لا شيء يشبه الفيلم المكسيكي الإسباني المشترك
«Biutiful»
أو «جميل»
حروف الكلمة الإنجليزية خاطئة عمدا لأسباب سنشرحها، لا شيء يشبهه حقا إلا
البحر الذي يعد أحد مفاتيح قراءة هذا العمل الكبير الذي عرضه
مهرجان الفيلم
الأوروبي في دورته الثالثة، كلاهما «البحر والفيلم» واسع وعميق، ينتميان
إلي الأرض
ولكنهما مرآة لألوان السماء، لهما مظهر بسيط واضح ومباشر ولكن في أعماقهما
مئات
الكائنات من كل الأشكال وبكل الألوان.. الفيلم الذي أخرجه
واشترك في كتابته الموهوب
«أليخاندرو
جونزاليس إيناريتو» مخرج الأعمال المهمة السابقة وأبرزها ملحمة «بابل»
يغوص بنا فيما يشبه الجحيم الأرضي ليصعد
بنا في النهاية علي مقربة من بوابة السماء،
روعة فيلم «جميل» في هذه الخدعة المتصلة التي لا نكتشفها إلا
في النهاية، كانت طوال
الوقت أمام لوحة كابوسية عن الحياة في أكثر جوانبها وحشية بل وحيوانية،
ولكنك
ستكتشف أن الحديث طوال الوقت عن الموت لا الحياة، وأن ما نراه ما هو إلا
موت يشبه
الحياة، وأنت ثانيا أمام حضور طاغٍ للجسد بكل صخبه وعنفه
وفورته وجنونه بل
وإفرازاته، ولكنك ستكتشف أن الحديث كان طوال الوقت عن تلك الأرواح المعذبة
التي
تحاول أن تتحرر من قيود وسجن هذا الجسد، وأنت ثالثا أمام حياة فرضت علي
الأشقياء
والغلابة في قاع المدينة في برشلونة الصاخبة، ولكنك ستعيش مع
بطل الحكاية محاولاته
وأحلامه ليعيش الحياة كما يريدها أن تكون فينجح حينا ويفشل أحيانا ولكنه لا
يتوقف
عن المحاولة حتي يرسو علي شاطئ الموت، وهذه المحاولات المتصلة لرجل في قلب
الجحيم
هي المسافة بين كلمة
«Beautiful»
الإنجليزية بهجائها المعروف والمصطلح عليه وبين
كلمة
«Biutiful»
بهجائها الخاطئ كما أملاها بطلنا المعذب بين السماء والأرض علي
طفلته الصغيرة
.
سنحاول أن نحلل فيلم «جميل» استنادًا إلي محاوره الثلاثة
سابقة الذكر، نعم هو فيلم عن الحياة بمعناها البدائي البسيط يقدمها المخرج
بإيقاع
وببصمة الفيلم الوثائقي، وبعين كاميرا، وكاميرا مان رائع يتلصص علي الأبطال
ويحاصرهم ويكاد يدخل تحت جلودهم، نحن في مدينة برشلونة التي
عرفت بناديها الكروي
الشهير، لكننا أمام المدينة من القاع: أوكسبال (الرائع خافيير بارديم)
إنسان هامشي
يكسب قوته من الهواء، يرشو ضباط البوليس للسماح للباعة الأفارقة المتجولين
بالبقاء
في الشارع، ويأخذ أموالاً من هؤلاء الغلابة نظير ذلك، كما يحصل
علي سمسرة لتشغيل
مئات الصينيين في نسخ الأفلام علي اسطوانات أو كعمال بناء، كل الشخصيات
التي
شاهدناها تعيش يومًا بيوم «أوكسبال»، زوجته السابقة «مارمبارا» (الرائعة
ماريسيل
الفارنر) التي تقول، إنها تقوم بعمل جلسات تدليك للزبائن،
الصينيين والأفارقة، وحتي
ضابط البوليس المرتشي يتحدث دائمًا عن ابنته التي يريد أن يطعمها، هنا
الحياة في
حدها الأدني الحيواني البسيط، الصراع هنا من أجل البقاء علي قيد الحياة،
وهو صراع
شديد الشراسة والقسوة يكاد يشبه صراع الحيوانات في الغابة،
ولذلك يفيض الفيلم بصورة
دائبة الحركة، فالشخوص تتحرك والكاميرا تتحرك، والقطعات المونتاجية تصنع
حياة
اضافية للحياة الصاخبة، وتوجد فواصل لمشاهد ثابتة للسماء أو الشمس الغاربة
أو
المدينة الصامتة الشاهدة علي المأساة.
