جائزتان محتملتان، على الأقل، احتضنتهما عروض اليوم السابع من أيلول
(سبتمبر) لتبدو عروض ذلك اليوم وكأنها المرتكز الذي أراده ماركو موللر
لمجمل اختياراته لهذه الدورة والتي تضمّنت، بالتأكيد، أفلاماً مهمة على رغم
غياب الأسماء الكبيرة. فبفيلم المفاجأة «الحفرة» أو بالأحرى «النقرة»
للمخرج الصيني الشاب فان بينغ، وفّر موللر للجنة التحكيم التي يترأسها
الأميركي كينتين تارانتينو شريطاً يحمل كل مواصفات استحقاق الأسد الذهبي
كأفضل فيلم أو، في أقل الاحتمالات، الأسد الفضي لأفضل مخرج.
وكما يحلّ فانغ بينغ التنافسات الكبيرة حول الجائزتين الكبريين في
المهرجان، فإن
شريط التونسي عبداللطيف كشّيش، قد يمنح جائزة «كأس فولبي»
لأفضل تمثيل نسائي، إذْ
تتسيّد الإفريقية الرائعة ياهيما تورّيس على عرش الأداء النسائي في
المهرجان، الذي
لم يخل من ممثلات أجدن الحضور، وفي مقدّمهن الأميركية ناتالي بورتمان في
شريط
«البجعة
السوداء» للأميركي دارّين آرونوفسكي. وتنتمي ياهيما تورّيس إلى نوع
الممثلين الذين يغامر الفيلم الذي يعملون فيه بعدم الوجود دونهم، إذ يبدو
وكأنه
فيلم صِيغ على مقاسها ودار حولها. وهنا تكمن براعة عبداللطيف
كشّيش، الذي عُرف منذ
بداياته بشريط «غلطة فولتير» ومروراً بـ «الكسكسي والسمكة»، بقدرته الكبيرة
على
إدارة الممثلين. وكما تمكّن كشيش في شريطه السابق من إطلاق جناحي ممثلة
شابة ورائعة
مثل «حفصية حرزي»، التي فازت بجائزة مارتشيللو ماسترويانّي لأفضل طاقة
شابة، فإنه
وفّر بشريطه الأخير «الفينوس السوداء» المسرح الدولي واسعاً
لهذه الممثلة المبدعة.
وقد تعامل كشّيش مع أحداث الفيلم وكأنها تدور على الخشبة وصار كل الممثلين
الآخرين،
وكأنهم أضواءٌ مسلّطة على الممثل الوحيد في منتصف الخشبة، أي في النقطة
الأقوى
والأهم إضاءة من وجهة نظر المشاهد. التشديد على أهمية أداء
النجمة الإفريقية ليس
إقصاءً لما أنجزه كشّيش، بل على العكس، فقد حقق فيلماً مهماً على كل الصعُد
وأثبت
انتماءه إلى عائلة المخرجين الكبار، وهو ما أتاح له بعض «الإجازات الشعرية»
التي لا
يستطيع النقد إلاّ أن يوافق عليها لأنها «قيلت» من جانب شاعر مبدع. ومن هذه
«الإجازات
الشعرية» إصرار كشّيش على تكرار بعض الحالات والاستطالة في زمن البعض
الآخر منها، لكن من دون أن يكون المشاهد شَعَرَ، ولو للحظة واحدة، بطول
الساعتين و
٣٩
دقيقة.
عبودية
يروي شريط « فينوس السوداء» مأساة الشابة الجنوب أفريقية سارتيجي بارتمان
التي
استعبدها مغامر هولندي عام ١٨١٧ وحملها معه إلى أوروبا
لاستخدامها كحيوان في
السيرك. وبعد رحلات وعروض بين باريس ولندن واكتشافه بعض الغرابة في تكوين
جهازها
التناسلي يحاول بيعها إلى أكاديمية العلوم الفرنسية. وهناك يحاول أستاذ
الطب
التشريحي جورج كوفيير إثبات نظرياته حول ما سماه بـ «اختلاف
الجنس الأسود
الإفريقي»، ويُفضي رفض سارتيجي الخضوع لذلك «التقصّي» إلى أن تنتهي إلى
ماخور
تُستخدم فيه أيضاً كعنصر غرائبي. إصرار سارتيجي على حرية اختيارها لا
يحررها من
وقوع جثتها في براثن مستغلّيها حين تسقط على أرضية حجرتها من
دون حياة.
