تقول الأمثال الشائعة «إن من يحب كثيرا.. يحاسب كثيرا».. وهذا المثال ألح
علي بقوة وأنا أشاهد فيلم أحمد حلمي الأخير «بلبل حيران» الذي أخرجه له
كالمعتاد مخرجه المفضل خالد مرعي.
كوميديان موهوب
اعترف أنني كنت من أول المعجبين بهذا الكوميديان الموهوب منذ أن رأيته
ممثلا مساعدا في كثير من الأفلام المصرية.. إلي جانب نجوم كبار آنذاك.. وقف
معهم رغم صغر أدواره وقفة الند.. بل إنه كان حسب رأيي يسرق منهم أحيانا
الأضواء كلها.. إلي أن جاءته الفرصة ليستأثر بالبطولة المطلقة لوحده..
والتي
أثبت أنه جدير حقا بها.. ولمع اسم أحمد حلمي
كواحد من أهم شباب الكوميديا في
مصر.. ذكاء وحضور ودقة في
اختيار أدواره التي
كانت تسير في
خط تصاعدي..
يشتد بين فيلم وآخر
إلي
أن وصل إلي
نقطة اعتقدنا فيها أنه لا صعود بعدها ولكن أحمد
حلمي
أثبت العكس.. واستطاع أن يخرج بالكوميديا المصرية إلي آفاق جديدة لم نعتدها
من قبل اختلط فيها البعد النفسي العميق مع التحليل الاجتماعي الثاقب.. دون
أن تفقد ميزاتها الكوميدية الأساسية، ولم يعد غريبا علينا أن نري حلمي بعد
ذلك محورا أساسيا لكل أفلامه.. لدرجة الاستغناء عن بطلة نسائية تقف أمامه..
مكتفيا بحضوره وكثافة تواجده.. كما مثل في فيلمه قبل الأخير.. الذي بدأ
يعطي «إشارات إنذار» مبكرة.. رفض إعجابنا العميق بحلمي وثقة بذكائه وبعد
نظره أن يصدقها.. ولكن مع الأسف تعاظمت هذه الشارات حتي أصبحت خطرا
حقيقيا.. يهدد كيان هذا الممثل
الكبير الذي
عقدنا حوله آمالا
عظمي
من أجل تطوير الكوميديا السينمائية المصرية التي
انحدرت في
الآونة الأخيرة إلي
هوة دون
قرار.
نرجسية
واضحة
بلبل حيران.. الذي
جمع فيه أحمد حلمي
كل «السيئات»
التي
حاول تجنبها بنجاح في
أفلامه ما قبل الأخير والتركيز علي شخصية.. وشخصية .. النرجسية
الواضحة في الأداء وفي التعبير وفي طريقة تناول الشخصية، الاعتماد علي «الإفيهات»
التي تتوالي وتتكرر.. وتزداد وتتعاظم دون
أن يعبأ بأي خيط درامي متماسك أو منطقية درامية مقنعة «الاستظراف» في مواقف
لا يحسن فيها الاستظراف.. وغمزات العين المستمرة لجمهور يتوقع منه أن يضحكه
بأفيه أو حركة.. أو رد فعل.
كاد المرء لا يصدق وهو يري «بلبل حيران» أن من يراه علي الشاشة بتسريحته
التي يقلد فيها تسريحة «جروشو ماركس» وصدره المكشوف.. وتعبيراته الصارخة..
والإفيهات التي يلقيها «عمال علي بطال» بضرورة أو بلا ضرورة.. هو هذا
الممثل العملاق
الذي
رأيناه في «كده رضا» وكاد
يبكينا تأثرا.. رغم
البسمة المرسومة علي
وجوهنا.. وهذا الكوميديان الماهر الذي
عرف كيف
يعزف علي
أوتار ثلاثة مختلفة
في
«آسف
علي
الإزعاج» أو هذه الكوميديا المتقنة المتماسكة في
جذورها وفي
فروعها «ألف مبروك» لقد ذهب ذلك كله بجرة قلم واحدة.. وبإفيه طويل لا ينتهي
أطلق عليه اسم «بلبل حيران».
