حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

كأننا وسط تاريخ السينما العربية وأبعادها الاجتماعية

برلين - ابراهيم العريس

في واحدة من أعرق الصالات السينمائية في برلين، افتتحت ليلة الثلثاء الفائت الدورة الحادية عشرة لمهرجان الفيلم العربي في برلين. ومنذ البداية بدا هذا المهرجان الطموح مختلفاً الى حد كبير عن معظم المهرجانات التي تقام تحية للسينما العربية وتعريفاً بها. ذلك أن المهرجان يبدو - وربما انسجاماً مع المدينة وسمتها المكونة الأساسية، ذهنياً على الأقل - تظاهرة عرفت كيف تجمع في انسجام بين تاريخ ماض للسينما العربية، وبين حاضر هذه السينما. وفي الحالين، بين ما تبقى من ذكريات ماض سياسي وما يتكوّن اليوم من ارتباط بين سينمات طموحة وجدية يصنعها شبّان عرب وما يتفاعل في معظم المجتمعات العربية في ايامنا هذه. ومن هنا لم يكن غريباً ان يتمازج في سهرة الافتتاح لقاء الأصدقاء القدامى من مناضلي السياسة ومحبي السينما، مع كل اولئك الحضور في صالة بابليون التي تحتضن معظم العروض، من الذين صفقوا طويلاً لفيلم الافتتاح «18 يوماً» الذي يعد منذ عرضه الأول في «كان» قبل شهور أبرز فيلم عبّر عن الثورة المصرية. وبدا هذا التصفيق طبيعياً من لدن جمهور مزج له هذا الفيلم الذي يقول الثورة المصرية عبر إبداع عشرة مخرجين عاشوا الثورة بأنفسهم ليعبّروا عنها ساعة بساعة، حب السينما بالميول السياسية التغييرية وأحلام الماضي السياسية - الفنية. وكأننا هنا نصف المهرجان نفسه أو دورته الحالية على الأقل.

من المغرب العربي الى بلدان المشرق تأتي الى الدورة أفلام لم يكن من المنطقي تصوّر اجتماعها معاً، إذ ما الذي يجمع «الآنسة حنفي» بفيلم مثل «18 يوماً» او سينما برهان علوية بأفلام الخليج او«امبراطورية غوار» بفيلم «الدجاج» للراحل عمر أميرالاي، و«شيوعيون كنّا» بفيلم «احكي يا شهرزاد»؟ اننا هنا امام ما يمكن اعتباره صورة بانورامية ليس لحاضر السينمات العربية بل لمسار طويل من تاريخها. انها اشبه بأنطولوجيا تمتد من «سلامة في خير» لنيازي مصطفى الى «اختفاءات» سعاد حسني.

نبدو هنا وكأننا امام انطولوجيا شبه متكاملة لتاريخ ما للسينمات العربية. والحقيقة ان هذا ليس صدفة، إذ ان منظمي هذا المهرجان تقصّدوا ان يقدموا في مهرجانهم ما هو اكثر من عروض لأفلام جديدة: تقصّدوا أن يقسموا جزءاً من البرنامج الى تظاهرات عدة تؤرخ إما لمخرجين عرب محدّدين وإما لأنواع سينمائية معينة. ويلفت في هذا الإطار في شكل خاص تكريم مزدوج للسينمائيين اللبنانيين الراحل مارون بغدادي وبرهان علوية الذي كان يفترض ان تعرض افلامه في حضوره لكنه اعتذر عن الحضور في اللحظات الأخيرة -. فإذا اضفنا الى هذا تكريماً مشابهاً للمخرج السوري الراحل عمر اميرالاي نصبح امام صورة مميّزة لبدايات السينما العربية – اللبنانية والسورية هنا - التي ظهرت بدءاً من سبعينات القرن العشرين، معيدة الى الأذهان تلك البدايات الفردية والمتعثرة لما كان يسمّى السينما البديلة في ذلك الحين. والحقيقة ان عروض 11 فيلماً لبغدادي وعلوية وبعض افضل افلام عمر اميرالاي، سترينا كيف ان هذا النوع من السينما حلم قبل عقدين او ثلاثة بما يحدث اليوم في ما يسمّى «الربيع العربي»، ناهيك بأنه مهّد ذات يوم لسينما شابة معاصرة لنا تخوض في هذا الربيع، بل تساهم في صنعه ايضاً. ولا ريب في ان هذه الأفكار ستكون غداً السبت محور ندوة حول السينما اللبنانية تعقد ضمن اطار المهرجان. اما في الأيام التالية، فستكون هناك ندوة حول الضحك في السينما العربية وبعدها عن السينما المصرية الراهنة. ومن اللافت هنا ان المشاركين في هذه الندوات الثلاث من مخرجين (كالمصريين داود عبدالسيد وشريف البنداري او نقاد مثل فيولا شفيق وكاتب هذه السطور او ناشطين سينمائيين كاللبناني نجا اشقر) هم ضيوف هذا المهرجان الذي ليس فيه نجوم او سجاد احمر او ما شابه ذلك. انه كما يمكننا ان نستنتج اقرب الى أن يكون تظاهرة للثقافة السينمائية.

