ولد »عادل امام« في عهد الملك »فاروق« وعرف بداية النجاح الجماهيري في عهد »جمال عبدالناصر« وقال انه ألتقي به مرة واحدة عندما كان يعبر أحد شوارع مصر الجديدة وشاهد الرئيس داخل عربته شاور له »عادل« واعتقد أن الرئيس بادله السلام حيث كان »عادل« قد بدأ وقتها مشوار النجومية!!
عاصر »عادل« ١١ عاما هي عمر الرئيس »أنور السادات« في الحكم.. شهدت نهايات حكم »السادات« بدايات تألق »عادل« علي خشبة المسرح من خلال مسرحيتي »مدرسة المشاغبين« ثم »شاهد ما شفش حاجة«.. بينما في السينما كان قد حقق »عادل« قفزات رقمية وضعته علي بدايات الطريق باعتباره النجم الجماهيري الأول في أفلام مثل »رجب فوق صفيح ساخن«، »المحفظة معايا«، »شعبان تحت الصفر«!!

مع بداية حكم الرئيس »حسني مبارك« صار »عادل« هو النجم الجماهيري الأول.. ٠٣ عاما هي عمر »عادل« في النجومية تقابلها ٠٣ عاما هي عمر الرئيس في الحكم.. »عادل« يعتلي عرش النجومية بإرادة الجماهير هذه حقيقة ولكن الحقيقة أيضا أن »عادل« يريد أن يحرز هدفين بكرة واحدة فهو نجم الشعب وفي نفس الوقت يتمتع بتعضيد الدولة وتحديدا الرئاسة فهو أيضا يقدم بين الحين والآخر رسائل تقول للدولة وتحديدا الرئيس أن نجوميته في خدمة الدولة، حتي أفلام »عادل« التي قدمها ضد التطرف الديني والجماعات الإسلامية فهي يتم صياغتها من خلال قناعات الدولة.. الارهاب والتطرف لعب الفساد الذي تحميه الدولة دورا محوريا في نمائه ورموز النظام ساهمت من خلال حمايتهم للفساد والمفسدين في انعاش التربة الصالحة للتطرف هذه هي الحقيقة التي تجاهلتها أفلام »عادل امام« عن عمد فهو في النهاية أحد خدام النظام.. بقاؤه علي سدة العرض بين النجوم مرهون بأن يظل النظام القائم قائما!!

توجد حكمة جديرة بأن نتأمل معناها لا مبناها تقول تستطيع أن تحكم الناس بالكفر لكنك لا تستطيع ان تحكمهم بالظلم.. »عادل« لم يواجه أبدا في أفلامه ظلم الحاكم  ،نعم لا يملك »عادل« أن يقدم ما يريده لأنه سوف يصطدم بالرقابة إلا أنه لم ينتقد ولا مرة فساد الحكم بل لو تابعت تصريحاته وأحاديثه تكتشف انه الصدي الذي يردد صوت النظام وتحديدا الرئيس ولهذا كان »عادل« هو صاحب الصوت الأعلي للمبايعة للرئيس والتمهيد لترشيح ابنه »جمال« تحت تلك المقولة الساذجة انه الأكثر إلماما بأسلوب وكواليس الحكم!!

