الأوسط» أنه سيحارب السلفيين في أفلامه ولن يهرب من مصر لو وصلوا للحكم

المخرج مجدي أحمد علي: الثورة المصرية فاقت أحلام الجميع

أشرف شرف

في هذا الحوار كان لا بد أن تختلط السياسة بالفن، وأن يتبادل الاثنان الأدوار كظاهرة إنسانية بامتياز، ولم لا.. وهناك الكثير من المخرجين والفنانين الكبار الذين لعبوا على هذا الوتر، وقدموا سينما سياسية في مجموعة من الأفلام الرائعة، لا تزال تشكل علامة فارقة في تاريخ الفن؟!.. في هذه المرآة يفضل المخرج مجدي أحمد علي أن يرى نفسه، فهو يرصد تداعيات الواقع السياسي المصري حاليا بعين الناشط السياسي أولا، وبعين المخرج صاحب الرؤية الفنية ثانيا، ولا يرى فصلا بين الاثنين، بل إن هذه التركيبة، تمثل عجينة أساسية لفيلم ينتوي إخراجه بعنوان «الدنيا أحلى من الجنة»، يسعى فيه إلى كشف تناقضات أفكار تيار الجهاد الإسلامي، والوقائع الدموية التي ارتكبوها خاصة في مجزرة «معبد حتشبسوت» بالأقصر في عام 1997 التي راح ضحيتها عشرات المصريين والسياح الأجانب.. كما تحدث عن مغامرته في كتابة السيناريو والإنتاج، ورؤيته لأفق «الربيع العربي» وأثره على المشهد السينمائي بشكل عام، وخصوماته الفنية مع عدد من أصدقائه في الحقل الفني.. وفي ما يلي نص الحوار:

·         كيف تصف المشهد السياسي الحالي في مصر وتأثيره على السينما؟

- مرتبك جدا وضبابي، لكن أنـــــا متفـــائل لأنه لا بد أن نبني على ما حققناه من إنجازات ولا نقع في مسألة جلد الذات الدائمة، فمن وجهة نظري أن الثوار لديهم مشكلة، ألا وهي أن جميع الأشيـــــاء من الممكن أن تتحقق دفعـــة واحدة. وأنا أسمي ثورة 25 يناير (كانون الثاني) «ثورة الجسد العاري»، فثوارها الشباب استندوا إلى شرعية الشعب والشارع والميدان، ولم يحكموا، ولم يقوموا بانقلاب على السلطة، ويستولوا على الحكم، بل طرحوا أفقــــــــا جديدا وأطلقوا شرارة التغيير في المجتمع.. لذلك أتصور أن تأثيرها سيكون قويا على السينما في المستقبل القريب.

·         قلت منذ فترة إن الثورة تخطت أحلام الجميع، كيف ذلك؟

- هذا حقيقي، وكنت أقصد أن يكفي لهذه الثورة أنها كسرت حاجز الصمت والخوف لدى المصريين كما أن هذه الثورة جعلت الناس العادية تفهم أن السياسة هي أساس التغيير لأن السياسة كانت تقتصر فقط على النخبة، أو باعتبارها مجموعة من الخدمات كما صورها الحزب الوطني (المنحل)، لذا فإن فكرة التغيير بالثورة جديدة على الناس.

·         المثقف والفنان كانا دائما في المقدمة لكن في الثورات العربية تراجعا إلى حد ما.. لماذا في رأيك؟

