حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

Arte جسراً (سينمائياً) بين بيروت والعالم

على البرنامج «لشبونة» للراحل راوول رويز

يزن الأشقر

انطلق أمس في بيروت «أسبوع آرتي السينمائي» الذي تنظّمه «ميتروبوليس» مع المحطّة الألمانية ـــ الفرنسية المعروفة. فيلم «الشجرة» للفرنسية جولي بيرتوتشيلي، كان مستهلاً لبرنامج غنيّ يعكس مشاغل وقضايا اجتماعية وسياسية راهنة، عبر أفلام صفّقت لها مهرجانات العالم

تعود جمعية «متروبوليس» بالتعاون مع قناة Arte الألمانية ـــــ الفرنسية لإطلاق «أسبوع آرتي السينمائي» الثالث الذي ينظم كل سنتين، مقدّماً فرصة ثمينة للاطلاع على إنتاجات مهمّة شاركت المحطّة في انتاجها، وعرضت في مهرجانات عالمية مثل «كان» و«البندقية» و«برلين»... في صالة «متروبوليس أمبير صوفيل» إذاً، انطلقت أمس العروض مع «الشجرة» للمخرجة الفرنسية جولي بيرتوتشيلي (راجع الكادر أدناه).

يفتتح الفيلم برنامجاً منوّعاً سنشاهد خلاله، ابتداءً من هذا المساء، ثمانية أفلام مميّزة، بينها عرض خاص احتفاءً بالسينمائي التشيلي الراحل راوول رويز.

جميع الأفلام التي ستعرض ضمن البرنامج تحمل بصمات Arte، التي تطفئ هذا العام شمعتها العشرين. أنتجت المحطة الثقافية حتى الآن أكثر من 450 فيلماً، بينها عدد لا يحصى من الأسماء البارزة، مثل كين لوتش، ولارس فون تراير، وأنييس فاردا... وتواصل سنوياً إنتاج ما يقارب العشرين شريطاً، ويتوزع تركيزها على الاهتمام بالمخرجين الجدد والأفلام الفرنسية والعالمية.

الأفلام المعروضة تعد بالكثير. بعد شريط الافتتاح، يعرض اليوم الفيلم الكوميدي الفرنسي «كوباكابانا» (٢٠١٠ ـــ ١٠٧ د) الذي استضافه أسبوع النقاد في «مهرجان كان السينمائي الدولي». الشريط الذي أخرجه الفرنسي مارك فيتوسي، تؤدي فيه إيزابيل هوبير شخصية بابو، التي لا تكترث بمحيطها الاجتماعي ولا بمسؤولياتها، ما يؤثر في ابنتها، التي تخجل حتى من دعوتها إلى يوم زفافها. هكذا تقرّر بابو الانخراط في عمل جديد وتصحيح مسار حياتها.

يعرض أيضاً الفيلم الدرامي الألماني Stopped on Track (٢٠١١ــ ٩٥ د ـــــ ٢٠/ ٩، راجع الصفحة المواجهة) من إخراج أندرياس دريسين. العمل شارك في «كان» أيضاً، ضمن تظاهرة «نظرة ما»، وحاز جائزة «الكاميرا الذهبيّة» مناصفة مع «أريرانغ» للكوري كيم كي ـــــ دوك. يضعنا دريسين في تصوير قاسٍ أمام فرانك المصاب بورم دماغي ويخوض صراعه الأخير مع المرض. يرصد الفيلم كيفية تعامله وعائلته مع هذا الحدث المؤلم، في محاولة من المخرج لوضع المشاهد أمام مقاربة واقعية لأيامه الأخيرة.

يعدنا البرنامج أيضاً بالفيلم الإيطالي Corpo Celeste (٢٠١١ـــ ١٠٠ د ـــــ ٢١ /٩ ــ راجع الصفحة المواجهة) الذي عرض أيضاً في «كان». الشريط هو باكورة مخرجته السويسرية أليس روهرواشر. تتناول حبكته قصة مارتا ذات، الثلاثة عشر ربيعاً، التي تعود إلى الاستقرار في جنوب إيطاليا بعد سنوات من العيش في سويسرا، وصراعها الشخصي عند محاولة تأقلمها الجديدة.

