يعدّ إبراهيم البطوط أحد رواد السينما المصرية المستقلة معدومة
الميزانية، واسماً مميزاً في الحركة
السينمائية الجديدة في مصر.
صنع العديد من
الأفلام الوثائقية المهمة التي كانت شاهداً على حروب في بلاد عدة، كالعراق
والبوسنة
والهرسك وفلسطين وإيران وغيرها الكثير. ينطلق فيلمه الروائي الثالث 'حاوي'
الطويل
نسبيّاُ (112 دقيقة) من نقطة مظلمة في حياة مجموعة من الشخصيات ويضيء حولها
الكثير
من النقاط الجوهرية. يحتفي الفيلم أيضاً بفكرة الرجوع إلى الأوطان بعد سنين
طويلة
غائرة في الغربة، ويقول بأن الجذور متأصلة في النفوس مهما بعُدَ الأفراد عن
أوطانهم
وذويهم.
'حاوي'
الذي أنتج عام 2010، وحاز جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان الدوحة
ترايبيكا السينمائي في نفس العام، يستشرف الثورة بتسليط الضوء على الشباب
ومحاولة
إنقاذه من الوقوع في هوة اليأس والإحباط اللذين يفتكان به أينما حلّ ووطئت
أقدامه.
فيه تقدير لجهود الشباب المختلف ومحاولة حثيثة لجعله يصحو من أوهامه ويبدأ
ويستمر
في استلهام وتمييز السمين من الغث من أجل تقديمه طازجاً للوطن وللنفس
أيضاً. بكل
تأكيد الفيلم مختلف تماماً كاختلاف موسيقى هذا الجيل الرافض والمتحدي
لواقعه الذي
يعيشه رغماً عنه. فهذه الأرض أرضه مهما قست عليه، لأنها رحمه الذي لفظه بحب
أحياناً
وبغلظة أحياناً أخرى.
يتناول الفيلم العديد من الأفكار التي تشغل بال الكثيرين،
ويقول بأن المنغصات كثيرة جدّاً لكنّ الناس
ـ وعلى الرغم من كل شيء ـ لا زالوا
قادرين على الحياة والتنفس. فالحياة تستمرّ حتى لو خفتت الأنفاس. والموهبة
موجودة
وبغزارة لذلك فمن المهم جدّاً أن يعرف الناس ماذا عليهم أن يفعلوا كي
يعززوها.
الفيلم صاخب بالصور والأصوات البعيدة عن التصنع والقريبة جدّاً من
محاولة الوجود الفعليّ في بلاد كانت تغوص في ما يعرف اليوم برواسب النظام
السابق.
فالراقصة المتعلمة 'حنان' التي تتنفس الرقص كمهنة وهواية تحب ممارستها
وتتقاضى عنها
مرتباً، تأكلها الحيرة حين تتعرض للسرقة، فلا تعرف لمن تلجأ. تقف عاجزة عن
إدراك ما
يحدث عندما تسبقها جرأتها وتذهب إلى قسم الشرطة لتبلغ عمّن سرقها، إلا أن
الضابط لا
يكف عن مضايقتها والسخرية منها، ويحاول جاهداً أن يلجم لسانها ويحجّمها،
ويخطف منها
صوتها كي تكف عن محاولاتها الدؤوبة في إيجاد حلّ لمشكلتها وإلحاحها على
أنها مواطنة
كباقي المواطنين، ومن حقها التبليغ عن السرقة، وعلى الحكومة واجب إلقاء
القبض على
المجرمين الذي قاموا بذلك. لكنها تصاب بخيبة أمل فظيعة حين تصبح هي في موقف
المتهم
بدلاً من الضحية! وعلى الرغم من كل ذلك، يفاجئنا إبراهيم البطوط بقوله على
لسان 'حنان'
بأنها لا تيأس مهما حصل، وستلاحق الذين سرقوها لأنها تحفظ وجوههم، وتستمر
في
ممارسة الرقص مع أخذ الحيطة والحذر فتطلب مساعدة صديق أخيها 'إنسانية' وهو
اسم أحسن
البطوط في اختياره، حيث كان اسماً على مسمى وحاول أن يحمي 'حنان' وكان
عنصراً
فاعلاً في أحداث الفيلم.
