نحاول في الموقع ان نقترب من عملية إنجاز
الفيلم الوثائقي وهذه المرة سنركز على عملية الدوبلاج بالنسبة
للوثائقيات المترجمة.
وقد التقينا بالفنان المسرحي اليمني سالم الجحوشي. الصوت الذي يسمعه مشاهدو
الأفلام
الوثائقية على قناة الجزيرة. إنه من الرجال الذين يعملون في الخفاء لتصل
المادة
الوثائقية على أحسن وجه. وقد صارت لصوته بصمة في أذن متتبعي
الجزيرة. في حوارنا معه
أردنا أن نتعرف عليه عن قرب وعن خصوصية عمل الدوبلاج.
·
درست المسرح وفن الإلقاء في مصر
منتصف
السبعينات فترة قصيرة ثم المسرح لمدة اربع سنوات في الكويت....كيف تقيم
التجربتين؟.
الدورة المسرحية في مصر هي من دفعتني لدراسة المسرح
أكاديميا ولحسن الحظ أنني منذ التخرج مباشرة التحقت كمدرس لمادة الصوت
والإلقاء
بمعهد الفنون الجميلة في عدن لتتواصل الخبرة مع الدراسة وتقوى التجربة
الممزوجة
من حصيلة تجربتين ناضجتين أخذتا من عمري أربع سنوات وستة أشهر.
·
بدأت في النصف الأول من
السبعينات –
إضافة للتلفزيون والمسرح- العمل في
الدراما الإذاعية...ما الفروق بين ممثل المسرح
والتلفزيون والممثل الذي يعمل خلف الميكرفون؟.
لكل فن مقوماته وإن
تشابهت الأهداف فالممثل في الإذاعة يرسم بصوته للمستمع أبعاد الشخصية بينما
في
السينما والتلفزيون يقدم الشخصية صوتا وصورة بحضور جسده القادر على الإقناع
بالشخصية بواسطة التقاسيم والحركات وكل أنواع الحضور الجسدي
وتقوم الكاميرا بالتصرف
والإبقاء على المطلوب.. أما في المسرح وهو أصعبها فتتم المواجهه مع الجمهور
ويتطلب
منه التجسيد الصادق للشخصية فتغيب كل إمكانيات المونتاج والإعادة لستر هنات
التمثيل، ليبقى وحيدا يجابه مصير الشخصية التي يتقمصها أمام
الجمهور ..
·
كنت أول خريج من جنوب اليمن في
التمثيل،
عملت أيضا في نفس الفترة كنائب للمسارح وأستاذ فن الإلقاء، كانت فترة
مزدحمة كما
يبدو..
في تلك الفترة مرت عدن وبقية المحافظات الجنوبية بما هو أشبه
بالحلم حيث الكل يسعى لنقل المجتمع إلى آفاق أبعد فلم يكن الزمن يسعفنا
لتحقيق كل
الطموحات ويكفي أنها الدولة الوحيدة التي تم فيها محو الأمية
بجهود كل المواطنين
بكافة الفئات فلا تستغرب خوض أكثر من تجربة في تلك الفترة . التي كان
السياق
الثقافي والسياسي والإيديولوجي يسمح بتلك التجارب.
·
في قطر كانت لك بصمة على مستوى
المسرح الشبابي بالذات...كيف تصفها؟.
منذ وصولي قطر سنة1995 تحملت
مسئولية المسرح بمركز شباب الدوحة وحتى يومنا هذا تم تقديم
أكثر من ثلاثين مسرحية
وأربع دورات مسرحية ومن كان متدربا عندي أصبح الآن مدربا وهذه الحصيلة
تسعدني كل
السعادة خاصة وأن المركز مازال يقوم بضخ الكوادر للمسرح الشبابي حتى هذه
اللحظة
وأحمل العشرات من شهادات التكريم والتقدير من الجهات المعنية.
وه\ه التجربة تعتبر
من التجارب الغنية في مسيرتي.
·
عملك في الجزيرة هو مخرج دوبلاج
للأعمال الوثائقية...ماذا يعني ذلك عمليا؟.