يعرض أيضاً الفيلم الكوري «نهر تومان» (٢٠١٠ ــــ ٩٠ د ــــ ٢٢ /٩ ــــ راجع الصفحة المقابلة) لمخرجه زانغ لو. في هذا الشريط الدرامي، الذي يحتلّ فيه نهر تومان الحدودي البارد بين الصين وكوريا الشمالية محوراً رئيسياً، نرى قصة تشانغ ـــــ هو الطفل الصيني ذا الاثني عشر عاماً، الذي يصادق طفلاً كورياً يقطع النهر على نحو متواصل بحثاً عن الطعام. الشريط الذي عرض في «مهرجان برلين» سياسي بامتياز، يتناول العلاقات بين السكان في تلك المنطقة، ويلقي الضوء على واقع الفقر والهجرة من كوريا الشمالية إلى الصين.

يعرض أيضاً Tomboy (٢٠١١ـــ ٨٤ د ـــــ ٢٣/ ٩)، وهو الفيلم الروائي الثاني للفرنسية سيلين سياما. العمل الذي عرض أيضاً في «برلين» يدور حول لور، التي تبلغ عشر سنوات، وتنتقل مع عائلتها وأختها الصغيرة جيان إلى منطقة جديدة خارج باريس. وهنا تتعرّف إلى ليزا، التي تظن لور صبياً... وإذا بلور تمضي قدماً في تشكيل حياتها كصبي جديد في الحي والمدرسة. الجمهور على موعد مهم ومثير أيضاً مع شريط المخرج التشيلي راوول رويز، الذي رحل عن عالمنا منذ فترة، إذ يعرض شريطه الطويل «أسرار لشبونة» (٢٠١٠ ـــ ٢٦٦ د ـــــ ٢٤/ ٩) آخر أعمال رويز قبل أن يداهمه الموت، وهو يضع اللمسات الأخيرة على فيلم «الليل المقبل». «أسرار لشبونة»، الذي عرض أولاً كسلسلة تلفزيونية قصيرة، مقتبس عن رواية البرتغالي كاميلو كاستيلو برانكو. فيه يضعنا مايسترو السرد في متاهة مذهلة مع شخصيات فيلمه المتعددة، التي تبدو مرتبطة بيتيم يدعى بيدرو دا سيلفا، وينتقل بالمشاهد في رحلة غريبة متنقلة بين بلدان عدة في القرن التاسع عشر.

أما ختام التظاهرة، فسيكون مع الفيلم الفرنسي «دجاج بالخوخ» (٢٠١١ ـــ ٩١ د ــــ ٢٥ /٩) الذي يعود فيه ثنائي فيلم «برسيبوليس» مرجان ساترابي وفينسان بارونو إلى اقتباس سينمائي لرواية الفنانة الإيرانية الغرافيكية الشهيرة. الفيلم الذي عُرض في «مهرجان البندقية»، يدور في أواخر الخمسينيات وينقل الأيام الأخيرة لعازف التار الإيراني ناصر علي خان، الذي يفقد رغبته في الحياة بعد أن تكسر زوجته آلته الموسيقية، فيفقد إلهامه.

حصاد «آرتي» لن يخيّب هذا العام توقّعات جمهور محلّي متعطّش للأفلام النوعيّة. الأفلام تغطي مواضيع اجتماعية مختلفة من التأقلم والغربة ومعنى الوجود، إلى أسئلة سياسيّة راهنة. وبذلك، يضع «الأسبوع» بيروت في خضم الأسئلة التي تراود شاشات العالم وصانعيها.

«أسبوع آرتي السينمائي»: 8:00 مساءً حتى 25 أيلول (سبتمبر) الحالي ـــ صالة «متروبوليس أمبير صوفيل» (الأشرفية/ بيروت). للاستعلام: 01/204080 ـــ مواقيت عرض الأفلام قابلة للتغيير ــــ www.metropoliscinema.net

الأخبار اللبنانية في

19/09/2011

 

أشياء صغيرة قبل الموت

محطتان في «أسبوع آرتي»

روي ديب  

وقفة عند فيلمين لافتين في «متروبوليس»: Stopped on Track يتناول الأيام الأخيرة لمريض بالسرطان. و«نهر تومان» يحكي رحلة البحث عن الحريّة في قرية صغيرة بين كوريا والصين

يتواصل أسبوع ARTE مع عرض Stopped on Track (٢٠/ ٩) للمخرج الألماني أندرياس دريسين الحائز جائزة تظاهرة «نظرة ما» في «كان» الأخير. في إحدى لحظات الفيلم، تقول الطبيبة لسيمون بعد ليلة عانى فيها زوجها فرانك ألماً مريراً: «يجب أن تُبقي زوجك في البيت، لا ينفع أن تأخذيه إلى المستشفى. دعيه يموت بينكم، بهدوء وسلام، محاطاً بعائلته. دعي أولاده يرون أن الإنسان يموت ساكناً».

