ما زلنا نبحر في قارب حياة مارلين مونرو الشرق، نستمع إلى حكاياتها
ومشاعرها
وأحلامها وأفكارها، نتأمل صورة بالألوان الطبيعية لنجمة لن
تتكرر في السينما
المصرية، نجمة صارت مع الأيام جزءاً من وجداننا وذاكرتنا.
هند رستم المدهشة والفنانة التي منحتنا موهبتها على طبق من ذهب، قدمت
أدواراً
صارت علامة وشخصيات أصبحت تراثاً... ها هي تتابع الكلام، تتحدث
كأنها تبدع أمام
الكاميرا، ببراعة، بفن، بثقة، بهدوء، بكبرياء، وبشموخ.
·
ما كانت أطول لحظة حزن في حياتك؟
عندما فقدت أمي عن عمر 57 عاماً بمرض السرطان انتابتني موجة من الاكتئاب
والحزن
استمرت فترة طويلة، خصوصاً بعد إصابتي بورم اعتقدت أنه خبيث
وخشيت من أن أكون قد
أصبت بالمرض نفسه وأن يكون مصيري مثل أمي، فوقعت تحت ثقل أزمة نفسية حادة
ونوبات
بكاء خوفاً على ابنتي من بعدي، لكن عندما سلّمت نفسي للأطباء أجمعوا على أن
الورم
مجرد التهاب يحدث لمن هم في مثل سني وليس سرطاناً وأن صحتي
جيدة، فارتحت واستعدت
حياتي الطبيعية.
·
ما حكاية لقائك بالكاتب الكبير
عباس محمود العقاد؟
بدأت الفكرة من جريدة «أخبار اليوم» التي قررت إجراء حوار بين كاتب ونجمة
فعرض
رئيس تحريرها على العقاد أسماء ألمع النجمات فاختارني، كانت
مفاجأة لأني كنت صغيرة
في السن وتساءلت: «ماذا سأفعل؟» لا سيما بعدما حذّرني كثر من عصبية العقاد
و{لسانه
الطويل».
المهم وقفت أمام هذا العملاق الذي رحب بي وقال: «لقد التقى الهلال مع
النجوم»،
شعرت برهبة إلا أن تواضعه وبساطته أزالا الخوف في داخلي. حدثني
عن دوري في فيلم
«شفيقة
القبطية» وأشاد بإحساسي، ثم أخبرني عن ذكرياته في السجن بمنتهى الفخر
والاعتزاز. سألته رأيه في الحب فقال: «تعالي سأريك شيئاً لم يره أحد من قبل»،
فاصطحبني إلى غرفة نومه لأرى لوحة رسمت فيها «تورتة» محاطة
بالذباب من كل جهة وقال:
«هذه
هي إجابتي!!».
كان أمتع لقاء في حياتي، بعده أصبح الرجل في نظري عقلاً وقوة شخصية لا تشيخ.
·
هل أصدقاؤك كثر؟
لدي أصدقاء أعتز بهم وأحبهم ويعرفون أسرار دموعي ويضربون عن الطعام حزناً
على
مرضي.
·
معقول؟
«أنا
بكلّمك عن كلابي».
·
أدهشني جوابك!
بالطبع سينتقد كثر حبي للكلاب. نشرت إحدى الصحف مرة خبراً مفاده: «هند رستم
احتفلت بعيد ميلاد كلبها وسط لفيف من الأصدقاء في حفل ضخم!!»،
هذا كذب وافتراء.
·
ما سرّ هذا الحب؟
يعود إلى أبي الذي ورثت عنه حبِّه للحيوانات.
·
ماذا عن النباتات التي تملأ كل
ركن في بيتك؟
تعلّمني الكبرياء والوفاء وهي تحزن وتذبل وقد تموت إذا لم أهتم بها.
·
هل لك صداقات في الوسط الفني؟
أصلاً لم تكن لدي علاقات بالوسط الفني نظراً إلى ضيق وقتي، إنما كان لدي
زملاء
نتّصل ببعضنا في المناسبات.
·
ما أكبر مصروف تنفقينه؟
«مش
حتصدق»... لدي موازنة ضخمة مخصّصة لشراء شوكولا أوزّعه على الأطفال.
·
ما الذي لا يعرفه الناس عنك؟
أنا طفلة تفرح بأي شيء جديد، وما زلت أحتفظ بلعب كثيرة ألهو بها في وقت
فراغي،
ربما ذلك نوع من التعويض لأني لم أعش طفولتي.
