يراد للحياة أن تكون عاصفة، هكذا هي حين نمضي إلى العوالم السفلية من
المدن، حين يكون الاكتشاف انغماساً في الهامشي والمنبوذ، عند الحدود، مع
المهاجرين، مع أولئك المنسيين، ومعهم بعيداً عن حياة معقمة لها أن تتعامل
مع كل ما يخل برفاهيتها كجراثيم، وهنا سيحضر إيقاع مغاير عن حياة محايدة.
لكن تبقى الحياة جميلة على الدوام، ثمة مساحات متروكة لتعلم هذه
الكلمة في فيلم «بيوتيفول»
Biutiful جديد المخرج المكسيكي أليخاندرو غونزاليس إيناريتو الذي تحمله الدورة
السابعة من مهرجان دبي السنيمائي هذا العام، ضمن أفلام برنامج «سينما
العالم» وعلى شيء يجعل من ذلك فرصة للتعرف إليه لا تتيحها كما عودتنا دور
العرض المحلية.
يأتي عنوان الفيلم مما له أن يكون محاولة من شخصية الفيلم الرئيسة
لتعليم ابنه نطق هذه الكلمة، وبعيداً عن اللفظ الانجليزي السليم، بل بلكنة
اسبانية، ومعها أيضاً وعلى شيء من محاولة أخذ العنوان إلى مساحة نجدها
متناغمة مع ما سنشاهده في هذا الفيلم، فعوالم الفيلم تتركز حول قباحة
الحياة، على قسوتها التي لا تعرف الرحمة بالفقراء، والسرد يأتي دائماً من
الطبقات السفلى، من المآزق التي تطال العيش وسبله.
في ما يلي عودة إلى فيلم ايناريتو مجدداً بعد أن تناولته لدى عرضه في
الدورة الـ63 من مهرجان كان، وعلى مطمح له أن يضع أمامكم هذا الفيلم في
سياق أفلام إيناريتو.
يخرج إيناريتو في جديده من تلك الخطوط المتشابكة والمتداخلة في
أفلامه، لا يريد أن يلعب بالزمن، يمضي في خط واحد مستقيم. لن نشاهد هذه
المرّة كلباً نازفاً، في سيارة تمضي بسرعات جنونية وهناك من يتعقبها، كما
في فيلم «الحب كلب» (2000). ولن نسمع من يقول لنا إن كل ما نعيشه لا يزن
أكثر من «21 غراماً» (2003) أي ما يعادل «نكلة» أو «قطعة شوكولا». ولن
نشاهد تلك البندقية في «بابل» (2006) التي تكفي طلقة واحدة منها كي تتشابك
مصائر شخصيات بين المغرب وأميركا والمكسيك واليابان. جديد إيناريتو «بيوتيفول»
يأتي من برشلونة هذه المرة. في اللقطة الافتتاحية من الفيلم، سنرى أوغزبال
(خافيير بارديم) يخرج خاتمه من إصبعه ليضعه في إصبع ابنته، ونحن لا نرى إلا
أياديَ مرفوعة، ثم يمضي في غابة مغمورة بالثلوج تطالعه فيها بومة ميتة،
ويسمع نداءً سيلبّيه بالتأكيد.
الشخصيات التي تزدحم بها أفلام إيناريتو (1963) تختزلها شخصية واحدة
هذه المرة، إنه أوغزبال. ومَن غير خافيير بارديم ليجسّدها وينال عنها جائزة
أفضل تمثيل في الدورة الـ63 من «مهرجان كان السينمائي»، مَن غيره، وقد قال
إيناريتو نفسه إنه طوال كتابته الفيلم، كان بارديم هو أوغزبال، والعكس
صحيح. وهو الذي قال أيضاً «أنا وبارديم مثل جائع للكمال التقى بمن يتضوّر
جوعاً إليه».
يمضي «بيوتيفول» في خطّ درامي واحد يتعقّب مصير شخصية أوغزبال ومحيطه.
ليس هناك من تشعبات وتداخلات في الأزمنة، ولا تستند الأحداث إلى حدث رئيس
مدوّ، سرعان ما تتداخل من خلاله مصائر شخصيات كثيرة وخطوط درامية أخرى، كما
في أفلامه السابقة. الرهان هنا على شخصية واحدة يجري تشريحها من خلال
أفعالها وتحرّكاتها. إنّه التركيز على أوغزبال ذاته، وحياته في مدارات عدة،
من بينها علاقته بأولاده. هذا الأب يتبول دماً، وسرعان ما يكتشف مرضه
بسرطان البروستات.
يلعب دور الأب والأم مع ابنه وابنته، وفي تأرجح دائم بين النجاح
والفشل. تأرجح يشبه علاقته مع زوجته السابقة المأزومة التي ما إن يبعدها عن
ولديها حتى يعيدهما إليها، وهي تقترف من الحماقات ما يجعله حريصاً على
مسافتها معهما، ثم استجاباته المتناوبة لأمومتها التي سرعان ما تضرب بها
عرض الحائط.
الفيلم الذي كتبه إيناريتو بنفسه، يجعله بعيداً عن الكاتب والسينمائي
غيليرمو أرياغا، كاتب سيناريوهات أفلام إيناريتو الثلاثة المذكورة سابقاً،
إلا أنّ إيناريتو يقترب هنا بشكل أو بآخر مما صنعه مع أرياغا، من دون أن
تتنقل الكاميرا بين أربع قارات كما في «بابل»، ولا أن يكون فيلم «21
غراماً» بؤرة درامية للسيناريو يقول فيه كلمته الفصل، وحيث الزمن يظلّ
متصلاً ومنفصلاً، مستعاداً ومتقدماً، وهو الأمر الذي يمتد إلى باكورة
إيناريتو «الحب كلب» حيث الإيقاع لا يمنحنا فرصة لالتقاط أنفاسنا.