الدوبلاج فن في غاية
الصعوبة والإبداع فمنذ 1978 عندما عملت المسلسل الكارتوني "عدنان ولينا" ثم
"صفر
صفر واحد" ثم "نحول" ثم "لوسي" أكسبتني تلك التجربة كمتخصص في الصوت قدرة
على
إخراج كل الأعمال الوثائقية وأداء الدور الرئيسي فيها الذي يتحكم بتحديد
إيقاع
العمل وكما تعلم ميزة الجزيرة عن غيرها من المحطات يرجع لحرصنا الدؤوب لجعل
عملية
الدوبلاج أكثر تشويقا ومتعه
.
·
ماذا يمكن أن يضيف الصوت العربي
للشريط الأجنبي؟.
لغتنا العربية تمتلك بحورا من التنوع والثراء في
الصياغات والاتجاهات والتصاريف مما جعل هذه الخاصية تساعد في جعل المادة
المدبلجة
أكثر اختراقا للأذن. إن اللغة العربية حينما تعبر عن الفيلم
الأجنبي أو تدبلجه تقوم
بإدخاله ضمن الثقافة العربية أي يصبح في أفق التقبل الثقافي العربي. فاللغة
وسيط
ومادتها الأساسية أو الخام هو الصوت وحسن أداء الصوت يساهم بجزء كبير في
إقناع
المتلقي بمضمون اللغة وبالتالي يقبل على النص المدبلج. إن
الصوت العربي الجميل
والمؤدى بشكل جمالي يخلق تواصلا أقوى بين المادة الفيلمية القادمة من ثقافة
أخرى
والمتقبل العربي.
·
من ناحية أخرى هل يمكن للصوت أن
يعادل
الصورة أو يكسبها معناه الحقيقي ؟؟ وهنا نتحدث عن دور الإحساس أثناء
الدبلجة
؟؟
رغم التطور للتكنولوجيا وتعدد وظائف الصورة إلا أن المؤدي الجيد و
إن كان بلغة يجهلها المشاهد يستطيع تضمين الصوت كل الأحاسيس والمشاعر
المطلوبة لذا
من الدروس التي نعلمها طلابنا – اجعل صوتك قادرا على توصيل كل المعاني
والأحاسيس
بتدريبه بتمارين متنوعة لجعل الصوت موازيا للصورة .
·
أنت جزء من
العمل الوثائقي بحكم خبرتك ومشاركاتك..كيف ترى الوثائقي العربي
اليوم..وأيضا كيف
ترى المساحة التي يحتلها في الفضائيات؟.
العمل الوثائقي في محطاتنا
العربية لا يحظى بمساحة كبيرة ربما لأن المحطات لا تعي أهمية
ذلك. لذا جاءت الجزيرة
الوثائقية لتغطي الساحة العربية ونجحت كل النجاح في الوصول للجمهور .وهذا
ما يؤكد
أهمية العمل الوثائقي للناس
·
لو تم تخييرك اليوم في الوظيفة
الفنية
التي تريد حقا التفرغ لها..ما هو خيارك؟.
مخرج دوبلاج
الجزيرة الوثائقية في
13/01/2011
يتضمن لقطات نادرة وشهادات حية من 13 شخصية عايشت
الحدث
«حرق
أوبرا القاهرة» فيلم يوثق احتراقها
عام 1971
القاهرة: محمد عجم
«حرق أوبرا القاهرة».. بهذا العنوان أنتج أول فيلم وثائقي يوثق لحادث
احتراق دار الأوبرا المصرية القديمة أو كما اشتهرت باسم الأوبرا الخديوية،
الذي يظهر قبل أشهر قليلة من الذكرى الأربعين للحريق، حيث احترقت الأوبرا
في فجر يوم 28 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1971، عندما أتت النيران بالكامل
على مبناها ذي الشكل المعماري المميز بما فيه من ملابس وديكورات وإكسسوارات
العروض، بعد أن ظلت منارة فنية وثقافية تؤدي رسالتها على مدى 102 عام منذ
أن بناها الخديو إسماعيل في سنة 1869 بمناسبة افتتاح قناة السويس.
