«انه، كممثل، يكاد يشبه كثيراً الأفلام التي كان يمثل فيها: كان ثقيلاً
بعض
الشيء، لكنه كان دائماً عميقاً قوياً، صلباً مطبوعاً بمزاج
انساني عميق». هذا
الكلام كتبه ذات يوم الناقد الفرنسي جورج
سادول عن واحد من أكبر فناني السينما
السويديين: فيكتور سجوستروم الذي كان
يعتبر، الى حد ما، أكبر من انغمار برغمان
وأستاذاً له. وكان برغمان نفسه لا يكف عن الحديث عن سجوستروم وتأثيره الفني
والإنساني عليه، بل انه نقل إعجابه، ذات مرة، من الكلام الى الفعل حيث جعل
لسجوستروم بطولة واحد من أقوى وأجمل أفلامه «الفريز البري» الذي كان، أواسط
الخمسينات، أشبه بتحية سينمائية وداعية لفنان كبير. والحقيقة أن بطولة ذلك
الفيلم
كانت آخر عمل فني حقيقي قام به ذاك الذي بدأ حياته السينمائية منذ عام 1912
كمخرج.
>
حقق سجوستروم، في السويد وخارجها، وطوال عقود من السنين، عدداً
كبيراً من
الأفلام، لا سيما أفلام السينما الصامتة،
ومع هذا يبقى فيلمه الأميركي «الريح» أهم
أفلامه، والفيلم الذي عرف به على نطاق عالمي واسع. ويمكن القول هنا إن سبب
نجاح
الفيلم وشعبيته لم يكن اخراج سجوستروم له، بقدر ما كان الدور الذي وفّره
فيه هذا
الأخير لواحدة من أشهر نجوم السينما في ذلك الحين: ليليان غيش. بيد أن هذا
الواقع
لا ينبغي أن ينسينا، بعد مرور كل تلك السنوات، قيمة الفيلم نفسه، إذ انه
يوضع عادة
في خانة أعظم مئة فيلم في تاريخ الفن السابع، ويقال أيضاً انه الفيلم الذي
أعطى
ليليان غيش واحداً من أهم أدوارها خارج نطاق سينما غريفيث أستاذها الكبير
والذي
تحدثت عنه وعن سينما وعملها معه في كتاب جميل صدر منذ سنوات طويلة وترجم
الى لغات
عدة (منها العربية إذ ترجمه الناقد عدنان مدانات وأصدره في سلسلة «الفن
السابع» عن
المؤسسة العامة للسينما في سورية).
>
ولعل قيمة إضافية يمكن إسباغها على «الريح» تنبع من أن فيكتور
سجوستروم حين
عمل في هوليوود خلال تلك المرحلة من حياته، اضطر لتحقيق عدد من
الأفلام البائسة
والخفيفة. ومع هذا تميّز «الريح» بين تلك
الأفلام الى جانب «الحرف القرمزي» (عن
رواية ناثانيال هاوثورن)، بكونه فيلماً عرف
فيه مخرجه كيف يغوص في عمق الواقع
والذهنية الأميركيين، من دون أن يتنازل عن
حقه في التعبير الذاتي وعن لغته الآتية
من تعبيرية سينما الشمال الأوروبي. وفي هذا
الإطار يبدو «الريح» فيلماً استثنائياً
وكبيراً.