في «بيوتيفول» ملامح أو لمسات مما سبق، وهو يمثّل في النهاية أسلوب
إيناريتو المحكم. صحيح أنّ الفيلم يسير في إيقاع أقل توتراً من الأفلام
السابقة، لكنه مشدود ومتحفز، من دون أن تفارقه همومه الإنسانية المتخطية
للقارات، والعوالم السفلية باعتبارها المعبر الأدق والأعمق لاختبار المدن
وعلاقات البشر فيها. في هذا الفيلم، نحن على اشتباك مع عوالم برشلونة
السفلية، وتحديداً بلدة سانتا كولوما التي ستبقي إيناريتو على اتصال بتقديم
سينما تتخطى العرق واللغة كما في «بابل»، إذ إنّ أوغزبال يقطن «التشرينغو»
وهو حي خليط يسكنه المهاجرون الفقراء وأولادهم ويضم كل الأعراق من الصينيين
والعرب والإندونيسيين، إضافة إلى هؤلاء الذين هجّرهم فرانكو من كاتالونيا
في عام .1930 إذاً، نحن هنا أمام خليط اجتماعي وثقافي وقع في غرامه
إيناريتو، كما وقوعنا في غرام الفيلم.
البيئة التي تجري فيها أحداث الفيلم مركزية، يعمل أوغزبال في استيراد
العمالة الأجنبية «غير الشرعية» إذ الصينيون هم الأكثرية. من هنا، سنشاهد
دراما مجاورة لدراما أوغزبال وعائلته، سرعان ما تشتبك معها، هو الذي نشأ
وترعرع في حضن هذا الخليط العرقي، يسعى إلى أن يكون إنسانياً معهم بالقدر
المتاح، ونحن نرى كيف تتعامل الشرطة الإسبانية بعنف ووحشية مع باعة الطرق
الأفارقة، وكيف يُرحّل صديقه إلى إثيوبيا، بينما يأخذ زوجة ذلك الصديق
وابنه ليعيشا معه، فتمسي سنداً له أكثر مما هو بالنسبة إليها، حين تتحول
إلى ممرضة ترعاه وهو يحتضر.
سيتداخل مصير أوغزبال الشخصي مع مصائر المهاجرين، وسيطال التصعيد كل
المصائر، ويبقى اختناق العمال الصينيين الذين يشرف عليهم ذروة أحداث الفيلم
والمنعطف الأكبر. سيحتضر أوغزبال بعدما شهد بأم عينيه كيف مات كل الصينيين
في القبو، حيث كانوا ينامون نساءً ورجالاً وأطفالاً، والسبب مدفأة تعمل على
الغاز اشتراها لأنها الأرخص، وسيموتون بسببها جميعاً وهم نيام مختنقين
بالغاز.
أوغزبال يحتضر، فيما البحر لا يتوقف عن لفظ جثث المهاجرين إلى الشاطئ.
كنا أمام مصير رجل بمفرده يصارع الموت، لكن في الوقت نفسه ماذا عن أولئك
الذين يموتون جماعات؟ كما لو أن الفيلم يسألنا ذلك وإن كنا في النهاية لن
نشاهد إلا أوغزبال وهو يلبي ذلك النداء الذي بدأ به الفيلم.
«وعي السينما».. مدانات والنقد الصافي
دبي ــ الإمارات اليوم
عن منشورات وزارة الثقافة السورية- المؤسسة العامة للسينما صدر للناقد
الأردني عدنان مدانات كتاب جديد بعنوان «وعي السينما» له أن يكون استكمالاً
لمشروع هذا الناقد الريادي الذي رفد المكتبة العربية بكتب سينمائية لها أن
تكون على الدوام مرجعية غنية في قضايا السينما المعاصرة وتاريخ السينما.
تشكل مقدمة الكتاب تعبيراً مباشراً عن معاناة الناقد العربي مع دور
النشر العربية، ويعود مدانات إلى قصة نشره لكتابه الأول «بحثاً عن السينما»
الكتاب الذي كان ومازال مرجعاً مهماً لكل مهتم بالسينما، ويوضح علاقته بما
يعرف بالكتاب الذي يكون عبارة عن تجميع لمقالات نقدية كتبت هنا وهناك،
موضحاً بأنه ليس ميالاً لهذا النمط، مع أن كتاب «وعي السينما» جاء على هذا
النحو، لكن وكما يشير مدانات فإنه منذ زمن طويل توقف عن الكتابة عن
الأفلام، وراح يكتب عن قضايا سينمائية وموضوعات نظرية عامة لها أن تثقف
المشاهد سينمائياً «ما يهمني في كتاباتي أن أحاول أن أثقف القارئ سينمائياً
وأترك له المجال لكي يحكم على الأفلام التي يشاهدها»، وهذا تماما ما تضمنه
الكتاب. يحمل كتاب «وعي السينما» مجموعة من القضايا السينمائية المعاصرة
وأخرى متصلة بتاريخ السينما، ومقسمة في فصول صغيرة وموجزة لها أن تتناول
على سبيل المثال مفاهيم مثل «السينما الصافية» و«أسئلة التجريب» وصولاً إلى
«السينما التليفونية» وغيرها من موضوعات كثيرة كتبت بلغة بسيطة حاولت قدر
الإمكان الابتعاد عن الأكاديمية، لتضع بين يدي متابعي السينما طرق مقاربة
للفيلم تعزز من معرفته التاريخية والنظرية.
