حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

الشعر التسجيليّ موضوع لقاءات السينما في "مونترويّ

صلاح سرميني ـ باريس

بالتضادّ تماماً مع ما يُكتب في أدبيات الثقافة السينمائية العربية، لا تُعاني السينما التسجيلية من عقباتٍ تحول دون إنتاجها، توزيعها، وعرضها، حيث تخلط هذه الكتابات بين ماضيها، وحاضرها في المشهد السينمائي العربي مع أنه ليس سوداوياً إلى هذا الحدّ، وخاصةً بعد انتشار التقنيات الرقمية في التصوير، والمونتاج.

من وجهة نظري القابلة للنقاش، أُرجع الأزمة الفعلية إلى السينمائييّن أنفسهم، وخاصةً ضعف حماس الكثير منهم لإنجاز أفلام تسجيلية، أو المرور بها، والتوقف عند عملٍ، أو اثنين للقفز مباشرةً إلى الأفلام الروائية الأكثر جاذبيةً، إبهاراً، وجماهيرية.

الحال في أوروبا مختلفٌ تماماً، ومزدهرٌ على كافة المستويات الإنتاجية، والتوزيعية، أكان ذلك في الصالات السينمائية، أو على شاشات القنوات التلفزيونية العامة، والمًتخصصة، إنها حالةٌ من التطور الدائم، وكي لا ننسى، فقد بدأت العروض الأولى في تاريخ السينما مع الأشرطة التسجيلية للأخوين لوميير، وغيرهما، واستمرت لفترةٍ طويلة قبل أن يستحوذ عليها التلفزيون، ويجعلها واحدةً من متطلباته البرمجية الرئيسة، ومع أنه ساهم في تنميطها، وتحويلها إلى تحقيقاتٍ، وتقارير صحفية، إلا أنه، في المقابل، أكسبها أماكن عرضٍ في كلّ بيت (كما فعل مع الأفلام الروائية الطويلة)، وساهم في انتشارها، واستقطب لها جمهوراً، وحتى عشاقاً للأفلام التسجيلية بكافة تصنيفاتها الموضوعاتية (وأنا واحدٌ من الذين يميلون إلى مشاهدة أفلام عن الطبيعة، البيئة، والحيوانات)، وهكذا، تصبح المُغالاة في تشخيص أزماتها، ونحن نشاهدها ليلاً، ونهاراً عن طريق القنوات التلفزيونية، وصالات السينما بمناسبة المهرجانات، والتظاهرات السينمائية، نوعاً من المازوخية المُزمنة.

ومهما كانت الأفلام التسجيلية قريبة من التحقيقات الصحفية، أو بعيدة عنها (أفلام المؤلف)، فإنها، في جميع الأحوال، مفيدةٌ لنا، حيث نراقب من خلالها العالم، وتساعدنا على فهمه، والعيش فيه، وهي تتجاوز الإطار الثقافي كي تلامس المُواطنة، الأخلاق، السياسة،...، وتغطي مجالاتٍ واسعة، ومثيرة، وقد بدأ متابعيها تزايد أعدادهم يوماً بعد آخر، ويشاركون في الاهتمام بها، وتكاثرت المؤسّسات، والجمعيات، والمهرجانات التي تهتم بها، ومنها ـ على سبيل المثال ـ (Périphérie)، وهي جمعية تأسّست في ضواحي "سين سان دوني" منذ أكثر من 15 عاماً، في البداية، تمحور نشاطها حول دعم الإبداع، التسجيلي بشكلٍ خاص، عن طريق تقديم خدماتٍ تقنية (مونتاج، وعمليات ما بعد التصوير) بالتعاون مع شركة إنتاج شريكة، ومنذ تأسيسها، وحتى اليوم، ساهمت بدعم أكثر من مئة فيلم تمّ مساعدتها بإنتاج مشترك مع المخرجين، والمنتجين المستقلين.

وفيما بعد، تطورت في اتجاهين جديدين، الأول تحقق بتنظيم تظاهرة "لقاءات السينما التسجيلية" في "مونتروي"، والتي تحولت خلال سنواتٍ إلى موعدٍ لا غنى عنه للأفلام التسجيلية، والثاني توضح في قطب "التربية عن طريق الصورة"، وهو نشاطٌ موجهٌ لكلّ من يرغب الاستزادة في معرفة السينما التسجيلية من خلال نشاطاتٍ متعددة، ورشات تدريب في المؤسّسات المدرسية، وتنظيم دوراتٍ تكوينية.