القديم والجديد

غير ان هذا كلّه لا يعني ان المهرجان يخلو مما يفترض به ان يكون اساسياً في اي مهرجان سينمائيّ، ونعني بهذا عروض الأفلام نفسها. بل على العكس تماماً، إذ يمكن القول ان مهرجان برلين هذا تمكن من ان يجمع عدداً لا بأس به من الأفلام قديمها وجديدها ومن مشرق العالم العربي الى مغربه ومعظمها من الأفلام التي لفتت الأنظار حقاً خلال السنتين او الثلاث الأخيرة في المهرجانات كما في العروض الجماهيرية. وحسبنا هنا ان نستعرض عناوين بعض المعروض لنجدنا امام الصورة البانورامية التي اشرنا اليها اول هذا الكلام: فمن المغرب لدينا «كازانيغرا» لنور الدين الخماري، ومن مصر «علي في الجنة» لفيولا شفيق، ومن الخليج «دار الحي» لعلي مصطفى، ومن سورية «روداج» لنضال دبس، ومن فلسطين «بدون موبايل» لسميح زعبي، ومن العراق «كرنتينا» لعديّ رشيد، ومن مصر أيضاً «احكي يا شهرزاد» ليسري نصرالله. وبالنسبة الى الأفلام الوثائقية الطويلة لدينا من العراق ايضاً «ابن العراق» لعلاء محسن، ومن فلسطين «صداع» لرائد انضوني... ناهيك بأفلام جديدة لمي عودة «يوميات» وأمل رمسيس «ممنوع» و«بيت شعر» لإيمان كامل والتونسي «لا خوف بعد اليوم» و«اختفاءات سعاد حسني الثلاثة» لرانيا اسطفان و«في انتظار ابو زيد» لمحمد علي الأتاسي و«شيوعيون كنا» للبناني ماهر ابو سمرا... فإذا اضفنا نحو دزينتين وأكثر من افلام وثائقية اقل طولاً، سنجد ربما جواباً على سؤال غالباً ما يطرح من قبل معنيين في اوروبا وغيرها فحواه: ما هي السينما التي يصنعها العرب اليوم؟

كيف ضحك العرب؟

اما السؤال الذي ينطلق من الرغبة في معرفة كيف أضحكت السينما المتفرجين العرب في الماضي وتضحك بعضهم اليوم، فإن الجواب عليه يأتي في الندوة التي اشرنا اليها. لكنه يأتي اساساً في مجموعة الأفلام المعروضة والتي تضيء بقوة على جانب من السينما العربية ندر ان اهتم به الباحثون او منظّمو المهرجانات. فمن الماضي لدينا على سبيل المثال «سلامة في خير» لنيازي مصطفى ثم غير فيلم للمميّز فطين عبدالوهاب (مثل «اعترافات زوج» و«الآنسة حنفي»)، و«غزل البنات» لأنور وجدي... وإذا اقتربنا في الزمان اكثر سنجد روائع مثل «الكيت كات» لداوود عبد السيد و«الأفوكاتو» لرأفت الميهي...

