حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

«المسافر» ... وتحطيم أوهام البطولة المطلقة

القاهرة - أمل الجمل

ينطلق «المسافر» من «الفلاش باك» معتمداً عليه طوال الوقت، باستثناء الدقائق الخمس الأخيرة. في ثلاثة فصول يتألف منها الفيلم، تدور الأحداث حول شخصية رئيسية هي «حسن»، وفكرة محورية هي البطولة، ويتردد من حولهما صدى شخصيات وأفكار أخرى تدعمهما أو تتناقض معهما. حسن هو رجل بريد عجوز امتلأت ذاكرته بالثقوب. في لحظة كان فيها بين الحياة والموت، يستعيد ثلاثة تواريخ من حياته قائلاً: «مش فاكر أي حاجة من حياتي غير ثلاثة تواريخ. الحاجات المهمة بنساها، حتى الزمن بيفوت جنبي من غير تأثير، أو يمكن ما حصلش حاجة مهمة في حياتي...»

تبدأ الأحداث سنة 1948 من قطار يجلس فيه حسن غارقاً في النوم رغم حركة القطار التي تدفعه للأمام وللخلف. تخرج بنا الكاميرا من النافذة لنرى مركباً في مياه «قناة السويس»، على الشاطئ نلمح الخيول تحمل عساكر الإنكليز رافعين علم بلادهم، يتقدمهم من على مسافة رجل يقود دراجته حاملاً سلماً خشبياً فوق كتفه، ثم نسمع صوتاً يُنادي «بورسعيد».

تتغير حياة «حسن أفندي» في أول يوم يستلم عمله، يصله تلغراف من امرأة «أرمنية» اسمها نورا عاشت في بورسعيد حتى سن 17 سنة ثم هاجرت، وهي تحب فؤاد، وأرسلت إليه هذا التلغراف لتخبره بعودتها على الباخرة «أطلانطا». يستولى حسن على التلغراف، وعندما تصل الباخرة يصعد إليها باحثاً عن نورا مُنتحلاً شخصية الحبيب الغائب فؤاد. يُقيم معها حسن علاقة حب رغماً عنها في مشهد حيواني يُمهد له المخرج بلقطتين على طاولة العشاء، الأولى متوسطة يتبادلان خلالها الحديث بينما الكاميرا تروح وتجيء بينهما في حركة عرضية حائرة مترددة، والثانية لقطة مقربة للأيدي وهى تدنو وتبتعد من بعضها في تردد وارتباك، ثم سرعان ما تتشابك الأصابع كأنها عقارب أو أخطبوط. في الليلة ذاتها، بعد أن يظهر فؤاد وتتزوجه نورا، تنتهي أحداث الفصل بحريق يشب على السفينة ويختفي الرجلان وتبقى نورا وحيدة بصحبة صورة زفافها بين الزوج والغريم.

فصل في الإسكندرية

في مدينة الإسكندرية خريف عام 1973، تبدأ أحداث الفصل الثاني. بالقرب من شريط للسكة الحديد يظهر حسن ويلتقي نادية ابنة نورا التي ماتت في 1967. بسبب التشابه الكبير بينه وبين توأمها، تستدعيه نادية كي يذهب معها لاستلام جثة أخيها علي الذي غرق في بئر مسعود.

الفصل الأخير من الشريط السينمائي تدور أحداثه في خريف سنة 2001 في مدينة القاهرة. في صحن مكتب البريد يدخل رجل عجوز من يسار الكادر. الكاميرا في موضع مرتفع ترصد البطل من لقطة علوية واسعة ثابتة. فجأة يسقط خلفه طرد بريدي ضخم فيلتفت فزعاً رافعاً بصره لأعلى. يتقدم خطوة صارخاً: «يخرب بيوتكم كنتو هتموِّتوني»... في تلك اللحظة يُقذف بطرد آخر أكثر ضخامة ويستقر بالقرب من قدم العجوز الذي يتراجع مرتعباً صامتاً دون أن ينطق بكلمة واحدة إضافية، ثم يُواصل طريقه كأن شيئاً لم يحدث.

