استطاع الفنان محمد رمضان أن يجذب المشاهدين منذ أول ظهور له في
مشاهد قليلة من خلال دور الراحل أحمد زكي في مسلسل «السندريلا»
مع الفنانة مني
زكي.. رمضان اشتهر بين الفنانين بأداء دور الشاب البسيط الذي يحلم دائما
بالعيش
الكريم وهو ما اعتبره ميزة مؤكداً أنه فخور بملامحه التي تتشابه مع العديد
من
الوجوه المصرية العادية حتي يستطيع أن يمثلهم بشكل جاد ورغم
حصوله علي شهادة أغلب
النجوم المصريين بأدائه المتميز إلا أنه لا يهتم بمساحة الدور الذي يقدمه..
وكان
ذلك واضحا من خلال اشتراكه في فيلم «الشوق» مع المخرج خالد الحجر الذي لا
يتعدي
دوره بضعة مشاهد ولكنه جوهري كما وصفه رمضان تحدث في حواره
معنا عن استعداده لفيلم
الشوق وبعض القضايا الأخري في هذه السطور.
·
ما الذي جذبك للمشاركة في فيلم «الشوق»؟
-
منظومة الفيلم كلها متكاملة حيث يتوفر فيه المخرج المتميز وهو
خالد الحجر الذي تمنيت العمل معه بالإضافة إلي السيناريو
المتميز المكتوب بحبكة
درامية عالية ومعبرة بالفعل عن كل شخصية ومعاناتها بالإضافة إلي الفنانين
المتميزين
بجانب أن الدور حيوي وبه تغيرات كثيرة كما يحتوي علي انفعالات وتقلبات
استطيع أن
أثبت قدرتي كممثل بها.
·
ألا تري مساحة الدور صغيرة
قياساً بالأدوار التي
تقدمها حاليا؟
-
بالفعل الدور صغير ولكنه مهم وفعال ففيلم الشوق يعتبر من
أفلام البطولات النسائية وكانت به البطولة الوحيدة تقريبا
للفنانة سوسن بدر.. ومثل
هذه الأفلام لا يقدم الرجال فيها بطولة ولكن تكون أدوارهم هامشية وفعالة في
نفس
الوقت كما أنني لا أهتم بحجم الدور لأنه لا يوجد دور صغير ودور كبير.
·
ما
رأيك في الانتقادات التي تم توجيهها لفيلم «الشوق» بأنه لا
يناقش قضية الفقر بدون
تعمق؟
-
أنا لست ضد النقد البناء ولكن الذي يقول هذا الكلام فهو خاطئ.. لأن
المناقشة في الفيلم متعمقة للغاية لأننا عرضنا الأشخاص من
داخلها وهذا العرض لقضايا
الفقر لا يكون متواجداً بشكل كبير في معظم الأفلام وعلي كل لا أقول إن
الفيلم ليست
به أي أخطاء فأي عمل فني يكون به نقص إما في الرؤية أو في التمثيل أو في
السيناريو
وغيرها من عوامل نجاحه.. ويكفيني فرحتي بحصول الفيلم علي جائزة
أفضل فيلم في
المسابقة الدولية وليست العربية بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته
السابقة.
·
يتعرض فيلم «الخروج من القاهرة»
للعديد من الأحداث الحساسة
بالمجتمع، ما الذي حمسك للمشاركة به؟
-
قصة الفيلم جيدة وواقعية جدا وهو لا
يسيء لسمعة مصر كما قيل ولكنه يناقش قضايا واقعية وملموسة.. فهو يحكي قصة
شاب يبحث
عن عمل ولا يجده ثم يقرر هذا الشاب البحث عن فرصة عمل بالخارج فهو يحلم
بالخروج
خارج حدود مصر ليبحث عن رزقه وهذا ليس عيبا أو حراما فأرض الله
واسعة ويجب أن يعمل
بها ويسعي كما أنه خريج كلية حقوق ويعلم جيدا ما له وما عليه ولا يستطيع
الحصول علي
أقل حقوقه في المجتمع.
