في صباح ذلك اليوم الصيفي، وفي استوديوهات “وارنر” وبالتحديد في منزله
الصغير (البنغل) الكائن في مزرعة خاصة في قريته الصغيرة المسماة مالباسو،
كان اللقاء مع أحد عمالقة الشاشة العالمية الذي وصل بسيارته المرسيدس
الرمادية اللامعة متأنقاً هادئاً مشرق المحيا تبدو عليه علامات الحيوية رغم
بلوغه الثمانين من العمر . إنه “عملاق الكاوبوي” كلينت استوود الذي لم يزل
يعلق على أحد جدران مكتبه الجميل البسيط ملصقاً للفيلم المشهور “من أجل
حفنة من الدولارات” .
جلس استوود بأريحية على كرسيه ممدداً رجليه الطويلتين منتظراً الأسئلة كي
توجه إليه، وفي عينيه بريق أزرق متربص . يذكر أن الفيلم الحادي والثلاثين
“الآخرة” وهو من إخراجه لقي انتقادات بسيطة وأرباحاً قليلة حتى في الولايات
المتحدة، وكعادته يجد استوود الأعذار باعتباره إنساناً لا يقبل الأمر
الراهن أو المحتوم بل يعتمد على حدسه ورجاحة عقله، ولذا يقول “أذواق
المشاهدين لا يمكن توقعها أو التنبؤ بها، وأياً كان حكمهم فأنا لا يمكنني
فعل شيء آخر ولا بد لي أن أنتقل إلى عمل آخر” .
المعروف عن استوود أنه سينمائي لا يخضع لما تمليه عليه قواعد هوليوود، فهو
يعني ما يقول ويفعل ما يعتقده صحيحاً، وهو مؤمن بما حقق حتى الآن . وعن
فرنسا بدأ حوار مجلة “لوفيغارو” مع كلينت ايستوود .
·
متى كانت رحلتك الأولى إلى
فرنسا؟
- المرة الأولى التي جئت فيها إلى باريس كانت عام 1966 في شهر مارس/آذار
خلال عرض الثلاثية الايطالية لسرجيو ليون “من أجل حفنة من الدولارات”، وكان
ذلك في سينما ركس الكبيرة حيث كان صاحبها هلمان من كبار المشجعين
والمتحمسين لهذا الكاوبوي الايطالي . في تلك الآونة كنت غير معروف ولكن
عندما عدت بعد 5 سنوات مع دون سيجيل لعرض فيلم “ضحايا” كان الأمر قد تغير
وبدأ الناس يعرفونني، ثم تمت دعوتي إلى دورات من مهرجان “كان” كما أنني
صورت جزءاً من فيلمي الجديد “الآخرة” في فرنسا البلد الذي كان حسن الطالع
بالنسبة لي .
·
هل أنت مؤمن حتى تقوم بعمل فيلم
عن الآخرة؟
- مع فيلم “الآخرة” أردت أن أعمل فيلماً لا علاقة له بالدين بل فيلماً
روحياً . أما مسألة إن كانت هناك آخرة أم لا فلا تشغلني كثيراً علماً بأنني
فكرت في ذلك عندما أردت تصوير هذا الفيلم .