وكأن هذا كله لا يكفي، فنجد في تظاهرات متنوعة اخرى أعمالاً لإيليا سليمان «مقدمة لنهاية جدال» و«مسخرة» للياس سالم و«البارونات» لنبيل بن يدير و«نمبر وان» لزكية طاهري و«طيب خلص يللا» لرانيا عطية ودانيال غارسيا و«غريب في بيتي» لسمير سيف ناهيك بفيلم رضى الباهي القديم «شمس الضباع» و«امبراطورية غوار» لمروان عكاوي. اما تكريم عمر اميرالاي فيتم عبر عرض فيلمين اساسيين له، ناهيك بفيلمه «الدجاج» الذي يعرض في تظاهرة اخرى: «طوفان في بلاد البعث» و«مصائب قوم...». إذاً بين اقصى درجات الجدية التي يمثلها فن اميرالاي الآتي من الموضوع السوري وأقصى درجات الهزل التي يقدمها الآتي ايضاً من سورية دريد لحام (غوار)، تدور فعاليات هذا المهرجان حتى آخر الأسبوع في مدينة تراوح تاريخها الفني هي الأخرى بين اقصى الجدية وأقصى الهزل.

الحياة اللندنية في

04/11/2011

 

زهرة العلا تميمة حظّ من العصر الذهبيّ

القاهرة – فريال كامل 

موجة من التصفيق الحاد اجتاحت قاعة الاحتفال حين أعلن مذيع الحفل عن تكريم الفنانة الجميلة زهرة العلا، تميمة الحظ في أفلام الخمسينات وما بعدها، وهي أيضاً ابنة مدينة الإسكندرية، كان مولدها فيها في حي محرم بيه في عام 1934. وفي المهرجان السكندري تقدمت ابنتها المخرجة الشابة منال الصيفي لاستلام شهادة التكريم من الكاتب ممدوح الليثي رئيس الجمعية المصرية لكتاب ونقاد السينما، وشعار المهرجان من الناقد نادر عدلي رئيس المهرجان في دورته الحالية، فدارت بين الجمهور همسات عتاب لتأخر تكريم تلك الفنانة المحبوبة.

لفتت زهرة العلا الأنظار منذ صباها بطبيعتها الخجول وجمالها النبيل، فضلاً عن صوتها المميز. وهي خطت أولى خطواتها على مسرح يوسف وهبي، ثم انتقلت إلى فرقة زكي طليمات فتتلمذت بهذا على يد عملاقين من عمالقة الإلقاء والأداء. وعت زهرة أهمية الدراسة، فما أن تخرجت في معهد الفنون المسرحية حتى جذبتها السينما فظهرت في أول أفلامها «خدعني أبي» عام 51. وعلى مدار مشوارها الفني شاركت زهرة العلا في بطولة أكثر من 110 افلام تنوعت بين الكوميدي والوطني والاجتماعي. غير أن معظم رصيدها كان من نوعية أفلام الميلودراما، وهي نوعية الأفلام التي شاعت ولاقت إقبالاً فترة الخمسينات.

لقد تعاونت زهرة العلا على مدار مشوارها الفني والذي امتد لأكثر من أربعين عاماً مع مخرجين من مدارس وأساليب فنية متنوعة، عملت مع كبار المخرجين أمثال صلاح أبو سيف وهنري بركات ويوسف شاهين كما عملت أيضاً مع الأخوين محمود وعز الدين ذو الفقار، إضافة إلى المخرج حسن الإمام وعاطف سالم وغيرهما. وقد وقع اختيار المخرج فطين عبدالوهاب على الفنانة الرقيقة لتضطلع ببطولة فيلمين من مجموعة أفلامه الكوميدية (14 فيلماً) والتي تحمل اسم إسماعيل ياسين وهو من الفنانين الذين تلقى أفلامهم إلى الآن إقبالاً حين عرضها على الفضائيات. ففي فيلم «إسماعيل ياسين في البوليس» عام 56 تقبل زهرة العلا الزواج منه بعد أن يبدي شجاعة فائقة – على طريقته – في تعقب مجرم خطير إلى أن يتم القبض عليه. وفي فيلم «إسماعيل ياسين في الأسطول» تقبل زهرة العلا الزواج منه بعد أن يتخلص من حالة الخوف والجبن التي يعانيها وقد كان أكبر نصيب من أفلام زهرة العلا من إخراج المخرج حسن الصيفي الذي تزوجها وأنجبت له ابنتهما المخرجة الشابة منال الصيفي.