قدم أندرياس دريسين هذا الفيلم؛ لأنّها قليلة هي الأعمال التي غاصت في اللحظات التي تسبق الموت.

يكتشف فرانك (ميلان بيشيل) الأربعيني أنّه مصاب بورم خبيث، وأنّ أشهراً فقط تفصله عن الموت. يتلقف الخبر مع زوجته عند الطبيب. بداية مشحونة بكلام الطبيب، وكاميرا ثابتة لا تتحرك في صورتها سوى دمعة خفيّة تسقط من عين الزوجة سيمون (ستيفي كوهنرت). بداية فيلم درامي لا يحاول تلوين الأيام الأخيرة التي سيعيشها فرانك مع عائلته. نرافق العائلة في مشوارها: إطلاع الأولاد على حالة الأب، زيارة المرشدين النفسيين، محاولات الرحلات الترفيهية الفاشلة، العلاج الكيميائي، وحتى احتفالات عيد الميلاد، ورأس السنة، وصولاً إلى ساعة الموت.

يأخذنا دريسين إلى عالم حقيقي ممزوج بالألم والوحدة والحب والخوف من الموت. لا يحاول أن يسلي المشاهد. حتى في لحظات المزاح، تخيّم مرارة الموت. نرى فرانك مع زوجته عند منظّم الدفن، يختار موسيقى دفنه، ويطلب عزف ألبوم «الرجل الميت» لنيل يونغ كاملاً. لا مجال للحلم والهروب من حتميّة الموت من خلال الخيال السينمائي. لكن دريسين يعوّض عن هذا الهروب، بلحظات حب غنيّة، كتقبيل الزوجة، وممارسة الجنس رغم الوهن الجسدي، وملامسة وجه ابنه وهو يصوره.

ارتكز دريسين أيضاً على مشاهد يصورها فرانك طوال الفيلم من خلال الـ«iPhone». تقنيّة أغنت مشهديّة الشريط بفضل نوع الصورة الملتقطة من الـ«آي فون»، وما تحمله من بُعد حميميّ وخاص، عاكسةً نظرة المريض الشخصية إلى ما يجري حوله، كأن كاميراه تنطق بمونولوجه الداخلي. علماً بأنّ المخرج كان قد حدّد المشاهد والأحداث مع أُطر الشخصيات من دون كتابة سيناريو مفصّل للفيلم. بل عمل مع الممثلين على خلق النص والمشاهد خلال التصوير. واستعان بطاقم من الأطباء أدوا أدوارهم في الفيلم، ما أعطى هذه الصدقية المقنعة للحوارات.

كذلك، إن الممثلين الأربعة: الزوج والزوجة والولدين الاثنين، أجادوا تقديم دورهم بعيداً عن الكليشيهات. فيلم بقدر ما هو قادر على إبقاء الدمعة رطبة في أعيننا، يصالحنا مع الموت.

أما يوم الخميس ٢٢ الحالي، فننتقل إلى السينما الكورية مع فيلم «نهر تومان» (٢٠١٠) لمخرجه زانغ لو. تدور الأحداث في قرية صغيرة قريبة من نهر تومان الذي يفصل الصين عن كوريا الشمالية. تشهد هذه المنطقة هروب الكثير من الشبان إلى الصين من خلال عبور النهر المتجلد في الشتاء. يموت بعضهم، بينما ينجح آخرون في الوصول إلى القرية، ومنها إلى الصين. وغالباً ما يحاولون طلب مساعدة أهل القرية لحمايتهم من الشرطة. إلّا أن حوادث متكررة في هذه القرية، جعلت بعض الأهالي يلاحقون الفارين من كوريا الشمالية.