'حنان'
شخصية متأزمة، هي أيضاً تعتني بعقلها جيداً
وتفكر في التناقضات التي تملأها، تدرك
جيداً أن الصواب والخطأ مفردتان لا تكفان عن
الصراخ في رأسها، وتؤمن أيضاً كما يؤمن غيرها بأن لكل فرد منا صوابه وخطؤه،
وما
يقاس على الأفراد يقاس أيضاً على الجماعات والحكومات. 'حنان' مثلها مثل
'آية' التي
لا تعترف باسم أبيها 'إبراهيم' الذي لعب دوره البطوط نفسه، لأنه خرج من
حياتها وهي
صغيرة جدّاُ. بالنسبة لها أن تكون 'آية' فقط بغض النظر عما يحمله الاسم من
معنى هو
أمر كافٍ، فلقد نشأت وأصبحت صبية يافعة دون 'إبراهيم' ما تبقى من اسمها،
فيما يبدو
للمشاهد إشارة مقصودة لسيرة المخرج الذاتية. حتى 'يوسف' الذي يظهر في بداية
الفيلم
معتقلاً، يعود فيظهر مرة أخرى في محاولة جريئة منه لتفعيل حكم القصاص بمن
سلب منه
حقه في الحياة، يعود ليجد أن ابنته الكفيفة تتقن الغناء، وتتنفس الحرية من
خلاله،
وتعبر بكل مساحات صوتها عن الحرية التي ينشدها هو في أحلامه ويحاول الوصول
إليها في
واقعه المرير المتخبط.
كثيرة هي الشخصيات التي رصدها وتابعها إبراهيم البطوط في
فيلمه 'حاوي' ومهمومة ومتأزمة أيضاً ووتيرة
الرمزية فيها عالية، وعلى الرغم من كل
شيء فما زالت تجرب وتحاول، وإن فشلت فلا يسرق اليأس منها ابتسامتها، وإن
سقطت،
تحاول الوقوف من جديد.
تقنيّاً، بدا الفيلم في مشاهده رتيباً نسبيّاً، لا لشيء،
بل لأن إيقاع لقطاته ومشاهده بطيء بالفعل،
وبرأيي فإن هذا الأمر مبرر وصادق، هكذا
هي حياة شخصيات 'حاوي' مفعمة بالحياة رغم
حالة الإحباط والتردي المصحوبة بالحزن
والانغلاق بعض الشيء لدى الجميع، إلا أن
الواقع بكل ما فيه من مرارة هو أيضاً
الترياق والحلّ لفكرة الخروج من المأزق
والانعتاق ومواصلة المحاولة في أن 'أطلّع من
ضلوع الفقر لقمة عيش' كما تقول أغنية الفيلم 'بقيت حاوي' التي يغنيها فريق
من
الشباب الموسيقي الموهوب 'مسار إجباري' المعروف بحبه وانشغاله بالموسيقى
البديلة،
ولكنه لا ينسلخ أبداً عن واقعه، فنجده يستقي كلمات أغنيته من الشاعر محمد
جمعة،
ويلحنها بطريقته ويغنيها على هواه، ويبتكر منها 'فيديو كليب' رائعاً لفريق
موسيقيّ
يغني على 'كاريتا' أي عربة يجرها حصان ـ ندرك أثناء مشاهدة الفيلم أنه حصان
متعب
القلب ـ وتقوم معظم شخصيات الفيلم بلحاق العربة في مشهد يستشرف خروج الناس
أفراداً
وجماعات إلى الشوارع في الثورة.