في عام 2003 أطلقت الجمعية مبادرة جديدة بعنوان "سينمائيون مقيمون" سمحت بزيادة توسيع نطاق نشاطاتها من المُساعدة على الإبداع، إلى العروض الجماهيرية، مروراً بنقل المعارف، والكشف عن الميراث السينمائي.

اليوم، تمتلك الجمعية مساحةً واسعةً من الخبرة تسمح لها العمل بطريقةٍ أفضل في الربط بين المبدعين، والجمهور، ومنذ بداياتها، التزمت الجمعية بهذا التوّجه إلى درجةٍ أصبحت اليوم فاعلاً مهماً في فرنسا، وخارجها.

خلال العام، تُنظم الجمعية حدثين مهميّن، واحدٌ في الربيع تحت عنوان "عطلة نهاية الأسبوع"، ينتقل في صالات الضواحي المُنتشرة في المنطقة الإدارية "سين سان دوني"، وتظاهرة "لقاءات السينما التسجيلية" خلال شهر أكتوبر، تستقبلها إحدى صالات مدينة "مونتروي" المُحاذية تماماً للعاصمة باريس، وتعتبر  واحدةً من النشاطات الأبرز للجمعية، ومن خلالها تُسلط الضوء على هذه المُساهمة المُتفردة للسينما التسجيلية بتسهيل عرض الأفلام، والمناقشات المُصاحبة، وتنظيم لقاءاتٍ، وورش تدريبيةٍ لجمهور يجمع محترفي السينما التسجيلية (مخرجين، منتجين، موزعين، قنوات تلفزيونية، أصحاب صالات، نقاد) مع المتفرجين.

وعلى عكس العلاقات التنافسية التي تطبع آليات عمل، وبرمجة المهرجانات العربية، يلتفّ حول هذه التظاهرة شركاء فاعلين يعملون بنضج أخلاقيّ، واحترافيّ من أجل نشر، ودعم الأفلام التسجيلية، مثل "صورٌ في المكتبات البلدية،، مدرسة ال Fémis (المؤسّسة الأوروبية لمهن الصورة، والصوت)، قناة ARTE،  Procirep(مؤسسة منتجي السينما، والتلفزيون)، Scam( المؤسسة المدنية لمؤلفي الوسائط الإعلامية)، Addoc(جمعية السينمائيين التسجيليين).

"لقاءات السينما التسجيلية" في "مونتروي" إذاً تظاهرةٌ غير تنافسية، ولهذا تقترح في برنامجها أفلاماً حديثة، وأخرى تعود إلى فتراتٍ تاريخية ماضية.

وفي دورتها السادسة عشر التي انعقدت خلال الفترة من 7 وحتى 16 أكتوبر 2011 جمعت أفلاماً تحت عنوان "الشعر التسجيليّ"، وانطلاقاً من هذه التيمة المُتفردة احتفت التظاهرة بأفلام تسجيلية للمُخرجة اليابانية "ناعومي كاواس"، وهي منتجة تعيش، وتعمل دائماً في" نارا"، مدينتها التي وُلدت فيها عام 1969، ومنذ عام 1992، وبالتوازي مع أفلامها الروائية الطويلة، أخرجت عدداً من الأفلام التسجيلية، شخصية في معظمها أقرب إلى السيرة الذاتية، تطوّر العلاقات الشعرية، والمُتفردة التي تربطها مع العالم، وبشكلٍ خاص، مع جدتها، وأيضاً حول أعمالٍ أدبية، وإنشاءاتٍ سمعية/بصرية.

من جهةٍ أخرى، "سيرج مورانت" شاعرٌ، ومؤلف أكثر من عشرين كتاباً، كان قبل سنواتٍ قليلة المدير الفني لمهرجان "صوّر بأيّ ثمن"،  أو "اصنع فيلمك بأيّ ثمن" في بروكسل من عام 2000 وحتى 2008 ولم ينفصل أبداً عن نشاطاته الإبداعية النثرية ناقلاً المعرفة إلى أجيال جديدة.

