حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

الطاهر وطار ... آخر الكلام

رصد للجانب الإنساني، استرجاع لشريط الذكريات و استحضار لآخر اللحظات

ضاوية خليفة 

بحضور عدد من الأسماء الأدبية، الوجوه السينمائية و جمع من الصحفيين قدم الإعلامي و المخرج الجزائري محمد الزاوي باكورة عمله الوثائقي الجديد الموسوم ب'' الطاهر وطار آخر الكلام '' و الذي خصصه و أهداه إلى الأب الروحي للأدب الجزائري '' الطاهر وطار '' إذ تم  عرضه لأول مرة بفضاء "ألف نيوز و نيوز" التابع لجريدة "الجزائر نيوز"، حيث انفردت كاميرا المخرج بنقل اللحظات الحميمية والمحطات الأخيرة لفقيد الأدب و الرواية الجزائرية في يومين من جملة عشرة أيام قضاها وطار في بيت محمد الزاوي في إحدى ضواحي العاصمة الفرنسية باريس أثناء فترة علاجه .

في ساعة وعشرين دقيقة رصد مخرج العمل الجانب الخفي لهذه الشخصية المثيرة للجدل مستحضرا في ذلك أحاديث صاحب رواية الزلزال المرتبط وجدانيا بالأرض والوطن.. الأحاديث المليئة بروح الدعابة والعفوية والممزوجة بمقاطع غنائية كان يعشقها وطار وبين الفينة والأخرى كان يغنيها ويؤديها

'' عندما توقد شمعة فأنت تأكل من الشمع ''

عبارة ترجمت أفكار ورؤى وطار وكلمات اتخذها المخرج مدخلا لعمله الذي أشاد به الكثير لإماطته اللثام على جانب لا يعرفه سوى المقربين منه، لهذا جاء الاشتغال والتركيز أكثر على عدد من الشهادات لأقلام أدبية وأصوات شعرية وإعلامية جزائرية وعربية وأجنبية كالكاتب المصري جمال الغيطاني الذي كانت تربطه صداقة قوية بصاحب رواية اللاز و كذا عدد من شعراء و أدباء الجزائر كأحمد منور، عزالدين ميهوبي، جمال فوغالي، واسيني لعرج، عمر أزراج وآخرين إلى جانب أفراد من عائلته، شهادات نوهت بمناقب وحنكة الراحل و أشادت بالقامة الأدبية والرصيد الفكري للرجل الذي لم يظهر يوما آلامه الداخلية بل ظل قلمه يخفي تلك الأوجاع ويقاوم أعراض المرض لاعتقاده الكبير ''بأن الزمن ذاتي وزمنه ملك له'' فمنهم من وصف وطار بالصريح والمباشر في كلامه ومنهم من استعرض بعض مواقفه الجادة والمرحة في نفس الوقت وآخر استحضر إسهاماته اللامتناهية في الفكر والأدب والإعلام وتسييره الناجح للعديد من المؤسسات الإعلامية أو الثقافية التي عين على رأسها ليكون الإجماع في الأخير على أن الطاهر وطار كان إنسانا سخيا ورجل مبادئ وظل إلى آخر أيامه موصولا بوطنه وبكل المراحل التاريخية التي عاشتها الجزائر فبعدما عرف الاستعمار والاستقلال تعايش مع كل المراحل الجوهرية التي مرت بها البلاد.

ولكي تكتمل الصورة في ذهن المشاهد اتجه مخرج الشريط الوثائقي لتصوير بعض المشاهد المصاحبة والمرافقة لشهادات العائلة إلى مسقط رأس عمي الطاهر كما يحلو للكثير مناداته أين تحدث الفقيد وابن الريف الأصيل عن علاقته بذاك المكان والمليء بالذكريات وامتزجت شهادة أهله وأقاربه بذكريات الأخ، العم، المجاهد و الأديب صاحب المواقف الثابتة أين تعرف المشاهد على الراحل عن قرب ومن منظور عائلته الأولى والحقيقية .   

 و عقب عرض وثائقي ''الطاهر وطار آخر الكلام" أكد المخرج محمد الزاوي ''أن انجاز هذا العمل لم يكن مخططا له بل كان صدفة وبدأ ذلك بمجرد تشغيلي لآلة التصوير الخاصة بي والتي أحملها معي إلى كل وجهة أكون موليها تحسبا لمثل هذه الصدف والمناسبات - يضيف الزاوي- وكان هذا خلال العشر أيام التي قضاها في بيتي بفرنسا أثناء خضوعه للعلاج، في ظروف حساسة ووضعية حرجة ومرحلة متقدمة من المرض، حينها تركت عمي الطاهر يعبر عن رأيه و يحكي عن نفسه بكل عفوية و تلقائية و يسرد ماضيه '' .