كدمات وكسور
الفيلم يبدأ في مستشفي.. ونبيل «بلبل» موثق في فراشه.. تثمن بالجراح
والكدمات والكسور تعتني به ممرضة شابة.. ومنذ الحوار الأول وقبل أن نتبين
الخيط الأبيض من الخيط الأسود.. يغرقنا «بلبل» بمجموعة من الإفيهات التي
ستهيئنا بقول المزيد منها حتي التخمة.. وحتي نهاية الفيلم.
السيناريو مبني علي حديث طويل بين المريض الذي تكسرت عظامه وبين الممرضة
التي ترعاه يروي فيه «مأساة» ونراها نحن من خلال فلاش باك.. يروي فيه
علاقاته مع النساء.. وموقفه من الحب
والحياة.. فهو شاب ملهم.. تقع النساء كلها
في
حبه.. بمجرد الحوار معه وسماع «الدرر» التي
تتقافز علي
لسانه «يسقط»
إحدي
العاملات معه في
الاستوديو بعد أن «يسرق» هاتفها المحمول الذي
نسيته.. ويحاول «ابتزازها» بواسطته لإقامة علاقة معها.. مهددا إياها.. ببث
صورها بالمايوه الأحمر «!!» وعندما تقع الفتاة في هواه.. يناورها قليلا قبل
أن يوافق علي أن يطلبها من أبيها الثري.. ولكن يكتشف أن لها شخصيتها
المميزة التي تسيطر علي شخصيته.. فيحاول التخلص منها بأن يشرح لها مزايا
الانفصال وأن فسخ الخطوبة يلائم الفتاة أكثر من الطلاق، لأن «المفسوخة»
وهذا هو تعبيره.. فرصها الحياتية أكبر من المطلقة.
مساوئ الطلاق
وينفصل عنها.. ليقع في حب فتاة متمرنة عنده.. هي علي النقيض تماما من
الأولي.. مطيعة لينة لا تعتمد علي نفسها قدر اعتمادها عليه.. لذلك لا يحس
أيضا بالأمان معها
ويحاول
تلقينها الدرس «إياه» ممن عاش الانفصال ومساوئ الطلاق.
وعندما
يصاب بحادثة تفقده الذاكرة لفترة
يعود إلي
خطيبته الأولي..
دون أن
يترك خطيبته
الثانية.. وتكتشف الفتاتان «اللعبة»
فتقرران الثأر
منه.
لا أعرف حتي
كيف ألخص
سيناريوهات لا تعتمد
علي
الحكية والحدث قدر ما تعتمد علي «الإفيه» وقدرة الكوميديان علي التهريج
والعبث والاعتماد علي «الكيمياء» التي حياه الله بها لجذب المتفرجين إلي
عالمه.
المهم أن الفتاتين تلعبان اللعبة.. التي تؤدي به إلي القفز من الطائرة دون
مظلة.. والذهاب مكسور العظام إلي المستشفي حيث تبدأ أواصر صلة جديدة مع
الممرضة التي تعاني مثله الحيرة من رجلين يتجاذبانها.. وينتهي الأمر كما
بدأ.. بحيرة بلبل التي لا تنتهي.
مواقف تثير العجب
لا أريد أن أعدد المواقف التي امتلأ بها الفيلم.. والتي تثير العجب لا
لغرابتها ولكن لقبول ممثل ذكي ولماح كأحمد حلمي بها..
كمشهد الفأر الذي
يتسلل إلي
الجبس الذي
وضعته علي
ساق أحمد
حلمي «نعم.. فأر في
مستشفي..
ويدخل إلي
جبس المريض» ثم السؤال عن جنس الفأر هل هو ذكر أم أنثي..
والإفيه الفاضح الذي
يتبع السؤال.. أو مشهد الطائرة والقفز بالباراشوت المغلق والذي
لا
يرينا بأي
منطق قابل
للتصديق، ربما كان هناك «إفيه» واحد بين كل هذه الإفيهات التي امتلأ بها
الفيلم والتي أطلق عليها تجاوزا اسم «سيناريو» هو إفيه الشقة الغارقة
بالماء والذي يعود نجاحه إلي مصمم الديكور أكثر مما يعود إلي الكاتب أو إلي
المخرج.