·
ما أبرز عيوبك؟
في داخلي تناقض فظيع يجعلني عنيدة لدرجة أن المخرج حسن الإمام أطلق علي لقب
«عند
رستم». أعترف بأني خسرت أموالاً كثيرة بسبب عنادي مع ذلك أنا
طيبة جداً.
·
ماذا تكرهين؟
اللون الأسود وسماع نكتة والمجوهرات.
·
هل تخافين من الشيخوخة؟
بالعكس، أحبّ «الكبر» لأنه سن النضج والتأمل، يفتقد عمر الشباب إلى الحكمة
والمتعة اللتين يشعر بهما الكبار. لكل عمر جماله ويجب أن أعيش
عمري.
·
مم تتشاءمين؟
من الإنسان «المكشّر»، يعني لو رنّ جرس الباب وفتحت ووجدت وجهاً عابساً
أقول:
«أستغفر
الله العظيم ربنا يعدي اليوم ده على خير!!».
·
ما هو برنامجك اليومي؟
أستيقظ في السادسة صباحاً، أرتّب البيت وحجرتي وأقرأ الجرائد ثم أتصل
بصديقاتي،
وقد أذهب إلى النادي أو أبقى في البيت، حسب الظروف النفسية!
·
هل تنتمين إلى حزب معين؟
أنا معجبة بحزب «الوفد» إنما لا أنتمي إلى أي حزب.
·
ما طبيعة قراءاتك؟
أميل إلى مطالعة كتب علم النفس والأدب بالإضافة إلى المقالات السياسية في
الصحف
اليومية.
·
أي نوع موسيقي يستهويك؟
موسيقى الجاز القديمة والتانغو.
·
هل تذكرين أقرب فيلم إلى قلبك؟
«إشاعة
حبّ».
·
وأصعب أدوارك؟
«باب
الحديد». أنا موسوسة إلى درجة المرض، إذ يجب أن يكون الطعام والشراب نظيفاً
كذلك أغسل يديّ في اليوم 10 مرات، لكني أضطررت في «باب الحديد» إلى أن آكل
وأشرب في
الشارع و{أنطّ» في القطارات، وأذكر أنني نمت أسبوعين على ظهري
في المستشفى بعد مشهد
النهاية!
·
هل تتّبعين حمية معينة للحفاظ
على رشاقتك؟
عشت 30 سنة في حمية قاسية بسبب الفن وحرمت نفسي من تناول ما لذ وطاب حفاظاً
على
رشاقتي. بعد اعتزالي، أحدثت انقلاباً وتمرّدت على كل أنظمة
الريجيم.
·
ما هو برجك؟
العقرب.
·
أي من الناديين تشجّعين: الأهلي
أو الزمالك؟
الأهلي.
·
هل شعرت بالندم لاعتزالك؟
إطلاقاً... أعيش أجمل أيام حياتي.
·
ما موقفك اليوم من الشهرة؟
الشهرة نقمة مع الأسف. يعتقد الناس أن حياة الفنان «ناعمة» ولا يعلمون أن
فلوسه
محسودة وتصبح المسألة محرجة عندما يصل إلى مراحل الشيخوخة
ويطلب مساعدة الدولة!!
الجريدة الكويتية في
05/01/2011
مارلين مونرو...
أضواء لا تنتهي
محمد الحجيري
تخرج النجمة الأميركية مارلين مونرو يوماً من تحت الأضواء لتعود أياماً، أو
لنقل إنها لا تغادر الأضواء بتاتاً، فخلال الأشهر الماضية صدرت
لها خواطر بعنوان
«شذرات»
حظيت باهتمام الكتاب والفلاسفة والناس العاديين، واليوم يدور الحديث حول
رواية لأندرو أوهاغان بعنوان «حياة وآراء الكلب ماف وصديقته مارلين مونرو»
وهي
مرشّحة لجائزة «بوكر».
لكل شيء في حياة مونرو «هالته» الخاصة، من صورها الى أثاث منزلها وكتاباتها
وكلبها وعشاقها و{غبائها» وفساتينها، وهي كانت محقّة حين خاطبت
نفسها في خواطرها
(شذراتها):
«تذكري أن في مقدورك أن تتربعي على قمة العالم». لكن هذه القمة لم تجلب
لها السعادة، بل إن القمة هي طيف الراحلة وحضورها بعد رحيلها، ففي مكان آخر
قالت:
«لقد
وجدت نفسي غبية بشكل مخيف، فأنا لا أفقه شيئاً في الرسم ولا الموسيقى ولا
الأدب ولا التاريخ ولا الجغرافيا».