الإمارات اليوم في
06/12/2010
مشاهدون منحوه من 5 إلى 9 درجات
«اللمبي 8 جيجا».. فكاهة لم تقـدم جديداً
علا الشيخ - دبي
بعد غياب أكثر من عامين عن الشاشة الذهبية، عاد الفنان الكوميدي محمد
سعد ليلعب دور البطولة في فيلم «اللمبي 8 جيجا» للمخرج أشرف فايق. وشكل
الفيلم الذي يُعرض حالياً في دور السينما المحلية صدمة لمشاهدين ومتعة
لآخرين، فبعد هذا الغياب توقع البعض أن تكون العودة اكثر تميزاً، فيما أشار
آخرون الى ان سعد لم يقدم جديداً في ادائه. لكن مشهدين ابدوا اعجابهم بفكرة
الفيلم التي اعتبروها جديدة في الأفلام العربية.
الفيلم الذي شاركت سعد البطولة فيه الفنانة مي عزالدين، حول حياة
محامٍ فقير متزوج يعيش ضائقة مادية ولا يستطيع الإنجاب، إلا أن خضوعه
لتجربة طبيب غرز في جسده ابرة تحتوي على عناصر لشريحة إلكترونية غير حياته
بالكامل وحوله الى رجل ثري، لكن عواطفه ماتت وأصبح شديد الجفاء مع كل
المقربين منه، وحتى مع الطبيب صاحب الفضل عليه. إذ اصبح جريئاً في ابداء
آرائه حول الآخرين حتى لو كانت جارحة.
نهاية الفيلم كانت مفاجئة للجمهور الذي منحة علامة تراوحت بين خمس و
تسع درجات.
حشو
ظهر محمد سعد في الفيلم بشخصية اللمبي نفسها التي صنعت نجاحه منذ
ثماني سنوات، لكنها هذه المرة فقدت كثيراً من بريقها، لأنها محشورة حشراً
في القصة، التبرير الوحيد لوجودها هو الاستسهال والبحث عن النجاح بأي
طريقة. وقد بدأ الفيلم بمجموعة من اللقطات المضحكة.
وجدت حلا إبراهيم (20 عاماً) أن بداية الفيلم بالفعل كانت مضحكة، «كاد
يغشى عليّ من كثرة الضحك، فقد قدم سعد لقطات في غاية الفكاهة»، مؤكدة «أنا
اتابع سعد منذ كنت طفلة وبقيت صورته في ذهني كما هي، ولم اشعر انه قدم
الجديد في هذا الفيلم، خصوصاً ان الفيلم بدا مملاً بعض الشيء، وربما يعود
ذلك الى مرحلتي الجديدة التي لا تستسيغ هذا التكرار»، مانحة الفيلم ست
درجات.
في المقابل قال طارق النيادي (26 عاماً) بعد مشاهدته الفيلم «ضحكت
كثيراً في بداية الفيلم، الا أنني شعرت بالملل بعد ذلك». وأضاف ان «الحشو
ظاهر، وشخصية اللمبي اصبحت نمطية اكثر من اللزوم»، مانحاً الفيلم خمس
درجات.
ووافقه الرأي اياد البسمتالي (30 عاماً) بقوله «استجديت الضحك، فقد
جئت لمشاهدة الفيلم، لكنني لم اضحك الا في الـ10 دقائق الأولى منه»، مانحاً
فيلم «اللمبي 8 جيجا» خمس درجات.
فكرة
بمرور المشاهد يصبح الفيلم أكثر واقعية، إذ يصل المخرج الى الفكرة
التي تم بناء قصة الفيلم عليها، وهي اختراع جديد لطبيب، ليمكن أي إنسان من
زرع شريحة في ذراعه لتخزين البيانات، ما يؤهله لتحميل كمية كبيرة من
المعلومات في ذهنه قد تصل إلى «8 جيجا» مثل ذاكرة إلكترونية. ويتغير مجرى
الأحداث تماماً عندما يرسل الطبيب «فيروس» مخرب في ذاكرة تخزين البيانات
الموجودة في ذراع اللمبي، ليصاب بمشكلات في أعصابه ويتحول الى انسان مؤذ
لكل من حوله.
الفكرة، حسب شذى برقاوي (25 عاماً) «لطيفة وغريبة»، مشيرة الى ان
«مشهد اعطاء الابرة للمبي بحد ذاته مميز ومضحك جداً، حتى انني وقعت من
مقعدي من شدة الضحك»، مانحة الفيلم تسع درجات.
وأثارت الفكرة اعجاب منال حسن (27 عاماً) ايضاً «لقد اضحكتني جداً،
وأداء اللمبي على الرغم من التكرار في ردود الافعال، الا انه اضحكني»،
مستدركة «لكن الفيلم ليس بأهمية أفلام الممثل محمد سعد السابقة»، مانحة
اياه سبع درجات.
أما مروان اليازجي (37 عاماً) قال إن «الفيلم تافه بكل المقاييس، ولا
يستحق ان يشاهد. وإن الكوميديا فيه مفتعلة وليست نابعة من فنان كان من
المفروض به ان يحترم عقل المشاهد العربي، لا ان يستهين بحقه في الضحك»،
مشيراً في الوقت نفسه الى اداء مي عزالدين الذي وصفه بأنه «هامشي، ولم يراع
ايضاً حقها في ان تظهر بشكل احترافي اكثر»، رافضاً اعطاء اي نتيجة.