في فيلمه هذا يعرض كشّيش عالماً خالياً من القيم ومن أي احترام للبشر، ولا
يُبرئ
من بين جميع الذين ضحكوا عليها وتهازلوا بصورتها، إلا الفنان
الذي رسم صورتها وصبّ
تمثالها بعد الموت. إنه الوحيد الذي تعامل معها ككائن بشري يستحق الاحترام
وعدم
المساس بكرامته، وهو الوحيد الذي يُنيط به المخرج مهمة تغطية تمثالها
بملاءة بيضاء
في خاتمة الحدث بعاطفة إنسانية رائعة لا تتاح إلا لعاشق.
العرب بعيون الآخرين
وعلى العكس من الدورة السابقة التي تضمّنت عدداً لا بأس به منها، خلت هذه
الدورة
من الأفلام الروائية العربية واقتصر حضور السينما العربية،
إضافة إلى عبداللطيف
كشّيش، التونسي الأصل، على وثائقيين من مصر ولبنان هما «ظلال» لماريان خوري
ومصطفى
الحسناوي و «عندما
كنّا شيوعيين» لماهر أبو سمرا، وكلا الفيلمين سيُعرض اليوم
(الجمعة).
وعلى رغم غياب الأفلام الروائية من البلاد العربية، فقد تضمّنت اختيارات
ماركو موللر لهذه السنة الكثير من الأفلام التي تعاملت مع القضايا العربية،
أو
بالأخرى مع الحروب والصراعات العربية، وبدا تسلسل العروض وكأن
موللر أراد عرض رحلة
الصراعات العربية بتتابعها التاريخي ابتداءً من نكبة فلسطين، بشريط «ميرال»
للأميركي جوليان شنابيل، والحرب الأهلية في
لبنان عبر شريط «حرائق» للكندي الشاب
دينيس فيلنيف وصولاً بالحرب في العراق عبر شريط «عشرون سيجارة»
للإيطالي آوريليانو
آماديي.
وفيما تناول شريط «حرائق» ثلاثة عقود من الحرب الأهلية في لبنان وآثارها
الكارثية على تكوين المجتمع اللبناني والعربي أيضاً، ومآلات
تلك الحرب ونتائجها على
عقلية المواطن اللبناني ونفسيته، فقد تعامل جوليان شنابيل مع جزء من
التاريخ
الفلسطيني بدءاً من النكبة وتهجير الفلسطينيين وإعلان قيام دولة إسرائيل
وصولاً إلى
الانتفاضة الأولى. فعل ذلك، كما أعلن في أدبيات الفيلم وفي المؤتمر
الصحافي، من
وجهة نظر اليهودي الأميركي بالاستناد الى نص كتبته صحفية عن
فلسطينيي الـ٤٨. إنه،
أي الفيلم، وكما يرى المخرج نفسه «قراءة للمأساة الفلسطينية من وجهة نظر من
لم
يرحلوا، أو من لم يُرحّلوا، وتعاملوا مع المحتل في شكل مباشر وتفاعلوا مع
الثورة
الفلسطينية في «الدياسبورا» وامتزجوا معها عندما عادت إلى البلاد لتؤسس
لاحتمالات
قيام الدولة الفلسطينية».
20
سيجارة في 20 ساعة
عشرون ساعة هي الزمن الذي تستغرقه علاقة المخرج الإيطالي الشاب مع العراق،
ومع
ذلك فإنها تقلب حياته رأساً على عقب، لكنها تتيح له أيضاً
إمكانية لا تتوافر إلا
لأبطال المآسي الكبيرة. فقبل أن يُنهي سيجارته العشرين في مدينة الناصرية
العراقية
يُصبح ضحية وشاهداً وبطلاً، ومن ثم راوياً للمأساة العراقية الحديثة بسبب
بقايا
الديكتاتورية والحرب الأميركية.
