لاتزال السينما تعتمد علي البطل الأوحد الذي نظل نتحمله منذ بداية
الفيلم حتي نهايته..
ويا روح ما بعدك روح.
في هذا الموسم قدمت السينما أربعة أفلام وهي أفلام نجوم الكوميديا..
هذه الظاهرة حدثت منذ أكثر من عشر سنوات بعد فيلم »اسماعيلية
رايح جاي« الذي يعتبر علامة لتغيير مجال السينما..
فقد حقق هذا الفيلم نجاحاً
جماهيرياً كبيراً.. واستقل محمد هنيدي بنفسه ليصبح البطل الأوحد في فيلم »صعيدي
في الجامعة الأمريكية«
وما يليه من أفلام،
وظهر محمد سعد منافساً له في هذه النوعية من الأفلام التي تعتمد علي
الإفيهات والتهريج، وتقدم الضحك من أجل الضحك..
وأقبل الجمهور علي هذه الأفلام للترفيه عن نفسه..
ولا يهم التهريج والإفيهات المتكررة..
وهكذا تحول الكوميديان وانفرد كل منهم
بنجوميته، وهو ما ينطبق علي الأفلام الروائية..
بعكس أفلام زمان »الأبيض واسود«
التي مازلنا ننجذب لمشاهدتها من خلال
التليفزيون علي الرغم من أننا شاهدناها عشرات المرات..
فقد كان الفيلم زمان يضم أكبر عدد من نجوم السينما.. فمثلاً فيلم »غزل
البنات« اشترك فيه سبعة نجوم وأكثر..
كل منهم يصلح أن يتحمل وحده البطولة المطلقة..
ليلي مراد، نجيب الريحاني، سليمان نجيب، أنور وجدي،
محمود المليجي، يوسف عبدالوهاب، ومحمد عبدالوهاب..
والكوميديانة »الجميلة« زينات صدقي، واستيفان روستي، وفردوس محمد..
فكل منهم له أسلوبه في الأداء..
وله حضوره غير حب الناس له..
وتتنقل الكاميرا بين هؤلاء النجوم الذين يسطعون كنجوم السماء
في ذلك الزمن الجميل..
أما في هذا الزمن
غير الجميل فقد أقبل الجمهور علي الكوميديا الهابطة بطولة الممثل الأوحد
للترفيه عن نفسه.. ولا يهم أن يكون الفيلم هادفاً..
المهم أن يضحك وبس!!
> > >
لم ينفرد نجوم الكوميديا زمان بالبطولة المطلقة..
ومع ذلك تركوا بصماتهم في السينما..
فمن منا ينسي
»استيفان روستي«
الكوميديان الكبير القدير الذي يتمتع بأسلوب متميز في الأداء
ومن أشهر جُمل السينما التي قالها »نشنت يا فالح«
أيضاً »هي دي اللي كنتي ناويه تهزئيها..
اللي مفيش حد ما أعجبش بيها«.
أما عبدالسلام النابلسي الذي يحاول أحد نجوم الكوميديا الآن أن ينتحل
أسلوبه في الأداء..
فشتان بين الفارق بينهما..
كان عبدالسلام النابلسي من أهم نجوم الكوميديا رغم أنه لم يقم بدور البطولة
وتظل أفلامه علامة مميزة في تاريخ السينما..
ومن ينسي عبدالفتاح القصري الذي اشتهر بأشهر جٌمل في السينما »نورماندي تو«.
أما الآن فبمجرد ما الواحد »يقب«
فهو يتطلع إلي البطولة المطلقة وهذا ما حدث أخيراً
في مسلسل »راجل وست ستات«
حيث انفصل عنهم سامح حسين ليصبح البطل الأوحد في أحد المسلسلات
التي تذاع في رمضان..
وهو ما حدث من قبل مع علاء ولي الدين
وهنيدي ومحمد سعد وحلمي وغيرهم.
وإذا رجعنا بالذاكرة إلي الماضي في
الستينيات حينما قدمت »مدرسة المشاغبين«
التي اشترك فيها كل ممثلي الكوميديا في بداياتهم وهم سعيد صالح وعادل إمام
ويونس شلبي وحسن مصطفي و»الملواني«
وهادي الجيار وأحمد زكي وسهير البابلي ونظيم
شعراوي..