وكما بدا للمشاهد فان العمل شكل سيرة ذاتية خالصة فيها الكثير من الحميمية، التلقائية والعفوية وهنا كانت قوة الشريط الغني بالشهادات أو التدخلات الحصرية لعمي الطاهر، والتي غطت إلى حد ما ضعف الجانب التقني وفي هذا الصدد قال المخرج  ''هذا العمل وجدت فيه صعوبة كبيرة و قد لاحظ الكثير أنه لم يكن احترافيا مائة بالمائة لأني أنجزته لنفسي واحتفظت به كوثيقة و ذكرى من عمي الطاهر فضلا على ذلك أنا من قمت بالتصوير والإخراج والتركيب، مع العلم أني صحفي وتنقصني الخبرة في المجالات المذكورة إلا أني استنجدت ببعض الأصدقاء كل في مجاله وبالتالي افتقار الفيلم - الذي أنجزته من مالي الخاص - إلى رؤية فنية و تقنية عالية كان لهذه الأسباب '' .

وخلال النقاش الذي فتح بعد عرض الفيلم تحدث المخرج عن العلاقة التي كانت تربطه بالطاهر وطار الأديب والتي تعود إلى أواخر السبعينيات، أوائل الثمانينات عندما ترجم وحول روايته - الزلزال - إلى عمل مسرحي كان قد قدمه في تلك الفترة بينما علاقته بعمي الطاهر الإنسان بدأت قبل انجاز هذا العمل وفي ذات السياق يضيف قائلا ''أول مرة أنجزت فيها تقريرا أو موضوعا عن الطاهر وطار كان لصالح فضائية عربية كنت أشتغل معها كمراسل من باريس، هذا التقرير مكنني من التعرف أكثر على شخصية هذا الكاتب المبدع الذي كنت أعرفها من بعيد فقط إلى أن اكتشفت الجانب الإنساني له ومن ثم أصبحت العلاقة أكثر قربا ومتانة بيني وبين عمي الطاهر الذي لا يمر يوم إلا وأكتشف فيه أجمل الخصال واستخلصت من حديثه أنبل الدروس والعبر في الوطنية والإنسانية فمن المواقف التي يمكن ذكرها تواصله الدائم واليومي مع الجزائر فرغم المرض إلا أنه ظل منشغل البال بما يحدث وكان يجري اتصالات يومية للاطلاع على جديد الجمعية الثقافية الجاحظية التي أسسها سنة 1989 ويعتبرها إرثا لكل منتمي إليها ولكل أديب

'' أنا عربي حضاريا و أمازيغي عرقيا ''

هي إحدى المبادئ التي يؤمن بها والنقاط التي أثارها وطار خلال الفيلم فقد ظهر في كثير من الأحيان مدافعا عن لغة القرآن الكريم اللغة التي يكتب بها وفخورا بانتمائه العربي الأمازيغي، و بين هذا وذاك راح يقول '' أنا التراث '' كلمة قالها مرة ورسخها في الأذهان آلاف المرات الشهداء يعودون هذا الأسبوع '' كان مناضلا وفيا لشعبه ولتراثه وتجلى هذا في صورتين، الأغاني التي كان يرددها والنمط المعيشي الذي كان يعيشه في قريته - مدوروش - الواقعة بولاية سوق أهراس.

كما توقف الوثائقي عند أزمة مصر والجزائر الكروية وتفاعله مع الأحداث، حيث أظهر المخرج تعاطي صاحب ''اللاز'' مع الأزمة من خلال شهادة الكاتب المصري جمال الغيطاني الذي أورد قائلا ''اتصل بي الطاهر وطار وكان شديد الانفعال و استغرب الهجوم الذي تشنه بعض القنوات المصرية على الجزائر وتطاولها على الشهداء'' فراح الغيطاني يطمئنه بأنه من سابع المستحيلات أن تزول علاقة البلدين الشقيقين لأجل مباراة كرة قدم وأن ما حصل ليس سوى غمامة سوداء من صنع بعض الجهلة '' . 