الرئيس علي المقابل يحمي »عادل« وهكذا صرح »عادل« في أكثر من حوار أن الرئيس هو الذي سمح له بتصوير فيلميه »الجردل والكنكة« و»السفارة في العمارة« وبالطبع الفيلمان يعبران بالضبط عن ما تريده الدولة فما هي البطولة التي يحاول »عادل« ان يضفيها علي مواقفه المؤيدة للنظام أو الرئيس؟ يعلم عادل ان الدولة تملك أوراقا عديدة تستطيع ان تؤثر سلبا علي تلك النجومية مثل الرقابة والضرائب التي تغض الطرف عن مكاسب »عادل« التي تعود ان يحصل عليها بدون أن يدفع حق الدولة وهو يعلم انه فوق المساءلة.. لاشك ان الفضاء الاعلامي في عصر القنوات المفتوحة منح الفنان مساحة اوكسجين من الحرية لم تكن متاحة أمامه من قبل.. فلا تملك الدولة كل المنافذ ولا تستطيع ان تغلق أمامه كل الأبواب فهو يستطيع أن ينطلق خارج الاطار الرسمي ولكن »عادل« لايريد ان يفقد حضن الدولة وتابعوا كل تصريحاته المؤيدة في كل المواقف بل ويزايد ايضا حتي مواقفه الوطنية مثل تعاطفه الأخير لما حدث من اغتيال غاشم لمصريين أقباط كانوا يعبدون الله في كنيستهم موقف بالتأكيد عليه اجماع وطني إلا أنه ايضا موقف النظام.. لا أستبعد ان نستمع الي »عادل« وهو يكرر تعبير »قلة منحرفة« علي المتظاهرين طالما ان الدولة رددت هذا التعبير.. وهكذا من الممكن ان تلمح »عادل امام« وهو يبحث عن صاحب الكفة الراجحة في هذا الصراع وهكذا تتباين آراؤه في كل لحظة.. كل هذا طمعا في أن يراهن كعادته علي الفائز!!

عادل يعلم ان الناس هي التي صنعته ولكنه يعلم ايضا ان الدولة تحميه، يريد ان يصدر لها دائما تلك المعادلة وهي ان نجوميته وبريقه ستظل أحد أسلحة النظام ولهذا فإن من صالح النظام الحفاظ علي تلك النجومية وهذا البريق.. ليس »عادل« بالطبع هو الوحيد بين نجومنا الذي يطرح هذه المعادلة في علاقته بالنظام أغلب نجومنا لديهم أيضا نفس الحسبة.. ولكن لو تتبعت بدقة حالة النجوم سوف تكتشف أن »عادل« هو الأكثر خضوعا وانصياعا للنظام لأنه أيضا هو الأكثر استفادة من النظام وكأنه يردد مقولة صديقه الأقرب سعيد صالح »اللي يتجوز أمي أقوله يا عمي«!!

أخبار النجوم المصرية في

10/02/2011

روية خاصة

ابواق اريحا ... والتعويذة السحرية

بقلم : رفيق الصبان 

سألتني إحدي المحطات الإذاعية.. عن رأيي فيما يقوم به بعض المخرجين الشبان من تصوير بعض احداث انتفاضة الشباب وتغطيتهم المبتكرة في ميدان التحرير.. تأهبا لوضعها في أفلام قادمة قد يصورونها.. وهل يعتبر هذا استغلالا للأحداث.. أم توثيقا لها.. وهل نحن الآن في صدد التفكير بأفلام سينمائية.. ونحن علي شف ركوب موجة هادرة.. تقفز بنا إلي أعلي.. وتصل بنا الي ما اعتدنا أن نسميه بالسماء السابعة.

أسئلة توالت كشعاعات ضوء.. التقتني مرة واحدة في لجة موجات متعاقبة من الذكريات والتساؤلات.

أسئلة معلقة حائرة.. ظننت أن الزمن قد اسدل عليها ستارا كثيفا حرمها من مرونتها وطزاجتها.. فإذا بها تعود هادرة تؤكد نفسها وتملأ اقامة النفس ودروبها جميعا.

ما هو دور الفن في ايقاظ ضمير وطني غائب أو مغيب.. وما هو دور السينما بالذات في هذا المجال.. وهو الفن الأكثر جماهيرية وشيوعا.. بين الفنون كلها التي عرفها العالم.

وما هي مسئولية الفنان.. ودوره الحقيقي.. هل هو مجرد شاهد اثبات.. »أم عنصر فعال وفاعل« وهل يمكن للفن حقا أن يغير ضمير أمة؟!