وهي المسرحية التي حققت
نجاحاً جماهيريا خرافياً..
فانفصلوا عن بعض لينفرد كل منهم بالبطولة.
> > >
وأنا لست ضد أفلام »الفارس«
والضحك للضحك.. لكن هذا التهريج والإسفاف وتكرار الإفيهات »البايته«
أصابت الجمهور بالملل وانفض عنها لمشاهدة أفلام ذات قيمة فنية.. وهو ما حدث
هذا الاسم بالنسبة لفيلم سعد »اللمبي
٨ جيجا« الذي لم يستطع أن يقف أمام عسل أحمد حلمي الأسود الذي يقدم فكرة
جيدة رغم السقطات التي وقع فيها.
>
ومن كوارث السينما الآن أيضاً
غياب المنتج الفنان مكتشف النجوم وصناعهم وموالاتهم بعد ذلك لتظهر نجوم مثل
نجوم السينما الهوليودية التي تصنعها شركات الإنتاج الكبري في ذلك الوقت،
وظهرت هند رستم وسعاد حسني ونادية لطفي ولبني عبدالعزيز ومحمود ياسين
ونورالشريف وحسين فهمي وغيرهم..
كان كل همهم صناعة فيلم جيد يبقي مدي الزمان..
أما المنتجين فهم رمسيس نجيب،
وآسيا،
وماري كوين، وحلمي رفلة، وماجدة.. وفعلاً أصبحت أفلامهم هي أهم كلاسيكيات
السينما..
أما الآن فقد أصبحت السينما تجارة حين
اقتحمها رجال الأعمال وتجار وكالة البلح!
>
قدمت السينما في الزمن الجميل أهم كتّاب العصر لتنتج أعمالهم
مثل نجيب محفوظ (الثلاثية ميرامار والكرنك..
وغيوهم).. وإحسان عبدالقدوس وكل أعماله (النظارة السوداء وامبراطورية ميم والوسادة الخالية
وأنا حرة)..
وطه حسين الذي قدمت له السينما
(الأيام ودعاء الكروان والحب الضائع)..
ورشدي صالح
(الزوجة الثانية)..
وتوفيق الحكيم (الأيدي الناعمة)..
وعبدالرحمن الشرقاوي (الأرض).. وكان ذلك هو عهد تألق السينما المصرية التي
قدمها أهم المخرجين وصنّاع السينما مثل صلاح أبوسيف وبركات ونيازي مصطفي
وفطين عبدالوهاب،
وهؤلاء المنتجين الذين ذكرتهم.
>
هذا يعكس فترة انكسار السينما الآن فلم أر سيناريو واحد عليه
القيمة، ولا يهم أن يقرأ الممثل السيناريو أو يعمل بروفة قبل بدء التصوير..
المهم أن يقف أمام الكاميرا ويطلق الكلمتين اللي حفظهم قبل ما يطيروا منه..
وذلك باستثناء مسلسلات
النجوم الكبار مثل نور الشريف والفخراني ويسرا
وإلهام شاهين وغيرهم.
وأصبح كل من هب ودب ولا يمت للكتابة بصلة ما أن يؤلف..
بل إن كثيرين من النجوم أصبحوا يؤلفون أفلامهم وهم الذين لا يعرفون شيئاً
عن الكتابة.. ولم نر لهم أي عمل أدبي من قبل مثل تامر حسني الذي أصبح بقدرة
قادر وفي غفلة من الزمان مؤلفاً لأعماله..
أما محمد سعد فهو المؤلف والممثل والمخرج وصانع
الإفيهات التي يفاجئ بها من معه أمام الكاميرا لكي لا يلطشها منافس له.
ووصلت السيناريوهات إلي الحضيض وبلا فكر أو ثقافة لتتحول السينما إلي نوع
من الإسفاف والتهريج.
> > >
>
وقد أدرك عادل إمام ذلك في منتصف رحلته الفنية حينما بدأ وحيد
حامد يكتب له..