بهذه اللقطة العلوية التي تكشف ضآلته وضعفه الإنساني، بتلك الجملة وردِّ الفعل، يُقدّم المخرج أحمد ماهر بعمق وبساطة، شخصيتَه الرئيسية (حسن) في آخر مراحلها العمرية التي جسدها النجم عمر الشريف. أهمية تلك اللقطة في تقديم البطل أنها تُؤكد ثبات التكوين النفسي ومسار شخصية حسن في الجزأين الأول والثاني من الفيلم، كما تتناسق مع كلمات الراوي ذاته عن نفسه في البداية: «حتى الزمن بيفوت جنبي من غير تأثير».

يلتقي حسن حفيده علي (ابن نادية) التي ماتت هي أيضاً. كان الحفيد يبحث عن الجد ليعرف مزيداً من التفاصيل عن خاله علي. يتطرق النقاش إلى مصارعة الديكة التي كان يهواها الخال ويُجيدها بمهارة فائقة، فيصطحبه الجد إلى إحدى هذه المسابقات. هناك يتعرضان للاحتيال من صاحب الديكة البلطجي، الذي يُقيم رهانات زائفة يستولي خلالها على أموال المراهنين. بغرور أحمق وتهور، يدفع حسن بحفيده في معركة غير متكافئة مع البلطجي تنتهي بضرب علي وإصابته بجروح. في المستشفى يتعرض الحفيد لعملية ابتزاز أخرى. طبيبة شابة تنتبه لأنفه المعوج، وتجده حالة مناسبة لبحث الدكتوراه، فتبدأ في إقناع الجد بإجراء جراحة لإصلاح أنف الحفيد. تلقى الفكرة هوى عند حسن، خصوصاً أن تلك الأنف تُذكره بغريمه فؤاد، ما أرَّقه وجعله يتساءل: كيف يحمل الابن كافة ملامحه ثم يأتي الحفيد حاملاً ملامح رجل آخر هو فؤاد؟!

وهم البطولة

يكاد «المسافر» يبدو في مجمله تفتيتاً لفكرة البطولة المطلقة، بدءاً من شخصية البطل السلبي المحبط المهزوم المتّسم بالضعف والكذب والخوف الداخلي العميق، رغم أنه طوال الأحداث يدَّعي العكس تماماً ويُضفي على نفسه صفات بطولية، لكنه مثلاً عندما يتغلب على مخاوفه ويصعد إلى أعلى نقطة على الباخرة «أطلانطا»، يسقط في المياه ويكاد يغرق لولا أن أحد الصيادين البسطاء أنقذه، وعندما يقف على «كوبري إمبابة» منتظراً وصول القطار، وقبل أن يدهسه، يُلقي بنفسه في البحر لكنه يكاد يغرق ثانية، في محاولة منه لتقليد ابنه علي. طوال الوقت يدَّعي حسن أنه رجل مقدام يستطيع لف عقول النساء وإيقاعهن في غرامه بسهولة، لكن الواقع يقول إن تجربته مع نورا ربما تكون الأولى والأخيرة طوال حياته. الخوف جعله يرفض رؤية جثة علي في المشرحة. ذكورته التي تؤرقه كانت سبباً جوهرياً في إصراره على أن تتزوج نادية من الأبله وليس من الشاب الوسيم، حتى تبقى صورته هى الأقوى.

تتأكد الفكرة ذاتها بقوة مع شخصية علي أخي نادية. طوال الأحداث نسمع الآخرين يحكون عنه، عن بطولاته، وأمجاده، وشجاعته، وشخصيته القوية المقدامة المتحدية، لكننا لا نرى له لقطة واحدة، ولا حتى صورة واحدة تكشف لنا ملامح هذا البطل، وكأن هذا البطل وهم أو سراب أو أسطورة لا أساس لها في الواقع الحقيقي. وحتى لو كان له وجود، فهو رغم كل إنجازته وبطولاته كانت في حياته لحظات من الخوف الوجودي وخوف أساسي من الموت، أكدته حكايات جابر صديقه الحميم.

في مقابل شخصية البطل الخارق الغائب، تظهر شخصية الحفيد، جسّدها بإتقان شريف رمزي والذي كان يحمل اسم الخال نفسه (علي)، لكنه جاء أكثر تصالحاً مع نفسه، يعرف حدود قدراته وإمكاناته، ولا يرغب في أن يكون بطلاً، بالعكس يتحدث بصراحة عن مخاوفه، يقول: «حاولت أقلد خالي في حاجات كثير لكن ما قدرتش فبطَّلْت».