''يوم مشيت في جنازتي و مشى الناس''

ختام وثائقي ''الطاهر وطار آخر الكلام'' كان بمشهد مؤثر فمن لم ير عمي الطاهر وهو يصارع الموت بصمت وقوة تحقق له أكثر من ذلك فقد حمل هذا العمل أمانيه الأخيرة وهي أن تأخذ الموت روحه وهو نائم مستلقي في سريره وقابلت الأمنية الحلم الذي أعلن نهاية العمل، حلم في جوهره رسالة للعالم أن تحيى البشرية بلا ظلم ... فهل للأماني والأحلام أن تتحقق لمن تمنى يوما أن يموت كالشهداء وكان لبارئه أن استجاب لدعوته برحيله في شهر رمضان...

و بلوعة الشوق وفرحة اللقاء بعد الفراق عادت القامة الأدبية إلى معانقة أرض الوطن، فرحة لم تخفها أعين و ملامح الرجل الذي نقل هموم المواطن البسيط وشرف الثقافة الجزائرية وحافظ على بريقها فسجله شاهد على ذلك ولا يزال يحتفظ بجائزة مؤسسة سلطان بن على العويس الثقافية وجائزة الشارقة للثقافة العربية التي تمنحها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو.

ومن لم يجرؤ يوما على مواجهة الموت فإن الطاهر وطار يرى في الموت تجربة وحالة فنية فهو الذي سبق وأن تجول في العشرية السوداء بأخطر المناطق بحثا عما يسمى بالإرهاب لتجاوز هذا الجدار ومواجهة الموت، ففي الوقت الذي كان يتحدث الأطباء عن موت أكيد كان عمي الطاهر وهو على فراش الموت يحرر ويؤلف آخر عناقيده التي ترك بها نبراسه مع '' قصيدة في التذلل '' وبها مسك الختام ... 

'' عندما أكتب أنسى نفسي ... أكون في حالة لا وعي لأني ألقي بنفسي في عالم الرواية التي أنا بصدد تحريرها... ''

ولكي تكتمل صورة فقيد الأدب والإنسانية سيخصص المخرج محمد الزاوي الجزء ثاني للزخم الأدبي الكبير للطاهر وطار أين سيسلط الضوء على إسهامات الرجل الفكرية والرصيد الأدبي الهائل الذي خلفه  صاحب الزلزال و محرك شخصيات اللاز وسيكون مدعم أيضا بشهادات حية .

و في سياق آخر كشف المخرج محمد الزاوي عن مشروع سينمائي جديد وهو فيلم وثائقي يشتغل عليه ويوشك على الانتهاء منه حول عودة سجين جزائري إلى زنزانته بفرنسا ويتعلق الأمر بمصطفى بودية رئيس جمعية المحكوم عليهم بالإعدام حاليا وحسب ما أكده للجزيرة الوثائقية فان مرحلة التصوير قد انتهت والعمل هذا أيضا كان صدفة والفكرة بدأت تتضح عندما التقيت بمصطفى بودية بفرنسا أثناء حضوره للمشاركة في إحدى النشاطات حول 17 أكتوبر 1961 بمدينة ليون الفرنسية فانا لا أريد أن العمل على السطحيات بل أريد أن ألامس الأعماق لان التاريخ يتطلب منا التعمق في جملة الأحداث .

الجزيرة الوثائقية في

06/09/2011

 

عرض فيلم وثائقي ممنوع لكين لوتش

يوسف يلدا من سيدني:  

عرض المخرج الإنكليزي الشهير كين لوتش، الإسبوع الماضي، في لندن، الفيلم الوثائقي الممنوع منذ عام 1969، لما إحتواه من نقد قاسٍ للمنظمة الخيرية "إنقاذ الأطفال". وتم عرض الشريط الوثائقي، المثير للجدل، ضمن دورة أرشيف الأفلام البريطانية، المخصصة للمخرج السينمائي، البالغ 75 عاماً، والمعروف بمواقفه الملتزمة تجاة القضايا السياسية، وللإحتفال بمناسبة مرور 50 عاماً على مسيرته الفنية في السينما والتلفزيون.

الفيلم الوثائقي "إنقاذ الأطفال"، الذي صوره لوتش بكاميرا من مقاس 16 ملم، في المملكة المتحدة وكينيا، جاء بتكليف من المنظمة الخيرية التي تحمل إسم الفيلم ذاته، والتي تعنى بشؤون الأطفال، للإحتفال بالذكرى الخمسين على تأسيسها. ويلقي لوتش، في فيلمه هذا، الضوء على السياسات العنصرية والطبقية والخيرية في المجتمع الرأسمالي، من خلال أصوات العمال المنتسبين الى هذه المنظمة، والأطفال المتورطين في مشاريعها.