آماديي، مخرج شاب جعلته الصدفة المحضة بطلاً في مأساة إنسانية كبيرة. فمن
دون أن
يخون فوضويته الشابة التي يفخر بها أو مناهضته للحرب في
العراق، يجد نفسه، بين ليلة
وضحاها، داخل القاعدة العسكرية الإيطالية المرابطة في مدينة الناصرية.
أصدقاؤه ورفاقه من مناهضي العولمة والحرب يتّهمونه بخيانة الأفكار وتحاول
صديقته
المُقرّبة جداً، كلاوديا، ثنيه عن الفكرة، لكنه يُصرّ على الالتحاق بالمخرج
ستيفانو
رولا كمساعد إخراج للفيلم الذي يرغب إنجازه في الناصرية. ستيفانو لقي حتفه
إلى جانب
العسكريين الإيطاليين الـ١٧ وطفل عراقي في عملية التفجير الإرهابية التي
تعرّض لها
مقر قيادة القوة الإيطالية في العراق في ١٢ تشرين الثاني
(نوفمبر) ٢٠٠٣.
الشهادة التي يقدّمها (يُدلي بها) آوريليانو آماديي بهذا الفيلم استثنائية
حقاً،
إذ لا أحد غيره قادر على رواية تلك التفاصيل لأنه العين التي
راقبت والذهن الذي
سطّر والبصيرة التي جسّدت تلك الأحداث. ولا تقتصر استثنائية هذا العمل على
موقع
المخرج - البطل فيها، بل أيضاً، وربما في شكل خاص، لأن هذا العمل قراءة
أبعد ما
تكون عن الأيديولوجيا. إنها محاولة للتعرّف على ضحايا الحادث
عن كثب وسعي للتعريف
بهم، أي تحويلهم من مجرد أرقام لضحايا إلى أناس كانوا يحملون أسماء
وتاريخاً
وأحلاماً، وخلّفوا وراءهم عوائل، آباءً وأمهات وزوجات وأبناء. ولربما كانت
عملية
ثقافية مثل هذه أكثر مضاءً من كثير من المقالات والحملات الأيديولوجية ضد
العنف
والإرهاب. لأن التذكير بكون الضحية كائناً بشرياً وليس مجرّد
رقم يجعل من ثقل
الخسارة في الحرب ضد الإرهاب أكبر وأكبر، ويُضيّق مساحة الإعلام والدعاية
المتاحة
للإرهابيين والمفجّرين في واجهات الصحف وشاشات التلفزيون.
الحياة اللندنية في
10/09/2010
محن النخبة وألقها ... بعد الأيام
الخوالي
الدار البيضاء - مبارك حسني
قد تسعد النخبة بالمشاكل كما قد تفعل بلحظات الفرحة. هناك التذاذ خاص،
فردي، باطني، في تذكر اللحظات العصيبة، على رغم الألم، كما في استحضار
أوقات الانطلاق المنشرح وآونات السعادة. في الحب، في الشعور بالعظمة
والتميز والتفرد، في اختراق المحظور، في مواجهة القمع وزبانية التسلط.
فالحياة كلٌ واحدٌ في آخر الأمر. هذا ما يدعونا هذا الفيلم لرؤيته وعيشه
عبر أغاني الشيخ إمام وأيام الشباب والنضال والحب والسرية وأماسي النقاش
الطويلة، ومن خلال حيوات أصدقاء في زمنين، ماض قديم وحاضر لا ينفك متأثراً
بما خلفه هذا الماضي من أثر لا ينمحي.
في الفن السابع هناك نوع واحد يتناول مثل هذه الحالة/ الثيمة، وهي سينما
الحميمية. إدريس شويكة سبق له أن جرب التطرق إليها بألق بالغ
وجرأة فنية في فيلمه
السابق «لعبة الحب». وها هو يعيد الكرة. وهو بذلك يرسم اتجاهاً في السينما
المغربية
الحالية. وما قلناه في التوطئة السابقة يوجد، طولاً وعرضاً، في شريطه «فينك
الأيام». (أين الأيام الخوالي بلغة الضاد الفصيحة).