وبناءً على اقتراحٍ من إدارة التظاهرة ، فقد اختار أفلاماً أعجبته، شارك في صياغتها الفنية، أو تعاون مع مخرجيها، وفي بداية كلّ عرض كان يقرأ بعضاً من أشعاره، وبعد العروض مباشرةُ يجري نقاشاً مع الجمهور، ويختلط الشعر بالسينما، وهكذا، اختار اثنين من الأفلام التسجيلية العظيمة للمخرج الأرميني "أرتافازاد بيليشيان"، نهاية (8 دقائق) من إنتاج عام 1992، وحياة (7 دقائق) من إنتاج عام 1993، وأفلاماً أخرى للمخرجين أوليفييه سمولدرز، جوهان فان ديركوكن، بيير هيبر، بيير ماري غوليه،...

وتحت عنوان "مشوار"، قدمت التظاهرة أفلاماً تسجيلية للمخرج الليتواني "أودريوس ستونيز" الذي وُلد في عام 1966 وفي أفلامه يقدم صياغةً حاذقة تنسج بحميمية الواقع، والخيال، وتكتشف أفلامه الأولى المسكونة بالحقبة السوفييتية التغييرات الإنسانية، والروحية المُتعلق بها.

ومن الشعر التسجيلي، إلى التجريبي، قدمت التظاهرة (Dog Star Man) للمخرج الأمريكي "ستان براكاج"، وهو عملٌ يتكوّن من فيلم تمهيديّ، وأربعة أجزاء تمّ إخراجها خلال الفترة من عام 1961 وحتى1964 بطول 74 دقيقة، ويعتبر الأكثر طموحاً في مسيرة المخرج، يغوص بالمتفرج الصبور في تجربة بصرية صافية، وإيقاع لاهثٍ من الصور، يتبادل من خلالها شظايا جسد، عناصر طبيعة، ومضات ضوئية، صور مطبوعة فوق أخرى، نقشٌ، ورسمٌ على الطبقة الحساسة للفيلم، في هذا الفيلم تتشابه الرؤية التي يقدمها مع وعيٍّ في حالةٍ من اليقظة، والنوم.

ومن بين الاختيارات المُتحررة من سنة الإنتاج، فيلم "أنا التي تحمل الزهور إلى قبرها" من إخراج مشترك بين السورية "هالة العبد الله" ومواطنها "عمار البيك"، تقاطعت مع أفلام أخرى من فرنسا، الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، بلجيكا، البرتغال، إيطاليا، ألمانيا، إسبانيا، ومخرجين مثل : كييه سيمون لوانغ، بيل فيولا، جان روش، أدغار موران، البرتو كافالكانتي، كلوديو بازينيزا، مانويل دي أولفيرا، هنري ستورك، جان دانييل بوليه،...

وبشكلٍ عام، تتجسّد القيمة الشعرية للأفلام المُجتمعة في هذه الدورة عن طريق الاستمرارية في أبعادٍ متعددة، بين الفضاءات الجغرافية، والذهنية، الصياغات الروائية، والتسجيلية، ومن ثمّ، بين المبدعين، والمتفرجين أنفسهم.

وهكذا، طوال الدورات السابقة، حرصت التظاهرة دائماً على تقديم الأساليب المُتنوعة، وأخذت على عاتقها اكتشاف السينما التسجيلية المُعاصرة في كلّ تنوّعها، وثرائها.

هامش :

"العبور" لبيل فيولا : شظايا عن االحياة والموت

http://doc.aljazeera.net/followup/2010/08/201083095311828314.html

الجزيرة الوثائقية في

03/11/2011

 

الهجرة بنظرة مغايرة

تونس – صالح سويسي 

"تونسيون من الضفتين" رابع عمل للمخرج التونسي المقيم بباريس فتحي السعيدي، ويتنزل الشريط في نفس السياق والتمشّي الذي تخيّره السعيدي لمجمل أعماله، فهو لا يهتمّ بالكمّ بقدر ما يسعى لتقديم سينما وثائقية ترضي رغبته كمبدع بعيدا عن تعب البحث عن التمويل والدعم، إذ للمرة الرابعة ينتج عملا وثائقيّا طويلا على نفقته الخاصة. ويرى أنّ عدم التزامه بشركة إنتاج أو دعم حكومي يترك له هامشا من حرية اختيار الحيّز الزمني لصنع الفيلم، لذلك فهو يأخذ وقته بالكامل في التصوير والمونتاج، فلا ضغوط تلزمه بالإسراع في إنهاء أي عمل من أعماله