وتعود بدايات المشكلة الى الجزء الذي أثار حفيظة المنظمة، في الفيلم الوثائقي ذاك، قبل 42 سنة، حين توجه لوتش الى كينيا لتسليط الضوء على كلية تابعة لمنظمة "إنقاذ الأطفال" في نيروبي "كينيا"، حيث كانت تفرض شروطا صارمة لمعايير السلوك، مأخوذة من المدارس البريطانية الخاصة. إذ يصوّر الفيلم مجموعة من النشطاء، تقوم بتوجيه إنتقاداتها للأفكار الإستعمارية المطروحة في برامج التعليم، في المركز المذكور، حيث يمنع على الطلاب التحدث بلغتهم الأم، أيضاً.

وكما يبدو، أن الإنتقادات الموجهة للمنظمة لم تعجب القائمين بها، وهي التي أشرفت وقامت بتمويل الفيلم، مما دفعها الى أن تقرر منعه، وإيقاف عرضه من خلال المحاكم، ولكنها فشلت في تدمير النسخة الأصلية منه. وإستطاع مخرج الفيلم كين لوتش من الحصول على موافقة القاضي للإبقاء على نسخة من الفيلم، على أن يتم حفظها في "أرشيف الأفلام البريطانية"، على شرط عدم عرضها، إلاّ بموافقة منظمة "إنقاذ الأطفال".

وقد طلبت الجهة المشرفة على الدورة الخاصة بالمخرج المعروف، الحاصل على جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي، عام 2006 عن فيلمه "الرياح التي تهز الشعير"، من مركز "أرشيف الأفلام البريطانية"، الإتصال بالمنظمة الخيرية، والتي سمحت، بدورها، بعرض الفيلم.

ولد كينيث "كين" لوتش في 17 حزيران 1936 في ووروكشاير ببريطانيا. إشتهر كمخرج سينمائي وتلفزيوني، وعُرف عنه إسلوبه الواقعي - الإجتماعي، وميوله الإشتراكية، لإنتمائه للتروتيسكية. ويعد الوريث الشرعي، الذي لا يقبل الشك، للسينما الواقعية في أوربا، والسينما المستقلة، المعروفة بواقعيتها، وبتباين أفكارها الإجتماعية، وبإنتقادها للبرجوازية، وإقترابها من المهمشين في المجتمع. وآخر فيلم إضطلع بمهمة إخراجه كان "روت آيرش – الطريق الإيرلندية" في عام 2010، الذي يتحدث عن معاناة الشعب العراقي، جراء الحرب التي شُنّت ضدّه.

ibrahimyousif@hotmail.com

إيلاف في

06/09/2011

 

مايكل مور:

ينتهي انحدار أميركا عندما نطالب بانتهائه 

قبل شهر، وجّه السينمائي الأميركي الإشكالي رسالة إلى مواطنيه، محمّلاً إيّاهم مسؤوليّة انهيار الطبقة الوسطى في بلادهم

أيها الأصدقاء، من وقت إلى آخر، يسألني شخص دون الثلاثين: «متى بدأ كل هذا؟ متى بدأ انحدار أميركا؟». قالوا إنّهم سمعوا عن زمن كان فيه المواطنون العاملون يربّون أسرة ويرسلون أولادهم إلى الجامعة بالاعتماد على دخل أحد الوالدين فقط (وأنّ الجامعات في ولايات مثل كاليفورنيا ونيويورك كانت مجانية). سمعوا بأنّ من أراد عملاً كريماً، حصل عليه، وأنّ الناس كانوا يعملون خمسة أيام في الأسبوع، ثماني ساعات يومياً، ويحصلون على عطلة نهاية أسبوع كاملة وعلى عطلة مدفوعة الأجر كل صيف.

عن وقت كانت فيه الوظائف مدعومة من اتحادات، بدءاً من المتسول عند متجر البقالة إلى العامل الذي يطلي منزلك. وهذا يعني أنّه مهما تدنت مكانة مصدر دخلك، فذلك ليس مهماً ما دمت تملك ضمانات التقاعد والزيادات والتأمين الصحي وأشخاصاً يقفون إلى جانبك عندما تتعرّض للظلم.

