كيف سيكون حال السينما
العالمية، في ظل عدم وجود عدد متميز من المبدعين، وفي مقدمتهم السير دايفيد
لين،
الذي قدم للسينما مجموعة مهمة من التحف السينمائية، وكان لين نذر للابداع
ونذر
ليقدم للسينما اهم نتاجاتها، التي ستظل خالدة في ذاكرة الفن
السابع، وهو خلود
الابداع والمبدع، وخلود الذاكرة الخصبة وخلود القيم الحقيقية التي تؤكد
عليها تلك
النتاجات السينمائية، التي اضحت من العلامات الشاخصة في ذاكرة الفن والحرفة
السينمائية.
وفيلم جسر فوق نهر كواي، من تلك التحف، التي تذهب بعيدا في
التحليل الفلسفي للاحداث والشخصيات واللحظات، وهو تحليل ينطلق اصلا، من
النص الذي
كتبه بير بوليه، تحت العنوان ذاته، الذي تلقفه السير دايفيد
لين، ليندفع به الى
الثنائي كارل فورمان ومايكل ويلسون، اللذين تعاونا في صياغة السيناريو
والحوار،
لعمل ملحمي الملامح، يكد على اهمية الانضباط في وقت الازمات من خلال تجربة
تخرج بين
الانكسار والالم وفلسفة الانتصار ومعانيه ودلالاته. ودعونا
نذهب الى
الفيلم.
حيث احد المعسكرات الخاصة بسجناء الحرب، من اسرى جنود التحالف «اميركا وبريطانيين»، في جنوب بورما، بالقرب
من نهر كواي.
حيث تلك العلاقة
التي تجمع ضابطين، الاول اميركي هو شيرز «وليم هولدن» والثاني بريطاني
نيكلسون «اليك غينيس» واللذين شاءت الظروف ان يسقطا
مع جنودهما اسرى بعد كم من الحروب
والبطولات في مواجهة الاحتلال الياباني.
وفي ذلك المعسكر، ومع مرور الايام،
يبدأ الجنود في الانفلات وعدم الانصياع للاوامر لان قيادتهم
وبالذات ضباطهم الذين
اصبحوا بلا حول ولا قوة.
ذات يوم، ووسط تلك المتناقضات يطلب الكولونيل
الياباني سانيو «سوسو هاياكاوا» الضابط المسؤول عن مخيم الاسرى
يطلب من الضابط
البريطاني ان يتعاون جميع الجنود الاسرى في بقاء جسر يفترض ان يمر عليه بعد
ستة
اشهر القطار الذي يحمل الامدادات العسكرية الخاصة بالجيش الياباني على
الجبهات مع
الجنود الاميركان والبريطانيين.
ورغم ان بناء مثل هكذا جسر يعتبر في القواعد
العسكرية نوعا من الخيانة العظمى، بالنسبة لمن يتعاون في عملية
البناء، لان هذا
الجسر سيخدم العدو «الياباني من وجهة نظر الجنود والضباط في الجيش الاميركي
والبريطاني.
الا ان الضابط البريطاني نيكلسون يأخذ الامر على محمل الجد،
ويصدر اوامره وبكثير من الحزم، لجنوده من اجل اطاعة الاوامر وتنفيذها
بالشكل
المنضبط، وهو يعلم جيدا ان مثل هكذا اوامر قد تكلفه حياته
ومستقبله.
خصوصا
وان صيحات الرفض بدأت تتعالى، وتوجه له مباشرة من قبل الجنود اصابع الاتهام
على انه
عميل للجيش الياباني المحتل، كما ان تلك الاوامر، لا تتطابق مع اتفاقية
«جنيف»
للتعامل مع الاسرى.
مجموعة معطيات
ويأتي تحرك الضابط «نيكلسون» من
خلال مجموعة من المعطيات لعل من ابرزها، محاولة السيطرة على
تلك الكتيبة التي بدأت
في الانفلات والعصيان والرفض، وعليه ان يعيد الاوضاع الى وضعها وانضباطها،
ولهذا
يصعد من اوامره وقراراته والجميع يستغرب ما يقوم به وان ظل يخفى شيئا ما.