بعد "بحبح وأنا" الذي أنتجه سنة 1995 ونال عنه جائزة أول إنتاج في مهرجان جون روش السينمائي بباريس في نفس السنة، وفيلمه الثاني "عمارة" الذي أنجزه سنة 2002، ثمّ شريط "فراق" أو "Séparation" وهو من إنتاج 2010 وكان ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة في أيام قرطاج السينمائية في دورتها الأخيرة، بعد هذه التجارب الثلاث يستعد السعيدي لوضع اللمسات الأخيرة على عمل سينمائي وثائقيّ جديد يحمل عنوان "تونسيّون من الضفتين" ويأتي في نفس التمشّي وهو اعتماده الإنسانَ منطلقا وهدفا، ليشتغل على الأنثروبولوجيا البصرية  Visual anthropology، من خلال العمل على واقعية السيناريو  وعدم الاعتماد على الحوارات المباشرة، بل يترك للكاميرا حرية التجول والتصوير ومن ثمّ تأتي عمليات الانتقاء الآنية، فالسعيدي يقوم بعمليات المونتاج الأولية أثناء التصوير بما يتلاءم والفكرة العامة للعمل.

بدأ السعيدي تصوير عمله الجديد هذا منذ أكتوبر 2010، وهو شريط وثائقي يسعى لتقديم نظرة أخرى عن المهاجرين التونسيين في فرنسا، من خلال التركيز على عمل جمعيتين تونسيين في باريس الأولى تعدّ من أقدم الجمعيات هناك وتقدم دورا هاما للعائلة التونسية في المهجر كما تقوم بمساعدة المهاجرين الجدد وخاصة المهاجرين بشكل غير شرعي، أمّا الثانية فهي جمعية حديثة أسسها جيل جديد من التونسيين وجميعهم من أصحاب الشهادات الجامعية إمّا أنهم درسوا في فرنسا واستقرّوا بها أو أنهم انتقلوا إليها بعد إتمام دراستهم في إطار الهجرة الاختيارية والجمعية تقوم بعديد الفعاليات لعلّ أهمّها مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة من التونسيين المقيمين في بلدهم، وفي ذلك تأكيد على تواصل الأجيال لا صراعها.

مفهوم مغاير للغربة

الشريط يريد التأكيد على أنّ الغربة لم تعد  تكتسي مفهوم المسافة والبعد عن الأهل والبلاد، ولكنها تكتسي أشكالا جديدة، وتحمل أبعادا أخرى قد تلغيها تماما عوامل ما فتئت تتكرس في المجتمعات الحديثة، ويبرز ذلك ذلك من خلال عمل الجمعيتين على كسر حاجز الغربة بمفهومها التقليدي. فالفيلم كما يؤكد صاحبه "يعالج القضايا المتصلة بالهجرة وربطها بالاندماج والمواطنة والتضامن والتنمية في المجتمع الفرنسي والمجتمع التونسي. مع التأكيد على أهمية العمل الجمعياتي للمهاجرين في إطار من القيم التي تنتقل وسط المجتمع المدني والمشاركة والتبادل لثقافي والحضاري. مع السعي لإبراز أوجه المشاركة في النسيج المجتمعي الفرنسي اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا للتونسيين الذين اختاروا العيش في فرنسا..."

فتحي السعيدي اشتغل على دور جمعيتين تبدوان مختلفتان من حيث الدوافع والأهداف ولكنهما في حقيقة الأمر تصبّان في خانة واحدة وهي خدمة المهاجر التونسي والمواطن التونسي المقيم في تونس ولو بطرق مختلفة، الأولى هي جمعية تونسيو فرنسا في باريس وهي من أقدم الجمعيات والثانية هي "Tunaction" أول جمعية إنسانية يؤسسها تونسيون في فرنسا ويقودها شبان. علما أنّ فرنسا تسمح بتأسيس جمعيات لكلّ الأجانب المقيمين بها في إطار تشجيع التنوع الثقافي.