وبمناسبة الديكور لابد أيضا من الإشارة بديكور المكتب.. وأدراجه العلوية
البيضاء والذي يدل علي ذوق مرهف.. لم تستطع أحداث القصة ولا التفافاتها أن
تكون جديرة به.
لا أريد أن أعدد الإفيهات التي كانت تثير الضحك بالصالة.. كإفيه السمكة
العملاقة التي اصطادها والد الخطيبة والتي أسقطها بلبل بالماء أو إفيهات
«تبادل البطلتين» أدوارهما لكي
تثير الربكة والجنون
في
نفس «بلبل» وهي
إفيهات مزيفة سبق أن رأيناها في
بعض أفلام
إسماعيل
يس وبعض أفلام «أبوت
و كوستللو» القديمة.. ولكن كل هذا أشبه ما
يكون بفقاعات الماء العابرة.. التي
لا تعبر عن موجة حقيقية.. أو تيار
يسترعي
الانتباه.
خيبة أمل
لقد استطاع أحمد حلمي بموهبته أن يثير الضحك والتأسي معا.. وهذا ما جعله
يتميز علي جميع أقرانه الذين ظهروا معه.. بل ويتخطاهم بمسافات طويلة.. فما
الذي أصابه فجأة.. وجعله ينكفي علي عقبيه ويركز علي الإضحاك فقط.. ضاربا
بالتأمل والفكر الكوميدي السليم عرض الحائط؟!
خيبة الأمل الكبيرة التي واجهتنا في هذا البلبل الحيران ليس كونه فيلما خلا
من سيناريو جيد ومن حيكة منطقية معقولة.. ولكن كونه فيلما لأحمد حلمي
بالذات.
فقد يكون بلبل حيران فيلما ناجحا لو كان لممثل كوميدي آخر من كوميديي هذا
الزمن.. ولكن أن يعصف بآمالنا هذا الشاب الذي
وضع ثقل
الفيلم الكوميدي
المصري
علي
كاهله وحده.. أمر فاجع.
سطحية السيناريو
لقد أفسح حلمي
المجال هذه المرة لثلاث ممثلات شابات أن
يظهرن أمامه.. وأن
يترك لهن هامشا وكأنه
يعوض بذلك عن
استغنائه عن البطولة النسوية في
فيلمه السابق.
والحق أن كلاً من الممثلات الثلاث.. حاولن جاهدات أن يرسمن صورة مقنعة
لشخصيتهن.. ولكن سطحية
السيناريو.. وعدم وجود مواقف حقيقية تعطي لأدوارهن اللحم والدم والعصب..
جعل مجهودهن يذهب هباء، وهذه إيمي سمير غانم رغم قلة تجاربها السينمائية
استطاعت أن تترك أثرا وأن
ترسم خطا واضحا لشخصيتها بطريقة أدائها.. لا بواسطة الكتابة السليمة لدورها.
أما أحمد حلمي الممثل الذي أحببناه.. ووقفنا إلي جانبه معجبين مصفقين
وعقدنا حوله الآمال كلها فقد سقط مع بلبله من طائرة الكوميديا العملاقة إلي
الفضاء الواسع دون مظلة واقية.
فهل يا تري.. أدي هذا المشهد في فيلمه هذا وهو يدرك تماما قيمته الرمزية
وترك للمتفرج الذكي مهمة تفسيره؟!!