وتداعت الي ذهني فورا أحداث الطلبة في أوروبا في مايو »٨٦« وخاصة في فرنسا.. حيث كنت شاهدا حقيقيا لها.. في منتصف قيام مهرجان »كان« »والذي يقام سنويا في شهر مايو حيث وقف المخرجون الشبان وعلي رأسهم الراحل ترونو.. الذي يدين بشهرته الي هذا المهرجان بالذات.. الذي كلل فيلمه الأول بالجوائز.. ورفعه الي مصاف مخرجي فرنسا الكبار وواحدا من كبار مؤسسي الموجة الجديدة الفرنسية التي غيرت مفاهيم السينما لا في فرنسا فحسب.. بل في ارجاء الافق السينمائي كله.

وقف ترونو ومن خلفه جودار.. علي خشبة المسرح الكبير.. طالبا ايقاف العرض.. وايقاف المهرجان لان أمورا جلل تحدث.. وأن الشباب »الآن« يغيرون مسار المستقبل.. وتحدث هؤلاء الشبان السينمائيون »وكانوا جميعا في أوج صبياهم وتوهجهم« عن دور السينما.. وعما يمكن أن يفعله الشباب السينمائي في سياسة بلادهم، وفي توجهاتها..

واذكر ربيع براغ.. وموقف الشباب تجاه غزو سوفياتي.. هاجم البلاد والعقول والضمائر واذكر احداث بولندا.. وقدرة الشباب أنذاك.. وخصوصا فئة العمال والنقابيين علي تغير البوصلة السياسية في البلاد.. واذكر كيف رسم اندريه واحدا.. واحد من أهم مخرجي البلاد أنذاك وحتي الآن هذه الفترة الرائعة من حياة بلاده في فيلمين.. حاز أحدهما علي السعفة الذهبية في مهرجان كان العام الذي عقب الانتفاضة البولندية مباشرة.

واذكر شباب أمريكا اللاتينية وما فعلته السينمانوفو NOVO.. ومخرجيها وفنانينها وكتابها في الوقوف في وجه الدكتاتورية.. التي مدت مخالبها الي أقصي أطراف الجسد اللاتيني الحار.

حقا.. لقد خبا نجم السينمانوفو بسرعة وتفرق روادها.. وأنبياءها وشبابها المتوهج حماسة ونضارة وعزما.. واستطاعت النظم الظالمة ان تخنق صرخاتها.. ولكن النت الذي قدمته خلال هذه الفترة.. ظل باقيا في الأذهان والمشاعر والقلوب.. تاركا »أفلاما« ثيرن كاللأليء الحمراء.. نزيف ضد تاريخ السينما وترفع رأسها عاليا للسماء.

لقد تعودنا.. وعلمنا التاريخ.. ان الثورات يصنعها الشباب ويسرقها الكبار ولكن رغم هذا »الاحباط« ينجح الشباب دائما.. في زراعة جذورهم في أرض طيبة تحسن دائما استقبالهم وحماية صرخاتهم.. وتعتبر نقاط دماءهم الحمراء.. أكسيرا حقيقيا للحياة.

يوسف شاهين.. صور احداثا تاريخية مهمة.. وضعها في خزانة ذاكرته.. ثم افرزها في أفلامه ليجعل منها وثيقة فنية حقيقية لا حد لأهميتها وشموخها.

وكذلك فعل شادي عبدالسلام.. في معركة الصور.. وقدم لنا بعدها تحفته التي لا تنسي »جيوش الشجي«.

السينما يمكنها اذا ارادت أن تكون سلاحا.. أو أن تصبح مخدرا.. هذا يتوقف دائما علي من يضعها ومن يستهلكها.

كنا دائما.. في الفترة الاخيرة نلقي مسئولية هبوط فكرة السينمائي واتجاهه الي هذه الضحالة المؤسفة.. التي جرحتنا جميعا.. إلي هؤلاء الشباب الذين يرتادون دور العرض والذين أصبحوا يملكون المؤشر الوحيد الثابت لنجاح الفيلم أو سقوطه.