كأن مونرو لم تكن مقتنعة بلعبة الأضواء وسحرها، وتبحث عن شيء يمسها من
الداخل أو
يرضي عقلها لا مظهرها. وهي تزوجت من ميلر في ما بعد، الرجل
الذي أرادته معلماً لها،
وكان محرضها على المطالعة، وتصورت أن الاقتران بمثقف يجعل منها مثقفة في
غمضة عين.
وعندما اكتشفت أن هذا الحلم لا يتحقق بهذه
الطريقة، لم تتوقف عن المحاولة. فراحت
تجبر نفسها على مطالعة الروايات الكلاسيكية ودراسات فرويد في
علم النفس. ولها صورة
وهي جالسةً على أرجوحة للأطفال، مرتدية بلوزة مخططة وسروالاً قصيراً يكشف
عن
ساقيها، تقرأ رواية «عوليس» لجيمس جويس. إنه مشهد سريالي إذا جاز التعبير،
فالإغراء
متحد مع الرواية الكلاسيكية، وعوليس يمثّل بطلاً ميثولوجياً يعاني عذاباً
شديداً
ويجتاز المهالك، منذ مستهل رحلته حتى يحقق هدفه النهائي، ويؤوب منتصراً إلى
المكان
الذي انطلق منه... مونرو انتصرت على نفسها بالموت، أو صار انتحارها الغامض
عنواناً
للمراحل والحكايات كافة.
من بين الذين ورد ذكرهم في «الشذرات» آرثر ميلر وصموئيل بيكيت وجيمس جويس.
قال
ناشر الكتاب برنارد كومان: «تتحدث مارلين في كتاباتها الخاصة
هذه عن جيمس جويس الذي
اكتشفته في السادسة والعشرين من عمرها حين كانت تؤدي أدواراً تمثيلية فردية
معه منذ
نجاحاتها الأولى وحين كانت تتردد على استوديو الممثلين في نيويورك. كذلك،
كانت
معجبة بصموئيل بيكيت، والمدهش أكثر كان ولعها بالشاعر الملحمي
والت وايتمان، مؤسس
الشعر الأميركي الحديث».
بثت مونرو لوعتها على الورق في صيف 1959 حين اكتشفت أن (زوجها) ميلر كتب في
يومياته خلال إقامتهما في بريطانيا أنها تحرجه أمام أصدقائه،
وقد وصفته بـ «الوحش
المسالم». وذات ليلة، بعدما خلد الى النوم، كتبت قصيدة عنوانها «آه يا
سلام،
أحتاجك، حتى وحشاً مسالماً». تعبيراً عن ألمها وحرقتها. ومضت مونرو تقول في
القصيدة:
على شاشة ظلام دامس
تأتي أشكال وحوش
أصحابي الأشد صمودا...
والعالم نائم
آه يا سلام، احتاجك
حتى وحشا مسالما.
أما ميلر فوصفها بأنها كانت «نصف ملكة ونصف طفلة مهجورة، تركع أحياناً أمام
جسدها ثم تنفر منه، في أحيان أخرى، وتصاب بالإحباط».
أيقونة
مارلين مونرو «الأيقونة» كانت حجة لعشرات الأفلام والسير والروايات. كُتبت
عنها
60
سيرة و40 فيلماً و10 روايات و20 مسرحية. وآخر رواية في هذا المجال
جاءت عن كلبها «ماف»
الذي قيل إنه سيصوّر في فيلم سينمائي.
ماف الذي يعد اختصاراً لكلمة «مافيا» على ما يبدو، كلب مرح، «صلب الرأي»،
من
سلالة الكلاب «المالطية» أهداه النجم الأميركي الراحل فرانك
سيناترا لمونرو. إنه
أيضاً الراوي والمعلق في كتاب أندرو أوهاغان الذي تناول واقع الولايات
المتحدة خلال
الستينات والعامين الأخيرين من حياة مونرو.
