(
عسل ) للمخرج التركي سميح كبلان أوغلو افتتح
به مهرجان دمشق الماضي ، وسبق له أن حظي بالدب الذهبي في برلين في شباط
2010 ،
متقدما بذلك على فيلم بولانسكي ( الكاتب الشبح ) ، وهو بلاشك يستحق هذه
الجائزة ،
بغض النظر عن " جحافل " الأوصاف والتسميات التي ألصقت بهذا
المخرج البولوني الفرنسي
الأميركي ، وهي كلها هويات فائضة عن قيمتها في مجال تقييم أفلامه انطلاقا
من فيلم
التخرج الشهير ( شخصان يحملان خزانة ) ، حين قدر لنا أن نشاهده في المعهد
العالي
للسينما في صوفيا . لم يكن فيلما مهما أبدا ، ولكن شاءت
الأقدار أنه منذ عام 1959 ،
وحتى يومنا هذا لايزال هذا المخرج يأخذ الكثير دون وجه حق وآخرها جوائزه
السبعة في
مهرجان الفيلم الأوروبي في تالين ، حتى أن طلابا كثر قاموا بتقليد فيلمه
هذا في
معاهد كثيرة للسينما حول العالم ، فصرنا نشاهد شخصا يحمل بابا
مثلا ، أو شخصين
يحملان بيانو ويخرجان من البحر ويدوران في الشوارع والأمكنة على غير هدى ،
وعندما "يزهقان
" يعودان ثانية إلى البحر . هذه هي رسالة فيلم التخرج ، التي حفظناها في
أفلام كثيرة ولم تعد تثير في أحد الرغبة بالتخرج أو التفرج على قصص من هذا
النوع
تطلع علينا بين الفينة والأخرى ، وحسنا فعل أوغلو في مهرجان
برلين الماضي بأن أقصى
بولانسكي وكاتبه الشبح عن الجائزة البرلينية ، مايعني بشكل أو بآخر ، بأن
هناك
سينمائيون كبار قادمون ويتشكلون من هويات مختلفة لم تعد حكرا على هذا
الثالوث الذي
يتشكل منه بولانسكي نفسه. قد يطلب منّا البعض أن ندخل في صلب
الموضوع مباشرة ،
ونبتعد عن الدوران في اللغة الذي تتشكل منه معظم مقالاتنا ، وهذا مالا
نفهمه حقيقة
، لأنه كما يمكن لهذا البعض أن يدافع عن التجريب في السينما ، نجده يقف
متحجرا أمام
التجريب في اللغة ، وهذا نحيله إلى الوعي الرث الذي تتشكل منه هذه اللغات
البطيئة
الساكنة التي يضطر هذا البعض إلى امتلاكها قسريا بحكم تعدد " مغامراته " في
الحياة
، وهي تخشى روح المغامرة والتجريب تحت ذرائع كثيرة ، أبسطها ، أن السينما
التي نكتب
عنها جميلة ولكنها لا تستحق كل هذا العناء وهذا التجريب
.
مايفعله سميح كبلان أوغلو في ( عسل ) لا يخرج
عن هذا التجريب في الصورة ، وهو شقيق للتجريب في أي لغة ستكتب
عنه مستقبليا . لأن
فيلمه يقيم في المستقبل ليس بمعنى البحث عن مشاهد مستقبلي غير متوفر الآن ،
بل
بمعنى دفع ذائقة المتلقي نحو استظهاره وتغليب الدفق الصوري فيه على ماعداه
من سكون
ويقين مخرب تتشكل منه ذائقة ولغة ( نقاد كثر ) . إذا كان ( عسل
) من نوعية من
الأفلام التي قيض لها منذ تشكل أول كادر فيه ، وحتى تشكل آخر كادر ، ينتمي
للّغة
السينمائية المتأججة في الصمت ، فالأولى البحث في علامات هذا الصمت الدلالي
الحر ،
بدل الانكماش اللغوي الناجز تحت دوافع كثيرة منها إقصاء هذه
العلامات بذريعة الوضوح
والدخول في القصة من دون لف أو دوران كما يطالب البعض المتنكر . في الحق
لايمكن
الكتابة عن ( عسل ) وفق هذا الوعي الرث ، لأنه فيلم ينتمي إلى وعي بصري
مختلف ،
وذائقة متخمرة لايمكن افسادها بكلمات من هنا وهناك تحت طائلة
نقد سكوني متعسف ، لأن
مايتيحه لنا هذا الفيلم من لغة متبصرة تضعه في الطليعة دائما ولاتشكك
بماقاله عنه
ناقد ألماني متمرس لحظة منحه الدب الذهبي من كونه " فيلم قريب جدا وبعيد
جدا ". هل
يعني هذا أننا بتنا قاب قوسين أو أدنى من تقويمه بالرغم من التهليل الذي
قوبلت به
كلمات الألماني ؟ لانعتقد ذلك ، فالفيلم عموما ، ومن إشاراته
لايمنح وسام استحقاق
لتدرجات الصمت .