لقد استطاع في البداية، ان يعيد توحيد صفوف تلك الكتيبة، بل كوادرها،
وهم
يمثلون صفوة من الجيش البريطاني، وعمل على تصعيد روح الحماسة بداخله،
وتحفيز الجميع
للعمل، خصوصا وان القائد الياباني وضع له موعدا نهائيا عليهم خلاله ان
ينجزوا بناء
ذلك الجسر وسط ظروف غاية في الصعوبة.
مع ملاحظة ان النص الروائي والفيلم كل
منهما يذهب الى جوانب تعتمد التحليل، حيث الضابط الياباني
يعتبر المهمة بالنسبة له
مهمة شرف ووطن، واي تقصير هو العبث والعار، ولهذا فهو يعمل قصارى جهده على
ان يكون
بمستوى ثقة ضباطه ووطنه الذي يشارك في الحرب العالمية الثانية.
بينما ينطلق
الضابط البريطاني الى مفاهيم، اخرى وهى اعادة السيطرة على الجنود وتطويع
عناصره،
وايضا مآرب اخرى يعلن عنها لاحقا.
بل انه وخلال رحلة البناء كان حريصا اشد
الحرص على ان لا يكون هناك، اي شيء من الخلل، بل انه كان يعاقب
على اي تصرف او من
يقوم بأي شيء من الخلل في بناء ذلك الجسر الضخم.
ومنذ اللحظة التي شرع بها
بتكليف الضابطين «ريفز، وهيجز» في رسم التصاميم وحساب القياسات
والمواد، وهو حريص
على ان تكون التجربة ضمن المواصفات العالية الجودة.
وفي الوقت الذي كانت تتم
به الامور وسط دهشة ومراقبة الجيش الياباني، كانت عناصر الجيش
البريطاني والاميركي
في حالة من الرفض المبطن، بل ومحاولة النيل من ذلك الضابط، الذي اعتقد
الجميع انه
انشق عن القرار، و راح يتعاون مع الاحتلال.
في الفترة ذاتها يهرب ثلاثة من
الجنود الاميركان، بينهم «شيرز» الذي يستطيع الفرار، بينما
يقتل اثنين من زملائه
وبعد معاناة طويلة، يستطيع «شيرز» الوصول الى احدى القرى، حيث يساعده
القرويون على
التشافي والعمل على ترحيله الى احد المستشفيات في كولومبو «سيريلانكا»
«سيلان
سابقا» حيث يتعرف على الممرضة الجميلة «سيرز».
وهو حدث درامي اريد من خلاله
ادخال مساحة من العاطفة في هذا الفيلم المشبع بقسوة حياة
الجنود.
وفي ذلك
المعسكر، يلتقي شيرز، مع الميجور واردن الذي يكلفه بالعودة الى «بورما» من
اجل
تدمير جسر يتم بناؤه هناك، ويطلب من «شيرز» بأن يختار المتطوعين الذين
يرافقونه في
تلك المهمة، خصوصا وانه يعرف المنطقة والمنافذ للوصول إليها، ورغم اعتراض
شيرز في
الفترة الاولى الا انه وتحت الضغط والاوامر ينصاع ليرافقه في
تلك المهمة الضابط (جويس).
وفي الجانب الاخر، نتابع استمرار عملية بناء ذلك الجسر الذي يمتد
لاكثر من (400) ياردة، ونرصد تلك الصرامة العالية التي كان يتعامل بها
«نيكلسون» مع
جنوده من اجل اتمام تلك المهمة وفي وقتها المحدد، لانه وعد
الضابط الياباني، وحتى
لا يحدث اي نوع من الخلل او الشك.
وتتحرك الاحداث في خطوط متداخله، ويبني
جيش محتل يجهز نفسه لحمل اكبر كمية من العتاد الى الجهات،
وايضا فرقة انتحارية تريد
تدمير ذلك الجسر، كل الخطوط تريد الوصول الى ذلك الجسر، الذي يبني به
الضابط «نيكلسون» البريطاني وجنوده الاسرى، تحت
انظار ومراقبة الجيش
الياباني.