مفتاح الدراما

لقد أبدعت زهرة العلا على مدار مشوارها فصولاً سينمائية إنسانية لا تمحى من الذاكرة، فهي صاحبة المفتاح الذي تفجر الدراما تارة وهي أيضاً التي تمهد لانفراج الأزمة تارة أخرى. من يغفل عن دورها الرائع في فيلم «الوسادة الخالية» عام 57 عن قصة لإحسان عبدالقدوس وإخراج صلاح أبو سيف وفيه شاركت البطولة كلاً من عبدالحليم حافظ ولبنى عبدالعزيز، ومن يغفل حضورها في فيلم «دعاء الكروان» عام 59 عن قصة لعميد الأدب العربي طه حسين ومن إخراج بركات، حيث شاركت البطولة كلاً من فاتن حمامة وأحمد مظهر، وذلك إضافة الى فيلم «في بيتنا رجل» عام 61 عن قصة لإحسان عبدالقدوس وإخراج بركات أيضاً وفيه شاركت البطولة كلاً من عمر الشريف وزبيدة ثروت ورشدي أباظة، وقد تم تقدير الفيلمين من جانب النقاد أنهما من أهم مئة فيلم في السينما المصرية.

في فيلم «الوسادة الخالية» تكتشف زهرة العلا (درية) أن زوجها (صلاح) عبدالحليم حافظ ما زال يحمل في قلبه حبه الأول لـ(سميحة) لبنى عبدالعزيز والتي اضطرها أهلها للزواج من طبيب ناجح وقد قضت الظروف أن تربطهما صداقة حميمة بالزوجين درية وصلاح، فما يكون من الزوجة زهرة العلا إلا أن تتحلى بضبط النفس وتخفي آلامها وتتكتم على الأمر لدرجة أن تخسر جنينها. ومع تتابع الأحداث يخبو الحب الأول في قلب الزوج ويفيض قلبه بالحب لزوجته ويعوضها عما انتقصه من حقوقها.

وفي فيلم «دعاء الكروان» تعيش زهرة العلا شخصية الفتاة البريئة (هنادي) النازحة من البادية لتعمل خادمة في بيت مهندس الري أحمد مظهر، فتقع في حبه لوسامته وأناقته من دون أن تعي العواقب، فما يكون من كبير العائلة إلا أن يمحو عاره برصاصة تقضي عليها ليردد الكروان تغريدة الأحزان على اغتيال البراءة وتتفجر دراما الفيلم والتي تحمل تبعاتها الشقيقة الصغرى (آمنة) فاتن حمامة.