·
والرقابة أجازته بعد إجراء
تعديلات علي السيناريو؟
-
مشكلة الرقابة في طرح القصة العاطفية التي يمر بها هذا الشاب فهو مسلم
ويحب فتاة مسيحية.. وأنا في رأيي أن قصة الحب هذه جميلة وتؤكد أنه لا يوجد
بيننا
فرق لا في الدين ولا في اللون ولا في الجنسية وأن القلب عندما
يحب لا يعرف مثل هذه
الحدود التي يفرضها المجتمع.
·
وكيف كانت مشاركة الفيلم بمهرجان
دبي
السينمائي الدولي؟
-
كانت مشاركة متميزة فيكفي أنه الفيلم الوحيد الحاصل
علي جائزة الإنجاز من مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته
السابقة وقد أشاد به
عدد كبير من النقاد والحضور.. كما أنه الفيلم المصري الوحيد الذي شارك
بالمهرجان
وتم وضع جملة علي الأفيش مكتوب بها «بدعم من مهرجان دبي».. وقد اهتم به
القائمون
علي المهرجان واقاموا له عرضاً خاصاً بسجادة حمراء ولم يحدث
ذلك لأي فيلم مصري
مشارك بالمهرجان سوي فيلمي وفيلم «678».
·
ومتي سيكون العرض الجماهيري له
بدور العرض المصرية؟
-
لا أعلم تحديدا ولكن المخرج هشام عيسوي يقوم حاليا
بتنظيم عرض خاص لرئيس الرقابة د.سيد خطاب لمشاهدة الفيلم
وإصدار التصاريح الخاصة
بعرضه قريباً.
·
من المفترض أن تبدأ تصوير فيلم
«ستر وغطا» لماذا تم
تأجيله؟
-
بالفعل تم تأجيله ليبدأ التصوير آخر شهر مايو الحالي.. وذلك
لانشغالي بتصوير مسلسل «دوران شبرا» والذي أقدمه مع الشركة
العالمية وهي نفس الشركة
المنتجة للفيلم لذلك كان قرارهم منذ البداية أن يتم تأجيل العمل بالفيلم
لحين
الانتهاء من المسلسل بشكل كامل.
·
وما هو الدور الذي تقدمه في «ستر
وغطا»؟
-
الفيلم بشكل عام تدور أحداثه حول مافيا تجارة الأدوية في مصر.. وأجسد دور
شاب من أسرة متوسطة ويدرس بكلية الصيدلة ومن خلال عملي بهذا
المجال اكتشف خبايا
تجارة الأدوية والمافيا التي تقوم بها.. ويعتبر هذا الفيلم هو أول بطولة
مطلقة لي
ويشاركني في الفيلم مجموعة من الفنانين منهم عمرو واكد وباسم سمرة وجيهان
فاضل
وإخراج عاطف حتاتة.
·
هل يلقي مسلسل «دوران شبرا»
الضوء علي التفاهم بين
المسلمين والمسيحيين؟
-
بالطبع وهو في رأيي مهم جدا في الوقت الحالي لأننا
نؤكد علي تفاهم الناس والجيران الذين نشأوا وتربوا مع بعضهم
البعض في منطقة شبرا.
·
هل بالفعل تعاقدت علي تقديم
شخصية السادات في مسلسل «كاريوكا»؟
-
نعم وسأبدأ التصوير خلال أيام.. وأعتقد أنه قدري أن أقدم نفس الشخصية التي
قدمها
وبرع فيها الفنان الراحل أحمد زكي.. فهو يلازمني منذ أن قدمت دوره في مسلسل
السندريلا في بداية مشواري الفني.. وهذا شرف لي لا أنكره
ولكنني قبلت الدور ليكون
تحدياً لي حيث أسعي لتقديمه بشكل مختلف عما قدمه الفنان الراحل.. فأعتقد أن
هذا
الدور رهان لي اتمني أن أكسبه.
·
وهل انتهيت من فيلم «هي واحدة»؟
-
نعم وهو حاليا في مرحلة المونتاج الأخيرة ومن المتوقع أن يتم عرضه في شم
النسيم
المقبل وتدور أحداثه حول شاب صعيدي يأتي للقاهرة ليعمل بأحد الفنادق الكبري
ثم
يتورط في جريمة قتل.