مجموعة فدائية
ويحدث كم من المواجهات خلال رحلة تلك
المجموعة الفدائية التي يقودها «شيرز» حيث يتعرض البعض
للاصابات، وهذا لا يثنى شيرز
عن التراجع، بل يمنحه مزيدا من الاصرار والتحدي.
وفي اليوم المحدد، ينتهي
«نيلكسون»
وجنوده من بناء ذلك الجسر، ويظل الجميع بانتظار وصول ذلك القطار القادم
وهو محمل بالعتاد والاسلحة لدعم القوات اليابانية على الجهة.
وفي نفس الوقت
تصل الفرقة الفدائية الى الموقع تقريبا، حيث يعقد العزم على تدمير الجسر
عند عبور
القطار عليه.
وهنا تبدأ المواجهات، حيث يقوم شيرز ومعه الضابط واردن بالتحرك
صوب الجسر من اجل وضع المتفجرات في الوقت الذي نتابع به تحرك القطار وبسرعة
صوب ذلك
الجسر، ويتم اغتيال الضابط الياباني، ويحاول نيكلسون انقاذه، بينما يسبح
شيرز الى
داخل النهر لتفجير الجسر، ويتعرض للاصابة قبل ان يصل الى نيكلسون
والجسر.
وهنا يتساءل نيكلسون: ماذا فعلت؟؟
وهنا ايضا يوجه الضابط
واردن المدفع الرشاش صوبهما حيث يقتل الضابط وشيرز ويصيب نيكلسون.. وخلال
تلك
اللحظة يصل القطار، لينفجر الجسر.
وهنا يشعر واردن بالذنب لانه قتل شيرز
واصاب نيكلسون، الذي كان اصلا قد لغم ذلك الجسر خلال علمية
البناء.
فقد كان
يعمل علي ان يضبط جنوده اولا، ثم يدمر ما بناه بيده، حتى لايستفيد الجنود
اليابانيون من ذلك الجسر.
ولو انه لم ينصع للاوامر اليابانية لقتل مع جنوده،
الذين دخلتهم الفوضي، فهو بذلك حافظ على جنوده واعادهم الى حظيرة الانضباط،
وقام
بنفسه بتدمير الجسر، دون ان يدخل الشك نفوس اليابانيين انه
الانضباط التام، حتى في
وقت الازمات. بالاضافة الى عبقرية دايفيدلين في رسم المشهديات، واختيار
الموقع،
بالذات موقع الجسر، هناك ايضا الاداء المذهل لاليك غينس بدور (نيكلسون)
وايضا وليم
هولدن (بدور شيرز) وايضا الموسيقى التصويرية الرائعة التي
صاغها، مالكوغ ارنولد.
ويبقى ان نقول «جسر فوق نهر كواي» تحفة تستمد قيمتها من القيم التي تطرحها.
anaji_kuwait@hotmail.com
النهار الكويتية في
29/08/2010
حوار
دنيا سمير غانم:
دلال عبد العزيز لا تحتاج
واسطتي
القاهرة – رولا عسران
قدمت أدواراً
مختلفة أكّدت خلالها حجم النضج الذي وصلت إليه بشكل سريع ومن دون
افتعال...إنها
دنيا سمير غانم التي شاركت أحمد مكي أخيراً في فيلم «لا تراجع ولا
استسلام»، وفي
مسلسل «الكبير أوي» في ثالث تعاون بينهما.
·
من رشحك للعمل ثانيةً مع أحمد
مكي في فيلم «لا تراجع ولا استسلام»؟
الحمد لله، بعد نجاح تجربتنا الأولى
«طير
إنت» قرر أحمد مكي والمخرج أحمد الجندي أن نستثمر تقبل الناس لنا والنجاح
الذي
حققناه في عمل آخر، وقد سعدت جداً بذلك، فبيننا تفاهم يظهر على
الشاشة.