>
في العادة يقول المؤرخون والنقاد عن «الريح» انه «أغنية
البجعة» لتاريخ
السينما الصامتة، أي أنشودة الوداع، لكونه
واحداً من آخر الأفلام الكبيرة الصامتة
في تاريخ السينما، قبل أن تنطق هذه السينما
وتودّع صمتها الى الأبد... ومن هنا يقول
هؤلاء أن «الريح» كأنشودة وداع على هذا النحو، حمل كل جماليات وشاعرية
الصمت الذي
هيمن على الفن السابع. والفيلم الذي يعرّف نفسه في لوحة يبدأ بها جزؤه
الثاني بأنه «حكاية
امرأة أتت لتعيش وسط ملكوت الرياح» هو حكاية تراجيدية عن الوحدة والرعب
والموت، تتحدث عن فتاة حسناء من ولاية فرجينيا الأميركية تدعى ليتي ماسون،
يحدث
انقلاب في حياتها حين تذهب الى منطقة «سويت ووتر» النائية الضائعة وسط قسوة
الطبيعة، لدى أبناء عم لها في صحراء جافة. والمكان يصوّره لنا سجوستروم منذ
البداية
خاوياً خالياً، تضربه الرياح العاتية في كل لحظة. لكن الطبيعة ليست وحدها
القاسية
هنا. فهناك أيضاً غيرة النساء وقسوة الرجال الذين يعيشون في صراع دائم مع
البؤس
والحرمان. وهذا السوء كله سرعان ما تجد الفتاة نفسها تعيش في خضمه، مقاومة
أولاً
وبخاصة رغبة الرجال فيها... ثم إذ لا تنفع المقاومة طويلاً، وتجد ليتي
نفسها مجبرة
على العيش هنا من دون أية قدرة على المبارحة، ينتهي بها الأمر الى القبول
بالزواج
من راعي بقر بسيط وعادي هو ليفي هايتاور... ولكن ليفي هذا لا يتمكن أبداً
من معاشرة
زوجته حقاً... وهكذا يزداد الأمر سوءاً وينضاف الحرمان الى البؤس. وتتحول
حياة ليتي
كلها الى كابوس. ثم ذات ليلة، إذ تسمع طرق الباب، تفتحه ليتي ليجابهها شخص
قاس يريد
اغتصابها فتتصدى له. بل يصل بها التصدي والاستشراس في الدفاع عن نفسها الى
حد قتله.
ثم تسعى الى التخلص من جثته.
>
ولكن هل إن هذا يحدث حقاً، كما نراه في الفيلم أمام عيوننا؟ أم
إن الأمر
كله لا يعدو أن يكون كابوساً تعيشه الفتاة الحسناء وسط رعبها
ووحشتها وقلقها؟ كابوس
سيكون من مهمة ليفي، على رغم إحباطه، أن
يخلصها منه... وبالتالي أن يخلصنا منه نحن
المشاهدين؟ والحال إن مشروعية هذا السؤال تأتي من جراء قدرة هذا الفيلم،
القوي
والأخاذ، على دفع المتفرجين الى التماهي كلياً مع بطلته: فمخاوفها تتحول
الى مخاوف
المشاهدين ورعبها الى رعبهم، ما جعل كثراً من الباحثين يقولون إن «الريح»
هو واحد
من أول الأفلام التي حوّلت لعبة التماهي بين المتفرج وبطل الفيلم الى مسألة
عملية
بعدما كانت نظرية بحتة.
>
ومن هنا فإن «الريح» يبدو في نهاية الأمر فيلماً يروي الصراع
الشرس الذي
يخوضه الإنسان الضعيف، ضد ائتلاف الآخرين مع قوى الطبيعة ضده.
والأهم من هذا إن
الريح العاتية هي هنا البطل الحقيقي، هي
هنا العدو الحقيقي ما يجعل الفيلم، بحسب
الناقد الراحل كلود بيلي يصبح ذا سمة مرتبطة بنزعة فيكتور هوغو التي تنحو
دائماً
الى تصوير الصراع بين العذوبة المطلقة (تتمثل هنا بالفتاة الفلاحة التي
تحارب عزلاء
عارية اليدين) والعنف المطلق (الذي يجمع قوى الطبيعة القاسية الى قوى الشر
الكامنة
لدى الإنسان). ومن هنا يكون فيكتور سجوستروم قد حقق في هذا الفيلم ما عجز
عنه كثر
من قبله: وهو تصوير التعارض الحاد بين المشاعر المرهفة وما تبديه الطبيعة
من عنف.