·
ما الأمور التي تأسف أو تندم
عليها؟
- لا أؤمن بالندم أو الأسف على شيء فأنا إنساني حدسي فما إن اتخذ القرار
حتى أشرع بالتنفيذ ولا أؤجل ما عزمت عليه . والرفض عندي لا يعني أن المشروع
الفلاني لن يلقى النجاح، بل أرى عندها أنه من الأفضل أن يتبناه شخص آخر
غيري . والأمثلة على ذلك عدة، فعلى سبيل المثال من الممكن أن اخلف الممثل
الكبير شين كونري وأن أكون جيمس بوند الجديد في فيلم “في مخابرات جلالة
الملكة” وكنت وقتها اتسلح بالمحامي نفسه الذي كان يعمل لحساب المنتج كوبي
بروكولي الذي اقترح أن أرث عرش تلك الفترة في عام ،1968 وكان ذلك بالنسبة
لي بمثابة الصفقة المربحة جداً على الصعيد المادي، لكنني كنت حينها قد
انتهيت للتو من العمل في الثلاثية الشهيرة “من أجل حفنة من الدولارات” ولم
أر نفسي قادراً على توقيع عقد جديد خشية أن اتقوقع في بوتقة معينة على
المدى البعيد، علاوة على ذلك كنت أرى أن الدور لا بد أن يقوم به رجل
انجليزي الأصل وكان عليّ أن أعمل بجهد كبير كي أكون مقنعاً للمشاهدين، ولذا
اعتقد أنهم وجدوا العنصر المناسب لذلك الدور .
والمثال الآخر الذي لا أنساه أنه في عام 1977 طلب مني فرانك ويلز حين كان
رئيساً لاستوديوهات “وارنر” أن اجسد دور “سوبر مان”، والحقيقة أن تجسيد
شخصية كرتونية شهيرة كهذه ما كان يستهويني على الاطلاق، ولا شك أن الفكرة
كانت جيدة ولكن ليس معي، لذا قدمت في تلك الفترة فيلماً جميلاً “الطيب
والقاسي والمجنون” بدلاً منه وقد حقق الفيلمان نجاحاً منطقع النظير لوارنر
. ولقد حاولت أنا وستيف ماكوين ايجاد عمل مشترك ولكن كلما كنا نخرج من عمل
ما، كان يصرخ في وجهي قائلاً: “المشكلة هي أنك مشهور وكبير إلى حد أنني لا
أكاد أظهر أمامك” .
·
يقال إنك لاعب غولف محترف فمتى
بدأت هذه الرياضة؟
- بدأتها في الثالثة عشرة من عمري، كنت اجمع مصروفي من أجل عطلة نهاية
الأسبوع لأشترك في نادي للغولف بالقرب من أوكلاند . والحقيقة أنني لم اتلق
دروساً فيها أبداً بل كان مجهوداً شخصياً، علماً بأنني شرعت بالتعلم بالشكل
الصحيح عندما بلغت الثلاثين ولم أزل العب حتى اليوم عندما تتيح لي الظروف .
ومنذ بضعة أعوام خططت ملعباً شخصياً مع مبنى خاص بكل أدواته .
·
من هواياتك التي نعرفها هوسك
بالطيران فكيف ومتى تعلمت هذه الهواية؟
- بدأ الأمر في صيف 1968 أثناء تصويري لفيلم “سوق الغرب الخيرية” في
الأوريجون، وقتها استأجرت منزلاً في باكيرستي وكان على فريق التصوير نقلي
إلى هناك بطائرة هليكوبتر موديل (بيل - 47) وكان الطيار معلماً محترفاً
وحاصلاً على شهادات، واقترح عليّ أن اتعلم قيادة الطائرة، وبالفعل تدربت
عدداً لا بأس به من الساعات . وفي شهر يونيو/حزيران 1989 وقبل ذهابي إلى
زيمبابوي لإخراج فيلم “صياد أبيض وقلب أسود” ذهبت إلى صالة عرض بورجيه
للطيران وطلبت أن يجهزوا لي طائرة بمحرك واحد . وبعد انتهاء التصوير، قضيت
بعض الوقت في مركز التدريب بمنطقة “إكس أون بروفانس” الفرنسية ريثما يتم
الانتهاء من طائرتي . وبالفعل حلقت من هناك لأصل في بضع ساعات إلى قريتي
(كارميل) ولن أخفيك إذا قلت لك إن قيادة الطائرة تجعل الإنسان كورقة في مهب
الريح، فالأمر ليس هيناً كما يتخيل البعض .