- الثورة فاجأت الجميع، ومثل ما كسرت حاجز الخوف، أيضا كسرت فكرة المثقف التقليدي، بمعنى أنه لا يستطيع أحد أن ينكر أن وائل غنيم مثقف لكنه نوع آخر من الثقافة، كل هؤلاء الشباب الذين يجلسون على الإنترنت التي خلقت ثقافتهم الديجيتال لديهم نوع آخر من الثقافة لكن فكرة المثقف الذي يقرض الكتب اختفت تماما. وبالعكس تماما هؤلاء الشباب يمتلكون ثقافتهم الخاصة لأنهم خلقوا آليات جديدة للتعامل مع الآخرين، فبعض الفنانين كان يعتقد أن هناك ثورة رعاع وجياع قادمة، لكنني كنت أنظر إلى هذا الكلام باستهزاء شديد لأنني كنت متأكدا أن الطبقة الوسطى في مصر هي التي ستقوم بثورتها، وكنت أراهن على ذلك في أفلامي واستبعدت تماما فكرة ثورة الجياع، لذا أستطيع أن أقول لك إن المثقفين المصريين لم يتخلفوا عن ركب الثورة، ومنذ البداية كانوا في قلب الميدان. نحن احتشدنا للثورة وراكمنا خبراتنا وجهادنا من خلال أفلامنا، لذا أعتقد أننا في العموم بذرنا الأرض بشكل جيد، ولذلك لم يقم بالثورة الجهلة إنما المثقفون.

·         لماذا انتفضت ورفضت تشبيه فيلمك «عصافير النيل» بأفلام خالد يوسف، وقلت «لا» لأن أفلامه لا أحبها؟

- لأنه يقدم نوعا من السينما أقرب إلى المباشرة، وأنا لا أحب هذه النوعية من الأفلام، بمعنى أنني لا أحب الرموز المباشرة التي تنعكس بالضرورة على المشاعر بين أبطال أفلامه التي تعمل نوعا من الميلودراما والتي يحبها المشاهد. وهذا لا يعني إلغاءه لأنه لعب دورا مهما كما قلت لك، كما أنني من أوائل الناس الذين قالوا إن فيلمه «حين ميسرة» فيلم مهم، رغم أنني لا أحب الفيلم، لكن لا أنكر أنه فيلم مهم لأنه نقل الناس من «مود» الأفلام الكوميدية الركيكة إلى الأفلام الاجتماعية، لكن طريقة خالد لا أقدم مثلها في السينما، وكذلك داود عبد السيد أو خيري بشارة أو يسري نصر الله أو علي بدرخان أو كاملة أبو ذكرى، لكننا لسنا ضد وجوده.

·         لماذا تميل في أفلامك إلى الرواية أكثر؟

- لأنني جئت إلى السينما من واقع ثقافي وحينما كنت في السنة الثانية من المرحلة الثانوية كنت انتهيت من قراءة كل روايات الأدب المصري والعالمي الذي كان سائدا في ذلك الوقت، وأغلب أصدقائي ليسوا سينمائيين، وحينما أنتهي من عملي في السينما أعود إلى أصدقائي من شعراء وكتاب القصة والمثقفين، فهم عالمي القديم. لذلك أنا مع الاعتماد على مزيد من الروايات والقصة لأننا الآن نبحث عن البناء الدرامي في أفلامنا، وأصبحنا نفتقده، لذا أصبح البعض يعتمد على سيناريوهات مسروقة من أفلام أجنبية، وأنا أقول لماذا لا نلجأ إلى الرواية طالما فيها هذا البناء؟! وأقول إن رواية «عصافير النيل» لإبراهيم أصلان فيها بناء درامي سينمائي بديع، وهذا ما حمسني لتقديمها، كما أن فيها تكسيرا للزمن، كما أن مصائر الشخوص مختلطة وهذه طريقة السينما في السرد، لذا أعتقد أن هذا التوقيت هو العصر الذهبي للرواية بعكس ما يفعله، بين قوسين، «سينمائيون» من اللجوء كما قلت إلى أفلام أجنبية لسرقتها، فلماذا لا نعود إلى نبعنا الأصيل، وهو الرواية؟!

·     فيلمك «عصافير النيل» لم يحقق نفس النجاح الجماهيري كفيلم «الكيت كات» لداود عبد السيد على الرغم من أن كليهما من تأليف إبراهيم أصلان، فلماذا في رأيك؟

- لا أعرف.. ربما لأسباب كثيرة من وجهة نظري خارجة عن إرادتي، وربما هذه الأسباب لها علاقة بطبيعة الفيلم وكذلك طبيعة النجم لأنه شخص أعمى، كما أن فيلمي ليس ببساطة «الكيت كات»، فداود عبد السيد قدم فيلما بسيطا، كما أن البطل شخص أعمى وهو شخص محبوب على الشاشة، لذا ضمن له جمهورا من قبل، كما أن بطل الفيلم محمود عبد العزيز كان «رقم 1» في سلم النجومية وقتها. لكن انظر إلى فيلمي فستجده عكس ذلك تماما، فليس فيه أفكار تستطيع أن تمسكها لأنه يتحدث عن أشخاص عاديين، لكن أنا أحب «عصافير النيل».