ولكن في ثنايا هذا الصخب البصري
والحركي بل والصخب علي شريط الصوت «أصوات ومؤثرات وموسيقي» يكمن الموت
الحاضر بقوة
سواء من خلال معرفة «أوكسبال» بأنه يعاني من مرحلة متأخرة من سرطان
البروستاتا، وأن
لديه شهرين فقط لكي يعيش بقايا الحياة، أو سواء من خلال حضور «أوكسبال»
لعدة جنازات
لممارسة هوايته وأكل عيشه بادعاء الاستماع إلي الموتي وتخليص
أرواحهم مقابل بعض
المال طبعا، أو من خلال حكاية جثة والد «أوكسبال» المحنطة منذ سنوات، والتي
يراد
إحراقها وتعويض ولديه «أوكسبال» وشقيقه تيتو بالمال لأن المكان بأكمله
سيتحول إلي
مركز تجاري، الموت والأجساد التي كانت ممتلئة بالحياة ستتحول
إلي جثامين عندما
يختنق 35 من العمال الصينيين بسبب شراء «أوكسبال» لأجهزة تدفئة رديئة
توفيرًا
للمال، هذه هي اللوحة الأولي التي رسمها السيناريو العبقري: الحياة في أقوي
مظاهرها
وفي قلبها الموت في قمة حضوره، والاثنان وجهان لعملة واحدة.
أما اللوحة
الثانية فهي ثنائية الجسد والروح، فيلم «جميل» علي المستوي البصري من أكثر
الأفلام
التي شاهدتها تكديسًا للجسد بكل ملامحه وإمكانياته، بشر كثيرون في الشوارع
يروحون
وتييئون، «كلوزات» كثيرة تكاد تظهر من خلالها مسام الجلود،
لقطات بعيدة لمئات
الباعة الأفارقة يطاردهم رجال البوليس، الشاب الأفريقي «إكويمي» يضرب وتسيل
منه
الدماء علي الأرض الأجساد العارية في أحد نوادي التعري الليلية التي يزورها
«أوكسبال»
، الزوجة السابقة مارمبارا ترقص عارية لـ«تيتو» شقيق أوكسبال، عشرات
الأمثلة التي تجعل الفيلم مكدسًا بالأجساد بالمعني الحرفي، ليس هذا فقط بل
إن
الفيلم يتعمد تقديم صور صادمة لإفرازات الجسد البشري التي تثير
القرف (البول -
المخاط - الدم الذي يسحبه أوكسبال بنفسه من جسده)، كل هذه الأمور جزء من
الصورة في
الملامح الحيوانية للإنسان الأرضي ساكن هذا الجحيم، ولكن الروح تبدو حاضرة
أيضا
ولكنه حضور منضبط يكاد يشبه الطيور التي تحاول التحليق والتي
نراها في مشاهد متعددة
في الفيلم «أوكسبال» المنغمس تمامًا في الحياة الأرضية له جانب روحي واضح
يعبر عن
نفسه سواء في جلسات التخاطر مع الموتي لتخليص أرواحهم أو في علاقة حبه
الرقيقة مع
زوجة سابقة مضطربة نفسيا ومدمنة تحاول أن تتحرر من إدمانها، أو في إحساسه
بالتواصل
الروحي مع والده الذي لم يره إلا جثة محنطة، والفيلم يكاد
يعتبر «أوكسبال» امتدادًا
لوالده الحالم أيضا بالتحرر، وعلي قدر العذاب الجسدي الذي تعاني منه كل
الشخصيات
تقريبًا وخاصة «أوكسبال» الذي اخترق السرطان جسده فوصل إلي الكبد والعظام،
فإنها
تعاني أيضًا من عذاب روحي هائل: الزوجة التي تتعذب عندما تؤذي
طفلها «ماثيو» «أوكسبال»
الذي تتمزق روحه لأنه تسبب في مصرع 35 شخصًا بينهم الفتاة الصينية «ليلي»
التي كانت ترعي طفليه «ماثيو» و«آنا»، «إكويمي»
السنغالي الذي يتم ترحيله ويترك
زوجته «إيجي» وطفله الرضيع «صامويل» المسمي علي اللاعب الشهير
«صامويل إيتو»..