قياس الحاضر على الغائب
تبدأ الحكاية بدعوة يتلقاها أزواج رفقة زوجاتهن للقاء في فيلا أحدهم، جنب
البحر
في فضاء طبيعي خلاب، أي في مكان بعيد مما يثير بداية حيرة
وتساؤل. يحدث هذا بعد
سنوات طويلة من الغياب وعدم اللقاء، بعد انصرام الشباب، في مرحلة الكهولة
التي تمكن
من طرح السؤال الحياتي بالتحديد. هناك من خلال هذه البداية شيء يشبه وضعاً
مسرحياً
لتمكين أحداث مستقبلية منتظرة من التموقع، وبحيث مُنحت للمكان
سلطة تسهيل الكلام
والتذكار. وضع مشابه لتصوير سينمائي يقابل قِطَع حياة، وهو شيء محمود يعطي
لمهمة
الإخراج بُعداً غير الاكتفاء فقط بالنقل والمتابعة. إنه رهان قوي تكفل به
المخرج،
بخاصة وأن المراد ليس سرد حكاية بأحداث خارجية أو داخلية تملأ العين.
السينما
الحميمية أعقد بكثير من ذلك. بما أنها تخلق السينما في
التفاصيل واللاشيء إن صح
التعبير. وهكذا حمل المخرج ممثليه وشخوصه في الوقت ذاته وبدأ في «اللعب»
الذكي ما
بين الرمزي والخيالي والواقعي من أجل سرد فيلمه الحنيني هذا.
إذن فاختيار الجغرافيا المُبتعدة ليس اعتباطياً بل ذريعة لتنصيب حكاية
أفراد هم
في الحقيقة أصدقاء قدامى لبعضهم البعض. وصاحبة الدعوة صديقة
قديمة للجميع في زمن
الشباب القديم. وتتحول الدعوة إلى ذريعة (مرة أخرى) لتجميع الأصدقاء ووضعهم
الواحد
في مقابل الآخر، ما يجعل خيوط الاستحضار للزمن السالف ووقائعه تحضر بدورها.
وهو ما
يجعلنا نطلع تباعاً على حكايات ونوادر وأحداث يختلط فيها
الفردي بالجمعي، الهم
الشخصي بالهم المجتمعي والوطني. وبالتالي يصير عنوان الشريط هو التذكر الذي
ليس
ورداً وحناناً وإيثاراً في مجمله.
فهؤلاء الشباب كانوا طلاباً وكانوا أبناء جيل تشرب من الالتزام السياسي
القومي
واليساري مقومات حياته آنذاك، وأثثت حياته الدعوات التحررية في
التصرف واللباس
والجنس. حب الحياة والنضال هو ما كان يجمعهم ويسيّر حياة كل منهم. فتيات
بالميني -
جوب وفتيان بالشعور الطويلة، نهارهم نضال
وفرح، ولياليهم نقاش فكري وحب وسهد رفقة
الألق الباخوسي. وها هم كهول والذكرى تحضر بينهم حية، قوية،
مليئة بالأسئلة والمتعة
أحياناً، وبالأجوبة القاسية والألم في أحيان أخرى. ففي العلاقات التي تكونت
في ما
بعد، لم تنته قصص الحب بالزواج بين الأشخاص «المعينين» سلفاً لذلك، كما أن
وجود
طفلة في عمق علاقة زوجية ستتكشف عن أب غير الأب الأصلي... هنا
يطرح الفيلم ما يشبه
نزولاً في الدواخل العميقة للأشخاص، والسينما في الشريط لا تجمل أخلاقياً
عبر
النسيان بقدر ما تقول البوح وتمنحه للمشاهد.