إنه يبحث عن الخفوت في الصوت الانساني ، لاعن
تردادته الفيزيائية التي يخبرنا بها الطفل يوسف ابن جامع العسل
، ولو كان الأمر
كذلك لقلنا إن ( الرؤيا ) التي يحدث أباه ( يعقوب ) عنها تحيلنا مباشرة إلى
رؤيا (
النبي يوسف ) . ولكن هنا ليس هناك إخوة من أبيه وأمه ليغارون منه ويغدرون
به ويلقون
به في الجب ، وما طلب الأب له بأن لايبوح برؤياه أمام أحد إلا
بروفة للتدرب على
الصمت النهائي ، لأن اخوته " رمزيا " موجودون معه في المدرسة ، ولابأس من
اختراع
الفأفاة للنجاة حين يمكن ذلك ، وهذا هو سر الفيلم الذي رأى فيه البعض عجزا
في حل
اللغز الذي يدفع بالصبي تدريجيا نحو الصمت النهائي ، وهو المصاب أساسا
بعاهة في
امكانية النطق السليم ( الديسلكسيا ) ، أي التلعثم الحر وغير
الموجه الذي يمنعه من
نيل ميدالية استحقاق يقوم المعلم في الصف بتوزيعها يوميا على زملائه تشجيعا
لهم على
القراءة واللفظ السليمين ، وهو ما لا يجيده يوسف ، وما يتوجب عليه هو
التجريب في
منحى آخر ، فمادام سيفشل في نيل وسام الاستحقاق ، فعليه أن
يتدرب على الصمت النهائي
، حين لاتنفع تهجئة الكلمات ، وهذا ماتفعله السينما الجسورة حين تخرج
عن نمطية
السرد ، وقد تفعله بعض الكتابات حين تتوازى معها في تجريب لايقل جسارة
عنها لعبور
جسر الصور والكلمات الصعبة ، وهذه وظيفة متبادلة ، لايمكن الفصل بينها أو
الاقتصاص
منها ، كما حال بعض من ذهب في تقويمه للفيلم في تتبع انتشاء يوسف بالصمت
الذي يلفه
، ويلف حياته مع أمه وأبيه ، حتى حين
يأسرنا أوغلو بمشاهد الأب وحصانه منذ اللحظات
الأولى ، فإنه لايقوم سوى بنصب الفخاخ في طريقنا نحو بقية القصة التي
سنكتشف أن
نهايتها في الحقيقة تكمن هنا ، فالأب المبهور بجمع العسل ، وليس المشغول به
،هذه من
أسرار هذا الفيلم الممتع والكبير، من باب تشكل حياته بالكامل
منه ، يتسلق شجرة
ويربط حبلا بغصن ، لكن هذا الغصن سينكسر ، وسيقع الأب ، لكننا لن نشاهده
يقع ،
فالقصة ستدور في مكمن آخر ، وليس في مكان آخر ، ذلك أن أوغلو كما أسلفنا
ينصب فخاخه
بحرية تنطلق من جسارة التجريب ، وهو يبدأ برواية القصة على عهدة التلعثم
الذي يميز
الصبي يوسف ويتحول تدريجيا إلى صمت كامل يغرق في الواحة
الخضراء اللانهائية التي
يلجأ إليها حين يسمع الشرطي يخبر أمه لحظة عودته من المدرسة بأنهم قد فشلوا
في
العثور على أبيه . وهي اللحظة التي يحسم فيها يوسف مصيره بشكل نهائي من
خلال توجه
إلى الظلمة والغرق فيها
.