الصيني «هاي» الذي يستقدم العمالة من الصين يتمزق بسبب موت العمال وإلقائهم
في
الماء، ويتعذب أكثر بعلاقته الشاذة بصديقه الشاب الصيني، وينتهي الأمر بأن
يقوم
«هاي»
بقتله، كل الشخصيات تتعذب روحيا باستثناء ثلاث شخصيات هي ضابط البوليس «المرتشي» الذي يرفض القيام بدور الأمم
المتحدة للاجئين، و«تيتو» شقيق «أوكسبال»
الذي يصفه الأخير بالغباء، و«ميندوزا» المقاول الذي يريد أن يمتص دماء
العمال ويدفع
أقل النقود.
ولكن التحول الروحي لـ«أوكسبال» يتم بصعوبة بالغة لأن المعالجة
واقعية شديدة الخشونة، وتلعب المعالجة الروحية «بيا» دورًا
هامًا في هذا التحول
عندما تنصح بطلنا بأن «ينظم شئونه» لأن الموت «ليس هو النهاية»، ومع ذلك
يرتكب «أوكسبال» أكبر أخطائه دون قصد بالتسبب في
مقتل العمال الصينيين بعد معرفته بحقيقة
مرضه القاتل، الفارق أنه سيتعذب أكثر هذه المرة مقارنة
بانفصاله عن زوجته أو معرفته
بأن أيامه معدودة علي الأرض. وفي المحور الثالث يقارن الفيلم بين وجهتي نظر
للحياة:
الحياة كما فُرضت علينا، والحياة كما نريد
أن نراها، عندما يقوم «أوكسبال» بإملاء
ابنته كلمة «جميل» بالإنجليزية تقترح أن تكتبها كما تنطق وليس
كما أرادها علماء
اللغة، وهكذا تبدو الكلمة علي هذا النحو المختلف
«Biutiful»
المسألة أكبر بكثير من
خطأ في حرف ولكنها تعبير عن «رغبة أوكسبال» أن يعيش الشهرين الباقيين كما
يريد وليس
كما أجبرته الحياة علي العيش طوال عمره السابق، بالطبع سيفشل كثيرًا
وسيتسبب في قتل
الصينيين، ولكنه سينجح في إنقاذ «إيجي» السنغالية وطفلها
«صامويل» بعد أن أقاما معه
ومع طفليه «آنا» و«ماثيو»، لقد نشأ «أوكسبانل» طفلاً يتيمًا ولم يكن له
اختيار في
أن يرضخ لشروط الحب في قاع المجتمع، ولكن عليه في أيامه الأخيرة أن يكتب
حروف
الحياة كما ينطقها وكما يريدها، عليه أن يحارب من أجل طفليه
ومن أجل التكفير عن
خطاياه في حق المهاجرين برعاية «إيجي» و«صامويل» هذا هو «الجميل» في الحياة
أن
نكتبها كما ننطقها بقدر ما نستطيع، وليس كما أرادتها الظروف.