جريدة القاهرة في
30/11/2010
كارلوس ابن آوي.. فيلم مثير للجدل
عن أشهر فنزويلي في صفوف الثورة الفلسطينية
بقلم : عادل الجوجري
مرة أخري وليست أخيرة تثير السيرة الذاتية التي تتناولها الأعمال الفنية
جدلا مثيرا ليس في بلاد العرب وحدها وإنما أيضا في أوروبا وأمريكا ، ووصل
الأمر إلي دخول الدراما إلي المحاكم بعد أن قرر ليش راميريز سانشير،
الشهير باسم كارلوس مواصلة رحلة التقاضي ضد منتج ومخرج فيلم كارلوس - ابن
آوي" والمعروض حاليا في دور السينما الألمانية ،ويصور حياة كارلوس أو
"الرجل الثعلب " الذي اختلف الناس من حوله فثمة من يعتبره بطلا أمميا ناضل
في صفوف الثورة الفلسطينية قبل أن تتشتت الثورة نفسها
بين فصائل وأجنحة متصارعة وثمة من
يراه إرهابيا أو بندقية للإيجار أمضي
حياته في
السبعينات
والثمانينات من القرن الماضي
متنقلا بين عواصم عربية
وأجنبية هربا من العدالة، وصوّر الفيلم في
نسختين،
إحداهما تليفزيونية مدتها خمس ساعات ونصف الساعة عرضت في مهرجان كان الأخير
خارج المسابقة الرسمية. أما النسخة السينمائية وتبلغ مدتها ساعتين و39
دقيقة.فقد عرضت في مهرجان أبو ظبي الأخير.
وقد أثار الفيلم موجة من ردود الأفعال حين عرض في أكثر من مهرجان هذا العام
سواء في مهرجان كان أو بيروت أو ابوظبي ، وحين عرض الفيلم في «أيام بيروت
السينمائية» قبل شهور اعتصم المئات، بينهم أحمد جابر «أبو الفدا» رفيق
كارلوس وأنيس النقاش، مطالبين بوقف عرض الفيلم باعتباره «إساءة إلي التاريخ
النضالي للمنطقة»، فاستاء الفنان أحمد قعبور وهو من المشاركين في الفيلم،
وخرج
إلي
منصة المسرح مخاطبا المعتصمين
والجمهور قائلا: «من الأفضل أن تعتصموا ضد
الأنظمة العربية التي
سلمت كارلوس»، فرد عليه الجمهور: «نعم
سنعتصم، وسننشد أغنية (أناديكم وأشد علي
أياديكم)، وقد تسربت
نسخة من الفيلم-ربما عمدا- إلي
بعض المواقع
الاليكترونية كما
نشرت مواقع بعض الصحف اللبنانية علي الانترنت مقاطع من الفيلم
تظهر- ما اعتبره فلسطينيون - تحاملا من صانعي الفيلم علي القضية
الفلسطينية بشكل عام وضد كارلوس بشكل خاص.
واعترف كارلوس (61 عاما) بأنه لم ير سوي مقاطع من الفيلم بثت عبر بعض
القنوات التليفزيونية،ومع ذلك رأي أن الفيلم "يزور التاريخ" ويتضمن مشاهد
"سخيفة"،واستشهد بواقعة محددة هي عملية احتجاز وزراء البترول في منظمة
«أوبك» في فيينا عام 1975، وكان كارلوس قد أكد أن الشهادة المنسوبة إلي
رفيقه اللبناني أنيس النقاش في الفيلم (يؤدي شخصيته الممثل اللبناني رودني
حداد) حول أن من أوعز بتنفيذ تلك العملية
المشهورة هو رئيس النظام العراقي
السابق صدام
حسين هي
«شهادة باطلة ومزورة»؛ وأشار كارلوس إلي
أن تلك
العملية كانت بإيعاز وتمويل مباشر من زعيم عربي
آخر.