انخراط نفسي
لكن ما يكثف الكل ويعقده ويجعل للتشويق مكاناً بارزاً فيه، هو غياب صاحبة
الدعوة
رجاء عن مكان اللقاء. بحيث أن الأصدقاء وهم في خضم الذكرى
وتحمل آثارها على
نفسياتهم، إن سلباً أو إيجاباً كما أشرنا، لا يملكون جواباً ويحارون
ويتساءلون عن
السبب من دعوتهم بالأساس. المشاهد ينخرط بدوره أيضاً من دون أن يعي في
العمق ما
يفعل، فيرى أن في ذلك فقط حيلة كي
يشارك في اللقاء. وما يعضد ذلك أن المشاهد مصورة
عبر لقطات كبرى، وبكاميرا متحركة، لا تهدأ، تتنقل عبر الوجوه
وتلتقط أدنى الحركات،
في ألوان ليلية متوارية، بعيدة عن «الوضوح»، كما لو أنه في نفق سيفضي إلى
كوة خروج
منقذة. الفيلم سيكولوجي استبطاني بالأساس. وهذه الكوة لن تُرى إلا عبر مسار
فيلمي
آخر، مواز ومقابل في الآن نفسه. فرجاء الغائبة عن أصدقائها،
حاضرة في الفيلم، لكن
في فيلا أخرى، بعيدة. نراها رفقة زوج، كان شخصاً ممسوحاً في الزمن السالف.
فهو لم
يكن من الشلة إلا أنه يحضر في المستقبل. يفوز برجاء. هذه الفتاة التي هي
صاحبة
الدعوة لكنها في ذات الوقت بطلة الشلة الشبابية بجمالها
الأخاذ، بحيويتها المفرطة،
بحبها للحياة، وبتسييرها لأصدقائها، نضالاتهم وفرحهم، بما أن كل الفتيان
والفتيات
كانوا يعشقونها وكانت نقطة مميزة في علاقاتهم معاً.
وهكذا نرى الفيلم والمخرج يغوصان في عوالم شخصية ويعقدانها أكثر فأكثر في
سبيل
«فرقعة»
حقائق زمن سالف. من خلال الأحاديث فقط. الجانبية، الجماعية أو المباشرة.
حول طاولات الأكل، في الحدائق، في الصالون
حالياً. في الغرف المغلقة، في باحة
الجامعة، في الحدائق سابقاً لكن مع إضافة أحداث التظاهر والقمع.
لن تحضر رجاء. لكنها شخصية رئيسية في الفيلم وبطلته النسائية. إدريس شويكة
كي
«يحضرها»
ويجعلها قطعة أساسية في تشابك الحكاية، منحها عملاً أساسياً، وهو الكتابة
حول تلك الحقبة وحول الشلة وحول علاقاتها مع أفرادها. لكن كي يعقد الأمر
أكثر، تظهر
رجاء عمياء وحزينة. مثل بطلة إغريقية تتنبأ أو تخيط أو تنسج مصائر. ورجاء
نسجت مصير
رفقائها في الماضي وها هي تنسج حكايتهم وإن من بعيد.
«فينك
الأيام» شريط شخصي وفني، يظهر كشهادة مخترقة بأسئلة كبرى عن الحياة والوطن
والإنسان في حيز زمني عربي يحار ما بين تحديات الحداثة والتطور لكن منعكسين
على
حياة أشخاص معينين. وقد استعمل فيه صاحبه آليات «الفلاش الباك»
بإتقان حقيقي
والكاميرا القريبة اللصيقة، واللقطات الكبرى، وإدارة مكثفة ودقيقة لحركات
وملامح
الشخوص. كما اعتمد على ديكورات داخلية ناطقة بالحقيقة. يبقى سؤال الشخوص
الذين
اختيروا من طبقة اجتماعية متوسطة، وفي ذلك إشارة إلى معطى
سوسيولوجي أساسي يشكر
عليه المخرج لإظهاره.
ففي المغرب (وفي بقية دول العالم الثالث مع قياس الفارق) كانت شريحة اليسار
المناضل تضم ليس الفقراء فقط الذين تمكنوا في العقدين الأولين
بعد الاستقلال من
الدراسة، وبعد ذلك من الحصول على وظائف عالية منحتهم وضعاً اجتماعياً
محترماً، بل
تضم أيضاً البورجوازية. فالجامعة آنذاك كانت أكثر ديموقراطية مما هي عليه
حالياً.
والفيلم يحكي عن هذه النخبة بين الأوهام والحقائق. وليس أفضل ولا أحسن من
أغاني
الشيخ إمام كرمز وكخلفية صوتية وكصوت أيضاً لهذا الجيل... وقد برع الشريط
في
توزيعها عبر أحداثه في شكل لن نخجل بتاتاً إن قلنا أنه كان
رائعاً.