تنويعة أخرى لتفتيت فكرة البطولة وتحطيمها، تُؤكدها كلمات الأغاني المصاحبة للصورة في الفصل الثاني، التي تدور أحداثه عام 1973. فأمام المشرحة عندما تذهب نورا لاستلام جثة أخيها، تتردد أغنية وردة «وأنا على الربابة باغني... حلوة بلادي، الحرة بلادي». إنها الأغنية التي لحنها بليغ حمدي احتفالاً بالنصر الذي حققه الجيش المصري في حرب أكتوبر. إذاً، المخرج وكاتب السيناريو أحمد ماهر لديه موقف ورؤية من نتيجة تلك المعركة، إنه لا يراها نصراً مطلقاً، لأن هناك جثثاً كانت ترقد في المشرحة، كانت هناك خسائر وضحايا. يُؤكد هذه الرؤية توظيفه لأغنية عبد الحليم حافظ: «في سكة زمان راجعين، في نفس المكان ضايعين» والتي تستحضر النتائج السياسية والعسكرية في حرب سنة 1948.

الحياة اللندنية في

28/10/2011

 

سيرة طفل يبحث عن صورة والديه

الدار البيضاء - نور الدين محقق 

اختلفت المقاربات التي قدمتها السينما المغربية لتيمة الطفولة، تبعاً لرؤية كل مخرج على حدة، سواء لمفهوم الطفولة في حد ذاته، من حيث كونه مرحلة أساسية في حياة الإنسان تظل تبعاتها مسرات وأحزاناً تلاحقه طيلة حياته، أو من حيث نوعية المواضيع المتناولة في هذه المرحلة، والتي غالباً ما تنصبّ على المعاناة والبؤس، أكثر مما تنصبّ على محاولة القبض على الخصوصيات الذاتية. وقد ينطبق هذا على معظم أفلام الطفلة في المغرب، إذا ما استثنينا الأفلام السينمائية التي قدمها المخرج مؤمن السميحي في هذا المجال. وخصوصاً في فيلميه الرائعين «العايل» و «الطفولة المتمردة».

انطلاقاً من هنا، نجد أن السينما المغربية، وهي تقدم تيمة الطفولة، قد ركزت على تقديم صورة اجتماعية لمجموعة من الأطفال الذين تعرضوا للعنف والتهميش، الذكور منهم والإناث على قدم المساواة. فبالنسبة للذكور يمكن أن نتوقف عند فيلم «علي زاوا» لنبيل عيوش، وبالنسبة للإناث يمكن التوقف عند فيلم «الطفولة المغتصبة» لحكيم نوري.

وعلى رغم كثرة الأفلام المغربية التي قدمت تيمة الطفولة واشتغلت عليها، فإننا نجد المخرج نسيم عباسي وقد اختار العودة إلى هذه التيمة بالذات، وتقديم فيلم حولها، منتصراً بطبيعة الحال لوجهة نظره. وقد فعل ذلك من خلال قصة طفل مات والداه معاً، في حريق شب بالمنزل، وهو لا يزال صغيراً جـــداً، بحيث لم يستطع أن يتذكر حتى ملامــــح وجهيهما. فما كان منه سوى البدء في عملية البحث عن صورة لهما، يستطيع من خلالها التعرف إليهما وتقريبهما إلى عالمه الداخلي. وقد شجــــــعه على هذا الأمر علمه من أخيه الأكبر «إدريس» بإمكانية توافر بعض الصور التي تضم والديه لدى بعض الجيران القدامى الذين يـــوجدون الآن في مدينة الدار البيضاء.

