أمام مشهد إنساني كهذا،
تبدو الكتابة أضعف من أن تفي أناس المشهد حقّهم. الكتابة، هنا، أشبه بتمرين
على فهم
ما يجري في الشارع. أي ما يصنع زمناً مختلفاً في أزمنة الشقاء القاتل.
الكتابة،
هنا، أشبه بتمرين على التوغّل، أكثر فأكثر، في أعماق الحالة المستلّة من
شعور فرد
وحماسة جماعة. الفرد قرّر النزول إلى الشارع ليقول انفعالاً ضد سلطة قامعة.
الجماعة
رأت في سلوك الفرد حافزاً للحشد، انطلاقاً من الانفعال نفسه. اللقاء بين
حيوية
الفرد وحماسة الجماعة أفضى إلى تظاهرات أربكت سلطة قامعة لا تزال، لغاية
الآن، تبحث
عن مخرج لها من فخّ الدم والإفقار والتجويع والقهر والإذلال. الكتابة، هنا،
أشبه
بتمرين على استعادة شيء من ماض قريب جداً، بدا اليوم صورة مختصرة عمّا حدث
ويحدث
منذ الخامس والعشرين من كانون الثاني الفائت: صورة قالت إن أمراً عفناً
ينخر في جسد
البلد وروحه. والأمر العفن هذا محتاج إلى استئصال.
فصول يومية
أمام مشهد
إنساني كالذي تشهده القاهرة ومدن مصرية متفرّقة، تذهب الكتابة إلى بعض هذا
الماضي
القريب، مستعيدة أفلاماً سينمائية قليلة أُنتجت مؤخّراً، وروت فصولاً من
البؤس
الفردي والشقاء الجماعي للمصريين في بلدهم. الاستعادة مستوحاة من مقولة
بسيطة:
المصريون مُتعَبون. مآزقهم اليومية متكاثرة. أزمات عدّة تلاحقهم إلى أعماق
نفوسهم.
غلاء وفقر وجوع وانهيار اجتماعي وفساد مالي ودجل سياسي وتسلّط أمني وتزوير
انتخابي.
المجتمع المصري يعاني تمزّقات خطرة: العلاقات الإنسانية منقوصة. الحيوية
الشبابية
مُحبَطة. الأفق مسدود. الرغيف منعدم الوجود. المأكل والمشرب والمسكن باتت
من
الكماليات، بالنسبة إلى ملايين المصريين. هذا كلّه أفضى إلى حالة استكانة
سلبية
قاتلة. أفضى إلى عزلة وتقوقع خانقين. لكن هذا كلّه ساهم، أيضاً، في تهيئة
البنية
الأساسية للحراك الشعبي الآنيّ. الانفجار محتاج إلى ضربة أخيرة. لم يعد
ينفع البحث
عن الضربة الأخيرة تلك. ليست الضربة الأخيرة هذه مهمّة الآن. التراكم أدّى
إلى
الانقلاب على الذات أولاً، قبل أن يكون الأمر انقلاباً شعبياً عفوياً على
سلطة
قامعة. أفلام سينمائية عدّة روت مقتطفات من سيرة البؤس الفردي والشقاء
الجماعي. من
سيرة الشقاء الجماعي عبر حكايات البؤس الفردي. أفلام التقت عند إبراز حالات
إنسانية
عامّة لدى الشباب المصريين تحديداً. أي لدى العصب الجوهري للمجتمع وتطوّره.
أو
للمجتمع وانهياره. التطوّر محتاج إلى العنصر الشبابي. الانهيار ناجم عن
خيبة
الشباب. عن انكسارهم وقلقهم وانسداد الأفق أمامهم. أفلام سينمائية حديثة
الإنتاج
قالت شيئاً من هذا: الشباب، رجالاً ونساء، مصابون بخيبات شتّى. منهارون لأن
قلقهم
على أنفسهم وغدهم أقوى من أن يتيح لهم هناءة عيش. محاطون هم بحيتان المال
والسياسة
والأمن. بتنانين فاجرة تنهش ما بقي لهم من روح وعزيمة. غير أن الروح
والعزيمة
استعادتا نضارتهما سريعاً، ما إن اشتعل أول فتيل الانقلاب، فإذا بالشباب
اليائسين
والبائسين ينقضّون على الوحش، محطّمين أسطورته، ومقارعين جبروته، ومنساقين
إلى
الانقلاب مسلّحين بحقّهم الطبيعي في حياة كريمة في بلدهم. أقول حياة كريمة،
وأعني
بها أساسيات العيش السليم للناس في بلدهم. هي أساسيات مفقودة، صنعت هذا
الغليان
المتدفّق حالياً في شوارع القاهرة ومدن مصرية عدّة، دفاعاً عن الأساسيات
نفسها هذه.
شباب يُطالبون بالحرية والكرامة، ويُدركون أن الحرية والكرامة متلازمتان
والمأكل
والمشرب والمسكن والطبابة وغيرها من أمور العيش اليومي.
