يستخدم الباحث المخرج قيس الزبيدي مصطلح “مونوغرافيات” (مقالات قصيرة محددة
الموضوع)، لعنونة كتابه الجديد الصادر من منشورات المؤسسة العامة للسينما
في دمشق ضمن سلسلة “الفن السابع”، ولا يكتفي المؤلف بهذا المصطلح قليل
التداول في الأدبيات العربية بل يضيف إليه عبر عنوان ثان: “في تاريخ ونظرية
صورة الفيلم” . الكتاب في مجمله رحلة معرفية شيقة وعميقة المضمون ومتنوعة
المعلومات تتراوح ما بين العرض المبسط نوعاً ما لقضايا نظرية سينمائية
والعرض الذي يحتاج إلى مستوى ثقافي متنوع ومعرفة أوسع بنظريات السينما
وخاصة ما يتعلق منها بدراسات السينما المرتبطة بسيميولوجيا الفيلم
والنظريات الخاصة باللغة، ويشير المؤلف في كلمة تقديمية إلى أن الكتاب
محاولة تعريفية للاقتراب من الأسئلة التي صاحبت تاريخ ونظرية صورة الفيلم
كوسيط مستقل، ويتلمس المؤلف يتلمس طريقه نحو الإجابة على تلك الأسئلة
بواسطة التعريف بأفكار أهم المنظرين لتاريخ السينما على اختلاف فهمهم
لخاصية السينما .
على الرغم من تنوع القضايا مدار البحث أو التعريف في هذا الكتاب والمبوبة
ضمن ستة فصول رئيسية، إلا أنه من الواضح أنه يركز على عنصرين رئيسيين
متداخلي العلاقة، هما الصورة السينمائية وطبيعتها والمونتاج السينمائي،
وهما العنصران اللذان اختلفت فيهما آراء المنظرين في الفترة الممتدة من
عشرينات القرن العشرين وحتى أواسطه، ففي السنوات الأولى من عمر السينما،
ولم يكن فن الإخراج السينمائي قد اكتشف، كانت أهمية السينما، سواء بالنسبة
لصانعي الأفلام أو بالنسبة للجماهير، تنطلق من كونها تعرض الصور المتحركة
والتي تعكس الواقع مباشرة، أما في العشرينات وإثر اكتشافات الأمريكي دافيد
وورك غريفت لوسائل المونتاج السينمائي، ومن ثم تطوير السينما على يد
المخرجين الروس وخاصة إينشتاين و بودوفكين (الفيلم الروائي) ودزيغا فيرتوف
(الفيلم الوثائقي/ التسجيلي) بدأ التنظير لأهمية المونتاج واعتباره العنصر
الرئيسي في الفيلم، فلم يعد الواقع يعتبر مهما بذاته ضمن الفيلم، بل المهم
طريقة إعادة تنظيمه والتعبير عنه بواسطة المونتاج، لكن هذا التفكير النظري
لم يدم طويلاً، إذ برز في الأربعينات تنظير آخر يعيد للسينما علاقتها
المباشرة بالواقع ويعطي لصورة الواقع أولوية على تعبيرية المونتاج، ومن
أبرز منظري تلك الفترة الألماني زيغموند كراكاور (صاحب الكتاب المهم “من
كاليغاري إلى هتلر”) والفرنسي اندريه بازان (مؤلف مجموعة المقالات التي
نشرت ضمن كتاب “ما هي السينما”) .
بعد أن يعرض المؤلف مختلف الاجتهادات المرتبطة بكل من هذين الاتجاهين،
يتوصل إلى خلاصة مفادها أن: “إعادة بناء الواقع عبر المونتاج أو تصوير سير
الزمن مباشرة في المشهد بمونتاج داخل الصورة، لا يعملان إلا عبر صراعهما
الدائم، وليس من حق أي من هذين الاتجاهين أن ينتصر على الآخر، فالسينما
المعاصرة ليست امتداداً آلياً لأحد هذين الاتجاهين بل هي نتاج تركيبهما
المبتكر و المعقد” .
القضية الثالثة التي تحتل حيزاً خاصاً في مجموعة مقالات الكتاب هي علاقة
السينما، اختلافها أو اقترابها، من بقية الأنواع الأدبية والفنية الأخرى،
مثل الشعر والرواية والفن التشكيلي والموسيقا، إضافة إلى العلاقة بين
الفيلم ونص السيناريو والآفاق غير المحدودة لتطور أساليب السرد السينمائي .