وفي «بيتنا رجل» تجسد زهرة العلا دوراً فعالاً في حل الأزمة ما يمهد الطريق للوصول الى ذروة الدراما. في الفيلم تنتمي سامية (زهرة العلا) الى أسرة متواضعة ووالدها موظف بسيط لا يعنى إلا بتوفير حياة آمنة لأولاده. يتقدم لـ(سامية) ابن عمها رشدي أباظة طالباً يدها، إلا أنها ترفضه لعدم استقامته ولكنه لا يفقد الأمل، يحدث أن يلجأ إلى بيت الأسرة الشاب إبراهيم (عمر الشريف) الذي كان غافل حراسه وهرب من تنفيذ حكم بالسجن لاغتياله رئيس الوزراء. وللمرة الأولى يتهدد أمن الأسرة ويجد الأب نفسه متورطاً في عمل سياسي، فيقبل استضافة الشاب الوطني إلى حين. غير أن ابن العم يكتشف أمر الشاب ويستغل الموقف للضغط على الأسرة لقبول خطبته لسامية ويشتاط غضباً حين يكتشف أن الشاب قد ترك المنزل في غفلة منه. فيندفع وهو في أوج ثورته إلى مديرية الأمن فما يكون من سامية إلا أن تحمل عبء الدراما على كتفيها لتنقذ أسرتها وتلحق بابن العم وتقتحم حجرة مدير الأمن وتختلق قصة تحول دون أن يدلي ابن عمها بما يدين أسرتها وتلمح له بين السطور بقبول خطبته. غير أن مدير الأمن الحصيف لا تنطلي عليه الحيلة لتتفجر الدراما ويساق الأب الطيب وابنه إلى المعتقل وتتلاحق الأحداث ليفيق ابن العم إلى نفسه ويعدّل مساره. وفي فيلم «بين القصرين» عن قصة نجيب محفوظ ومن إخراج حسن الإمام، تجسد زهرة العلا دور عائشة ابنة السيد أحمد عبدالجواد ذات الجمال اللافت والتي تعيش وفق تقاليد ذلك الزمان داخل البيت منغلقة، غير أنها تجد متنفساً لها خلال النافذة المطلة على نقطة البوليس لتتعلق عينا الضابط بالفتاة الجميلة. وما أن يتقدم لطلب يدها حتى يثور السيد عبدالجواد ثورة عارمة، إذ يرى في طلب الضابط دليلاً دامغاً على أن أسرته المصونة مكشوفة وأن بيته غير محصن. ومع تلاحق الأحداث يقبل زواج ابنته زواجاً تقليدياً في زمن لا تقوى فيه البنات على الاختيار أو الاعتراض وتعيش عائشة حياة باردة مفرغة من المشاعر، وتنجب أولاداً يشاركون في الحركة الوطنية.

فنانة في الستين

بعد تلك الأعوام الذهبية يمر الزمن، وفي عام 1983 يقدم المخرج عاطف الطيب الفنانة زهرة العلا في دور مختلف عن قصة لمحمد خان بعنوان «سواق الأوتوبيس». ففي خلال الأحداث تعمل الأم زهرة العلا على إفساد الحياة الزوجية لابنتها ميرفت أمين وتجبرها على ارتياد مجالات جديدة لتتخلص من الفقر والمعاناة مع زوجها نور الشريف سائق الأوتوبيس. وربما يمكن اعتبار دور زهرة العلا في هذا الفيلم واحداً من آخر ادوارها الكبيرة. غير ان هذا لا يمنع من الإشارة إلى الحضور الإبداعي للفتاة زهرة العلا وهي على عتبة الستين من عمرها في الفيلم القصير «زيارة في الخريف» عام 1994. وكان مشروع التخرج في المعهد العالي لسعد هنداوي، ويعرض لحياة أرملتين لزوج رحل عن عالمنا فرضت عليهما الظروف أن تعيشا في تآلف ووئام وأن تسكنا بيتاً قديماً في إحدى الضواحي لينشأ أولادهما في جو من الأخوة والمحبة. يتقدم العمر بالأرملتين ويستقل الأولاد بحياتهم، تنمو شجرة الأسرة وتتعدد فروعها ولكن يحرص الجميع على اللقاء في بيت الأسرة حيث تدب الحياة في البيت المتصدع ويعم الصخب ويسود المرح.

لقد اختارت الفنانة زهرة العلا أن تعيش حياة أسرية هادئة بعيداً من صخب الوسط السينمائي وسكنت قلوب المشاهدين بأدائها الصادق وطلعتها الراقية وفي يوم تكريمها نتمنى للفنانة الكبيرة الصحة وندعو لها بالشفاء.

