حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

"درايف" الحائز جائزة الإخراج يُعرَض محلياً:

العمق الليلي مسكونٌ بالحزن والخواء !

هوفيك حبشيان

يحلّ في بيروت بدءاً من اليوم، أول فيلم في سلسلة الأعمال التي تسابقت على "السعفة الذهب" في مهرجان كانّ 2011: "درايف" للدانماركي نيكولا ويندينغ ريفن، الذي وجده روبرت دو نيرو ولجنته أهلاً لجائزة أفضل إخراج

نيكولا ويندينغ ريفن يرفع سقف سينما "السلسلة باء"، مدخلاً اياها الى عصرنا الحالي ونازعاً منها طابعها الـ"ريترو". فيلمه السابع، منذ 1996، يبعث الحياة مجدداً في نمط لم يعد في صدارة أولويات المنتجين الهوليووديين في زمن الأبعاد الثلاثة. ولولا أمثال كوانتن تارانتينو، الذي يستعيده كوميدياً أو من باب إلقاء التحية والسخرية المتعمدة، لكان "الجانر" اندثر هباءً. ينبغي الرحيل الى حقبة غابرة كي نجد عملاً مهماً ينتمي الى هذا الصنف. ريفن ابن الثقافة الأميركية المضادة برغم جنسيته الدانماركية. عاش في الولايات المتحدة لبضعة أعوام، حيث تشبّع بالنحو الذي يُنظَر فيه الى السينما في بلاد جون فورد، وتبنّى كينيث آنغر، أحد قياصرة الـ"أندرغراوند"، أباً روحياً له.

هناك مستويان في الفيلم يذكّران بمارتن سكورسيزي: أولاً، السيارة وعتمة الليل والسائق، لا بدّ لهذا كله أن ينعش الاذهان. نعم، "سائق التاكسي" للمعلم النيويوركي! ثانياً، هناك حقيقة أن السيناريو كان، في مرحلة ما قبل نقله الى الشاشة، نصّ يُراد له أن ينتهي على طريقة مئة فيلم تجاري آخر. ريفن، وكما فعل قبله "مارتي" مرات عدة، انقضّ على النصّ، علماً ان المشروع اُعطي له ولم يكن هو صاحب المبادرة، وحولّه الى شيء نرى فيه هواجس سينمائية نابعة من المزج ما بين الشأن التأليفي والحرفة البارعة.

كما الحال في مئات أفلام السلسلة، ينهض الفيلم على شخصية، لا تعير اهتمامها الى شيء، وغير مبالية تماما بما يجري حولها. انه شاب (راين غوزلينغ) يعمل بديلاً في النهار ويتعاون مع العصابات ليلاً. ما هو مشترك بين العالمين: السيارة، وايضاً صرامته في التعامل مع ما يطرأ ويقلب النحو الذي رُتِّبت فيه الأمور. انه شخصية عادية توضع في موقف غير عادي. ما سيفعله المخرج من تلك اللحظة فصعوداً، هو مراقبة سلوكه. يلعب الاخراج على بريق الأفكار الصغيرة الملهمة، يُضاف عليها، طبقة بعد طبقة، توقيعه الخاص المتجسد في هدوء بارع جداً، كان حتى الأمس القريب خارج حسابات ريفن السينمائية. ويبدو ان لكلّ مرحلة من حياة ريفن سينماها، ألقها وشحنتها الفريدة. هنا، يبدي مخرجنا الموهوب راحة كبيرة في التعامل مع المادة البصرية. يعرف ماذا يريد وكيف يريده، اذ لا خطوة ناقصة في الفيلم. ما يجعل التحدي الذي وُضع أمامه صعباً، حقيقة أن ظروف الانتاج تضيّق عليه السبل وتجعله أسيراً لمحدودية، سرعان ما يتمرد عليها بطريقته السلمية، بلا غضب أو ردّ فعل.