·
ماذا عن المرأة في حياتك، وهل
كان لها تأثير من قريب أو من بعيد؟
- والدتي هي أكثر شخص احببته وأحبه في حياتي وكذلك جدتي التي كنت أسكن
عندها حيث كان والداي يبحثان عن عمل أثناء الأزمة الكبرى في ثلاثينات القرن
الماضي . وجدتي أثرت كثيراً في تكوين شخصيتي حيث كانت امرأة مستقلة
وتقدمية، وكنت بالنسبة لها أفضل الشبان، ولذا علمتني قيادة السيارة وكانت
تتركني أقود سيارتها . أما دينا زوجتي فلقد كان لها تأثير كبير في حياتي
حيث جعلت مني رجلاً أفضل من ذي قبل بفضل تشجيعها وحنانها، كما تعلمت منها
الصبر إلى اقصى الدرجات، والتوافق بيني وبينها كبير للغاية فنحن تقريباً
نتوافق في غالبية الأمور التي تخص العائلة وتربية الحيوانات والسفر ورياضة
الغولف بالطبع .
·
وماذا على صعيد الأسرة وكيف
علاقتك مع أولادك وأحفادك؟
- اليوم اعتقد أن علاقتي ممتازة بأولادي مع العلم أن هذا الأمر لم يكن كذلك
على الدوام، ففي بداية مشواري المهني في السينما كنت أبحث عن الشهرة
والنجاح وكنت دائم الغياب بحثاً عن التألق فيلماً بعد فيلم .
وعندما صرت أباً في وقت متأخر، قررت أن أكرس وقتي وجهدي لابنتي فرانشسكا
(18 سنة) ومورجان (15 سنة) رغم انشغالي الدائم بالعمل وكنت أشارك في كل
النشاطات المدرسية التي تشاركان فيها وكذلك النشاطات خارج إطار المدرسة،
وأعتقد أنني علمتهما العادات والتقاليد الأصيلة التي ورثتها بدوري عن أسرتي
.
·
عملت في السينما وحققت نجاحات
كبرى فهل كنت تتوقع الاستمرار في هذه المهنة وهذا النجاح طوال هذه المدة؟
- لم أكن أتخيل بالتأكيد البقاء طوال هذه المدة في هذه المهنة خاصة عندما
حاولت تحقيق ثغرة مهمة لدى دخولي إلى عالم هوليوود في خمسينات القرن الماضي
. والحقيقة أنني كنت دوماً قلقاً من عدم استمرار النجاح، فالحياة أخذ ورد
وصعود وهبوط، والحظ يلعب دوراً في حياتنا، وأياً كانت الموهبة التي أملكها
فإنها عامل مهم في المعادلة التي توصلك إلى النجاح ولقد تأكدت من ذلك من
خلال عدة تجارب خضتها في هذه المهنة، أما على صعيد الصحة فكنت على الدوام
انتبه إلى صحتي وأمارس الرياضة بشكل منتظم وأنتبه لطعامي وأتناول
الفيتامينات، ولم أدخن قط إلا أمام الكاميرا، وأنا متابع جيد لكل ما هو
جديد في المجال الطبي وخاصة العلاج النظري الذي درسته في الجامعة في وقت ما
في نيويورك .
·
هل تفكر في الاعتزال أم أنك من
المناضلين حتى الرمق الأخير؟
- لا أفكر في الاعتزال أبداً علماً بأن البعض يدّعون ذلك بدلاً مني،
والحقيقة أن التقدم في العمر يجعل الإنسان يقدر الأمور أكثر من ذي قبل،
وأنا لست بكّاء على الماضي ولا من الذين يحنون إليه، بل أبقى دائماً على
وضعية التعلم لكل ما هو جديد ومازلت أبحث عن التحديات، وهذا أمر محفز
يجعلني أشعر أنني لم أزل شاباً وحيوياً . وما دمت أشعر بأن الشيخوخة لم تنل
مني فسأقوم بعمل الأفلام، فها هو مانويل دو أوليفيرا قد بلغ المئة ومازال
يمثل ويعمل . ولنا أن نذكر جون هوستن الذي صور آخر أفلامه وهو على الكرسي
المتحرك وتحت تأثير الأكسجين،
·
هلا حدثتنا عن آخر أفلامك أو
أفلامك المقبلة؟
- حالياً أعمل على إنتاج أولي للسيرة الذاتية التي تخص الرئيس الأمريكي
هربرت كلارك هوفر، وهو الرئيس الحادي والثلاثون للولايات المتحدة، وسنبدأ
العمل مع نهاية شهر فيرابر/شباط الجاري . وأراد الممثل ليوناردو دي كابريو
العمل معي وقدم لي السيناريو الذي حرره دوستان لونس بلاك المخرج والمنتج
وكاتب السيناريو المعروف الذي نال جائزة الأوسكار عن فيلم “ميلك” عام 2008
.