علامات
الصمت التي يتشكل منها عالم يوسف معقدة ولاتقوم على صحة ( الرؤيا) التي
تميز بوحه
الخافت لأبيه كي لايسمعه أحد ، اذ ليس ثمة من سيغدر به سوى صمته حين يطبق
عليه في
النهاية ، وهو كما أسلفنا ذريعته غير الواعية في التحلل من آفة
الكلام حين يكون هذا
الكلام زائدة لغوية ، وهي ذريعة قادرة على النيل من المشاهد الكسول ، وكذا
القارئ
الكسول الذي يمكنه أن ينتصر للتجريب المزور في السينما برطانة أحادية
التوجه ،
ويحاول من فرشته الوثيرة أن يطال بالأذى متعة التجريب في
اللغة ، وهذا يطوي بداخله
الكثير من الجبن الذي لايتوازى بأي حال من الأحوال مع جسارة التجريب البصري
،
وفيلم ( عسل ) ينتمي إلى هذه النوعية ، فنحن سنشهد على تجريب الفتى قدرته
على الصمت
بعد أن يكتشف تساوي أقرانه في الصف مع كل ماهو سائد ويقيني ومكرور تمثله
الدروس
بالدرجة الأولى ، وليكشف عن عدم تحقق الرؤيا ، حين لايكون هناك
أشقاء ، يماثلونه
غيرة ، وبالتالي عدم تأكدنا عند اكمال الفيلم إن هذا ليس في أحسن الأحوال
أكثر من
فخ بصري يستدرجنا إليه أوغلو لنقول كلمة عن غدر الأخوة غير الموجودين ، بل
لنؤكد
فرادة يوسف في صمته النهائي حين يذهب أبوه للبحث في سر اختفاء
مستعمرات النحل في
أماكن أخرى ، واذا لم يوضح لنا المخرج سبب اختفاء النحلات ، فهذا اكمال
للفخ ،لأن
النحلات التي يتكون منها عالمه تكون قريبة في يوم ، ويمكنها أن تصبح بعيدة
في يوم
آخر. وهذا هو حال يوسف حين يؤثر التحلل من آفة الكلام نهائيا وحين يقرر ألا
يشبه
أقرانه في الصف مخافة غيلة تنتظره على قارعة الطريق ، حين
عودته إلى البيت .
الجزيرة الوثائقية في
15/12/2010
"القنبلة
الموقوتة" الفلسطيني يفوز بجائزة مرسيليا الوثائقية
نانسي صالح من دمشق
أقيم مؤخراً في مدينة مرسيليا الفرنسية مهرجاناً خاصاً
بالافلام الوثائقية أعلن فيه عن الأفلام الفائزة بجائزة الأفلام الوثائقية
و"الريبورتاج" للبحر الأبيض المتوسط لعام 2010 ومن بينها فلم
"القنبلة الموقوتة"
للمخرجة الفلسطينية أمال أبو غياض، وتم أختيار"القنبلة الموقوتة"وهو من
إعداد
وتنفيذ واخراج المخرجة أبو غياض وإنتاجها، ضمن 29 فيلما من بين 244 فيلماً
عالميا
ليتم عرضهم بمارسيليا بفرنسا.
والفلم يدق ناقوس الخطرفي موضوعه الذي تطرقت فيه المخرجة
الى مشكلة تلوث المياه بقطاع غزة، وتشير أحداث الفلم أنه في العام 2011 لن
يجد
أهالي قطاع غزة مياه الشرب النقية والنظيفة جراء تفاقم أزمة
تلوث المياه خصوصا في
ظل الحصار الإسرائيلي المطبق الذي يمنع إدخال المعدات والأجهزة اللازمة
لمعالجة
مياه الصرف الصحي، بدورها أوضحت أمال أبو غياض في حديث سابق لها عند تقديم
الفيلم
للمشاركة بالمهرجان، عن سبب تركيزها على هذه المشكلة،هو "أن البحث عن حلول
لمشاكل
قطاع غزة كان هاجسا متجددا لديها، وترى أن مشكلة المياه هي من أهم المشاكل
التي
ستواجه قطاع غزة في السنوات القادمة، لذلك فهذا الفلم يحاول
جاهدا أن يلقى الضوء
على أهم عنصر للحياة وهو الماء.
وتزداد معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة جراء عدم التمكن
من معالجة مياه الصرف الصحي، الأمر الذي أدى إلى تلوث المياه الجوفية بصورة
لم يسبق
لها مثيل، إضافة إلى استنزاف المخزون ذاته من قبل الاحتلال الاسرائيلي قبل
انسحابه
من القطاع، وأدت عملية ضعف المعالجة المهنية للمياه "الآسنة" إلى تلوث
المياه
والتربة وشاطئ البحر وتضرر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في محيط برك
تجميع
مياه الصرف الصحي المنتشرة شمال وجنوب ووسط قطاع غزة.