مسنوداً بمصوّر يدفع الصورة الى ذروتها التعبيرية (نيوتن توماس سيغل)، يجيد ريفن كيفية استخدام المساحة المدينية التي عُلّقت فيها الحياة، والشوارع والأزقة المتروكة لعراء الليل وذئابه. صمته يقول الكثير وبساطته تدين أفلام أخرى لا تصل الى ربع الفاعلية التي يصل اليها "درايف" برغم لجوئها الى اطنان من المؤثرات البصرية والصوتية. في هذا المجال، نحن أمام درس في التقشف السينمائي. طبعاً، هذا النوع من الأعمال لا بدّ ان يستعين بالكثير من الغمزات الى أفلام كبيرة لها يدّ في صناعة هذا السينمائي. كوبريك، سكورسيزي مرة أخرى، مدخلان أساسيان لفهم النار التي تلتهم الصفيح. لكن ريفن يعرف كيف يدرج مراجعه ضمن سياق حكائي أخّاذ، مع ميله الفطري الى بعض التطرف المحبّب الذي يجد خواتيمه في الدم والتصفية الجسدية. هناك لقيات سينمائية ستعمّر في الذاكرة: المطاردة البديعة، قبلة المصعد، وهي أمور تتحرك دائماً لدى ريفن، مع انها تمنح الانطباع بأنها جامدة.  

مع كلّ الدقة التي يمتلكها في ترتيب الشخصيات ضمن ديكور ليلي حالك يتلف الاعصاب، يصعب على ريفن أن يبلغ قمماً سينمائية عالية كتلك التي وصل اليها، مخرج شبيه به هو جيمس غراي. السبب عجزه عن تحميل موضوعه ابعاداً أعمق ومساحات أوسع من تلك التي يدور فيها. بلى، نحن أمام سلسلة باء، المحدودة النطاق والفكر، نعرف ذلك جيداً. لكن أكثر محدودية من ذلك، قدرة ريفن على مخاطبة شخصياته خارج بسيكولوجيتهم المرتبطة بالفيلم الأسود، الذي تصبح بنوده معطلة في ادارته. الخوف، العزلة، الكرامة، هذا كله موجودٌ في الفيلم بطريقة أو بأخرى، لكن ما الحصة التي تأخذه من المعالجة؟ لا شيء تقريباً.

لا شكّ أن ريفن سمع ما قاله غودار ذات مرة: تكفي فتاة وفي يدها مسدس لصنع فيلم. نقول هذا لأن المخرج البالغ الحادية والاربعين من العمر، يبدو سيداً في إمكان اختصار العناصر الدرامية واحالتها على الدرجة الدنيا. فشخصية صامتة وسيارة ولصّان، في لقطة باردة، شيء أكثر من كافٍ عنده لينطلق بفيلم ويموضع المناخ العام ببضع دقائق. مناخ لن يكون تصاعدياً بل سيبقى على حاله لإحداث المزيد من التوتر والانشداد. يعمل ريفن كرسام، يضع لوناً هنا ولوناً هناك مع حرص شديد على عدم خلط الألوان بعضها بالبعض. هذا يتأتى من ادراكه ان سرّ السينما التي يصنعها، أو يريد صنعها، كامن في المناخ، وتأسيس هذا المناخ لا يحتاج منه الى أكثر من نزوح الى عمق الايقاع الليلي الملهم، على طريقة "كولاتيرال" لمايكل مان أو "بعد ساعات" لسكورسيزي. وعلى الرغم من ان ريفن يحرّض على عدم تضارب الألوان، فهو في خاتمة المشوار يخلص الى فيلم تتعايش فيه انواع عدة، وهذه الأنواع تنقل الفيلم من يد الرومنطيقية الى الـ"غور" المقرف، كلها مغلفة بشاعرية مسكونة بالحزن والخواء.

() يعرض في "غراند ـــ أ ب ث، كونكورد، لاس ساليناس، صيدا مول".

 (hauvick.habechian@annahar.com.lb) 

الحدث

نادين لبكي ملطخة بالخطيئة الأصلية !