تندمج هذه
المحاور في بناء واحد شامخ أشبه بطوابق برج «بابل»، وتتكرر تيمة «الرحيل»
بتيمات
متنوعة: «أوكسبال» ينتظر الرحيل بالموت، والده الراحل هرب من
«فرانكو» إلي المكسيك
فمات بعد أسبوعين من وصوله، الزوجة السابقة سترحل إلي مستشفي للعلاج،
و«إكويمي»
سيرحل إلي بلده السنغال تاركًا زوجته
وابنه، الصينيون والأفارقة رحلوا من بلادهم
إلي برشلونة، الجميع في حالة رحيل مستمر تعبيرًا عن فكرة قلق
الروح، ثم تتناثر رموز
صغيرة معبرة في كل مكان: البحر طبعًا وصوته الضخم الذي يرمز للموت، وسنري
مشهدًا
للحيتان التي قذفها البحر، ومشهدًا مماثلاً للجثث التي ألقاها بعد رمي
الصينيين
بداخله، وهناك فيلم شهير قام ببطولته «خافيير بارديم» بعنوان
«البحر بداخلي» كان
البحر رمزًا لخلاص شخص مشلول لا يستطيع الحركة علي الإطلاق حتي يتحرر
بالموت، ومن
الرموز الصغيرة الطيور المحلقة التي تجسد قلق الروح ورغبتها في الانعتاق من
هذا
الجحيم الأرضي، وسقف حجرة «أوكسبال» الذي يتشقق كلما اقترب
بطلنا من الرحيل، وهناك
صورة الأسماك التي تحمل أيضًا معني الموت، التي يتكرر تناولها في أسرة
«أوكسبال»
وتعبر ابنته عن كراهيتها لها، ثم تتمسك
بوالدها عندما تعرف أنه علي وشك الرحيل،
وهناك ذلك الخاتم «الأصلي» الذي يربط بين «أوكسبال» ووالده
وصراعهما الدائم مع
الموت، وهناك هذا المشهد الرمزي البديع عندما يطالب «أوكسبال» طفليه بأن
يتخيلا
نوعية الطعام الذي لا يستطيع توفيره لهما تعبيرًا عن حلمه بأن يروا الحياة
كما
يريدون هم لا كما يراد لهم، ولكن أقوي مشاهد الفيلم الرمزية هو
مشهد الجليد بين «أوكسبال»
وشاب غريب «ملامحه عربية تقريبًا»، وهو مشهد مهم جدًا يبدأ به الفيلم ثم
يعود إليه في النهاية مما يستدعي أن نتوقف عنده.
نحن الآن أمام غابة بها
سيقان أشجار وعلي الأرض الجليد في كل مكان، الشاب يتحدث إلي «أوكسبال» عن
بومة ميتة
علي الجليد معلنًا ألبوم يلقي عند الموت بكتلة من الشعر من
داخل فمه، يتحدث الشاب
عن صوت البحر الذي كان يزعج ويخيف «أوكسبال» في طفولته، ويقلد صوت الريح
أيضًا،
ينصح «أوكسبال» بأن يربط شعره لأن شكله يشبه الثعلب، يشعل له سجارة، ويشعل
الشاب
سجارة، يخرجان معًا من «الكادر» وتبقي صورة الأشجار وسط الجليد
الأبيض، رأيت في هذا
المشهد تعبيرًا رمزيا عن فكرة الخلاص بالموت: الشاب ذو الملامح الغريبة بدا
لي، كما
لو أنه ملاك الموت الذي يليق برجل احترف استغلال المهاجرين «صينيين،
أفارقة، وربما
عرب».. وكتلة الشعر السوداء التي تخرجها البومة من فمها هي
تلال الخطايا التي يجب
أن يتحرر منها الجسد، أما البحر وصوته فهو الموت الحاضر في قلب المشهد، بدا
لي أيضا
أن المكان «الشجر والجليد» هو الدليل الوحيد علي خروجنا من الجحيم الأرضي،
وأرجو أن
تتذكر أن الزوجة اصطحبت ابنتها، آنّا إلي مكان جليدي هروبًا من الجحيم، بل
إنني
أذهب إلي أبعد من ذلك فأري في المكان ما يشبه «المطهر» «أي
مكان التطهر من
الخطايا»، وطبعًا لم نر الفردوس لأن نموذج «أوكسبال» محكوم عليه تقريبًا
بالعذاب
الأبدي، هذه قراءتي للمشهد المهم اتساقًا مع قراءتي للفيلم دون أي مصادرة
علي أي
قراءة أخري.