بهذا الصدد نقرأ للمؤلف الفكرة المهمة الواردة في المقال المعنون “السينما
كتابة”: “هناك عناصر ومقومات تجمع ليس فقط بين القصص إنما أيضاً في تنوع
وكيفية سرد القصص . وعلينا أن لا نخلط بين القواعد والقوالب، فقواعد البناء
الدرامي تنطبق على سرد القصص، مهما تنوعت ومهما أوغل مؤلفها في الابتكار
والخلق” . هذه الفقرة، حسب ما أرى، تفسر الكثير من أسباب ضعف أو غموض
البناء السردي في العديد من الأفلام التي يتجاهل فيها كتاب السيناريو
والمخرجون قواعد البناء الدرامي إما عن جهل بها أو بحجة الرغبة في تحطيم
القوالب السائدة أو المتعارف عليها .
الموضوع العام الرابع الذي يتكرر في ثنايا الكتاب هو العلاقة بين اللغة
المكتوبة ووسيلة التعبير السينمائية التي شاع تسميتها على أنها “لغة
السينما”، حيث يساعد فهم الاختلاف بين اللغة المكتوبة، و”اللغة”
السينمائية، على إدراك الكثير من دلالات عناصر التعبير في الفيلم والتي
غالباً ما يساء تفسيرها من قبل مشاهدي الأفلام الذين غالباً ما يجدون
أنفسهم أمام سؤال مقلق لا يتوصلون إلى إجابة عليه بسبب من جهلهم لخاصية
الصورة السينمائية باعتبارها صورة أيقونية تعكس صورة الواقع، على العكس من
الصورة التي تتشكل عبر اللغة المكتوبة والتي تفرز رموزاً اعتباطية تجريدية،
وهذا السؤال المتكرر هو: إلى ماذا ترمز هذه اللقطة؟ في حين أن اللقطة
المعنية هي صورة سينمائية لا ترمز إلى شيء بحد ذاتها!
الخليج الإماراتية في
26/06/2010
أفلام أردنية قصيرة ولجنة التحكيم
موسى حوامدة
كنت واحداً من أعضاء لجنة التحكيم لاختيار فيلمين أردنيين قصيرين ، من ضمن
مهرجان الفيلم الفرنسي العربي. شاهدنا في الهيئة الملكية للأفلام أربعة عشر
فيلماً ما بين الفيلم الروائي القصير والوثائقي والتسجيلي. وبعد المشاهدة
اجتمعت اللجنة المؤلفة من خمسة أعضاء برئاسة د. سمير جبر وتناقشنا في نوعية
الأفلام. وكان اقتراح المخرج خالد حداد مفيداً ، حيث قمنا ـ في البداية ـ
باستبعاد الأفلام التي لا نرى أنها جديرة بالفوز ، وبالطبع تم استبعاد
الأفلام التي تعتبر تقارير صحفية تلفزيونية مثل الفيلم الذي يتحدث عن
العمال المصريين في الأردن ، أو الفيلم الذي يتحدث عن معاناة سكان مخيم غزة
في جرش ، أو الفيلم الذي يتحدث عن المعاكسات ، أو الفيلم الذي يتحدث عن
الملاكم الذي يقبع بالسجن، أو فيلم العصر الذهبي عن دار المسنين ، وكان ذلك
لسبب بسيط وهو أن هذه الأفلام ليست مبتكرة أو خلاقة أو جديدة: فهي بسيطة
وسهلة ويمكن لأي هاو أن يصنعها.
توقفت اللجنة عند أربعة أفلام أو خمسة ، على الأقل ، وكان الفيلم الأخير "مساءات
العطل" أفضل الأفلام المعروضة ، ولكن هذا الفيلم ـ كونه أنتج وصور بالكامل
في بريطانيا ، وتوفرت لدى المنتج الإمكانيات كافة ـ لا يمثل السينما
الأردنية بهذا الشكل ، ولذلك تم استبعاده ، رغم أهميته وجودته.
