ما حكاية تيمة فقدان الذاكرة التى تسيطر على أفلام الموسم الحالى! من
الواضح إذن أنها كانت السبب وراء انسحاب كريم عبدالعزيز من سباق العيد
نتيجة أن فيلمه يدور حول شاب يفقد الذاكرة هو الآخر! فيكفينا «زهايمر» عادل
أمام وفقدان حلمى لأى ذكرى عن حبيباته السابقات.
بلبل حيران هو ثانى تجربة فى نفس العام بين حلمى وخالد دياب وخالد مرعى وهى
تجربة كوميديا رومانسية تبتعد عن الخط السياسى الاجتماعى الذى حاول طرحه فى
«عسل إسود» وعن الفلسفى والنفسى فى «ألف مبروك» و«آسف على الإزعاج». ويبدو
من خلالها أن البلبل حلمى حسم حيرته لصالح الشكل الذى يريده الجمهور فيه..
ولكن يكفى أن هذه التجربة أنضج بكثير من تجارب سابقة له اتخذت نفس لون
الكوميديا الرومانسية ولكنها لم تكن بنفس التماسك.
تعتمد حبكة الفيلم على بناء أربع شخصيات رئيسية بشكل متباين تماما أولاها
شخصية بلبل/نبيل مهندس الديكور الشاب الذى يعانى من صفة التردد فى اختيار
الأشياء المهمة، ومن هنا تعتبر مهنته كمهندس ديكور مناسبة تماما لتكوينه،
فالديكور والألوان مسألة ذوقية من السهل الاختلاف عليها والحيرة فى
الاختيار بينها، وهو ما نجده فى الفيلم بالفعل من حيرته فى اختيار بعض
ألوان الحوائط كدليل على حيرته المستمرة فى اختيار أشياء أخرى أهمها شريكة
حياته.
والشخصية الثانية هى ياسمين/زينة عازفة الهارمونيكا التى لا تشعر بالغيرة،
ولا تتقن فن شراء الهدايا، وتحب التجمعات وتفرض على بلبل أكلات بعينها دون
أن يعنيها ما يريده بلبل نفسه، وفى المقابل لدينا شخصية هالة/ شيرى التى
تغار على بلبل وتتفنن فى شراء الهدايا، بينما لا تحب الحفلات وليس لديها
وجهة نظر أو قدرة على اختيار أى شىء! وأخيراً أمل الدكتورة التى تشرف على
علاجه وهى أقل الشخصيات حركة وأكثرهم تواجدا، ملامحها الدرامية تبدو أحادية
جدا، تتأثر فقط بما يحكيه لها بلبل الراقد مكسرا على سرير فى المستشفى..
بينما الأحداث كلها عبارة عن فلاش باك متعدد الفصول يحكى من خلاله بلبل
لأمل عن حكايته مع الحيرة والاختيار بين الفتاتين. ويأتى الانقلاب الدرامى
عندما يفقد بلبل ذاكرته نتيجة حادث عارض فينسى كلتا الفتاتين ويعود للتعرف
عليهما من جديد وهى تيمة معروفة ويتم من خلالها التأكيد على فكرة أن الحب
هو وسيلة الاختيار وليس التقييم العقلى البحت والموازنة بين الصفات.. ولكن
عودة الذاكرة لبلبل مرة أخرى تأتى عبر موقف ضعيف حيث ترتطم راسه مرة أخرى
بالمكتبة فى بيته.. وكان من الممكن أن يعالج الموقف بشكل أكثر نضجا. ويعتمد
الفيلم بالأساس على أسلوب كوميديا الإفيه..
حتى المواقف الكوميدية يتم التعامل معها على أنها مساحة لاطلاق الإفيهات
من بلبل، الذى يكاد ينفرد دون بقية شخصيات الفيلم بكل الإفيهات تقريبا
مستخدما كل ما حوله فى حشد الفيلم بأكبر عدد من الإفيهات اللفظية! ومشكلة
الاعتماد على الإفيهات أنها لا تسمح لمخرج التجربة بتقديم كادر خصب أو
مبتكر حيث أقصى ما يمكن أن يفعله هو تصوير بطله وهو يقول الإفيه.. ولم يتح
السيناريو أى نشاط إخراجى سوى فى الجزء الأخير عندما وقع بلبل فى مصيدة
الفتاتين بعد أن حاول اللعب على حبليهما.. وبدأت عملية تلقينه درساً
استغلالا لمسألة فقدانه الذاكرة.. عبر تبادل الأدوار والأهل..
وقد لعب مونتاج دعاء فتحى دوراً جيداً فى هذه اللقطات كأن تدخل ياسمين
فتخرج بدلا منها هالة فى جزء من الثانية لإرباك بلبل. وحاول خالد مرعى أن
يصنع شكلاً بصرياً فى بداية كل فصل من فصول الحكاية التى يحكيها بلبل لأمل
من خلال ألعاب بصرية بالصورة الواضحة والغائمة أو النت والفلو كما يطلق
عليها..
ولكن هذه الألعاب لم تفلح فى جعلنا أمام فيلم جيد على مستوى الصورة. وقد
قدم هشام نزيه موسيقى شديدة الحيوية من خلال الإيقاعات والتوزيعات استغلها
مرعى بشكل جيد خاصة مع خبرته كمونتير وذلك بعيدا عن المؤثرات الصوتية
الطريفة أو المحاكاة الموسيقية لحركة الشخصيات..