قرأت السيناريو ووجدته مكتوباً بعناية فائقة ويتناول الفترة التي كان فيها
هوفر مديراً “للإف بي - آي” من (1924-1972) . وأعتقد أن الموضوع مهم
وليوناردو دي كابريو متحمس له وأنا من المعجبين به، حيث وجدته مميزاً في
فيلم بداية (Imception) لكنني لم أشاهد بعد فيلمه (Shutter
Islamd) . ويمثل الرئيس هوفر تحدياً كبيراً بالنسبة له كممثل شاب لأن الدور
ليس سهلاً أبداً، وربما ستكون هذه فرصة كي يثبت أنه يمتلك موهبة فذة وقدرات
تمثيلية جديدة . وحتى الآن مازال دي كابريو يبحث ويقرأ ولقد تحدثنا مع (الإف
بي آي) بهذا الخصوص لاختيار بعض المواد من أرشيفهم . وأتمنى أن يحالفنا
الحظ كما جرت العادة .
الخليج الإماراتية في
16/02/2011
بعضهم يتوقع انفتاحاً أكبر وآخرون
حذرون
الفنانون يتطلعون إلى "ثورة
سينمائية"
القاهرة - دينا الأجهوري
شهدت انتفاضة الشعب المصري منذ الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني،
مشاركة عدد كبير من الفنانين باعتبارهم جزءاً لا يتجزأ من الوطن . وبعيداً
عن مشاركتهم وتأييد بعضهم لحركة الشباب والشعب أو معارضة البعض الآخر لها،
كان لابد أن نتوقف مع الفنانين حول المرحلة المقبلة في الحياة الفنية
المصرية، حيث إن يريد بعضهم أن يعبر عن رأيه ولكن بشكل آخر من خلال أعمال
فنية، وذلك لأنهم يرون أن شكل النظام الذي تتبعه أي دولة يؤثر في شكل
الأعمال الفنية، مثل حرية التعبير في السياسة التي تترجم إلى حرية تقديم
أعمال فنية بلا قيود .
أجمع أكثر من فنان وفنانة على أن الفترة المقبلة ستشهد أعمالا أكثر حرية،
ووجدوا هذا التغيير في الشارع السياسي فرصة للتغيير أيضاً في شكل الفن
المصري .
فهل يعني هذا التغيير أن الفترة المقبلة ستشهد أعمالاً فنية مختلفة في
المواضيع والتناول؟ وهل ستكون أكثر جرأة من ذي قبل؟ التقينا مجموعة من
الفنانين الذين أجابوا بوضوح في هذا التحقيق .
من أوائل الفنانين الذين وجدوا هذا التغيير فرصة لإعطائه حرية أكبر في
تقديم أعماله الفنية المخرج المثير للجدل خالد يوسف الذي كانت له تصريحات
جريئة حيال هذا الموقف وقال ل”الخليج”: مؤكد أن السينما بعد “25 يناير”
ستكون مختلفة عن السينما قبل هذا التاريخ .