يرصد الفيلم في 40 دقيقة شهادات عن الحريق من خلال لقاءات حية مع ثلاث
عشرة شخصية مختلفة تولت مناصب في إدارتها، أو فنانين أوبراليين قاموا
بالعمل فيها، أو فنيين وعاملين بها كانوا شهود عيان على الحادث. وقد استغرق
العمل فيه ما يقرب من 3 سنوات، لمحاولة البحث عن صور فوتوغرافية ولقطات
فيديو تكشف عن أجزاء خفية في الحريق، والبحث عن أصحاب الشهادات من مصريين
وأجانب ومقابلتهم.
كمال عبد العزيز، مخرج الفيلم ومدير التصوير وصاحب الفكرة والسيناريو،
يوضح لـ«الشرق الأوسط» أن فكرة الفيلم قد تكونت لديه بعد أن قام بتجميع عدد
كبير من الصور الفوتوغرافية عن الأوبرا القديمة، وذلك كونه عاشقا للتراث
المصري بشكل عام والأوبرا بشكل خاص، حيث قضى جزءا من حياته قاطنا في إحدى
البنايات المطلة على ميدان الأوبرا حيث كانت توجد دار الأوبرا القديمة، ومن
هنا بدأت لديه فكرة تنفيذ فيلم وثائقي لكي تعرف من خلاله الأجيال الجديدة
قيمة الأوبرا القديمة وكيف كانت من أهم 5 أوبرات في العالم، وأيضا الإشارة
إلى أن ميدان الأوبرا كان من أجمل ميادين العالم.
ويضيف «الفيلم يعد الأول من نوعه الذي يوثق من خلال مشاهد سينمائية
لحريق الأوبرا، حيث يتضمن الفيلم لقطات للفيديو الوحيد الذي صور عن الحريق
الذي قام بتصويره هاو ألماني يوم الحريق عندما كان يمر مصادفة بميدان
الأوبرا ومعه كاميرا سينمائية 8 مم سجل بها الحريق منذ بداية الثواني
الأولى لاشتعال النيران بين أركان المبنى، وأثناء تهاوي أجزائه واحدا بعد
الآخر حتى انتهى وإلى الأبد. وقد كنت أظن مثل الجميع أن أحدا لم يسجل
الحريق سينمائيا، لكن البحث قادني إلى تلك اللقطة المصورة، فقمت بشراء هذا
الفيديو من ورثته بعد عشرين عاما بعدما اقتنعت أرملته بإخراج هذه الوثيقة
الوحيدة والفريدة التي تسجل سينمائيا حادث حريق الأوبرا الخديوية إلى
النور. وقد استعنت به عبر لقطات الفيلم ومدته 10 دقائق».
يعتمد الفيلم على مقاطع سمعية وبصرية قوية، من خلال كلام الشخصيات،
إضافة إلى المشاهد المصورة من قبل. يتابع مخرج الفيلم «لجأت لقوة كلام
الناس وشهاداتهم عن المكان والزمان رغم الصعوبات التي وجدتها في البحث عن
شخصيات عاصرت الأوبرا، وركبت تلك الكلمات على صور الحريق، التي قمت بشرائها
من مصورين أرمن وأجانب ومن ورثة مصورين صحافيين، وسافرت إلى محافظات مصرية
مختلفة بحثا عنها، إلى جانب مجموعة كبيرة من الوثائق عن حريق الأوبرا وأخرى
عن العروض التي قدمت على خشبتها والزائرين لها، وأبرزهم الملك فاروق».
من بين الشخصيات التي تتحدث في الفيلم عن حكايتها مع الأوبرا د. ماجدة
صالح باليرينا مصر الأولى السابقة، وقائدا الأوركسترا د.طه ناجي ومصطفى
ناجي، والمغنون الأوبراليون حسن كامي ود. رتيبة الحفني وفيوليت مقار، وصالح
عبدون آخر مدير للأوبرا القديمة، والعازف عبد الحميد جاد، إلى جانب المغني
الأوبرالي جاريجوار بارتيمان وعازف البيانو ألدو ميناتو اللذين عملا في
الأوبرا المحترقة، بالإضافة إلى بعض الفنيين مثل فايق حنا مدير الكهرباء
بالأوبرا وشحاتة أحمد فني تغيير المناظر وسمير عبد الباقي نجار قديم
بالأوبرا.