وشكك نقاد فلسطينيون في
نىّة مُنتج
الفيلم دانييل
لوكونت، وهو موال لمنهج المحافظين الجدد
وله ارتباطات مع مؤسسات إعلامية إسرائيلية تنشط في الإساءة للعرب في برامج
وثائقية وأفلام، مايعني أن الدوافع كانت واضحة: الإساءة ليست فقط إلي
كارلوس ووديع حدّاد، وإنما الإساءة إلي القضية الفلسطينية ومحاولة تشويه
القيادات غير الفلسطينية التي ساهمت في دعم النضال الفلسطيني ونري في
الفيلم رغبة واضحة في الإساءة إلي من جند أو عرف كارلوس بالثورة الفلسطينية
وهو محمّد بودية (أبو ضياء) الذي صور الفيلم واقعة اغتياله في فرنسا علي يد
الموساد، لكن سبق ذلك تصويره وهو غارق في مشهد جنسي مع امرأة فرنسية وكأن
المخرج أراد أن
يصور الفدائي
العربي
في
صورة التناقض مع سلوكه الثوري
،ولم
يذكر الفيلم أنّ بودىّة
الذي
كان ناشطا في
جبهة التحرير الجزائرية
هو الذي
عرّف «كارلوس»
علي
القضىّة الفلسطينىّة في
جامعة
باتريس لومومبا في
موسكو،ولم
يتطرق إلي
الأسباب التي
دفعت الموساد
إلي اغتياله فبدا الأمر لغزا يضاف إلي مسلسل ألغاز حفل بها
الفيلم أو رغبة عارمة في إثبات أن الثورة الفلسطينية ضمت إليها مرتزقة
وقاطعي طريق وأراد الفيلم أن يبرهن أيضا أن العرب هم وراء كل عملية عنف تقع
في العالم مثل مشهد إطلاق الرصاص علي المرأة الفرنسية الحامل في بيروت،
ومشهد الاعتداء علي صاحب محال «ماركس أند سبنسر» الصهيونية في لندن، وهو
احد اشهر ممولي بناء المستوطنات ،ولم يتطرق الفيلم إلي عمليات الاعتداء
الصهيونية علي الفلسطينيين بما فيهم بسام أبو شريف الذي ظهر وجهه في الفيلم
مليئا بالجروح التي لم يفسرها
الفيلم
باعتبارها نتيجة الشظايا التي
أصابت وجهه جراء طرد إسرائيلي
ملغم انفجر في
وجهه عندما كان في
بيروت، وقد حفل الفيلم بوقائع
عديدة اعترض عليها كارلوس ورفاقه واعتبروها تزويرا متعمدا لتاريخ ثورة
وحركة
تحرر وطني.
قصة إرهابي
لاقصة
ثورة
ورد صانعو الفيلم بنفي
كل الاتهامات المنسوبة إليهم ،وقال مخرج الفيلم الفرنسي أوليفييه أساياس إن
فيلمه لايتعرض للثورة الفلسطينية فهذا موضوع كبير ومتشعب ولا يقدر فيلم
واحد علي تناوله لكن فيلم "كارلوس- ابن آوي" يعرض قصة صعود وسقوط واحد
من أكثر الإرهابيين المطلوبين من القرن
الماضي والذي نفذ عددا من العمليات الإرهابية في شتي أنحاء العالم. ويقول
أساياس إن الأحداث تتناول مرحلة شباب كارلوس وحتي وصوله إلي عمر 45 عاما،
حيث غاب بعدها عن الأنظار ليظهر في نهاية الأمر بعد أن تم القبض عليه في
السودان عام 1994 علي أيدي عناصر من الاستخبارات الفرنسية.
وذكرت مجلة (لوبوان) الفرنسية أن كارلوس أكد أنه لن
يستقر
له بال حتي
يمنع عرض الفيلم جماهيريا وقد رفع قضية
مستعجلة لمنع عرض الفيلم غير أن القضاء
المستعجل رفض طلبه. ولم
ييأس ولجأ للقضاء من جديد لكن
هذه المرة للمحكمة العليا بباريس، ويقضي
كارلوس في
سجن
بواسي
(غرب باريس) عقوبة بالسجن مدي الحياة صدرت في حقه عام 1997 بعد
إدانته بتهمة قتل شرطيين ومخبر للشرطة العام 1975 في باريس.