وأضاف: السينما كانت دائماً ولا تزال معبرة عن الواقع المعيش بكل سلبياته
وإيجابياته، وفي السنوات العشر الأخيرة بداية من عام 2001 وحتى ،2011 شهدت
السينما المصرية أفلاماً أظهرت الوجه الآخر لجهاز الشرطة، وبعدما كانت
الرقابة المصرية والداخلية ترفض الأعمال التي يظهر فيها الضابط بشكل سيئ
وأنه فاسد، لا أعتقد أن الفترة المقبلة سيكون موقف الرقابة هو نفسه .
وقال خالد: في أفلامي “هي فوضى” و”حين ميسرة” استطعت في حيز الحرية الضيق
الذي فرضته علينا قوانين النظام والدولة، أن أعبر عن العلاقة المتوترة بين
جهاز الشرطة والشعب وكشف حجم فساد كبير كان معلوماً للجميع، ولكن الحرية
الآن أصبحت موجودة في كل مكان، في الشارع في البيت في النادي ولابد بديهياً
أن تكون في السينما .
وأشار خالد يوسف إلى أن هذه “الثورة” التي حدثت في مصر ألهمته وكثيرين
مثله، وأعطته أكثر من فكرة لعمل سينمائي، حيث أكد أنه يستعد خلال الفترة
المقبلة لتقديم أعمال سينمائية تبرز الجوانب الخفية التي كانت داخل ميدان
التحرير خاصة أنه كان من المشاركين في المظاهرات، وقال خالد ضاحكاً: “ولو
الرقابة هترفض هذه الأعمال “ميدان التحرير” موجود وهاعمل اعتصام” .
واتفق معه في الرأي الفنان عمرو واكد الذي قال بنبرة حزينة: للأسف مصر لم
ترَ حرية إبداع وتعبير في السينما خلال ثلاثة عقود مضت، والدليل على ذلك
وجود جهاز الرقابة الذي يفسد كل ما هو مبدع وجميل .
وأضاف من المعروف أن أي تدخلات في السيناريوهات الفنية يفسد كل ما هو جميل،
فقبل أحداث “25 يناير” كان مفروضاً علينا كفنانين أن نقدم رجل الشرطة في
شكل “ملاك” وكان من الممكن أن يوجد ولو 30% من الجمهور يصدقون هذا ولكن هل
بعد هذه الأحداث ستكون النسبة كما هي؟ بالطبع لا .
وأكد عمرو أن السينما في الفترة المقبلة يجب، بل ومن الضروري أن تشهد حالة
انتفاضة مثلما حدث في الشارع المصري وتبدأ بحل الرقابة الفنية فوراً لأنها
قيد على رقبة المبدعين .
الفنانة بسمة لم يختلف رأيها كثيراً، ولكنها أضافت أن عدداً كبيراً من
المخرجين الشباب مثل كاملة أبو ذكري وعمرو سلامة وغيرهما، قاموا بتصوير
لقطات حية من المظاهرات بكاميرا ديجيتال رصدوا تفاصيل الثورة ورصدوا مشاهد
كثيرة، بالإضافة للمخرج والسيناريست محمد دياب الذي توجه لميدان التحرير
مشاركاً وراصداً للحالة هناك والذي كان آخر من تأذى من القوانين التي تضعها
الدولة لقتل الإبداع وتم منع فيلمه “678” بحجة أنه يظهر جانباً سيئاً في
الشارع المصري، ومن المقرر أن تجمع هذه اللقطات لعمل مشروع سينمائي ضخم
يظهر ما حدث في المظاهرات .
وأضافت بسمة من هو الفنان أو الفنانة الذي لم يتأذَ بسبب قوانين ومحظورات
وضعت على حرية التعبير في الأعمال الفنية؟ جميعنا ويشاء القدر أن تحدث هذه
الحركة لتثبت للجميع أن السينما لا تختلق أشياء بل تتنبأ بما سيحدث، وهذا
هو دور الفن الصادق .
وضمت بسمة صوتها لصوت عمرو واكد وطالبت بإلغاء الرقابة الفنية .
