أعتذر لك عزيزي القارئ لأنك سوف تقرأ هذا المقال اليوم-
الخميس-
بعد يومين من انتهاء تلك التظاهرة الكبري التي تقدمها بلا صخب ولا ضجيج،
الأوفق أن أقول بهدوء وهمس شديد للمخرجة الكبيرة »ماريان
خوري« وذلك للدورة الثالثة علي التوالي وهي بانوراما الفيلم الأوروبي..
الحقيقة هي أن ثقافة المتفرج المصري السينمائية لا تتجاوز حدود الفيلم
الأمريكي هذا هو ما يألفه ويعرفه أغلبنا حيث إن الإعلام الرسمي بل والخاص
أيضاً ساهم في التأكيد علي ذلك حيث لا تواجد إلا للفيلم الأمريكي علي أغلب
القنوات التليفزيونية.. في الماضي كان لدينا مساحة لتقديم بانوراما للفيلم
الفرنسي علي قناة التليفزيون الثانية ثم توقفت لأسباب غير معروفة وكانت نوادي السينما في الماضي وأعني بكلمة الماضي قبل
نحو نصف قرن كانت قادرة علي أن تلعب دوراً
تثقيفياً في إلقاء الضوء علي الأعمال الفنية غير الأمريكية ولكن مع الزمن تقلصت أنشطة تلك
النوادي وانتقل لها أيضاً فيروس الأفلام الأمريكية،
الفيلم الأجنبي غير الأمريكي نجد فقط له مساحة في المهرجانات السينمائية القاهرة أو
الإسكندرية..
وكالعادة فإن الجمهور حتي في المهرجانات يفضل الفيلم الأمريكي
الذي يعرفه محققاً
مقولة أرسطو
»الإنسان عدو ما يجهل«..
ما تفعله البانوراما الأوروبية وبإصرار من
»ماريان خوري« هو أنها تحيل العدو إلي صديق..
في هذه الدورة كنت قد شاهدت عدداً
من الأفلام من قبل في المهرجانات التي حضرتها منها »جميل«
المكسيكي الاسباني المشترك الذي حصل
ممثله الأول »خافييه باراديم«
علي جائزة أحسن ممثل والذي يتناول حياة رجل يقترب من مشارف
الموت ولكن ما يؤرقه هو توفير الأمان لأسرته بعد رحيله خاصة أن زوجته وقعت
في إدمان الخمور..
الخيط الدرامي السحري في هذا الفيلم هو أنك تظل تغفر للرجل
أخطائه الصغيرة في محاولاته غير المشروعة لتوفير الأمان المادي ولو لبضع
سنوات قليلة قادمة لأسرته بعد رحيله..
وفي البانوراما أيضاً الفيلم الفرنسي الممتع »رجال وآلهة«
الذي يستند إلي واقعة حقيقية حدثت عام
٦٩٩١ في ذروة التطرف الإرهابي الذي رفع شعار الإسلام في الجزائر.. الفيلم
يقدم العلاقة الحميمة بين الكهنة الفرنسيسكان في تلك القرية والمواطنين،
قدم كيف أن الإرهاب بعد أن أطل برأسه أحالهم من أصدقاء إلي أعداء وانتهي
بجرائم قتل لعدد من الرهبان..
وتتعدد الأفلام المهمة مثل
»أزرق صادم« الهولندي، »زنديق« الفلسطيني، »مرحباً« الفرنسي والذي سبق عرضه
بمهرجان الإسكندرية وحصل علي جائزة »عروس البحر« و»الشريط الأبيض«
الألماني الحاصل علي جائزة
»السعفة الذهبية«
من »كان«.
هذه الدورة من البانوراما تقدم إطلالة علي سينما المخرج التركي »فاتح أكين«
وهو واحداً من أهم المخرجين في العالم بأفلامه »علي الجانب الآخر«،
»عبور الجسر«، »صوت اسطنبول«، »في الجدار«، و»مطبخ الروح«.. بالإضافة إلي
إطلالة البانوراما أيضاً علي الأفلام التسجيلية من خلال عدد منها حاصلة عل
جوائز كبري مثل »شواطئ أنييس«
وأغلبها أفلام فرنسية ولا أدري لماذا فقط
أغلبها هذه المرة فرنسية..