يطبع الإيقاع البطيء هذا الشريط الذي يعطي مساحة لطبيعة المكان، ونهره المتجلد من خلال مشهديّة يصغُر فيها الأفراد. الصمت السينمائيّ الحافل بالتوتر، يحتلّ حيزاً كبيراً في موسيقى «نهر تومان». يخلق روتيناً جميلاً لقريته، وتكراراً يمنحها هوية خاصة. قصص أهالي القرية البسيطة تتكرر وتتراكم: السكارى الواقفون على باب الحانة الصغيرة، المختار الذي يعلن بالمذياع كل خبر قد يعني الأهالي، الأغاني الخاصة بالقرية أو النهر كلما اجتمع اثنان أو أكثر، الصبية لا يخططون إلا للعب كرة القدم.

وبموازاة ذلك، نرى تكرار الهاربين فوق جليد نهر تومان... يلاعب زانغ لو كل هؤلاء ضمن سيمفونية بيضاء جميلة ملطخة بالجريمة.

الأخبار اللبنانية في

19/09/2011

 

هل من حياة بعد «شجرة» بيرتوتشيلي؟

روي ديب 

اختارت «صالة متروبوليس أمبير صوفيل» افتتاح أسبوع Arte بالفيلم الذي اختتم «مهرجان كان السينمائي». إنّه «الشجرة» (2010) للمخرجة الفرنسية جولي بيرتوتشيلي (1968). من المؤكد أنّ «الشجرة» ليس أفضل ما أنتجته القناة الألمانية ـــــ الفرنسية في الآونة، لكن قد يكون اختيار المنظمين لهذا الفيلم كشريط افتتاح بسبب الممثلة الفرنسية شارلوت غينسبور، التي تؤدي دور البطولة فيه، وخصوصاً أنّها صارت إحدى أبرز الممثلات الفرنسيات، بعدما نالت جائزة أفضل ممثلة في «مهرجان كان» 2009 عن دورها في Antichrist للارس فون تراير. هنا، تعيش غينسبور حداداً على زوجها بدلاً من ابنها، لكن هذه المرة ضمن شريط ذي نفحة هوليوودية بامتياز.

نقلت بيرتوتشيلي كتابةً وإخراجاً إلى الشاشة الكبيرة رواية «أبانا الذي في الشجرة» للكاتبة الأسترالية جودي بسكو. تفقد داون (غينسبور) زوجها على نحو مفاجئ، لتجد نفسها وحيدة مع أربعة أولاد في بيتها في كوينزلاند في أستراليا. تسأل سيمون (مورغانا دافيس) طفلة في الثامنة من عمرها عن سبب عدم بكاء أحد في عزاء أبيها، فتجيبها صديقتها: «الناس لا يبكون عندما يكونون فعلاً حزينين».

سيمون سوف تجد عزاءها في الشجرة الكبيرة أمام البيت، لتقتنع بأنّ أباها يعيش فيها. تجر أمها في إحدى الليالي إلى الشجرة للاستماع إلى صوت أبيها. تجاريها الأم في بادئ الأمر، لكنها رويداً رويداً تبدأ بالاقتناع هي أيضاً بالفكرة، إلى أن أصبحت الشجرة ملجأ الاثنتين وسرهما.

العنصر «الهوليوودي» يدخل على الحبكة عندما يظهر الشاب الوسيم جورج (مارتون كسوكاس) في البلدة، وتبدأ داون العمل عنده في محل للأدوات الصحية. يغرمان بعضهما ببعض، وترفض الابنة سيمون ظهور ذاك الرجل الغريب في حياة أمها والسماح له بأخذ مكان أبيها. تبدأ بملاحقة أمها، ومنعها من الاقتراب منه، وترفض زياراته... تعيش الأم صراع حب جديد مع تأنيب ضمير، إذ لم تنقض سنة بعد على وفاة زوجها الذي أحبته. هل تختار العيش مع الأحياء أم الأموات؟ هل تفضل عشيقها الجديد على ابنتها؟ والشجرة، محور الفيلم، والملجأ الآمن الوحيد ضمن هذا الصراع، راحت تمتد جذورها لتمثّل خطراً على أساسات البيت. ماذا تفعل؟ أتقتلع الشجرة، وذاكرة زوجها؟ أسئلة لا تحمل أي جديد في معالجتها السينمائية لأزمة الإنسان الأزلية: الموت. أسئلة طرحها عدد كبير من المخرجين في قوالب عدة، لكن المخرجة بيرتوتشيلي لم تقدم سوى فيلم رومانسي حزين ضمن قالب الحداد. يبكينا لأننا نعلم جيداً أن لا مكان لمعالجة مماثلة للمشاكل سوى في أفلام من هذا النوع.