تساءلت أثناء متابعتي للفيلم: لماذا لم يقم
بأداء شخصيات 'حاوي' نجوم كبار أو على
الأقل ممن يحفظ المُشاهِد وجوههم، فيخفت بذلك
ثقل تغيّر المشهد إلى الذي يليه، مما يجعلنا كمشاهدين قادرين على تذكر
قسمات الوجوه
المتأزمة تلك وحفظها فلا نقع في مطبّ السؤال المشروع: 'من هذا؟، ومن تلك؟'
بالطبع،
الإجابة معروفة، فالفيلم ميزانيته معدومة، وكل من شاركوا وساهموا فيه لم
يتقاضوا أي
أجر لقاء عملهم أو تمثيلهم. وها أنا أسأل من جديد: لو تحقق مثلاً واستطاع
المخرج أن
يحصل على التمويل، فهل كان سيستعين بالنجوم ليحملوا على أكتافهم هموم كل من
إبراهيم
ويوسف وآية وحنان وجعفر وإنسانية وغيرهم من شخصيات الفيلم الكثيرة؟
حاول الفيلم
بكل الأحوال أن يقطع كل ما من شأنه أن يعيق تحققه، أو أن يلجم صوته، يضاف
إلى ذلك
أن إبراهيم البطوط أراد وتعمد صنع فيلم روائي طويل بميزانية معدومة ليثبت
للجميع
إمكانية فعل ذلك والحصول على نتيجة رائعة تماماً كما فعل في فيلميه
السابقين 'إيثاكي'
و'عين شمس'.
عمل الفيلم ـ وربما بدون أي قصد ـ على رعاية مواهب الشباب،
وصدّر فكرة رائدة وفي محلها تقول بأن الأجيال كلها من أصل واحد، ولا مستحيل
أبداً
يمكن له أن يعيق تواصل الجيل الراحل بالجيل الحالي، وأن فكرة العرّاب زائفة
برأيي،
فالكبير يرعى ويراقب من بعيد فقط، ولا يحق له تصدير نفسه كعرّاب للشباب،
لأنه يعي
جيداً أن في قلب كل شاب مدرك وواعٍ يكمن عرّاب للثورة على الظلم والذل
والإحباط
واليأس ومحاولات الهرب من مرارة الواقع.
البطوط أراد لفيلمه أن يكون قويّاً
بأفكار شخصياته وأداءاتهم الأقرب للواقع، لذلك تعمد أن يعبر
الممثلون عن فكرة
المشهد كما يشاؤون، فهناك دائماً مكان
للارتجال حتى في فيلم يُصنَعُ على مراحل من
ميزانية معدومة ويصدّر الأمل بالمجان.
*
كاتبة وأكاديمية أردنية / فلسطينية
القدس العربي في
15/03/2011
البعد الانساني في فيلم (إبن بابل)*
فيحاء السامرائي
كان يمكن للسينما العراقية أن تقوم وتتأسس في بدايات القرن المنصرم، الا
أنها ظلت في حالة ولادة عسيرة بين محاولات مبدعين حالمين وجهود قطاع خاص،
الى حين تبلورها في نهاية الأربعينات. وبقيت تراوح في مكانها ولم تتطور
لاحقاً، جراء ظروف معيقة ومعرقلة أحاطت بالعراق، من سياسات سلطوية وتسلطية
وحروب وحصار.
وكما يتغير كل شيء الآن بروح التجدد والتحديث، تشهد السينما العراقية
محاولات جريئة لشباب مبدع، للسير بعجلتها قدماً، ومواكبة ما يجري من
ديناميكية وتجديد، برع من بينهم المخرج المجتهد محمد الدراجي، الذي قام
بإخراج فيلمه الثاني (ابن بابل) بعد فيلمه الطويل (أحلام).