تمزّقات
أمثلة
سينمائية متفرّقة أضاءت، في الفترة الأخيرة، جوانب عدّة من المأزق الإنساني
الفردي
المصري. إنها قليلة، لكنها مهمّة. يُمكن العودة إلى «هي فوضى» ليوسف شاهين
مثلاً.
الفساد الشره في شخصية ضابط الأمن. الانقلاب على ضابط الأمن في لحظة
الانكسار
الأخير. يُمكن استعادة «احكي يا شهرزاد» ليسري نصر الله: هذا الكَمّ الهائل
من
التمزّق الاجتماعي والقسوة الأخلاقية في العلاقات القائمة بين الناس. الحبّ
المصطدم
بالخيانة. العزلة المفروضة على المرأة أمام سطوة الرجل. الجشع العائلي.
الرغبات
الإنفعالية والروحية المقموعة، جرّاء تربية متكاملة مارسها مجتمع متكامل
على مرّ
العصور. القمع ناتجٌ من سياسة سلطات حاكمة، في السياسة والاجتماع والثقافة
والتربية
والدين. الجريمة مُرتكَبةٌ بهدف غسل الروح من شقائها المدوّي. هذه نماذج
أوردها
يُسري نصر الله على ألسنة شخصياته النسائية، في فيلم أُريد له أن يكون مرآة
شفّافة
لواقع أليم. التمزّق الاجتماعي يتحوّل إلى خطر يُهدّد المجتمع والناس. لا
يُمكن
التغاضي عنه. ما يجري في شوارع القاهرة ومدن مصرية عدّة ليس حكراً على
السياسة
والفساد الاقتصادي والجشع السلطوي فقط. التحليل النقدي للحراك الميداني
محتاج إلى
وقت. أميل إلى القول إن جزءاً من الحراك الآنيّ نابعٌ من التمزّق الاجتماعي.
التمزّق الاجتماعي هذا وجد، في أفلام سينمائية عدّة، صدى له: «678» لمحمد
دياب
مثلٌ أول. التحرّش الجنسي مصيبة. أسبابه عدّة. اختزل الفيلم خلفياته. هنا
أيضاً
يتجلّى القهر عظيماً. التحرّش نابعٌ من فقر وانعدام التوازن في البيئة
والذات معاً.
نابعٌ من العزلات المفروضة على الناس. التحرّش غريزة. السلطة الحاكمة لعبت
دوراً
كبيراً في جعل الناس ينقادون لغرائزهم. «678» حافظ على شفافية إنسانية في
سرده
حكايات من هنا وهناك، تعانيها نساء منتميات إلى فئات اجتماعية مختلفة، بل
متناقضة.
المرأة المحجّبة معرّضة للتحرّش الجنسي، تماماً كالصبية السافرة. الجوع
والفقر
والازدحام الخانق والتوهان داخل بؤر منغلقة على نفسها. هناك أيضاً علاقات
محطّمة
بين الناس، جرّاء سني القهر والتعذيب. العلاقات المحطّمة جزء من البناء
الدرامي
لـ«الخروج» لهشام عيساوي. جزء من سيرة شعب ومجتمع بلغا حدّاً لا يُطاق من
الانهيار
المفتوح على مفردات العيش اليومي كلّها. عيساوي ركّز على الصدام الحاصل
داخل البيئة
المصرية المبنية على ثنائية الأقباط والمسلمين. صدام ناتجٌ من علاقة عاطفية
بين شاب
مسلم وفتاة قبطية. الصدام حاصلٌ في البيئة المصرية منذ أزمنة بعيدة. إنه
جزء من
تسلّط النظام الحكام أيضاً. «الخروج» مرتكز أيضاً على مسائل أخرى، منها:
البطالة.
انعدام فرص العمل. الحلم بالهجرة كخلاص من القهر اليومي. من الاختناق
المرتفعة
وتيرته يوماً بعد يوم.
ينتهي «رسائل البحر» لداود عبد السيّد بلقطة معبِّرة عن
أحد مآزق المجتمع المصري. الشابان
المتحابان في مركب صيد على بعد أمتار عن الشاطئ،
والأسماك الميتة جرّاء استخدام الديناميت في اصطيادها تحاصرهما من كل حدب
وصوب.
الحبّ الطاهر آخر معاقل الحماية الفردية من حيتان المال والعقارات والفلتان
الاقتصادي. لكنه حبّ محاصر بالجشع . منذور للبقاء داخل دوائر الرأسمال
المتوحّش.
جزء أساسي من «رسائل البحر» منصبٌّ على هذا. العودة إلى المدينة المتوسطية
الإسكندرية دونها عقبة العجز عن التأقلم مع التطوّر السلبي الذي أصابها.