نهاية مستفزة
عندما تزيد جرعة الفيروس التي يأخذها اللمبي، يتفاجأ الجمهور بمي
عزالدين، وهي تتحدث مع طفل ليعتقدوا انه طفلهما، الا ان الكاميرا تقترب من
وجه الطفل ليظهر في النهاية بأنه اللمبي نفسه الذي تحول الى طفل صغير نتيجة
الجرعة الزائدة.
وقال إبراهيم النبيهي (24 عاماً) إن «نهاية الفيلم مبالغ فيها،
ومستفزة ايضاً»، مضيفاً «لم يعجبني من الفيلم الا بدايته، وما عدا ذلك
مبالغة. كما ان المشهد الاخير استفزني وأشعرني بالقرف»، مانحاً الفيلم خمس
درجات.
بدوره، قال ياسين الأحمدي (20 عاماً) عن الفيلم «لم اتوقع النهاية
التي وجدتها لأنها لم تتناسب والاحداث، وهي مأخوذة من فكرة فيلم بينجامين»،
مانحا الفيلم خمس درجات. وقالت سمية داوود (32 عاماً) «لم استطع اكمال
المشهد الاخير، فقد شعرت بالاستفزاز وبنهاية لا تتماشى مع الاحداث»، مانحة
الفيلم ست درجات. ورأى صابر بن علي (28 عاماً) ان «نهاية الفيلم اذتني، لكن
بدايته كانت موفقة، والمشهد الاخير كان بشعاً جداً، الذي يصور وجه اللمبي
على جسم طفل»، مانحا الفيلم خمس درجات.
وفي رأي مغاير، وجد محمد طه (20 عاماً) ان «نهاية الفيلم مضحكة،
وتتماشى مع شخصية اللمبي الذي يفاجئ جمهوره دائماً»، مانحاً الفيلم تسع
درجات.
أبطال العمل
محمد سعد
ولد عام 1968 وكانت بدايته في دور صغير بمسلسل «مازال النيل يجري».
وكانت انطلاقته مع «في الطريق إلى إيلات» عام،1997 لكنه لعب دور البطولة
للمرة الأولى عام 2002 في فيلم «اللمبي»، وهي الشخصية التي قام بأدائها في
اربعة أفلام هي «الناظر»، و«اللمبي» و«اللي بالي بالك» وأخيرا «اللمبي 8
جيجا»، فأصبحت ملازمة له. تمتاز شخصيات أفلامه بالغرابة في النطق وانتمائها
للطبقات الشعبية، وتحصد أفلامه أعلى الإيرادات في شباك التذاكر المصري.
مي عزالدين
من مواليد الاسكندرية في 19 يناير ،1980 اسمها الحقيقي ماهيتاب
عزالدين، وهي ممثلة مصرية، درست علم الاجتماع في جامعة الإسكندرية. قامت
بتمثيل العديد من الأدوار في السينما المصرية والإنتاج التلفزيوني المصري
الحديث. وتمت خطبتها إلى اللاعب محمد زيدان، ولكنهما انفصلا بسبب عدم قبول
زيدان الرجوع إلى مصر.
يوسف فوزي
ولد عام ،1945 وبدأ رحلة الفن، بعد خمس سنوات من طلب زميله السابق في
المدرسة، المخرج أحمد يحيى، منه لأداء احد الأدوار، أثناء دراسته في كلية
التجارة في جامعة القاهرة. وهو الطلب الذي رفضه والده العامل في قسم الصوت
في أستديو مصر. أمه الانجليزية درست التمثيل في معهد «رادا» في لندن.
وعندما عاد من انجلترا، بعد خمس سنوات، رشحه المخرج نيازي مصطفى لأداء أحد
الأدوار في فيلم «المشاغبين في الجيش» لتبدأ مسيرته الفنية. شارك بعدها مع
حسن الصيفي في فيلم «وحوش في الميناء»، قبل أن يقابل المنتج محمد مختار
الذي طلبه للعمل مع زوجته الفنانة نادية الجندي، والمخرج نادر جلال في ستة
أفلام متتالية منها «شبكة الموت»، ثم «عصر القوة»، و«24 ساعة في اسرائيل»
و«مهمة في تل أبيب»، والتي حققت نجاحاً كبيراً.
هوامش
الفيلم تم تغيير اسمه أكثر من مرة، فبدأ بأسماء «منهج»، و«عايش
بالعافية»، و«8 جيجا»، وأخيراً استقر فريق العمل على اسم «اللمبي 8 جيجا».
قام محمد سعد بتسجيل أغنية بعنوان «اللي منك منك» كلمات إسلام خليل
وألحان هاني فاروق وتوزيع أشرف البرنس، بناء على طلب سعد، الذي اختار
المؤلف إسلام لكتابة الأغنية برؤية خاصة تواكب أحداث المشهد الذي يجمع
أبطال الفيلم في عرس شعبي لأحد جيران اللمبي.
شهدت كواليس الفيلم عدداً من المفارقات، بداية من تصويره من دون
معاينة كافية لأماكن التصوير، ما تسبب في إعادة تصوير مشاهد كثيرة لعدم
اقتناع سعد بأماكن تصويرها. كما تسبب تأخر انتهاء سعد من تصوير فيلمه إلى
تعطيل مشروعه الدرامي الذي رشح له المخرج أشرف فايق أيضاً لإخراجه بعنوان
«ألف لمبي ولمبي» وقرر تأجيله الى رمضان المقبل.
أدى انشغال الفنان حسن حسني بالعمل في أكثر من مسلسل، من بينها
«العار» و«اللص والكتاب» إلى تعطيل المشاهد الأخيرة من فيلم «اللمبي 8
جيجا»، التي كان مقرراً تصويرها في إحدى قاعات المحكمة الدستورية، إذ قرر
المخرج أشرف فايق بدء المونتاج لحين البدء في استكمال المشاهد الأخيرة.