·     هل بسبب حبك للرواية اخترت أن يكون فيلمك القادم مأخوذا عن رواية «الدنيا أجمل من الجنة» عن سيرة ذاتية لشخص كان منتميا لجماعة الجهاد، وهو الأديب خالد البري؟.. وهل في هذا رد على مشهد صعود التيارات الإسلامية على المسرح السياسي في مصر وغيرها من الدول العربية، خاصة التي خاضت تجربة «الربيع العربي»؟

- تحمست لتقديم هذه الرواية لأنها أعجبتني جدا، كما أن «البري» يسرد حكايته مع الجهاد بطريقة غاية في الروعة والحب فهو لم يقدم الطريقة التقليدية حينما ترك الجماعة وهاجمها، بل على العكس تماما سرد تفاصيل إنسانية راقية، فيها حيادية بشكل كبير جدا وكان يعبر عن وجهة نظر حقيقية. وأنا على نحو خاص مهتم منذ فترة بتاريخ الجماعات الإسلامية في مصر، وهذه الفترة هي الأنسب لتقديم عمل عنهم بعد البراح السياسي الذي حصدوه بعد الثورة المصرية وصعود نجمهم في المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية. كما أنني لم أرشح أحدا لبطولة هذا الفيلم لأنني ما زلت في مرحلة كتابة السيناريو، لذا أنتظر حتى أنتهي من كتابته تماما، وبعد ذلك أختار فريق العمل خاصة أن البطل ذو مواصفات خاصة لأنني أحكي سيرة شاب من الثانوية العامة حتى الجامعة فقط، لذا لن يكون النجم «سوبر ستار».

·     لكن فيلم «تلك الأيام» لمحمود حميدة وأحمد الفيشاوي «غاص» بقوة في فترة الجماعات الإسلامية وتاريخها الدموي، خاصة في صعيد مصر.. فما الجديد في فيلمك؟

- أولا، أنا لم أر هذا الفيلم، لكن من وجهة نظري فإن الجماعات الإسلامية بعد الثورة لديها طمع كبير في السلطة، خاصة بعد غياب طويل عن الحياة السياسية في مصر، وقصة صدامهم الشهيرة مع الرئيس الراحل أنور السادات تستحق أكثر من عمل سينمائي، كما أنني مصطدم مع أفكارهم منذ فترة طويلة، وأفكاري ضد أفكارهم وكتاباتي تنم عن ذلك، لكن موقفي الفني مختلف، فأنا في هذا الفيلم أقدم شخصيات من لحم ودم وأتعامل معهم «كبني آدميين»، كما أن البري تحدث عن الموضوع بشكل إنساني جدا، وفي النهاية أنا محكوم بضميري الفني على الرغم من اختلافي الفكري معهم، ولا أخفيك سرا أن رجل الأعمال نجيب ساويرس تراجع بعد أن تحمس لإنتاج هذا الفيلم، لكن ما زلت أراهن على منتج جريء يقتنع بخوض هذه التجربة.

·         كفنان، ماذا ستفعل في حال وصول الإسلاميين إلى الحكم في مصر؟

- سأقاوم طبعا، ولن أهرب أو أترك مصر كما يردد البعض، وسأحاربهم في أفلامي، خاصة التيار السلفي المتشدد، لأنهم يريدون تدمير البلد، وخلق حالة عقيمة من الجدل. والفيلم رسالة تحذير من عودة منابع العنف، كما أريد أن أقول لهم: أنا سأقدم فيلما عنكم وأنتم قدموا فيلما عنا ونتصارع فكريا، والذي يحكم بيننا الجمهور. وهذا ما شجعني لتقديم هذا الفيلم في الوقت الحالي، كما أنني أشعر بضرورة تقديمه في الوقت الحالي.