يكمل عبد العزيز «هؤلاء الأشخاص عاشوا فترة الأوبرا القديمة وكلهم
تحدثوا وعبروا بنفس اللسان عن تجربتهم، وعن إحساسهم وقتها بمستقبلهم الذي
ضاع، مجمعين على أن ما حدث كان كارثة حلت بفنارة الثقافة المصرية وقتها.
كما طرحت كلماتهم عن أسباب الحريق وجهات نظر متعددة وكونت صورة أشمل عن تلك
الكارثة التي أغلق عليها الباب ولم يعرَف حتى الآن السبب الحقيقي لحريق
الأوبرا».
وبرأيه أن الفيلم تأخر إنتاجه كثيرا، مما تسبب في فقدان كثير من
الوثائق التي كان من الممكن الاستعانة بها.. لكن ظهوره أيضا في هذا التوقيت
يضيف بعدا مهما، ففي الفترة الحالية يربط العالم بين العرب والمسلمين وبين
الإرهاب، لكن فيلم «حرق أوبرا القاهرة» يفند ذلك ويوضح أننا مهد حضارات
وكيف كنا منفتحين على العالم من خلال هذه الأوبرا.
ويذكر عبد العزيز، الذي عمل كمدير للتصوير في عدد كبير من الأعمال
السينمائية والتسجيلية والتلفزيونية، أنه أخرج الفيلم بنفسه «لأني أحفظ
المادة جيدا، وأعرف قيمة كل صورة عن الأوبرا، كما أنني ابن منطقة وسط البلد
حيث كانت توجد الأوبرا فأردت أن أعبر عن قيمتها الكبيرة في حياتنا التي
ذهبت ولم ننتبه إليها».
وبرأي مخرج الفيلم، تعد تجربته الوثائقية وما تنشط به الساحة العربية
حاليا من إنتاج وثائقي مؤشرا إلى أننا كعرب بدأنا نعي أهمية توثيق تراثنا،
وهو ما يعد مشكلة كبيرة خاصة لدى الأجيال الجديدة الناشئة، التي يجب أن تجد
وثائق ترجع إليها حتى تتعرف على تاريخ أوطانها وحضارتها.
الشرق الأوسط في
13/01/2011
الأدب والإعلام والسينما في الغرب: ميادين واسعة
للإساءة للعرب
رشا عبدالله سلامة
ع.جو- أولئك الذين يروون القصص ، هم من يحكمون المجتمع".. كلمات سطرها
أفلاطون منذ فجر التاريخ في كتابه "الجمهوريّة". كلمات إذا ما طُبِقت على
ما حدث مع العرب و المسلمين ، فستثبُت صحتها بلا شكّ ؛ فالآخر الذي روى
عنهم قصصاً و مثّلها و روّج لها ، لم يحكم فقط نظرة مجتمعه تجاههم، بل حكم
نظرة العالم أجمع
فيما يلي، محاولة متواضعة لسبر أغوار نظرة "الآخر" للعرب والمسلمين،
في الأدب والإعلام والسينما الغربية، وعلى رأسها السينما الهوليودية.
تتحدّث أستاذة الأدب الإنجليزي في جامعة الإسراء الأردنيّة د. نور
العيسى عن بعض النتائج التي خلصت إليها في خضمّ بحثها المتواصل عن صورة
العربي و المسلم في الأدب الغربيّ . تقول " وجد الصراع ما بين الغرب و
الشرق طريقه للأدب الغربيّ منذ القرون الوسطى على وجه التحديد ، فقد كان
حينها الإسلام في ذروة مجده و صعوده بما شكّل تهديداً للحضارة المسيحيّة
الغربيّة ".