هذا الشريط وحسب ما يؤكد مخرجه يضعنا أمام هجرة جديدة، ليست تلك التي تعتمد اليد العاملة  في الصناعات والبناء مثلا ولكنها هجرة خاصة جدا، هجرة كفاءات تونسية مبدعة غيّرت علاقة المهاجر ببلده الأصلي وجعلته يرتبط ارتباطا تضامنيا مع بلاده التي تركها مختارا وليس مكرها وتتجلّى قيم تك العلاقة فيما تقدمه الجمعية الثانية من أعمال تضمانية مع جمعيات تعنى بالمعوقين وذوي الاحتياجات الخاصة في تونس ليس فقط بمدها بالمساعدات بل وبمتابعة سير عملها ودعمها، وما يحسب لهذا الجيل الجديد من المهاجرين تمكنهم من أحدث تكنولوجيات العصر واعتمادهم على ما توفره التقنيات الاتصالية الحديثة والتحاور والتشاور وتبادل الخبرات والآراء في كل ما يتعلق بفعاليات الجمعية ومشاريعها، وكل هذا في إطار عمل جمعياتيّ جماعيّ متكامل ومتواصل.

التصوير شارف على نهايته ولو أنّ السعيدي يودّ إضافة بعض المشاهد، إلاّ أنه في نفس الوقت يؤكد أنه يمكن أن يكتفي بما سجلته عدسته ليدخل في عمليات المونتاج الأخيرة، ويبدو أنه خيّر تأجيل ذلك لبداية العام وكما أكد سابقا أنه لا يعمل تحت ضغوط إنتاجية لأنه ينتج أعماله بنفسه كما يصوّرها بنفسه ما يجعله يعمل في ارتياح كبير.

وحول الدعم والتمويل أشار السعيدي أنه سيحاول أن يحصل على دعم من وزارة الثقافة التونسية لو أمكنه ذلك لأن التكاليف تزداد يوميّا وهو يعتمد على إمكاناته الخاصة في صنع أفلامه لأنه اختار تمشيّا فنّيا لا تجاريّا لمسيرته ما يقلّل فرص الدعم والتمويل الخاص.

الجزيرة الوثائقية في

03/11/2011

 

كل الميادين شاركت , وليس التحرير وحده

القاهرة – محمد حسن 

شاب متفوق دراسيا يتخرج في جامعته بتقدير امتياز , لكنه يفقد فرصة ان يكون معيدا في الكلية بسبب الفساد والمحسوبية فيصاب باحباط , وعلى اثر ذلك تتركه حبيبته بعد ان يضغط عليها اهلها بقبول الزواج من عريس اخر لديه كافة امكانات الزواج , كل هذه الظروف تجعل الشاب المحبط يخرج في مظاهرات ضد النظام ويرشق الشرطة بالحجارة .. تلك هي ملامح الفيلم الروائي القصير "الشرارة" الذي اخرجه الشاب اسلام بلال وفاز عنه مؤخرا بجائزة احسن فيلم روائي قصير في مهرجان روتردام بهولندا والذي اقيم هذا العام تحت شعار "حكايات الربيع العربي" .

الفيلم هو اول تجربه سينمائية لمخرجه اسلام بلال الذي لا يزال يدرس السينما في احدى الاكاديميات الخاصة , والفيلم مدته 15 دقيقة .

يقول اسلام بلال مؤلف ومخرج الفيلم : "الشرارة" عبارة عن تجميع لعدة قصص حقيقية من واقع الحياة تعرض لها اصحابي , وكنت انا شاهد عيان عليها , ورأيتها اسبابا منطقية تجعل من الشاب العادي متمردا على فساد نظام لا يوفر له حياة كريمة ومن هذه القصص مجمعة استوحيت فكرة فيلمي "الشرارة" , واعتبر هذه المقدمات بمثابة شرارة اشعلت ثورة 25 يناير .

ويضيف : الفيلم يقول ان اضرابات 6 ابريل التي شهدتها مدينة المحلة في الدلتا عام 2006 هي الشرارة التي ايقظت الناس , وهي بروفة ثورة 25 يناير , ويهمني ان اؤكد هنا ان فيلمي يحتفي باضرابات 6 ابريل وليس بحركة 6 ابريل السياسية والتي تعاني انقسامات حاليا , مع احترامي لكل اعضاءها .