يذكر ان فرنسوا جيكول مدير
المهرجان قد نوه في وقت سابق إلى أنه قد تقدم للمشاركة في
المهرجان لهذا العام ما
يزيد عن 244 فيلما من شتى أنحاء العالم، حيث تم اختيار 29 فيلما ستتنافس
على جائزة
المهرجان ولمدة شهر تبدأ من 4-11-2010 وحتى 1-12- 2010.
شريط في
15/12/2010
فيلم هندي يضم نجوماً محليين
وخليجيين
"الخدامة"
دراما الواقع المرّ
الفجيرة - بكر المحاسنة
باتت الإمارات مقصداً للكثير من صناع السينما الذين يبحثون عن أرض
جديدة يصورون عليها أحداث أفلامهم أياً كانت نوعيتها، وهي اليوم مسرح
لتصوير أجزاء كبيرة من الفيلم الروائي السينمائي الجديد “الخدامة” من إنتاج
شركة “أتينا للانتاج السينمائي” وإخراج كمال الدين محمد، ويقوم ببطولته
كوكبة من النجوم من دولة الإمارات والهند ودول الخليج العربي، أبرزهم: مريم
سلطان وعلي خميس وخميس شير محمد ومبارك ماشي من الإمارات إلى جانب كل من
الممثل الشهير شرينوازن والممثلة كافيا مادفان من الهند والفنانة سراج .
الفيلم يتناول قصة إنسانية اجتماعية، عن الخدم ومعاناتهم واستغلالهم
من طرف الوسطاء الهنود الذين يجلبونهم ويحصلون منهم على مقابل مادي .
كما أن الفيلم يركز على حياة أناس دفعهم البحث عن لقمة العيش إلى
مغادرة أوطانهم من أجل تحسين ظروف حياتهم .
ويتميز “الخدامة” عن كثير من الأفلام بأنه لا يركز على الجانب
الاستعراضي بقدر تركيزه على قضية يرغب في إيصالها إلى المشاهد .
تدور الأحداث في إحدى الدول الخليجية، حيث يعيش رزاق كوتيكاد الذي
يؤدي دوره الممثل الشهير شري نواز، وهو مثال للرجل الهندي الطيب الذي تمكن
خلال سنواته الخمس عشرة التي قضاها في ذلك البلد الخليجي من النجاح وامتلاك
وإدارة محلات عدة للهواتف المتحركة . وبسبب وضعه المادي المريح سعى رزاق
إلى مساعدة أبناء بلده وحل المشاكل التي تواجههم، فكان لا يبخل في تقديم
العون لخدم البيوت ومن يواجهون مشاكل في الإقامة وبسبب حسن سيرته وسلوكه
نال ثقة أقرانه الذين وجدوه خير معين في أزماتهم .
من ضمن اهتمامه، قام رزاق بالبحث عن أشواتي الخادمة التي تؤدي دورها
الممثلة مادفان، وهي شابة هندية كانت تعيش بأمان وسعادة حتى توفي زوجها
بشكل مفاجئ وتركها ترعى أباً مريضاً وأخاً صغيراً إلى جانب اهتماماتها
بأمها وشقيقتها، وبسبب ضيق ذات اليد وشح المال تقبل اشواتي بعرض صديق
الأسرة عثمان بالعمل لدى إحدى الأسر الخليجية كخادمة . وبعد قدومها إلى
البلد الخليجي تجد اشواتي بعض الضغوطات النفسية والإجهاد في مجال خدمة
المنازل، وخصوصاً الطريقة التي تعاملها فيها الأسرة المكونة من أب وأم
وولدين، حيث تجد منهم الاحتقار والازدراء لكن وجود خادمة أندونيسية إلى
جانبها يساعدها في البداية ثم يورطها في مشاكل كبيرة لا يخرجها منها سوى
رزاق الذي يعيدها إلى وطنها .
آخر كلمات رزاق لأشواتي قبل عودتها إلى بلدها:
إن حياتنا فيضان كبير وعلينا أن نترك في هذه الصحراء جميع المشكلات
والصعوبات التي تحملناها هنا .
المخرج كمال الدين محمد المعروف بالهند لتناول المواضيع الاجتماعية
والانسانية وبعده عن الأفلام التجارية والموسيقا، تحدي عن سبب اختياره
لدولة الإمارات مسرحياً لتصوير الفيلم فقال: ثراء الإمارات الفني والثقافي
والتسهيلات الفنية الكبير التي يقدمها المسوؤلون وتعاون المجتمع يسهل تقديم
مثل هذه الأعمال ذات البعد الإنساني والعمق الدرامي .