العودة
مصطدمة بحيتان المال والعقارات والأمن. المدينة نفسها مسرحٌ لأحداث
«ميكروفون»،
الفيلم الأخير لأحمد عبد الله. هذا فيلم محتاجٌ إلى مشاهدة ثانية. محتاجٌ
إلى
مشاهدة متنبِّهة إلى تفاصيله الصغيرة. إنه عن شباب مصريين في مواجهة
الانغلاق
الاجتماعي. العودة، هنا أيضاً، مُصابة بانفصام ذاتي: إنها منبثقة من رغبة
اللجوء
إلى ملاذ روحي، لكن الرغبة مصطدمة بالعجز عن التأقلم مع ما آلت إليه أحوال
الناس
والبيئة المجتمعية في المدينة. عودتان متشابهتان في الأسباب والأهداف،
والنتائج
ربما. إذاً، هناك شيء عفن محتاج إلى استئصال. في «ميكروفون»، وجد العائد
إلى مدينته
أن أموراً حسنة تغيّرت أيضاً. جيل شبابي منهمك في التعبير عن نفسه بالفن.
الرسم على
الجدران (غرافيتي) والغناء (راب، روك). لكن التعبير طالعٌ من يوميات البؤس
والشقاء.
اختبارات
هذه أمثلة قليلة. القراءة النقدية السابقة لا علاقة لها بالمستوى
الإبداعي. إنها محاولة لفهم العلاقة القائمة بين السينما والشارع. في
تعليقه على
الرواية الأخيرة لمحمد سلماوي «أجنحة الفراشة»، كتب عبد الرحمن الراشد
(«الشرق
الأوسط»، 31 كانون الثاني الفائت) ما يلي: «لو أن السلطات المصرية تقرأ
الروايات
بدل تقارير البوليس، ربما ما وقعت في ما وقعت فيه اليوم، وصارت رهينة ميدان
التحرير
المكتظّ بالتويتريين والفيسبوكيين الثائرين الذين لا تكفي السجون
لاستيعابهم».
الرواية الصادرة قبل أشهر قليلة فقط «تنبّأت» بما يحدث في مصر الآن. إنها
تتحدّث عن
تغيير عبر قوّة غير تقليدية، راهنت على جماهير امتلكت أدوات مختلفة في
تغيير الوضع
السياسي. غالب الظنّ أن السلطات المصرية، وغيرها من الأنظمة العربية
الحاكمة، تقرأ
الروايات عبر أجهزة الرقابة، فلا تنتبه إلى مضامينها ولا تكترث بها. أفلام
عدّة «تنبأت»،
ضمنياً، بإمكانية حدوث تغيير ما، عندما غاصت في مآزق العيش اليومي، وأضاءت
جوانب عدّة منه، وقالت بشكل موارب إن هذه المآزق ذاهبة بالناس إلى
الانقلاب،
وبالحالة إلى الانفجار. «كما ترى، فإن القيادة السياسية الآن في أيدي رجال
الأعمال»، قال الابن لأبيه في رواية «صخرة في الأنفوشي» لمحمد جبريل،
الصادرة
مؤخّراً. هل تتذكّرون «عمارة يعقوبيان» لعلاء الأسواني؟ تشابك مصالح الأمن
والسياسة
ورجال الأعمال. تداخل المصالح هذه أدّى إلى سلطة غاشمة. لكن التغيير بطرق
غير
تقليدية بدأ في مصر. استلّ تجربة تونس. لم ينسَ اختبار إيران. «انتفاضة
الحجارة» في
فلسطين درسٌ أساسي. اختلفت النتائج. لكل بلد خصوصيته. الشعب يسعى إلى
التغيير. يصنع
التغيير. الفنون سبّاقة في قول الأشياء. في نقل الأشياء إلى دائرة الضوء
الإبداعي.
السفير اللبنانية في
03/02/2011
مصر في يومها
المليوني
اسامة
عرابي
خرجت مصر أمس الاول
الثلاثاء عن بكرة أبيها في مسيرة مليونية تتحدى الحصار وحظر التجوال وتكميم
الأفواه
والمؤامرات الأمنية التي تركت الشارع بمعتاد الاجرام والمسجلين
«خطرا» وأرباب
السوابق حلفاء وزارة الداخلية الطبيعيين وساعدها القوي في مواجهة انتفاضات
الجماهير
الشعبية ووقفاتها الاحتجاجية وعصاها الغليظة التي تهيئ الأجواء لها لتزوير
انتخابات
مجلس الشعب، وترويع المعارضة، وخطف أفرادها من الشوارع وضربها بالآلات
الحادة، كما
حدث مع بعض الصحافيين مثل مجدي أحمد حسين وجمال بدوي وعبد الحليم قنديل
ونوال علي
التي مزقوا ملابسها وكشفوا جسمها أمام مبنى نقابة الصحافيين
واغتيال الزميل رضا
هلال الصحافي بالأهرام في ظروف غامضة عنها لم يكشف بعد.
لهذا لم يجد أحد نواب
الحزب الحاكم بأساً من التهديد باستخدام المطواة لردع الصحافيين بدون أن
يحاسبه أحد
وذلك أثناء مطالبة الصحافيين بإلغاء عقوبة الحبس في جرائم
القذف الخاصة بالذمة
المالية ومضاعفة الغرامة المالية بدلاً منها.