·         في أفلامك «يا دنيا يا غرامي» و«أسرار البنات» و«عصافير النيل» تحدثت عن مشاكل اجتماعية ولم تغازل السياسة.

- من وجهة نظري، فإن السياسة جزء من المجتمع، وكان لا بد من مناقشة هذه الظروف الاجتماعية التي نعيش فيها لخلق جيل ناضج يستطيع أن يحتوي هذه الثورة العظيمة.

·     لماذا هاجمت وحيد حامد وقلت إنه ابن النظام السابق، على الرغم من أنه مشترك معك في كرهه للإسلاميين؟ فهل هناك مشكلة شخصية بينكما؟

- هذا صحيح، لكن لا توجد مشكلة شخصية بيننا لأن وحيد من الكتاب الذين كنت أحبهم ووقت معركته مع الإسلاميين وقفت بجانبه، لكننا من منطلقات فكرية مختلفة، فهو ربما في وقت من الأوقات كان يؤمن بوطنية النظام، أو كان يعتقد أن جزءا من النظام وطني، وأنا لا ألومه على الإطلاق، فمثلا كان يهاجم الحزب الوطني لكنه يحب مثلا حسني مبارك، وكان لديه صداقات انتماءاتهم لجهاز أمن الدولة، وكان يعتقد أن جهاز الرئاسة جهاز وطني والمخابرات كذلك. وأنا لا أرى في كل هذا فكرة التخوين، لكن كنا وما زلنا أفكارنا مختلفة دون تخوين.

·         هل من الممكن أن يجمعكما عمل سينمائي على الرغم من اختلاف آرائكم السينمائية والفكرية؟

- ممكن، ولا أستبعد هذا تماما لأن ما يهمني في النهاية الأفكار، وإن كنت أشك في ذلك حيث جمعتنا جلسات كثيرة في السابق ولم نتلاق فكريا على سيناريو.

·         لكن صديقك يسري نصر الله قدم معه فيلم «احكي يا شهرزاد».

- ليس لي علاقة بذلك، فيسري له أفكاره وأنا لي أفكاري، خاصة أنني لا أحب الفيلم، ولا أحب ما قدمه وحيد في هذا الفيلم، لكن يسأل فيها يسري.. لماذا أعجبه هذا السيناريو، ويسري صديقي وسينمائي عظيم ولا أخونه، لكن أنا لو عرض عليّ هذا الفيلم فلن أقدمه طبعا.

·         سمعنا أنك تنوي تقديم مسلسل عن الإمام محمد عبده.. هل هذا صحيح؟

- الإمام محمد عبده رائد التنوير، وفكره كان مستنيرا، ولو طرحت أفكاره في الوقت الحالي لتم تكفيره من قبل الإسلاميين، لذا أريد تقديم سيرته وما زلت في مرحلة كتابة السيناريو.

الشرق الأوسط في

09/12/2011

 

النقاد أكدوا افتقاره لكل مقومات الإبداع الفني

جدل مغربي حول فيلم "عاشقة الريف" بسبب "جرأته" الزائدة ولغته "البذيئة"

الرباط ـ حسن الأشرف 

أثار الفيلم المغربي "عاشقة من الريف"، والمشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم الذي يختتم فعالياته في العاشر من ديسمبر الجاري بمراكش، عاصفة من الانتقادات الحادة التي اتهمته بالضعف والرداءة والبذاءة، وبأنه يفتقد لكل مقومات الإبداع الفني التي تتيح له التنافس في المسابقة الرسمية لأحد أكبر المهرجانات السينمائية في العالم.

واعتبر نقاد سينمائيون أن هذا الفيلم، الذي أخرجته نرجس النجار، يعرض بضاعة فاسدة تساهم في تشويه السينما المغربية، لاعتماده على استهداف كرامة المرأة، ولتضمنه جرأة زائدة وإثارة مجانية وكلام فاحش، بزعم أنه يروم تحطيم التابوهات الاجتماعية، وتكسير القيود التي تكبل الحرية في السينما.