أما الأفلام التي نالت استحسان اللجنة فكانت "مفقود
Missing
لطارق الريماوي ، والفيلم التسجيلي
ID:000 لوداد شفاقوج ، وديفيد دير ويزن حازمه ، وهو عن مجهولي النسب ، ونال
فيلم يوسف نقاشاً مطولاً ، حيث ارتأى بعض أعضاء اللجنة أنه يمثل بداية
صناعة سينمائية أردنية معقولة ، ولكن تحفظ بعض الأعضاء بسبب وجود انتقادات
للفيلم ، وبسبب ارتباك القصة نفسها ، إلاّ أنه تمت الإشادة بالممثلة.
كنت واحداً من الذين رشحوا فيلمي: الريماوي ، وشفاقوج: لأن الأول معمول
بطريقة احترافية عالية ، ويمكن ـ ببساطة ـ أن يعرض في أي مهرجان عالمي
للأفلام القصيرة ، ويعطي انطباعاً إيجابياً عن السينما في الأردن ، إضافة
إلى أن رمزيته ، جميلة وطريقة تنفيذه ساحرة. أما فيلم "مجهولي النسب" ،
فبرغم أنه فيلم وثائقي أيضاً ، إلاّ أنه كاد يتحول إلى فيلم درامي ، ولم
يكتف بعرض المشكة بل أظهر المعاناة الحقيقية لـً'مجهولي النسب' ، وعدم تقبل
المجتمع لهم. وقد نفذ باتقان ، وجودة عالية ، وصور بمهارة فائقة ، ومُنتج
بشكل لافت للنظر ، ومكثف ، وكان مؤثراً ، وأوصل الفكرة من دون أنْ يسبب
مللاً للمشاهد. وتقديراً من اللجنة للسينما التسجيلية وأهميتها أعطيت
الجائزة الثانية لهذا الفيلم بإجماع اللجنة.
وبالعموم ، يمكن القول إن هناك إرهاصات لانطلاقة سينما أردنية ، وإن هناك
مواهب شابة قادرة على العطاء وتقديم الأفضل ، ولا أدري لماذا يصر مخرجو هذه
الأفلام جميعها على تسمية أفلامهم بأسماء أجنبية ، ولماذا ينظرون إلى
مجتمعهم من كاميرات مستوردة. إن الأدب ، والفنون عامة ، والسينما بالتحديد
، لا يمكن لها أن تنجح وتقدم شيئاً جميلاً وجدياً إن لم تعتمد على بيئتها
المحلية ، ولنا في الدراما التركية مثل.
ومع ذلك ندعو المؤسسات والجامعات والدوائر المهتمة إلى دعوة مخرجي هذه
الأفلام ، وعرضها ، وفتح نقاش حولها ، وهي فرصة ليفيد منفذوها والجمهور من
مثل هذا الحوار.
كما ندعو المؤسسات والشركات المعنية إلى دعم هذا الفن ، وتقديم الإمكانيات
كافة ، والتسهيلات للشباب الموهوبين لتمكينهم من ترسيخ صناعة سينما حقيقية
قد تتطور ، لاحقاً ، في أفلام روائية طويلة ، تشكل إنجازاً مأمولاً
ومتوقعاً.
بقي ، من الضروري ، توجبه الشكر للقائمين على مهرجان السينما الفرنسي
العربي الذي يقام لدينا سنوياً ، ويرعى المواهب الشابة ، ولا ننسى أن
الهيئة الملكية للأفلام ، والصندوق العربي لدعم االثقافة ، ومؤسسة
عبدالحميد شومان ، لما يقدمون من دعم لهذا الفن بدأت تظهر ملامحه في الأفق
، مبشرة بإمكانية ولادة سينما أردنية معقولة.
musa.hawamdeh@gmail.com
الدستور الأردنية في
26/06/2010
إعلان نتائج مسابقة «أفضل فيلم قصير» ضمن
مهرجان «الفيلم الفرنسي - العربي»
عمان - الدستور - خالد سامح
أعلنت ، مساء أول أمس ، في مركز الحسين الثقافي ، أسماء الأفلام الفائزة في
مسابقة "أفضل فيلم قصير" ، والمخصصة للمخرجين الأردنيين ، حيث نظمت
المسابقة على هامش مهرجان الفيلم الفرنسي - العربي ، الذي يختتم فعالياته
مساء اليوم ، وشارك فيها أربعة عشر فيلما لأسماء أردنية شابة.