ولكن من خلال مقطوعات بعضها يتدفق بالطاقة وينعش شريط الصوت.وهناك حالة
عامة بالفيلم تذكرنا بالكوميديا الرومانسية الأمريكية الخفيفة ولكن لأول
مرة يلجأ حلمى لاستخدام إفيهات ذات معنيين كتلك التى يستخدمها أحمد وهى
نوعية لم يكن حلمى يلجأ إليها أو يحتاجها بل يبدو حلمى هنا أقل خفوتا على
مستوى التمثيل من أفلامه السابقة
لأن شخصية بلبل رغم بنائها الجيد فإنها أحادية المشاعر حيث تسخر من كل شىء
طوال الوقت وتبدو وكأنها لا تتأثر أو تنفعل ولكنها تطلق فقط الإفيهات كأن
لا شىء يغيظها أو يغضبها أو يعكر صفوها، حتى عندما كانت الشخصية تقرر ترك
إحدى الفتاتين لاخرى كانت تمر على الانفعال مراً ولا يتغير من ملامحها شىء!
فقط مجرد إفيه أو اثنين وننتقل إداريا للمشهد التالى! وكأنه لا يريد أن
يزعج جمهوره بأى انفعال حتى لا يحيره معه فى اختيار شخصيات أفلامه مرة
أخرى.
ريفيو
تأليف: خالد دياب
إخراج: خالد مرعى
بطولة: أحمد حلمى إيمى- شيرى- زينة
إنتاج شادوز للإنتاج الفنى
مدة الفيلم: ١٢٠ ق
المصري اليوم في
18/11/2010
مهندس الديكور صلاح مرعى:
تكلفة ديكورات «زهايمر» مليون
جنيه
كتب
محسن حسنى
الجهد الذى بذله مهندس الديكور الدكتور صلاح مرعى أثناء فترتى تحضير وتصوير
فيلم «زهايمر» رغم معاناته مع المرض جعل المخرج عمرو عرفة يختصه بتحية شكر
وعرفان على تتر مقدمة الفيلم.
«المصرى اليوم» حاورت مرعى فى تفاصيل عمله كمهندس ديكور والتغييرات التى
نفذها فى أماكن التصوير الخارجى وكيف اعتمد على مساعديه خلال فترة مرضه.
فى البداية يقول صلاح مرعى: «زهايمر» تقريبا هى التجربة رقم ٢٩ بالنسبة لى
فى السينما الطويلة لكنها كانت تجربة مختلفة تماما عن كل ما قدمته من قبل
لأكثر من سبب أهمها أن الإنتاج كان سخيا لدرجة أبهرتنى بالفعل فكل ما طلبته
منهم وفروه لنا لدرجة أننا غيرنا سور الفيلا التى كانت لوكيشن رئيسياً
بالفيلم «فيللا محمود بيه» كما بنينا غرفة خصيصاً لحارس الفيلا وغيرنا
الأبواب والشبابيك، كل هذا فى لوكيشن خارجى وهذا جعل ميزانية ديكورات
الفيلم تقترب من حاجز المليون جنيه.
ويضيف: الأمر الثانى المختلف فى هذه التجربة هو مدى الدقة والوضوح اللذين
اتسمت بهما مطالب المخرج، فحين كان يطلب شيئاً ما كان يصف لى بدقة واختصار
الأجواء التى يريدها، وبالتالى كنت أنفذها كما يريد تماما وبسهولة، وكل هذا
يخدم الدراما، فى حين أن مخرجين آخرين يتحدثون فى تفاصيل باستطراد ولا يصل
مهندس الديكور معهم لصيغة تفاهم توضح ما يريدون على وجه الدقة.
أكد مرعى أن مستوى الثراء الفاحش الذى كان يعيشه محمود بيه بطل الفيلم
استلزم جهداً إضافياً فى ديكورات الفيلم بسبب استخدام الحديد أكثر من الخشب
والبلاستيك وبمساحات وأحجام كبيرة، وأشغال الحديد كما هو معروف تستغرق
وقتاً أطول فى أعمال الديكور، فالأسوار كانت حديداً حقيقياً كأننا نبنى
فيلاً فعلا، كما أن إكسسوارات الديكور من فازات ولوحات كانت لها مواصفات
خاصة تعكس الفخامة وهذه كانت مسؤولية الزميل عباس صابر الذى كان يشترى كل
ما تحتاجه الدراما، حتى إن برواز صورة زوجته كان له مواصفات قياسية بحجم
كبير، وفى موضع معين يمر عليه البطل بأكثر من مشهد.
وعن أزمة مرضه التى تواكبت مع فترة تصوير الفيلم قال مرعى: الحقيقة أن
الجهة المنتجة تحملت معى أعباء المرض ووفرت لى سيارة تنقلنى إلى المستشفى
وتعيدنى للبلاتوه طوال فترة العلاج، وهذا جهد كبير أشكرهم عليه، كما وفروا
لى ٣ مساعدين محترفين كانوا يتحملون المسؤولية فى فترات غيابى، هم ياسر
عبدالفتاح مشرف عام ومحمد حسان مساعد تصميم ومروى التى كانت تتابع تنفيذ
عمليات النجارة والنقاشة وخلافه.