·
لماذا وافقت على الدور على رغم
أن مساحته التمثيلية أصغر بكثير من
دورك في «طير إنت»؟
الفيلمان مختلفان تماماً، وأنا أحب تقديم الأدوار كافة،
وكل واحد منها يحتاج إلى تحضير ودراسة ومذاكرة حتى لو كان بسيطاً فعلى رغم
تقديمي
خمس شخصيات في «طير إنت»، واجهت صعوبة في تقديم دور بسيط مثل
جيرمن في «لا تراجع
ولا استسلام».
·
ما رأيك في الانتقادات الموجهة
إلى الفيلم وعلى رأسها أن
فكرته مستهلكة؟
عدد الـ{ثيمات» السينمائية محدود، يطورها الصناع ويعرضونها
برؤية مختلفة. في «لا تراجع ولا استسلام» فكرة الشبيه مأخوذة من أفلام
مصرية
وأجنبية كثيرة، كما أُخذت فكرة «طير إنت» من أفلام أجنبية
عدة، لذا فعلى الجمهور
الحكم على شكل الفيلم النهائي لا فكرته، لأننا لم نقل إننا أصحابها، بل
صرّح مكي
بإن الفكرة مستهلكة في مائة فيلم تقريباً.
·
هل وضعت شروطاً سواء بالنسبة إلى
حجم دورك أو شكل اسمك على الملصق بعد نجاحاتك الأخيرة؟
لا تهمني هذه الأمور،
لأنني منذ البداية عندما أختار عملاً فنياً اختاره على أساس حبي واقتناعي
بفريق
العمل، ما يبرر تعاوني مع مكي مثلاً ثلاث مرات متتالية، ولا أظن أن أحداً
سيقلل من
حجم اسمي على الملصق أو سيفاجئني بتغير دوري أو حذف مشاهد منه،
لأن المحترف يعرف
أهمية كل عنصر من عناصر الفيلم.
·
ما هي معاييرك لاختيار أدوارك؟
لم
أقدم عملاً واحداً منذ أن دخلت الوسط الفني من دون أن استشير المحيطين بي،
لأنني
أحبذ رؤية رد فعل والدتي ووالدي واقتراحاتهما على أعمال سأقدمها لأنهما
أكثر خبرة
مني ورأيهما مهم جداً بالنسبة إلي. فلا أستطيع دخول أي عمل من
دون أخذ رأيهما وإن
كانت لهما وجهات نظر مختلفة بحكم اختلاف الأجيال.
·
لماذا لم تستثمري نجاحك
الأخير ببطولة عمل فني تلفزيوني أو سينمائي يتصدر اسمك ملصقه الإعلاني؟
لا
أرى نفسي في تلك المرحلة بعد، فأنا أؤمن بأن لكل واحد منا خطواته التي يجب
أن يقوم
بها وخطوة البطولة المطلقة لم تأت بعد. صحيح أنني أتمنى أن أقوم بها، لكن
عندما أجد
نفسي قادرة على تحمل نتائجها.
·
هل ثمة دور حقيقي للبطولة
النسائية في
السينما؟
علي مدى تاريخ السينما المصرية تحظى البطولة النسائية بدور مهم،
إلا أننا اليوم لا نقدم المساحة الإنتاجية نفسها التي كانت متاحة سابقاً،
ذلك بسبب
أزمة السينما الإنتاجية في العالم.
·
هل كان لك دور في مشاركة والدتك
دلال عبد
العزيز في الفيلم؟
دلال عبد العزيز اسم كبير، ولا يمكن أن أتدخل كي تشارك في
فيلم، وهي لا تحتاج إلى ذلك بل أنا من أحتاجه، لكني كنت في غاية السعادة
عندما
رشحها المخرج أحمد الجندي وأحمد مكي. وفي المشاهد التي جمعتني
بها كنت على طبيعتي
ولم أمثّل.
·
ما سبب تأجيل ألبومك الغنائي
مراراً على رغم إعلانك عن الانتهاء
من تسجيل أغنياته؟
أبعدني تركيزي في السينما أخيراً عن الألبوم على رغم أنه
جاهز منذ فترة طويلة، إضافة إلى أن انشغال المنتج نصر محروس عنه كان سبباً
آخر
للتأجيل.
