لم تكن مفاجأة لأحد أن يشاهد الفنانة بسمة ضمن صفوف المتظاهرين بميدان
التحرير بشكل يومى تهتف معهم بإسقاط نظام مبارك الذى استمر 30 عاما، حيث
كانت ضمن الفنانين والمثقفين الذين ذهبوا لزيارة الدكتور محمد البرادعى فى
منزله فور وصوله مصر قبل عام وقراره دخول معترك السياسة، ولم تتردد فى
التوقيع على بيان التغيير.
فى هذا الحوار تحكى بسمة قصتها مع ثورة 25 يناير منذ اندلاع المظاهرات
ولماذا لم تشارك قبل جمعة الغضب، مرورا بدعوتها لتجميد أرصدة الرئيس مبارك
وعائلته، وحتى اعتراضها على استمرار الفريق أحمد شفيق رئيسا للوزراء فى
الفترة الانتقالية.
تقول بسمة: رغم أننى كنت أعلم أن يوم 25 يناير سيكون موعدا لمظاهرات الغضب،
إلا أننى لم أصدق، وتصورت أنها ستكون مثل كل المظاهرات التى لا يكون لها
هدف واضح، فقررت أن أسافر خارج مصر فى إجازة انتهت الجمعة 28 يناير.
واخذت قرار السفر لأنى كنت محبطة جدا ويائسة أن هناك أملا فى التغيير يمكن
تحقيقه. ولأنى أخذت هذا الاتجاه حزنت حزنا شديدا عندما جاءتنى مكالمات يوم
25 يناير بعد الظهر من أصدقاء مقربين يسألوننى عما إذا كنت شاركت فى
المظاهرات أم لا؟
عندها أصابتنى حالة بكاء هستيرى، ولمت نفسى لأنى لم أصدق أن الشعب المصرى
مازال يملك ارادة ويستطيع أن يغير حاله وقررت العودة إلى مصر فورا لأكون
جزءا من هذا الحدث العظيم. وبالفعل عدت مساء الجمعة 28 يناير وقد فرض حظر
التجول، وجلست مع والدى لأعرف منه كل ما حدث خلال الأيام الثلاثة، ومع صباح
اليوم التالى السبت 29 يناير، ذهبت إلى ميدان التحرير، وقررت الاستمرار فى
التظاهر بشكل يومى حتى تحقق الحلم وأسقط النظام.
والحقيقة ما شاهدته مساء السبت 28 يناير جعلنى أقرر ألا أتراجع عن التظاهر
إلا بعد سقوط وتغيير هذا النظام الفاسد المستبد، وما حدث أننى رأيت بعينى
وأنا عائدة إلى بيتى شابا وقد قتل برصاص أمام مقر وزارة الداخلية ويحمله
المتظاهرون على أعناقهم، هذا المشهد أثر فىّ لدرجة أننى قررت أن أنزل إلى
ميدان التحرير كل يوم، وأواصل باليومين، مثلما حدث فى اليوم التالى لخطاب
الرئيس الثانى وهجوم البلطجية على الميدان ويمكن أن أقول إننى كنت أنتظر
الموت ليأتى فى أى لحظة وبأى طريقة منذ ظهر هذا اليوم وحتى صباح اليوم
التالى.
وقد التف حولى المتظاهرون وطلبوا منى أن أقود مظاهرة مثلما فعلت فى فيلم
«ليلة سقوط بغداد»، ولكنى صدمتهم أن هذا مشهد كان مكتوبا ولا أجيد ذلك على
أرض الواقع.
فأنا لست «هتيفة ولا ثورية» ولكن دورى كان مثل ملايين الشعب المصرى الذين
لا يعجبهم حال مصر. وكانوا يسألوننى فى الميدان عن باقى الفنانين، يا ريت
تقولى لزمايلك ييجوا يقفوا معانا».