روى ماف كيف أن قربه من مالكته جعله يصاحبها لمقابلة جون كينيدي وآخرين،
والتوجه
في رحلة إلى المكسيك لإنهاء زواجها من آرثر ميلر. تحدث ماف
كثيراً عن الأدب
والفلسفة وأي شيء يلفت انتباهه. عالمه مليء بقطط تنطق شعراً، وبالبق
المسكون بأرواح
مواطنين روس بؤساء، وبفراشات تطير بسرعة مذهلة... وهو عالم استغرق أوهاغان
سنوات في
تأليفه.
قالت مونرو يوماً إن «الرجال استغلوها والنساء حكمن عليها والكلب فقط هو
الذي
أحبها»، أما الكلب في الرواية فقال: «مارلين كانت كائنة غريبة
وغير سعيدة، لكنها في
الوقت نفسه، كانت تتحلى بحس فكاهة فطري أكثر من أي شخص عرفته». والملاحظ أن
أخباراً
كثيرة تنشر عن مونرو يحضر فيها شيء ما عن ثقافتها والكتب التي كانت تختارها
للقراءة
سواء كتب علم النفس أو الروايات والدواوين. لذا يمكن للمتابع رصد علاقة
مونرو
بالثقافة من خلال سيرها أو كتابات الروائيين عنها. يعترف آرثر
ميلر في مذكراته أنه
لم يتمالك نفسه عن الوقوع في شراك مونرو ولم ينكر هوسه وانجذابه الجارف نحو
الجمال
الصارخ، ولهذا ظل طيفها يرافقه كالظل حتى لحظة وفاته، فكانت شخصيتها هي
الطاغية في
مسرحياته الأخيرة، إذ حاول من خلال «إنهاء المشهد» معالجة
موضوع مونرو فبدت البطلة
غير مستقرة وغير قادرة على التحكم بمشاعرها وعواطفها، وهذه شخصية ترمز الى
مونرو
التي كانت في سنواتها الأخيرة ضائعة وتثير غضب المخرجين والممثلين لعدم
تقيّدها
بمواعيد التصوير.
المشكلة الأساسية التي حاول ميلر معالجتها تكمن في محاولته المستمرة إخراج
«الشقراء»
من المقولة التي جعلتها مجرد رمز للإثارة الاستهلاكية و{التلصص»، فهو رأى
أنها كانت مثقفة وتميل الى قراءة الكتب الأدبية التي كانت تصلها هدايا من
كبار
الكتاب والشعراء.
أقنعة
اختلفت صورة مونرو من كاتب الى آخر، فهي المثقفة في رأي ميلر، ومثقفة
حقيقية
كتبت الشعر ودرست الأدب والفن طوال حياتها بحسب رواية
«الشقراء» لكارول أوتيس،
لكنها استخدمت صورة الشقراء البلهاء كي تحمي نفسها.
تشكّل قراءات هذه النجمة وجوهاً عن حياتها، فحين نقول جيمس جويس يتخيل
إلينا صبر
الشقراء في متابعة روائي من الدرجة الأولى عُرف بالسرد الغامض
والصعب، أمّا صموئيل
بيكيت فهو الرمز للعدمية في كتاباته وكان يستمد الضحك من بؤس الواقع، وحين
نقول
كافكا نفكر فوراً بذلك الروائي الكابوسي المضطرب من سلطوية والده، والفاشل
في
علاقته مع النساء... يبدو أن علاقة مونرو بالرجال أشبه بعلاقة
كافكا بالنساء.
بدوره، عُرف الشاعر ريلكه بأنه كان «ضحية» واندريا سالومي التي ظهرت في
أواخر
القرن التاسع عشر وأحبها ثلاثة من مشاهير القرن، وهم فريدريك
نيتشه وسيغموند فرويد
وريلكه. أما دوستويفسكي فهو أبو الرواية الروسية وأصيب بالصرع في بداية
حياته
ورواياته سفر عميق في التحليل النفسي، وحين نذكر الشاعر ويتمان نتذكر
عباراته بأن
الحب والديمقراطية وجهان لعملة واحدة هي المجتمع الإنساني. على
هذا، فمونرو رمز
الاستهلاك والجنس كانت تختار روايات النخبة لتقرأها، وهي روايات تخص الوجود
الإنساني وليست مجرد كتابات عابرة أو كتابات للتسلية.