ويبقي أن هذه الأفلام تعرض ولديها ترجمتان
إنجليزية أو عربية وأحياناً الاثنان معاً
حتي تتيح الفرصة للجميع للاستمتاع بالفيلم وهي خطوة مهمة جداً لا تتحقق
مثلاً في بعض عروض الكثير من المهرجانات وكثيراً
ما يقدم المهرجان لقاءات مع صنّاع الأفلام والجمهور في لقاءات متميزة مثل
تلك التي استضاف فيها المخرج الفلسطيني »ميشيل خليفي«
الذي يعود إلي القاهرة بعد أكثر من عشر سنوات.. »ميشيل«
ممن تعارفنا أن نطلق عليهم »عرب إسرائيل«
وهم يصرون علي أنهم عرب فلسطين..
وهم مضطرون لحمل الجنسية الإسرائيلية عنوة لأن هؤلاء ولدوا بعد عام ٨٤
عندما استولت إسرائيل علي الأراضي الفلسطينية ورفضوا الرحيل وهم يعيشون في
تلك الأراضي التي نطلق عليها داخل الخط الأخضر مجبرون علي حمل الجنسية
الإسرائيلية بينما يحملون جنسيتهم الفلسطينية في قلوبهم وإذا كانت إسرائيل
تعاملهم كمواطنين من الدرجة الثانية فإن علينا في المهرجانات العربية أن
نفتح أمامهم الأبواب وهذا ما فعلته تحديداً »ماريان خوري«..
قدم
»ميشيل« أفلاماً مهمة مثل »الذاكرة الخصبة«، »اللآلئ الثلاث«، »عرس الجليل«
وصار عنواناً بل ورائداً للسينما الفلسطينية لكنه نادراً ما يأتي إلي مصر للمشاركة في المهرجانات وكسرت
»ماريان خوري« هذا الحائط الصلد الذي يحول دون تواجده هو وأفلامه في
المهرجانات العربية، وهكذا رأيناه في القاهرة وكم كانت فرحته وهو بين
أقرانه وجمهوره المصري.. وهو مُصِّر علي أن فيلمه فلسطيني الجنسية والفيلم
إنتاج بلجيكي لأن شركته الإنتاجية هناك وهو لم يحصل علي أي تمويل إسرائيلي
ولا يوجد بين فريق العمل أي من الإسرائيليين.
تستحق »ماريان خوري« التحية والتقدير، فهي تصنع بانوراما سنوية للفيلم الأوروبي بعدد قليل جداً
من الموظفين لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة تنظم العروض وتقام الندوات
وتستقبل الجمهور حتي الثانية صباحاً وتقدم أيضاً دراسات تتناول ذوق ورغبات الجمهور،
ونستطيع أن نري »ماريان«
تنتقل برشاقة بين مدينة نصر حيث تعرض أفلام
البانوراما في سينما »سيتي ستارز«
ثم تتوجه إلي حي المنيل لتعرض البانوراما بسينما »جلاكسي«
وفي نفس اللحظة لتعيد للفيلم الأوروبي حقه المهدور في مصر.. إنها حكاية
عاشقة للسينما اسمها »ماريان
خوري«!
أخبار النجوم المصرية في
11/11/2010
سينمائيات
إرهاصات
مصطفى درويش
والسنة علي وشك الرحيل، تبدأ التنبوءات فيما يتصل بالترشيحات لجوائز اوسكار،
والحرب الدائر رحاها في مضمار التنافس علي من يرشح لها، من بين صناع
الافلام ونقاد »امباير«
مجلة السينما الشهرية،
واسعة الانتشار، دائما سباقون في ذلك المجال.
ومن بين الافلام التي توقعوا لها الترشيح،
ورأيتها منشورة في عدد شهر نوفمبر الحالي لتلك
المجلة، من بينها اذكر »خطاب الملك«،
»البجعة السوداء«، »الخريج الاول« »وما بعد الحياة«
و »عضمة الشتاء« والفيلم الاول صاحبه »توم هوبر«
وكان أول عرض له في مهرجان
»تليورايد« بعد ذلك، وفي مهرجان تورنتو«
نال جائزة المتفرجين.
وفي مهرجان لندن القادم، سوف يكون الفيلم المحتفي به،
من دون سائر الافلام.
وبطولته انعقدت »لجون فيرث« ذلك النجم الانجليزي الرائع،
والسابق له الفوز بجائزة أفضل ممثل في مهرجان
»ڤينيسيا« (٩٠٠٢) وادائه في فيلم »رجل عازب«، فضلا عن ترشيحه لجائزة اوسكار افضل ممثل رئيسي،
عن ذلك الاداء.
وفي »خطاب الملك« يتقمص شخصية »الملك چورج السادس«
الذي اعتلي عرش بريطانيا،
اثر اجبار شقيقه الملك »ادوارد الثامن«
علي التنازل عن عرش المملكة،
لوقوعه في حب امرأة امريكية مطلقة مرتين، واصراره علي عقد قرانه عليها،
رغم اعتراض الكنيسة.