وأضاف: الفيلم يجمع فنانين من الجنسيتين الإماراتية والهندية إلى جانب
ممثلين من الدول الخليجية الأخرى وهناك مراحل تصوير كانت أصعب بكثير مما
توقعت، لكنها ممتعة خصوصاً بوجود الزميل أحمد المشرف العام على الفيلم
وفريق العمل الذي بذل كل ما في وسعه في سبيل إنجاح هذا العمل .
ويؤكد كمال الدين أن “الخدامة” يعتبر أول فيلم روائي جديد يصور في
دولة الإمارات، حيث يتناول قصة إنسانية اجتماعية عن الغرباء وحياتهم بعد أن
اضطرتهم الظروف إلى العمل في بلاد الغربة، ويتطرق الفيلم إلى تعرض الخادمة
للكثير من الضغوطات النفسية والإجهاد والتحرش من أبناء الأسر العربية التي
تعاملها بدونية وازدراء في أغلب الأوقات .
كما نبين معاناة الخدم من الاستغلال من طرف الوسطاء الهنود الذين
يجلبونهم بدافع المتاجرة بهم في دول الاغتراب، اضافة إلى واقع المخالفين
لقانون الإقامة الشرعية بدول الخليج حيث يشجع البعض هروب الخادمات من
الكفيل بإغرائهن بوظائف وحياة أفضل .
وأعرب كمال الدين عن سعادته بالعمل في إنتاج فيلم يتناول قصة إنسانية
حقيقية، مؤكداً أنه مشروع اجتهد هو وفريق العمل معاً من أجل الإعداد له
بشكل جيد ليرضي الجمهور المحلي والإقليمي والعالمي.
وعن رفض السلطات السعودية تصوير أحداث الفيلم على أراضيها يقول
المخرج: الرفض كان بسبب واقعية القصة التي كانت تمس أحد أهم المشاكل
الاجتماعية التي يعاني منها المجتمع الخليجي عموماً والسعودي خصوصاً .
أحمد ابراهيم المشرف العام على العمل قال: سوف يستغرق التصوير شهوراً
عدة قبل أن يكون الفيلم جاهزاً للعرض ربيع العام المقبل . وأضاف أن الفيلم
ستكون المشاركة فيه بعدد من المهرجانات المحلية والإقليمية، وقد بلغ إنتاجه
5 ملايين درهم .
وأكد ابراهيم أن الفيلم سوف يعرض في دور العرض الإماراتية في شهر
يناير/ كانون الثاني المقبل، موضحاً أن مواقع التصوير شملت الفجيرة ودبي
والشارقة وذلك في عدد من المواقع الأثرية والحضارية منها قرية التراث
بالشارقة ومنطقة القوز بدبي وكورنيش عجمان ومطار الفجيرة الدولي، وقرية
التراث ومسرح الفجيرة .
وأشار المشرف العام إلى أن الإمارات تعد أفضل دولة من بعد المملكة
العربية السعودية لتصوير واقع أحداث الفيلم، وذلك للتقارب الكبير بين
الهيئتين السعودية والإماراتية، والتي اشتملت في أغلب مواقع التصوير على
مناطق أثرية قديمة . وأثنى المخرج على التعاون الكبير الذي وجده إدارة مسرح
الفجيرة الوطني، والذي اعتبره الشريك الرئيسي لإنجاز هذا العمل .
وأكد أحمد إبراهيم فيلم “الخدامة” يعد أحد الأعمال المميزة للمخرج
كمال الدين الذي أخرج 42 فيلماً سينمائياً في مختلف الفئات منها “المطر”
و”القادمون” وهما من أهم الأعمال الهندية التي مثل بها المخرج موطنه الهند
في جائزة “ناشيونال أوورد” ومسابقة “أوسكار” للأفلام الأجنبية .
بدورها أبدت الفنانة مريم سلطان سعادتها بالمشاركة في “الخدامة” الذي
يسلط الضوء على قضية مهمة في منطقة الخليج العربي وهي مشكلات الخادمات
ومعاناتهن في الوقت نفسه، مشيرة إلى أن دورها في الفيلم سيكون أم سعودية
كبيرة السن لديها ولدان وبنت .
البيان الإماراتية في
15/12/2010
قدّم 700 فيلم ومات في الاستوديو
أمام عمر الشريف
محمود المليجي "أطيب شرير" على
الشاشة
القاهرة - “الخليج”:
يظل اسم محمود المليجي هو العنوان الأكثر تعبيراً عن التمثيل في الوطن
العربي . . إنه الوجه الأكثر عمقاً في السينما العربية، فقد التصق به لقب
“شرير السينما المصرية”، ورغم ذلك لم يكتف بالتعبير عن وجه واحد فقط من
الإبداع، فكما أجاد وبرع في تجسيد الشر، برع أيضاً وبنفس الدرجة بل وتفوق
في تجسيد الخير، وليس أدل على ذلك من دوره الرائع الذي يعد علامة فارقة في
تاريخ السينما المصرية والعربية دور “محمد أبو سويلم” في فيلم “الأرض”
للراحل يوسف شاهين .