إذا كان فيلم «بابل» يقول: تكلم أي لغة ولكن كن إنسانًا.. فإن
فيلم «جميل» يقول: يمكن أن تعيش في الجحيم مثل الحيوان سواء
بسواء، ولكن ذلك لا
يعفيك أبدًا من المحاولة حتي لو فشلت، ليس الموت شرًا في كل الأحوال، ولكنه
قد يكون
خلاصًا من قيود الجسد الغارق في طين الحياة، يلامس الفيلم بهذا المعني خطًا
صوفيا،
ولكنه - للأمانة - لا يسعي لتعميقه لأن كاميرا «إنياريتو»
مزروعة في الواقع الخشن،
ولكنني أعتقد أنها يمكن أن تصعد بسهولة إلي السماء في أعمال قادمة لو أراد،
مشهد
الأشجار والجليد ينبئ حقًا برؤية شفافة تنغمس في الأرض والجسد دون أن تنسي
السماء
والروح إنه يرسم صورة مرعبة للجحيم، ويعطي أملاً بوجود المطهر،
ويعطي احتمالاً
بوجود الفردوس: قد يصبح «صامويل» الرضيع مثل «صامويل إيتو» نجم برشلونة،
ولن يضطر «ماثيو» الصغير إلي الهرب للمكسيك، كما فعل
جده «ماثيو» الكبير، وقد تعود
«مارمبارا»
إلي أسرتها من المستشفي وهي أكثر اتزانا وقد استقرت روحها، وقد تتغير
معاملة المهاجرين بعد مأساة موت العمال الصينيين، ربما افتقدنا روحًا صوفية
قوية
بحجم فيلم إيطالي عظيم مثل «أسطورة القديس السكير»، ولكن يكفي
الموهوب «إيناريتو»
أنه قدم لنا الإنسان في كل حالاته: جسد يتحرك وروح تتعذب، حياة صاخبة وموت
ساكن،
رضوخ لمنطق أن نكتب كلمة «جميل» كما تعلمناها دون مناقشة، وتمرد بأن نكتب
نفس
الكلمة تمامًا كما ننطقها.. وكما نريدها نحن أن تكون. يا له من
فيلم عظيم.. وياله
من مخرج كبير.
روز اليوسف اليومية في
14/11/2010
أبطال أفلام العيد «مرضي نفسيين»
كتب
نسرين علاء
الدين
يبدو أن أفكار مؤلفي الأفلام التي ستعرض خلال موسم عيد الأضحي
المقبل قد توحدت عند قضية واحدة وهي المرض النفسي، حيث إن معظم
الأفلام التي ستعرض
في هذا الموسم يعاني أبطالها من مرض من أمراض نفسية، والاختلاف فقط في نوع
هذا
المرض، جاءت البداية مع النجم «عادل إمام»، حيث تدور أحداث فيلمه الجديد «زهايمر»
حول مرضه بالزهايمر بسبب تقدم العمر ما يجعله يري أولاده أصغر من عمرهم
الحقيقي
وينسي العديد من الأحداث التي مر بها في حياته وهنا تبدأ نيللي كريم في
محاولة
علاجه من هذا المرض بعد أن هددوه أولاده بحجزه في مصحة نفسية.
«زهايمر»
تأليف نادر صلاح الدين وإخراج عمرو عرفة
ويشارك في بطولته فتحي عبدالوهاب وأحمد رزق
ورانيا يوسف.
وكذلك الحال في فيلم «فاصل ونواصل»، حيث يتعرض بطله كريم
عبدالعزيز لصدمات متكررة أهمها وفاة زوجته وقيام والدها باختطاف ابنه
الوحيد مما
يجعله يصاب بمرض نفسي نادر ويدخل مصحة، وتبدأ الطبيبة النفسية التي تجسدها
دينا
فؤاد في علاجه، ولكن بشكل مبتكر بعيدا عن عيادتها، حيث يتسبب
مرضه في فقدانه
للذاكرة وعدم معرفته للعديد من الأشخاص من حوله. فيلم «فاصل ونواصل» تأليف
أحمد
فهمي وإخراج أحمد نادر جلال ويشارك في بطولته محمد لطفي ودينا فؤاد.