الأخبار اللبنانية في

19/09/2011

 

سينما المرأة | في «بلاد العبث»...

محمد الخضيري / سلا (المغرب) 

بعد الجدل الذي أثاره فيلم «نبع النساء» لرادو ميهيلانو خلال «مهرجان كان السينمائي» (2011)، سيفتتح «المهرجان الدولي لفيلم المرأة في سلا» المغربية، دورته الخامسة بالشريط الإشكالي. المهرجان الذي ينطلق اليوم، يقدّم فيلم المخرج الروماني الفرنسي الذي سيطرح رسمياً في الصالات المحلية في الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر).

يحكي الشريط قصة نساء في قرية تقع في شمال أفريقيا يمتنعن عن الجنس لإجبار أزواجهن على جلب المياه بأنفسهم بدل الاكتفاء بالعطالة، وإجبار النساء على ذلك. وقد احتجّ نقاد مغاربة على مضمون الفيلم، وخصوصاً أنّ مخرجه من أصول يهودية، استقر في إسرائيل وقد تعكس أفلامه نظرة خاطئة إلى واقعنا.

أبرز الانتقادات كانت من الناقد المغربي حسن بنشليخة الذي كتب مقالاً، اتّهم فيه العمل بأنّه اقتباس كلي من الفيلم الألماني Absurdistan «بلاد العبث» (٢٠٠٨). ويأتي ذلك ليناقض تصريحات رادو ميهيلانو السابقة بأنّه استمدّ حبكة فيلمه من قصة واقعية وقعت في بداية الألفية الثانية في قرية تركية. ميهايلينو الذي صوّر فيلمه في المغرب في نهاية ٢٠١٠، وصل به الأمر إلى استغلال «الربيع العربي»، مشيراً إلى أنّ «نبع النساء» يمثل روح الثورات العربية. حتى إنّ بعض النقاد الذين كانوا موجودين في «كان» رأوا أنّ فيلمه يبسّط الحياة العربية حتى السذاجة. لكن يبدو أن إدارة المهرجان المغربي لم تنتبه لكل هذه الملاحظات؛ إذ برمجت الشريط في افتتاح التظاهرة.

وبعيداً عن الجدل الذي قد يثيره «نبع النساء»، سيشهد مهرجان سلا الذي يعنى بأفلام ذات مواضيع تتعلّق بالمرأة، مشاركة ١٤ فيلماً في مسابقته الرسمية، وسيحتفي أيضاً بسينما دول جنوب الصحراء عبر تقديم أفلام من دول أفريقية مختلفة. أما لجنة التحكيم التي ترأسها الممثلة والكاتبة الكندية لويز بورتال، فستكون نسائية مئة بالمئة وتضم في عضويتها هالة صدقي، مورين مازوريك (إنكلترا) والصحافية والناقدة السينمائية أومي ندور (السنغال) والمخرجة مريم خاكيبور (إيران) والمخرجة والمنتجة السينمائية لوسيل هادزيها ليلوفيتش (فرنسا) والمخرجة ليلى التريكي (المغرب).

«المهرجان الدولي لفيلم المرأة في سلا»: من 19 حتى 24 أيلول (سبتمبر) ــــ للاستعلام: 00212661228914 ــ www.fiffs.ma

الأخبار اللبنانية في

19/09/2011

 

«يهوذا المكابي» لمل غيبسون بعد «آلام المسيح»