نورمان مايلر
لا عجب في أن تستهوي مونرو كثيراً من الكتاب فهي شخصية التناقضات والأخبار
والروايات الكثيرة، خصوصاً في ما يتعلق بموتها وعلاقتها ببعض
الشخصيات الأدبية
والسياسية والرياضية. قالت عن نفسها في مذكراتها التي اعتمد عليها نورمان
مايلر في
كتابه عنها: «كنت أوحي ببعض الغموض في الوسط الفني. إذ لا يشاهدني أحد
بصحبة مشاهير
هوليوود. وفي عالم السينما كان عدد كبير من الناس يعتبر أنني
طائر غريب. لا بد من
أنهم كانوا يحسبون أنني أقف أمام المرآة وأنعق منفردة. باستثناء جو ديماجيو،
وفي
أوقات قليلة السيد فرانك سيناترا الذي كان صديقاً لجو ديماجيو، لم يكن
يراني أحد لا
في السهرات ولا في زيارات أهل الوسط الفني...». وكانت تمضي
ساعات وهي ممدة فوق
الأريكة تلتهم الحلوى وتزيد يأس المخرجين العاملين معها.
ومن هذا الرمز استوحى مئات الكتاب أعمالهم، من بينهم نورمان مايلر الذي منح
مونرو لغة مُنَمّقة مبهرجة من خلال سرد روائي لطيف مشبع
بالحقائق وبعض الخيال. كتب
في أحد المقاطع: «تريدين أن تصبحي أعظم ممثلة في العالم، أردف ميلتون، لكنك
تعاملين
بوصفك الشقراء البلهاء، وأنت لا تبالين، يجب أن تسلكي طريقاً مختلفة، لا
تتجولي بين
الناس وكأنك نكرة، ولا تنسي أنك على الشاشة كائن رائع الجمال».
اقتطف مايلر من ديانا ترللينغ: «ليس هناك من أحد غير مارلين مونرو قد يوحي
بمثل
طهارة الجنس وبهجته، فالجرأة تستعرض نفسها من خلالها من دون
أية بذاءة. تبجحها
يتنفس من هواء الغموض والتحفظ، وصوتها الذي يحمل تلك النغمة الريانة
المفعمة
بالإثارة الإيروسية، يبقى صوت طفلة - هذه المُركّبات أكملت موهبتها- في
الوقت الذي
يصفون فيه فتاة يانعة وقعت في شرك عالم خيالي غافل».
رواية مايلر ربما هي الرواية الوحيدة المترجمة الى العربية عن مونرو مع أن
المكتبات الأجنبية تحفل بكثير من الروايات الجديدة والمتخيلة
عن الشقراء، من بينها
رواية لكارول أوتيس التي استطاعت تقديم سيرة جديدة عن حياة مونرو منذ
ولادتها في
عام 1926 وحتى وفاتها عام 1962. فقدمت تجربة مفصلية ميدانية عن أداء شخصية
مونرو في
أفلامها مسقطةً أحداثاً جوهرية من حياتها الخاصة الحقيقية لتسبغها على
طبيعة
شخصياتها السينمائية. أما رواية المكسيكي راميريث بعنوان
«الحرف ميم في مارلين»،
ففيها عاود الروائي رسم حياة مونرو من خلال دقائق زيارتها إلى
المكسيك في أكثر
لحظات حياتها تعاسة.
mhoujeiri@hotmail.com
الجريدة الكويتية في
05/01/2011
غادة عبدالرازق: قبلت (بون سواريه) لأخفف عن الناس همومها
محمود مصطفى
مؤخرا أصبحت النجمة غادة عبدالرازق محورا رئيسيا فى أحاديث الوسط الفنى
والناس على حد سواء ومؤخرا خرجت من دائرة الحاجة زهرة إلى مربع بون سواريه
ولايزال الكلام عن النجمة المثيرة للجدل مشتعلا وهى ترى أن أغلب ما يثار
حولها مجرد ضجيج بلا طحن..
غادة عبدالرازق فى حوار خاص لـ«الشروق»:
● السيناريست محمود أبوزيد أعلن عن غضبه من فيلم بون سواريه مؤكدا ان
الفيلم عبارة عن خلطة للمنتج وليس سيناريو كتبه؟
ــ لا أعلم شيئا عن هذا.. لأننى لم أجسد إلا السيناريو الذى جاءنى
بحذافيره. وربما كان هناك بعض الإضافات التى أضفت عليه صبغة الكوميديا فقط،
وأعتقد أن السبكى لم يصل لمرحلة تغيير النص على الإطلاق خاصة فى ظل وجود
اسم كبير مثل أبوزيد، لذلك أؤكد لك أن شيئا ما قد حدث أدى إلى ذلك اللغط
أما تغيير السيناريو والحوار مسألة صعبة على أى أحد.