كذلك
الحال مع فيلم «بلبل الحيران»، حيث يقدم بطله أحمد حلمي دور شاب دائم
التردد مما
يجعله يتقدم لخطبة فتاتين لعدم قدرته علي الاختيار لذلك يقرر
في نهاية الأحداث
اللجوء إلي طبيب نفسي يعالجه من أزمات الحيرة والتردد التي تلازمه دائمًا.
يشارك في بطولة الفيلم زينة وإيمي سمير غانم وشيري عادل.
أما محمد
رجب فيجسد في فيلم «محترم إلا ربع» دور رسام كاريكاتير يتعرض لصدمة عاطفية
بعدها
يفقد الثقة في كل النساء ويقرر أن يتخلي عن مبادئه ليصبح محترما إلا ربع ثم
يعود في
النهاية إلي رشده ويقرر الاستعانة بطبيب نفسي ليساعده علي
الخروج من أزمته حتي
يعاود ممارسة حياته بشكل طبيعي.
«محترم
إلا ربع» تأليف محمد سمير مبروك
وإخراج محمد حمدي ويشارك في بطولته روجينا ولاميتا فرنجينة وإدوارد والطفلة
ليلي
أحمد زاهر.
روز اليوسف اليومية في
14/11/2010
«بلدة» اللصوص
قيس قاسم
أفلك الممثل المخرج
يجرب بعض الممثلين الانتقال من التمثيل الى الإخراج، أو الجمع بينهما، كما
فعل سيلفستر ستالون وكلينت ايستوود، على سبيل المثال. والفرق بين مستوى
المجربين كبير. «طفل المليون دولار» و«غران تورينو» لإيستوود لا يمكن
مقارنتهما بأي شكل من الأشكال بأعمال ستالون وآخرها «المرتزقة». فالإخراج
رؤية وعملية خلق قبل أن يكون حرفة خالصة. والجمع بين الحرفة والرؤية
الفنية، ناهيك عن الموهبة، أساس نجاح المشتغلين في المجالين. وتجربة بين
أفلك الإخراجية الثانية في فيلم «البلدة» تكشف عن فهم دقيق للوظيفتين، تجلى
من خلال أدائه كممثل رئيسي ومخرج في آن. وإذا كانت كبوات فيلم «رحل الطفل
رحل» قد وجدت مبرراتها في حداثة تجربة العمل الإخراجي الأول، فإن عمله
الثاني سوف يخضع لفحص نقدي دقيق، لا تراعى فيه تلك الاعتبارات، مطلقا، وهذا
ما أدركه أفلك جيدا، فراح ينتقي كل ما هو مفيد لإخراج فيلم مغامرة جيد، فيه
قسط كبير من الدراما الرومانسية.
الانتقاء الجيد تمثل في اختيار منطقة تشارلستاون في ولاية بوسطن، كمركز
تجري فيه أحداث الفيلم، والتي شهدت في الواقع وخلال زمن طويل، كثيرا من
حوادث السطو وسرقة البنوك، الى درجة دفعت تشوك هوغن الى كتابة رواية عن
أكبر جماعاتها الاجرامية بعنوان «أمير اللصوص»، ومنها استمد أفلك قصة
فيلمه. إذن فـ«البلدة» مستند الى رواية مكتوبة عن منطقة مشهورة بكثرة
جرائمها، وبالتالي كان على مخرجه الإهتمام بنقل أجواء المدينة ذاتها، ورسم
ملامح عوالمها الخفية والتي كان يتحرك فيها مجرموها، كي يكسب عمله مصداقية
كافية. وكان عليه، أيضا، رسم ملامح أعضاء العصابة التي عرفت بإقدام أعضائها
على خوض المغامرة والتخطيط الدقيق لها، ومن بينهم دوج ماكراي (يلعب دوره
بين أفلك نفسه) من خلال التركيز على معرفة تاريخه الشخصي وكيف وصل الى هذا
المستوى من القسوة، وما الذي دفعه في مرحلة معينة من عمره الى التفكير في
الكف عن هذا العمل والى الأبد؟ وكان التحدي الحقيقي لأفلك يتمثل في الإجابة
بوضوح «سينمائي» على الأسئلة كلها، وإلا سقط فيلمه في سطحية لن يشفع لها
اسمه وسمعته كممثل جيد.