·
تقوم بتصوير أكثر من عمل في وقت
واحد.. ألا يحدث أي
تضارب في مواعيد التصوير؟
-
لا يحدث ذلك لأنني لا أخفي علي أحد شيئاً
وعندما أتعاقد علي عمل يكون صاحبه علي علم بأنني أقدم عملاً آخر.. وهذا
التنسيق يتم
عادة بين مساعدي المخرج حيث يجلس كل واحد منهم مع الآخر ويقومون بتسوية
المشاهد
والمواعيد الخاصة بي.. وليس علي أنا سوي أن يتصل بي أحدهم
ويقول لي غدا هناك تصوير
في المكان الفلاني.. ولا أنكر أنه إرهاق كبير علي ولكن هذا عملي فالموظف
يعمل 6
أيام في الأسبوع وأنا أمثل 6 أيام في الأسبوع حتي أحلل لقمة عيشي علي
الأقل.. فأنا
ضد أن أقدم فيلما مثلا أو عملين خلال العام ثم أجلس باقية
العام بدون عمل.
·
لماذا يتم حصرك في أدوار الشاب
المصري الفقير؟
-
قد يكون شكلي
السبب أو موهبتي وأنا سعيد جداً بأنني أشبه رجل الشارع المصري ولكني أيضاً
أقدم
شخصيات أخري مختلفة مثل الشاب الغني في مسلسل «إحنا الطلبة».
·
بدأت مع
المسرح.. أين هو الآن من مشاريعك الفنية؟
-
هناك مشروع لمسرحية مع البيت
الفني للمسرح بعنوان «شارع قصر العيني» ولقد قمت بتأجيلها مؤقتا حتي انتهي
من تصوير
الأعمال التي أقوم بها حالياً.. وهي من إخراج حسام الدين صلاح ويشاركني
البطولة
منار الغيطي ومحمد عدوية.
روز اليوسف اليومية في
13/02/2011
«اللعبة
العادلة».. أمريكا تحاكم الأكاذيب الأمريكية
كتب
محمود عبد
الشكور
أسوأ قراءة للافلام السياسية الأمريكية أن يقال مثلاً إن هذا
الفيلم يؤيد وجهة النظر العربية ويدعمها، ويقال إن ذاك الفيلم
يعادي وجهة النظر
العربية العادلة، والحقيقة أن الأفلام السياسية الأمريكية لا تعبر إلاّ عن
وجهة
النظر الأمريكية سواء الرسمية أو الشعبية، أي أن الذين دافعوا عن حرب
فيتنام مثلا
كانوا ينظرون لمصالح امريكا، والذين عارضوها بشدة، اتخذوا هذا
الموقف لصالح أمريكا
ولكن من زاوية أخري. هذه نقطة هامة جدا ومحورية في حديثنا عن فيلم
«Fair game»
أو
اللعبة العادلة الذي اخرجه دوج ليمان، والذي اشترك فيه نجمنا الموهوب «خالد
النبوي»
في دور صغير، الفيلم أحد أهم وأفضل الأفلام
السياسية التي شاهدتها خلال السنوات
الأخيرة ببنائه المتماسك، وبرؤيته السياسية الواضحة، وبدمجه
الذكي والاحترافي بين
تفاصيل حكايتين.
ولكننا - مرة أخري - أمام وجهة نظر أمريكية تعارض قرار
التورط في حرب ضد العراق، ليس من أجل حفظ السلام العالمي ، ولا لأن العراق
دولة
عربية كانت صديقة، ولكن ببساطة، لأن التورط الأمريكي مبني علي أكاذيب
كاملة، والكذب
في الفيلم يتم علي أعلي المستويات وهو خطأ لا يغتفر، وبالتالي
يصبح علي النظام أن
يستعيد توازنه باستخدام آلية الاعلام، وعن طريق ضغط الرأي العام، لينتصر
حزب
الحقيقة علي حزب الأكاذيب، ويلقي المذنبون عقابهم الجنائي والسياسي.