وجدير بالذكر أن نرجس النجار، التي تُلقب بالمخرجة "المتمردة" أو إيناس الدغيدي المغربية، سبق أن أثارت جدلا أيضا لدى إخراجها لفيلم "العيون الجافة"، و"انهض يا مغرب"، بسبب تناولها ـ بطريقة يراها البعض فضائحية ـ لبعض التابوهات الاجتماعية التي تتعلق بواقع المرأة المغربية.

آمال وآلام

وتدور أحداث فيلم "عاشقة من الريف"، وهو إنتاج مغربي -بلجيكي- وفرنسي، في منطقة الريف شمالي البلاد، والتي تُعْرف بعزة رجالها ونسائها، وبشجاعتهم ودورهم الحاسم في محاربة الاستعمار الإسباني للمنطقة، وذلك بعد أن اختارت المخرجة ذاتها منطقة جبال الأطلس مكانا لأحداث فيلمها السابق "العيون الجافة".

ويحكي الشريط، بحسب الملخص الرسمي للفيلم المعروض في المهرجان الدولي بمراكش، قصة الفتاة "آية"، وهي شابة جميلة ذات شخصية ساذجة أحيانا، ومتمردة في أغلب الأوقات، وتحلم بحب خيالي يجتاحها، وتعيش وسط لفافات الحشيش، فشقيقاها يعملان لحساب "البارون" أحد أكبر أباطرة المخدرات، لكن حياتها تتغير عندما يلقي بها شقيقها الأكبر في أحضان البارون، مقابل قطعة أرض لزراعة المخدرات".

وتعتبر المخرجة نرجس النجار أنها حاولت، من خلال فيلمها الجديد "عاشقة الريف"، أن تكشف للجمهور مظاهر عديدة من الواقع الصعب الذي تعيشه المرأة في مناطق الريف التي تسود فيها زراعة المخدرات، وتبرز أيضا آمالها التي تكبر حينا وتخبو حينا آخر، وآلامها التي تنكسر الطموحات على صخرتها الصلبة.

وحولت النجار رواية "نساء في صمت" لوالدتها الروائية نفيسة السباعي، التي تكتب باللغة الفرنسية، إلى هذا العمل السينمائي الذي لاقى استياء واضحا لدى الجمهور المغربي، حيث غادر العديدُ من المشاهدين ـ مُرغمين ـ قاعة العرض حين بث الشريط في إطار المنافسة على الجائزة الكبرى لمهرجان مراكش، وذلك بسبب ما اعتبروه تضمنا لكمية كبيرة من المشاهد الساخنة والحوارات البذيئة.

قبح وإسفاف

ومن ناحيته رأى الناقد السينمائي مصطفى المسناوي، أن الفيلم لا يتضمن أدنى المعايير السينمائية، في الشكل والمضمون، التي تجعله يستحق المشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش، كما أن البناء السردي للشريط ضعيف وغير متين فنيا، حيث إنه جامد غير متحرك، ولا يعطي الانطباع بأنه يتقدم نحو أي اتجاه معين.

وأوضح المسناوي أن فيلم "عاشقة الريف" يهين سينمائيا المرأة وأيضا جسد الرجل في بعض المشاهد، كما أنه يضع نظارات سوداء قاتمة تؤثث مصير أبطاله وشخصياته، باعتبار أن نهاية مسارات حياتهم كانت كارثية ومأساوية، حيث تراوحت بين القتل والسجن و الانتحار.

هذا الرأي يشاطره أيضا أحمد سيجلماسي، الناقد السينمائي، الذي قال بأن "عاشقة من الريف" شريط ترك انطباعا سيئا لدى الجمهور المغربي والمراكشي خصوصا، بسبب ما تضمنه من لقطات ساخنة عديدة، وإثارة مجانية ومبالغ فيها، وحوارات مُسفة وبذيئة، مردفا أن هذا الفيلم مليء بالعقد النفسية السلبية التي عكستها النجار في شريطها ذاك.

وأبرز سيجلماسي أن العديد من النقاد اعتبروا ما قدمه الفيلم مجرد بضاعة فاسدة ورديئة تسيء إلى السينما المغربية، مشيرا إلى أن مخرجته نرجس النجار عجزت عن مواجهة الجمهور الحاضر بشكل مباشر بعد عرض فيلمها بمراكش، بسبب الاستياء الكبير من المشاهد الشاذة التي تملأ الفيلم.