البنك والقلب
يبدأ فيلم «البلدة» بمشهد سطو مجموعة من اللصوص المتنكرين بأقنعة بلاستيكية
على بنك من بنوك تشارلستاون، وفي غمرة الفوضى وحالة الرعب التي يتعمد
اللصوص إثارتها خلال الفترة التي يحتاجونها لنقل الأموال المسروقة الى
الخارج، ركزت الكاميرا عدستها على المديرة كلير (الممثلة ربيكا هول) التي
لاحظت مصادفة وشماً مرسوما على جسد أحد اللصوص، وفي نهايته تظهر وهي معصوبة
العينيين على شاطئ البحر وحيدة وتائهة. لقد تركها الخاطفون بعد احتجازها
لفترة قصيرة. أجواء اقتحام البنك وما تبعها كشفت بعض العلاقات الدرامية
والتي ستتفاعل لاحقا لتبلور طبيعة الحبكة التي بني عليها الفيلم. فالشاب
ماكراي كان ضد تصفية كلير، في حين كان جيمس (جيريمي رنر) يريد التخلص منها
نهائيا خصوصاً وانها تعرفت على شكل الوشم في جسده وكان يخشى أن تنقل
معلومات الى الشرطة تكشف هويته. وفي النهاية أقنع ماكراي شقيقه بأنه سيقوم
بمراقبتها والدخول الى بيتها لمعرفة ما إذا كانت تتعاون مع الشرطة. دخول
ماكراي عالم كلير الشخصي غيّر كثيرا من حياته وسلوكه، لأنه وببساطة وقع في
حبها. لقد بدأت قصة حب بين سارق ومخطوفته، وفي هذا إلتباس سينعكس على
أحوالهما وعلى مجموع شبكة العلاقات التي تربطهما، لكن المؤكد ان ماكراي كان
صادقا في مشاعره ولم يكن يريد استغلالها بأي شكل من الأشكال، الأمر الذي
لعبت الشرطة عليه، وبالقدر نفسه أثار حفيظة بقية أعضاء المجموعة التي وجدت
فيها تهديدا محتملا لها، رغم انها تكتمت على ما رأته في البنك. لقد وجد
ماكراي نفسه في لحظة من الزمن متنازعا بين مسارين: الأول على علاقة بأهله
الذين تبنوه، بعدما تركته أمه طفلا، والذين كانوا يمتهنون الجريمة والسرقة
وسيلة للعيش، فصار مع الوقت واحدا منهم. وجد نفسه وحيدا بعدما دخل والده
السجن بسبب جرائمه، ولهذا لم يجد غيرهم أهلا، الى درجة صار جيمس أخاً له
غير شقيق، فتجاوزت علاقتهما حدود العمل، في حين شكلت علاقته الجديدة
بالمرأة التي أحبها مسارا ثانيا متعارضا مع الأول، خصوصاً وأن المحقق أدام
(الممثل جون هام) راهن عليها لصالح هدفه النهائي وهو الايقاع بالعصابة
وادانتها بقوة. كل هذه الأجواء نقلها أفلك بقدرة سردية عالية الأداء، كونه
الممثل الرئيس تقريبا أدى دوره كما يريد ليتطابق مع السيناريو الموضوع.
بالقدر اياه أدى جيريمي رنر دوره بما لا يقل روعة عن ادائه في فيلم «خزانة
الألم». لقد بدأ هذا الممثل قويا ويبدو انه ماض في صعوده. وعلى مستوى العمق
الداخلي تجلت تعبيراته في العلاقة العاطفية الملتبسة بين اللص ومخطوفته،
اللذين وجدا نفسيهما في نهاية الشريط متباعدين بتأثير قوة جذب الأطراف
المحيطة بهما.