هكذا تنطلق قصة الفيلم وهكذا يتعرّف المشاهد من خلالها إلى هذا الطفل. لقد ركزت الكاميرا في البداية عليه وهو يبيع بعض الكتب قرب باب المسجد، ليجد نفسه عرضة للاضطهاد من بعض المتدينين المتطرفين ما ينتهي بطرد واحد منهم له من مكانه. و هو ما دفع الطفل إلى الفرار خوفاً منه، بينما ظل الرجل يمطره بوابل من السباب. داخل البيت نتعرف إلى الفضاء الذي يسكنه هذا الطفل (ماجد) بصحبة أخيه الأكبر إدريس. هذا الشاب الذي يمنح أخاه الصغير حناناً مضاعفاً تعويضاً له عن الحنان الذي افتقده باكراً بموت والديه. كما أن هذا الشاب يحلم بالهجرة إلى أوروبا، كغالبية الشباب الذين يجدون أنفسهم في وضعية تشبه وضعيته من الناحية المادية، ويسعى جاهداً لتحقيق هذه الحلم.

في فضاء الشارع، سيتعرف الطفل ماجد إلى طفل آخر في مثل سنه، يبيع السجائر بالتقسيط. وتنشأ بينهما صداقة قوية لن ينهيها سوى الموت. هذا الطفل الآخر يعاني من قسوة أبيه الذي يقوم بضربه ضرباً مبرحاً، ويرغمه على العمل على رغم صغر سنه. كما أنه يتعرض وهو يقوم بمسح الأحذية وبيع السجائر بالتقسيط إلى ظلم أحد المتشردين الشباب الذي يقوم من حين لآخر بسلبه بعض السجائر والنقود. وحين يرفض ذات مرة مدّه بهما ينهال عليه ضرباً ويتوعده بشديد العقاب.

هنا، وفي هذه المشاهد تحديداً، المتعلقة بفضاء الشارع، يتعرف المشاهد من خلال هذه الشخصيات البائسة إلى حياة فئة من الأطفال والفتيان، الذين فرضت عليهم ظروف الحياة القاسية أن يكافحوا منذ صغرهم لضمان لقمة العيش. وإن هم لم يفعلوا ذلك يكن مصيرهم الانحراف بمختلف صوره الكئيبة.

نلاحظ ذلك من خلال تسليط الفيلم الضوء على فئة بعض الشباب المنحرف الذي يجعل من سطوته على بعض الأطفال الصغار الفقراء فرصة للعيش، حيث ينتزع منهم النقود القليلة التي يحصلون عليها إما ببيع السجائر بالتقسيط أو بمسح الأحذية أو بهما معاً أو من خلال بعض الأعمال الشبيهة بهما. وهنا يلتقي هذا الفيلم مع فيلم «علي زاوا» لنبيل عيوش، في تشريح هذه الظاهرة الاجتماعية وتسليط الضوء عليها، حتى تتم عملية الانتباه إليها.

الحلم الأوروبي

ينفتح الفيلم في جانب آخر منه على حياة الأخ الأكبر إدريس، الذي يريد الهجرة إلى أوروبا، والسعي لتحسين وضعيته الاجتماعية. وسيتم له ذلك حين يلتقي بأحد أصدقائه المهاجرين الذي سيعرض عليه إمكانية العمل معه هناك. وهو ما سنجد أن الأخ يحرص عليه من دون أن يفكر بأخيه الصغير ماجد الذي سيرغب في تركه وراءه في المغرب، حتى تستقر أموره في أوروبا. لكن ماجد لن يتوانى عن ملاحقة أخيه حتى وهو يستقل الحافلة التي ستنقله إلى أوروبا.

أما بخصوص بحث ماجد عن صورة والديه، فإنه سيغامر بالقيام برحلة من مدينة المحمدية التي يقطن فيها، إلى الدار البيضاء بصحبة صديقه الحميم، بعد أن تجمع لديه بعض النقود من عمله. وهكذا في شكل مزدوج تنفتح قصة الفيلم على تيمة السفر، حيث ستركز الكاميرا على الطفلين وهما يركبان الحافلة الذاهبة إلى مدينة الدار البيضاء. وبما أن السفر يحمل معه دائماً مفاجآته فإننا سنجد الطفلين يتعرضان للملاحقة من أفراد عصابة المتشردين الذين رفض صديق ماجد منحهم ما يطلبونه من نقود وسجائر، مثلما كان يفعل في السابق. في البداية استطاع الصبيان الإفلات من الأشرار، لكن النهاية ستكون مأسوية حيث يقتل صديق «ماجد» تاركاً إياه وحيداً، يبكيه، في مشهد مثير يذكر بالأفلام الميلودرامية المعروفة.