من هنا التف الشعب المصري حول
الدعوة إلى التغيير الجذري ودعمها بخروجه إلى ميدان التحرير والشوارع
المحيطة به
وتبنى تبنياً كاملا شعارات انتفاضة 25 يناير المجيدة التي تمحورت حول
«الشعب يريد
إسقاط النظام» «ارحل ارحل يا مبارك»، ورفعوا صورة لمبارك وقد اتخذ سمات
هتلر بشاربه
وتسريحة شعره المعروفين، من إشارة لا تخفى إلى ديكتاتوريته التي حولت مصر
إلى دولة
بوليسية من الطراز الأول، وقام بعض المتظاهرين بإجراء محاكمة
شعبية لوزير الداخلية
المقال اللواء حبيب العادلي وسائر الوزراء ونواب الحزب الحاكم المسؤولين عن
الجرائم
كافة التي اقترفوها بحق الشعب المصري، بينما هتف البعض الآخر قائلاً: خالد
خالد يا
سعيد دمك مش هيروح يا شهيد، مذكرين زبانية مباحث أمن الدولة
بالاسكندرية بأنهم لن
يفلتوا من العقاب، بعد ان قتلوا هذا الشاب الذي أزاح النقاب عن إتجارهم
بالمخدرات
مستغلين نفوذهم الأمني. في الوقت الذي علت فيه يافطة تقول بجلاء: لن تحكمنا
أميركا
واسرائيل مرة أخرى، وذلك رداً على التحركات الأميركية المحمومة
بإعلان تأييدها
لمطالب المتظاهرين والحاحها على النظام المصري للبدء في إجراء إصلاح سياسي
والإنصات
إلى المعارضة، فضلا عن تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي ناتنياهو بأنه يجب
على أي
سلطة في مصر، احترام السلام مع اسرائيل، بعد ان ساندوا مبارك
وأتوا به إلى الحكم.
بل إن كتاب «الحجاب» للصحافي الأميركي بوب وودورد قال ان وليم كيسي رئيس
السي آي
أيه قرر إرسال عناصر ميدانية إلى مصر للتأكد من أن الرئيس مبارك لن يلقى
مصير
السادات.
لقد باتت جماهير غفيرة في ميدان التحرير قبل المظاهرة المليونية كما
تفعل كل يوم، وبكرت أخرى للحضور منذ صباح الثلاثاء لتكر السبحة
بعد ذلك وتأخذ مدها
الجماهيري الكاسح عند الظهيرة بينما انصرف نفر منهم «رجال ونساء» إلى تنظيم
المسيرة
وتفتيش المنخرطين فيها توطئة لضبط عملاء الأمن الذين زرعتهم الأجهزة
المشبوهة،
لإشاعة الفوضى والتخريب في أرجاء الميدان الفسيح. في الوقت
الذي عنيت فيه قوات
الجيش بتوزيع منشورات تناشد المتظاهرين الالتزام بالنظام والحفاظ على
الأمن. وإن
كان المتحدث باسم الجيش بدأ أمس الأربعاء يستخدم لغة مختلفة عن ذي قبل
قوامها
الهجوم على المتظاهرين والتشكيك في نياتهم داعيا إياهم للعودة
إلى منازلهم
وأعمالهم، كأن خطاب رئيس الجمهورية أول أمس الثلاثاء كان منصة الانطلاق ضد
ثورة مصر
العارمة، والعمل على إجهاضها. لهذا عمد رجل الأعمال المقرب من الرئيس
المصري
إبراهيم كام للاتفاق مع الأجهزة الأمنية على تحريك مظاهرات
مؤيدة لحسني مبارك في
ميدان مصطفى محمود بضاحية المهندسين وأمام مبنى الإذاعة والتلفزيون ونهوض
طائفة
منهم للاحتكاك بالمطالبين برحيل النظام وافتعال المشاجرات وتخريب انتفاضتهم
مستخدمين في ذلك صواعق كهربائية ومواد حارقة وخيولاً وجمالاً
والاعتداء على
المتظاهرين والهتاف ضد الدكتور محمد البرادعي ووصمه بالعمالة لأميركا، بعد
أن رفض
دعوة الحوار التي وجهها اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية واشترط رحيل
مبارك
كشرط لقبول الحوار، بل عدّ رحيل مبارك سلمياً ضمانة أساسية
لحقن الدماء، ووصف رأس
الدولة بأنه ديكتاتور.