واللافت هنا أن سجوستروم، على رغم صمت فيلمه، تمكّن من التعبير عن قوة صوت
الريح
وغضب الطبيعة من خلال صورة النوافذ تغلق وتفتح بقوة أو الرمال المرتفعة
هابّة في
عصف مرعب... والحال إننا حتى اليوم حين نشاهد صور هذا كله سنشعر بأصوات
تملأ آذاننا
مؤلمة ضارية قاسية، وفي شكل ندر أن أحسسناه أمام مشاهد مماثلة في أي فيلم
من
الأفلام.
>
وهذا كله هو الذي يصنع، بالطبع، قوة هذا الفيلم وقوة الإيحاء
القوي فيه.
ومن هنا لم يكن غريباً أن يقال دائماً إن فيكتور سجوستروم قد
أوصل فن التعبير
البصري الى مستوى من القوة لم يعد في
الإمكان معه لأي فيلم صامت آخر أن يكون
مقنعاً. ولذا، أيضاً، اعتبر الفيلم تتويجاً
لمسيرة هذا الفنان الذي ولد عام 1879 في
استوكهولم ما يعني انه حين حقق «الريح» في عام 1928 كان قد تجاوز الخمسين
من عمره.
ومهما يكن من الأمر فإن «الريح» كان واحداً من آخر الأفلام التي حققها، إذ
انه حين
عاد بعد تلك المرحلة الهوليوودية الى بلده السويد ليستأنف عمله السينمائي،
اكتفى
بأن يكون ممثلاً وابتعد عن الإخراج حتى آخر أيامه، إذ مات في عام 1960.
وكان
سجوستروم حقق فيلمه السويدي الأول في عام 1912 بعنوان «الجنيناتي»، ثم حقق
بعد ذلك
عدداً كبيراً من الأفلام قبل أن ينتقل الى هوليوود لفترة من حياته حقق فيها
أفلاماً
اعتبرت من قبل النقاد والمؤرخين كبيرة غير انها لم تلق، أيامها، النجاح
التجاري
الذي كان يمكنه أن يؤهل مخرجنا الى الاستمرار.
alariss@alhayat.com
الحياة اللندنية في
29/09/2010
القديس والشيطان في آلهة المجزرة
بولس آدم
يتصف التمدن المعاصر بصفة مغايرة ومعاكسة لما ينبئ به التطور التدريجي
للحضارة على سطح ألأرض، فتبني وعي سابق ومتخلف سبق وأن مرت البشرية في
حقبته المدمرة، هو تأكيد آخر بأن الإنسان ليس بمقدوره التخلص من بربريته
نهائيا، الصراع على الملكية المادية والأسبقية بذرائع معنوية، لبوس ولغة
العقلانية بالتحضر الظاهري، خدع البشرية في العقد الأخير من القرن العشرين،
حجته كانت الدمج وتبادل المنفعة وترتيب القوى والمصالح بشكل أكثر جدوى
ومناسبة لروح العصر. لكن المفجع والمدمر والذي كان بمثابة صفعة هائلة لكل
القيم النبيلة، النزعة البربرية في تصفية حسابات لا تعد ولا تحصى وهكذا،
ضاع الهدف وتشتت بل أصبح بحد ذاته غاية ووسيلة على يد البرابرة.. برابرة
اليوم، يعملون بتكنلوجيا ووسائل متمدنة، ذلك هو الأختلاف الوحيد بينهم وبين
صنفهم في العصور المتحجرة !