تنطلق اليوم، في بيروت وسائر المناطق اللبنانية، العروض التجارية لفيلم نادين لبكي الثاني. يحمل العمل الذي عاد قبل خمسة أيام من مهرجان تورونتو بجائزة "جمهور"، عنواناً على شكل سؤال يتوضح في ختامه: "وهلأ لوين؟". هذا السؤال ردّ عليه ناقد مجلة "دفاتر السينما" فنسان مالوزا بالقول: "في الجدار!". لكن، هذه العقصة النقدية اللئيمة، وإن كانت تدغدغ بصراحة مشاعر النقاد، تكاد تكون يتيمة في نوعها. فمجمل الصحافة الفرنسية، مال الى تدبير معطيات للتعاطف مع الفيلم ومخرجته، لدى عرضه في الصالات الفرنسية قبل اسبوع. فالمرحلة التي تمر بها المنطقة العربية صعبة ودقيقة وخطرة، وكل ما يأتي منها تتم احالته على الوقائع التي تُبثّ على شاشات التلفزة، وهي "وقائع" تحمل قدراً من الزيف والتلاعب والتضليل. سواء اراد السينمائي، هنا، الاشارة الى واقعه المعيش أو امتنع عن ذلك، فمصير الأفلام التي تصدّرها المنطقة أن تلطخ بالخطيئة الأصلية: فعليها أن تقول شيئاً ما، وهذا الشيء عليه أن يكون سياسياً، من مثل اعلان موقف، إخبار، أقوال. التصوير كفعل تصويت. تحديد معسكر. وضوح كاملٌ وشامل، لا خلط أوراق! أي فيلم لا يقول شيئاً في اللحظة الآنية، يتم ايجاد صدى له في حاضر ما. في مقابل ذلك، لا يفهم بعض سينمائيي المنطقة الآتي: كل مخرج من المفروض أن ينتهي دوره بعد أن يقع الفيلم في عتمة الصالات وسوادها الرطب. ومن سوء حظّ بعض هؤلاء أن الطبيعة البشرية لا تتيح لهم ان يكونوا الفعل والمفعول به في آن واحد. او الناقد والمنقود. احدى اجمل المجازفات في السينما ان تولّد سلسلة مترابطة من سوء الفهم، لا يكاد ينتهي واحدٌ حتى يبدأ آخر. ملاك يحاول أن يعبث مع الشيطان وينتزع منه ذيله. ليس هناك أجمل من ان يفلت الفيلم من يد صاحبه، فيصبح إطلاق الاحكام فيه، المحقة منها وأيضاً الظالمة، في عهدة العامة.

انطلاقاً من هنا، واحدٌ منا قد يعتبر ما تفعله لبكي في فيلمها تأكيد لرغبة السينما اللبنانية في سلوك درب العلمنة، لكن، يكفيك ان تجالس المخرجة حتى تقول لك أن أمراً مماثلاً لم يعبر تفكيرها قطّ. ويأتيك نفي مماثل منها، اذا اعتبرتَ ان الفيلم ينطوي على قدر من النسوية والنرجسية. هناك المزيد: في حين تستعد صحافة المنوعات لاعتبار الفيلم ضرباً من ضروب العبقرية، أعرف جيداً وتماماً، ان الفيلم بعيد جداً من أن يرضي صاحبته، مئة في المئة. هذا يعني أن الفيلم يولد بين دفتين. دفة مَن يصنعه ودفة مَن يشاهده. هنا عظمة كل عمل لا ينطوي على علم دقيق. وهنا هنة بيئة، يتراجع فيها عدد النقاد المتابعين والمهمومين والمثقفين سينمائياً، ليصبح أي كلام هو "الكلام".

نجاح لبكي ينهي مرحلة وهم. اطاحة نظرية المؤامرة، التي يلبّسونها للسينما بهدف أبلستها، بدأت تكون ممكنة من الداخل، ومن دون معارك صوتية. التسلل المنتظر للفيلم في أروقة الأوسكار، وإن كان محمولاً على "راحات" فرنسية، لا يمكن الا ان يُعد رد اعتبار الى مخرجة لبنانية. الحدث، إن تحقق، قد يثلج صدور الكثيرين، لكن الأمر يحتاج الى ان تتوافر في سبيله موازنة كبيرة لتنظيم عروض صحافية في الولايات المتحدة واستئجار صفحات دعائية في الصحف الكبرى، الخ. علماً ان منافساً قبضاياً يقف امامه هو "نادر وسيمين: انفصال" لأصغر فرهادي، ويتجاوز فيلم لبكي أهمية، على المستويات كافة. لبنان في "حرب" ضد ايران بضيافة أميركية؟ هاكم سيناريواً نموذجياً!     