الحياة اللندنية في

04/11/2011

 

مساحة للفضفضة والتنفس

رام الله – بديعة زيدان 

كان السادس والعشرين من تشرين الأول (أكتوبر) موعداً لانطلاق فعاليات مهرجان سينما الشباب الدولي في كل من رام الله وغزة، على أن تتواصل فعاليات المهرجان الذي يستضيف سبعة وعشرين فيلماً في المحافظات الفلسطينية، حتى الثاني عشر من تشرين الثاني (نوفمبر). ويحتضن المهرجان إضافة إلى الأفلام الفلسطينية، وعددها تسعة، أفلاماً عربية وأجنبية، أصحابها بالضرورة مخرجون ومخرجات شباب. ويشارك في المهرجان عدد من الدول العربية من بينها مصر وسورية ولبنان، ودول أخرى كفرنسا وألمانيا وهولندا وتركيا وبريطانيا.

وكان المهرجان انطلق بعرض ستة أفلام منها فيلمان فلسطينيان، الأول بعنوان «بدي أعيش» للمخرج الشاب أحمد حمد، في حين حمل الفيلم الثاني وهو من إخراج الشابة إسراء عودة، عنوان «شلة العلكة وأنا».

ويرصد الفيلم الأول يوميات شاب من باعة الكعك يعاني من قصر قامته وسوء ظروفه المعيشية والاقتصادية، تتلخص أحلامه البسيطة بشراء ملابس جديدة والنوم لفترة أطول، في حين رصد الفيلم الثاني يوميات المخرجة مع باعة «العلكة» من الأطفال، عند شارات المرور في مدينة رام الله، حيث خرجت بالفيلم بعد فشلها في تعليمهم فن التصوير السينمائي.

وفي وقت عرضت أفلام «قهوة فرنسية» للمخرج الفرنسي الشاب فابريس جوبرت، والفيلم السوري «روح القمح» للمخرج هفال قاسو، واللبناني «زرقا» للمخرج ربيع ناصر، استطاع الفيلم التركي «الحذاء» لعدد من المخرجين الشباب الأتراك انتزاع إعجاب جماهير حفل الافتتاح، وهو ما عبر عنه الحضور بالتصفيق الحار مع المشهد الأخير. ويروي الفيلم حكاية عصابة من الأطفال متخصصة في سرقة أحذية المصلين من أحد المساجد وبيعها في متجر للأحذية المستعملة.

والطريف في هذا الفيلم هو ذلك الإصرار الذي تحلى به الأطفال في مواجهة كل إجراءات المصلين لمنع تكرار سرقة أحذيتهم، من نقلها إلى أرفف مخصصة لحفظ الأحذية بداية، فوضع الأسلاك الشائكة لتغطية الرفوف، وأخيراً وضع الأحذية في خزانة محكمة الإغلاق، وهو ما لم يحل دون سرقتها، في فانتازيا مدهشة نقل المخرج من خلالها رسائل عبر عن قدرات فنية متميزة.

وحول المهرجان الذي تنظمه جمعية السينمائيين الفلسطينيين الشباب، قال مديره أنيس البرغوثي: «هذا المهرجان يعد الأول من نوعه في فلسطين والجمعية تطمح بأن يكون المهرجان حدثاً فنياً وثقافياً مميزاً في المشهد الثقافي الفلسطيني».

وأشار البرغوثي إلى أن المهرجان يهدف للمساهمة في شكل كبير في «دعم الشباب الفلسطيني في محاولتهم التعبير عن أنفسهم، من خلال عمل الأفلام وتزويدهم بمنتدى يستطيعون من خلاله عرض أفلامهم ومناقشتها والاطلاع على أفلام غيرهم من الشباب محلياً وعالمياً». وأضاف: «إن المهرجان يساعد شباب فلسطين، وبخاصة صناع السينما منهم، للاطلاع على أفلام عربية وعالمية، ما يفيدهم في تطوير واقع سينما الشباب في فلسطين في شكل كبير، لتنافس السينما العربية والدولية». وقال: «وصلنا كمّ كبير من الأفلام التي صنعت من قبل الشباب، بلغ عددها 85 فيلماً، اختارت اللجنة المنظمة للمهرجان من بينها 27 فيلماً لعرضها، ولم يكن لدينا دعم مالي كافي لتشكيل لجنة فنية لتقييم الأفلام التي وصلتنا جميعاً، فقررنا أن نقوم نحن في الجمعية باختيار 40 فيلماً منها، ومن ثم شكلنا لجنة لاختيار 27 فيلماً».