سمع الشباب بهذا الزمن الخرافي، لكنّه لم يكن خرافة، كان حقيقة. وعندما يسألون «متى انتهى كل هذا؟». أجيبهم: «انتهى في الخامس من آب (أغسطس) 1981». في هذا التاريخ ومنذ ثلاثين عاماً، قررت كل من الشركات الكبرى والجناح اليميني أن «الانخراط في المشروع»، والتحقق من إمكان تدمير الطبقة الوسطى بغية زيادة ثروات هؤلاء... وقد نجحا.

في الخامس من آب 1981، طرد الرئيس رونالد ريغان كل أعضاء اتحاد مراقبي النقل الجوي (PATCO) الذين عصوا أوامره بالعودة إلى العمل، وأعلن أنّ اتحادهم غير شرعي، رغم أنّ إضرابهم لم يتجاوز اليومين. كانت حركة جريئة وصفيقة لم يقدم عليها أحد من قبل. وما زادها جرأة أنّ اتحاد PATCO كان من بين ثلاث نقابات دعمت حملة ريغان إلى البيت الأبيض! وهذا ما هزّ العمال في أنحاء البلد... إن فعل هذا بمن يدعمونه، فما الذي سيفعله بنا؟

كان ريغان مدعوماً من جماعة وول ستريت في ترشّحه إلى البيت الأبيض. وقد أرادوا بالتعاون مع التيار اليميني المسيحي أن يعيدوا هيكلة أميركا، ويعودوا بالمد الذي بدأه الرئيس فرانكلين روزفلت إلى الوراء. مدّ أراد منه الرئيس روزفلت تحسين مستوى معيشة العامل العادي. كره الأثرياء دفع رواتب أفضل ومنح مزايا، وكرهوا أكثر دفع الضرائب. كانوا يبغضون الاتحادات، وقد كره التيار اليميني المسيحي أي شيء يبدو مثل الشيوعية أو مساعدة الأقليات والنساء. وعد ريغان بالقضاء على كل هذا. ولهذا عندما أضرب مراقبو النقل الجوي، استغل الفرصة بالقضاء على كل واحد منهم وبحظر اتحادهم. أرسل رسالة واضحة وقوية. وبذلك ولّت أيام أمكن فيها للجميع الحصول على حياة بمستوى طبقة متوسطة، وسَتُحكم أميركا من الآن وصاعداً على النحو التالي:

*سيجني فاحشو الثراء الكثير الكثير، وسيلملم البقية منكم الفتات من ورائهم.

* يجب أن يعمل الجميع، الأم والأب والمراهقون في المنزل. أيها الأب سيكون لك عمل ثان! أيها الأولاد ها هو مفتاح البيت، فقد لا يعود أهلكم حتى موعد نومكم ليضعوكم في أسرّتكم.

* خمسون مليون شخص منكم لن يحصلوا على تأمين صحي! وشركات التأمين ستقول: تفضّلوا وقرّروا من تريدون مساعدته أو عدم مساعدته.

* النقابات شر! لن تنتموا إلى النقابات! لا تحتاجون إلى محامٍ فلتخرسوا وعودوا إلى أعمالكم! لا يمكن المغادرة فنحن لم ننته بعد، وأطفالكم قادرون على إعداد عشائهم بأنفسهم.

* هل تريدون الذهاب إلى الجامعة؟ لا مشكلة. وقّعوا هنا وستربطكم البنوك للسنوات العشرين المقبلة من حياتكم.

* ماذا تعنون بـ «زيادة»؟ عودوا إلى أعمالكم ولتخرسوا.

هذا ما حصل. لم يكن رونالد ريغان لينجح بنفسه في 1981، فقد حصل على بعض المساعدة الكبيرة. اتحاد نقابات أميركا (AFL-CIO) أكبر منظمة اتحادات في أميركا، أخبرت أعضاءها بأن يتجاوزوا احتجاج مراقبي النقل الجوي وأن يعودوا إلى العمل، وهذا ما فعله أعضاء الاتحاد بالضبط. تجاوز طيارو ومضيفو وسائقو عربات التوصيل والحمالون الخط، وأسهموا في كسر الإضراب. تجاوز أعضاء الاتحاد من كافة الاختصاصات خطوط الاحتجاج وتابعوا الطيران. لم يصدق رونالد ريغان وجماعة وول ستريت أعينهم! مئات الألوف من العمال وأعضاء الاتحاد يدعمون طرد زملاء لهم في الاتحاد. كان هذا بالنسبة إلى الشركات الأميركية مثل عيد الميلاد في آب، ولاحت بداية النهاية. أدرك ريغان والجمهوريون قدرتهم على الإفلات بأي شيء وهذا ما فعلوه. فقد خفضوا الضرائب على الأغنياء وضيقوا الخناق على أي اتحاد قد ينشأ في مكان العمل.