لكن قبل ذلك، وفي مدينة الدار البيضاء، سيستطيع ماجد الحصول على عنوان جيران والديه السابقين وسيستطيع الحصول على صورة تجمعهما معاً بصحبته. وحين سيعود إلى مدينة المحمدية، وبعد مقتل صديقه الحميم، سيراقب أخاه إدريس جيداً وسيستطيع أن يمتطي خفية الحافلة التي يوجد بها هذا الأخ الذاهب إلى أوروبا.

على أي حال، يمكن القول في النهاية، إن فيلم «ماجد» وهو يحتفي بحياة الطفولة بمختلف تجلياتها وأبعادها، حرص على تسلسل حكاية الفيلم، وعلى تحقيق الامتداد الدرامي فيها، كما حرص على تهذيب لغة شخصياته، ما جعل منه فيلماً قابلاً للمشاهدة من الأسرة المغربية والعربية.

وقد حصل هذا الفيلم أخيراً على جائزة «الصقر الفضي» في الدورة الأخيرة، لمهرجان الفيلم العربي بروتردام الهولندية. كما سبق له الحصول على بعض الجوائز في المهرجانات السينمائية المغربية التي عرض بها.

الحياة اللندنية في

28/10/2011

 

خوف لبناني من التاريخ

بيروت - محمد غندور 

تنتهي الأحداث المهمة في كتب التاريخ المدرسية في لبنان، عند نيله الاستقلال عام 1943. ما حدث بعد حقبة الانتداب الفرنسي، من حروب أهلية وما تخللها من اجتياح إسرائيلي، وقتل ودمار وذبح على الهوية، واتفاق الطائف، وما تلاه من أزمات سياسية واغتيالات، لا تزال ممنوعة من دخول التاريخ!

لذلك يُحاول المخرج هادي زكاك من خلال فيلمه الوثائقي «درس في التاريخ»، فضح علاقة اللبنانيين الملتبسة بالهوية، وصعوبة صوغ الأحداث التي مر بها البلد منذ الاستقلال. دخلت الكاميرا الى خمس مدارس متنوعة (دينية، علمانية ومتفرقة) في بيروت وضواحيها وتابعت درس التاريخ، ونقلت الى المشاهد التناقضات اللبنانية. ثمة طلاب لا يعرفون شيئاً عن الحرب الأهلية، وبعضهم لا يعرف إلا القليل، فيما فئة صغيرة منهم لم تسمع بها قط.

لا يحاول زكاك التدخل في أحداث الفيلم، بل يترك الطلاب على سجيتهم في التعبير عن آرائهم، من دون ان يفقد طبعاً ايقاع العمل، أو ما يريد الوصول اليه. يبدو جلياً أن غالبية المعلومات الموجودة لدى الطلاب مستقاة من أحاديث عائلاتهم. ويظهر الفيلم مدى انغماس طلاب المدارس الخمسة (مع بعض الاستثناءات) في الطائفية والمذهبية واكتساب أفكار من عائلاتهم هي موضوع خلافات جوهرية في الحياة السياسية اللبنانية.

يلتبس معنى الاستقلال لدى الطلاب، فمنهم من يعتبر ان لبنان نال استقلاله لدى جلاء الجيش الفرنسي عام 1943، فيما بعضهم يعتبر ان البلد تحرّر عام 2000، بعد انسحاب القوات الاسرائيلية، وتشير فئة أخرى الى ان انسحاب القوات السورية عام 2005، أعطى لبنان استقلاله الحقيقي.

أراد زكاك الذي أخرج قبل الآن أكثر من 20 فيلماً وثائقياً تناولت الحرب اللبنانية ومعاناة اللاجئين الفلسطينيين، وأصدر كتاباً باللغة الفرنسية عن السينما في لبنان، أن يقول في شكل غير مباشر، أن التأخر في اصدار كتاب تاريخ موحّد للبنانيين، من شأنه توسيع الهوّة بين الطوائف، ما قد يهدد السلم الأهلي.

والغريب أن اجتماع النواب في الطائف عام 1989، صدر عنه قرار توحيد كتابي التاريخ والتربية المدنية في لبنان وتضمنته «وثيقة الوفاق الوطني». ولكن حتى اليوم، ما زال الكتاب الموحّد للتاريخ موضوعاً في الأدراج على رغم الانتهاء من صياغته.