اعتمد فيلم ( ابن بابل) على موضوعة الفقد والبحث عن الأمل، وتمحور حول أم
كردية تبحث عن ولدها المفقود أثناء حرب الخليج الثانية، في أحد سجون
الناصرية في الجنوب، غير مكترثة بمرضها وجهلها باللغة العربية، معتمدة على
حفيدها الصغير في مرافقتها وقراءة وترجمة ما تراه وتسمعه، وبعد معاناة رحلة
طويلة، وسفر محفوف بمخاطر، وأوضاع أمنية غير مستقرة، أبان الاحتلال
الأمريكي وسقوط النظام، لم تجد ولدها في السجن، فتبدأ رحلة أخرى الى
المقابر الجماعية، مثلها مثل كثير من وجوه حائرة ومكلومة، من نساء ورجال
يبحثون عن أعزاء لهم مفقودين، ولما فارقها الأمل في العثور عليه، تفارقها
الحياة.
يعتبر الفيلم خلاصة مكثفة لحزن عراقي، ومأساة شعب أبان حكم النظام السابق،
ويفتح جروح وجع من جور سلطوي استباح البلد، حيث دفن وغيّب أكثر من مليون
شخص في أكثر من 300 مقبرة جماعية، كان في بعضها أكثر من 4000 انسان، ممن
رفضوا الحرب، أو ممن ثاروا على مظالم، وأغلبهم من الشباب، مع عوائل
بأكملها، لتكون النتيجة تالياً، ملايين من الأيتام والأرامل والثكالى،
وصفحات سوداء من انتهاكات وحشية لحقوق الانسان العراقي.
أدان البعض من معارضي موضوع الفيلم، الذي حكُم عليه بموضوعته السياسية لا
الفنية، وأستكثر ناقدوه من عراقيين وعرب، فكرة تناول المقابر الجماعية، دون
الإشارة الى جرائم الإحتلال، والى مجازر حدثت بعد تغيير النظام...وفي هذا
المجال، لايمكن لأحد أن يسكت ويشطب على تلك الجريمة ويتغافل عنها، لأن
تسليط الضوء عليها، والإشارة الى مسبباتها وكوارثها، يمنع ماجرى من بشاعة
أن يتكرر لاحقاً، و يمهّد لعلاقات جديدة متسامحة، مما لايعني، أن لاضير في
أن تكون هناك أفلاماً أخرى عن أخطاء جسيمة أرتكبها الجنود الأمريكان
وإدارتهم في بلدنا، فالعنف مرفوض سواء كان على يد ابن البلد أو على يد
غريب، وليس طغيان الأجنبي أشد بشاعة من طغيان أهل البلد، فالمبدأ واحد،
إدانة الجريمة والقائم بها، ولا يمكن تبرير فعل الجريمة أي كان مصدرها.
وبالتالي، يعبر فيلم ابن بابل، عن وحدة الجرح العراقي، ويمتد الى أكثر من
حكاية فقدان إبن والبحث عنه، بل ترتسم فيه القيمة الانسانية في البحث عن
العدالة وحق العراقي في عيش كريم، انه رسالة لجلب الانتباه الى كل
المفقوديين والمغيبين السياسين في العالم، والى مديات وخطورة انتهاك حقوق
الانسان. اننا في حاجة أن نبرر للجيل القادم ماحصل للأجيال التي سبقته من
مخلفات الديكتاتورية، وما لم نضع يدنا على الجرح، لايمكن أن نضمده.
وطالت الفيلم أيضاً انتقادات لأختيار بطلة كردية، رغم أن فجيعة شعبنا كانت
لا تفرق بين قومية وأخرى، وربما رأى صانعو الفيلم ان ظاهرة المقابر
الجماعية والتصفيات الجسدية لمعارضي الرأي تمتد من شمال العراق الى جنوبه
ولا تقتصر على بقعة واحدة، وخير تجسيد لرحلة الألم الطويلة تلك، هو هذه
المرأة الآتية من شمال البلاد، لتمتزج مأساتها مع نسوة أخريات من وسط وجنوب
البلاد، وذلك دلالة على شمولية ظاهرة المفقودين، وكذلك اللغة المشتركة بين
أولياء الضحايا والذي تجسد في مونولوج المرأة الكردية والمرأة العربية على
القبور، واللتان فهمتا إحداهن الأخرى بدون ترجمة، انها لغة الألم الشاملة
الموحدة، لغة الانسانية التي لا تنحصر في عربي أو كردي، والتي فيها إدانة
للجميع.