اكد اسلام ان تصوير فيلمه استغرق 5 اشهر تضمنت 20 يوم عمل على فترات متقطعه حيث كانت تواجهه صعوبات عديدة اثناء تصوير المشاهد الخارجية في الحدائق العامة والشوارع , لان الجهات المختصة كانت تمنعه وتطلب منه التصاريح , وكان يحاول ان يفهمهم انه يصور مشروع فيلم لانه لا يزال يدرس لكنهم لم يقتنعوا , لذلك صور عدد كبير من المشاهد داخليا حتى لا يحتك بتلك الجهات .

وعن الميزانية يقول اسلام :"صورت الفيلم على نفقتي الخاصة ولم تتعدى تكلفته الف جنيه لان كل الممثلين عملوا دون اجر ولم ننفق الا على الاشياء الضرورية جدا كالخامات التي نحتاجها للفيلم .

وابدى اسلام سعادته بفوز الفيلم في مهرجان دولي خاصة ان الفيلم يوضح ان الثورة قامت بعدة ميادين في محافظات مصر , وليس بميدان التحرير فقط .

وقال اسلام :"يجب ان يعرف العالم ان الشعب المصري انتفض عن بكرة ابيه , , وعديد من الميادين تحولت لساحات قتال يوم جمعة الغضب 28 يناير , وانا ركزت في فيلمي على اشتعال الاحداث بميدان في المحلة الكبرى , للتأكيد على ان الثورة عمت كل الميادين ولم تقتصر على ميدان التحرير وحده .

وعن تجاربه المقبلة قال اسلام :"لست مع تسييس الفن , وبالتالي قد لا تكون تجربتي السينمائية المقبلة لها علاقة بالسياسة , لكنها بالتأكيد ستكون ذات مغزى , وستناقش هموم الناس حتى ان كانت مشكلة اجتماعية ليس للسياسة دخل بها .

وعاد اسلام للحديث عن فيلمه فقال :"بطل الفيلم اشتعل غيظا لان ادارة الكلية استبعدته من التعيين بسلك التدريس وعينت ابن احد الاساتذة كان تقديره العام اقل من تقدير ذلك الشاب المحبط , ويزداد الطين بلة حين يستشهد شقيق البطل في احدى المظاهرات العمالية امام عينيه , فيشعر هنا باحباط اكثر واكثر , كما يمر بظروف تجعل حياته اكثر قتامه , ومنها مثلا حين يقرر الهروب من هذا الواقع الاليم والسفر خارج البلاد لايجاد فرصة حياة كريمة , لكن مكتب السفريات ينصب عليه ويأخذ منه 5 الاف جنيه هي تحويشة العمر بالنسبة له , ولا يوفر له فرصة سفر حقيقية , فيقرر المشاركة في كل الاحتجاجات لاسقاط هذا النظام الذي لا يوفر له حياة كريمة .

الجزيرة الوثائقية في

03/11/2011

 

بحثت عن لبنان الحقيقي في "وهلأ لوين?"

نادين لبكي: أستفيد من سلاح السينما غير العنيف  

أشارت المخرجة اللبنانية نادين لبكي إلى انها تحاول في فيلمها "وهلأ لوين"? انقاذ "لبنان الحلم" او "الفكرة" الذي يبتعد اكثر فأكثر عن لبنان الواقع, وهي تستمر بالايمان "بسذاجة" بأن هناك طريقة بديلة للعيش من دون عبثية الحروب وكراهية الآخر.

وفي مقابلة خاصة مع »فرانس برس«, قالت لبكي: إن "العمل أشبه بقصة خرافية, وهذا أمر متعمد, كانني اخبر طفلا عن قرية مثالية تمكنت من الحفاظ على السلام بين أهلها رغم كل العنف الذي يحيط بها". الفيلم المصور بكثير من الاحساس وحتى الحنان, يحكي عن قرية لبنانية معزولة يعيش فيها سكانها المسلمون والمسيحيون بسلام إلى أن تبدأ أخبار الحرب الطائفية في البلاد تشحن الرجال  شيئا فشيئا.