تتابع " لم تألُ تلك الأعمال سبيلاً في تصوير المسلمين بالبرابرة
الهمج و الوثنيّين ، فهاهي مسرحيّة "مريم المجدليّة" تصّور الإسلام
بالمسوّغ للحياة الساقطة التي كانت تعيشها المجدليّة؛ إذ تصوّرها قد أسلمت
على يدّ واعظ وثني يتبع ديناً لشخص اسمه محمد.
تبدي العيسى دهشتها لكون هذه المسرحيّة "لازالت مصدّقة و متداولة على
الرغم من الخطأ التاريخيّ الكارثيّ الذي يصوّر النبيّ محمد صلى الله عليه و
سلّم قد عايش النبيّ عيسى عليه السلام على الرغم من كون الفارق بينهما يزيد
على الستمائة عام ".
عمل آخر اسمه "أغنيّة رولاند"، بحسب العيسى، و هو عبارة عن قصيدة
رومنسيّة طويلة تتحدّث عن بطولة شخص اسمه رولاند يقاتل المسلمين "الذين هم
حفنة وثنيّين جهلة لا يعون حقيقة الإله والدين".
وتنوّه لكون " القرن الخامس عشر كان أوج عظمة الدولة العثمانية التي
كانت تشكّل تهديداً كبيراً للغرب لاسيّما إنجلترا ؛ ما أدّى للمزيد من
الأعمال التي تصف المسلمين بالمهزومين والذين هم إمّا أتراك أو برابرة . و
لعلّ من الضروريّ التنويه أنّ الشرق لم يكن يعني في تلك الفترة المسلمين
فقط بل و كذلك اليهود و مسيحيّي الشرق ".
ترى العيسى أنّ شكسبير في مسرحية "تاجر البندقيّة صوّر التاجر
اليهوديّ بصورة الجشِع المادّي وعديم الوفاء ، لم يكن حينها يتحدّث إلاّ عن
المشرق بأسره بما فيه العرب .
وتبرهن العيسى على ذلك أيضا بمسرحيتيّ شكسبير "ماكبيث" و "أوثيلّو" ؛
حيث أوثيلّو ما هو إلاّ بطل بربري ، يرمز للمسلمين ، ساذج سهل خداعه و
معرفة نقاط ضعفه ، فيما تتمثّل الإساءة في مسرحيّة ماكبيث في حوار الساحرات
اللاتي يذكرن اسم تركيّا ، التي ترمز للمسلمين، ضمن مخططاتهنّ السحرية و
ألاعبيهنّ ".
وتدلّلّ العيسى على استعمال اليهود رمزاً عن الشرق في الأدب الغربيّ
بمثال آخر و هو رواية جيمس جويس المُعنوَنة ب "يوليسس" التي صوّرت اليهودي
بمن "يتبادر لخياله صور إباحيّة و هو في طريقه لتركيا ، بسبب مناخ الشرق و
شمسه المتوهّجة التي تُلهب الخيال و تُثير الغرائز !
يشترك أستاذ اللغة الإنجليزيّة في الجامعة الأردنيّة الدكتور سليمان
العبّاس مع العيسى في وجهة النظر؛ إذ يقول "لابدّ من توعية عربيّة
إسلاميّة حول ما يحفل به الأدب الإنجليزي من إساءات ، بدلاً من احتفاءنا
بمن يسيئون لنا و عدم نقدنا لأعمالهم أو مجافاتنا لها كليّاً لتكون النتيجة
أن تغدو السيول من تحت أقدامنا فيضانات و نحن لا نعلم ".
كما يستغرب كلّ من العبّاس و العيسى من "الغرب الذي لا يريد تغيير
هذه الصورة المغلوطة أدبيّاً منذ قديم الزمان و حتّى اليوم على الرغم من
التجارة التي نشطت قديماً و سمحت للغرب برؤية الشرق على حقيقته ".
كما يشير كلّ منهما لكون "معظم من كتبوا هذه الأعمال الأدبيّة
المغلوطة كانوا قد سمعوا مجرّد سماع عن الشرق أو حتّى عاشوا في الشرق و
لكنهم غارقين في جهلهم ، فهاهو كريستوفر مارلو يكتب مسرحيّته الشهيرة
"تيمورلنك العظيم" مستخدماً معلومات جغرافيّة مغلوطة ، خالطاً أسماء البحار
ببعضها البعض ، عدا عن استخدامه معلومات تاريخيّة غير صحيحة كزواج تيمورلنك
من ابنة سلطان مصر وذلك لكسر أنف والدها والمسلمين و هو ما لم يحصل.