الكاتب نادر صلاح الدين
بدأ مشواره الفني بتأليف فيلم «هو في إيه؟» للفنان محمد فؤاد، وبعدها
انطلق ليؤلف أفلاماً لمعظم نجوم الكوميديا مثل أحمد حلمي ومحمد سعد، إلى
جانب إخراجه لعمل مسرحي عام 2009 حمل اسم «براكسا».
حول الفيلم
نفت الفنانة المصرية مي عزالدين ما تردد عن خلافاتها مع الفنان محمد
سعد الذي تشاركه بطولة فيلم «اللمبي 8 جيجا»، مشيرة إلى أن تدخلات سعد لم
تفسد الفيلم، كما نشر في إحدى الصحف.
وأضافت أنها فوجئت بتقارير صحافية تشير إلى خلافات حادة بينها وبين
محمد سعد، «أنا بطبعي لا أحب الدخول في معارك مع الزملاء»، مشيرة إلى أنها
عندما تكون في الاستديو فإنها تُركز على دورها وليس على أي شيء آخر.
واعتبرت سعد «ممثلاً يعرف حدوده، لكنه يتدخل أحياناً في طريقة التصوير،
مثله مثل أي ممثل، كما قد يضيف جملة إلى السيناريو يراها تفيد الأحداث، وهو
ما يمثل إضافة للعمل ولا يفسده».
الإمارات اليوم في
06/12/2010
حكّاء سينمائي ايراني اسمه عبد الوهاب
فجر يعقوب
(
يرجى عدم الازعاج ) للمخرج الايراني محسن عبد
الوهاب ، والفائزة بالجائزة الفضية في مهرجان دمشق السينمائي الأخير( 7 –
13 تشرين
الثاني 2010 ) ، قد لا ينتمي إلى " تحف " كياروستامي ومجيدي ومخملباف ،
كما رأى
فيه بعض المنقبين في كتابات الآخرين عن أصداء هذه الأفلام ، لجهة اعتماده
على
حوارات مطولة ، لاتقترب من البنية التلفزيونية التقليدية التي
تنحو باتجاه تسطيح
لغوي للحالات الانسانية المعمول علبيها في الشاشة الصغيرة . هنا في ( يرجى
عدم
الازعاج ) يجيء الحوار لا ليقلل من قيمة الصورة ، بل ليزيد من قوتها ، فليس
بالضرورة أن تقل الحوارات لنقول إن هذه الأفلام وحدها هي نبع
السينما الخالصة ،
وإلا فإن أفلام مخرج كبير مثل بيدرو آلمودوفار بهذا المعنى لايمكنها أن
تستقيم أو
تقيم معنى خالصا لحالها ، فهي تقوم على حوارات يعرف صاحبها كيف يوظفها ،
ليس بوصفه
"
ثرثارا كبيرا " ، وانما حكّاء سينمائي كبير . هنا الفرق الذي قد
لايدركه مثل
هؤلاء المنقبين في هذه الأفلام بغية تأمين مقالة عن مهرجان هنا ومهرجان
هناك ، وقد
لايدركونه في أفلام أخرى ، لأنهم لايشكلون في السياق النقدي السينمائي حالة
من أي
نوع ، حتى يمكن الاحالة إليهم للاستزادة ، فقراءة في بعض هذه
التنقيبات عن " التحف
"
المشار إليها قد تكشف عن نهج كتابي ولغوي يصلح لأن يمرر فوق كتابات
أخرى ، بنفس
المعنى ، ونفس الايقاع ، ونفس اللغة في مهرجانات أخرى ، من دون أن تتأثر
تلك
العبارات الوهاجة من مثل " تحف ولغة سينمائية خالصة " بخلل النهج الكتابي
المشار
إليه، لأنها تعد سلفا للكتابة عن المهرجانات المختلفة
.
فيلم عبد الوهاب ،
ينتمي إلى نوعية من الأفلام التي لاتهمل الصورة لحساب الحوارات الذكية
واللماحة ،
ولكنه يغوص في اللغة المواربة التي تصل إلى مجموعة أفكار تهم اليوم ايران
المعاصرة .
ايران القائمة على مجموعة من الرؤى
والمفاهيم التي لايمكن استخلاصها إلا من هذه
النوعية من الأفلام ، التي لاينقصها شيء للالتحاق بالتحف ،
ولكنها تحف من نوع آخر
قد لاتسعد بعض هؤلاء المنقبين في كتابات الآخرين أو قد لاتسعفهم بشيء ،
وهذا ليس
هما سينمائيا استثنائيا ، بقدر ماهو ضرورة لقول كلمة انصاف بحق هذ ه
النوعية التي
طالما كانت موجودة ، وهي نوعية تنتمي في جوانب كثيرة منها إلى
السينما الخالصة أيضا
بوصفها أسلوبا مختلفا قائما بذاته
.
ماالذي يقدمه هذا الفيلم الذكي للمشاهد
وقد آثر بنية خاصة به تختلف عن " تحف " كياروستامي ومخملباف
ومجيدي
؟
نحن نقف أمام قصص ثلاث تبدو للوهلة الأولى متفرقة ولارابط دراميا
بينها . ولكن نزول في العمق من قبل المشاهد المتأني يكشف أن هذه القصص
تستولد
نفسها تلقائيا من خلال ذكاء اللعبة الدرامية التي يذهب عبد الوهاب من
خلالها إلى
نهاية اللغة وهي تريد قول أشياء بالغة الدلالة حول صورة ايران
كبلد وملتقى لكل
أولئك الناس الحاضرين في الفيلم بقوة وسلاسة مدهشة.