هو صاحب مساحة عريضة امتدت لأكثر من نصف قرن من الزمان، لم يغادر
خلالها موقعه في البلاتوه، كما لم يسمح له الجمهور بأن يترك مكانته على
الشاشة . لذا فهو بالأرقام صاحب أعلى رقم عرفته السينما للنجوم، حيث شارك
في بطولة ما يقرب من 700 فيلم، ولم يضاهه في هذا الرقم سوى الكوميديان
الرائع صديق عمره إسماعيل ياسين .
ولد محمد محمود المليجي في الثاني من ديسمبر/ كانون الأول عام 1910 في
حي المغربلين، وهو أحد الأحياء الشعبية بمدينة القاهرة، وقد حرص على أن
يعيش كما نشأ في بيئة شعبية حتى بعد أن انتقل مع عائلته إلى حي الحلمية
الجديدة . وبعد أن حصل على الشهادة الابتدائية اختار المدرسة الخديوية
ليكمل فيها تعليمه الثانوي، فقط لعلمه أن مدير المدرسة آنذاك ويدعى “لبيب
الكرواني” كان يشجع المواهب التمثيلية، ويحرص على الاستعانة بكبار الممثلين
والمخرجين لتدريب الموهوبين من الطلبة، فالتحق المليجي بفريق التمثيل
بالمدرسة، وكانت هناك فرصة لكي يتتلمذ على يد عمالقة التمثيل في ذلك الوقت
مثل: جورج أبيض، أحمد علام، فتوح نشاطي، وغيرهم . . حتى جاء المخرج الكبير
عزيز عيد، فانبهر الطالب محمود المليجي بأفكاره المتطورة في فن التمثيل
وأسلوبه في الإخراج، فكان دائم الالتصاق به وتنفيذ كل تعليماته بدقه، وشعر
بأنه الفتى المدلل بين أقرانه، لذا كان لابد أن يعمل عزيز عيد على رده إلى
رشده، فصدمه قائلاً: “يا بني إنت مش ممكن تبقى ممثل . . أحسن لك تدور على
مهنة تانية من دلوقت لأنك عمرك ما هتبقى ممثل”!
شعر المليجي كأن عزيز عيد غرس خنجراً في صدره، وكان وقت تدريب زملائه
يترك التدريب ويجلس بجوار شجرة ضخمة في فناء المدرسة يبكي حظه، حتى جاءه
أحد زملائه بعد عدة أيام وأخبره بأن عزيز عيد يقول إن “الواد ده يقصد
المليجي هيبقى ممثل رائع . . وهيبقى له مستقبل كبير جداً” . . هنا صرخ
المليجي في وجه زميله: “عزيز عيد قال الكلام ده لمين؟”، فأخبره زميله بأنه
قاله لكل فريق التمثيل على الملأ . أسرع المليجي وراح يلح على عزيز عيد
ويسأله عن رأيه فيه، ولماذا قال له إنه لن يكون ممثلاً، وهنا أعطاه عيد أول
درس ليكون ممثلاً حقيقياً، حيث قال له: لأنني لمحت في عينيك الغرور
والتعالي على زملائك، وأنك بتقربك مني وتنفيذك لكل ملاحظاتي أصبحت أفضل
منهم، فكان لابد أن أكسر ذلك الغرور بداخلك .
منذ ذلك اليوم استوعب المليجي هذا الدرس الأهم، والذي ظل يلازمه طيلة
حياته حتى عندما قدم أهم وأكبر الأعمال، ليس في تاريخه بل في تاريخ السينما
المصرية .
شارك المليجي بعد ذلك في المسرحية التي أعدها عزيز عيد للمدرسة وكانت
بعنوان “الذهب” ولعب فيها دور “ميكلوبين”، وكان من بين الحضور الفنانة
الكبيرة فاطمة رشدي، وما إن انتهى العرض حتى أرسلت في طلب المليجي وهنأته
على دوره وطلبت منه أن يزورها في مسرحها، وقبل أن تنتهي زيارة المليجي
لمسرح فاطمة رشدي، كان قد تعاقد على العمل في فرقتها المسرحية براتب قدره
أربعة جنيهات شهرياً . عندها ترك المليجي المدرسة لأنه لم يستطع التوفيق
بينها وبين عمله في المسرح الذي كان يسيطر على كل وجدانه .