أثار أهتمامي خبر مشروع سينمائي هو (آلهة الجزرة)، قامت الكاتبة
الفرنسية (ياسمينة رضا) كاتبة النص بالأتصال هاتفيا مع وكالة (آسيوشيتدبريس)
وأعلنت تعاونها مع المخرج (رومان بولانسكي ) والمشروع هو أفلمة مسرحيتها
(آلهة المجزرة). ذلك التعاون بدأ بزيارات متكررة قامت بها رضا لبولانسكي في
مكان اقامته الأجبارية في سويسرا ( الآن لا أحد يعلم بالمكان الجديد غير
رضا وعائلته والأمن السويسري) غير أن امكانية تواجده لا تخرج عن نطاق
سويسرا، بولونيا وفرنسا ولأسباب معروفة.. كتب بولانسكي مع رضا السيناريو
وتمت ترجمته الى ألأنكليزية، وبولانسكي هو من تحمل على عاتقه ذلك الشأن فقد
قرر نقل أحداث المسرحية الى نيويورك وسيكون الفيلم ناطقا بالأنكليزية .
من خلال مشاهدتي لأفلام بولانسكي كلها، عدد كبير من الكتابات النقدية
وما كتب عن فنه وشخصه، مقابلاته وحواراته المسجلة بالصورة والصوت، خرجت
بأكثر من تصور، غير أن أكثرها مناسبة في فيلمه القادم ، هو أن بولانسكي لا
حياة له خارج رؤيته السينمائية، ورغم حرصه على التذكير بتراجيديا والديه
على يد النازيين القتلة ومن ثم تراجيديا ذبح زوجته ألأولى (شارون تيت) على
أيدي الأرهابيين في أميركا، إلا أنه أثبت بأنه القديس الشيطان، هو المجني
عليه والجاني معا، فعلته المشهورة لاحقته بآثارها ولعنتها، في كل لقاء يذرف
الدمع الغزير وتمنى في أول لقاء معه بعد حادثة الأغتصاب بعقد ومن قبل
التلفاز الأمريكي، رغبته بالعودة الى لوس أنجلوس، ولكن بدون مشاكل. لكن
القضاء الأمربكي يطالب به فهو مطالب بتبرئة ذمته في الحق العام . فالمجني
عليها تريده ألآن حرا ولا تطلب منه شيئا، فبالنسبة لها، حياتها الجديدة
أكثر أهمية مما حدث ومضى عليه فترة طويلة من الزمن .
من جراء هذا الواقع، انقسم متابعوه الى فريقين، واحد وهو ألأغلب يطالب
بمنحه كامل الحرية والناتج هو أفلام عظيمة تالية، والآخر يتمنى أن لا يكون
فوق القانون حتى ولو كان عبقريا. ما أريد قوله بأنه بارع بشكل فريد في
تعرية ألإنسان وفضح بربريته. ليس فقط بالمشاهد الحسية وكوابيس مشاهد معينة
بل قدرته التقنية وأحساسه الثاقب بالإيقاع المناسب في كل حالة تعبيرية، لا
يخفى علينا بأن الدارسين للسينما في وارشو وخاصة بعد التحرير، نالوا فرصة
كبيرة في التدريب التقني المباشر، وبولانسكي هو واحد منهم، ترجمته التالية
لجماليات الموجة الفرنسية الجديدة ونقلها الى أميركا، ومن ثم فيلمه (طفل
روزماري)الذي تماهى مع لغته السينمائية بأنبهار سينمائيون وأثر عليهم بشكل
كبير، لهو واحد من أهم مراجع السينما الجديدة في هوليوود نهاية السبعينات
وبداية الثمانينات، وبوجهة نظري المتواضعة فأنه وبتمثيله للسينما ألأوروبية
في أميركا ، قدم مثالا حيا للسينما المستقلة لاحقا، بأن الفرص المخزونة
والقابلة للأنتهاز خارج سطوة الشركات السينمائية العملاقة ممكنة جدا، ففي
أفلام بولانسكي في أميركا وما قبلها وما بعدها ليس هناك ميل جامح نحو اللصق
الألكتروني والخدع المعقدة، يبقى بولانسكي، مخرجا، أداته الرئيسية تقنيات
تقليدية واكب تطورها بحرص ووظفها بذكاء مفرط. يكفي التأمل في فيلمه الروائي
الأول والأخير، لأستكشاف بؤرة الرؤية واستنباط دلالات تؤشر بشكل لا يقبل
الغموض بأن بولانسكي بأختياراته ومعالجتها وفي مجمل انجازه الإبداعي هو
ثقافة سينمائية مختلفة ومتفردة، وألعوامل المحفزة هي ذاتها المنظومة
الجهنمية التي يعيشها المخرج في حياة النفي بشكل محير.