أكد مرعى أن دراما الفيلم استلزمت بناء سور للفيلا يستطيع عادل إمام الصعود
فوقه لمحاولة الهرب، لأن السور الحقيقى به أسلاك شائكة ومرتفع جداً ولو
صورنا به كان سيصيب عادل إمام بجروح كما أن الدراما استلزمت بناء قسم شرطة
وسجن ومحكمة رغم أنه كان بالإمكان التصوير فى قسم وسجن ومحكمة حقيقية، لكن
بناء الديكور أعطانا جودة أعلى وحرية أكبر فى تحريك الكاميرا وإزالة مشاكل
الإضاءة التى تظهر أثناء التصوير فى الأماكن الحقيقية، بينما فى حالة قصر
لبنان مثلاً فضلنا التصوير فى القصر الحقيقى بلبنان ليكون أكثر واقعية.
المصري اليوم في
18/11/2010
كشف حساب أفلام العيد: عادل وحلمى والسقا
تنافسوا بـ «نيولوك»
شكلاً وأداء
كتب
نجلاء أبوالنجا
علق صناع السينما آمالهم العريضة على موسم عيد الأضحى بعد أن ضرب شهر رمضان
موسم الصيف الذى كان الهدف الأول والأهم بالنسبة للنجوم والمنتجين بوصفه
الموسم الأكثر ربحا والأكثر إقبالا من الجمهور.. فانتظر الجميع البضاعة
السينمائية الثمينة التى ادخرها السينمائيون من أجل الموسم البديل لموسم
الصيف فى عيد الأضحى مؤكدين أن أعمالهم ستكون مفاجأة بكل المقاييس إنتاجيا
وفنيا فى أول تجربة ثقيلة تنفذ بشكل فعلى لتجعله «الهاى سيزون» بالنسبة
للسينما..
فجاءت أفلام العيد تحمل أسماء أكبر نجوم السينما..وتسلح منتجوها بشعار
الميزانيات الضخمة التى تتعدى ٢٠ مليونا فى بعض الأحيان.. وحققت بالفعل تلك
الأفلام أكثر من مفاجأة، لكن لم يكن بينها ما لوح به أصحابها.. وكانت هناك
عدة ملاحظات رصدها «المصرى اليوم» على تلك الأفلام التى نختص بها الثلاثة
الأكبر نجومية وأهمية وهى «زهايمر» لعادل إمام و«بلبل حيران» لأحمد حلمى
و«ابن القنصل» لأحمد السقا.
أول الأشياء التى ربطت تلك الأفلام ببعضها وفاجأت الجمهور هو اللعب على
فكرة متقاربة إلى حد كبير فالأفلام الثلاثة بها مسحة من الخداع أو النصب..
ولكن فى قوالب مختلفة.
فيلم «زهايمر» لعادل إمام يحاول فيه ابنا البطل وزوجة أحدهما.. أن يخدعوه
بأنه مريض بأحد أمراض الشيخوخة وهو «الزهايمر» حتى يستطيعوا الاستيلاء على
ثروته الكبيرة لسد ديونهم التى تراكمت بسبب قروض حصلوا عليها من البنوك
وواجبة السداد.. ويعيش المشاهد حوالى ٤٥ دقيقة فى تفاصيل «عملية نصب» أو
خديعة الأبناء لأبيهم بمعاونة أحد أصدقائه وأحد الأطباء المرتشين وبعض
العاملين بالقصر الذى يعيش فيه الرجل الثرى.
وفى «ابن القنصل» لأحمد السقا وخالد صالح، إخراج عمرو عرفة وتأليف أيمن
بهجت قمر يأخذ النصب أو الخداع شكلاً آخراً، حيث يقوم شاب ملتح اسمه «عصام»
بخداع مزور مخضرم وعجوز اسمه عادل القنصل ويوهمه طوال الأحداث التى تبدأ -
بعد خروج القنصل من السجن -أنه ابنه من راقصة تدعى «سوسو أوبح» وأنها
أنجبته فى فترة سجن القنصل.. ويحاول الشاب طوال الوقت إقناع القنصل ببنوته
له ويدعى أنه ينتمى لإحدى الجماعات الإسلامية المتشددة وأنه شديد الالتزام
دينيا..
وتمر ٩٠ ٪ من الأحداث فى هذا الاتجاه حتى يقتنع القنصل بأن عصام ابنه ويعلن
له عن سر أخفاه طوال ٣٠ سنة سجناً وهو أنه يمتلك سبائك ذهبية ثمينة كسبها
بعد عملية تزوير نصب فيها على اثنين من شركائه هما فتحى السماك وكمال ملاك
ونكتشف فى النهاية أن عصام هذا هو شاب مزور اسمه «شمبر» وهو ابن فتحى
السماك أحد ضحايا القنصل وأنه خدعه حتى ينتقم منه عما فعله بأبيه وليسرق
منه أيضا السبائك الذهبية.
أخيرا يأتى الخداع أو النصب فى فيلم «بلبل حيران» لأحمد حلمى بشكل رومانسى
حيث تدور الأحداث عن المهندس نبيل الذى يريد أن يتزوج فتاة تحمل صفات تقترب
من الكمال أو «سوبر وومان» ويقابل فتاة تتشابه فى صفاتها مع ما يريده
فيقررخطبتها.. وفجأة يقابل فتاة أخرى تحمل صفات أفضل فيحاول خداع الفتاتين
فى نفس الوقت ليظلا إلى جواره ويقارن بينهما لاختيار الأفضل للزواج..