في الفيلم يقودنا المخرج
الايراني في الحكاية الأولى إلى صراخ من خلف الابواب المغلقة
بين زوج وزوجته ،
ففيما تريد الزوجة الغاضبة أن تذهب لحضور حفل زفاف صديقتها ، يرفض الزوج
ذلك متعللا
بأعذار شتى ، ولكن ضربه لها يكون مبررا لتقرر الذهاب إلى الشرطة وتقديم
شكوى بحقه
.
يفقد الزوج عقله ، لأن صورته كمقدم لبرامج الاستعراض التلفزيونية سوف
تهتز أمام
المعجبين والمعجبات الذين يتعرف بعضهم عليه بسهولة في الطريق إلى قسم
الشرطة .
يحاول الرجل أن يثنيها عن عزمها بمختلف
التوضحيات والتبريرات من أن الرجل كان عبر
تاريخه يقوم بضرب المرأة ، لابل أن جزءا كبيرا من تاريخه يقوم
على ذلك ، ويوافق على
ذهابها إلى حفل صديقتها شريطة ألاتتصور مع أحد ، حتى لايتعرف عليها أحد
بوصفها زوجة
المقدم التلفزيوني المعروف الذي انتقل من الكتابة الصحفية المهتمة بشؤون
الناس إلى
هوس التلفزيون والمجد والشهرة والمال . في قسم الشرطة وفيما هو ينتظر
انتهاء زوجته
من التقدم بشكواها يتعرف عليه الحارس ويقول له إن مشاهير كثر
يأتون إلى هنا في تهم
مشابهة وإن عليه ليكسب رضاها أن يشتري لها ثوبا فاخرا
.
يتنكر المقدم التلفزيوني ويرفض الاعتراف بهويته
المفضوحة على الملأ ، ولكن الحارس يصر على " تبجحه " مايغضبه
وهو الذي يجد نفسه
بالفعل قد تحول إلى ببغاء تلفزيوني كما تصفه زوجته ، بعد أن
تحول بمحض ارادته عن
الاهتمام بقضايا الناس البسطاء . السيارة التي تقلهما معا تكون السبب
الدرامي في
الانتقال إلى الحكاية الثانية حين تكاد تصدم سيارة أجرة تقل رجل دين معمم
من
الأشراف كما سنعرف لاحقا ، فيصر السائق على مطاردتهما وسط
توسلات رجل الدين
بألايفعل ذلك ويتركهما لشأنهما ، ولكن هذه التوسلات تذهب أدراج الرياح أمام
اصرار
السائق الغاضب ، ومع طلب رجل الدين النزول تكون الكارثة باكتشاف ثقب في
أسفل حقيبته
أدى إلى ضياع ماله وليس لديه مايدفعه للسائق، ولكن اتصالا
هاتفيا من لص غير مرئي
يؤكد له إن موجودات حقيبته معه ، وأن عليه ليستلمها أن يقوم بتقديم موعظة
هاتفية
لأمه المريضة . رجل الدين الذي يعمل كاتب بالعدل في الأساس يكاد يجن لأن
وثائق مهمة
تعود لعمله فقدها من الحقيبة أيضا ، وهو ماسيؤثر عليه وعلى
زبائنه وبعضهم على عجلة
من أمره مثل المرأة المتقدمة في السن التي تبحث في الزواج من شاب يصغرها
بكثير عن
مستقبل مشكوك فيه ، مايجعل رجل الدين يرفض تزويجهما بحجة أنه يبحث في
زواجه منها
عن مالها ، وأمام اصرارها وعنادها يطلب إليها الذهاب إلى كاتب آخر ، ولكنها
تزيد في
عنادها بقولها إنه من الأشراف ولن تقبل بغيره . يكشف الحوار الذكي عن قدرة
المخرج
عبد الوهاب ، وهو كاتب السيناريو أيضا على التلاعب بمصائر
أبطاله ، وبخاصة أن هذا
الكاتب بالعدل يخضع هو بدوره لتلاعب من قبل لص متوار وراء المعنى المجازي
للعبة
كلها ، فمايريده هذا الأخير لايتعدى " تلفيق " موعظة دينية لأمه المريضة
مقابل تسليمه المال المسروق والوثائق المهمة التي يفتقدها الآن أكثر من أي
وقت مضى ،
فالرجل عالق في مكيدة واقعية ، لاتتناسب مع مكانته الاجتماعية ، ولكن
المجاز أقوى
منه ، اذ يجد نفسه رهينة بيد اللص ، الذي يريد القول بالتواري
، إن النفخ في قربته
لايساوي شيئا عمليا ، فكيف اذا لم يكن بوسعه دفع أجرة سيارة التاكسي وانجاز
عمله
المفترض أن يقوم بتأكيد موعظة هاتفية في شؤون الدنيا والدين ، وهي اللحظات
التي
يستسلم فيها على أدراج مكتبه ، مايدفع إلى الانتقال إلى القصة
الثالثة في الفيلم ،
حين تظهر امرأة عجوز أمامه وهو في حال يرثى لها وتسأله عن جاره . رجل
الدين ،
الكاتب بالعدل ليس لديه مايضيفه ، فاللص نال منه تماما ، وأصبح هو واقعا في
المجاز
أكثر مما هو واقف في مرمى المراة العجوز التي تقودنا نحو قصة
رمزية ، تسهم برسم
صورة أكثر وضوحا لواقع ايران المعاصر ، فالمرأة العجوز تقطن في بيت مع
زوجها في
بناية مهجورة ، وهي تعد العدة لمشاهدة مسلسل تلفزيوني محبب لها ولزوجها