وكان مصدر قضائي فرنسي قد أفاد في سبتمبر الماضي أن كارلوس سيحاكم من
16 من مايو حتي الأول من يوليو 2011 في باريس بتهمة التورط المحتمل في
أربعة اعتداءات ارتكبت في فرنسا خلال عامي 1982 و1983 وأدت إلي مقتل 11
شخصا، بالإضافة إلي تهم في إطار اعتداءات أخري منسوبة إليه مثل الاعتداء
علي قطار باريس-تولوز "لو كابيتول". من هو كارلوس؟
هو إلييتش راميريز سانشيز المشهور بـكارلوس من مواليد 12 أكتوبر 1949، فنزويلي
الأصل من عائلة معروفة بثرائها. سافر إلي
لندن لدراسة اللغة
الإنجليزية
وأصولها، وبدل تعلم الإنجليزية أجاد التحدث بسبع لغات (الإسبانية،
الفرنسية، والإنجليزية، العربية، الإيطالية، الروسية الأرمينية) ومن ثم
انتقل
للدراسة في
موسكو، أثناء دراسته في
جامعة باتريس لومومبا في موسكو، تعرف علي (بو
ضيا) الشاب الثوري الجزائري الذي انخرط في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير
فلسطين، انخرط كارلوس في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- العمليات الخارجية،
وقد أشرف علي تدريبه- الدكتور جورج حبش والدكتور وديع حداد، وتلقي تدريبات
عدة قبل انخراطه في الجبهة في فنزويلا وكوبا، وبعد انضمامه للجبهة تدرب في
مخيمات الأردن، وقاتل مع الفصائل الفلسطينية آنذاك في حرب الفدائيين في
الأردن، ومن ثم انتقل إلي مخيمات الجبهة في لبنان.
تميز بذكائه وقدرته علي التخطيط والتخفي وتغيير ملامحه. انتقل للعمل
في
أوروبا ضد الأهداف الصهيونية والمنظمات الداعمة لها
لنصرة القضية الفلسطينية ولإيمانه العميق في
هذه القضية، وأدخل أسلوباً جديداً وعناصر
جديدة علي
الثورة
الفلسطينية
في
العمليات اضافة الي
اشراك مجموعات
ثورية بالنضال والتي
تضم عناصر من
الجيش الأحمر الياباني،
ومنظمة بادرماينهوف الألمانية، وجيش تحرير
الشعب التركي، والألوية الحمراء، والخلايا الثورية، ومنظمة العمل المباشر
الفرنسية، بالإضافة إلي أعضاء من الجيش الجمهوري الإيرلندي، ومنظمة إيتا
لتحرير الباسك.
في ميونيخ بألمانيا خطط لاغتيال 11 لاعباً إسرائيلياً في الدورة الأولمبية
المقامة هناك في عام 1972 وكان عمره 23 سنة فقط، وفي فيينا بالنمسا خطط
وشارك لعملية الهجوم علي مقر اجتماع الأوبك لوزراء البترول عام 1975؛ حيث
أذاع بيان (درع الثورة العربية) وهي من أغرب العمليات وأدقها وأكثرها مدعاة
للدهشة وعدم التصديق!
استولي كارلوس علي
السفارة الفرنسية في
"لاهاي"
بهولندا، مقر محكمة العدل الدولية، واختطف طائرة
فرنسية إلي
مطار "عنتيبي"
بأوغندا في
عام 1976، فقد كان علي
الطائرة شخصيات وسياح إسرائيليون، كما قام
باستهداف طائرة العال الإسرائيلية في
فرنسا بواسطة (قاذف آر.بي.جي)، وقام بعملية جريئة باقتحام نفس المطار مع
مجموعته لاستهداف طائرة العال الإسرائيلية وقد كشفت العملية ونجح في احتجاز
رهائن ورضخت فرنسا لمطالبه.
وقد حاول اغتيال نائب رئيس الاتحاد الصهيوني البريطاني في لندن، ورئيس شركة
محلات ماركس آند سبنسر (جوزيف إدوارد ستيف) الداعم للحركات الصهيونية، وقام
بتفجير عدد كبير من البنوك الصهيونية والممولة للحملة الصهيونية ومحطاتها
الإذاعية، وكان لديه قائمة بأسماء الداعمين للحركة الصهيونية يريد تصفيتهم.
جريدة القاهرة في
30/11/2010
«الثلاثة
أيام التالية» اقتباس
يشرّف صاحبه
بقلم : ماجدة خيرالله
الاقتباس كلمة ملتبسة لدي الكثيرين ممن يكتبون عن السينما،فنحن لم نصل بعد
الي تحديد المعني الحقيقي للاقتباس،هل هو سرقة فنية واعتداء صريح علي إبداع
الآخرين،أم هو إبداع مواز ينال التقدير والاحترام في حالة الإجادة؟ هل يمكن
أن نعتبر فيلم "تسعة" أو NINE
الذي أخرجه روب مارشال عن سيناريو لأنتوني مانجيلا،مسروق من فيلم 8" ونص"
الذي اخرجه وكتب له السيناريو الايطالي فريدريكو فلليني عام 1963 بمشاركة
إينيوفليانو؟ الحكاية في الفيلمين واحدة،ولكن هل يمكن إنكار حالة الابداع
الرائعة التي اضافها المخرج "روب مارشال" لتلك الحكاية ؟ فظهرت في قلب
موسيقي استعراضي شديد الروعة،حتي ان معظم نجوم الفيلم تم ترشيحهم لجائزة
الجولدن جلوب"دانييل داي لويس"،ماريون كوتيللار،وبينلوب كروز!