ويختلف الطلاب في تحديد أصدقاء لبنان وأعدائه، وفي رد على سؤال حول من هم الزعماء التاريخيون للبنان، تنوعت الاجابات بين بشارة الخوري ورياض الصلح وبشير الجميل والخميني وحسن نصرالله وهتلر ونابليون...

لا يُقدم زكاك حلولاً لمازق التعليم، بل يسلط الضوء فقط على علاقة اللبنانيين الملتبسة بالتاريخ والهوية من دون فلسفة أو تحليل.

«درس في التاريخ»، اقتباس لأفكار الكبار السياسية والمذهبية والطائفية، إنما بألسنة الصغار.

الحياة اللندنية في

28/10/2011

 

أودري هيبورن تجوب شوارع روما

يوسف يلدا – سيدني:  

كانت الحياة اليومية للممثلة العالمية الراحلة أودري هيبورن "1929 – 1993"، من الجوانب المجهولة بالنسبة للعديد من معجبيها والمتابعين لأخبارها: مرافقة أولادها الى المدرسة، وشراء الزهور، أو الخروج في نزهة مع كلبها "فيموس". وهذا الجانب البعيد عن الأضواء من حياة بطلة فيلم "سيدتي الجميلة"، يتم التسليط عليه هذه الأيام خلال المعرض الذي يفتتح يوم 26 إكتوبر الحالي، ويستمر حتى 4 ديسمبر 2011، في متحف "آرا باسيس" في العاصمة الإيطالية روما.

والمعرض الذي يقام تحت عنوان "أودري في روما"، يضم 140 صورة مع مجموعة من متعلقات أودري هيبورن، من فساتين، وإكسسوارات، وأشياء خاصة بها، وأشرطة فيديو عائلية تعكس حياتها على مدى عشرين عاماً عاشتها في روما. وتعود هذه اللقطات الى المصورين الذين تجرأوا وسرقوا اللحظات الخاصة في حياة إسطورة هوليوود، إستطاعوا من خلالها تخليد إيماءاتها العفوية، ونشاطاتها اليومية، بعيداً عن الأضواء واللقطات المصطنعة.

وعلى الرغم من رفضها لهذا التقرب من حياتها اليومية، إلاّ أن أودري هيبورن كانت ترد على المصورين بإبتسامة رائعة، تلك الإبتسامة التي يتذكرها الجميع. يقول شون فيرير، الأبن الأكبر للممثلة، وثمرة زواجها من ميل فيرير، بمناسبة إفتتاح المعرض: "إن ما كان يعد شيئاً مفروضاً، ومزعجاً للأسرة، غدا اليوم إحتفالاً خاصاً بوالدتي".

 ومن أجل التحضير للمعرض، فقد تم العودة الى أرشيف المصورين لسنوات الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي، وأيضاً الى رابطة الصحفيين، ومعهد "لوسي أند كوبال"، حيث تم جمع 8 آلاف صورة غير منشورة للممثلة الراحلة.  

وأما لوكا دوتي، الأبن الأصغر للممثلة البلجيكية المولد، فقد عبّر، بصفته أيضاً أحد المشرفين على هذا المعرض، عن إندهاشه للعدد الهائل من الصور التي تم جمعها قائلاً: "لم أكن أعرف عن أغلب هذه الصور، ولم أرها من قبل. عندما شرعنا في عملية البحث، لم يخطر ببالنا أن نجمع هذا الكم الهائل من الصور. لقد كان أمراً مدهشاً".

ومن بين الأشرطة السينمائية التي ناهزت 30 فيلماً، ثلاثة أفلام منها فقط تمت عملية تصويرها في المدينة الخالدة: فيلم "عطلة رومانية"، الذي أطلق شهرتها عالياً في العام 1953، وفيلم "الحرب والسلام" عام 1956، وفيلم "قصة راهبة" عام 1959. غير أن علاقتها بهذه المدينة كانت أبعد من أن تكون مرتبطة بعملها كممثلة. فقد كانت روما المدينة التي منحتها حياة طبيعية إثر إبتعادها عن السينما، في العام 1968، وتكريس حياتها للأمومة.

إيلاف في

28/10/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)