هذه هي
القراءة الصحيحة لفيلم «اللعبة العادلة» وهو أمر لا يقلل أبدًا من شأن
الفيلم،
ولكني اكتب هذا الكلام للذين يقرأون الأفلام الأجنبية عمومًا
وكأنها صنعت من وجهة
نظر عربية، تلك هي المداخل الساذجة للقراءة السينمائية التي تنتهي بنا في
النهاية
إلي نتائج عجيبة، لا يعني ذلك أن اللعبة العادلة لا يخدم وجهة النظر
العربية فيما
يتعلق بمأساة حرب العراق، بالقطع هو يخدمها ويدعمها، ولكن
الفارق كبير من أن يكون
هذا الدعم من وجهة نظر عربية، وبين أن يكون من وجهة نظر امريكية تدافع عن
قيم
الجمهورية كالحق والعدالة والثواب والعقاب ورقابة الجماهير، ويتصادف أن
يكون في هذا
الدفاع ما يخدم وجهة النظر العربية حول الخطأ الإجرامي في قرار غزو العراق
بحثًا عن
وهم وأكذوبة اصبحت مهزلة اسمها «أسلحة الدمار الشامل».
التحليل التالي
سيشرح لك ما اردت قوله، ولكن لابد من الاشارة إلي نقطة هامة أخري، «اللعبة
العادلة»
فيلم سياسي ناضج تماما، والأفلام السياسية الناضجة تحتاج إلي ثلاثة شروط
تتوافر إلي
حد كبير في السينما الأمريكية: تدفق معلوماتي يشرح ويكشف الحقائق ويجعل
الرأي قويًا
ومقنعًا ومؤيدًا بالأدلة وخبرة احترافية تستطيع تحويل هذه المعلومات إلي
أحداث
درامية مشوقة وجذابة والا تحول الفيلم السياسي إلي مظاهرة كما
يحدث عندنا مع الأسف،
أما الشرط الثالث فهو حرية التعبير بحيث تجد الأفلام طريقها إلي النور كما
أرادها
أصحابها، وبدون أي مصادرات أو مضايقات رقابية، استفاد صناع اللعبة العادلة
من هذه
الشروط، وساهمت مواهبهم في انجاز سيناريو جيد للغاية كتبه «جيربوترورث»
و«جون هنري
بوترورث» استلهامًا من كتابين من تأليف بطلي الفيلم: السفير
الأمريكي السابق جوزيف
ويلسون الذي وضع كتابًا بعنوان «سياسات الحقيقة» وزوجته عميلة المخابرات
المركزية
السابقة «فاليري بلام» التي وضعت كتابًا بعنوان «لعبة عادلة، والكتابان
يشرحان محور
قضية الفيلم التي تقول ببساطة، إن غزو العراق بدعوي العثور علي
أسلحة الدمار الشامل
مجرد أكذوبة، وأن الإدارة الأمريكية كانت تعرف أنها أكذوبة، وخصوصًا تلك
المعلومة
التي تقول إن العراق استوردت 500 طن من اليورانيوم من دولة النيجر
الإفريقية، من
أجل صناعة أسلحة نووية كان من أبرز شواهدها استيراد أنابيب
ضخمة وعملاقة!
ما علاقة «جو» وزوجته «فاليري» بالحكاية؟ لقد استعانت المخابرات المركزية
بـ«چو» ليسافر إلي النيجر التي خدم بها كسفير للتأكد من معلومة
شحن اليورانيوم، أو
ما يطلق عليه الكعكة الصفراء إلي العراق، واكتشف أن المعلومة كاذبة، وأبلغ
المسئولين أنها كذلك، ولكنه فوجئ بالحرب اعتمادًا علي معلومة
أثبت هو أنها كاذبة،
فلما كتب في جريدة «نيويورك تايمز» مقالاً بعنوان «الأسلحة التي لم أعثر
عليها»
يفضح فيه ما حدث، انتقم البيت الأبيض منه
بفضح اسم زوجته التي كانت عميلة للمخابرات
المركزية مما يشكل خطرًا عليها، ومما يستوجب العقاب بالسجن ضد
من أفشي اسم
الجاسوسة، والكتابان يحكيان عما فعله «چو»، وعما فعله البيت الأبيض
انتقامًا من
زوجته، ومن خلال الحكايتين نتعرض للموقف ضد الحرب في العراق، لأنها القضية
محور
الخلاف.
لدينا إذن سيناريو قوي يمكن تقسيمه إلي عدة أجزاء متماسكة تمامًا:
فمن مقدمة سريعة لطرفي الصراع: الزوجة الجاسوسة «فاليري» (ناعومي واتس)
التي نراها
في مهمة عمل في «كوالالمبور»، وأركان الإدارة الأمريكية «بوش» الابن و«ديك
تشيني»
وهما يطلقان التصريحات بإعلان الحرب علي
الإرهاب بكل شراسة.