وظهر في الفيلم طرح حضاري بدا مطلوباً، تمثل في شخصية (موسى) وتقديمه
للمساعدة للجدة والحفيد بروح انسانية متشذبة، رغم رفض الجدة لشخصه ولعونه
في البداية، لكونه خدم في الحرس الجمهوري سابقاً، في إشارة واضحة، الى
مفهوم التسامح مع الآخر المختلف، فيما لو برهن بصدق عن تغير إيجابي، وأن
ليس كل من كان ضمن مؤسسة النظام السابق، شخص مدان ومنبوذ، وأنه كان مجبراً
على تلبية أوامر لا يؤمن بها، كما حالة ابن الجدةن الجندي الذي التحق
بالحرب دون رغبة منه، بل بدافع الخوف والإكراه.
خرج (ابن بابل) من عباءة السينما العراقية الواقعية، وقام بتوثيق وتوظيف
الموضوع السياسي بالفن، فغدا الحدث هو البطل الذي أوصل للجمهور رسالة هامة،
وهي أن أحلامنا ممكن أن تنهض بعد أن كنا نظن أنها و آمالنا تعوقت، فلا عجب
أن حصد الفيلم أكثر من عشرين جائزة في كثير من المهرجانات، ومن العديد من
المنظمات العربية والعالمية.
أعتمد المخرج على مؤثرات سينمائية بسيطة ومحدودة، وتنوعت موسيقى الفيلم ما
بين مواويل كردية وعراقية حزينة للمثلين أنفسهم، ومزماز خشبي يتشبث به
الحفيد (أحمد)، في إشارة رمزية الى الامتداد الحضاري لجيل والده، والى كمشة
أمل في حياة جميلة ومتواصلة، رغم أحزانها ومطباتها، حيث لا يوجد أكثر
الفولكلور والموسيقى والتراث، دلالات على حياة الشعوب.
ورغم أن البطل في الفيلم، هو الحدث الموضوعي لفترة زمنية ماضية، فقد أعتاد
المخرج الدراجي على انتقاء ممثليه من بين غير المحترفين، فقد قامت الجدة (
شازدة حسين) بدورها وكأنها تمارس حياتها الطبيعية دون وجود كاميرا أمامها،
لكونها عاشت في حياتها الحقيقية نفس القصة، فجاءت الصورة لحياة واقعية
ولأناس عاديين تتبعهم كاميرا المخرج، وكذلك الفتى ( أحمد) الذي تربى مع
جدته على مأساة فقدانه لأبيه، مثله الأعلى، ونضج الولد الصغير أثناء الرحلة
أكثر، وأدرك كثيراً من الأمور ما كان يتعلمها لولا تجاربه في تلك الرحلة،
وتجلى عناده في المطالبة بحقه فيما يدرك بأنه استغلال موجّه اليه، مما يرمز
الى أمل رصين في جيل قادم، يدرك حقائق ما دار ويدور حوله، رغم مرارتها،
وينهض من رماد واقع متلبك، بعنيين طافحتين بإصرار عنيد ورغبة جامحة في
المعرفة والتبصر والعمل.
راوح مخرج الفيلم ما بين بطء سير بعض اللقطات وسرعة الأخرى، التي ربما كانت
تتطلب الوقوف الأطول إزائها، نظراً لأهمية الحدث و بلوغه لذروة وانعطافة
تصاعدية، كما وبرزت أوجه تشابه في أسلوب الإخراج بين الأفلام الإيرانية
الحديثة ورؤية المخرج للفيلم.