وكانت مشكلة »چورج السادس« انه وجد نفسه معتليا العرش فجأة،
دون ان يكون مهيئا لذلك،
بأي حال من الأحوال.
وكان من بين أهم نقاط الضعف في شخصيته،
التلعثم في الكلام لم يكن في وسعه القاء خطاب من
الاذاعة، موجها منه إلي الامة، بوصفه ملك البلاد،
يقول فيه ان حرب حياة أو موت،
قد اندلعت نيرانها بين بريطانيا والمانيا الهتلرية
(٩٣٩١) وان يكون خطابه هذا حافزا للامة علي مواجهة محنة سنوات كلها دموع
ودماء، بعزم أكيد، وارادة من حديد.
خاصة، انه، فيما لو جرت مقارنة بين نداء ملك،
خطابه مشوب بالثأثأة،
ونداء هتلر إلي الشعب الالماني الذي كان متمرسا في فن التضليل، بفضل
امتلاكه موهبة الخطابة، علي نحو لايشق له فيها
غبار، لجأت المقارنة لصالح الاخر، أي لصالح المضلل الكبير.
ومن هنا، الاسراع بتكليف طبيب نفسي استرالي عرف عنه انه متخصص في علاج
المصابين بداء الثأثأة، واسمه »ليونبل لوجين«، تكليفه بمعالجة الملك، علي نحو يستطيع معه القاء خطاب فارق في تاريخ بريطانيا ومصيرها في
المستقبل القريب،
وربما البعيد ومدار الفيلم الصراع بين ارادتين،
ارادة الملك التلميذ، وارادة استاذه، إلي ان ينتهي الامر بانتصار ارادة الاخير،
وذلك بشفاء الملك من الداء،
الذي عذبه،
منذ ان كان صغيرا، ومن ثم قيامه بالقاء الخطاب بنجاح هذا،
عن الفيلم الاول، الذي يقال عنه انه سيجري ترشيحه،
للعديد من جوائز الاوسكار.
ومنه انتقل إلي الافلام الاخري، وابدأ »بالبحقة السوداء«،
لاقول ان صاحب الفيلم »دارين ارونوفسكي«
قد سبق لفيلمه »المصارع« الفوز بالاسد الذهبي لمهرجان ڤينيسيا (٨٠٠٢)
وبطلته النجمة »ناتالي بورتمان«
وحتي تؤدي دور »البجعة السوداء«
المسند اليها في الفيلم علي اكمل وجه، كان عليها ان تتدرب علي رقص الباليه يوميا،
ولمدة خمس ساعات!!
ومن البجعة السوداء انتقل إلي الافلام الثلاثة الاخري، لاقول عنها باختصار ان اولها
»الخريج الاول« صاحبه المخرج »چاستين شادويك«.
وموضوعه يعرض لقصة حياة »يكهاني ماروجي«، ذلك المسن الكيني الذي اصر علي الالتحاق بمدرسة ابتدائية،
كي يتعلم القراءة، رغم انه كان له من العمر اربعة وثمانون عاما.
وثانيها »ما بعد الحياة«
لصاحبه المخرج المخضرم
»كلينت ايستوود«، السابق له الفوز باوسكار افضل مخرج،
مرتين.
يبقي الفيلم الاخير »عضمة الشتاء« ولانه اعجوبة: بين جميع الافلام
الامريكية التي رأيتها اثناء السنة التي لم يبق منها سوي بضعة اسابيع اراه
جديرا بان ينفرد بحديث طويل، لايتيحه ضيق المجال!!
moustafa@sarwat.de
أخبار النجوم المصرية في
11/11/2010
رؤية خاصة
المدينة
رفيق الصبان
كلنا نعرف بن افليك ممثلا..
شابا..
بزغ
في سماء السينما الأمريكية الشابة واستطاع أن يلفت اليه الأنظار.. بوسامة
ورجولة خاصة به..
جعلته يحتل بالفوز مكانا مميزا في قلوب الشابات..
في شتي أرجاء المعمورة.
ولكن افليك..
فاجئنا بشكل غير متوقع..
عندما كتب بمساعدة صديقه الممثل الشاب (مات ديمون)
فيلما عجيبا يعتمد علي حالة استثنائية لشاب شبه معوق يملك مزايا استثنائية
في علم الرياضات.. الفيلم انطلق كالزوبعة في سماء السينما، وحصد أوسكار أحسن سيناريو..
ولفت النظر الي أن هذا الممثل الشاب يملك مواهب أخري كامنة غير موهبة
التمثيل.