وشدد البرغوثي أخيراً على أن فعاليات المهرجان لم تكن لتنطلق وترى النور لولا الدعم والتشجيع الكبير من القائمين والداعمين للشباب ليخرجوا وينتجوا مثل هذه الأفلام، مثمّناً دور كل الداعمين والراعين للمهرجان من مختلف المؤسسات المحلية والدولية.

الحياة اللندنية في

04/11/2011

 

سوكوروف لـ «الحياة»:

السينما قادرة على كل شيء!

موسكو - «الحياة» 

ليس من المفاجئ ان يكون الفيلم الجديد للمخرج الروسي الكسندر سوكوروف، واحدا من ابرز الأفلام التي ظهرت في العام 2011 . فالفيلم وعنوانه «فاوست» كان منتظرا منذ سنوات الى درجة انه حين قدّم في عروضه العالمية الأولى في مهرجان البندقية السينمائي و حاز على الجائزة الكبرى فيه اعتبر كثيرون ان هذا كان من نوع تحصيل الحاصل.

ومن المعروف الآن ان فيلم «فاوست» يختتم رباعية حققها سوكوروف خلال اعوام عديدة خصصها لظاهرة السلطة وأثرها على الطبيعة البشرية، وتألفت هذه الرباعية قبل «فاوست» واضافة اليه «مولوخ» (1999) عن الأيام الأخيرة لأدولف هتلر، و«الثور» (2000 ) عن مؤسس الدولة السوفياتية فلاديمير لينين و«الشمس» (2004) عن الإمبراطور هيروهيتو الياباني.

وفي لقاء مع «الحياة» في موسكو، قال سوكوروف إن عرض فيلمه الجديد سوف ينطلق في شهري نوفمبر وديسمبر في أوروبا والمدن الروسية الكبيرة.

وأضاف سوكوروف حين سألناه عما يرتئيه من مغزى لفوز فيلمه كعمل روسي في مهرجانات اوروبية، قال انه يعترف بأنه لا يعتبر نفسه «بالمعنى الكامل للكلمة مخرجاً روسياً». مشيراً إلى أن شخصيته السينمائية «تشكلت بالأساس تحت تأثير أدب القرن التاسع عشر الأوروبي. وتركت فيَّ الانطباع الاقوى أفلام العباقرة، مثل فلاهريتي، وبيرغمان وجان فيغو وفيليني، اضافة الى آيزنشتاين في العهد السوفياتي. وهي كما يشير « أسماء أوروبية في معظمها».

وبهذا يبدو واضحاً لنا ان سوكوروف ينفي في هذا السياق تأثره بأي من المدارس السينمائية السوفياتية. ويضيف: «كنت أرغب دائماً في أن أكون حراً من التأثيرات الوطنية والنمطية في أفلامي الوثائقية والروائية» .

ولفت سوكوروف في هذا الحديث نظرنا إلى اهتمامه باللغة في شكل خاص في أفلامه وخصوصاً «الرباعية»، ومعلوم أن سوكوروف «قدم مولوخ» و«فاوست» باللغة الألمانية، وفيلم «الثور» بالروسية، أما «الشمس»، فجاء باللغتين اليابانية والانكليزية. وهو يوضح: «اللغة لها أهمية قصوى بالنسبة إليّ، وهي أكثر من مجرد محاولة نقل الايحاءات والمعاني والصوتيات». وأوضح: «من خلال اللغة المحلية في العمل يمكنني الوصول إلى أعماق الشخصية الوطنية، وانا أولي الاهتمام الأكبر لهذا التوجه». ونفى سوكوروف عن نفسه ما وصفها بأنها «التهمة اللاصقة به دائماً». مشيراً إلى أنه لا يهتم كثيراً بـ «مشاكل السلطة في أفلام الرباعية، وعلى الرغم من ذلك، غالباً ما ينسبون إلي تزايد تركيزي على السلطة»، موضحاً أن ما يعنيه أكثر هو ان «الأكثر إثارة بالنسبة إلي هو الطابع الإنساني للشخصية بصرف النظر عن وضعها الاجتماعي (...) وهدفي كان دائماً العثور على هذا الطابع ودراسة هيكليته ووسائل تواصله مع الآخرين»، وهو يرى أن «الطابع الفردي الذي يحاول تشريحه شرط أساسي لإنشاء وجود شخصية الإنسان وتفعيله».