لكنهما تكتشفان الخدعة فتتفقان على خداعة والانتقام منه.. حتى يصاب فى حادث
ويدخل المستشفى للعلاج ويقابل طبيبة العظام أمل التى يحكى لها حكايته مع
الفتاتين، ثم يكتشف فى النهاية أنها صديقة إحدى الفتاتين وأنها خدعته لتعرف
كل شىء عن تفاصيل علاقته بالفتاتين.
وإذا كان الخداع والنصب تيمة درامية سيطرت عن طريق الصدفة البحتة على أهم
أفلام العيد.. فإن هناك عاملاً مشتركاً آخر بين الأفلام الثلاثة وهو ظهور
كل نجم فيها بشخصية مختلفة تماما عما سبق أن قدمه فى كل أعماله أو بمعنى
آخر ظهر بـ«نيو لوك» على مستوى الشكل وأيضا الأداء.. فعادل إمام فتى الشاشة
الأول على مدار ثلاثين عاما والرجل الذى تتصارع عليه النساء بغض النظر عن
مرحلته السنية..
استسلم فى «زهايمر» باقتناع ورغبة خالصة فى التغيير.. لشخصية الرجل الأشيب
الحاج محمود شعيب تاجر الموسكى البسيط المتزن دينياً وأخلاقياً والذى لا
يلهث وراء النزوات والمغامرات النسائية.. والذى يقهر بفعل مؤامرة من أبنائه
هدفها إقناعه بأنه مريض بـ«الزهايمر».. ولأول مرة يناقش عادل إمام مشكلة
الشيخوخة وشبح أمراضها المخيفة.
أحمد السقا أيضا فى «ابن القنصل» تنازل عن وسامته وسكته الفنية المفضلة
«الأكشن» ووضع نفسه فى قالب وشكل مفاجئ للجميع فجسد شخصية شاب ملتح ينتمى
لإحدى الجماعات الإسلامية المتطرفة واقترب من العلاقة الإنسانية بين الأب
وابنه فى معظم الأحداث مبتعداً لأول مرة عن ضرورة وضع قصة حب وعلاقة عاطفية
فى الفيلم.
أخيرا جاء أحمد حلمى مبهرا فى «نيولوك» الشكل والأداء فظهر لأول مرة كشاب
دنجوان يوقع أى فتاة فى غرامه وغير من ملامحه الشكلية كثيرا ليختلف جذرياً
شكلاً وأداء عن كل أفلامه السابقة.
ويبقى الحديث عن ميزانيات الأفلام الثلاثة الكبرى، حيث جمعتها ملاحظة واحدة
وهى الفقر الإنتاجى الواضح بالرغم من تلويح منتجو تلك الأفلام بأنها «هاى
بادجت»، أى تكلفة مرتفعة.. ففيلم «زهايمر» إنتاج الشركة العربية، وكما تردد
منذ بداية تنفيذه ارتفاع ميزانيته، لكن أكثر من ٨٠ % من مشاهده تدور فى
ديكور واحد فقط هو فيلا البطل أو الأب، والتى بنيت فى مدينة السينما.
أما «ابن القنصل» إنتاج وليد صبرى ويحيى شنب فقد تنافس بقوة مع «زهايمر» فى
وضوح الفقر الإنتاجى، حيث تم تصوير أكثر من ثلاثة أرباع الفيلم فى شقة
شديدة التواضع قاتمة الإضاءة لدرجة الإعتام أصابت الجمهور بحالة من
النعاس.. ثم انتقلت المشاهد دون مبرر على البحر وكأنه نوع من المكافأة
للجمهور «الغلبان» على رحلة العذاب طوال الفيلم فى حجرات الشقة المظلمة.
أخيراً جاء «بلبل حيران» -إنتاج شركة شادوز التى يمتلكها أحمد حلمى- أكثر
توازناً فلم نشعر بالفقر الإنتاجى رغم أن معظم مشاهد الفيلم صورت فى مكتب
البطل وشقته وديكور أحد المستشفيات لكن جمال الصورة وثراءها والاختيار
الموفق لبعض أماكن التصوير الخارجية أنعش الفيلم ومنح ثراء للصورة تغلب على
التواضع الإنتاجى.
المصري اليوم في
18/11/2010
"أوريون".. ثيمة مستهلكة وأداء بارد
ابو ظبي – عدنان حسين أحمد
ضمن مسابقة "آفاق جديدة" التي إحتضنتها الدورة الرابعة لمهرجان أبو ظبي
السينمائي الدولي لهذا العام إشترك المخرج الايراني الشاب بفيلمه الروائي
الموسوم "أوريون" مدته "80" دقيقة.
وكان أحد الأفلام السبعة عشر المميزة التي أخذت حقها من الرصد والدراسة
والتحليل. وقد أثار عدداً من التساؤلات التي لم تنتهِ تداعياتها حتى الآن
نتيجة للأسلوب الذي إتبعه في معالجته الفنية للعديد من المحاور والثيمات
الفرعية التي إنطوى عليها الفيلم. المعروف سلفاً أن فيلم زماني عصمتي الأول
"أزقة ضيقة" الذي أنجزه عام 2005 لم يعرض داخل إيران بسبب الرقابة التي
تفرضها الحكومة الايرانية على الجوانب الفنية والثقافية في عموم البلاد.