المتّهم بمعاداة السامية ينبش التاريخ اليهودي

جنان جمعاوي 

قد لا يختلف اثنان على «مهارة» مل غيبسون في التمثيل، أو حتى في الإخراج. قد لا يتّفقان على «الإعجاب به»، أو «بالعنف» في أفلامه. لكن لا جدل، ربما، حول «مهارة» الرجل و«حرفيته». غيبسون يعود مجدّداً، مثيراً سجالاً جديداً، بسبب فيلم يجسّد حياة يهوذا المكابي، الذي يُعتبر من الشخصيات البارزة في التاريخ اليهودي. فقد أكّد المتحدّث باسمه لصحيفة «لوس أنجلوس تايمز» هذا الخبر، بقوله إن شركة مل غيبسون «آيكون بروداكشنس» ستُنتج، بالتعاون مع استوديو «وارنر براذرز»، فيلماً يجسّد حياة المكابي، من دون أن يؤدّي غيبسون دوراً فيه، لكن ربما يتولّى إخراجه. أما النصّ، فيكتبه جو ايستيراس، الذي كتب سيناريو فيلم «غريزة أساسية» (1992) لبول فيرهوفان. مع إعلان الخبر هذا، قامت قيامة بعض اليهود في الولايات المتحدة الأميركية، وخرجت أصوات تطالب الشركة المنتجة بعدم التعاون مع غيبسون، بسبب تصريحاته «المعادية للسامية».

من هو يهوذا المكابي؟

إنه يهوذا بن ماتاثياس بن يوحنان بن شمعون بن حشمون (160 قبل الميلاد)، من مدينة «مُدين»، ومن عائلة يهويريب، أو ما يعرف في النصوص العبرية القديمة بالحشمونيين، إحدى أربع وعشرين عائلة من الكاهنيين بني هارون. في ذلك الوقت، كان اليهود خاضعين لإمبراطورية السلوقيين، التي تشكّلت خارج إمبراطورية الإسكندر الأكبر. أراد ملك سلوقية، أنطيوخوس الرابع ويدعى إيبيفانيس، من الشعوب الخاضعة لحكمه تبنِّي الثقافة والعادات الإغريقية، فأمر بمنع تطبيق القانون اليهودي، وتدمير نسخ من ذلك القانون. استجاب لرغبته يهود كثيرون، ورفض آخرون كثيرون أيضاً، ومنهم من دفع حياته ثمناً لرفضه تقديم الولاء والطاعة. كان والد يهوذا القسيس ماتاثياس، أحد الذين بادروا للانتفاض ضد هيمنة السلوقيين. وقبيل وفاته في العام 166 قبل الميلاد، أوصى ماتاثياس بالقيادة إلى يهوذا، ابنه الثالث، الذي حقّق انتصارات عدّة. لكن السلوقيين استهانوا، بداية، بهم، فأرسلوا لهم قوّة محدودة لتأديبهم، فهُزموا على أيدي المكابيين، مرّة تلو أخرى.

يروي سفر المكابيين من العهد القديم من الكتاب المقدّس فصول العنف الذي مارسه أنطيوخوس لإخضاع الثورة، وكيف استخدم «اليهود المتأغرقين»، الذين باتوا «هدفاً للثوار»، العنف في الدفاع عن أنفسهم، حيث أراقوا الدماء في الهيكل وحوله. مع ذلك، تمكّن يهوذا المكابي من إحراز انتصارات كثيرة عبر الهجمات الليلية، فاتحاً الطريق أمام المكابيين للإستيلاء على «أورشليم»، باستثناء حصن أكرا (عكرة). عندها، قام «الأتقياء» بهدم هياكل الأوثان، و«استردوا سلطان الناموس»، وهو ما سُمي بـ«عيد التجديد»، أو ما يُعرف يهودياً بعيد الـ«هانوكا» أو «الأنوار»، كعيد قومي يهودي. توفّي يهوذا في إحدى المعارك في العام 160 قبل الميلاد، وواصل شقيقاه جوناثان وسايمون مسيرته.

ماذا فعل غيبسون؟

تعود قصّة العداء اليهودي لمل غيبسون (55 عاماً) إلى العام 2004، عندما أخرج بطل فيلم «القلب الشجاع» (1995) فيلم «آلام المسيح»، الذي أدانته جماعات يهودية باعتباره يُساهم في إذكاء المشاعر المعادية للسامية، نتيجة لوم اليهود على وفاة المسيح، بحسب رواية الفيلم. في العام 2006، أوقفت الشرطة الممثل والمخرج الأسترالي بينما كان يقود سيارته تحت تأثير الكحول، وقال صارخاً في وجه الشرطيّ ما اعتُبِر معادياً للسامية، إذ اتّهم اليهود بمسؤوليتهم عن حروب العالم كلّها، و«شروره». يومها، كانت الحرب الإسرائيلية الوحشية على لبنان على أشدّها. هناك تقارير تحدّثت عن أن اليهود فرضوا حصاراً على الممثل الشهير، الحائز على جائزتي «أوسكار» في فئتي أفضل فيلم وأفضل إخراج (قلب شجاع)، فتأثّرت أعماله بشكل كبير بعد «آلام المسيح»، ولم يتلقَّ عروضاً كثيرة من الشركات الصانعة للأفلام، بعد أن كانت تعرض عليه عشرة أفلام في كل عام، محقِّقاً أرباحاً تصل إلى تسعة وثلاثين مليون دولار أميركي سنوياً.