“حركة 25 يناير أثبتت أن التغيير يجب أن يحدث في كل المجالات” . . هكذا بدأ
الفنان خالد أبو النجا حديثه، كما انتقد أبو النجا الرقابة على المصنفات
الفنية التي تعطي لنفسها حق التدخل بمشرط لتشويه العمل الفني، متمنياً أن
تتفهم الرقابة أهمية وجود بعض المشاهد التي تكون جرأتها مبررة لخدمة
الأحداث .
وأضاف أبو النجا أنه أكثر الفنانين الذين أحبطت قوانين الدولة أحلامه في
تقديم أعمال سينمائية تحكي واقع الشارع المصري، وقال إنه كان لأحد أصدقائه
سيناريو يتحدث عن البطالة في مصر ودور رجال الأعمال، كان سيقوم خالد
ببطولته وإنتاجه إلا أن الرقابة رفضت السيناريو .
وقال خالد ضاحكاً: وها هو ما حدث مؤخراً أثبت وجهة نظر صديقي في تورط بعض
الكبار في قضايا فساد.
وأنهى أبو النجا حديثه: أنا شخصياً متفائل بحال السينما المصرية خلال
الفترة المقبلة، خصوصا أن “برقع الحياء” سقط عن الجميع ولا فائدة من خداع
الناس وإخفاء الحقيقة عنهم .
أما المخرج داود عبد السيد، والمعروف عنه جرأة أعماله، فأكد أنه بات من
الضروري أن تتغير طبيعة الرقابة على الأعمال الفنية في مصر، والتي تلتزم
بمجموعة من القوانين الصارمة لمصلحة جهات معينة في الدولة، واعتبر عبد
السيد أن السينما شهدت تراجعاً في العقدين الأخيرين بسبب فرض القوانين
المقيدة للحريات والإبداع، ما جعل المجتمع المصري يفكر تحت قيود وأصابه
بالتخلف الفني والفكري، لذلك أصبح الفرد في مجتمعنا يخشى أن يشاهد أعمالاً
تكشف له الحقيقة السوداء .
وأكد داود أن 2012 ستشهد تغييراً كبيراً في مضمون الأعمال الفنية سواء على
المستوى السياسي أو حتى الاجتماعي لأن الحقيقة أصبحت أمام الجميع ولا مجال
لتجميلها أو إخفائها .
الفنان أحمد السقا قال: حتى نكون منصفين وبغض النظر عن الفساد الذي كان
موجوداً، فإن لا أحد ينكر أن السينما المصرية كانت تتنبأ بما قد يحدث،
وشهدت مؤخراً أعمالاً فنية جريئة لم تشهدها في الثمانينات ولا حتى أوائل
التسعينات، وهذه الأعمال تناولت مشكلات سياسية وجنسية أيضاً، كما أصبح هناك
هامش للمبدعين لمناقشة كل ما هو سلبي في مجتمعنا المصري، فلا أحد كان يتخيل
أن السينما المصرية تنتج فيلماً مثل “678” الذي ناقش ظاهرة التحرش في
الشارع وهي المشكلة التي كانت المجتمعات تخجل من تناولها والحديث عنها
لحساسيتها، كما أن وجود أعمال مخرج جريء مثل خالد يوسف أكبر دليل على وجود
حرية التعبير والإبداع، كما تنبأت بفورة غضب الشارع .
أما الفنانة حنان ترك فانزعجت من فكرة أن السينما المصرية من الممكن أن
تشهد حرية أكثر الفترة المقبلة بعد نجاح الشعب المصري في عمل تغييرات
سياسية وتساءلت: لماذا يريد البعض العودة بنا للوراء لشكل السينما في
السبعينات، حيث شهدت أفلاماً “إباحية” إلى حد ما، ليس لها أي معنى ولكنها
نقطة سوداء في تاريخ السينما ومن قدموها؟
وأضافت: أيضا على الصعيد السياسي هناك مساحة حرية متوفرة للمخرجين
والفنانين للتعبير عن رأيهم وأفلام الراحل يوسف شاهين قدمت لنا هذا النموذج
من الحرية في أفلامه، كان آخرها “هي فوضى” الذي قدم نموذجاً فاسداً من رجل
الشرطة، فمن المؤكد أن لكل دولة قوانين تحكمها ولابد من احترامها ولا يعني
احترامها أن يتم تقليل أو قتل حرية الإبداع ويجب أن نفصل بين “الحرية
والانفلات” لأن بينهما خيطاً رفيعاً جداً .