العجوز ،
ولكن التلفزيون معطل ، وهما بحاجة إلى تقني لاصلاحه ، يمنعانه
– للمفارقة - من
الدخول تخوفا منه ، فقد نهش الخوف قلبيهما في هذه الصورة المرسومة بدقة ،
ويدور
بينهم حوارا عميقا وعبثيا في آن يكشف عما هو مخبوء في صدور الثلاث ، وكأن
حال
الزوجين المسنين قد توقف هنا عند خوف غامض لامستقر له قد
لايليق بهما ، وقد تقدم
بهما العمر ، ولم يعد لديهما ما يخفيانه أو يلوذان به ، من شر الواقع
المحيط بهما
، ولكن المخرج عبد الوهاب لايريد أن يخرج صفر اليدين من القوس المكمل
للحكاية في
فيلمه ، فيقدم لنا تقني التلفزيون الشاب في وضعية مفاجئة حين يكشف لنا عن
حمله
طفلته الرضيعة معه في تنقله ، فهو لا يملك مكانا يتركها فيه أثناء عمله بعد
طلاقه
من زوجته ، وعندما تجوع الطفلة يرق لها قلب العجوز ، فتدخله
وتطعمها وسط احتجاج
الزوج الذي يبدو أنه يعيش في عالم ساكن لايتغير من حوله ، أو هكذا يبدو له
هو على
الأقل ، حين يقوم بتناول مسدس صدئ معلق على الحائط ، يعود لوالده ،ويهدده
به ، ولكن
المسدس معطل ، والشاب أصبح الآن في الداخل ، أي أنه أصبح واقعا
في عرينهما ، وقد
انكشف أمامه ، ولكنه لايريد منهما سوى أجره ، ولحظة يستسلم فيها للرجاء
بأمل مفقود
، ربما يعبر عنها بترك طفلته عندهما ، ويختفي من المشهد نهائيا بعد نواله
أجرته .
(
يرجى عدم ازعاج ) المنقبين في تحف كياروستامي ومخملباف ومجيدي
، وهذا أمر
مهم يكاد ينطبق عليه وحده ، فهو فيلم يقوم على بنية مختلفة . بنية ذكية
لها قوام
درامي مختلف قد لايعجب كل أولئك الواقفين على عتبات الصورة المختلفة ، وهم
يبحثون
عن ادعاءات يلوذون بها ، وقد يعجب من يجد نفسه مشدودا إلى
حوارات ذكية تصلح لصناعة
فيلم مهم ، وبطريقة لا تشبه أفلام الآخرين أيضا
.
الجزيرة الوثائقية في
06/12/2010
أنيس صايغ والذاكرة المنسية
ناصر ونوس
ضمن السلسلة الوثائقية "بصمات" بثت قناة الجزيرة
الوثائقية فيلماً بعنوان "أنيس الصايغ _ ذاكرة منسية" سيناريو وإخراج إيمان
خضر،
وهو عن المفكر الفلسطيني الراحل الدكتور أنيس صايغ (1931 – 2009)، وكان من
حسن الحظ
أن الفيلم أنجز قبل وفاته بقليل كما يبدو. وهو فيلم، من حيث
النوع، أقرب إلى فيلم
السيرة الممزوجة برصد مواقف الرجل تجاه القضية الفلسطينية في مختلف مراحلها
بوصفه
واحداً من المفكرين المناضلين الذين كرسوا حياتهم لخدمتها.
يبدأ الفيلم بلقطة
لنص اتفاقية أوسلو التي رفضها المفكر الراحل جملة وتفصيلاً، ووضع كتاباً
عنها
بعنوان "13 أيلول"، وخاض المعارك الثقافية والفكرية ضدها وضد "كل دعاة
الهزيمة
والاستسلام" من خلال إقامة تجمع للمثقفين الفلسطينيين المقيمين في لبنان
والمستقلين
عن المنظمات الفلسطينية والمؤمنين بقضية فلسطين. بعدها وعبر تقنية الفلاش
باك تعود
المخرجة لسرد سيرة حياة المفكر الفلسطيني بدءاً من ولادته في
بلدة طبرية عام 1931
والتي عاش فيها حتى سن السابعة عشر.
وكانت تلك السنوات أجمل سنوات حياته كما
يقول. بعدها وعلى إثر نكبة 1948 يهاجر الفتى مع عائلته إلى
مدينة صيدا في جنوبي
لبنان. وهناك، ورغم الفقر المدقع، يتفوق الأبناء السبعة في دراستهم لدرجة
تثير
الإعجاب، كما يعبر رياض نجيب الريس، أحد أصدقاء وزملاء أنيس صايغ.
يتحدث أنيس
صايغ عن دراسته في الجامعة الأمريكية وكيف بدأ وهو مازال طالباً، بكتابة
المقالات
ونشرها في جريدة الحياة عندما كان كامل مروة يرأس تحريرها. بعدها يسافر إلى
بريطانيا للحصول على شهادة الدكتوراه في جامعة كامبريدج. وكان
ذلك في عام 1957 حيث
الفترة هي فترة "التحولات الكبرى في السياسة العربية والتاريخ العربي" (حرب
السويس،
ثورة العراق، الوحدة السورية المصرية، تطور القضية الفلسطينية...) وهنا كان
لأنيس
صايغ وزملائه نشاطهم الثقافي والسياسي. بعدها يعود إلى بيروت ليواصل نشاطه
من خلال
مركز الدراسات الفلسطينية الذي أسسه أخوه فائز وترأسه أنيس من بعده.