الإدانة اليهودية

فور الإعلان عن عمل «المكابي»، رأت «رابطة مكافحة التشهير» (منظمة يهودية تحارب ما تسمّيه «معاداة السامية»)، أنه «سيكون مثيراً للسخرية سرد قصّة المكابي من قِبَل شخص لا احترام لديه، ولا حساسية حيال الآراء الدينية للآخرين». وذكرت الرابطة أنه «لا نزال نعتقد بقوّة أنه يتعيّن على شركة «وارنر براذرز» إعادة النظر في مشاركة غيبسون في هذا المشروع». أما الحاخام مارفين هير (مركز «سيمون فيزنتال»)، فقال للشبكة التلفزيونية «سي. أن. أن.» أنه يعتقد بصراحة أن (مشاركة غيبسون) «منافية للعقل»، مضيفاً أن «يهوذا المكابي واحدٌ من أعظم الأبطال في التاريخ اليهودي. مل غيبسون معاد للسامية. قال ذلك علناً في السابق. أنا لا أعرف كيف تفكّر وارنر براذرز». إن إسناد دور في فيلم عن يهوذا المكابي إلى مل غيبسون، يشبه إسناد دور رئيس لجنة البورصة والأوراق المالية لبيرني مادوف».
من جهته، وصف «الاتحاد الأميركي للناجين من المحرقة وأولادهم» خيار شركة «وارنر براذرز» بأنه «خطأ في الحكم، وتعبير عن اللامبالاة حيال الكفاح ضد الكراهية والتعصّب». تابع الاتحاد في بيان صادر عنه أن «الناجين من المحرقة مذعورون لفكرة أن استديو هوليوودي سيُشارك غيبسون في عمله المهين لضحايا معاداة السامية جميعهم».

هل سيردّ غيبسون؟

ليس واضحاً ماذا سيكون ردّ مل غيبسون على هذه الحملة اليهودية المغرضة. هل يتجاهلها ويمضي في العمل، أم يذعن ويتراجع؟ الرجل «مُعجَبٌ» بقصّة المكابي، لما فيها من صُوَر «سينمائية». هكذا قال في حوار نشرته مجلة «ذا أطلانتيك» قبل أعوام عدّة، وتحديداً للصحافي الأميركي المتعصّب لإسرائيل جيفري غولدبرغ، الذي يقوم حالياً بكتابة سيرة المكابي. حينها، قال غيبسون: «قرأت قصّة (المكابي) عندما كنتُ مراهقاً. كانت مذهلة. واجه (المكابي) صعوبات من أجل قضية آمن بها. يا إلهي، الجيوش التي واجهوها كانت تعتمد على الفيلة. كم إنها سينمائية تلك المشاهد».

لدى سؤاله عن تصريحاته التي وجدها اليهود معادية لإسرائيل، وهلّل العرب لها، خصوصاً تصريحه أثناء عدوان تموز 2006، أجاب غيبسون: «كنتُ محقوناً جدا». في ذلك اليوم، حين أدلى بتصريحاته تلك، «كانوا يتوغّلون في عمق لبنان. كنتُ محقوناً. تفوّهت بترّهات». لم يصدّق غولدبرغ أن غيبسون نادم عن تصريحاته فعلاً، وإلاّ لكان لفظ كلمة «الإسرئيليين» بدلاً من الإشارة إليهم بـ«واو الجماعة».
أيا يكن جوابه، فإن الرجل يحصد «دعاية مجانية» لفيلمه المقبل. أما تصريحاته التي انتصر فيها للّبنانيين، فقد سجّلها التاريخ.

الأخبار اللبنانية في

19/09/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)