من تعرف على نتاج الممثلة والكاتبة والمخرجة المسرحية الفرنسية ذات
الجذور (يهودية ايرانية روسية هنغارية)، لن يستغرب التقاء المخرج والمؤلفة
في (آلهة المجزرة) فكلاهما ديدنه التراجيكوميدي والمفارقة بين التمدن
والبربرية، فهو مخضرم ومحترف في هذا المنوال وكافح بضراوة وبتكريس مرير في
مجال عمله وهي تستبق الزمن وتلهث من محاولات شاقة أولى وحتى نيلها جائزة
أفضل نص عن (آلهة المجزرة) في مهرجان توني المسرحي في نيويورك وهو يعادل
أوسكار السينما. ولم تكتف بذلك بل ألفت كتابا صريحا جدا عن (ساركوزي
الرئيس) وترجمت ومثلت نصوصها وخاصة ( فن ) والأخير الى 36 لغة.. ياسمينة
رضا طاقة هائلة واصرار كبير، لم تلق أذنا صاغية من قبل الوسط الباريسي في
البداية، من قدم لها الجميل كان المسرح الألماني الذي ترجمها وعرض لها
وكافئها مقدما اياها جنبا الى جنب مع كبار المؤلفين المسرحيين المعاصرين،
وهي التي قالت قبل ذلك في باريس بأنها لا تعلم وليست متأكدة من كونها كاتبة
محترفة!
تلك المرأة التي مازالت في الثلاثينات من عمرها، بقامتها القصيرة، شعر
فاحم وعينين سوداوين في وجه ينضح فضولية وتساؤل، هي كبيرة في التصدي لأبرز
معضلة في الزمن المعاصر، ألا وهي حقيقة الإنسان البربرية تحت ثوب جميل
طرزته المدنية، هي لا تؤلف لمسرحيات فيها عدد كبير من الشخصيات يضاف اليها
مجاميع ولا يكون تعدد الأزمنة والأمكنة في نصوصها شرطا لنمو البذرة وتدوير
الفعل وتوجيه الصراع، بل أن الحوار هو عالم النص، مادته وطاقة الرؤية
المانحة فيه.. ليس هناك ديكور مسرحي تفرضه نصوصها، كل ما يلزم في نص ( فن )
مثلا هو ثلاثة ممثلين ولوحة كنفاس بيضاء محمولة على حامل، وأضاءة بسيطة،
غير ان النص يبدأ بحوارات ودية ليتحول الى مبارزة مضحكة في نبش طبائع رجال
يدعون الإبداع والتحضر، لنكتشف شيئا فشيئا بأنهم رغم جديتهم، جماعة تثير
سخرية الآخرين والضحك، لبؤسهم وأنحطاطهم الكبير .. وفي ( آلهة المجزرة )
المستلهمة من واقعة حقيقية عاشتها المؤلفة في باريس .. يحدث ان يعتدي صبي
على زميله بالضرب بعصا في المدرسة، يلتقي والدي الطرفين في غرفة الضيوف
لمناقشة الحادثة وتفادي التكرار، الا ان النقاش ينحو نحو ما لا يحمد عقباه
من منلوغات متبادلة يشترك فيها الأربعة رجلين وامرأتين.. يتجاوزان الفعل
الصبياني الخشن الى أضعاف ذلك من تبني ألأحقاد ونبشها وصعق الطرف المقابل
باسلوب وغد وبربري، وذلك بحوارات تتظاهر وتتمثل بالتحضر والأنفتاح والتمدن
!