ويعتبر وحيد حامد أهم كتّاب السيناريو ليقدم لنا عادل إمام في
شكل جديد..
في أفلام تنتقد السلطة والإرهاب،
وما وصل إليه حال البلد..
وذلك منذ ظهور فيلم »طيور
الظلام« و»الارهابي« و»الإرهاب والكباب«
و»النوم في العسل«
و»حسن ومرقص« وغيرهم.. لذلك سيظل عادل إمام هو الزعيم..
زعيم الفنانين.
>
في تلك الفترة انفض النجوم الكبار عن السينما لأنهم لم يتقبلوا
الأدوار التافهة والسيناريوهات الهابطة،
فاتجهوا إلي التليفزيون ودخلوا البيوت وانتشرت قدراتهم أكبر من السينما مثل
نور الشريف والفخراني وصلاح السعدني ويسرا وإلهام شاهين وغيرهم.. بل إن
المسلسلات التي يقدمونها تباع للدول العربية قبل مشاهدتها، وفي رمضان سنري
التنافس بين هؤلاء النجوم للحصول علي شعبية أكثر عدد من المشاهدين.
> > >
>
وشهدت السينما في الفترة الأخيرة بعد ال٠١
سنوات التي استفرد فيها الرجال بالبطولة..
شهدت نجمات شابات مثل مني زكي ومنة شلبي
وحنان ترك وداليا البحيري وغادة عادل وعلا
غانم وياسمين عبدالعزيز..
ومن قبلهم هند صبري ليتحقق التوازن بين سينما البطل الأوحد
وسينما المرأة..
حين ظهرت نجمات أيضاً
في عالم الإخراج مثل ساندرا نشأت وكاملة أبوذكري..
وفي الكتابة هالة خليل ووسام سليمان..
وقدمن أحسن الأفلام مثل
»أحلي الأوقات« و»وسط البلد« وغيرهما.. كما جمعت العنصر النسائي والذكوري
في فيلم »سهر الليالي«
الذي اشترك فيه مجموعة كبيرة من نجوم السينما الرجال والنساء، وتصبح ياسمين
عبدالعزيز الممثلة الجميلة ذات الحضور الطاغي منافسة لنجوم الكوميديا من
الرجال حين قدمت العام الماضي »الدادة دودي«
وفي هذا العام »الثلاثة يشتغلونها«.
أما أفلام هذا الموسم غير الكوميدية فأغلبها أفلام هابطة لا تترك أي
أثر وتصبح منسية باستثناء »بنتين من مصر«
لأنه يتناول مشكلة اجتماعية هي عدم الزواج والعنوسة.
لهذا كله أصيبت السينما بالانهيار والانكسار..
فهل هناك أمل لتعود إلي تألقها؟
أخبار النجوم المصرية في
05/08/2010
دوره الزمان وداء
النسيان
مصطفي درويش
عندنا هنا »في مصر كل شيء ينسي،
بعد حين«، كما قال، بحق أبوالطيب المتنبي والا بماذا نفسر نسياننا لغتنا
القديمة، حتي أصبحت لغزا، لم يفكه سوي العلامة الفرنسي
»شامبليون« أثناء الربع الأول من القرن التاسع عشر »٢٢٨١«.
واذا كانت لغة الاجداد القدامي أصبحت نسيا منسيا،
فمن باب أولي أن ننسي متي غاب عن دنيانا »الفريد هتشكوك«
ذلك المخرج المتميز بابداع ما يعرف بأفلام التشويق.
والا نتذكر أن من بين ابداعاته فيلما فارقا في تاريخ ذلك النوع من
الافلام اخرجه، قبل خمسين عاما، تحت اسم
»مختل نفسيا« (سايكو) بالانجليزية.
ولولا مجلة »امباير«
الشهرية البريطانية واسعة الانتشار، والملف المنطوي علي خمس وعشرين صفحة من صفحات
عددي يوليو وأغسطس،
الذي ضمنته معلومات قيمة عن سيرة ذلك المخرج،
وأفلامه قبل »سايكو« وبعده.