●وما شعورك تجاه زملائك من الفنانين الذين رفضوا المشاركة فى الثورة؟
ــ للأسف المتظاهرون حملونى ذنب عدم مشاركة هؤلاء الفنانين، ولكن المشكلة
ليست فى الذين لم يشاركوا ولكنها فى الذين وصموا المتظاهرين بأبشع التهم
وتحدثوا بـ«قلة أدب» عن مواطنين شرفاء، مدعين أنهم شاهدوا علاقات جنس كاملة
وتعاطى مخدرات فى أرض الميدان، وبعضهم كانت تصريحاته أقل قبحا فدعا على
الناس «يارب تأتى سيول تلم المتظاهرين كلهم أو نار تحرقهم» وغيرها من
المصطلحات والتعديات غير اللائقة على المشاركين فى المظاهرات.
والحقيقة أنا ضد هؤلاء الزملاء، ويؤسفنى أنهم يمتهنون نفس المهنة التى
أنتمى اليها.
وبشكل عام أنا لا أحب عديمى الأخلاق وإلى جانبهم لا أحب المنافقين الذين
كانوا ضد الثورة ثم تراجعوا عن آرائهم وادعوا أنهم يؤيدونها منذ لحظة
انطلاقها. أما فيما يخص الفنانين الذين يؤيدون النظام السابق فهم أحرار فى
رأيهم طالما أنهم لم يتعرضوا لى والمتظاهرين بأى إهانة.
● كيف قرأت استقالة اشرف زكى من نقابة الممثلين؟
ــ موقفى تجاهه واضح منذ أن وقعت على بيان يرفض ممارساته، وتصريحاته تجاه
الثورة والمتظاهرين، وأرفض ايضا أن يمثلنا ويتحدث باسمنا بهذه الطريقة
المهينة، فأبدا لم يكن يصح أن يتحدث إلى بعض الفنانين ويتطاول عليهم فى
الكلام لمجرد أن رأيهم مختلف عن رأيه. ولا يصح أيضا ما أشاعه بأنه ينوى شطب
عضوية كل الممثلين الذى شاركوا فى المظاهرة، فلا يوجد قانون بالعالم يعطى
نقيبا هذا الحق.
● وكيف ترين المسيرة التى خرجت الجمعة الماضية فيما سمى بـ«جمعة رد
الجميل»؟
ــ هم أحرار طبعا فيما يعتقدونه، ولكنى شخصيا لا أوافق على شعار «أنا أسف
ياريس» الذى رفعوه وهتفوا به، ولذلك أرد عليهم بأنى لا أسامح الرئيس مبارك
لأنه أخطأ فى حقى، وجعلنى أرى شبابا «زى الفل» تموت كل يوم، وكيف أسامحه
وهو سبب تخلف مصر عن الدول الاخرى رغم اننا نستحق أن نكون فى مرحلة متقدمة
بين أهم دول العالم.
● ألا يشفى غليلك أنه خرج بهذه الطريقة المهينة وأنه أصبح فى حكم التاريخ
الرئيس المخلوع؟
ــ أنا شخصيا لم أعد أتعاطف مع الرئيس السابق وأنه أصبح رجلا مسنا، وكذلك
لا أتعاطف مع الاخبار التى تشيع بأنه مريض ولا يفيق من غيبوبة، وذلك
للخلفية التى تركها فى ذاكرتى من كذب وقتل الابرياء واهانة وتشويه الكثير
من اهل بلدى.
وبصراحة أشعر أنه لم يكن يرغب فى خروج كريم له وأسرته، ولو أراد ذلك لتنحى
يوم الجمعة 28 يناير، لأنه اذا كان قال فى خطابه الثانى «أنا آسف على دماء
الشهداء وتنحى» لحمله المصريون فوق رءوسهم. ولكنه استكبر أن يعتذر عن دماء
الشهداء التى سفكها رجاله، وقال فى خطابة الأخير «بصفتى رئيس الجمهورية
سأواصل وسأحاسب وسأتابع».
وبالمناسبة أنا أيضا لن أغفر للتليفزيون الحكومى الكذب والتضليل الذى أصر
عليه طوال ايام الثورة، حتى مع تغيير موقفه 180 درجة الأن لصالح الثورة.