كما أنّ داريل الذي كتب "رباعيّة الإسكندريّة" كان قد وصف
الإسكندريّة ب"مدينة تعجّ بالضوء و الذباب والمتسوّلين و الغبار ، كما أنّ
روّاد بازارها كانوا بدو متخلّفين و أقرب لطبائع الحيوانات من طبائع
البشر".
بيد أنّ العيسى تذكر أنّ من أفظع الإساءات التي حملت معلومات مغلوطة
هي تلك الرواية التي كتبها بيك فورد بعنوان "الواثق" والتي تحدثت عن
الخليفة العباسيّ الواثق، الذي اشتهر في الواقع بتديّنه وتشجيعه للعلم،
مدّعية أنه " كفر و اتّبع إبليس فخُلّد في النار ، عدا عن الوصف الأسطوري
المغلوط لقلعته و وجباته التي كانت تحوي الواحدة منها ثلاثمائة صنف لا
يتمكّن من تذوّق إلاّ عشرة منها فقط ".
على الصعيد الإعلامي، تبدو الأمور أكثر تعقيدا؛ إذ يبدو بأن أحداث
الحادي عشر من أيلول فتحت شهية الإعلام الغربي والسينما الهوليودية على
المشهد الشرقي عموماً والعربي والإسلامي خصوصا؛ إذ لم تقتصر مناقشة أبعاد
الحدث على البرامج الإخبارية والحوارية والتحليلية، بل تعدتها لتصل إلى
برامج المنوعات والفن، فها هو برنامج أوبرا وينفري يناقش في إحدى حلقاته
قصصاً اجتماعية من دول عدة، لتكون السعودية وفلسطين عن فئة الدول العربية.
وفي برنامج الأميركية السمراء تييرا، كانت هنالك حلقة عن التمييز
العرقي في المجتمع الأميركي، وكان اسم الفتاة التي مثلت العرب والمسلمين
"فلسطين"، وجاءت الآراء التي تضمنها استفتاء اجتماعي أعده عالم اجتماع
لحساب البرنامج أن الفتاة العربية المسلمة "بائسة، فقيرة، تنتمي لحركة
طالبان، إرهابية، انتحارية، أخاف أن تركب بجانبي في الطائرة".
وكان التعقيب الوحيد الذي أحرزته هذه الآراء من علماء الاجتماع
المشاركين في الحلقة ليس كل مسلم بالضرورة هو شرق أوسطي، لأن الإسلام لا
يدل على أصل معين".
وكان الخبير الإعلامي والبروفيسور الأميركي اللبناني جاك شاهين ألمح
مراراً إلى "تحكم اليد الصهيونية بهوليود". وفيما يلي تعريج على أبرز
الأفلام الأميركية التي تطرقت للعرب والمسلمين منذ هجمات الحادي عشر من
أيلول:
الفيلم الأميركي "كليك" مثل شخصية العربي بأمير خليجي اسمه حبيبو، له
من المساعدين ستة وظيفتهم حكّ أذنه وتعديل غترته وعبائته، كما تم تصويره
بالساذج الذي ينفق أموالاً طائلة لتحقيق تصورات خيالية لمشاريعه العمرانية.
أما الفيلم الأميركي "سيريانا" والذي تدثر بادعاء فضح سياسة أميركا
الجيو استراتيجية في الاستيلاء على حقول النفط العربية، فقد وصل بالمشاهد
للاقتناع بأحقية أميركا في الاستيلاء على هذه الخيرات والاستئثار بها، لأنّ
العرب "مجرد رعاة أغنام في الصحراء".