كنا نقول.. ان هذه الافلام الكئيبة الرخيصة المبتذلة تعيش وتنمو وتستمر بمساعدة وفضل هؤلاء الشبان الذين اختاروها.. والذين يعملون علي نجاحها.

ان المنتجين »التجار« ما كانوا ليقدمون علي انتاجها.. لولا ثقتهم أن هناك مشترين شباب لبضاعتهم الفاسدة.

وان مصدر الداء كله.. يكمن في هؤلاء الشباب الذين عميت أبصارهم وبق عقولهم.. وأصبحوا عاجزين عن تذوق الجمال أو تفهم الفكر.

واذا باحداث »ثورة التحرير« تقلب الامور كلها رأسا علي عقب واذا بهذا التنين النائم يستيقظ فجأة هادرا متكبرا.. فخورا بنفسه واثقا مما يريد.. مطالبا بحقه في الحياة والكرامة والحرية.

أين كان يختبيء.. هؤلاء الفتية الذين يحملون النجوم في أعينهم والنار المفترسة في أطرافهم.. والوهج الألهي في قلوبهم!

كيف امكن لهذه الكثبان من الرمال المزيفة أن تخدعنا.. وان تمنعنا من رؤية الذهب الثمين الذي يختفي وراءها.

صرخة من حنجرة.. ألق في الصين ذراع ترتفع، صوت بدوي يد تمسك بيد لتشكل جدارا من الأمل والحب والكرامة.

وقوي غاشمة كالسيل المنهمر.. تحاصر هذه الزنابق البيضاء التي تطفو علي سطح أمل ظننتاه قد مات منذ زمن.

»زنابق« تقول لنا.. ابعدوا عن طريقنا.. افسحوا أمامنا المجال.. اصابعنا تلمس السماء وأنتم أقدامكم لازالت غارزة في الطين الملوث.

تكاد العين لا تصدق ما تراه.. والاذن ما تسمعه.. والضمير ما يقبح به.. صرخة واحدة توقظ أهل الكهف من سباتهم العميق.. صرخة تعيد لهم الثقة أن السماء لازالت زرقاء.. تتسع للأمل.. وأن النجوم خلقت لتنير طرق الظلام.. وانها قادرة علي أن ترشدنا للطريق السليم مهما اشتدت الظلمة وحلكت.

كيف للسينما أن تعبر عن كل هذا.. عن جزء من هذا، عن موقف واحد.. عن نظرة واحدة.. عن انت واحدة عن لهاث لا ينقطع.. يطالب بأرض صلبة يقف عليها وجدار متين يسند عليه كتفه العارية الملتهبة.

ليتخلخل شباب سينمائينا في أروقة ميدان التحرير.. وليواكبوا صرخات الأمل والاحتجاج والحرية.. ليخطفوا منها ما يشاؤون.. فهي كثيرة ورحبة وتتسع لعشرات الأفلام والوثائق والأحاسيس.

ان شباب السينما في مصر.. يعيشون أمام محك قاسي.. وتجربة فذة ورهيبة وممتعة.. انهم يقفون أمام مغارة علي بابا.. المليئة بكل أنواع الترف العقلي والمادي والجمالي وما عليهم إلا أن ينبسوا بالكلمة السحرية.. حتي تفتح لهم الأبواب علي مصراعيها.

لقد نفخ الثوار القدامي بالبوق.. فسقطت أسوار اريحا وشباب السينما الآن.. في يدهم أكثر من بوق.. ولكن هل سيجدون التعويذة السحرية التي ستفتح لها أبواب السحر.. والمجد معا.