قدم مع “فاطمة رشدي” مسرحية “667 زيتون” الكوميدية، كما مثل دور
“زياد” في مسرحية “مجنون ليلى”، وكان أول ظهور له في السينما في فيلم
“الزواج 1932” الذي أنتجته وأخرجته فاطمة رشدي، وقام هو بدور الفتى الأول
أمامها . وبعد أن حُلت فرقة فاطمة رشدي، عمل المليجي كملقن في فرقة “يوسف
وهبي” المسرحية، ثم اختاره المخرج “إبراهيم لاما” لأداء دور “ورد” غريم
“قيس” في فيلم سينمائي من إخراجه عام ،1939 وكان قد وقف، عام ،1936 أمام
“أم كلثوم” في فيلمها الأول “وداد”، إلا أن دوره في فيلم “قيس وليلى” يعتبر
بداية أدوار الشر له، والتي استمرت في السينما لأكثر من ثلاثين عاماً .
التحق المليجي بعد ذلك بفرقة إسماعيل ياسين المسرحية وظل بها فترة،
بعدها عمل مع فرقة “تحية كاريوكا”، ثم فرقة المسرح الجديد . . فقدم أكثر من
عشرين مسرحية، أهمها أدواره في مسرحيات: يوليوس قيصر، حدث ذات يوم،
الولادة، ودور “أبو الذهب” في مسرحية “علي بك الكبير” لأحمد شوقي .
عندما انتعشت السينما المصرية وبدأ الإنتاج السينمائي يزدهر في
الأربعينيات، كان الاتجاه المبدئي هو أن يتم تقسيم الممثلين إلى طيبين
وأشرار . . الطيبون ملامحهم هادئة ونظرتهم مستكينة، بينما الأشرار ملامحهم
حادة ونظراتهم أكثر حدة، وعلى هذا أصبح المليجي تبعاً لهذه القسمة من
الفريق الثاني، ويقف في مقدمة الصف . . لم يقاوم المليجي، واعتبر هذه
القسمة مثل القضاء والقدر، ورغم ذلك استطاع أن يحتل مقدمة الطابور ويصبح
الأول بين الأشرار، إذ فور أن ترى ملامحه تتأكد أنه يدبر لجريمة، فكان هو
الشرير الأول والمجرم الدائم على شاشة السينما، غير أن المفارقة الحقيقية
والتي نقلها عنه كل المقربون منه أنه رقيق القلب ضعيف المشاعر، يبكي لبكاء
طفل صغير، وربما “يخاف من خياله” .
من المؤكد أن قوة تأثير فنان بقامة محمود المليجي عند الجمهور لم تكن
تخضع فقط لقسمات الوجه ونبرات الصوت التي تعبر عن الشرير، وهو الأمر الذي
أكده النقاد والمحللون في السينما، مؤكدين أنه فنان لديه فيض من الجاذبية
التي تتيح له أن يمتلك مشاعر الناس .
انطلق محمود المليجي في السينما خلال الأربعينيات والخمسينيات فقدم
أفلام: “غزل البنات، السجينة رقم ،17 أمير الانتقام، من القلب للقلب،
والبيت الكبير، وسجين أبو زعبل”، حيث كان الأخير بطولة مطلقة عبر فيها
المليجي عن قدراته الكبيرة كممثل، وإن كانت مسألة البطولة المطلقة قليلاً
ما تعرض عليه، كما لم يكن هو يهتم بها وليست في حساباته مثل أقران جيله
أنور وجدي، عماد حمدي، وشكري سرحان، أو حتى تلامذته مثل فريد شوقي وكمال
الشناوي وحسن يوسف، وغيرهم . . فلم يكن محمود المليجي نجماً بمقاييس شباك
التذاكر، ولكن ساعده على تألقه بعيداً عن هذه المنطقة أنه جاء في عصر لم
يكن منشغلاً بقدر كبير بهذه المسميات، لدرجة أنه كان من الممكن أن يظهر عدد
كبير من نجوم هذا الزمان في عمل واحد، وبعيد عن مسميات البطولة المطلقة أو
نجم الشباك، وغير ذلك، لدرجة أنه قرر أن يخوض تجربة الإنتاج السينمائي
مساهمة منه في رفع مستوى الإنتاج الفني، ومحاربة موجة الأفلام الساذجة،
فقدم مجموعة من الأفلام، منها على سبيل المثال: “الملاك الأبيض، الأم
القاتلة، سوق السلاح، المقامر” . . ليقدم الكثير من الوجوه الجديدة
للسينما، فهو أول من قدم فريد شوقي، وتحية كاريوكا، ومحسن سرحان، وحسن
يوسف، وغيرهم .