لكن بن افليك لم يكتف بهذه المفاجأة الحلوة في الكتابة السينمائية.. إذ كان
يهيء لنا مفاجأة أخري..
اندلعت كالشهاب..
عندما أخرج فيلما بعنوان (رحلت صغيرتي)
عن قصة اختفاء طفلة صغيرة من
حي شعبي.. وكافة الأمور التي أحاطت بهذا الاختفاء وألقت ضوءاً
ساطعاً.. علي حياة حي أمريكي تغير بكل متناقضاته ومشاكله وأحلامه المجهضة..
كل ذلك قدمه بشاعرية جافة عرفت كيف ترصد بعين حساسة جوانب مجهولة من الحياة
الأمريكية.
في هذا الفيلم برز بن افليك مخرجا من طراز خاص يملك رؤية خاصة به وقادر علي
خلق أسلوب سينمائي مميز.. وعلي ادارة ممثلين بحرفية عالية.
ولم ينتظر افليك كثيرا.. ليذكرنا.. بأنه ممثل كبير قبل أن يكون كاتبا أو
مخرجا..
إذ فاز بجائزة أحسن ممثل في مهرجان فينسيا
قبل أعوام لدور منتج هوليوودي دون قلب..
بفيلم متوسط القيمة.. أعطاه أداء بن افليك وهجه ومستواه.
إذن.. افليك ممثل.. يعتمد عليه.. وكاتب حاز علي أعلي جائزة أمريكية في
السينما ومخرج مرموق.. تعقد حوله الآمال..
وماذا بعد..
هذا هو اذن افليك..
يجمع ميزاته الثلاث ممثلا..
ومؤلفا..
ومخرجا.. بفيلمه الأخير (المدينة)
الذي انطلق كالصاروخ..
في سماء السينما الأمريكية حاصدا نجاحات كبري علي مستوي الجماهير والنقاد
معا.. المدينة، هي تشارلز تاون..
مدينة صغيرة في الشرق الأمريكي..
اشتهرت بحوادث السرقة الناجحة لعدد من البنوك الصغيرة.. وافلات أصحابها من
العقاب..
لدرجة أن أطلقوا عليها اسم مدينة اللصوص..
وهي المدينة التي اختارها الكاتب الأمريكي تشاك هوجان موضوعا لقصته (أمير
اللصوص) التي استخدمها بن افليك مادة لفيلمه..
وقام بإخراجها وأداء الدور الأول فيها.
افليك يلعب بالفيلم دور (دوج ماكراي) واحد من أربعة رفاق يشكلون أعضاء هذه
العصابة التي يديرها.. رجل عجوز داهية..
يملك حانوتا لبيع الورود..
الفيلم يبدأ.. بمشاهد تقطع الأنفاس..
عن محاولة عصابة الأربعة سرقة بنك صغير مرتدين أقنعة تغطي
وجوههم.
وتنجح عملية السطو.. وكي تضمن العصابة عدم ملاحقة الشرطة تأخذ معها
وهي رهينة مديرة البنك الشابة كلير..
التي تفرج عنها بعد
أن شعرت بالأمان من مطاردة البوليس لها،
لكن الشكوك تزداد في نفوس أفراد العصابة حول،
هل تمكنت هذه الفتاة من معرفة أحد منهم، لذلك يرسلون وراءها دوج ماكراي لمراقبتها..
وان يحاول التعرف عليها لفهم موقفها وردود أفعالها..
واجاباتها في التحقيق.
وبالطبع.. تبدأ علاقة حب..
تنمو شيئا فشيئا بين رجل العصابة والموظفة الشابة،
عرف السيناريو كيف يطورها باقناع ومنطق وشاعرية، وعرف المخرج كيف يقدمها
بسلاسة وعذوبة مدهشتين.
وهنا ومن خلال هذه العلاقة الاستثنائية الغريبة..
يلقي الفيلم أضواء انسانية خارقة للعادة
علي الشخصيات كلها.
شخصية دوج نفسها وعلاقته بأبيه السجين وأمه المختفية الهاربة.
وعلاقته بصديق عمره.. وشريكه في عصابة الأربعة الذي قضي تسع سنين في السجن
حماية لصديقه دوج ودفاعا عنه.. وحياة كلير نفسها التي تعيش وحيدة بعد
فقدانها أهلها.
كل هذه الزوايا الانسانية عرف افليك كيف يقدمها عن طريق حوار شديد الذكاء
أحيانا، ومواقف مبتكرة..
يتغلب فيها الحس السينمائي الانساني علي كل شيء آخر.