في زمن لا يرتقي الفنّ الى الواقع وما يحمله من مضامين تحتاج الى مواهب كروسيلليني لنقلها الى الشاشة، تنير لبكي، مع غيرها في مجالات أخرى، العتمة التي نعيشها. مع هذا الفيلم الثاني، تتحول الى "قيمة وطنية". تحاول انتزاع تلك الصفة (الوطنية) التي لاكتها الألسنة من أفواه مجانين السياسة والاعيبها ووضعها في مكانها الصحّ. ثاني فيلم دائماً فخّ على شكل فجوة تقفز فوقه متسلحة بقناعة طفل تهتز في كلّ لحظة. لكن، من الخطأ الاعتقاد انها وقفت تحيي المصورين في كانّ او تشاطرت لحظة فرح مع الجيل الثاني من المهاجرين الكنديين في تورونتو من دون ان تكون مُدينة لأحد. فقبلها مخرجون من بلدها أبدعوا ووصلوا الى منتصف طريق التكريس، قبل ان تخونهم ظروفهم وطاقاتهم وترميهم في احضان العجز والنسيان.

هؤلاء أوصلوها الى منتصف الطريق ايضاً. بين "الى أين؟" لجورج نصر، أول فيلم لبناني يشارك في كانّ، و"هلأ لوين؟"، أكثر من 50 عاماً، ماذا حقق الفيلم اللبناني خلالها؟ ربما أطنان من المآسي والاقدار الخائبة لوضع بلد صغير على خريطة السينما. لذا، سينما نادين لبكي ملطخة بخطيئتها الأصلية: خطئية أولئك الذين ماتوا في لبنان ولم تتحقق احلامهم، وخطيئة الذين سيظلون يبتهجون بسينما غير مكتملة الأوصاف. والآن، بعد هذا كله، بات المطلوب حمايتها من بائعي السكاكر على أبواب السينمات، ومهرجانات خليجية تمنح أمثالها مئتي ألف دولار لتشارك في لجنة تحكيم. وغداً اذا جاءنا تاجر من تجار الكلمات يلقبها بالعالمية، فأفضل ردّ لها ان ترفض الصفة التافهةً: أي انسان يعيش في هذا العالم هو عالميّ.

هـ. ح. 

تحية

"أسبوع آرتي" يحيّي السوريالي الأخير راوول رويز ويعرض "أسرار لشبونة" الذي يعبق برائحة موته

مارسيل بروست على فراش الموت، يقلّب صوراً ويتذكر حياته. كان ذلك في فيلم "الزمن المستعاد" (1999) الذي، جعلته عشوائية البرمجة يسقط في لبنان وجمهوره الذي لم يكترث. أما في "كليمت" (2006)، فاستخدم راوول رويز كاميراته كريشة. مخرّباً كان منذ بداياته ومخرّباً بقي. ثائراً، متمرداً على قوانين المونتاج التي اقرها ايزنشتاين، منكراً الاساليب الكلاسيكية في التقاط المَشاهد، متجاهلاً منطق التسلسل وتقنيات السرد المعتمدة وكيفية تقديم الكاراكتيرات، مطعّماً مشروعه السينمائي بالادب والفلسفة والفن التشكيلي (هوسه الابدي) والسياسة. "الزمن المستعاد"، كان بمنزلة تتويج لفن رويز، معه أثبت ان الثوب لا يصنع الاكاديمية، وفيه اكتشف ترجمة بصرية شائقة لعالم بروست وبحثه عن الزمن المفقود.

صنع المخرج سينما شقية، جريئة، مشاغبة، رائدة، سوريالية، فانتازية، ململماً لقطات ذهنية من هنا وهناك. لم يتوانَ عن استخدام الهلوسات السينمائية الخاصة به: قصّ الوقائع من وجهة نظر الرسام، تكريس لعبة المرايا والانعكاسات الضوئية، التلاعب بالالوان وجعلها مائلة الى البهتان او الدفء، تحريك الكاميرا تحريكاً شاعرياً غنائياً، والتحكم بالصورة كمادة لاصقة تسجل عليها الحوادث.