ثم ننطلق إلي
جزء يتحدث عن جهود «فاليري» في التأكد من مدي خطورة البرنامج النووي
العراقي،
واستعانة أجهزة المخابرات بزوجها «چو» (شون بن) للسفر إلي
النيجر ليكتشف أكذوبة
أطنان اليورانيوم، ثم لا يتوقف جهد «فاليري» العميلة المتفوقة عند هذا
الحد، بل
إنها تبحث عن العلماء العراقيين الهاربين أو المقيمين في بغداد للتأكد من
أسئلة
محددة تنتهي إلي أن هذا البرنامج قد انتهي تمامًا في
التسعينيات، ويخضع
العراق منذ
ذلك الحين إلي التفتيش والمراقبة، ومع ذلك تندلع الحرب، ويكتب «جو» مقاله
ليتحول
الصراع من البحث عن الحقيقة في العراق، إلي المواجهة مع البيت
الأبيض الذي يقوم
بتسريب اسم «فاليري» تنقلب حياة الأسرة الصغيرة رأسًا علي عقب، تتهم
«فاليري»
بالخيانة، ويُتهم زوجها بالكذب وبالبحث عن
فرصة عمل في المخابرات بعد أن ترك عمله
الدبلوماسي، وفي الجزء الأخير تستجمع الزوجة شجاعتها، وتساند
زوجها، وتبدأ شهادتها
أمام إحدي لجان الكونجرس التي تنتهي بإدانة الشخص المتورط من البيت الأبيض (سكوترليبي)، ويحكم عليه بالسجن لمدة عامين
ونصف العام ويتدخل «بوش» الابن
لتخفيفها، وينتصر المواطن الأمريكي الفرد الذي يعرف حقوقه علي البيت الأبيض
التي
نسمع في الحوار أنه يحكمه - في تلك الفترة - أقوي حُكَّام علي مدار التاريخ.
كل التفصيلات توظف بذكاء لخدمة هذا البناء، وإيقاع سريع لاهث يحول الفيلم
إلي ما يقترب من التحقيق التليفزيوني، كتابة للتواريخ والأماكن
إذا لزم الأمر،
انتقالات إلي عواصم كثيرة: كوالالمبور، القاهرة، عمّان، بغداد، واشنطن،
كاميرا حرة
منطلقة خاصة في العواصم الشرق أوسطية مما يعطي إحساسًا بالطابع التسجيلي،
هناك
تعاطف لا شك فيه مع محنة العراق، ولكن من وجهة نظر انتهاك
رؤساء أمريكا ومسئوليها
للقوانين الأمريكية، هناك رسم بارع لشخصيتين «چو» و«فاليري» اللذين - يقول
الفيلم -
أنهما خدما الوطن أكثر مما فعل «بوش» لقد
ذهب «چو» إلي النيجر مُتطوِّعًا بدون أجر
خدمة لوطنه، وكتب عن أكاذيب «بوش» لكي يعرف الشعب الحقيقة،
وحاربت «فاليري» من أجل
تجنيد العملاء طوال 18 عامًا، بل إننا نراها تحاول نقل العلماء.
العراقيين
في البرنامج النووي المتوقف إلي أمريكا، ليس من أجل عيونهم، ولا حماية لهم
من تصفية
المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، ولكن لأن نقلهم هو الوسيلة الوحيدة
لكيلا يذهبوا
إلي إيران أو باكستان، هناك أيضًا براعة في رسم المواجهة الأسرية بين «چو»
وزوجته:
الضعف الإنساني والخوف يُقدَّم بمنتهي السلاسة، مأزق الزوج بين واجبه في
الدفاع عن
وطنه والدفاع عن أسرته، حرمانه من زوجته التي لم يكن يعرف حتي أماكن
مهماتها
السريّة، الزوجة ومشاعر ضعفها أمام تهديدات البيت الأبيض،
حياتها المزدوجة طوال
الوقت كزوجة عادية لها صديقات لا يعرفن اسمها الحقيقي، ولا مهنتها
الأصلية.