كما أن هذا الفيلم قد صُوِّر من دون موافقة رسمية الأمر الذي يضع مخرجه في
إطار الملاحقة القانونية متى شاءت السلطات الإيرانية ذلك. فلا غرابة أن
يُصور الفيلم بكاميرا ديجيتال "HDCAM" وتُرسل نسخة منه الى المهرجان بهذه الصيغة على أن يتم طبعها لاحقاً
من قبل المختصين على شريط "35ملم".
* عنوان الفيلم
لم يُوفق القائمون على ترجمة دليل المهرجان في الوصول الى المعنى الدقيق
لكلمة "Orion"، إذ تُرجمت على أنها "الجوزاء"، وحقيقة الأمر أن "Orion" تعني من بين ما تعنيه "برج في خط الإستواء السماوي قرب برجي الجوزاء
والثور. ويحتوي "Orion" على نجمي "مَنْكِب الجوزاء ورِجْل الجوزاء اليسرى أو "رِجْل
الجبار"".
كما جاء في معجم الـ "يونيفيرسال دكشنَري". أما المعنى الثاني الذي ورد في
المعجم أعلاه فيعني "صيّاد عملاق تابع الى "بليّاديس"، عاشق إيّوس الذي
قتلهُ آرتميس". ويمكن تلمّس الدلالة المجازية للعنوان بواسطة بطل الفيلم
أمير "جسّد الدور الممثل مهرداد شيخي" المدرّس الجامعي الذي يتخذ من الفلَك
مهنة له.
* الدلالات المجازية
لابد من التنويه الى أهمية الاستهلال في أي عمل أدبي أو فني، فالبندقية
توحي بصوت الرصاصة، والزهرة تحيل الى رائحة العطر النفّاذ. وماكينة الخياطة
في هذا الفيلم تذكّر المتلّقين جميعاً بأن هناك عملية خياطة أو ترقيع لشيء
ما أبعد من المعنى الحقيقي لفعل الخياطة العادية.
يؤخرّ المخرج هذا الحدث قليلاً حيث يقدّم لنا إلهام "أدت الدور الممثلة
المتمكنة نسيم كياني" المتلفعة بعباءتها السوداء وهي في ذروة قلقها تحاول
اللقاء بحبيبها السابق أمير "جسّد الدور الممثل مهرداد شيخي". تتصل به
هاتفياً ولكنه يحاول تأجيل اللقاء لأسباب لا يعرفها المتلقي حتى الآن.
تقف في أحد الشوارع غير أن العديد من الشبان الذين يعاكسونها ويتحرشون بها
في بلد ثيوقراطي يُفترض أنه يحاسب المشاكسين بشدة، لكنها تتخلص من هذه
المضايقات حينما تغادر الشارع العام وتلج الى الأزقة الضيقة التي تكشف عن
طبيعة الحياة في هذه المدينة الموغلة في القِدم.
فالفيلم صُوِّر في مدينة "يزد" التي تقع وسط البلاد تماماً، وتعتبر هذه
المدينة أحد مراكز تجمّع المجوس الزرادشتيين في إيران. من هنا فإن الأزقة
الضيقة والبيوت القديمة التي تتميز بسراديبها العميقة وأقبيتها المعتمة
وسلالمها الملتفة هي طراز عمراني متوفر بشكل لافت للنظر في مدينة "يزد"
وحدها تقريباً. وقد ترك هذا الطراز العمراني تأثيره الواضح على سلوك
الشخصيات وطبائعم بشكل عام.
* ثيمة أوريون
لا شك في أن الاغتصاب كثيمة رئيسة في الفيلم هي ثيمة مستهلكة وقد تناولها
المخرجون كثيراً في أفلامهم. فما الجديد الذي يمكن أن يقدّمه المخرج الشاب
زماني عصمتي؟ لنتابع بعض تفاصيل الثيمة التي تكشف لنا طريقة التعاطي مع هذه
الفكرة، وكيفية معالجتها فنياً وفكرياً في مجتمع يتوزع بين الانغلاق
والانعتاق. تنطوي شخصية "إلهام" التي أغواها "أمير" ومارس معها الحب على
مكامن ضعف عديدة من بينها الاستسلام السريع للإغواء الذي تعرضت له من قبل
"عشيقها السابق أمير" الذي لم يكن يحبها، على ما يبدو، وإنما كان يقضي وطره
معها، ويستغل مفاتنها الجسدية لإطفاء شهواته وغرائزه الحيوانية.
وهذا الضعف الخطير يكشف لنا عن شخصيتها السلبية التي دفعتها لأن ترتمي في
أحضان هذا الشاب الشبق الذي لا يقيم وزناً للعلاقات العاطفية السامية. كانت
"إلهام" على مدار الفيلم مذعورة خائفة ترتعد فرائصها من الرعب، وقد حاولت
غير مرّة أن تهرب، لكن أنّا تيمِّم وجهها والأبواب كلها موصدة.
أما "أمير" فينطوي على سلبية مضاعفة لأنه أستاذ جامعي من جهة، ويفترض أن
يكون مثقفاً ومتحضراً وصائناً لأعراض الناس من جهة أخرى، لا أن يكون
مُنتهِكاً لعذرية تلميذته التي غرّر بها.