● قيل إن هناك مشاهد تم حذفها من الفيلم وألفاظا أخرى تم إقحامها بدون
رضائه؟
ــ هذا الكلام ليس له أى أساس من الصحة ولا أعرف سببه أو مصدره والرقابة لم
تحذف منه أى شىء لأن السيناريو الذى جاءنى كان بالغ الاحترام كما أن تصويره
كان يراعى أن يكون الفيلم نظيفا لا تخجل منه الأسرة.
● ما الذى جذبك لفيلم «بون سوارية»؟
ــ تقديمى لشخصية جديدة ومختلفة لم أقدمها من قبل وهذا ما أحرص عليه دائما
لأن الدور كوميدى وخفيف جدا على المشاهدين وهو ما لم أقدمه من قبل، لذلك
أشعر أننى فاجأت الجمهور بهذا الدور لأنه تعود على أن أقدم أدوارا درامية
صعبة شديدة التركيب وكل ما فكرت فيه عندما قبلت الفيلم أننى أقدمه لكى أخفف
عن الجمهور همومهم ولو بقدر بسيط وأعتقد أن الفيلم والحمد لله لاقى إعجاب
الجمهور بشكل يرضينى فنيا.
● هل كنت خائفة من خوض هذه التجربة فى الكوميديا؟
ــ بالفعل كنت مرعوبة من هذا الدور فى بادئ الأمر، وهى عادتى دائما عند
تقديمى لأى دور جديد سواء كان فى السينما أو التليفزيون ويتأتى ذلك الخوف
الشديد من حرصى على تقديم دور يعجب الجمهور والنقاد فهم من اهتم بآرائهم
دائما وأضعها فى اعتبارى فى المقام الأول.
● وجدناك تقدمين استعراضا غنائيا فى الفيلم فهل نعتبر تلك بداية ظهور فنانة
استعراضية فى السينما؟
ــ أنا لست فنانة استعراضية لأنى على يقين دائما بأن الاستعراض فن راق
وجذاب له فنانوه المتخصصون به، ولكن الدور تطلب منى عمل أغنيتين لهما توظيف
درامى داخل الفيلم وليس لأى شىء آخر.
● صنف النقاد فيلم «بون سواريه» على أنه فيلم عيد، فما رأيك فى ذلك؟
ــ كل واحد له وجهة نظره الخاصة. ولو أننى لا اعترف بمصطلح فيلم عيد على
الإطلاق وعلى الرغم من ذلك لا أعتنى على الإطلاق بهذا التصنيف ولا أهتم إلا
بردود أفعال الجمهور حول الفيلم. لذلك تكمن سعادتى الحالية فى أن الفيلم
نال إعجابهم بشكل ملحوظ لأنه كما ذكرت كوميدى لايت وفى النهاية تبقى مقولة
«لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع فى الأسواق» ولكن العمل الجيد يفرض نفسه
أيا كانت الظروف التى يتعرض لها ويحظى على إعجاب أكبر قدر ممكن من الجمهور
وهو المقياس الذى دائما ما أعتنى به.
● فى رأيك هل كان توقيت عرض الفيلم مناسبا، خاصة أن هناك أعمالا عرضت فى
التوقيت نفسه بدور العرض كانت جميعها تناقش قضايا مهمة؟
ــ أنا على يقين بأن أى فيلم جيد يتحمل أن يعرض فى أى وقت وتحت وطأة أى
ظروف طالما أن العمل جيد. لأن الجمهور هو الحكم أولا وأخيرا والفيلم كما
قلت خفيف وهادف فى نفس الوقت.
● وما هى تلك الأهداف؟
ــ أهدافه تنحصر فى قصته التى تدور حول الأخوات الثلاث اللاتى كن يعشن فى
مستوى مادى جيد وبعد موت والدهن فوجئن بديون الأب تحاصرهن ولم يجدن مفرا
سوى أن يحصلن على أموال من أحد أصدقائه المدين له وعندما طالبنه بتلك
الأموال رفض وعرض عليهن أن يكون لهن حق الانتفاع من الملهى الليلى الذى
يمتلكه لمدة عشرين عاما. فقبلن ذلك العرض وقررن أن يشغلوه بأنفسهن بدون أى
خبرة، وهذه رسالة لكل البنات والشباب أن يعملوا فى مجالاتهم ولا يهتمون
بجمع المال أيا كانت الطريقة.