تجاهلوا قوانين الاحتكار، وسمحوا لآلاف الشركات بأن تندمج أو تباع وتغلق. جمدت الشركات الرواتب، وهددت بنقل العمل إلى ما وراء البحار إن لم يقبل العمّال برواتب أدنى وميزات أقل. وعندما وافق العمال على العمل براتب أقل، انتقلوا بالعمل إلى الخارج على كل حال. وفي كل خطوة على الطريق، وافق غالبية الأميركيين على هذا. لم يكن هناك سوى معارضة ودفاع ضعيفين. فالجموع الغفيرة لم تنهض لتحمي وظائفها ومنازلها وجامعاتها (الأفضل عالمياً في وقت مضى) وتقبلت مصيرها وتحملت اللكم.

تساءلت غالباً عما كان سيحدث لو توقفنا كلنا عن الطيران فقط عام 1981. ماذا لو قالت كل الاتحادات لريغان: «أعد إلى هؤلاء المراقبين وظائفهم وإلا فسنعطل البلد كله!». تعلمون ما الذي كان سيحدث؟ كانت ستلوى يد الشركات والنخبة ومعها صبيهم ريغان، لكن لم نفعل هذا، ولذلك شيئاً فشيئاً وعلى مدى الأعوام الثلاثين الماضية، دمّر أصحاب السلطة الطبقة الوسطى في أميركا، وبالتالي دمروا مستقبل شبابنا. ركدت الرواتب ثلاثين عاماً، انظروا إلى الإحصائيات، تروا أن كل هبوط نعانيه يبدأ منذ عام 1981.

(سأقدم إليكم مشهداً صغيراً توضيحياً من فيلمي الأخير)

بدأ هذا كله في مثل هذا اليوم منذ ثلاثين عاماً. كان يوماً من أحلك الأيام في التاريخ الأميركي. مع ذلك سمحنا له بالحدوث. نعم، لقد امتلكوا المال والإعلام والشرطة، لكن كان هناك 200 مليون منّا، هل تساءلتم كيف سيبدو الوضع لو غضب حقاً 200 مليون شخص وطالبوا باستعادة بلدهم وحياتهم ووظائفهم وعطلتهم الأسبوعية ووقتهم مع أطفالهم؟ ألم نستسلم جميعاً؟ ما الذي ننتظره؟ فلتتجاهلوا نسبة الـ 20 في المئة التي تدعمهم، فنحن النسبة الأخرى، نحن الـ 80 في المئة، سينتهي هذا الانحدار عندما نطالب بانتهائه، لا عبر العرائض الإلكترونية وتويتر. يجب أن نطفئ أجهزة التلفزيون والكومبيوتر وألعاب الفيديو ونخرج إلى الشارع (كما فعلوا في وسكونسن) فقد يحتاج بعضكم إلى الترشح لمنصب محلي العام المقبل. نحتاج إلى مطالبة الديموقراطيين بأن يأخذوا موقفاً، ويتوقفوا عن أخذ المال من الشركات، أو أن ينسحبوا.

هذا يكفي! إن حلم الطبقة الوسطى لن يعود على نحو سحري. خطة وول ستريت واضحة: يجب أن تصبح أميركا أمة الموسرين والمعوزين. هل تفهمون؟ لماذا لا تخصصوا وقتاً للتوقف والتفكير في الخطوات الصغيرة التي يمكنكم أخذها من أجل التغيير في حيّكم ومكان عملكم وجامعاتكم؟ أليس اليوم أفضل الأيام لأخذ زمام البداية؟

المخلص مايكل مور

الجمعة، 5 آب/ أغسطس 2011

(ترجمة عزة حسون)

Damon For President

أعرب مايكل مور عن رغبته في ترشّح مات ديمون لرئاسة الولايات المتحدة. وخلال مشاركته في إحدى الندوات الإلكترونية، سُئل صاحب «فهرنهايت 9’11» عن رأيه في المرشح الأفضل لرئاسة أميركا، فأجاب «مات ديمون». وأضاف: «أعتقد أن ديمون كان شجاعاً جداً ولا يهتم إن أزعج أحداً بما يقوله». وكان ديمون قد شارك في احتجاج أقامه معلمون في واشنطن، وعبّر عن امتعاضه من طريقة تعاطي بعض السياسيين الأميركيين مع رفع سقف الدَّين الوطني في الولايات المتحدة.

الأخبار اللبنانية في

06/09/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)