ومعلوم أن الأكاديمية السينمائية الأوروبية أدرجت اسم ألكسندر سوكوروف على لائحة أفضل مائة مخرج في التاريخ. وحين التقيناه قبل ايام كان المخرج يسعى إلى المنافسة على ترشيح «فاوست» لجائزة أوسكار «كأفضل فيلم بلغة أجنبية» قبل أن تقرر اللجنة الروسية المختصة استثناء العمل وترشيح فيلم نيكيتا ميخالكوف «تسيتاديل» (القلعة) للمسابقة، ما أثار عاصفة من الامتعاض بين المخرجين الروس، الذي أشاروا إلى ضعف اللائحة المرشحة باسم روسيا، وإلى «استبداد ميخالكوف»، بحسب وصف المخرج الروسي المعرف فلاديمير مينشوف، الذي ترأس جبهة المعارضة ضد ترشيح فيلم ميخالكوف.

وفي عودة إلى سوكوروف، الذي نادراً ما فوّت فرصة لانتقاد «السينما الوطنية» في روسيا، نذكر انه أوضح موقفه في حديثه إلى «الحياة» بالإشارة إلى أن «المجتمع الروسي يمر بأوقات صعبة جداً، وبحال من عدم الاستقرار الاقتصادي، حيث المواجهة محتدمة بين مبادئ المجتمع الاستهلاكي والثقافة الحقيقية. وفي هذه المواجهة لا يفوز دائماً الفن والثقافة. وهذه الوضعية السائدة تبدو مشابهة تماماً لما حدث ويحدث حالياً في البلدان الأوروبية. وأعتقد أن المواجهة تأخذ أشكالاً أكثر حدة في آسيا وأفريقيا والعالم العربي بطبيعة الحال».

لكنه لفت في الوقت ذاته، إلى أن السينما تعتبر من الفنون التي «لها ضروب حضور مطلقة بين الروس»، مشيرا إلى «تزايد عدد المخرجين الشباب الذين يقدمون أعمالاً كثيرة جداً باستخدام وسائل الاتصال المعاصرة، وعلى رأسها الانترنت، وهم يمثلون مئات البلدات والمدن في روسيا». قائلاً: «برغم أنه يصعب عليّ تذكّر اسم أو أسماء معينة منهم بسبب كثرتهم، من الأهمّ بالنسبة اليّ أننا نتحدث عن سينما وطنية لها من دون أدنى شك مستقبل عظيم».

وفي المقابل، بالنسبة الى وضعية السينما الروسية المحترفة، ذكر صاحب سوكوروف أسماء مهمة، بينها فيكتور كوساكوفسكي وسيرغي كارانداشوف وإيرينا يفتييفا من سان بطرسبورغ، وألكسندر روستارغويف من جنوب روسيا، وسفيتلانا بروسكورينا وفيتالي مانسكي من موسكو، معتبراً أن المسار الذي سيحدد شكل تطور السينما الروسية يمر حالياً عبر «طريق صعب ويصعب تحديد النتائج المتوقعة عنه» برغم قناعته بأن السينما السوفياتية رسخت ما وصفها بأنها «تقاليد عظيمة تجعلنا نعتقد أن السينما الروسية قادرة على كل شيء».

الحياة اللندنية في

04/11/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)