● إذن انت مع الفئة التى تطالب بمحاكمة مبارك؟
ــ لا تشغلنى محاكمته كثيرا ولكنى مع تجميد أرصدته فى البنوك هو وأسرته،
وأن يستجيب المسئولون فى مصر لنداءات الدول الأجنبية التى تنتظر مخاطبتها
رسميا لتجمد أرصدته لديها. وإذا كان تجميد أرصدته يستوجب محاكمته فسأكون مع
المحاكمة، وحتى إذا لم يطل الله فى عمره وتوفى قبل ذلك، فيجب محاكمة
عائلته، واعادة ثروته إلى المصريين.
● ما الذى تغير فيك بعد الثورة؟
ــ أصبحت أكثر جرأة وحرية وأقل خوفا من أن يهددنى أحد بما يسمى «البعبع»
● وهل حدث معك هذا من قبل؟
ــ أتصور أن الجميع يعلم جيدا أن الذى أثير حولى زوبعة غير مبررة من أن جدى
الراحل يوسف درويش له أصول يهودية، جاءت بعد الاعلان عن أننى حضرت ضمن
مجموعة الفنانين لنستمع إلى الدكتور محمد البرادعى فور عودته إلى مصر، الذى
دعا خلالها إلى التغيير.
● لماذا تحمست للدكتور محمد البرادعى من البداية؟
ــ يجب أن يعلم الجميع أننى لم أحضر سوى اجتماع واحد فقط للبرادعى، وأعترف
بأننى سمعته يقول كلاما محترما جدا يتمثل فى أننا نريد تغييرا حقيقيا فى
مصر، وتعديلا للدستور، وأن يحكم الرئيس مدتين مثل أى بلد محترم فى العالم،
وهذا كلام يقبله كل عاقل. وذهبت إليه لأنى مؤمنة بمقولة «العلم بالشىء ولا
الجهل به»، فأنا لم أخسر شيئا عندما سمعته.
وأنا أحترم الدكتور محمد البرادعى كثيرا، لكنى لست ناشطة أو عضو الجمعية
الوطنية للتغيير، وقد اقتصر دورى معه على أننى وقعت على بيان التغيير قبل
عام، لإيمانى بأن هذا الوقت قد حان.
● هل أنت مع البرادعى رئيسا للجمهورية؟
ــ أنا الآن مع تشكيل حكومة انتقالية لحين انتهاء انتخابات مجلس الشعب
والرئاسة، ولن اعلن عن تأييدى لشخص الا بعد أن تعلن أسماء المرشحين جميعا
وأطلع على برامجهم الانتخابية، وحتى يأتى هذا اليوم سأعمل على تنمية قدراتى
ووعيى السياسى، وقد بدأت بالفعل فى هذا الاتجاه من خلال مشاركتى فى محاضرة
عن مواد الدستور المصرى وكانت مفيدة جدا بالنسبة لى لأننى عرفت المواد التى
تقرر تعديلها والمواد الأخرى التى يجب أن يتم تعديلها.
● هذا يعنى أنك ستتجهين إلى العمل بالسياسة؟
ــ بالنسبة للخطة قصيرة المدى فلا اعتقد أننى سأتحول إلى ناشطة سياسية،
ولكن على المدى البعيد، وما استطيع أن أعد به فى هذا الاتجاه أننى سأحرص
على أن أفهم فى السياسة بشكل أكبر، واذا وصلت إلى درجة كبيرة من الوعى
السياسى التى تؤهلنى لأن أكون ناشطة سياسية، فى هذا الوقت ممكن أدخل عالم
السياسة.
● إلى أى مدى تشعرين بأن الشعب المصرى مؤهل للديمقراطية المطلقة؟
ــ يتوقف ذلك على مدى امانة المجتمع والمسئولين فى هذه الفترة تجاه هذا
الشعب، وما سيتم تنفيذه من عمل.
ولكنى بشكل عام رأيت فى ميدان التحرير ما يدعو للتفاؤل والامل، فقد عادت
الاخلاق التى كانت قد انتزعت من المصريين خلال الفترة الاخيرة، فكان ينفذ
فى ميدان التحرير مبدأ التكافل الاجتماعى بين المتظاهرين.