العراق وعلماؤه حاضرون، ولكن الفيلم يدافع عن العراق من وجهة نظر
القيم الجمهورية الأمريكية، بل والقيم الهوليوودية العامة مثل
الدفاع عن الأسرة
الصغيرة (العائلة)، والأسرة الكبيرة (الوطن)، يستشهد «چو» في جملة حوارية
هامة
بعبارة فرانكلين التي قال فيها: نظامنا جمهوري بقدر ما تدافعون عنه، ويقول
«چو» في
جملة أخري: «الديمقراطية ليست سهلة، القضية إذن ليست تعالوا
ندافع عن العراق، ولكن
تعالوا ندافع عن قيم الديمقراطية والشفافية التي انتهكها اليمين المتطرف
والجمهوريون الذين ساعدتهم أحداث 11 سبتمبر علي انتهاك كل
القوانين، ولكن النظام
يستعيد مبادرته في النهاية - كما في فيلم «كل رجال الرئيس» - عبر وسيلتين
هامتين:
الإعلام والرأي العام، هنا فقط تعود اللعبة
عادلة ومتوازنة، وهنا فقط يمكن أن ينتصر
الفرد إذا تمسك بحقوقه.
نحن إذن أمام فيلم قوي سياسيًا وفنيًا: «شون بن» في
دور مؤثر أدّاه ببراعة خاصة في الجزء الثاني من الفيلم، نجح ببراعة أيضًا
في
التعبير عن عواطف الزوج وأفكار رجل السياسة الديمقراطي، «ناعومي واتس»
تألقت كذلك
في دور صعب - يجمع بين القوة والضعف، بين المرأة العاملة
المحترفة والزوجة الضعيفة
التي تحاول حماية زواجها وأسرتها، خالد النبوي قدم مشاهد قليلة جدا في دور
«حَمَدْ
العالم العراقي الذي تريد اخته زهرة الممثلة الإسرائيلية ليزار شارهي
تهريبه من
العراق بعد سقوط صدام دور عادي تماما لا يحتاج إلي موهبة
خارقة، والشخصية نفسها لم
نعرف مصيرها.
ولكن المشاركة في فيلم كبير مثل «اللعبة العادلة» يدعم خبرة
الممثل ويوسع امامه فرصة الانتشار الممثل المصري هناء عبد
الفتاح ظهر في مشاهد
قصيرة اخري لعالم عراقي هرب متخفيا إلي القاهرة «هناء» ممثل راسخ وكبير
وأدي مشهدًا
جيدًا مع «ناعومي واتس كل العناصر تقريبا في مستواها الرفيع خصوصا التصوير
والمونتاج الذي نجح في دمج المشاهد الوثائقية بذكاء، لتظهر في
النهاية فاليري
الحقيقية وهي تقدم شهادتها أمام الكونجرس، ولتقول للجميع - إنها خدمت
بلادها بشرف
في المخابرات، ولحسن الحظ أنها بهذه الخدمة، قدمت خدمة مماثلة لوجهة النظر
العربية
التي عارضت الحرب علي العراق لأسباب مختلفة.
هذه - فيما أظن - القراءة
العادلة لفيلم «اللعبة العادلة» بدون تقليل من أهميته وتميزه، وبدون طنطنة
ساذجة لا
تساندها الأدلة!
روز اليوسف اليومية في
13/02/2011
رجال الشركة
قيس قاسم
الأزمة المالية في شريط
تأثيرات الأزمة المالية العالمية، الأخيرة انعكست بوضوح على الشركات
والدول، فتضرر منها ملايين العمال والشغيلة بعدما إضطرت الكثير من المؤسسات
الى اعلان إفلاسها أو لجأت الى تسريح العديد من عمالها في محاولة للتقليل،
من خسائرها. في «رجال الشركة» يقترح المخرج وكاتب السيناريو جون ويلس تلمس
آثار هذه الأزمة على نخبة صغيرة من تلك المؤسسات، عبر ملاحقة حياة ثلاثة
مدراء سرحوا من العمل للتو من شركة «جي تي أكس» الأميركية فانقلبت حياتهم
رأسا على عقب.