وحول ما يقال إن المخرجة نرجس النجار تتمرد فنيا بطريقتها من خلال إنجاز مثل هذه العينة من الأفلام السينمائية، أفاد الناقد السينمائي مصطفى الطالب بأن التمرد الذي لا ينطلق من دعائم ثقافية وحضارية ترتبط بالواقع الحقيقي للمغاربة وبأصالتهم وكرامتهم، لا يعدو أن يكون تمردا سينمائيا فاشلا ومرفوضا بكل المقاييس.

العربية نت في

09/12/2011

 

صوَّر ثورة أحداث منتصف التسعينات

"شارع هوفلان".. فيلم يحكي تحرك طلاب الجامعات ضد الوصاية السورية في لبنان

بيروت- جيلان الفطايري 

لم يقتصر النشاط الطلاّبي ضد الوجود السوري في لبنان، إبان سنوات عهد الوصاية، على "شارع هوفلان" في بيروت وحرم جامعة القديس يوسف الواقعة هناك، فجامعات أخرى ساهمت في هذه الحركة الطلابية؛ إلاّ أنّ لـ"Huvelin" رمزيّتها، هذا ما أكده كاتب ومنتج فيلم" شارع Huvelin" الذي بدأ عرضه منذ 17 نوفمبر. هكذا يختصر مارون نصار مضمون الفيلم الذي يروي تحرك طلاب الجامعة اليومي ضد الوصاية السورية في لبنان منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي.

منذ أن حطت الأحداث اللبنانية أوزارها في العام 1990، عادت الحركة الطلابية التي ميزت حياة الجامعة اللبنانية في فترة الستينات، تنشط من جديد. نواة تلك الحقبة، كانت قلّة من الطلاّب من مختلف المشارب والانتماءات الذين تمردوا على واقع الحال وفرضوا حراكا على الساحة السياسية حينها. وخلال تلك الحقبة برزت أسماء قيادية تمرست في العمل السياسي من خلال الحراك الطلابي واعتلت لاحقا مناصب قيادية وسياسية.

ومن أبرز تلك الأسماء الوزير والنائب عن الحزب الاشتراكي وائل أبو فاعور الذي أحرق العلم الإسرائيلي في حرم الجامعة الأمريكية في بيروت تنديدا بالعدوان الإسرائيلي على لبنان عام 1996.

إحراق العلم الإسرائيلي واتهامه بحرق العلم الأمريكي، كلف أبو فاعور لاحقا إحجام السفارة الأمريكية عن منحه تأشيرة دخول الى الولايات المتحدة لمرافقة رئيس الجمهورية اللبنانية في زيارة رسمية، كما قال لـ"العربية نت"، بعد أن أصبح نائباً في البرلمان اللبناني.

كذلك فإن شعار إنهاء ما كان يعرف "بالوصاية السورية على لبنان" لم يقتصر فقط على بعض النخب السياسية منفردة، بل كان شاركت فيه فئات أخرى من الشباب اللبناني، وبخاصة طلاب جامعة القديس يوسف - أو الجامعة اليسوعية - في شارع Huvelin" معقل الحراك السياسي الأكثر نشاطا بين الجامعات اللبنانية، كما يعرف في الأوساط الطلابية. إذ إن لهذه الجامعة موقعها الجغرافي وسط المدينة ولها بعد تاريخي منذ الخمسينات، يتجلى في النشاط الطلاّبي الذي وصل أحيانا الى حد المواجهات الدامية مع القوى الأمنية.

الجامعة اليسوعية

فيلم مارون نصار جاء تجسيدا لتلك الفترة التي انغمس هو شخصيا في طياتها داخل الجامعة اليسوعيّة بين عامي 1999 و2003؛ ما كان يعتبر في تلك الفترة أكثر من مجازفة.

النائب الحالي عن حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميل كان من الذين اشتهروا في تلك الفترة باندفاعهم ورفضهم للأمر الواقع في جامعة القديس يوسف.