● وما وجه اعتراضك على حكومة أحمد شفيق؟
ــ أرفض بواقى نظام الرئيس السابق مبارك حتى اذا كان كفئا، لأنى لا أثق فى
أى شىء جاء عن طريق الرئيس مبارك وحزبه الوطنى.
● وهل هذا ما دفعك للمشاركة فى «جمعة النصر»؟
ــ شاركت لأسجل موقفى بأن التنحى كان أول خطوة فى الثورة وفى طريق التغيير
وليس نهايتها، وأن نظام مبارك لا يتمثل فى شخصه، والفساد لا يتمثل فى 3
رجال أعمال ووزراء، أتوقع أن الفساد متوغل بطريقة لا نستطيع تخيلها، كما
اردت أن أفرح مثل باقى المتظاهرين بنجاح الثورة.
الشروق المصرية في
23/02/2011
رسم تفاعلي: صالات العرض تكسر عزلة الفنانين
السوريين
دمشق – من راشد
عيسى
تجربة جديدة لـ'غاليري أيام' السورية تتيح للجمهور التعرّف على طريقة
عمل الفنانين التشكيليين و'الخلطات السرية' التي يستخدمونها في
لوحاتهم.
أخيرا كسرت عزلة الرسامين السوريين وطقوسهم السرية، ولم تعد تقنياتهم
وطرقهم ومواد عملهم خلطة سرية لا يعرفها الجمهور أو حتى زملاؤهم الرسامون،
فللمرة الأولى تغامر غاليري للفن التشكيلي بتحويل الفنان ومرسمه إلى معرض
للزوار.
فقد افتتح التشكيلي السوري البارز صفوان داحول ذلك المعرض أخيرا في "غاليري
أيام" تحت عنوان "مرسم صفوان داحول" ليجد نفسه للمرة الأولى عبر مسيرته
الفنية يرسم بحضور الجمهور، وأحيانا في ضوء اقتراحات الزوار.
وقال داحول "كانت التجربة مقلقة في البداية بالنسبة لي، ففي مرسمي عادة لا
يزورني أحد، لأجد نفسي الآن محاطا بهذا الكم من الزوار".
وأضاف الفنان "خشيت أيضا أن يبدو الأمر وكأنه استعراض، لكنني سرعان ما
أحسست بالأمان".
وتابع "الآن توحدت مع الغاليري ومع الناس، إلى حد صرت أرى أن كلا من
المحيطين بي له حصة في هذه اللوحات"، مؤكدا انه "في نهاية عملي سأدعو موظفي
الغاليري جميعا للتوقيع على اللوحات".
وقد بدأ الفنان العمل على لوحاته من البياض، من نقطة الصفر، هو الذي لا
يعتمد عادة على كروكي جاهز قبيل الشروع في اللوحة، مما أتاح للزائرين رؤية
الأعمال في مراحل مختلفة من بنائها. ومع ذلك يؤكد الفنان أن "المعرض ليس
اللوحات، بل الفنان في عمله، وفي حديثه ونقاشه مع المتابعين".
وحول ما إذا كانت النقاشات واقتراحات الزوار تجد صدى لديه اجاب "لقد حدث
ذلك فعلا، يعمل معي دهان يساعدني في أمور تقنية، وحين قدم لي اقتراحا
تقبلته واكملت به".
وقال "إن حضور الناس شكل لي طاقة إيجابية".
وفي ما يتعلق بعزلة الفنان وخصوصية طقوسه قال داحول "لم أكن أتوقع أنني
سأقدر على الرسم أمام أحد، أما الآن فقد كسرت هذه السرية، سرية الرسام الذي
لا يرسم أمام أحد، وتأكدت أن سرية الفنان بقلبه لا بمداده".
ورأى أن "لا شيء سريا لدى الفنان، وبالنسبة لي هذه موادي وتكنيكي أمام
الجميع"، مضيفا "تبددت الآن صورة الوحي والإلهام الذي لا يأتيك إلا في حالة
العزلة، هكذا يجد الفنان نفسه عاريا".