انتج الفيلم بميزانية منخفضة، وغاب عنصر المال المحلي في دعمه، وكان يمكن
أن يكون أفضل من ذلك لولا ظروف انتاجه الصعبة، حيث طرق المخرج كل الأبواب،
من الشمال الى الجنوب، كرحلة بطلة فيلمه ، ماراً بالجبال الخضراء حتى
المنطقة الخضراء، وخضع لمساومات حكومية لتغيير بطلة الفيلم من كردية الى
عربية، مقابل تغطية 15% من تكاليفه، وأبدت حكومة أقليم كردستان رغبتها في
المساعدة المالية مع فرض بعض الشروط وإدخال بعض التعديلات على قصة الفيلم،
الأمر الذي رفضه المخرج، ولجأ الى طلب المساعدة من عرب وأجانب، وأبرزها
شركة (بيراميديا) التي أسستها وترأسها الإعلامية المشهورة نشوى الرويني.
ونلفت أنظار الدولة العراقية ومؤسساتها الى أهمية مثل تلك الأعمال الفنية
السينمائية، وصدى فضاءاتها في أكثر من دولة ومحفل عالمي، مما يتطلب ضرورة
رعاية الانتاج السينمائي ودعم المخرجين الشباب، للدور الذي يقوم به الفن
السابع اليوم، كأرقى وأنجع وسيلة لترسيخ القيم الحضارية والتأثير داخلياً
وعالمياً، وللدفع والحث على التغيير الإيجابي، ونشر مفاهيم ثقافتنا
المعاصرة في أمسّ الحاجة اليها، من تصالح وتسامح وأمل بغد أكثر إنصافاً.
ينتهي الفيلم بموت البطلة الجدة على مشارف مدينة بابل العريقة، بدلالة على
أن الظلم يجهض منجزات الحضارة، وبتطلع حفيدها الصبي الى الآثار، دلالة
ثانية على الأمل في الجيل القادم، الذي تقع عليه مهمة مد جسور وطيدة بين
الزمن العريق الماضي، والحاضر المخرّب الناهض، نحو المستقبل الخالي من
أمتهان لكرامة الانسان وإذلاله، والمحفزعلى تمكين الفرد من خلق مصيره
بنفسه، لأن بلد كالعراق أنجب تلك الحضارات على أرضه، سيظل حتماً قائماً
وشامخاً رغم ما ابتلى به من قادة وحكام جاهلين وظالمين.
* عرض الفيلم حصرياً في قاعة (دار السلام)، مؤسسة الحوار الإنساني، وبرعاية
(جمعية الشباب العراقيين) في لندن
خاص "أدب فن"
أدب وفن في
15/03/2011
المخرج عمرو سلامة:
صورت حلقات عن التوعية السياسية بفضل هند صبري
كتب
ايه رفعت
قام المخرج «عمرو سلامة» برفع عدة فيديوهات علي موقع «اليوتيوب»
صورها بنفسه للفنانة هند صبري وهي توضح بعض المفاهيم السياسية التي تطرأ في
ذهن
المواطن العربي مثل معني «الدستور» و«المجلس التأسيسي» والفرق بين الدولة
البرلمانية والرئاسية والأيديولوچيات السياسية وآليات
الانتخابات وغيرها.
وقد قام سلامة بعرض هذه الحلقات بشكل يومي كل يوم حلقة جديدة يتم تحميلها
علي الموقع ومشاركة «اللينك» الخاص بها من خلال صفحته الخاصة
علي موقعي «الفيس بوك»
و«تويتر».
وعن فكرة هذه الحلقات يقول سلامة: «جاءتني الفكرة بعدما قرأت ما
كتبته هند صبري علي صفحة الفيس بوك الخاصة بها.. وعلمت أنها
كانت قد كتبت عدة
مقالات سياسية توضح فيها بعضًا من تلك المفاهيم وتنوي نشرها تدريجيًا،
فاقترحت
عليها القيام بتصوير ما تكتبه وتقوله لكي تكون أصدق وأسرع وصولاً للناس.
وبالفعل قمنا بتصوير ثمانية فيديوهات داخل منزلها بمساعدة المونتير والمصور
علي مراد، واتفقنا في البداية علي رفعها علي موقع اليوتيوب،
لكننا نأمل أن نعرضها
علي إحدي القنوات التليفزيونية.