الجميل يوافق نصار على رمزية هذه الجامعة و يروي لـ"اللعربية نت" تجربة نضاله في هذه الفترة، إذ يعتبر الجميل أنه عاش أجمل أيام حياته في حرم الجامعة اليسوعية في هوفلان، على الرغم من أن نشاطه السياسي كان محفوفا بالمخاطر على وقع تهديدات القمع والتنكيل من قبل النظام الأمني السوري.

فرفع العلم اللبناني كان يزعج النظام الأمني آنذاك، فاقتيد مرة من قبل ذاك النظام الى مكان مجهول حيث أوقف لساعات وتعرض لضغط نفسي كبير، حسب تعبيره مضيفاُ "كنا في مكان غريب منفصل عن العالم الخارجي، و لم أكن أدري إن كنت حينها في سجن المزة في دمشق أو في لبنان".

"كنا نجتمع بشكل سري في المنازل وفي أحد المقاهي المتاخمة للجامعة لنخطط للتظاهرات، فندون خططنا على أوراق المطعم والمناديل الورقية لتتحول بذلك إلى مستندات لمسار نضالنا الطويل" هكذا يروي الجميل التحركات الليلية للعمل السياسي الطلابي آنذاك.

ويضيف أنه لم ير الفيلم بعد "لكنه بالتأكيد سيكون تجسيدا لواقع حال الشباب في هذه الفترة البغيضة من حياة الشباب اللبناني". ويضيف أن العمل الطلابي أساسي لتأسيس مستقبل لبنان، و"على الطلاب أن يبتكروا أفكارا ويستبسلوا لتحقيقها، فنضالنا كان أشبه بحلم فجر جديد وقد بزغ في ربيع 2005 ،" كما قال. وآسف لوضع الحركة الطلابية في لبنان اليوم التي خف نشاطها كثيرا في الآونة الأخيرة.

براعم للعرب

البروفسور في كلية الحقوق في جامعة القديس يوسف وليد قصير، وشقيق الصحافي الراحل سمير قصير الذي تردد اسمه مرارا في الفيلم كان أيضا ممن عاصروا تلك المرحلة.

إذ يرى في شخصية الممثلين الذين شاركوا في الفيلم تماهيا مع طلابه الذين عايشهم في تلك الفترة ويقول :"هم كانوا براعم ليس فقط لربيع لبنان بل للعرب".

ويضيف: "سمير قصير الذي اغتيل في ربيع عام 2006 كان الرابط بين أفكار الشباب والطبقة السياسية، أفكاره الشبابية المندفعة ساهمت في تحركهم في تلك الفترة" ويضيف "ربما لذلك قرروا النيل منه لكن لم يستطيعوا النيل من أفكاره بدليل استمرار مثولها أمام اللبنانيين من الجيل القديم والجيل الصاعد".

ويتذكر قصير كيف كان الطلاب يرافقون سمير الى الباب الخلفي للجامعة لحمايته لأن عناصر من جهاز المخابرات السورية كانت تتعقبه وتتربص به خارج الحرم الجامعي.

بكثير من الأسى يتحدث الدكتور قصير عن جو النقاش والحراك الطلابي الذي تغير كثيرا اليوم، حسب رأيه. اذ أصبح النقاش "انعكاساً داخل الجامعة للاصطفاف السياسي ومرآة له، أما في السابق فكان الطلاب هم الذين يفرضون إيقاع الحركة على السياسيين وليس العكس.

فيلم "شارع Huvelin" أراده القيمون عليه بمثابة تحيّة تؤرخ لتلك المرحلة، مرحلة التضحيات الطلابيّة منذ التسعينات وحتى العام 2005، "كي لا تذهب نضالاتهم هباءً، وكي لا ينساهم التاريخ".

"حرية"، "سيادة،" "استقلال" "التمرد على الواقع"، وغيرها من الشعارات ترددت في الفيلم، ربما ظن البعض أنها تحققت. إلا أن الفيلم نفسه اصطدم بواقع الحال اللبناني واضطر الى التخلي عن جزء من الحرية ويخضع الى مقص الرقابة في لبنان بينما يٌعرض كاملا في مهرجانات عالميّة، من دون حذف أو تغيير.

العربية نت في

09/12/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)