وتقول الفنانة دنيا سمير غانم: ما حدث في الشارع المصري يوم 25 يناير وحتى
الآن، هو انفجار نتيجة كبت داخل الشعب بسبب سوء الأحوال الاجتماعية
والاقتصادية وانتشار الفساد، غير أنني لا أعتقد أن السينما المصرية كانت في
كبت لتخرج منه .
وأشارت دنيا إلى أن العكس قد يحدث، حيث ترى أن الفترة المقبلة ربما ستشهد
قيوداً على الأعمال الفنية لأن الدولة لن تسمح بأي تشويه من أي نوع لأن
الفترة المقبلة ستكون أكثر حساسية وسنحتاج لوقت كبير لنستعيد ما فقدناه من
استقرار .
الخليج الإماراتية في
16/02/2011
اعتصامات في نقابة السينمائيين تطالب بإقالة النقيب
كتب
نسرين علاء
الدين
تحول اجتماع مجلس إدارة نقابة المهن السينمائية الذي عقد منذ أيام
من اجتماع سلمي حسب الشعار الذي رفعه أعضاء النقابة إلي خلاف ومشادات حادة
بين بعض
الأعضاء ومسعد فودة بسبب إصرار النقيب علي الاحتفاظ بالمقعد وقيامه
بالاتصال ببعض
عناصر الجيش ليتدخلوا لحل الأزمة، حيث أصر بعض الأعضاء أمثال المخرج علي
بدرخان
والمنتج محمد العدل ومها عرام علي عدم مغادرة النقابة والاعتصام بداخلها
حتي يرحل
النقيب وهددوا بالاستيلاء علي النقابة.
وأكد المخرج هاني خليفة أنهم
معتصمون في النقابة ولن يرحلوا إلا بعد تفعيل القانون رقم 100
الخاص بالنقابات الذي
ينص علي الإشراف القضائي علي النقابة لحين
انتخاب مجلس إدارة، وعن الجمعية العمومية
الطارئة أشار إلي أنهم لا يرغبون في عمل هذه الجمعية لأن معظم أعضاء المجلس
استقالوا، وأضاف: «تتلخص مطالبنا في استقالة المجلس وعلي رأسه النقيب الذي
يبدو أنه
لا يستوعب أن العقد القديم انتهي».
أما المونتيرة ولاء سعدة فأكدت أن أهم
المطالب هي تيسير العمل النقابي والتحفظ علي أوراق ومستندات
النقابة والتقدم ببلاغ
للنائب العام، وأضافت: عندما علم مسعد بهذا
البيان تقدم ببلاغ للجيش يدعي تدميرنا
لممتلكات النقابة وعندما جاءوا وجدوا أنه لا يوجد أي تعد علي الممتلكات
وتأكدوا أن
اعتصامنا قانوني، كما أشاع أنه تحدث مع المشير طنطاوي، وأكد له أنه سيقوم
بإحضار
قوة من الشرطة العسكرية لإخلاء النقابة من مثيري الشغب، وأثبتنا أن هذا
الكلام غير
صحيح وتداركنا أنه يستغل اسم المشير في تهديدنا ولكننا لن نرحل.
وأكد
السينارست سيد فؤاد وهو أحد المعتصمين أن الأمور تطورت بشكل مفاجئ والسبب
هو قيام
النقيب بإحضار عناصر من الشرطة العسكرية واتهامنا أن وجودنا غير قانوني
وعندما تأكد
الجيش من أننا أعضاء نقابة انسحب علي الفور وقررنا نحن الاعتصام وسنقوم
غداً
بالذهاب إلي المحكمة طبقا للقانون المطعون فيه الذي ينص علي عمل انتخابات
جديدة في
حالة اكتمال نصاب الأعضاء الراغبين في ذلك.