من بينها مضي ثلاثين سنة علي
غيابه عن دنيانا »٩٢
ابريل
٠٨٩١«.
فضلا عن مضي نصف قرن من عمر الزمان علي عرض رائعته
»سايكو« »٦١ يونيو، نيويورك«
ونظرا الي ضيق المجال، اكتفي بالحديث عن
»سايكو« الفيلم المحتفي بيوبيله الذهبي.
بداية »سايكو«
من أفلام المرحلة الثانية، والاخيرة من مسيرة »هتشكوك«
السينمائية، والتي استهلها »بربيكا«
أول فيلم يخرجه في الولايات المتحدة،
وتحديدا في هوليوود، لحساب دافيد، أو سلزنيك منتج
»ذهب مع الريح«.
ولقد جري ترشيحه، هو ومخرجه لجائزة الاوسكار
»٠٤٩١«.
والغريب انه لم يفز بها،
لا هو، ولا الفيلم، رغم انه كان له فيلم ثان »مراسل أجنبي«
مرشحا لتلك الجائزة.
والأكثر
غرابة انه رغم ترشيحه هو وعددا من أفلامه،
بعد ذلك، لتلك الجائزة، لم يفز بها.
و»سايكو«
الذي جري ترشيحه عنه لجائزة أوسكار أفضل مخرج
»٠٦٩١« واحد من ثلاثين فيلما، قام باخراجها في الولايات المتحدة،
بعد مغادرة وطنه انجلترا وخلال العشرين عاما التالية له لم يخرج سوي ستة
افلام آخرها »مؤامرة عائلية« (٦٧٩١).
ومن بينها اخص بالذكر »الطيور«
»٣٦٩١« فيلمه التالي مباشرة »لسايكو«.
ويبدو أن فكرته اختمرت في ذهن
»هتشكوك« أثناء اخراجه »سايكو«، وآية ذلك الطيور المحنطة في حجرة استقبال
الموتيل، والحديث عنها الذي دار بين القاتل صاحب الموتيل »انطوني بركنز«
والقتيلة »جانيت لي«.
ويتميز »سايكو«
علي جميع أفلام »هتشكوك« بدءا من عام ٤٥٩١، بانه لم يصور بالألوان.
وعلاوة علي ذلك لم ينفق علي انتاجه سوي ثمانمائة ألف دولار،
وهو مبلغ زهيد، وفقا لمعايير تكلفة أفلام مصنع الاحلام بهوليوود،
في ذلك الزمان البعيد.
وعلي
غير المعتاد،
وحتي يحقق مزيدا من الاقتصاد في تكلفة الفيلم،
لم يسند أيا من الادوار الرئيسية، لأحد من النجوم الكبار،
كما استغني عن الشقراوات الفاتنات، أمثال »جريس كيلي«
و»انجريد برجمان«
ومع ذلك، كان »سايكو«
أكثر أفلامه نجاحا في الشباك،
حيث حقق ايرادات لم يحققها أي فيلم له،
لا من قبل، ولا من بعد.
ومن
غرائب الفيلم الاخري،
موت بطلته »جانيت لي« والنصف الأول من الفيلم لم ينته بعد.
والموت يجيئوها بطعنات سكين حاد من وراء ستار،
وهي تستحم فيما يعرف بمشهد »الدش«.
وهو واحد من أشهر المشاهد في تاريخ السينما،
وأكثرها تأثيرا والمدهش،
انه لا يبقي علي الشاشة سوي خمس وأربعين ثانية.
ومع ذلك فاخراجه استغرق سبعة أيام تصوير،
واستوجب سبعين وضعا للكاميرا.
وبفضل ذلك القدر من المثابرة وابتغاء الكمال،
شغل المشهد الناس، وطاف موكب صيت الفيلم من أرض الي أرض وفي ظني انه لولا ذلك المشهد
بثوانيه القليلة،
لما صار
»سايكو« ايقونة، يحتفي بها بعد مضي نصف قرن من عمر زماننا!
moustafa@sarwat.de
أخبار النجوم المصرية في
05/08/2010 |