وبذلك يعيد النظام إلى الأذهان ذلك الموقف الرسمي
المعادي للحق في التجمع السلمي والتظاهر الذي كفله الدستور والمواثيق
الدولية. حتى
أن ثلاثة أعضاء في مجلس الشعب المصري طالبوا وزارة الداخلية بضرب
المتظاهرين الذين
يرفعون شعارات الإصلاح الديموقراطي بالرصاص، منحين باللائمة
على وزير الداخلية بسبب
لينه الشديد، قائلا أحدهم وهو نشأت القصاص في اجتماع بالمجلس: اضربوهم
بالنار
واستعملوا الرصاص، فضلاً عما قامت به مباحث أمن الدولة باقتحامها منزل
الناشر أحمد
مهني مدير دار «دوّن» للنشر والتوزيع وإلقاء القبض عليه فجراً
على خلفية نشر الدار
كتاب «البرادعي وحلم الثورة الخضراء» لمؤلفه كمال غبريال، والبحث عن نسخ
الكتاب
الموجودة لمصادرتها، على الرغم من ان الكتاب مطروح في الأسواق.
غير أن ثورة مصر
الشعبية واصلت طريقها معلنة أنها لن تغادر مكانها حتى يسقط النظام، وسمى
المتظاهرون
يوم الجمعة القادم «جمعة رحيل النظام»، رافضين طلب الرئيس تركه في منصبه
حتى سبتمبر
القادم موعد انتهاء فترة رئاسته، وهو ما يذكرنا بخطاب الرئيس
التونسي السابق زين
العابدين بن علي الذي حاول فيه استجداء الشعب، من خلال وعود له معسولة لم
تنطل على
أحد.
الفقر
لقد ضاق الشعب المصري بحياته وصار كثير من شبابه يفضل الانتحار
على جحيمها بعد ان انخفضت حصة الفقراء من الدخل القومي، وتعاظم
فارق متوسط الدخل
الفردي، بينهم وبين الأغنياء، وارتفع معدل البطالة بين الإناث على الرغم من
صغر
مساهمتهن في قوة العمل، وتركزت البطالة في الريف بدرجة كبيرة لتبلغ نسبتها
أقصاها
في أوساط حملة الشهادات المتوسطة، وفوق المتوسطة والشهادات
العليا، على أن نحو ربع
هؤلاء المتعطلين يعملون في قطاع التجارة والمطاعم والفنادق، ونحو الخمس في
قطاع
التشييد والبناء، وهي قطاعات تتسم بدرجة عالية من الحساسية، نظراً إلى حالة
التباطؤ
الاقتصادي التي عانى منها الاقتصاد المصري في إطار برنامج الاصلاح
الاقتصادي، بيد
أن تقديرات التقرير السنوي لوكالة الاستخبارات الأميركية تشير
إلى أن تعداد قوة
العمل المحتملة في مصر بلغت 24 مليون نسمة بما يوازي 38,5% من عدد السكان،
علماً
بأن نسبة قوة العمل العالمية إلى سكان العالم بلغت 48%، بما يعني أن مصر من
البلدان
المنخفضة في معدل الفعالية الاقتصادية، وهي نسبة قوة العمل إلى إجمالي عدد
السكان.
ومن ثم فإن رقم 24 مليون نسمة كتعداد لقوة
العمل المصرية هو الحد الأدنى لتعدادها،
وهو رقم لا يحتمل أي تخفيض، الأمر الذي يفصح عن خطورة البطالة
في مصر وما تستدعيه
من قلق متعاظم ونمو حرج لمعدلات التنمية الإنسانية في ضوء تحلل الدولة
المصرية من
التزاماتها السياسية تجاه العمالة، وغياب تصور استراتيجي عام يهدف إلى
استيعاب
العمالة الكاملة وتوظيفها مع ضعف تداول شبكة المعلومات، وتدني
أدوات ومعايير
التنفيذ وتقويم الأداء وعدم تمكين المواطنين من الاضطلاع بأي دينامية
إنتاجية بفعل
عمليات التهميش والاقصاء التي تمارس بحق الجميع ـ لا سيما النساء ـ
وإبعادهم عن أي
أدوار اجتماعية واقتصادية وثقافية فعالة. وهكذا من أجل تطبيق
برامج التكيف الهيكلي
لصندوق النقد والبنك الدوليين يتخلى التناقض المموه بين القاعدة المجتمعية
والبنية
الدولتية عن طبيعته، ويبدو شكله القمعي سافراً. لذلك يحس شبابنا بالاغتراب
وعدم
الانتماء، وإلا فما معنى ان تقوم صفوة من شبابنا بفلاحة منطقة
البستان من أعمال
محافظة البحيرة، أملا في حل مشاكلهم الاقتصادية الطاحنة، ثم يفاجأون بعد
عامين بشح
المياه وانعدامها، حتى تفاقمت مديوناتهم وباتوا مهددين بالحبس من قبل
الجمعيات
الزراعية وبنك التنمية والتجارة لتباع المنطقة كلها في النهاية
لكبار المستثمرين
الذين استحوذوا على أفدنتها وخدماتها، كما تعرض مشروع مبارك لشباب
المتخرجين بجنوب
سهل الحسينية، آخر حدود محافظة الشرقية، للمصير ذاته، فبيعت أرضه
للمستثمرين وكبار
المسؤولين الذين حولوها إلى مزارع سمكية على غرار مزرعة شركة
السلام والاستزراع
السمكي، ولم يتسلم الشباب المتخرجون العقود حتى الآن.