·
ماذا عن فيلمك الجديد مع أحمد عز
«365 يوم حب»؟
نصور راهناً
الفيلم، وهو عمل مختلف جدا عليَّ وعلى عز أيضاً، لأنه رومنسي – كوميدي.
وأتوقع
نجاحاً كبيراً له إن شاء الله، خصوصاً أنني أتعاون خلاله مع مؤلف بحجم يوسف
معاطي
ومنتج كبير مثل محمد ياسين.
·
لماذا قررت العودة إلى التلفزيون
من خلال مسلسل «الكبير
أوي»؟
أنا لم أعلن عن مقاطعتي للتلفزيون، فهو يزيد من انتشار أي
ممثل بشكل كبير جداً ولا يحرقه، كما يردد البعض، إضافة إلى أنه صاحب الفضل
عليَّ،
ذلك بعد نجاح ظهوري الأول في مسلسل «للعدالة وجوه كثيرة».
·
ما سر التعاون
الدائم بينك وبين أحمد مكي في السينما والتلفزيون؟
أي عمل فني يجب أن يتمتع
المشاركون فيه بنوع من التفاهم الفني في ما بينهم، وهذا ما حدث
بيني وبين مكي،
فلماذا لا نستغل ذلك خصوصاً أن الجمهور يحب أن يرانا سوياً؟ فالثنائي الفني
موجود
في تاريخ السينما والتلفزيون ومنذ زمن بعيد.
الجريدة الكويتية في
29/08/2010
قضية
غرفة صناعة السينما... بين تفعيل عملها
وإلغائها
فايزة هنداوي
سيل من الاتهامات
ينهال على غرفة صناعة السينما في مصر من كل صوب وحدب، من بينها أنها تخرب
هذه
الصناعة بدل تنميتها وهمها الوحيد خدمة مصالح أعضائها غير آبهة بوضع
السينما
المتردي كله... ما هي خلفية هذه الاتهامات وكيف يردّ عليها
المسؤولون في
الغرفة؟
تأسست غرفة صناعة السينما في مصر في أوائل السبعينيات من القرن
الماضي، بموجب قرار وزير الصناعة رقم 203 لسنة 1972، بهدف رعاية مصالح
أعضائها
والنهوض بالصناعة ورقيها وتقدمها، لكن مع مرور الوقت لم يرضَ
سينمائيون كثر عن
أدائها وتصاعدت الانتقادات وشنت الحروب في وجهها... والنتيجة: مكانك راوح
بسبب
التلهي بالردود والردود المضادة.
انتخابات حقيقية
يطالب المخرج محمد
كامل القيلوبي منذ 10 سنوات بحلّ هذه الغرفة، «لأنها متواطئة ضد صناعة
السينما
المصرية عبر تشجيعها الصريح للاحتكار، لا سيما أن أعضاء الغرفة في غالبيتهم
يملكون
دوراً للعرض ويتولون مهمة توزيع الأفلام إلى جانب إنتاجها، وهذا ما لا
يحدث في
العالم كله» على حدّ تعبيره.
يضيف القيلوبي أن القوانين في أميركا تمنع مثل هذا
الاحتكار على رغم أنها دولة رأسمالية، «لذا بات من الضروري انفصال تلك
الكيانات
الثلاثة، وتقسيمها إلى: اتحاد منتجين، اتحاد موزعين، اتحاد
أصحاب دور العرض».
يشير القيلوبي إلى سلسلة من قضايا شائكة تورطت فيها الغرفة، مثل تهريب
الأفلام
وتوزيعها في إسرائيل.
بدوره، يؤكد المخرج مجدي أحمد علي أن الغرفة تؤدي دوراً
تخريبياً في السينما المصرية من خلال المجلس الحالي الذي لم يتغير منذ أكثر
من 30
عاماً، ويطالب بإجراء انتخابات حقيقية وتشكيل مجلس استشاري
بالتوازي مع المجلس
الحالي مهمته الإشراف على تنفيذ البرامج، «لأن غرفة صناعة السينما مسؤولة،
بأعضائها
الحاليين، عن الكوارث التي تحدث في السينما».