وتقوم النساء في القرية بفعل كل ما هو ممكن لثني الرجال عن حمل السلاح والتقاتل, بما في ذلك استقدام راقصات أوكرانيات لإلهاء الرجال عن الحرب, وصولا الى اخفاء أم لجثة ابنها الذي قتل خلال أعمال عنف طائفية خارج القرية والى اطلاقها النار على رجل ابنها الآخر لمنعه من الانتقام.

وفي النهاية, تعتنق كل نساء القرية المسيحيات الدين الاسلامي ويلبسن الحجاب, فيما تتحول المسلمات الى الدين المسيحي وينزعن حجابهن حتى يصير "الآخر" في صلب كل بيت.

وردا على سؤال حول استحالة حصول احداث فيلمها على ارض الواقع, قالت لبكي في الفيلم شيء من الحلم وطرح لعالم بديل. هناك أشخاص يرون الأمور كما هي ويقولون لماذا?, وآخرون يرون الأمور كما يمكن أن تكون ويسألون »لم لا«, انا من هذا الجزء الثاني من الناس". وتؤكد لبكي أنها تعي قدرة السينما لأنها "سلاح قوي جدا وغير عنيف, ولانها تقدم التسلية. هي تصل الى الناس بشكل اسهل من الكتابة أو الصحافة, وتتمتع في الوقت نفسه بالقدرة على تسجيل موقف". وأضافت "أحاول قدر الإمكان أن أستفيد من هذه القدرة لأحاول أن أغير شيئا. أحاول أن ابقى ساذجة واقول »يمكن ان تتغير الامور من حولنا«. وبالتالي, فإن السينما تقدم ايضا امكانية لانقاذ الحلم اللبناني, وهو حلم عن مكان سعيد وبسيط يعيش فيه الاشخاص بتناغم وبعيدا عن كراهية الآخر.

وقالت لبكي "صحيح أن لبنان الحقيقي بعيد عن لبنان الفكرة أو لبنان الحلم, وهو يبعد اكثر فاكثر يوما بعد يوم".

وأضافت "أشعر أن لدي مهمة وهي أن أحاول على طريقتي أن أخلق لبنان هذا, لبنان الذي أحلم به في السينما, واجعل الللبنانيين يفكرون قليلا ببلدهم, الفكرة التي قد لا تكون مستحيلة".

وذكرت المخرجة ذات العينين المتقدتين أنها أخرجت فيلمها بكثير من "الحب والحنان" وهي كانت قد كتبته عندما كانت حاملا بابنها وليد الذي يبلغ من العمر الآن سنتين.

وعن سبب اخراجها لفيلمها الأول "سكر بنات" الذي يتطرق لحياة أربع نساء يواجهن صعوبات حياتهن والتابوهات المجتمعية, قبل فيلم "وهلأ لوين", قالت لبكي: إن فيلمها الأول الذي سطع بفضله نجمها عالميا كتبته "في فترة شعرنا فيها بها أن الحرب أصبحت وراءنا".

واضافت "اعتقدت حينها أنه من غير الممكن أن يدخل لبنان في حرب جديدة واننا نعيش في سلام. كنت أفكر بالنساء, ربما بشيء من الانانية, وبعد أسبوع من الانتهاء من تصوير الفيلم, بدأت حرب 2006 في لبنان".

وعندها, قالت لبكي لنفسها "هذا لا يعقل, ها نحن عدنا لنختبئ في الملاجئ ولنقف في الطوابير لشراء الخبز, أخرجت فيلما عن النساء فيه الكثير من الفكاهة والألوان, رغم وجود أمهات يخسرن أولادهن ويمزقن ثيابهن حزناً".

في تلك اللحظة, قررت لبكي أن يكون فيلهما الجديد عن لبنان. وقد تعززت تلك القناعة عندما حمل اللبنانيون السلاح في وجه بعضهم البعض في مايو 2008. وتقوم لبكي حاليا برحلات حول العالم لعرض فيلمها في المهرجانات الدولية, وهي ستبدأ بالتفكير في فيلمها الجديد في الشتاء المقبل.

أما عالم الكليبات الذي انطلقت منه في مشوارها الفني, فقد تعود إليه لاخراج عمل خاص بزوجها خالد مزنر الذي وضع الموسيقى التصويرية لفيلميها.

السياسة الكويتية في

04/11/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)