وقد نال فيلم "مفقود"للمخرج طارق الريماوي جائزة لجنة التحكيم الاولى ، كما
نال فيلم "رقم الهوية" للمخرجة وداد شفاقوج جائزة لجنة التحكيم الثانية ،
أما فيلم "أحلام" للمخرج محمد عليوات فقد نال جائزة الجمهور.
تشكلت لجنة تحكيم المسابقة كانت تشكلت من: الزميل موسى حوامده والمنتجين
خالد حداد وسمير جبر والفنان رشيد ملحس ، الذي قرأ كلمة اللجنة قبيل إعلان
النتائج ، وقال أن الأفلام المشاركة تكشف عن مواهب جادة لدى الجيل الجديد
من الشباب الأردني ، ودعا كافة الجهات المهنية إلى دعم تلك المواهب
واحتضانها ، وأضاف: "لقد كان مستوى التصوير التقني جيدا ، وكذلك الرؤية
الإخراجية ، مع أن معظم الأعمال عانت من مشكلة في البناء الدرامي ، نتمنى
أن يتلافاها المخرجون في أعمالهم القادمة".
ملحس نفسه أشار إلى أن لجنة التحكيم قيمت الأفلام المشاركة بناءً على
مرتكزاتها الجمالية والتقنية ومضامينها ، بالإضافة إلى بنيتها الدرامية ،
وغيرها من شروط ومحددات العمل الفني الجيد. كما نوه ببعض الأفلام المشاركة
، مؤكدا أنها نالت استحسان لجنة التحكيم ، وهي: "نور وعتمة" لمعتز مطر
وفيلم ، "يوسف" لمحمد الحاج ، وفيلم "مساءات الأربعاء"لنورا الشريف.
وكانت جميع الأفلام المشاركة في المسابقة عرضت الثلاثاء الماضي ، ومعظمها
تناقش قضايا إنسانية واجتماعية من الواقع المحلي والعربي.
وتلا إعلان النتائج وتوزيع الجوائز عرض الفيلم الجزائري "نهر لندن" ، من
إخراج رشيد بوشارب ، وهو إنتاج مشترك جزائري فرنسي ، بطولة سامي بوعلجية ،
ورشيد زام ، وصوتيقي كوباتى ، وبراندا بليتين. تناول الفيلم قضية العلاقة
الحضارية بين الشرق والغرب ، وقد عالجها المخرج من زاوية سينمائية خاصة ،
أثارت ردودا متباينة لطريقة تناول بوشارب لأحداث تفجيرات لندن الانتحارية
عام ,2005
في فيلم "نهر لندن" ، أراد المخرج أن يخلق من التباين الديني والثقافي بين
شخصيتين وحدة منسجمة ومتناغمة ، فالسيدة "سومرز" ، مواطنة بريطانية مسيحية
، (تقوم بدورها النجمة الإنجليزية برندا بليثين) ، وعثمان (يقوم بدوره
الممثل المالي سوتيجي كويات) مسلم إفريقي قدم من فرنسا إلى بريطانيا.
الاثنان يبحثان عما هو ضائع منهما. عثمان يبحث عن ابنه علي ، و"سومرز" تقوم
بنفس الشيء ، بعدما ضاعت منها ابنتها "جين"، وانقطع حبل الاتصال بينهما منذ
تفجيرات لندن. جهل "سومرز" بلغة العرب وطرحها سؤال: هل العربية لغة؟ أسس
جدارا فاصلا بين عثمان و"سومرز" ، في وقت سقط فيه هذا الجدار في العلاقة
التي تربط علي و"جين". إن السعي المشترك للعثور على علي و"جين" الضائعين ،
عقب هجمات السابع من يوليو في لندن ، أثمر علاقة جمعت بين عثمان و"سومرز" ،
بدأت بالتوتر والحذر ، وانتهت بربط صلة التواصل والود ، في إطار رسالة فرحة
نقلها المخرج إلينا بطريقة متفائلة جدا. انتج "نهر لندن" عام 2008 ، وشارك
في العديد من المهرجانات العربية والعالمية.
وتختتم فعاليات المهرجان بعرض الفيلمين الجزائريين "رشيدة" و"البيت الأصفر"
، وذلك عند الساعة السادسة مساءً ، والثامنة مساءً ، في الهيئة الملكية
الأردنية للأفلام.
الدستور الأردنية في
26/06/2010 |