حرص رويز على تكريس صورة العالم والأحياء والزمن كتجسيد للوهم. كل شيء عنده على طريقة بورخيس قائم عند الحدّ الفاصل بين الحقيقة والخيال، أي عند النقطة بين الوجود والعدم، حيث لا ثبات ولا يقين، حيث تواطؤ بين الغموض والضياع. عالمه ألغاز ورموز وشعور طاغٍ بنسبية الواقع. انه الوارث الأهم والأجدر للويس بونويل من حيث امتثاله للرؤية السوريالية للفنّ.

رحل رويز في 19 آب الماضي عن 70 عاماً. وبعد نحو شهر يكرمه "اسبوع آرتي" ضمن البرنامج الذي يقترحه من 18 الى 25 الجاري في "متروبوليس". أنجز رويز خلال مسيرته، 117 فيلماً. سينماه أبحرت عكس التيارات كلها، ما عدا السوريالية التي ظلّ وفياً لها. تماماً كأفلامه، أقام الرجل في أكثر من حياة، وفي أكثر من بلاد. هرب من الانقلاب الذي نفّذه بينوشيه في الحادي عشر من أيلول 1973. حط رحاله في ورزازات المغربية،  ثم ذهب الى فرنسا حيث نال الجنسية الفرنسية وبدأ يعمل، وكان في جعبته ثمانية أفلام وعدد من الشرائط التي أنجزها تحت الطلب، وفيها ما هبّ ودبّ من مواضيع متنوعة.

كان والده بحاراً، على غرار كل أفراد العائلة، وكان الوحيد قرر الاّ يكون بحاراً. "لكن عوضت عن ذلك من خلال سرد حكايات بحارة"، قال في حديث مع مجلة "تيليراما" قبل فترة قصيرة من رحيله. عندما وصل الى باريس، لا أحد كان يعرف انه تشيلياني. الكلّ كان يعتقد انه، إما برازيلي وإما مكسيكي أو برتغالي.
كان ينبغي انتظار منتصف التسعينات كي يتكرس نهائياً مع أفلام مثل "ثلاث حيوات وموت" مع مارتشيللو ماستروياني. اليوم، التكريم الذي يخصصه "اسبوع آرتي" له، يرتكز على فيلمه الأخير"أسرار لشبونة" (جائزة لوي دولوك لعام 2010، يُعرض السبت الساعة السابعة والنصف) البالغة مدته اربع ساعات وستا وعشرين دقيقة. الفيلم افلمة لأحد كلاسيكيات الأدب البرتغالي. رواية من ثلاثة اجزاء وضعها كاميلو كاستيلو برانكو. رويز يعترف انه شعر بمتعة أن يتيه وسط الشخصيات الـ300 التي تعج بها الرواية، معترفاً بأن السيناريست كارلوس سابوغا عرف كيف يجمع في اطار نصّ واحد كل هذه الحكايات المتداخلة، التي تدور على علاقة يتيم بكاهن وما يتفرع منها من حكايات تحدث في القرن التاسع عشر.

رويز الذي يميل دائماً الى المشاريع الصعبة، أنجز نسختين من الفيلم: واحدة مخصصة للتلفزيون، هي نوع من مسلسل، وأخرى للسينما، "على الطريقة الأميركية، تشبه أعمال أوتو بريمينغر". روى رويز انه، على مدار حياته كلها، كان يشمّ رائحة التصوير، وهذا ما جعله يوفر الوقت ويعمل سريعاً. "أسرار لشبونة" بمنزلة وصيته، بمعنى انه صوّره وهو يشعر بأنه قد يكون فيلمه الأخير. لم يخطئ في حساباته. في تلك الفترة، كان السرطان بدأ ينال منه، وهاجس الموت راح يتسلل الى الفيلم، وعندما أتى غلّفه برائحته.