أخبار النجوم المصرية في

10/02/2011

دراما مرئية

الدروس المستفادة اعلام خائب وممثل خائر

بقلم : د.حسن عطية 

من الواضح أن أجهزة النظام المتساقطة لم تكن تضع في اعتبارها وهي تواجه المستقبل المنظور للوطن غير سيناريوهين فقط، تبني عليهما تصوراتها للتصدي لهما، وهما سيناريو وصول الاخوان المسلمين الي الحكم بتفعيل الوازع الديني الذي يري أن الحرية ضرورة، لكنها له وحده فقط، وسيناريو حدوث الفوضي في البلاد عقب انفجار ثورة الجياع الملتفين حول العاصمة والمتغلغلين بين بناياتها الشاهقة والعائشين بالقرب من فيلاتها السابحة في الرخاء علي ضفاف المتوسط والأحمر، والباحثين عن لقمة عيش كريمة يعيشون بها وعليها.

غير أن شباب الشرائح المتعلمة والمثقفة من الطبقة الوسطي، التي بكينا طويلا علي تحللها، فاجأ الجميع بثورة مغايرة، تعرف أن رغيف الخبز ضرورة للحياة، وتعرف أن العدل الاجتماعي هو نتاج امتلاك المجتمع لحريته، وتعرف أن الفن الجاد المستنير هو الذي يدافع عن الحرية والعدل، وهو سيناريو لم تنتبه اليه هذه الأجهزة المتساقطة، لذا واجهته بأسلوب يتخبط بين الفريقين، فانفردت أجهزة الاعلام الرسمية، وبخاصة قنوات التليفزيون المصري الحكومية المتمعة،. بإتباع سياسة اعلامية غاية في التخلف، فأعمت أبصارها عن كل القنوات العربية والدولية التي تتابع بدقة كل ما يحدث في الشارع الثائر، دون غض النظر عن الرؤي الفكرية المحركة لكل قناة منها، فنحن نعرف أن الاعلام مهما كانت موضوعيته المهنية، دائما ملونا برؤية ممتلكة ومحركة، إلا أنه لا يستطيع تزييف الواقع الذي ينقله، وزاوية رؤيته للحدث الماثل في الواقع، محكومة بإدراكه أنه ليس وحده المتحرك علي الأرض، وليس هو وحده الناقل للحدث، وبالريموت كونترول يتنقل المشاهد بين قنوات (البي بي سي العربية) و(فرنسا ٤٢ ساعة) و(الجزيرة) القطرية و(العربية) السعودية، وحتي (الحرة) الأمريكية والقنوات المصرية الخاصة التي تذبذب أدائها بين المهنية ومصالح أصحابها، ليستطيع بذلك وببساطة الحكم علي الحدث المتفجر أمامه بفحص وجهات النظر المختلفة، وإدراك لون تعامله معه.

اللون المختار

وهي بالفعل ألوان مختلفة، حرص تليفزيوننا العملاق علي اختيار اللون الأسود منها، وفقا لتوقعات سياسته الاعلامية السابقة، وبناء علي استراتيجيته الثابتة والتي تدافع عن النظام القائم، بمنطق أنصر أخاك ظالما أو مظلوما، وبفكرة الدفاع عن الذات، باعتباره جزء من الكل، ودونما ادراك بأن رهان الشارع كان علي المستقبل الذي يتغير علي يدي أبنائه، واعلامنا مغمض العينين عنه، ولذا فليس أمامه غير أن يتحول الي استخدام كل أساليب التضليل والترويع، فبدأ طول الاسبوع الأول للثورة الشبابية في مهاجمتها والتعامل معها علي انها (انتفاضة رعاع)، حولت المجتمع الي غابة، وأطلقت اللصوص من السجون كي يبطشوا بالمواطنين نهارا، ويسرقون بيوتهم ليلا، وتحولت الاذاعة والتليفزيون لمراكز استغاثة مذاعة علي الهواء، تنقل صرخات نساء يلطمن الخدود رعبا ممن يتفكن بالفتيات ويكسرن المحلات والشقق، وكأن شباب الثورة هم من فتحوا السجون لهم، وأخفوا الشرطة من الشارع،حتي أن واحدة من الصارخات اللاطمات قالت بصوت مدوي علي الهواء » ربنا يخرب بيوتهم «.