ولكن من خلال هذا الخيط الانساني الذي يكشف عيوب اجتماعية حادة
يعاني منها المجتمع الأمريكي.
لا يكف فيلم المدينة بصفته فيلما بوليسيا حركيا من الدرجة
الأولي..
من تقديمه مشاهد تقطع الأنفاس وتؤكد مقدرة
(افليك) الخارقة في ضبط الايقاع السينمائي المشوق وأن يضع فيلمه البوليسي
هذا واحدا من أهم الأفلام التي قدمتها هوليوود في هذا المضمار في السنوات
الأخيرة.
هناك عملية السطو الأولي.. التي قدمها المخرج في افتتاح الفيلم ببراعة
مشهورة وهناك عملية السطو الثانية.. التي تتبعها مطاردة شيقة في الشوارع
تذكرنا بأشهر مطاردات السيارات في السينما الأمريكية.. وتتفوق عليها أحيانا
لأنها لا تجعلنا لحظة ننسي الروابط الانسانية المعقدة التي تربط بين أفراد
العصابة..
وتضامنهم..
وايمانهم ببعضهم.
علي الجانب الآخر يقف رجل البوليس ويلعب دوره (جون هام)
العقلاني البارد الذي لا يملك قلبا..
والذي لا هم له إلا الايقاع بالعصابة..
حتي لو لجأ الي أدنيء الوسائل وأكثرها خسة..
كمحاولة تهديد العاهرة العاشقة لكي تشي
بحبيبها مستغلا ضعفها تجاه ابنتها الوحيدة..
راميا عرض الحائط بكل العواطف الانسانية السامية في سبيل تحقيق هدفه
الشخصي.. وهو الايقاع بدوج مهما كانت الوسائل والطرق.
صورة لرجل البوليس.. رسمها افليك بدقة هائلة لتقف أمام صورة المجرم بشكل
متعادل. وبطريقة تجعلنا نتساءل..
أيهما أكثر إجراما وشرا..
اللص أم رجل البوليس؟..
معادلة حادة عرف افليك كيف يقدمها بسلاسة دون صراخ.
وبطريقة تتسلل الي القلب بنفس السهولة التي رسم بها نحو العلاقة بين دوج
وكلير (وتلعب ريبكا هيل في هذا الدور..
واحدا من أجمل اطلالتها علي الشاشة).
علاقة الحب الشاعرية هذه.. رسم أبعادها افليك.. بدقة ورقة عاشق حقيقي
وجعلها تتناسب طردا مع مشاهدة الحركة المثيرة التي بلغت أوجها في مشهد
السرقة الأخير..
الذي يتنكر فيه الصديقان اللصان بثياب رجال البوليس لاتمام
سرقتهما.. والخروج بها بأمان تتبع ذلك مطاردة مذهلة في الشارع..
بسبب فرحة رجال البوليس ومعرفتهم بميعاد السرقة.. (عقب خيانة العاهرة الاجبارية للرجل الذي
أحبته..
ثم قدمته قربانا..
لانقاذ ابنتها من براثن رجال البوليس).
النهاية المفاجئة للفيلم تكشف توجه المخرج والكاتب..
وتشي بموقفه من السلطة ومن هؤلاء (اللصوص)
الذين جعلتهم قسوة المجتمع وجشعه لصوصا..
والتي تكفي عاطفة حب صادقة..
لتغير حياتهم كلها.
(المدينة) فيلم يجمع بين قوة أفلام الحركة واثارتها، وتكتيكها الرائع..
من خلال أكثر من مشهد وأكثر من مطاردة ويجمع بين البعد النفسي والاجتماعي..
والذي تمثل في علاقة دوج بكلير..
وعلاقته بأبيه السجين..
وافتضاح سبب مأساته الحقيقية..
وعلاقته الرائعة المدهشة بصديق عمره الوحيد..
الذي تمثل ميتته في الشارع واحدا من أكثر المشاهد تأثيرا ودلالة وعمقا.
سحابة رومانسية دافئة..
وعواطف حارة..
كللت مشاهد العنف والحركة المدهشة بهالة
ساطعة من العواطف الصادقة والنقد الاجتماعي الصارخ وجعلت من فيلم
(المدينة) مثالا يحتذي لأفلام الحركة والتشويق..
كما وضعت بن افليك في مقدمة مخرجي الحركة
في أمريكا.
ليجمع بين قدراته التمثيلية وابداعه الفكري (كتابة واخراجا)
وليصبح واحدا من الأساطير الأمريكية الجديدة في عالم السينما.
أخبار النجوم المصرية في
11/11/2010 |