فبدلاً من أن يعقد عليها القران ويتزوجها كي ينقذها من براثن الفضيحة في
مجتمع "متحضر/ متخلّف" تتصارع فيه قيم الحداثة المتطورة مع قيم التراث
البالية، نراه يتركها نهباً لليأس والذل والمهانة ومواجهة مصيرها المحتوم
على يد أسرة متخلفة تستفيق في ذاكرتها أبشع أنواع الأصولية التي لا تجد
حرجاً في وأدها بعيداً عن سلطة القانون، وقريباً من عرف القبيلة.
يبدو أن الدهليز الذي إختاره مهدي "حامد برغاني" كأستوديو للتصوير
الفوتوغرافي وطبع الاعلانات التجارية هو مكان يتناسب مع الذهنية الجوانية
للناس الإنطوائيين الذين لا يفضلون الشمس والانفتاح والهواء النقي، لذلك
فقد إنتقى هذا النفق اللولبي الذي يبدو وكأنه منحدر من السماء الى أعماق
الأرض. يوافق مهدي، صاحب الاستوديو، في غياب شريكه الخبيث كما وصفه، على
إجراء عملية ترقيع غشاء بكارة إلهام في هذا المكان المظلم الأقرب الى شكل
الزنزانة.
وحينما يأتي الدكتور رضايي يطلب من معاونه شراء بعض القطن والشاش المعقم من
السوق. وقبل أن يحضر هذا المعاون تدهم الشرطة المكان إثر وشاية من الجيران
ثم يُساق الجميع الى مخفر الشرطة. وهناك تتعرى شخصية "أمير" مرة أخرى،
فحينما إعترفت "إلهام" بأنه هو الذي إعتدى عليها وأزال غشاء بكارتها، نراه
يلّح عليها لأن تبرّئه من هذه التهمة الكبيرة، والغريب أنها تفعل، ثم تتهمه
من جديد.
أما أمها التي فقدت أعصابها فقد طلبت من "أمير" أن يتزوجها لكي ينقذ شرفها
من الفضيحة، لكن الأغرب من ذلك هو أن الشرطة تسلّم هذه الفتاة الغرّة الى
أبيها حيث يقودها في مشهد درامي مؤثر الى خارج المدينة كي يئدها هناك
مُذكراً إيانا بوأد البنات، تلك الجريمة البشعة التي كانت متفشية عند العرب
قبل مجئ الإسلام الذي نهى عنها لاحقاً، لكننا الآن نراها تستفيق من جديد،
ليس لدى العرب حسب، وإنما في مجمل العقلية الاسلامية التي لم تبرأ من هذا
المرض الخطير بعد.
* ضرورة التصعيد
بإستثناء "إلهام" وأبويها كانت مجمل الشخصيات هادئة، بل أن أداءها كان
بارداً الى حد اللعنة، وكأن ما حدث ليس كارثة أخلاقية بكل معنى الكلمة،
وإنما هي جنحة عابرة أو خطأ صغير إرتكبته هذه التلميذة الغرّة التي لم
تصقلها ظروف الحياة الصعبة.
والأغرب من ذلك أن الشرطة نفسها كانت تتعاطى مع الحدث بهدوء مضاعف. فليس
هناك تصعيد في كلام شرطة الآداب، ولا توتر أو إنفعال في أحاديث المحققين
وكأنهم يمرون على مثل هذه الأحداث عشرات المرّات يومياً. ثمة مشاهد كوميدية
سوداء عديدة تثير لدى المتلقي نوعاً من الضحك المؤلم.
فحينما يعود معاون الطبيب "غير الشرعي" الذي ينتهك القانون يومياً لينبِّه
الجميع بأنه أحضر القطن الطبي والشاش المعقم فيسْكِتوه ببعض الاشارات
والغمزات الخفية. كما أن أحد الرجال ضبط زوجته وهي تمارس الحب مع عشيقها
فأبقاهما في الفراش لحين مجئ شرطة الآداب كي تمسكهما متلبسَين بالجرم
المشهود.
* رهاب الأماكن المقفلة
عاشت الشخصية الرئيسة المُستلّبة "إلهام" فيما يمكن أن نسميّه برهاب
الأماكن المقفلة، بل أن الشخصيات في مجملها كانت تعيش في سراديب وخوانق
ضيقة، وقد لا نغالي إذا قلنا إن الحي الذي دارت فيه الأحداث كان "كلوستروفوبياً"
يشي بالاختناق ولا مجال فيه للهرب لذلك لم ينجُ أي من المتهمين بجلده، بما
فيهم "إلهام" التي هربت أكثر من مرة لكنها كانت تصطدم بالجدران الصمّاء
والأبواب الموصدة، بل أن المدينة بمجملها تكاد تكون فخاً أو مصيّدة كبيرة
من مصائد المغفلين، لذلك وقعت "إلهام" في الفخ بسهولة، وإستسلمت لوالدها
"حسين نيرومند" الذي كان يحمل مفكّاً قد يستعمله في طعنها ووأدها لاحقاً في
ذلك العراء المغبّر العاصف الذي أوشك أن يهيمن على الشاشة كلها .
فيما كانت أمها "فاريا سمراني" تحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تنزع إبنتها
من مخالب الوحش الذي إستفاق في شخصية زوجها الذي سقط في لحظة عصابية أطفأت
في رأسه مصباح العقل والرزانة والهدوء.