هذا الدعاء من امرأة يلتف وعيها حول نفسها، هو نموذج لما سعت السياسة الاعلامية لترويجه، بهدف  فصم العلاقة بين الثوار والشعب، وازاحة مفهوم أن الثائر هو طليعة المجتمع، وأن تاريخ الثورات لم يقدم لنا شعبا خرج عن بكرة أبيه للثورة، وانما الثورة لها صناعها المعبرين عن نبض المجتمع وأحلامه في الحياة الكريمة، والشعب يؤكد حركته المباركة.

ودعما لأسلوب التفريق بين الشعب والثوار، بدأ الاسبوع الثاني بمظاهرة مبرمجة تأييدا للنظام، عقب الخطاب الحزين الذي أعلن فيه رئيس الجمهورية أنه لن يرشح نفسه، وأنه ولد علي أرض مصر، وسيموت علي هذه الأرض مثلنا جميعا، وهو ما أثر تأثيرا كبيرا علي شعب عاطفي، حتي أن اعلامية معروفة بكت علي شاشة قناتها المصرية الخاصة، وانحنت اجلالا لصاحب الخطاب، وللثائرين عليه معا، ودعمت سياسة الاعلام الرسمي ميلودرامية الحدث، وراحت تلعب خلال الاسبوع الثاني علي وترين أساسين، الأول: هو وتر ظهور مجموعة مؤيدة للنظام عقب الخطاب،و التليفزيون يعيد مشاهدها طوال الأيام الثلاثة التالية لانطلاقها، مؤكدا علي أن الشعب قد خرج، هذه المرة علي بكرة أبيه، يناهض (الشرذمة) التي قامت بما يسمونه (الثورة)، حتي انتهي الأمر كله بمذبحة في الشارع بالجمال والخيول والسنج واتهامات واضحة ودامغة لقيادات سابقة بالحزب الوطني، وبعدها اختفت تماما هذه المجموعة المناهضة بالهتافات من أمام الشاشة الرسمية، واكتفت بدورها الحقيقي في الانقضاض البدني علي الثوار ببلطجية مأجورين.

أما الوتر اثاني الذي بدأت السياسة الاعلامية في اسخدامه خلال الاسبوع الثاني، جنبا الي جنب الاستغاثات الصارخة المشكوك فيها، فهو وتر الفن وعلاقة الفنان الوجدانية بجمهوره، ويبدو أن الاعلام لم يجد أمامه غير مجموعة من الممثلين يدفع بهم عبر أثير الاذاعة وشاشات التليفزيون ليصرخوا بدورهم، دونا عن كل صناع الفنون الدرامية وغير الدرامية المتعددين من كتاب ومخرجبين وفنيين، ويعلنوا منذ البداية »أنهم ليسوا مع دول ولا مع دول«، وكأنهم قادمون من المريخ، وليست لهم علاقة بهذا الطرف أو ذاك في ثورة تهز الأرض، ربما بتصورهم أنهم كممثلين اعتادوا أن يجسدوا شخصيات ليست لهم، ويرددوا أفكارا وكلمات ليسوا هم كاتبيها، ومن ثم فهم ليسوا مع »هذا« أو »ذاك« في العمل الدرامي، غير أن الأمر سرعان ما يكشف عن وجهه، فيتحول الممثل الي صاروخ في وجه الثوار قائلا »حرام عليكم«، »ارجعوا بقي«، »البلد خربت«، وبالتالي تدعم هذه المجموعة من الممثلين، ومعها  مجموعة من المغنيين والرياضيين، أسلوب الصراخ الذي يروع البسطاء الآمنين في البيوت، حتي أناممثلة طلبوا منها أن تخيف المجتمع بكلمات الاستغاثة، أسرعت بتكرار نفس الكلمات، ثم سرعان ما هربت من محدثها، لتعطي المكالمة لأخيها الأكبر، وأن التقط التليفون المسموع اعالنها لثالث غير مرئي »مش عايزة أتكلم«!!