لقد نجحت أميركا في تحجيم
المساحة المزروعة قمحاً في مصر، وصار ربع المعونة الأميركية يوجه لخدمة
استيراد
منتجات أميركية لمصر، والقسم الثالث موجه للتدريب ولأجور ومرتبات جيش
الخبراء
الأميركان واشتراط عدم تصدير المنتجات التي تنتجها وتصدرها
أميركا، وقد نجحت هذه
المحاولات في إلزام الحكومة المصرية إقامة صندوق لدعم الأردن، من خلال
تخفيض
المعونة بمقدار 50 مليون دولار من حصة مصر ويطلق عليه صندوق السلام. بينما
تحصل مصر
على المعونة الأميركية في شكل خبراء ومعدات وسلع مفروضة عليها
من أميركا في الوقت
الذي تحصل فيه اسرائيل على المعونة في شكل نقدي، ومقدماً في بداية كل عام.
وقد
طرحت حصة الدولة في عدد من الشركات للبيع الذي تم لشركات معينة بأسعار
بخسة، حيث
استغل المشترون الفرصة وباعوا أراضي تلك الشركات بعد ان أوقفوا
الانتاج، أي ان
عملية البيع لم تجلب على مصر غير الخسارة. كما ان المستثمرين بعد الشراء
يقصرون
نشاط الشركات على فترة الاعفاءات الجمركية والضريبية ليحققوا أعلى استفادة
ربحية،
دون النظر إلى المصلحة الوطنية ولا الحرص على استقرار العمال
ومصالحهم.
ومن
الغريب أن تكون الشركات المختارة للبيع من الشركات الرابحة مثل الدلتا
للسكر
والشركة الوطنية لمنتجات الذرة وشركة الدقهلية للسكر وشركات
المعادي للاستثمار
والتعمير ومصر للاستثمار العقاري والسياحي والاستثمارات العربية للتعمير،
على أن
المشتركين المصريين يقومون ببيع المصانع المصرية التي ينهضون بشرائها
لشركات
أجنبية. وعلى هذا النحو باع الرئيس المصري حسني مبارك مصر
وأصولها الانتاجية فتوقف
الانتاج، وجرى تصدير التلوث إلى البلاد، وسيطر الأجانب على مقدرات الأمة.
لذلك آمنا
بأن الحامل الاجتماعي للديموقراطية لا يمكن ان يأتي من صفوف الرأسماليين
ورجال
الأعمال الذين لا يهتمون باستقلال السوق الوطنية بحكم ارتباط
مصالحهم بالرأسمالية
العالمية ومن ثم فإن القوى الاجتماعية المؤهلة للنضال من أجل التحول
الاجتماعي
المنشود، ستكون تحالفاً شعبياً من الفئات الوسطى والعمال والفلاحين.
)كاتب
مصري(
السفير اللبنانية في
03/02/2011
لعبــة تبـديـل
الأقنعـة لا تجـــدي
اسامة
عرابي
(أ
ب)
لا تجدي لعبة تبديل
الوجوه والأقنعة ما زال النظام المصري مصراً على انتهاج طريق المفلسة غير
عابئ
بحياة الناس وأوضاعها المتردية على مختلف الصعد، ولا بطموحاتها
الوطنية والقومية،
فأتى بوزارة ادعى انها جديدة وما هي بجديدة، بل هي في فحواها ومبناها إعادة
إنتاج
للسياسات الكارثية القديمة التي أدت الى اتساع دائرة الفقر وتقليص حجم
السوق
الداخلية، وتراجع النشاط الاقتصادي، وتدهور مستوى التنمية
البشرية، نتيجة تخفيض
الأنفاق الحكومي على الخدمات الاجتماعية وارتفاع نسبة التفاوت الاجتماعي
الأمر الذي
أدى الى تدني الطلب والاستهلاك وتفاقم معدلات البطالة، وتسريح أعداد غفيرة
من
العمال والموظفين العموميين وقد احتفظت الوزارة المسماة زوراً
وبهتانا بالجديدة
بخمسة عشر وزيراً من عمد الوزارة السابقة وأركانها الأساسية، بالإضافة الى
مجموعة
اخرى مختارة من التكنوقراط الذين يتبنون النموذج النيوليبرالي الذي اسهم في
عولمة
لرأس المال المحلي والأجنبي في الاستثمار والنشاط التجاري وإزالة القيود
التشريعية
التي تحول دون تحكم الشركات المتعددة الجنسيات في سوق العمل، وبذلك يجيء
موقف
النظام المصري من انتفاضة 25 يناير المجيدة معبراً عن موقف
متعثر لنظام مأزوم لا
يؤمن بالحوار والتعددية ولا بدولة للقانون، ولو بمعناها النسبي مغلقا الباب
امام أي
إمكانية حقيقية للتواصل وإدارة الأزمة ومعالجتها ومن ثم فإن الطابع
اللاديموقراطي
للنظام السياسي القائم ليس طارئا عليه، بل هو طابع أصيل فيه
بشكل المصدر الرئيسي
للاستلاب الفردي والطبقي ولعسفه المدني والإداري.