من جهته، يلفت المخرج سيد سعيد إلى
أن الغرفة تعنى بمصالح أعضائها الشخصية بعيداً عن مصلحة
السينما العامة، لذا لا بد
من إعادة النظر في القوانين والقواعد المنظمة لعملها، لتقوم بدورها المنوط
بها في
خدمة صناعة السينما وحمايتها.
جهاز صوري
يعتبر المخرج علي رجب أن غرفة
صناعة السينما هي مجرد جهاز صوري لا يتدخل لحلّ مشاكل
السينمائيين ولا يعمل على
النهوض بالصناعة، لذا ليس لها أي تأثير ملموس في صناعة السينما المصرية.
أما
السيناريست بشير الديك، فيرى أن المشكلة تكمن في أعضاء مجلس الغرفة الذين
يفتقرون
إلى أصول الصناعة السينمائية، «لو كانوا صناعاً حقيقيين لعملوا على حماية
الصناعة
وتنميتها».
يضيف الديك أن المجلس، بوضعه الحالي، لا يقوم بأي خطوة حقيقية لحماية
السينما وبات وجود غرفة صناعة السينما عبئاً على السينما المصرية.
«لم يعد
للغرفة أي دور منذ 20 عاماً»، برأي الناقد السينمائي نادر عدلي، لأن
الأعضاء توقفوا
عن الإنتاج وانحصر همهم بمصالحهم الشخصية مهملين صناعة السينما، ولأن حالة
الاحتكار
التي عززتها الغرفة أضرت بالسينما المصرية بشدة.
مراكز القوى
ترى
الناقدة ماجدة موريس أن غرفة صناعة السينما تسيطر عليها حفنة من موزعين
ومنتجين
تحولوا إلى مراكز قوى، همهم الأول حماية مصالحهم الاقتصادية: «يكمن الحل في
تغيير
لوائح الغرفة وتطوير منظومتها، لتساهم في النهوض بصناعة
السينما المصرية».
في
المقابل، يدافع المنتج هاني جرجس فوزي عن غرفة صناعة السينما، مشيراً إلى
أن
أعضاءها يبذلون طاقاتهم للنهوض بالصناعة مع أنهم مكبلون ولا سلطة قانونية
لديهم
ويعتبر رأيهم استشارياً فحسب.
خطوات فاعلة
يرفض رئيس غرفة صناعة
السينما منيب الشافعي الاتهامات التي يوجهها السينمائيون إليها، مؤكداً
أنها تؤدي
دورها كاملاً ونفذت سلسلة خطوات لتطوير صناعة السينما وتسهيل عمل المنتجين،
من
بينها: تخفيض ضرائب الملاهي، إلغاء الجمارك على مستلزمات صناعة
السينما، مساعدة
المنتجين في إنشاء دور العرض، توقيع اتفاقيات لعرض الأفلام المصرية في
الخارج.
عن تشجيع الغرفة للاحتكار، يوضح الشافعي أن هذا الأمر لا يضرّ بصناعة
السينما كما يشاع، لأن المنتج عندما يملك داراً للعرض سينتج أفلاماً وهو
مطمئن إلى
عرضها ولا يخشى أن تظل حبيسة العلب، كما كان يحدث في الماضي.
الجريدة الكويتية في
29/08/2010
وجهة نظر
العقاد...ودرة الفيلم الدينيّ العربيّ
محمد بدر الدين
على رغم أن كثراً
أخرجوا قبل مصطفى العقاد أفلاماً دينية تفاوتت في المستوى والنضج الفني
والأهمية،
يبقى «الرسالة» (1976) الأهم والأنضج في مسيرة الفيلم الديني العربي وأضخم
إنتاج
سينمائي يتناول الإسلام في تاريخ السينما العربية.
ما يدعو إلى العجب أن هذا
الفيلم الرفيع أثار حوله المشاكل، إذ ارتفعت أصوات واتخذت
إجراءات للحيلولة دون
عرضه بحجج واهية منها، أو لعل أهمها، ظهور ممثل يؤدي شخصية حمزة عم الرسول
(صلى
الله عليه وسلم)، ولم يكن ذلك منطقياً ولا معقولاً ولا مقبولاً، خصوصاً أن
الفيلم
قدَّم العم العظيم الجسور باحترام وتبجيل وأداء راق جميل، في
إطار عمل ضخم فنياً
وفكرياً.