ليس أدل على ذلك من قول بطل الفيلم للعربي لقد كنتم قبل مائة عام مجرد
رعاة أغنام تعيشون في خيام بالصحراء، وستعودون إليها خلال مائة عام إن
تركتم البترول ينسحب من بين أيديكم، العالم في صراع ضار على البترول وتسعون
بالمائة منه موجود هنا في بلدانكم".
أما الفيلم الأميركي "بابل"، فقد وضع العِرق الأميركي في مقارنة مع
باقي الأعراق الآسيوية والعربية واللاتينية، ليتم اختزال الوطن العربي
بصحراء المغرب التي يعيش فيها الناس في أكواخ بالية، والتي يلهو أطفالها
بالرصاص فيصيبون السائحة الأميركية بالإضافة للكبت الجنسي الذي يعيشه هؤلاء
الأطفال، عدا عن الطبيب العربي الذي يعجز حتى عن خياطة جرح والسيدة
المغربية التي تقرأ القرآن على رأس المصابة بينما تناولها غليون من الأفيون
لتخدير الألم. بالإضافة لسؤال الرجل الأميركي للعربي الذي يساعده في إسعاف
زوجته "كم زوجة لك؟"، وتصوير العرب بمن يتجمهرون عند الطوارئ من غير تقديم
مساعدة فعلية.
كل تلك الإساءات لم تكن شيئا أماما فيلم "لا تعبث مع زوهان" لساندلر
أيضا؛ ومنها الإلماح المقيت لشخصية الفدائي الشهيد علي حسن سلامة، الذي
تلاعب الفيلم بصفاته وملامحه بطريقة كاريكاتيرية من حيث الشكل وعدد الزوجات
والخليلات، الذي يفوق العشرين، واللواتي صوّرهن بالمنقبات في الخارج
والمرتديات الملابس الفاضحة في المنزل!
كذلك الحال عندما صوّر الفيلم مساومات العرب وصفقاتهم، حتى النضالية
منها، بالتي تتم على النساء؛ إذ يفاوض سائق التاكسي الفلسطيني ذلك الرمز
الذي ألمحوا فيه إلى سلامة على إحدى نسائه العشرين! إلى جانب تصوير
الفلسطيني بالذي لا يمتلك مقومات نضالية سوى "الجعجعة" والادعاء والكذب
والجري وراء الأرباح المادية، إضافة إلى جهله العلمي والحضاري الذي وصمه به
وخصوصا عندما ذهب بعضهم لصيدلية كي يشتري مادة متفجرة، فما كان من
الصيدلاني بسبب سوء نطق الفلسطيني بالإنجليزية إلا أن أعطاه مضادا حيويا.
كذلك عندما سخر الفيلم بل وكذب فيما يخص ملابس الفلسطينيين، التي
صورها بالمهترئة البالية والتي يعتمرون فوقها الكوفية بطريقة تبعث على
الضحك، إلى جانب تصويرهم المقيت كالهمج عند الفرح وتناول الطعام ورؤية
النساء والتحدث بالهاتف وحتى قيادة السيارة واستعمالهم المستمر للألفاظ
النابية، إضافة إلى تصوير العرب وخصوصا الخليجيين يرتمون على أقدام
المغنيات كماريا كاري، التي يتسابق لغرفتها الرجال العرب لإهدائها والرقص
معها.
أيضا كانت من بين النقاط الفادحة الإساءة في الفيلم تلك المتعلقة
بسائق التاكسي الفلسطيني، الذي يتبين أن سبب رغبته في الثأر من زوهان هو
سرقته لعنزته، مصورا أن هذا هو الحق اليتيم للفلسطيني مع تشبيه تلك العنزة
بأحد المسلمين الملتحين.
إلى جانب كل ذلك الكم المهول من الإساءات، كان أيضا انتحال الهوية
الفلسطينية وأبرز مكوناتها كالموسيقى التي يطغى عليها الشجن الشرقي، فيما
كانت تُلصق موسيقى همجية مزعجة بالفلسطينيين وكذلك مواويلهم التي تفنن
الفيلم في التندر عليها، إضافة إلى ادعائهم أن أكلتيّ الحمص و"بابا غنوج"
إسرائيليتان!
موقع "ع" الأردني في
13/01/2011 |