قبل الأزمة كانوا «رجال شركات» وبعدها صاروا مثل بقية الناس، الحاجة
والبطالة أثرتا سلبا على حياتهم وحياة المحيطين بهم، كما الحال مع مدير
المبيعات بوبي ووكر الذي سرح من عمله في اللحظة التي كان ينتظر ترقيته الى
منصب المدير التنفيذي.
لم يستوعب ووكر (الممثل بين أفلك) الصدمة، خصوصاً وأنه كان من أكثر المدراء
المُسرحين في الشركة العملاقة طموحا، لصغر سنه وللنجاح الذي حققه على مستوى
ادائه الوظيفي، حيث كان يعيش في فيلا كبيرة في أطراف المدينة ويقود سيارة «سبور»
غالية الثمن، وله علاقات جيدة مع بقية المتنفذين في العمل، لكن كل شيء
تغير.
كان يعيش حياة مرفهة ولهذا كان يكره الاقتراب من بقية أفراد عائلته، مفضلا
عليها مصاحبة زملائه الأغنياء وقضاء أوقات فراغه في لعب الغولف معهم أو
دعوتهم الى العشاء في بيته، وكانت حياته شبيهة الى حد كبير بحياة زميليه
جين ماكلري وكريس كوبر (يلعب دوره الممثل فيل ودورد) انهم جميعاً، ومع
اختلاف أعمارهم يتمتعون بوضع اقتصادي مريح، تتباهى به زوجاتهم وبمستوى
الحياة التي كن يعشنها. لكن بعد تسريحهم ظهرت فوارق على علاقة بمستوى
تقبلهم للوضع الجديد، فسلط الشريط الضوء على جوانب أخرى تتجاوز، على مستوى
السرد الدرامي، وجودهم كأشخاص وتنتقل الى المقربين منهم.
جين (الممثل توم لي جونس) كان مرتبطا بعلاقة زوجية هشة مبنية في الدرجة
الأساس على قوة وضعه المادي، ولهذا وحال انهياره، انهارت العلاقة معه، لكنه
ظل متماسكاً الى حد كبير لأنه كان يتمتع برؤية «رأسمالية» مختلفة تعتمد
مبدأ مشاركة العاملين في كل مشروع ومقاسمتهم أرباحه والتعامل معهم انسانيا،
كونهم بشرا وليسوا مجرد أرقام، في حسابات الشركة، التي بنيت على كتفيه منذ
انشائها كمعمل صغير لصناعة القوارب تحول مع الوقت الى واحد من كبريات
الشركات الصناعية بلغ عدد العمال أكثر من ستة آلاف عامل. لكن تجاوبا مع
اتجاهات السوق الرأسمالية الحديثة ومغرياتها الهائلة في الربح، ركزت الشركة
استثماراتها على التعاملات المصرفية والمضاربة بالبورصة، تاركة الانتاج
الصناعي جانبا، ولهذا كان انهيارها سريعا ومدويا بعد انتكاس السوق المالية
فجأة. على هذه النقطة ركز مخرج العمل جون ويلس كثيرا، خصوصاً وأن مساحة
التعبير عنها كانت متوافرة لديه بسبب تولي كتابة نصه بنفسه أولا، وثانيا
لمرجعية الموضوع تاريخيا كونه يمس أزمة آنية عاشها العالم كله. كان جين
متفائلا على الدوام وكان يتحلى بالصبر، بخلاف صديقه وزميله كريس كوبر، الذي
أعتبر تسريحه نهاية لحياته. والمشهد الذي يجمعهما أمام الشركة عبر عن ضعفه
بشكل مؤثر وهو يجهش بالبكاء ويرمي البناية بالحجارة عن مسافة لا تصل اليها،
وكانت فكرة ذهابه الى مكتب التشغيل ترعبه كونه يدرك أن سنه قد تجاوزته شروط
سوق العمل نفسها، ولا أحد من أصحاب الشركات سوف يطلبه ثانية للعمل وهو في
سن التقاعد، في حين كانت زوجته تضغط عليه للعودة ثانية الى مركزه، وكانت
ترفض بقاءه في البيت كي لا يعرف أحد من الجيران حقيقة وضعه الجديد ويعلم
بقرار تسريحه من الخدمة، فكان يقضي نهاره في حانة يبدد وقته فيها ويعود
منها بعد مغيب الشمس.