على رغم ذلك، عرض الفيلم وشاهده الملايين، إن لم يكن على الشاشات
الكبيرة فعلى الفضائيات وغيرها من وسائل أو وسائط يتيحها العصر في أمّة
العرب
والعالم الخارجي، واستقبل بترحاب واحترام أينما عرض ودارت حوله
نقاشات
جادة.
يتناول الفيلم ملحمة الرسالة المحمدية، منذ بدايتها إلى ذروتها، ومنذ
فجرها إلى انتصارها، ومنذ انطلاقتها إلى انتشارها في أنحاء الأرض، حيث نشهد
في
نهاية الفيلم الجوامع والمآذن وأذان الصلاة يدوي في أرجاء
المعمورة، ما يعبّر (بالمعادل
البصري السينمائي الراقي) عن معاني القرآن الكريم: «إذا جاء نصر الله
والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً».
ومع «الرسالة» أكد العقاد
للجميع أن إمكانات الوصول إلى العالمية توافرت لديه ويمكن
حصرها باللغة والتقنية،
ما أتاح له فرصة لا مثيل لها لمخاطبة الغرب.
منذ البداية خطط العقاد، بما حمل من
فكر تخطى المحلية، لتجاوز المشكلة التي واجهت منتجي الأفلام
الدينية السابقين، وهي
تقديم الفيلم باللغة الأجنبية إضافة إلى العربية، ليس بواسطة الدبلجة إنما
عبر
إنتاج الفيلم مرة ثانية مع ممثلين أجانب.
من هوليوود، عاصمة السينما العالمية،
أنتج «الرسالة» وأخرجه بنسختين: عربية بطولة عبد الله غيث
(حمزة بن عبد المطلب)
ومنى واصف (هند بنت عتبة)، وإنكليزية
(The Message)
بطولة أنطوني كوين وإيرين
باباس. وقد كسر الفيلم، بقيمته الفكرية، حاجز تغييب الدين
الإسلامي عن الذاكرة
الغربية، وكان بانوراما سينمائية تحكي للعالم قصة الرجل الذي أصبح أمة.
ساهم في
كتابة السيناريو ستة كتّاب أبرزهم الأيرلندي الشهير هاري كرايغ، كاتب
سيناريو «لورانس العرب» ولاحقاً النسخة الإنكليزية
لفيلم «عمر المختار» الذي أخرجه العقاد
عام 1981، فأقام في فندق «نيل هيلتون» في القاهرة لمدة سنة
وتعاون في الكتابة مع
عبد الحميد جودة السحار، توفيق الحكيم، أحمد شلبي وكاتبين آخرين من طرف
الأزهر. أما
الموسيقى التصويرية فوقعها الموسيقار الفرنسي المشهور موريس جار وهو نفسه
صاحب
موسيقى فيلمي «لورنس العرب» و{عمر المختار».
انتظر العقاد سنوات لإنتاج عمل
سينمائي مماثل لـ «الرسالة» و{عمر المختار»، فكان «صلاح الدين
الأيوبي» الذي نذر
نفسه لإعداده، إلا أنه رحل محتفظاً بسيناريو ورؤية إخراجية للفيلم من دون
أن يرى
النور لعدم توافر الدعم المطلوب.
اللافت أن العقاد كان يحمل فكرة الفيلم أينما
رحل أو حلّ، معتبراً أن سيرة صلاح الدين هي الإسقاط المعاصر
للأحداث التي تجري على
الساحة العربية اليوم.
بما أن الفكرة انبثقت من هذا المنطلق فقد تعرضت،
كالعادة، لمساومات في أقطار الوطن العربي بفعل الإسقاطات المعاصرة التي
تحملها،
ولأن الظرف الذي يسيطر على العالم العربي هو ذاته الظرف الذي
خرج فيه صلاح
الدين.
الجريدة الكويتية في
29/08/2010 |