الحياة اللندنية في
10/09/2010
اختيارات مصرية للأوسكار وسينما
المرأة
القاهرة - «الحياة»
اجتمعت اللجنة المستقلة التي شكلها وزير الثقافة فاروق حسني في مقر مهرجان
القاهرة السينمائي الدولي لاختيار الفيلم المصري الذي سيرشح لجائزة
الأوسكار الأميركية لأفضل فيلم أجنبي لعام 2010. استعرضت اللجنة في
اجتماعها الأفلام التي عرضت جماهيرياً منذ أول تشرين الأول (أكتوبر) 2009
وحتى الآن وعددها 24 فيلماً. وتتابع اللجنة جميع الأفلام التي تعرض حتى 30
أيلول (سبتمبر) 2010، وذلك حسب شروط الترشح للجائزة، إذ يجب أن يكون الفيلم
المرشح للجائزة عرض لمدة 7 أيام متواصلة في إحدى دور العرض في بلده في
الفترة من الأول من تشرين الأول 2009 إلى 30 أيلول 2010. يرأس اللجنة
الكاتب والناقد محمد سلماوي وتضم في عضويتها نخبة متنوعة من الفنانين
والسينمائيين والكتاب والنقاد هم محمود ياسين، ليلى علوي، محمود قابيل،
الدكتور سمير سيف، إيناس الدغيدي، الدكتور رفيق الصبان والكاتب لويس جريس،
والناقد السينارست أحمد صالح.
يذكر أن اللجنة تشكلت هذا العام بناء على الخطاب الذي تلقته إدارة المهرجان
من
أكاديمية العلوم والفنون للسينما التي تشرف على جوائز الأوسكار
ومقرها بيفرلي هيلز
في ولاية كاليفورنيا الأميركية وموقعاً من المدير التنفيذى للجائزة بروس
ديفيز
وتطلب فيه موافاتها بأسماء اللجنة المكونة رسمياً هذا العام لاختيار الفيلم
المصري
المرشح للمشاركة في مسابقة أفضل فيلم أجنبي. وتواصل اللجنة اجتماعاتها طوال
الأسابيع المقبلة حتى تقرر اختيار الفيلم المرشح قبل انتهاء
الموعد المحدد. ويشترط
لترشح الفيلم أن يكون طويلاً وتم انتاجه خارج أميركا ويكون الحوار فيه
ناطقاً بغير
اللغة الإنكليزية «الأميركية»، ويكون الفيلم عرض للمرة الأولى في الدولة
التي تقدمه
خلال الفترة. كما يشترط أن يكون الفيلم تم عرضه للجمهور بنسخة 35 مللي أو
70 مللي،
ويجب أن تشهد الدولة التي تقدم الفيلم أن صنّاع من المواهب
الخلاقة، وللأكاديمية
القرار الأخير في ما يتعلق بقبول أو رفض الفيلم.
«ولد
بنت» في مهرجان سلا
من ناحية ثانية، اختارت إدارة المهرجان الدولى لفيلم المرأة في دورته
الرابعة
والذي تقام فعالياتها في الفترة من 20 و25 أيلول (سبتمبر)
الجاري في مدينة سلا
المغربية فيلم «ولد وبنت»، لتمثيل مصر في المسابقة الرسمية للمهرجان الذي
يشارك فيه 12
فيلماً طويلاً من 12 دولة. الفيلم بطولة أحمد داود ومريم حسن، وإخراج
كريم
العدل، كما سيتم في المهرجان نفسه عرض فيلم «احكي يا شهرزاد» للمخرج
يسري نصر
الله، في الافتتاح. وسيتم تكريم سوسن بدر، ورحاب الجمل والمغربية سناء
عكرود
وبطل الفيلم حسن الرداد، في حين اعتذرت منى زكي عن التكريم،
لانشغالها بتصوير
فيلمها الجديد «أسوار القمر». وستشهد هذه الدورة مشاركة أكثر من 300 فنان،
من
مخرجين وممثلين ونقاد وإعلاميين، من بينهم 100 شخصية سينمائية أجنبية.
الحياة اللندنية في
10/09/2010 |