● رغم أن تلك القصة بها بعض الإثارة إلا أن النقاد أكدوا أن الفيلم ليس به
أى هدف؟
ــ أنا أحترم رأى النقاد تماما ولكن من وجهة نظرى أرى أن الفيلم لا يتحمل
وجود دراما أو تعمق أكثر من ذلك الذى ظهر فيه وليكن فى معلومك أننا كصناع
للفيلم تعمدنا ألا يتضمن أحداثا درامية زائدة حتى لا يفقد رونقه اللايت
الكوميدى.
● قيل إنك اهتممت بإظهار مفاتنك أكثر من اهتمامك بالأداء الفنى فى الفيلم،
فما ردك على ذلك؟
ــ لا يعقل أن أهتم بذلك على حساب النواحى الفنية لأننى احترم جمهورى
وللعلم لم يكن هناك مشهد واحد يخدش الحياء فى الفيلم لأنه يهدف إلى أن يجمع
الأسرة. كما أن ما سمعته عن أن الفيلم يحتوى على مشاهد شديدة الجرأة وإغراء
مبالغ فيه غير صحيح بالمرة وهو ما أقره كل من شاهد الفيلم بدور العرض.
● دفاعك عن الفيلم يدفعنى لأن أسألك عن القدر الذى أضافه إلى رصيدك الفنى؟
ــ بالتأكيد كان إضافة أعتز بها للغاية.. وإن كنت أرى غير ذلك لما أقدمت
على تلك الخطوة على الإطلاق. وأحب أن أقول لك إنه من الأفلام المهمة
بالنسبة لى لأنى لست من نوعية النجوم التى تتبرأ من أعمالها بعد وجود هجوم
عليها ولأننى واثقة من نفسى ومن اختياراتى التى أنتقيها بدقة لكى أحافظ على
رصيدى عند الجمهور وأنا سعيدة بالفيلم لدرجة كبيرة.
● هل السبكى استغل نجومية غادة عبدالرازق فى إظهار بطلة جديدة بالفيلم؟
ــ لست أنا بطلة الفيلم المطلقة بل إنه بطولة جماعية مشتركة لذلك كان من
الطبيعى وجودهم بشكل مكثف فى الفيلم.
الشروق المصرية في
05/01/2011
الوتر .. الانطباعات الأولى لا يجب أن تدوم
محمد عدوى
منذ البداية تشعر بأن التجربة الخامسة للمخرج مجدى الهوارى مختلفة كليا عن
أى من تجاربه الأربع السابقة، صحيح أنه كان هناك بعض الإرهاصات فى بداية
فيلمه خليج نعمة إلا أن الوتر الفيلم الخامس للهوارى الذى بدأ حياته منتجا
وقدم عددا من نجوم الشباك الآن يشبه إلى حد بعيد الوتر الخامس فى آلة العود
ذلك الوتر الذى وضعه زرياب من قديم الأزل لينظم وبشكل كبير إيقاع الآلة
التى يقدرها عشاق الطرب.
وتر الهوارى كان مشدودا دون انقطاع إلى حد كبير فى الفيلم الذى برع فيه
لدرجة أنك يمكن ان تؤكد وبكل ثقة أن فيلم مجدى الهوارى الخامس هو ميلاده
الحقيقى كمخرج وهو درس ربما يقدمه الهوارى بدون أن يقصد يعنى وبكل تأكيد أن
الانطباعات الأولى لا يجب أن تدوم، فمن الطبيعى أن يعيد المرء حساباته وأن
يخرج من دائرة مغلقة رسمها بنفسه إلى رحاب سماء مفتوحة لا حدود لها، ولأن
الانطباعات ــ كما أثبت الهوارى الذى قدم أول أفلامه فى إطار من الكوميديا
اللفظية الشائعة وفقا لمعايير سوق مبتذلة هو فيلم 55 إسعاف ــ لا تدوم
فالانطباع الأول الذى سوف يتسرب إلى نفسك وأنت تطالع المشاهد الأولى من
الفيلم الذى كتبه محمد ناير ومن بطولة غادة عادل ومصطفى شعبان وأروى هو أنك
أمام فيلم بوليسى يعتمد على أبجديات أو خلطة الأفلام البوليسية.. جريمة قتل
ومحقق وشخوص يشتبه فيهم ولكن هذا الانطباع سوف يتلاشى فبعد أن كنت تتمنى أن