مفهوم منطقي
البعض يفضل أن نطلق علي تلك الحالة إعادة إنتاج للفيلم او
REMAKE
،ولكنها في الحقيقه لا تعتبر كذلك لأن المفهوم
المنطقي للاقتباس هو التعامل مع نفس الفكرة،ولكن بمعالجة مختلفة،لأن
الافلام لا تقوم علي الفكرة أو الحدوتة فقط،ولكن كيفية استخدام العناصر
السينمائية والفنية لسرد تلك الحكاية أو الحدوتة، وهو الأمر الذي يختلف من
مبدع الي آخر،سواء كانت فكرة الفيلم مأخوذة عن رواية أدبية شهيرة مثل
"البؤساء"،أو جين إير،الجريمة والعقاب ،اوليفر تويست ألخ،أم مأخوذة من عمل
سينمائي سابق مثل الفيلم الامريكي العظماء السبعة،المأخوذ عن فكرة الفيلم
الياباني "الساموراي السبعة" لأكيراكيروساوا،وتلك الحالة لا تعتبر إعادة
إنتاج أوREMAKE
ولكنها اقتباس للفكرة مع اضافة إبداع خاص من المخرج وكاتب السيناريو! وفي
السينما العالمية لايجد المبدع غضاضة في
ذكر العمل
الاصلي
الذي
اقتبس منه فكرته،فهو أمر مشروع لا يسيء لصاحبه،ولكن الامر يتحول
الي
سرقه فنية واعتداء علي الملكية الفكرية،عند تجاهل العمل الاصلي "والاستعباط"
في نقل المشاهد بحذافيرها دون ان تكون هناك أي لمحات إبداعية من المخرج
وكاتب السيناريو"مثل معظم افلام السينما المصرية"! وربما يكون إنكار العمل
الفني الاصلي هو نوع من الهروب من الاتهام بالسرقة، لأن معظم من يكتبون عن
السينما عندنا لايعرفون الفرق بين السرقة والاقتباس،ويهاجمون أي عمل فني به
رائحة عمل آخر،حتي لو كان يختلف عنه في المعالجة ويحمل إبداعا خاصاً،لمخرجه
وكاتب السيناريو،علي كل الاحوال القضية أكبر من مناقشتها في سطور قليلة،
ولكنها مقدمة كان لابد منها قبل الخوض في تحليل الفيلم الامريكي "الثلاثه
أيام التالية"
THE NEXT
THREE DAYS الذي بدأ عرضه في القاهرة متزامناً مع عرضه في دور السينما في امريكا
وأوروبا،وهو من إخراج بول هاجيز،وسيناريو فريد كافايي
،وبطولة راسل كرو،وإليزابيث بانكس وليام نيسون،وقصة الفيلم سبق
تقديمها
في
السينما الفرنسية منذ عامين،تحت اسم "أي شيء من أجلها" أو
POUR ELLE
الذي أخرجه وكتب له السيناريو "فريد كافاييي" ولعبت بطولته ديان كروجر مع
فينست ليندون.