لابد من الاشادة بتصوير الفنان منصور حيدري الذي أمدّ الفيلم بلقطات ومشاهد
درامية أنقذت العمل من الرتابة خصوصاً وأنه يدور في مجمله بدهاليز وأمكنة
ضيقة كما أشرنا سلفاً. وعلى الرغم من النقاط السلبية التي أشرنا الى بعضها،
إلا العمل برمته يحمل مقومات الفيلم الناجح الذي يعبّر عن الرؤيتين الفنية
والفكرية للمخرج زماني عصمتي.
العرب أنلاين في
18/11/2010
مهرجان
لبنان ضيفاً على مهرجان لوكا الدولي للشريط
المصوّر
مدينة تعيد صياغة نفسها عاصمةً للفن التاسع
جورج خوري (جـاد(
غريب شعور العائد بعد أكثر من عقدين إلى لوكا، المدينة التوسكانيّة التي
تستضيف
منذ أربعة وأربعين عاماً مهرجاناً دوليّاً للشريط المصوّر.
إدارة المهرجان تغيّرت
(القانون
الطبيعي للتطوّر في غير بلادنا) لتنتقل إلى جيل جديد من الشباب المتخصّص
في المجال بعدما كانت من مجموعة متحمّسين متطوّعين أطلقت أقدم تظاهرة لهذا
الفن في
أوروبا (ثاني أكبر مهرجان بعد أنغولام الفرنسيّة). "خِيَمُها"
التي تستضيف الناشرين
المحليين والدوليين تحتلّ ساحاتها الست وتصل لكثرة عددها إلى
أزقتها الضيّقة وإلى
خارج أسوارها وكأنها تفيض بها بعدما كانت ساحتا بيازا ديلا سيتاديلا وبيازا
سان
ميغال تعرضان وحدهما وبخجل أسماء فنانين مغمورين وإيطاليين، هم اليوم
أيقونات
عالمية في الفن التاسع من أمثال هوغو برات الذي غادرنا حديثاً
أو ميلو منارا
وغيرهما.
وإذا كانت المدينة الصغيرة لم تتغيّر، وهي تعود في غالبها إلى القرون
الوسطى، وبعض طرقها المرصوفة إلى أيام الأمبراطورية الرومانية
الغابرة (تعبير "ذو
طابع تراثي" يؤخذ بجدّية مفرطة هناك)، فإن زوّارها الذين "يجتاحونها"
للمناسبة في
ازدياد متصاعد (135 ألف زائر في أربعة أيام هم عدد الذين اشتروا بطاقات
الدخول إلى
خِيَمها ومعارضها، يضاف إليهم دفق الشباب الوافدين لنشاطات أخرى ترافق
التظاهرة).
اللافت أن الأخيرين، وهم بالآلاف أيضاً، يأتون إلى لوكا للمشاركة في عروض
شارع
لإختيار أفضل زيّ مستوحى من الشخصيات الكرتونية أو "المانغا" اليابانية
التي تستهوي
الشباب أكثر من غيرها لغرابتها، أو من أبطال ألعاب الفيديو الألكترونية،
السوق
الصاعدة في مجال الفنون البصرية الحديثة والتي يخصّص المهرجان
جوائز لها منذ عقد
ونيف تقريباً. بحرٌ من الشباب والشخصيات المتقني التزيين لقصص كأنها هربت
من صفحات
كتبها لتتحرّر من ضيق خيال مؤلّفيها!
أربعة أيام لا تكفي المحترِف والمتابع،
للأحاطة بكل جديد في مختلف المجالات التي تنضوي تحت شعار "مهرجان لوكا
الدولي
للشريط المصوّر وفنون التحريك والألعاب الألكترونيّة". الأختيار يصبح
واجباً
والإنتقاء فرضاً وجدولة الأوقات تتحوّل كابوساً أشبه بمهمة
مدرسية إذا قصد المرء
مواكبة واكتشاف الجديد في مجال اختصاصه، مثله محاولة التعرّف الى مطبخها
المحلّي
المتنوّع والخاص، أو أنواع النبيذ التي تشتهر بها منطقة توسكانا، ويعرفها
الذواقة
المحترفون. لكن هذا موضوع آخر.
يبقى الشريط المصوّر النواة الأساسيّة للمهرجان،
وإن كان فن التحريك أضيف إليه منذ خمس. كذلك القسم الخاص بالألعاب.
والمقصود هنا كل
أنواع اللعب من الورق إلى الألكترونيات مع آخر إصداراتها، ولا يضاهيه حجماً
إلا
مهرجان مماثل للألعاب في ألمانيا. لكلّ مريد تلبية لحاجته.
معارض متخصصة لمحترفي
هذا النوع من الفنون، كتب وناشرون لمتذوقي هذا الإنتاج الذي بحسب إحصاءات
بات يفوق
الأنتاجات الأدبية المكتوبة مجتمعة، إلى الحضور الشخصي لفنّانين يحتشد
الناس حولهم
من أجل رسوم إهداء شخصيّة أو صورة للذكرى، حيث الرسامون هناك نجوم توازي
الشخصيات
التي يبتكرونها. عالميٌّ في تنوعّه هو مهرجان لوكا، وإن طغى عليه الإنتاج
الإيطالي،
من اليابان الآسيوية إلى الغرب الأميركي مروراً حكماً بالريادة
الأوروبية لهذا
الفن، إلى استحضار تجارب محلية منسية أو على هامش الإنتاج العالمي وإلقاء
الضوء
عليها. مناسبة السنة في هذا الأطار تمثّلت في الشريط المصوّر اللبناني حيث
كان
لبنان الدولة الضيف للمهرجان من خلال معرض نُظّم بالتعاون بين
إدارة المهرجان
ونقابة محترفي فنون الغرافيك والشريط المصوّر والتحريك والكاريكاتور
اللبنانية
برئاسة ريتا مكرزل.