أما خالد سماي، صاحب "غاليري أيام" فقد اعتبر "المعرض على هذا النحو عملا
تركيبيا".
منظمة المعارض دلفين لوكاس، الفرنسية التي تعمل في دمشق منذ اثنتي عشرة سنة
قالت "جميل أن ترى الفنان يبدأ لوحته من الصفر، فالمرء يرى اللوحة،
وتطورها، والجهد والوقت الذي يبذل في اللوحة".
واعتبرت ان "ذلك مفيد جدا مع صورة رائجة ومغلوطة للفن المعاصر بأنه فن سهل
ويأتي بسرعة".
وقالت لوكاس "إننا غالبا نعرف النتيجة، اللوحة، ولا نعرف الفنان. فالمرسم
يمكن معرفة الفنان أكثر".
وختمت "لو تكررت التجربة، مع فنانين آخرين، سترى أن لكل فنان جوا وطقسا
وطريقة مختلفة، وسيكون ذلك ممتعا ومفيدا بالتأكيد".
ميدل إيست أنلاين في
23/02/2011
شتي يا دني..صعوبة العودة للحياة بعد سنوات في
المنفى
بيروت – من ريتا الحاج
بهيج حجيج يلقي الضوء على تداعيات الحرب على المجتمع اللبناني
الذي يعاني التفكك في بعض الجوانب.
لا يتضمن فيلم "شتي يا دني" للمخرج اللبناني بهيج حجيج، الذي تبدأ عروضه في
بيروت الخميس، أي مشهد عن الحرب التي شهدها لبنان بين العامين 1975 و1990،
لكنه يتناول احد التداعيات المستمرة الى اليوم لهذه الحرب، وهي قضية
المخطوفين والمختفين قسريا خلالها، ويعالجها من زاوية "العودة الصعبة
للمخطوف" الى عائلته ومجتمعه، من دون أن يغوص في تفاصيل ظروف الخطف ومرحلة
الاعتقال.
ويتمحور الفيلم على شخصية رامز (يؤدي دوره حسان مراد)، وهو واحد من آلاف
الأشخاص الذين تعرضوا للخطف خلال الحرب في لبنان. وبعد اختفائه 20 عاما
قضاها في أحد السجون حيث تعرض للتعذيب، عاد الى حياته الطبيعية، وهو في
العقد الخامس.
لكن رامز العائد، مريض ومضطرب ومحطم نفسيا ومنفصل عن الواقع، ويصاب بنوبات
هلع فيتخيل نفسه ملاحقا من جلاديه السابقين.
وتهز عودة رامز عائلته وتحدث فيها اضطرابا، وتربك مشاريع ولديه ايلي وناديا
(ايلي متري وديامان بو عبود) وزوجته ماري التي تجسد شخصيتها جوليا قصار،
وتنشأ علاقة عميقة بينه وبين زينب (كارمن لبس) التي تعيش في انتظار عودة
زوجها المخطوف أيضا.
وعلى مسار مواز لأحداث الفيلم، وضمن خط درامي مستقل عن القصة الأصلية، تظهر
مرات عدة في الفيلم نايفة نجار (برناديت حديب) التي كانت تعمل في جريدة
"السفير"، والتي خطف ابنها خلال الحرب، وكان في الثالثة عشرة من عمره،
فبقيت تسعة أشهر تنشر مقالات ورسائل الى الخاطفين لكي يعيدوا إليها ابنها،
قبل أن تفقد الأمل وتنتحر.
واضفت المقاطع التي تظهر فيها نايفة النجار بالابيض والاسود، وكذلك المشاهد
التي تصور بو عبود عازفة الفيولانسيل، والحوارات التي تجمع الام بولديها،
وعلاقة ماري بزينب في نهاية الفيلم، لمسة سينمائية اوروبية على اجوائه.
وقال حجيج "شتي يا دني ليس فيلما عن الحرب، بل عن تداعياتها". وأضاف "انه
فيلم عن الذاكرة، اذ لا يمكن ان نلغي ما عشناه بممحاة".