وأكد سلامة أنه يقوم حاليًا بتصوير الجزء
الخاص به من الفيلم التسجيلي الطويل الذي يجسد مواقف ومشاهد الثورة ويقول:
«اتفقت
مع المخرجين آيتن أمين وتامر عزت علي إخراج ثلاثة أفلام تسجيلية قصيرة
وتدور
أحداثها حول مراحل الثورة وتطورها، ولكننا قررنا دمج كافة
المواد المصورة في فيلم
واحد تسجيلي طويل لتوثيق أحداث ثورة 25 يناير.
من ناحية أخري أكد عمرو
سلامة أنه عاد لاستوديوهات المونتاج منذ أسابيع لاستكمال مونتاج فيلم
«أسماء» الذي
كان من المقرر عرضه ما بين شهري يناير وفبراير الماضيين.. وقال إنه حاليًا
في مراحل
مكساج الصوت الأخيرة ثم سيدخل بعدها مرحلة الألوان والطبع
ليكون الفيلم جاهزًا
للعرض، ووقتها يتوفر له الوقت لإخراج أفلام أكثر عن مصر ومستقبلها.
روز اليوسف اليومية في
15/03/2011
الفنانون يتحدثون: السينما والدراما .. بعد الثورة
كتب
محمد حمدى القوصى
-
ماجي حامد
الخسائر الفادحة التي منيت بها صناعة السينما بسبب إغلاق قاعات
العرض وتأجيل عرض بعض الأفلام إلي أجل غير مسمي وتحطيم بعض
قاعات العرض أصابت
الكثير من صناعها بالإحباط، لكن مع عودة دور العرض السينمائي الآن لفتح
أبوابها من
جديد مع تغيير مواعيد حفلاتها ربما يعكس انفراجة لدي المنتجين في تعويض
خسارتهم
وزيادة الإيرادات مرة أخري بعد توقفها لأكثر من 18 يوما إضافة
إلي تعرض بعض الأفلام
للقرصنة والعرض علي الوصلات المنزلية.
الفنانة إسعاد يونس - رئيس مجلس
إدارة الشركة العربية للإنتاج والتوزيع السينمائي - قالت: لا أحد ينكر أن
جميع
المجالات تعرضت للخسارة وليس المجال الفني فقط، أما فيما يتعلق بالشركة
العربية فقد
تعرضت لخسارة كبيرة بسبب توقف عرض فيلم «365 يوم سعادة» الذي
تم طرحه قبل أحداث 25
يناير بيوم واحد محققا 760 ألف جنيه في هذا اليوم والخسائر بعد توقف عرضه
بلغت من 20
إلي 25 مليون جنيه حتي الآن ولايزال نزيف
الخسائر مستمرا رغم أن الشركة بها ما
يقرب 1300 عامل لم يضار أي منهم رغم الأوضاع السيئة الحالية.
وفيما يتعلق
بخطة الشركة العربية الإنتاجية في الفترة المقبلة أوضحت: اضطرت الشركة
مؤخرا لتأجيل
تصوير عدد من الأفلام السينمائية من بينها فيلم ''بالقلم'' بطولة الفنانين
أحمد عز
وعمرو عبدالجليل إضافة إلي فيلم للفنان أحمد مكي الذي لم يتم
الاستقرار علي اسمه
بعد لكن بمجرد استقرار الأوضاع ستقوم الشركة مباشرة بالعودة إلي استكمال
خططها
الإنتاجية والتسويقية، وتم بالفعل عودة عرض أفلام «365 يوم سعادة» و«زهايمر»
و«678»
و«الشوق» و«بون سواريه»، لكن الإيرادات لا تزال ضعيفة.
المنتج محمد حسن
رمزي: أخشي عدم ملاءمة بعض السيناريوهات للفترة المستقبلية
ومن جهته أوضح
المنتج محمد حسن رمزي: شأني شأن جميع الشركات الإنتاجية بمصر، فنحن نمر
بفترة عصيبة
للغاية أدت إلي خسارة لا تقل عن 50 مليون جنيه، وتوقف عدد كبير
من الأعمال مثل فيلم
«المصلحة»
الذي توقف منذ 25 يناير ولم يتحدد موعد للعودة لاستكمال تصويره، وكذلك
فيلم النجم لكريم عبدالعزيز الذي كان من المفترض العمل علي اختيار القصة،
وقد توقف
تمامًا منذ يوم 25 يناير بعد جلسات عمل طويلة لاختيار القصة المناسبة.