"لبنان
في لوكا". هو الشعور المغاير الذي انتابني. من مشارك
عشريني هامشي مغمور إلى منظّم ومشارك لمعرض في وسط الحدث. زينة
أبي راشد كانت
المميّزة بين الفنانين العشرة الذين تمّ اختيارهم لتمثيل أطياف الأنتاج
المحلّي
أسلوباً، لغةً ومواضيع، وكان لديها في إحدى خيم الناشرين حفل توقيع لكتابها
الذي
صدر حديثاً بالإيطاليّة. عشرة من الفنانين اللبنانيين ونماذج
لأعمالهم عُرضت (كما
المعارض الرسميّة الأخرى) في غُرف مبنى البلديّة الأثري وكان جناح شقيقة
نابوليون
من نصيب العرض اللبناني. أعمال رافقتها مقدّمة مطوّلة عن تاريخ الشريط
المصوّر
اللبناني من إعداد لينا غيبة نشرت في الكتاب الرسمي السنوي
للمهرجان باللغة
الأيطاليّة، إلى طاولة مستديرة بإدارتها والمنسّق العام للمهرجان جيوفانّي
روسّو،
وتحدّثت فيها عن شؤون الفن التاسع عندنا، همومه وانجازاته، نجاحاته
وخيباته، مع
التطرّق إلى خصوصياته بين المعاناة من سلطة الرقابة (واقع
الشريط المصوّر الخاص
بالراشدين) والصعود المتنامي للشريط المصوّر الديني والحربي عند الناشئة
الصغار (تجربة فريدة "نتميّز" بها عن باقي
المجتمعات في العالم حتى تلك التي خضعت لأنظمة
توتاليتارية).
الأعمال المعروضة في الصالات الأخرى احترافيّة بامتياز وإن يكن
بعضها ينحو منحى التجريب. كأن القيّمين على المهرجان أرادوا
التأكيد من خلال
خياراتهم وانتقائهم للمعارض الرسميّة أن إتقان الحرفة، وهنا الرسم
والكتابة، ممرّ
إجباري للإعتراف بشرعية العمل، وأن الهامشية والتمرّد لا يعنيان الهواية،
والإختبار
لا يعني الخفّة. خيارات يبدو أنهم يتشاركون فيها مع جمهورهم
الألوفي المستعدّ لدفع
ثمن المرور من الرتابة اليومية إلى داخل أسوار الخلق والأبتكار.
شعور غريب
انتابني، أنا الآتي من مشرق مثقل بالحروب الدينية والمذهبية، لرؤية صفحات
من الشريط
المصوّر وبعضها إيروتيكي، منتشرة داخل كنيسة تحوّلت للمناسبة
قاعة للحفل الختامي
ولتوزيع الجوائز، تحت أعين تماثيل للقديسين والرسل ولوحات تصوّر أعمالهم.
كأن
الشريط المصوّر الذي انطلق حركة تمرّد على الفنون التقليدية للرسم
والتصوير، تصالح
مع ماضيه البصري داخل مجتمع مدني يفصل فعلاً لا قولاً، الدين عن الحياة
المدنية.
ربّما لأن لوكا نفسها، المدينة الأثرية الغارقة في قدمها الديني، حيث
أبوابها الستة
وساحاتها جميعا بأسماء قدّيسين، تريد القول إن القديم النائي وإن محاطاً
بسور فريد
في هندسته يفصله عن روما- المركز البعيدة مسافة، يمكن أن
يستمرّ عبر إعادة صياغة
دوره، فها هي تفرض نفسها العاصمة الأقدم أوروبيّاً للفن التاسع الحديث.
لافتةٌ في
هذا المجال المقارنة مع أنغولام الفرنسية، المدينة البعيدة عن
باريس-المركز، التي
ابتكرت لنفسها الدور إياه عاصمةَ الشريط المصوّر الأولى.
شعور غريب معاكس هذه
المرّة انتابني عائداً إلى بيروت المدينة التي تعيد صياغة نفسها أبداً،
والباحثة
باستمرار عن دور لها في محيط لا يشبهها. مدينة ناسها غير
متصالحين مع ماضيهم وعلى
تناقض مع حاضرهم وتنافر مع مستقبلهم. وكأني بها شريط مصوّر يعيد كتابة نفسه
إلى ما
لانهاية.
مدينة كأني بها الشريط المصوّر بذاته!
بطاقة المعرض اللبناني
ضمّ المعرض اللبناني أعمالاً للفنانين: مازن كرباج، جمانة مدلج، فؤاد مزهر،
زينة أبي راشد، جورج أبو مهيّا، روني سعيد، هاني بعيون، برّاق
ريما، عمر خوري، لينا
مرهج، مع تكريم للفنّان الراحل إدغار آحو.
نظم المعرض جورج خوري (جاد) في إطار
التعاون بين إدارة المهرجان ونقابة محترفي فن الغرافيك والرسم في لبنان.
منح
جورج خوري (جاد) خلال الحفل الختامي وعلى هامش المسابقات، جائزة تكريم
لمجمل أعماله
ومساهمته في فن الشريط المصوّر.
النهار اللبنانية في
18/11/2010 |