.. التصوير سيبدأ في العام المقبل والممثلون المختارون ، دورهم في
المشروع مهم جدا.. الممثل النمساوي (كريستوف فالتز)، والأمريكان جودي
فورستر، كيت وينسليت، مات ديلون )، فلنا تخيل حجم المجزرة!
أدب وفن في
29/09/2010
الطريق المسدود: أكشن وحب إيراني- لبناني
نقولا طعمة – بيروت
أطلق في بيروت الفيلم الإيراني -اللبناني "الطريق المسدود"، من إخراج
الإيراني
مرتضى آتش زمزم،
وتمثيل ثلة من الممثلين اللبنانيين المعروفين، المخضرم منهم
والصاعد.
يجمع الفيلم متناقضات مضامين الحب الإنساني الصادق، والعنف
الدراماتيكي
الصارخ. ربما كانت هذه ردة فعل لتلك، وربما كانت المغالاة في الحب والشؤون
الإنسانية مبررة في السينما كما في الشعر والأدب ومختلف
الفنون، حتى قيل أجمل الشعر
أكذبه.
أراد الفيلم أن يطرح موضوعا إنسانيا من واقعه الإيراني، لكنه كان في
موقف
المتحدي لتكنولوجيا الفيلم الغربي- الأميركي تحديدا- في مغالاته في أشكال
العنف
المختلفة مثل أفلام شوازينغر التي تكاد تشتغل فيها بنادق
الألعاب النارية من دون
مشغل.
ويبدو أن زمزم أحب أن يظهر قدرة على تحدي الغرب في لعبة الأكشن،
واستخدام
العنصر الأنثوي من أجل مزيد من الإثارة، لكن جهده يقاس بأضعاف مضاعفة
مقارنة مع
الجهد الأميركي، إذ اعتمد التصوير بكاميرا واحدة لمشاهد العنف دون إدخال
مؤثرات
مشهديه لإخراج الموقف. وكان العمل ناجحا من الناحية التقنية، والتمثيل.
كان
الرصاص يلعلع كما الرصاص الحقيقي، والبنادق المستخدمة إن هي إلا البنادق
المتوافرة
في كل بيت، لكن سرعة الحركة وتنفيذ المشاهد العنفية لم يكن أقل مهارة من
أفلام
العنف الغربية.
يروي الفيلم قصة خطف الموساد لشخصيّة لبنانيّة، هو أستاذ متخصص
في شؤون الفيزياء النووية، ثم تخطف مجموعة من الموساد زوجته لابتزازه
بتسليمهم
حقيبة فيها أسرار نووية، يحاول عناصر من حزب الله مساعدته
وإنقاذه، فتقع صدامات
مسلحة تقتل فيها زوجته.
ويلفت دور الممثلة كاتيا كعدي النظر في قيادة مجموعة
الموساد، وممارستها حركات العنف والقتال، وذلك على الطريقة الغربية
باستخدام العنصر
النسوي في مجال العنف والقساوة من اجل مزيد من الإثارة.
كما تظهر مهارة في قيادة
سيارة قديمة بسرعة هائلة، وكذلك في تمثيل دور محجبة متعاملة في
الفيلم
عينه.
وتدخل على الخط مجموعة من حزب الله الخبيرة بشؤون القتال
والأمن لإنقاذ
الأستاذ وزوجته من ورطته.
يصلح الفيلم لتمرير ساعة من الوقت هي الفترة التي
يستغرقها، ورغم مشاهد الألفة الإنسانية المتكررة، لكن مشاهد العنف الأكثر
تأثيرا
ووقعا تطغى عليها.
وإذا كان كثيرون يحبون أفلام الإثارة والتشويق والعنف، إلا
أن الفيلم لا يصلح لختام سهرة يبتغي صاحبها الخلود إلى النوم حالما بأحلام
غير
مزعجة.
شارك في التمثيل إلى مجدي مشموشي، نعمة بدوي، نغم أبو شديد، سمير أبو
سعيد، وداد جبور، كاتيا كعدي، عفيف شيا، علي منيمنة، تينا جروس، رانيا
سلوان، يوسف
بظاظا.