أما المخرج أكرم فريد فأشار إلي
أنهم معتصمون ولن يتركوا النقابة ورفعوا شعار «مش هنمشي هو
يمشي» وأكد أن شعارهم
الآخر «سلمية» وأنهم لم يقوموا بعمل شغب أو
تخريب كما ادعي النقيب والدليل علي ذلك
وجود العاملين في أماكنهم لحماية النقابة وأضاف أنهم لم يطالبوا بعقد جمعية
عمومية
جديدة لأنه لا يوجد شك في تزويرها ولكن المطالب تتلخص في إقالة النقيب الذي
رفع سقف
المحسوبيات والرشاوي وجعل كارنيه النقابة في يد الجميع حتي السعاة وأننا مع
الاحترام للمذيعين ولكن لا يصح أن يتم مساواتنا كمخرجين ومنتجين بهم
وأعطائهم
كارنيه النقابة لتحقيق مصالح شخصية.
وأضافت الماكييرة عبير فتحي أنها
نقابية منذ أكثر من ثمانية عشر عامًا ودفعت ما يقرب من عشرة
آلاف جنيه لتحصل علي
الكارنيه ومرت بالعديد من الاختبارات ولكن
الآن أصبح لا يوجد مشقة لأخذ الكارنيه
طالما هناك مصالح مشتركة بين من يريده وبين
النقيب.
علي جانب آخر استنكر
بعض الأعضاء التطاول الذي صدر عن البعض الآخر تجاه النقيب وأكدوا علي
المطالبة
بحقوقهم ولكن بشكل حضاري حيث أكد المخرج محسن أحمد أنهم بصدد إقامة دعوي
لجمعية
عمومية طارئة لعمل انتخابات بشكل ديمقراطي حتي يتم حل المجلس الحالي
وانتخاب مجلس
يخدم السينمائيين ولكن شدد علي أن المسألة لابد أن تحل بشكل داخلي لأننا من
المفترض
أن نكون نموذجًا لتفعيل القانون لأننا مثقفون وواجهة لغيرنا وطالما نتصرف
بهذا
الشكل ماذا سيقوم بعمل العامل العادي.
أما المخرج الشاب عمرو عابدين فقال
قدمت استقالتي من النقابة وأطالب بتجميد عضوية مجلس النقابة
الحالي وإعادة
الانتخابات وأضاف أنه لابد من وجود انتخابات تضخ دماء جديدة
للمجلس معبراً عن أسفه
بشأن الأسلوب الذي تصرف به بعض الأعضاء
ووصفه بالهمجي وقال لنا مطالب شرعية ولابد
أن نطالب بها بشكل محترم.. من أبرز المعتصمين المخرجة كاملة أبوذكري ونهي
العمروسي
وأحمد متولي وفوزي العوامري والمنتج شريف مندور.
ومن جانبه أكد عبدالحكيم
التونسي رئيس لجنة الطوارئ بالنقابة أنهم قاموا بالفعل بعمل إخطار في
المحكمة بطلب
عقد جمعية عمومية غير عادية بناء علي طلب بعض الأعضاء وننتظر الرد لأننا مع
الشرعية
ولسنا ضد أحد وأضاف التونسي أن إجمالي أعضاء المجلس 6500 فرد والمعتصمون لا
يزيدون
علي خمسين بل أقل ولكننا رضخنا لمطالبهم حرصاً علي الشرعية وعن تغيير بنود
في
التعاقدات أكد التونسي «حالياً لا يجوز لأن معظم القوانين غير فاعله ولكن
بعد
استقرار الأوضاع سننظر في الأمر بمشاركة المحكمة».
روز اليوسف اليومية في
16/02/2011 |