تشاهد المشاهد الأولى من الوتر وأن تعرف من هو قاتل الموسيقى الشاب سوف
تتمنى بعد ذلك ان يكون كل من تحوم حولهم الشبهات هم من قتلوه فحسن ذلك
الموسيقى الموهوب الذى يعيش حياة صاخبة هو كل وتر مال عن استقامته دون أن
يراعى أوتارا أخرى أو إن جاز التعبير هو وتر جار على أوتار أخرى فى منظومة
واحدة لا يمكن أن تكتمل على هذا النحو ولذلك فموته كان ضرورة ولذلك لم يكن
إجابة الضابط محمد سليم ــ مصطفى شعبان ــ ساخرة عندما سألته عازفة الكمان
ــ غادة عادل ــ عن قاتل حسن وقال لها أنا الذى قتلته فأنت أيضا لو أتيح لك
أن تجيب عن هذا السؤال سوف تؤكد وبكل تأكيد «أنا اللى قتلته!» فحسن ليس
مجرد وتر نشاز يحمل كل الموبقات والانفلات ولكنه شخص ما سوف تقابله فى
حياتك يشعرك باليأس والسخط، شخص سوف ينغص عليك حياتك وحبك للحياة هو نفس
الرجل الذى اعتدى جنسيا على طفلة صغيرة وهو الزوجة التى خانت زوجها وهو
الضياع الذى سيطر على شابة فى مقتبل العمر، هو من أفسد لحنا جميلا وسطى على
مسودته غير مبال بما يعنيه للآخر.. حسن ليس مجرد ضحية فى فيلم الوتر بل كان
جانيا فى المقام الأول.. «يستحق القتل» هى الجملة التى سوف تتسرب إلى داخلك
وأنت تشاهد الفيلم وسوف تتأكد بعد فترة أنها تسربت لمن يجلس بجوارك وأن
اختلف بداخلك الشخص الذى يستحق هذا القتل.
أداء
منذ البداية سوف تشعر بأداء ناضج من كل أبطال الفيلم بداية من أشرف زكى
الذى أدى مشاهد معدودات بإتقان كبير وحتى النجوم غادة عادل التى أصبحت تحجز
حيزا أقل مما تستحقه فقد قدمت شخصية الفتاة المضطربة بسبب ماض فرض عليها
بحرفية ودون افتعال وأظهرت وجها جديدا يضاف لها بعد شقة مصر الجديدة الذى
ظن البعض أنه آخر حدودها ومصطفى شعبان الذى عاد إلى قواعده بأداء متزن
ورؤية عميقة لشخصية الضابط الذى قتل زوجته التى خانته وزوج الأم الذى اعتدى
على عازفة الكمان وهناك أيضا أداء بسيط وراق لأروى التى تخطو خطوات هادئة
نحو النجومية التمثيلية وهو ما ينطبق على أحمد السعدنى الذى يمكن أن نؤكد
أن دوره فى الفيلم بمثابة خطوة واسعة إلى الأمام وأخيرا سوسن بدر التى أصبح
من الصعب تقييم أدائها بعد أن وصلت إلى مرحلة كبيرة من الاحتراف.
كادر
كاميرا مازن المتجول وعمر فاروق ساهمت بشكل كبير فى النتيجة النهائية للعمل
وهما ينبئان بمستقبل كبير، موسيقى محمد مدحت وأمير هداية أخذت مساحة
تستحقها وبرعا فى العشرين دقيقة الأخيرة بصورة لافتة سيناريو محمد ناير
يحمله مسئولية القادم.
الحكاية
ضابط شاب يحقق فى جريمة موسيقى شاب ويجد لديه صورا لشقيقتين كان يرتبط
معهما بعلاقة غرامية فى نفس الوقت ويبدأ التحقيق فى الجريمة ويتهم الفتاتين
اللتين تعملان كعازفتين للكمان والتشيلو ويشك فى والدتهما إلى ان يتورط فى
جريمة قتل زوج والدة الفتيات الذى كان يعتدى على الفتاة الكبيرة ويكتشف ان
الفتاتين هما من قتلتا الموسيقى الشاب وأن الضابط سبق أن قتل زوجته بعد أن
اكتشف خيانتها.
النهاية
فيلم الوتر الذى عرض فى نهاية 2010 كان يستحق معاملة أفضل.
الشروق المصرية في
05/01/2011 |