ليس وحده من كانت فكرة البطالة ترعبه، ذلك أن ووكر ظل يخدع نفسه بالقدرة
على الاستمرار في المستوى الراقي إياه من العيش، في حين كانت الوقائع
اليومية تشير الى تأزم حالته المالية، ولولا تضامن زوجته ماغي (الممثلة
روزماريا ديويت) معه وتفهمها وضعه وحكمتها في ادارة شؤون منزلها لإنهارت
العائلة كما انهارت عائلتا زميليه من قبل. لهذا، وبالتدريج قَبل بفكرة
الذهاب الى مكتب العمل، ومن بعد استجاب لاقتراح زوجته الإنتقال للعيش مؤقتا
في بيت أهله، وبيع الفيلا التي يملكها والعمل نجاراً مساعدا لصهره جاك
دولان الذي لعب دوره الممثل كيفن كوستنر. والفيلم ينتقل الى مستوى آخر
عايشنا فيه حياة العمال ورؤيتهم المختلفة للعالم والعلاقات الانسانية ورؤية
رجال الشركات. ومع قصر دوره أضفى كوستنر حيوية على الشريط وسهل الانتقال
الى نشاط درامي أكثر ديناميكية ومرحا وصلنا من خلاله الى نهاية اتسمت بطابع
هوليوودي حين استعاد جين تماسكه وقرر مع بقية المُسرحين من زملائه العمل
على انشاء شركة نقل بحري جديدة على الموقع نفسه الذي أنشئت عليه شركة «جي
تي أكس» لكن برؤية واعية تراهن على الصناعة ومحركاتها البشرية، مستفيدة من
دروس الأزمة المالية. هذه رؤية جون ويلس في النهاية، قد نتفق معها أو
نختلف، لكن ما نجتمع عليه هو أن فيلم «رجال الشركة» كان أكثر من جيد... كان
مقنعا وعميقا.
«جنان عدن» في برلين
في الدورة الحالية لمهرجان برلين السينمائي يعرض فيلم المخرج الكردي السوري
مانو خليل «جنان عدن» الذي يقيم في سويسرا منذ سنوات أنجز خلالها الكثير من
الأعمال السينمائية والتلفزيونية منها فيلم عن كردستان العراق بعنوان
«زنزانتي، بيتي».
الفيلم الجديد الحائز على جائزة بيرن للسينما في العام الفائت، سيعرض من
ضمن فئة «متعة»، التي تُقدم فيها أفلام تتناول مواضيع على علاقة بالانسان
والبيئة. وسوف يقدم للضيوف في نهاية كل عرض لأفلام المجموعة الطعام نفسه
الذي ظهر في الفيلم.
تجدر الإشارة إلى أن «جنان عدن» عُرض لأسابيع عدة في صالات السينما
السويسرية وتناول قصص خمس عائلات اضطرت للرحيل عن وطنها، والبحث عن مكان
آمن، فكانت سويسرا لها ملجأ تفاعلت فيه وراحت تقرر مصير أفرادها على أرضه
التي حسبوها أرضا عابرة في أول الأمر، لكن سرعان ما صارت مقر اقامة دائمة.
وضمن فئة الأفلام القصيرة سيعرض شريط «مختار» للمغربية الأصل والمقيمة في
سويسرا، أيضا، حليمة ورديغي. أما دولة الامارات فسيمثلها فيلم «سبيل»
لمخرجه خالد المحمود، وسيشترك الفيلم القصير في فئة «أجيال». وقد اختارت
الايطالية إزابيلا روسيليني رئيسة لجنة تحكيم الدورة الـ61، فيلم «عزم
حقيقي» للاخوين كوين لافتتاح الدورة. ومثلما فعل مهرجان «كان» قبلها قررت «برلينالي»
اعلان تضامنها مع المخرج الايراني جعفر بناهي المسجون مدى الحياة من خلال
الاحتفاظ بمقعده شاغرا في لجنة تحكيم الدورة الـحالية، رغم استحالة حضوره
وستقدم له أفلاماً عدة من بينها «تسلل». وفي الاستعادات سيعرض المهرجان
فيلم «سائق التاكسي» من بطولة روبرت دي نيرو واخراج سكورسيسي.
الأسبوعية العراقية في
13/02/2011 |