جابر عصفور
من منا بقادر
على ان ينسى الأداء السياسي والدبلوماسي المتواضع لوزير الخارجية أحمد ابو
الغيط،
من منا بقادر على ان ينسى مواقف وزيرة القوى العاملة السيدة عائشة عبد
الهادي
الناصرية سابقا التي قبلت يد قرينة رئيس الجمهورية أملا في
إبقائها في منصبها
وأعلنت انها بصدد إرسال ألفي سيدة مصرية للعمل خادمات في الكويت إسهاماً
منها في حل
مشاكل البطالة المستفحلة فضلاً عن دفاعها عن قانون العمل الموحد الذي اهدر
مجمل
الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي انتزعها العمال بتضحياتهم
منذ منتصف القرن
التاسع عشر ووقوفها الى جانب رجال المال والأعمال في التلاعب بمصالح العمال
وتعريضهم للفصل التعسفي وحرمان اللجان النقابية من حق التفاوض الجامعي
وإبرام عقود
العمل المشتركة.
من منا بقادر على ان ينسى مواقف وزير التعليم العالي الدكتور
هاني هلال المعادية لتطوير التعليم وتهجمه على زملائه أساتذة
الجامعات المعارضين
لنهجه الاستبدادي وسماحه لقوات الأمن بدخول جامعة عين شمس لضربهم والاعتداء
عليهم
بالشوم (العصي الثخينة) وتقديمهم للتحقيق، لأنهم تجاسروا ووزعوا حكم محكمة
القضاء
الإداري القاضي بإلغاء الحرس الجامعي الذي سام الطلاب
والدكاترة كل صنوف الخسف؟
والعسف.
من منا ينسى تصريحات الدكتور جابر عصفور المؤيدة لمصادرة الروايات
الثلاث المغدورة «قبل وبعد» لتوفيق عبد الرحمن و»أحلام محرمة»
لمحمود حامد وأبناء
الخطأ الرومانسي لياسر شعبان على يد وزير الثقافة السابق فاروق حسني، فضلا
عن تدخله
في عمل الناقد السينمائي الكبير مصطفى درويش إبان توليه رئاسة لجنة السينما
في
المجلس الأعلى للثقافة، مما دفعه الى تقديم استقالته والنأي
بنفسه عن هذا المكان
الملغوم وحرصه على ان يكون على رأس لجنة الشعر في المجلس الأعلى للثقافة،
احد غلاة
التقليد والاتباع، على الرغم من حديثه المتكرر عن حداثته وتفكيكيته، ناهيك
عن هجومه
على الكاتب صنع الله ابراهيم لرفضه جائزة مؤتمر الرواية
والمدينة عام 2003 الذي
اغضب مؤسسة الرسمية التي ابتدع لها ظاهرة سياحة المؤتمرات التي لم تنجح في
استعادة
بعض من شحوب الدور المصري المتآكل على الساحة السياسية العربية.
أما وزير
الإعلام انس الفقي الذي تفاخر يوما بأنه تلميذ السيدة سوزان مبارك فهو صاحب
فكرة
إرساء قانون للرقابة على القنوات الفضائية العربية وتفريغ
الإعلام من أي محتوى جدي
فحدث ولا حرج.
ألم يترك الصحافيون فريسة الحبس الوجوبي بعد ان غلت يد المهنة
وشلت بفضل ترسانة القوانين المقيدة للحريات الديموقراطية
وعمليات اضعاف نقابة
الصحافيين والحرص على عدم استقلالها، اقتصاديا، لتحافظ على ذيليتها للنظام
وهيمنة
الأجهزة الأمنية على مقاليد الأمور في المؤسسات الصحافية وتعيينها القيادات
بدون
كفاءة تذكر، حتى غدت مصر وفقا لتقارير منظمة «صحافيين بلا
حدود» من أكثر الدول
المعادية لحرية الصحافة في العام ومن اشدها اهداراً لحق المواطن في الاعلام
الذي
كفلته المادة 19 في كل من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان وللعهد الدولي
للحقوق
المدنية والسياسية، مما أدى الى تراجع حرية النقد والتعبير
التي اكدتها الدساتير
المصرية منذ عام 1923 حتى عام 1971.
لذلك كان من البديهي في هذا المناخ الموبوء
ان يتمسك النظام بوزير العدل ممدوح مرعي الذي ناصب نادي القضاة والقضاة
الشرفاء
العداء واستبعدهم من رئاسته، وحرص على ممالأة النظام في توسعه في اختصاصات
القضاء
العسكري، وسواه من أنواع القضاء الاستثنائي والانتقاص من حقوق
المواطنين في التقاضي
وجعل النيابة العامة تابعة لها وانفراده باختيار النائب العام وتعيينه
ودفاعه عن
قانون الطوارئ الذي سلب القضاء اختصاصه في رقابة اعلان الطوارئ، وضرب صفحا
عن
المليارات التي تنفق على إنشاء المعتقلات.