لقد أخلص أفلك لعمله مخرجا وممثلا، ولهذا حقق انجازاً اختاره مهرجان
البندقية ضمن عروضه خارج المسابقات الرسمية، ولم يتوان مهرجان ستوكهولم عن
إدراجه ضمن مسابقاته. فـ«البلدة» في النهاية يتجاوز عقدة الجمع بين
المغامرة والدراما الرومانسية بل ربما جاء كواحد من أفلامها الجميلة، كما
يتجاوز عقدة الخوف من الوقوف أمام الكاميرا للتمثيل، والجلوس في كرسي
المخرج في وقت واحد.
الأسبوعية العراقية في
14/11/2010
«السينما المصرية.. أفلام المرحلة الناصرية
دبي ــ الإمارات اليوم
ضمن إصدارات المجلس الأعلى للثقافة في القاهرة صدر كتاب «السينما المصرية
ــ الثورة والقطاع العام (1952 ـ 1971)»، الذي يستكمل من خلاله سلسلة من
الكتب في السياق نفسه مشـــغولة بالتأريخ للســينما المصرية في شتى
مراحلها، إذ سبق وأصدر المجلس «الســـينما المصرية ــ النشأة والتكوين»
إضافة إلى «السينما المـــصرية ـ التأصيل والانتشار». ولتكون هذه الكتب
ثمرة حلقات بحثية أشرف عليها الناقـــد هاشم نحـــاس، وفي مسعى من هذا
الأخير لســـد النقص الكبير الذي تعاني منه المكتبة المصرية والعربية إن
تعلق الأمر بكتب كهذه.
لم تقتصر المساهمات على النقاد السينمائيين فقط، بل شارك فيها أيضاً مفكرون
وشعراء وكتاب، مثلما هي الحال مع المفكر حسن حنـــفي الذي قدم ورقة بحثية
عن سينما توفيق صالح، وحضر الـــشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي كمعقب على أبحاث
ووفق وجهات نظر متداخلة، متفقة ومتعارضة، بما يجعل من الكتاب معبراً
استثنائياً نحو التأريخ والنقد والتوثيق للسينما لمصرية.
في كتاب «السينما المصرية.. الثورة والقطاع العام» وبعد تقديم نحاس له،
سنمضي مع المخرج والكاتب محمد كامل القليوبي في بحث مهم جداً متعلق برصد كل
ما أحيلت إليه السينما المصرية بعد ثورة ،1952 وفي تحليل تاريخي للأفلام
التي أنتجت بعد الثورة، وإحصاءات لها أن تعزز من الحيثيات التي يقدمها
القليوبي، بدءاً من تصريح اللواء محمد نجيب بخصــوصها وهو يعتبرها «وسيلة
من وسائل التربية والتثقيف، لكن عندما نسيء استعمالها نهوي بأنفسنا إلى
الحضـــيض، وندفع جيلاً من الشباب إلى الهاوية»، وصولاً إلى وضع الانتاجات
جنباً إلى جنب مع الوضع السياسي لمــصر في تلك المرحلة، والطبقات
المتـــشكلة في تلك المرحلة، والكيفية التي تعامل فيها المنتجون مع ثورة لم
تكن معالمها الطبقية واضحة حينها، كأن يصبح الإعلان عن الأفلام بعبارات من
نوع «فيلم جديد نظيف في عهد جديد نظيف»، أو «الفيلم الاشتراكي الاستعراضي
الكبير».
المرور على مساهمة القليوبي ستقودنا إلى بحوث أخرى امتدت على أكثر من 400
صفحة، تناوب عليها كل من أحمد يوسف متناولاً الواقعية في تلك الفترة، بينما
قدمت فيولا شفيق بحثاً متعلقاً بقضية المرأة والتغيرات التي طرأت عليها في
سينما ما بعد الثورة، كما يقدم ابراهيم العريس بحثاً عن علاقة الأدب
بالسينما في المرحلة الناصرية وغيرها من أبحاث غنية وضرورية ليس لمتابع
للسينما المصرية إلا أن يكون بأمس الحاجة إليها.
الإمارات اليوم في
14/11/2010
|