حياة مستقرة
"جون برنان" أو "راسل كرو" مدرس وقور في إحدي الجامعات الأمريكيه،يعيش حياة
مستقره وهادئة مع زوجته "لارا" أو "إليزابيث بانكس" وطفلهما الصغير6 سنوات،ووتنقلب
حياة تلك الاسرة السعيدة فجأة،عندما يداهم رجال الشرطه منزلهم ويتم القبض
علي الزوجة بتهمة قتل إحدي السيدات،وتفشل الزوجة في إثبات براءتها،بعد أن
عثرت الشرطة علي بقعة من دماء الضحية علي ملابسها،وتتحول حياة الزوج الي
كابوس مزعج،بعد أن يتم إيداع زوجته في السجن لتقضي عقوبة عشرين
عاما،وتتعاظم مأساته بعد أن تقدم زوجته علي الانتحار،
نظراً لإحساسها بالظلم والقهر،هنا
يبدأ الزوج في
التخلي
عن حياته العملية، ويخطط لإنقاذ زوجته وتهريبها من السجن،بعد أن وضع خطة
متقنة لتنفيذ ذلك،بناء علي نصيحة مجرم متخصص وله سوابق في ذلك"ليام نيسون"،ولأن
الخطة التي وضعها تحتاج الي كثير من الأموال التي لا يملكها،فقد بدأ في
التفكير في السطو علي مجموعة من تجار المخدرات،وهو الامر الذي دفعه
للقتل،ليتحول المدرس الوقور الي رجل لايفكر إلا في إنقاذ زوجته ومن أجلها
كان علي استعداد ليخسر حياته نفسها،ورغم ميل الفيلم للتشويق والإثارة إلا
أنه لايعتبر من افلام الحركة التي تقدمها السينما الامريكية، فالخطة التي
وضعها الزوج"راسل كرو"تحمل كثيرا من الجهد في التفكير ووضع جميع الاحتمالات
،وعمل دراسة لتحرك الزوجة في حالة نقلها للمستشفي،وكيف يتم تأمين سيارة
الاسعاف التي تقلها،وكثير من التفاصيل الدقيقه جدا،تحتاج الي تفكير
منطقي ،وقد لجأ السيناريو أحيانا إلي
إلقاء ظلال من
الشك،حول احتمال اقتراف الزوجة "لارا"لجريمة القتل!لتكثيف وتصعيد مناطق
التشويق والاثارة.
المنطق الأخلاقي
في السينما الامريكية والاوروبية ايضا لاتأتي النهايات طبقاً،للمنطق
الاخلاقي،أي أن القاتل ليس بالضرورة ان يقع في قبضة العدالة أو أن يلقي
عقابا قدريا اوقانونيا،ولكل فيلم منطقه الخاص،فمثلا فيلم "لصوص المدينة"
الذي عرض بالقاهرة مؤخراً"THE TOWN "
بطولة بن أفليك،وجيرمي رينير،انتهت احداثه بتمكن بن افليك من الهرب
بالاموال التي سرقها من البنك،بعد أن ترك لحبيبته قدرا من المال يكفيها
لحياة هانئة ومستقرة،أما زميله الشرس جيرمي رينير فقد مات في معركته مع
رجال الشرطة!أما راسل كرو بطل فيلم"الايام الثلاثة التالية" فقد نجح في
خطته وتمكن من الهرب مع زوجته وطفله الصغير خارج البلاد ليبدأ حياة جديدة
لانعرف عنها شيئا،المهم أنه أوفي
بوعده لزوجته وطفله ،عندما اقسم لهما أنه سوف
يعيد للاسرة الصغيرة استقرارها وهدوءها،راسل كرو قدم الشخصية بالمواصفات
التي تليق بها ولم يسرف في ردود الفعل،ولكن الفيلم لايعتبر من أفضل
أفلامه،ولن يكون علامة مميزة في مسيرته الفنية،أما المخرج بول هاجيز الذي
سبق له الحصول علي اوسكار افضل سيناريو عن افلامه طفله بمليون دولار"2004"
للمخرج كلينت استوود،وفيلم تصادم
" CRASH" 2005 ،
"وادي
إيلاه" THE VALLEY OF ELLAH
وهو يقدم فيلمه الجديد "الثلاثة أيام التالية" بحرفة وإتقان ولكنه يفتقد
لحالة السحر والوهج التي ميزت تجاربه السابقه انه مجرد فيلم جيد مثل
"كازينو رويال"يمكن أن تقضي معه ساعتين من التسلية ولكنه سوف يسقط من
ذاكرتك بمجرد خروجك من دار العرض!
جريدة القاهرة في
30/11/2010 |