وفي الملف الصحافي الذي وزع على الصحافيين، قال حجيج إن الفارق الرئيسي بين
"شتي يا دني" وفيلمه السابق "مخطوفون" الذي تناول قضية المختفين قسريا خلال
الحرب بأسلوب وثائقي، هو ان "شتي يا دني"، الروائي، "لا يتناول الاختفاء،
بل العودة الصعبة للمخطوف".
وشرح "الفيلم ليس عن مرحلة الخطف بل عن الحياة اليومية في بيروت اليوم من
خلال عودة هذا الرجل المخطوف، ومن خلال طريقة تلقي محيطه عودته، وتعاطي
عائلته ومجتمعه مع هذه العودة".
ومن خلال عودة المخطوف، "يضيء الفيلم على مواضيع أخرى، كالتفكك العائلي"،
على ما قال حجيج، مضيفا "مع عودة رب العائلة المخطوف، دخلت العائلة في
أزمة، وهذا ما يعكس الوضع الراهن المتمثل في المجتمع اللبناني الذي يعاني
أزمة تفكك".
ومع ذلك، "تشعر ان العائلة اللبنانية، حتى لو كانت مهتزة ومفككة قليلا،
تبقى عائلة متماسكة، وهذا ما حاولت اظهاره".
وقال حجيج "ثمة حضور مهم جدا لنايفة نجار. هي تظهر في مقاطع في الفيلم لا
علاقة لها بالقصة في ذاتها، ولكنها تشكل ضمير الفيلم. هي المشكلة الاصلية.
أكثر من مرة خلال الفيلم اعود اليها لاعود بالفيلم الى أساس المشكلة. هذه
الام التي حملت بابنها تسعة اشهر قررت ان تقتل نفسها بعد تسعة اشهر من
اختفائه".
وشدد حجيج على أن "الفيلم هو تحية للمرأة، من خلال نايفة نجار. وكذلك ثمة
تحية للمرأة من خلال زينب المخلصة لذكرى زوجها المخطوف، ومن خلال ماري،
زوجة رامز، التي تولت مسؤولية بيتها واولادها من دون زوجها وهي تحاول بعد
عودة زوجها وأبي أولادها، اعادة تركيب العائلة".
ويستند "شتي يا دني"، وهو الفيلم الروائي الطويل الثاني لحجيج بعد "زنار
النار" (2004)، الى نص مسرحية قصيرة بعنوان "إنها تمطر أكياسا" كتبها سام
بردويل وإيمان حميدان.
وقال حجيج ان العمل على الفيلم استغرق أربع سنوات، وبلغت كلفته نحو 500 ألف
دولار، مشيرا الى أنه أنتج بفضل أموال خاصة وبدعم منظمة الفرنكوفونية ومن
صندق "سند" الذي أسسه مهرجان ابو ظبي السينمائي.
وكان "شتي يا دني" فاز في 22 تشرين الأول/أكتوبر بجائزة "اللؤلؤة السوداء"
لأفضل فيلم روائي طويل من العالم العربي، في الدورة الرابعة من مهرجان ابو
ظبي السينمائي.
وشارك "شتي يا دني"، بعد أبو ظبي، في مهرجان الدوحة ترايبيكا السينمائي
السنوي الثاني الذي نظمته مؤسسة الدوحة للأفلام بين 26 و30 تشرين
الأول/أكتوبر الجاري، وعرض ضمن محور "البانوراما العالمية"، من خارج
المسابقة.
بعد ذلك، حقق "شتي يا دني" إنجازا جديدا، اذ فاز بطله حسان مراد بجائزة
أفضل ممثل في المهرجان الدولي السابع والثلاثين للأفلام المستقلة في
بروكسل.
ثم نال المخرج بهيج حجيج جائزة أفضل إخراج في مهرجان وهران الدولي الرابع
للفيلم العربي، محققا بذلك التتويج الثالث ل"شتي يا دني".
وقال حجيج عن عمله التالي "فيلمي الجديد لن يكون عن الذاكرة، بل عن ازالة
الغموض في مجتمعنا الشرقي الزائف"، لكنه لم يفصح عن تفاصيل اضافية.
ميدل إيست أنلاين في
22/02/2011 |