"دجاج بالبرقوق" للختام

بعد عرض أفلام لكلّ من جولي برتوتشيللي ومارك فيتوسي واندرياس دراسين، يواصل "اسبوع آرتي" الانكباب على اعمال من انتاج المحطة الفرنسية - الألمانية. هذا المساء، الساعة الثامنة، موعد السينيفيليين المحليين مع الفيلم الايطالي "كوربو سيليستي" لأليس رورواشر، وغداً مع "نهر تومن" للمخرج الكوري لو جانغ. اما يوم الجمعة فلقاؤنا مع "تومبوي" للفرنسية سيلين سياما. ويختتم الاسبوع عروضه مساء الأحد، بفيلم "دجاج بالبرقوق" لمرجان ساترابي وفنسان بارونو، الذي شارك في مسابقة البندقية قبل أيام معدودة. 

CUT

-1 تبدأ الاثنين المقبل استعادة مهمة مخصصة للمخرج الاسباني الكبير لويس بونويل (1900 ــ 1983) في صالة "متروبوليس". 11 فيلماً، من بينها "فيريديانا" و"تريستانا" و"جميلة النهار"، ستُعرض خلال هذا الحدث الذي سمّاه المنظمون "أحلام وحقائق"، في اشارة الى ما تنطوي عليه سينما المعلم، أمير الزندقة والمعادي للبورجوازية، صاحب القول الشهير "بفضل الله، أنا ملحد".

-2 "مؤسسة سينما لبنان" تنظم مساء غد حفل غالا في "كازينو لبنان" عنوانه "أمسية مبروك"، لمنح جوائز الى عدد من الأفلام اللبنانية انجزت بين 2009 و2011.

في سياق الحدث، سيجري تكريم نادين لبكي لمشاركتها في كانّ ونيلها "جائزة فرنسوا شاليه". وستكون لصالة "متروبوليس" بإدارة هانية مروة التفاتة خاصة أيضاً.

النهار اللبنانية في

22/09/2011

 

ذاكرة فرنسا تواجه أعمالا سينمائية تدينها على جرائمها

10 أفلام سينمائية في الذكرى الـ 50 لأحداث 11 أكتوبر 1961

ساسية مسادي 

تنطلق بتاريخ الـ 16 أكتوبر القادم احتفالية الذكرى الـخمسين لمظاهرات 17 أكتوبر 1961 والمجازر التي ارتكبتها السلطات الفرنسية في حق المتظاهرين من العمال الجزائريين المهاجرين في فرنسا المطالبين باستقلال الجزائر.

تحتضن قاعة "لوكسمبورغ3"، "منتدى الصور"، و"معهد العالم العربي"، فعاليات هذه التظاهرة التي ستمتد إلى غاية الـ 25 من الشهر من خلال عروضا سينمائية لأفلام قام بانجازها جزائريون وفرنسيون متحيزون تماما للحقيقة.

كما تتضمن الاحتفالية المنظمة من قبل مؤسسة "مغرب الأفلام" و جمعية "باسم الذاكرة" تدخلات ومناقشات في منتديات ولقاءات مبرمجة، على هامش عروض الأفلام المعدة للعرض، سواء منهم التمثيلية أو الوثائقية الخاصة بهذا اليوم الذي بلغ صداه كل أنحاء العالم .

سبع أفلام وثائقية و روائية و أربع أعمال قصيرة ستعرض في قاعة "لوكسمبورغ3" و قاعة "مندى الصورة" تؤرخ جميعها لهذا الحدث التاريخي و الألم الجزائري الذي يتصدر أبواب الذاكرة الوطنية، و تكشف جرائم ضد الإنسانية ارتكبها رجال البوليس الفرنسيين إبان المظاهرات السلمية التي خرج إليها ألاف الجزائريين، مطالبين باستقلال الجزائر.

من بين ما سيقدم من أعمال نذكر فيلم "أكتوبر في باريس" لـ جاك بانيجال، و هو أول فيلم وثائقي حول جرائم هذا اليوم المشهود، إذ صور جاك بانيجال المظاهرات و عمليات القمع التي قام بها البوليس الفرنسي ضد المتظاهرين ، و في اليوم الموالي للمظاهرات سنة 1961، بدأ المخرج في جمع مادة الفيلم الوثائقي متحديا كل التعتيم على المجازر التي ارتكبت و التكتم الذي فرض على كل مصادر المعلومات بشأن الأحداث الدموية، و ذلك ليوقظ الرأي العام الفرنسي آنذاك اتجاه ما يجير في الجزائر وما يمارس من تقتيل في شوارع فرنسا في حد ذاتها.