أما
كندة علوش فقد توقف تصوير المشاهد لفيلمها «برتيتة» ولم يتم حتي الآن عودة
العمل
به، كل هذا وغيرها من الأعمال التي توقفت في منتصف التصوير
وغيرها مما كان من
المفترض البدء في تصويرها خلال الفترة السابقة ليوم 25 يناير.
وعن حالة
الركود التي أصابت شركات الإنتاج المصرية، فأكد المنتج المصري: هذه نتيجة
طبيعية
لما حدث، فقد كانت الخسارة في جميع مجالات الحياة متوقفة، لكن
الأهم الآن هو إعادة
النشاط مرة أخري والبدء في التصوير لاستكمال الأعمال الفنية، وإن كنت أخشي
عدم
ملاءمة بعض السيناريوهات للفترة المستقبلية، فاليوم لا يشبه أمس، والمؤكد
أن الأمر
غاية في الصعوبة لكن سوف نتجاوزه بإذن الله.
أما فيما يأمله في الفترة
المقبلة فقال: نحن اليوم في مرحلة غاية في الصعوبة سواء في تعويض ما خسرناه
أو
الحرص علي اختيار الأعمال المناسبة للفترة المستقبلية، فلابد أن تلائم
الأعمال
التغيير الذي حدث وأيضًا لابد من ملاءمته للثوب الجديد للشعب
المصري وهو ثوب «الحرية
والديمقراطية»، وهذا ما حدث في فيلم الفنان كريم عبدالعزيز الذي حُذف منه
بقرار من الرقابة مشهد في قسم الشرطة يتم من خلاله تعرض أحد
الشرطيين لأحد
المواطنين بالضرب، وإن كنت أظن أنه أصبح من حقي استرجاع هذا المشهد مرة
أخري،
فأصبحت الحرية في الرأي مكفولة للجميع، هذا بالإضافة إلي ضرورة الانتباه
إلي عدم
التقليد في المواضيع والتجديد فيها دائمًا لكي يحظي الجمهور
بالمشاهدة الممتعة.
المنتج هشام عبد الخالق : هذا الوقت الحرج سيحدد الموضوعات التي ينبغي أن
يتطرق إليها السينمائيون في الفترة المقبلة !
من ناحيته قال المنتج هشام
عبد الخالق - شركة الماسة للإنتاج الفني: لا أنكر أن الأحداث الأخيرة أثرت
بشكل
سلبي علي صناعة السينما بسبب توقف تصوير الأفلام وإغلاق دور
العرض نتيجة انصراف
الجمهور عنها وتخريب دور العرض، الأمر الذي يستلزم وقتا طويلا لإصلاحها،
لكن المؤكد
أن هذا الوقت الحرج هو الذي سيحدد الأسس التي سنسير عليها مستقبلا ومن الذي
سيبقي
علي الساحة السينمائية ومن الذي سينسحب، وكذلك الموضوعات التي
ينبغي أن يتطرق إليها
السينمائيون والمتوقع أن تكون مختلفة شكلا ومضمونا.
وأضاف: رغم الخسارة
الكبيرة التي تعرضت لها كمنتج لفيلم ''فاصل ونعود'' إلا أنني لم أتوقف
عندها كثيرا
لأنها وقعت بالفعل ولا سبيل من تغيير ذلك لكن المؤكد أن
السينما المصرية ستصبح مرآة
لما سيجري علي أرض الواقع وأتمني ألا تتكرر هذه الخسارة حتي يواصل المنتجون
عملهم
في مجال صناعة السينما المصرية.
صباح الخير المصرية في
15/03/2011 |