وقد لعب هذا المركز دوراً كبيراً في التعريف
بالقضية الفلسطينية ومواجهة الممارسات والسياسات الإسرائيلية.
وما القصف الإسرائيلي
الذي استهدف المركز لمرات ثلاث واستشهاد عشرة باحثين من أعضاءه إلا دليل
على أهميته
وخطورته على إسرائيل، بل إن رئيسه الدكتور أنيس صايغ تعرض لمحاولة اغتيال
عندما
انفجرت رسالة ملغومة كانت موجهة إليه أثناء فتحها، مما أدى
لأصابته بأضرار في يديه
وعينيه وأذنه. إن الاستهداف الإسرائيلي للمركز وصل إلى ذروته عام 1982 خلال
اجتياح
بيروت، حيث قام جيش الاحتلال بنهب محتويات المركز من كتب ووثائق وخرائط
وصور نادرة
لا تقدر بثمن. وهنا بدأت مساعي أنيس صايغ وبعض باحثي المركز
(د. خيرية قاسمية) لدى
عدد من المنظمات الدولية، لإعادة ما نهبه جيش الاحتلال. وقد أفلحت هذه
المساعي
والجهود في نهاية المطاف بإرغام إسرائيل على إعادة محتويات المركز. لكن ما
الذي
حدث؟ هنا يكشف أنيس صايغ عن أحد فصول الإهمال والعبث الذي كان
يسم ممارسات منظمة
التحرير الفلسطينية ممثلة برئيسها ياسر عرفات. فقد اتصلت إحدى الجهات
بالرئيس عرفات
مبلغة إياه باستلام شحنة محتويات المركز من ميناء أسدود الإسرائيلي. لكن
عرفات أهمل
الموضوع. (هكذا ببساطة)، وهنا تتوقف الصورة على أنيس صايغ عند
انتهاءه من حكاية هذه
الحادثة كي تثير لدى المشاهد كل علامات التعجب والاستفهام والاستنكار....
لقد أضاع
عرفات ثمرة الجهود التي بذلها أنيس صايغ وزملاؤه الباحثون مع منظمة
اليونيسكو
والصليب الأحمر الدولي طوال ثمانية عشر عاماً.
ينتقل الفيلم لتناول موضوع آخر
هو الموسوعة الفلسطينية. ليكشف أنيس صايغ عن فصل آخر من فصول
الإهمال. فالموسوعة
التي أشرف عليها الدكتور صايغ هي ثمرة جهد عربي وفلسطيني، وعمل فيها نحو
مئتين
وأربعين باحثاً من مختلف أنحاء الوطن العربي، واستغرق العمل في قسمها الأول
نحو سبع
سنوات، بينما استغرق القسم الثاني نحو خمس سنوات، وهنا يقول
أنيس صايغ إنه عندما
صدر القسم الثاني عام 1990 أخذ الموسوعة وذهب بها إلى تونس ليقدمها للرئيس
عرفات
وفق ما تعهد به له. انتظر الدكتور صايغ في مكتب عرفات لأكثر من ساعة، عندها
حان
موعد إقلاع الطائرة التي سيعود فيها إلى بيروت، فقال لمدير
مكتب عرفات إن الموسوعة
في التاكسي ولن يحضرها له وكتب له كلمة يقول فيها: "يبدو أن وقتك لم يسمح
لك
باستقبالي رغم أن هناك موعداً بيننا، وبالتالي لا أعتقد أن وقتك سيسمح لك
بقراءة
الموسوعة". ثم يكشف كل من طلال ناجي، والدكتورة خيرية القاسمية،
أن عرفات شن حملة
ضد الدكتور أنيس صايغ بهدف وضع يده على الموسوعة الفلسطينية كونها كانت
هيئة مستقلة
ومشروعاً ناجحاً. وما كان من أنيس صايغ إلا أن يستقيل من رئاسة المركز.
وهنا يقول
عن عرفات إنه "عندما حاول أن يستولي على مركز الأبحاث وفشل،
وحاول أن يستولي على
الموسوعة وانتهت الموسوعة، كان قد استولى على مركز التخطيط، وكان قد استولى
على كل
مجلات منظمة التحرير الفلسطينية، وكل مؤسسات دائرة الثقافة في منظمة
التحرير
الفلسطينية، وكل مؤسسات دائرة التربية في منظمة التحرير
الفلسطيني، وإلى جانب ذلك
كان قد استولى على الصندوق القومي الفلسطيني، واستولى على جيش التحرير
الفلسطيني".
ومع كلمات أنيس صايغ هذه المحملة بالأسى ينتهي الفيلم.
لقد لجأت المخرجة إلى مختلف تقنيات بناء الفيلم
الوثائقي من سرد لسيرة الرجل، ومقابلات معه ومع أصدقائه
وزملائه، إلى الصور
الأرشيفية، ومنها صور بالأبيض والأسود لبلدة طبرية، وللجامعة الأمريكية في
بيروت
التي درس فيها، ومن ثم جامعة كامبريدج حيث تابع دراساته العليا ونال درجة
الدكتوراه، وصور لكتبه التي ألفها أو ترجمها، ولمركز الدراسات
الفلسطينية الذي نهب
جيش الاحتلال الإسرائيلي محتوياته من كتب وخرائط ووثائق، ومن ثم أحرقه
أثناء
اجتياحه لبيروت عام 1982.
هكذا كان فيلم "أنيس صايغ- ذاكرة منسية"، فيلم وثائقي
يؤرخ لأحد أهم المفكرين المناضلين في تاريخ القضية الفلسطينية. مفكر نذر
حياته كلها
لخدمة هذه القضية
.
الجزيرة الوثائقية في
07/12/2010 |