نعمة بدوي - شارك في التمثيل- تحدث للجزيرة الوثائقية عن التجربة
الجديدة، وقال
إن الفيلم يفسح المجال للتعارف بين خبرتين، فالخبرة اللبنانية تستفيد من
الخبرة
الإيرانية على صعيد الدراما ككل فإيران متقدمة جدا في هذا المضمار ولها
مكانة وحيز
في السينما العالمية، وتوصف بالسينما الواقعية الطبيعية الاجتماعية. لأن
المواضيع
التي تطرحها هي اجتماعية ومن المجلين فيها عباس كروستامي،
ومحسن مخملباف، وأكثر من
مخرج ومخرجة إيرانيين لهم أسم وموضع على الخارطة السينمائية العالمية”.
وأوضح أن "الفيلم استخرج من مسلسل من ست حلقات، والممثلون هم ذاتهم
وكلهم
لبنانيون، التقنيون والمخرج وكاتب النص إيرانيون، وأعتبر أن التجربة مفيدة
جدا،
وفتحت معرفة وإطلالة جديدة للفنان اللبناني. مثلا، عندما وصلنا إلى أصفهان
تلبية
لدعوة، كان الناس ينادوننا بأسمائنا بحسب أدوارنا في المسلسل.
أجد في ذلك أن الفن
الإيراني يقدمني ل75 مليون إنسان هم سكان إيران. إنه انتشار واسع ومهم،
وفرصة يمكن
الاستفادة منها معنويا وماديا، وتقنيا.
وروى أن "هذا المسلسل صور منذ سنة ونصف
أو اثنتين ، وهذا الفيلم تطرق إلى شبكات التجسس وعرض كيف
تتعامل المقاومة مع
الدولة، وظهرت الاستراتيجة الدفاعية في المسلسل قبل أن تطرح على طاولة
الحوار، أما
اكتشاف التجسس في الفيلم لا نقول أنه تنبؤ عما يحصل الآن بقدر ما هو قراءة
واقعية.
وفي الفيلم، المقاومة ليست حكرا على طائفة، بل هي شاملة لكل الناس،
والمقاوم
والمناضل في الفيلم هو من كل الطوائف، وكذلك العملاء”.
وقال أن الإيرانيين
بحاجة للبنان للانتشار، واللبنانيون يمكن أن يشكلوا جسر عبور للسينمائيين
والفنانين
الإيرانيين لكي يصبحوا معروفين من جمهور غريب عليهم. الإفادة مشتركة، ولكل
منا
مصلحة فيها، وخصوصا للمستقبل.
وعن تحدي الغرب بالأكشن والعنف، قال بدوي:
"الإيرانيون يتباهون أن الأكشن عندهم هو بمستوى عالمي. والمخرج الذي
كان ينفذ هذه
الحركات العنفية، كان يعتبر من اشهر المخرجين، وهو "بيمن أبدي" جاء إلى
لبنان ونفذ
كل الحركات التي شاهدناها في الفيلم، وللأسف فقد غاب بحادث مفجع أثناء
أدائه لفيلم
حيث احترقت سيارته ولم يستطع الخروج منها. من هنا كان الجنريك في الفيلم
تقدمة
لروحه. أما مدى قدرتهم على منافسة الغرب، فمسألة فيها وجهة نظر، خصوصا أنهم
لا
يملكون الإمكانات التي يملكها الغرب. إذا نفذوا إطلاقا للرصاص
على السيارة، يعاودون
طلاءها بسرعة وفي ليلة واحدة. لكنهم لا يغيرونها. هم حرفيون وعملانيون
وسريعو
التنفيذ ولا يركبون الحركات تركيبا اعتمادا على التقنيات المتطورة. وقد
استفدنا من
خبراتهم كثيرا”.
الجزيرة الوثائقية في
29/09/2010 |