كان محمود المليجي هو أستاذ الفنان فريد شوقي، يكبره بنحو 12 عاماً
وعندما بدأ فريد في الأربعينيات أداء دور الشرير على طريقة أستاذه المليجي،
كان المنتجون يرون في فريد بديلاً له، وهكذا كانت الأدوار تعرض أولاً على
المليجي وعندما يرفضها تذهب إلى فريد شوقي . . وبلغ تسامح المليجي أنه كان
بعد الرفض يسارع بالاتصال بفريد ليؤكد له اعتذاره حتى يتمكن هذا الأخير من
رفع أجره لأنه كما يقول دائماً: “لا بديل للبديل”!
ويصبح فريد شوقي نجماً جماهيرياً وسوبر ستار يقطع له الجمهور تذكرة
السينما، بينما أستاذه لم يتصدر اسمه الأفيش أبداً، بل ووافق المليجي أن
يلعب في العديد من أفلام بطولة تلميذه فريد شوقي الدور الثاني أو الثالث،
وبلغة السينما “ينضرب له” ليصبح فريد “وحش الشاشة”، ولم يغضبه ذلك، كما لم
ينتقص من قدره لدى الجمهور الذي يحبه ويعرفه قيمته ومكانته كممثل كبير
وقدير حتى ولو في دور “السنيد” لوحش الشاشة!
جاء فيلم “الأرض” ليعطي المليجي جزءاً من مكانته التي يستحقها، لدرجة
أن النقاد والفنانون العرب أطلقوا عليه لقب “أنتوني كوين الشرق”، وإن كان
هذا اللقب فيه بعض الظلم له، لأنه لم يكن يقل قدراً ولا قيمة عن كبار
الفنانين العالميين .
لم يتوقف عطاء محمود المليجي، عند جيله فقط، بل إنه راح يساند كل
الأجيال التالية له طالما استشعر الموهبة عند أي فنان فهو يدفعه للمقدمة .
. لدرجة جعلت فنان الشعب يوسف وهبي وهو من هو قيمة وأداء يقول: محمود
المليجي هو الممثل الوحيد الذي أستطيع أن أقول إنه أفضل من يوسف وهبي.
كما قال عنه يوسف شاهين: “المليجي فنان ليس عادياً . . فهو أبرع من
يؤدي دوره بتلقائية لم أجدها لدى أي ممثل آخر، كما أنني شخصياً أخاف من
نظرات عينيه أمام الكاميرا . . وكنت أرى فيه صورة أبي”.
شكل المليجي الحالة الإبداعية التي كان يحلم بها يوسف شاهين في أفلام
مثل “ابن النيل، جميلة، حب للأبد، الناصر صلاح الدين، الأرض، الاختيار،
الناس والنيل، العصفور، عودة الابن الضال، إسكندرية ليه، وحدوته مصرية” .
ظل محمود المليجي في الميدان حتى النفس الأخير، ولم يترك موقعه لتأتي
نهايته أمام الكاميرا في 7 يونيو/ حزيران عام ،1983 بينما كان يشترك مع عمر
الشريف في أول بطولة له بعد عودته من الخارج في فيلم “أيوب”، وقبل أن يبدأ
تصوير المشهد الأخير له في الفيلم كان يتناول فنجان القهوة مع عمر الشريف،
وسقط الفنجان من يده، ليفارق الحياة على الفور مبتسماً شامخاً كالأشجار
العتيقة العظيمة التي تموت واقفة . ورحل وهو في الثالثة والسبعين من عمره،
ولكنه عاش بقلوب عشاق فنه ليقدم لنا دروساً في الحياة من خلال فنه العظيم،
وكانت معظم أدواره حتى أدوار الشر منها تهدف إلى مزيد من الحب والخير
والإخلاص للناس والوطن . . كان مدرسة فنية في حد ذاته، وكان بحق أستاذاً في
فن التمثيل العفوي الطبيعي، البعيد كل البعد عن أي انفعال أو تشنج أو عصبية
. . كان يقنع المتفرج أنه لا يمثل، فاكتسب حب الجماهير وثقتهم، حتى بعد أن
غيبه الموت.
البيان الإماراتية في
15/12/2010 |