اللون الرمادي

في مساء الجمعة الماضي، وفي محاولة للانتقال من اللون الأسود الصابغ للسياسة الاعلامية الي اللون الرمادي، عاد الاعلامي المتميز »خيري رمضان« ببرنامج (مصر النهاردة) معلنا خلال حواره مع ضيوفه أن البرنامج كان قد توقف، ثم عاد بأمر من رئيس الوزراء، الذي قال له أنه لابد من فتح المجال لكل وجهات النظر، وقدم لأول مرة علي شاشة التليفزيون الرسمي شبابا واعيا و منظما من الثائرين، وأنصت الجمهور المصري مباشرة لأفكارهم، وتم حوار راق معهم، استمرحتي فجر اليوم التالي، ويبدو أنها كانت حلقة أخطأت طريقها لتليفزيوننا العملاق، حيث أعلن »خيري« أن الحلقة التالية ستكون  مماثلة لها في الوقت والمناقشة، فجاءت هذه الحلقة التالية مساء السبت مخيبة للآمال، وعائدة بالتليفزيون الي سياسته الغبية في طرح وجهة النظر الواحدة، وفي البطش بأية وجهات نظر أخري بالتغييب أو بعدم اتاحة الفرصة، كما قالت لهم »إسراء عبدالفتاح«، أو بالتزوير كما فعل مقدمو البرامج بتكرار طرح أسئلة مغرضة لمراسليهم المرتعبين من نقل الحقائق علي الأرض، حيث كانوا يسألونهم دائما أسئلة من قبيل: »يقولون أن البعض يوزع أموالا علي المتظاهرين، هل شاهدتهم أحد يفعل هذا؟«، فيرد المراسل قائلا: »نعم شاهدت من يوزع طعاما«، وهي إجابة مراوغة حيث لا يستطيع أن يؤكد أنه شاهد  من يوزع نقودا علي من يراهم التليفزيون  »عملاء« لجهات أجنبية خربوا البلد، تاركا الاجابة علي سؤال توزيع المال معلقا، كي يثبت في ذهن المستمع أنه حقيقة.

السخرية من الاستهزاء

يبدو فعلا أن البعض لا يريد أن يتعلم من أخطائه، وأنه يغلق عينيه عن أية دروس مستفادة من حركة الواقع، فالمجتمع اليوم لم يعد يتلقي معلوماته عبر التليفزيون الرسمي فقط، بل هو يسبح في سماوات مفتوحة تقدم له أدق التفاصيل عما يجري علي أرضه، فيقارن ويسخر ممن يستهزيء بعقله، وثوار اليوم ليسوا ممن أغلقوا عيوهم علي الجنس والتحرش والتفرقة الدينية والفكرية، وغرقوا في مستنقع العشوائيات الذي يتسع يوما بعد يوم، حتي كاد يغرق الوطن، لولا ثورة شبابه المتعلم والمثقف، والتي نجحت في أن تحتوي كل التيارات المعارضة في المجتمع، وأن تخلق حوار بين الفرقاء، مازال تليفزيوننا بعيدا عنه، حتي كتابة هذه السطور.

كما يبدو أن البعض الخائر من ممثلينا ومغنيينا مازال يعتقد أنه موصول بفكر يواجه الأزمات السياسية والعقائدية بالتمثيل والغناء، و»مصر هي أمي«، ينبغي الدفاع عنها نائمة في بيتها، ذلك بالطبع ليس معمما علي كل الفنانين، فقد وجدنا الفنانة الكبيرة »فردوس عبدالحميد« تجاور المخرج »مجدي أحمد علي« والكاتب »صفاء عامر« في برنامج الحياة اليوم مساء نفس السبت الماضي بقناة الحياة، ليعلنوا ثلاثيتهم دعمهم لثورة شعب اعترف بها النظام وحزبه، وأنكرتها برامج اذاعته وتليفزيونه.

أخبار النجوم المصرية في

10/02/2011