الفيلم الذي يعتمد على التسجيلات الوثائقية والصور الفوتوغرافية و شهادات مسجلة مع المتظاهرين، تعرض لرقابة شديدة عليه كما و تعرض مخرجه إلى مضايقات عدة كما هددته العديد من الجهات الفرنسية بمقاضاته، و استمرت الرقابة سنوات من الزمن كان يصادر فيها الفيلم في كل مرة يتم عرضه، إلى غاية سنة 1973 أين أفرجت الرقابة عن الفيلم بعد مواقف السينمائي الفرنسي الكبير رونيه فوتيه الذي دخل في إضراب مفتوح تنديدا منه للرقابة المفروضة على فيلم " "أكتوبر في باريس" .

بعد عملها "8 ماي 1945،الوجه الآخر" تقدم المخرجة ذات الأصول الجزائرية ياسمينة عدي هذا العام فيلمها "هنا أغرقنا الجزائريين" الذي تعتمد فيه صاحبنه على شهادات من مازال حيا من شهود تلك المذبحة وأهالي الشهداء، إضافة إلى الأرشيف وكل ما كتب وقيل عن تلك الفترة...

كما سيحضر فيلم "الليل الأسود 17 أكتوبر 1961 للمخرج "ألان تاسما" ، و الذي وقع السيناريو الخاص به السيناريست باتريك روتمان، هذا الفيلم الذي يعيد بناء الأحداث منذ بداية التوتر بين الشرطة والمهاجرين، و كيف تصاعدت الأحداث التي انفجرت في الـ 17اكتوبر. حتى يصل العمل إلى رصد مصير كل شخصياته من الصحفي سابين الصحفي، و ناتالي حاملة الحقائب، مارتن الشرطي الشاب الذي لا التزام سياسي له، بيار الشرطي النقابي، طارق العامل الليل غير المناضل، ابن أخيه عبدو الطالب في دورات الدروس المسائية، علي سعيد عضو جبهة التحرير الوطني ، موريس منسق اتحاد جبهة التحرير الوطني في فرنسا. إضافة إلى شخصية المحافظ موريس بابون الذي أعطى أوامره بقتل العشرات من الجزائريين وإلقائهم في نهر السين.

بينما يتناول فيلم " 17 أكتوبر 1961.. التستر على مذبحة" للمخرج دانيال كوبفرستين جانب الإعلام الفرنسي و كيف تناول المجزرة ، حيث يرى صاحب العمل أن "ما قيل و كتب عن الأحداث كان بمثابة مهرجانا من الأخطاء و الأكاذيب".

لذلك وظفت الفيلم المنجز في 2001، لقطات أرشيفية دعمت بشهادات حية حول الموضوع تفسر الأسباب وراء إخفاء حقيقة هذه الجريمة، و تجيب على السؤال " ما الأسباب التي جعلت قادة دولة ديمقراطية يقولون: خبئوا خطورة مثل هذه الأحداث؟.

و يسلط فيلم "العيش في الجنة"، الذي أنجزه المخرج بوعلام جرجو في 1999 ، الضوء على جانب الاجتماعي للعائلات الجزائرية المغتربة في الستينات المنزوية في الأحياء القصديرية في الضواحي الفرنسية، من خلال عائلة جزائرية يحلم الأب بتحقيق أسباب العيش الكريم في فرنسا ، و ترغب الأم في العودة إلى أرض الوطن ، و لكن أحلامهم ستصطدم بوحشية البوليس الفرنسي في أكتوبر 1961.

في الوقت الذي يركز فيه "صمت النهر" 1991، لمهدي مهدي لعلاوي وآنيي دينيس على الجرائم التي ارتكبت و الأساليب التي اعتمدتها الشرطة الفرنسية في تقتيل المتظاهرين .

أدب فن في

22/09/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)