وعلى هذا النحو نستطيع أن نمضي في
تعداد المثالب التي تشوب وزراء الفريق أحمد شفيق، لكنني أود ان أتوقف عند
مزاعم
النظام بأن الوزارة المسماة بالجديدة قد خلت من رجال الأعمال تماما، وأتت
بآخرين
مغايرين لتصوراتهم وأفكارهم، وهذا كذب صراح لأن التنمية
الاقتصادية في مصر لا تحدد
أجندتها الهموم الاجتماعية والمصلحة الوطنية، بل تأتي تنفيذاً لسياسات
مفروضة عليها
من قبل المؤسسات الرأسمالية الدولية تلبية لمقتضيات التوسع الرأسمالي
العالمي
ومتطلبات نموه التي تأتي دائماً على حساب الجماهير الشعبية
وسقطت بذلك الدعاوى
الزائفة التي روجت طويلاً لمرونة سوق العمل ورومنطيقية شروطه ومن ثم انقشع
الوهم عن
مشروعات وهمية ينهض به الصندوق الاجتماعي للتنمية أدت الى حبس الشباب وعدم
قدرتهم
على دفع الأقساط المطلوبة. أما طرقنا ومناهج الخروج من الوادي
وغز والصحراء فجاءت
منحازة لرجال الأعمال العرب، ليتملك الأمير الوليد بن طلال حوالى 300 ألف
فدان من
الأراضي الخصبة في توشكا بينما خصصت للشيخ غازي الصقعبي الكويتي في الأراضي
الواقعة
على الفرعين 3 و4، وتصل مساحتها الى 250 ألف فدان، في الوقت
الذي رفض فيه تمليك
أراض لمستثمرين مصريين بهذه المساحات، وراحت الحكومة تبيع مشروع أراضي
الشباب في
الصالحية لشركة قطاع خاص تعمل في مجال المضاربة في أسعار الأراضي والعقارات
تدعى
شركة السادس من أكتوبر للتنمية والاستثمار، وحرمت الشباب من
فرص العمل فيها، وحل
أزمة بطالتها، وعلى هذا النحو مضت سائر المشروعات بما أقنع شبابنا بضرورة
تبني
استراتيجية وطنية وخطة تنمية متكاملة تنسجمان واحتياجات المجتمع، وإرساء
بنية
سياسية ديموقراطية تمكن المجتمع من تفعيل دور السلطة التشريعية
والرقابة الشعبية في
مكافحة هدر الموارد والإسراف ونهب المال العام ولتوسيع المشاركة وتحمل
أعباء
المواجهة، لذلك خرج الجميع الى الساحات والميادين العامة نافضين عن كواهلهم
وهو ما
يفسر لنا الأهمية التي علقتها اميركا وإسرائيل على ضرورة إنجاز تسوية
سياسية تحقق
لها الأهداف المتوخاة من ورائها، وهي تصفية القطاع العام
وتعميق التبعية لها، من
خلال ما عرف في مصر بالانفتاح الاقتصادي، وفتح قناة السويس وإعمار مدن
القناة
الثلاث على نحو ما عبرت عنه بوضوح اتفاقيتا الفصل بين القوات المصرية
والإسرائيلية
عام 1974 واتفاقية كامب دايفيد عام 1979، وهنا يبدو لنا دور
البنك وصندوق النقد
الدوليتين في تنفيذ هذه السياسة، من خلال تقديم القروض السخية الى حلفاء
أميركا
الطبيعيين وحجزها عن الدول التي تحتفظ باستقلالية قرارها الوطني، عن طريق
سياسات
حمائية لمشروعاتها الصناعية.
لقد جرى الربط دائماً بين تقديم القروض والمنح
والمعونات، وبين تطبيق شروط برامج التكيف الهيكلي التي افضت الى اغتيال
الصناعة
الوطنية والصناعات الصغيرة والمتوسطة، والى الكساد وارتفاع أسعار الخامات
والكهرباء
وضريبتي المبيعات والأرباح التجارية والمصروفات الإدارية للشركات فأفلس
المنتجون
وأغلقت الورش وسرحت العمالة وانهارت الفئات البينية واضطلع خريجو الجامعات
وحملة
الشهادات المتوسطة بأعمال هامشية ومهن طفيلية ولم يعد هناك
تخطيط بمقدوره استيعاب
المعادلة القائمة على ذلك الارتباط بين مخرجات التعليم وسوق العمل غبار
الخوف، بعد
أن سدت في وجوههم الدروب والسكك، ووقف النظام القائم في مصر حائلاً بينهم
وبين
المستقبل.
)القاهرة(
السفير اللبنانية في
03/02/2011 |