إبن بابل فيلم مغاير لأفلامنا
العراقية جميعا.وهو متغير جديد لم يألفه الإنتاج السينمائي العراقي إلى حد
ما
لسببين أولهما أن الفيلم أنهى على مايبدو مرحلة السينمائيين الموظفين لدى
الدولة.
أو انه أنهى مرحلة الأعمال الواجهة الموظفة لفكر الدولة. وثانيا
يعتبر الإطلالة الأولى للتعاون المشترك مع الدول الأوربية
والذي يطلق عليه الآخر.
والسببان وجيهان فنيا ولصالح المخرج المتوقع منه استمرار أعماله السينمائية
واستمرار هذه التجربة بالانفتاح على الغرب لاسيما أنه أسس مع شقيقه عطية
الدراجي
شركة انتاج أطلق عليها اسم مؤسسة الرافدين. والسينما العراقية
في أمس الحاجة لمثل
هذه التجارب ومثل هذه الشركات التي ربما ستتجه إلى إيجاد مخرجين عراقيين
لهم من
المواهب والثقافة المكتسبة ما يؤهلهم لنمو السينما والعمل على تطورها
الطبيعي.
واللافت في حركة المخرج محمد الدراجي تبني السينمائيين العراقيين. وهي
وإن لم تكن واضحة إلا انني أود أن أشير إليها كتجربة مغايرة.إن
اعتماد السينمائيين
الشباب وزجهم في تجربة صناعة الفيلم ، ومن ثم اعتماد خبرتهم والإصرارعلى
تكرارالاعتماد عليهم في مهام أكبر فأكبر. إنما هو تقليد سينمائي نحن بحاجة
إليه
وأعتقد أن زج السينمائيين الشباب مثل يحيى طالب كمساعد ثان في
فيلمه الأول ومساعد
أول في فيلمه الثاني وفسح المجال له بتصوير فيلمه القصير على قياس 35 ملم
هي من
الحقائق التي يجب أن نسلط الضوء عليها ، وسأتوقع من يحيى طالب خوض تجربته
الروائية
الطويلة في المستقبل القريب. وكذلك مثله مثل بقية الشباب. وهو غاية النبل
والوفاء
لفن السينما في العراق. إن أول ما يجب أن نفكر به نحن
السينمائيين أن نكون معا قلبا
وقالبا ، كما يقال وقد أسعدتني هذه التجربة لأنها على الطريق الصحيح وأتوقع
من
تجربة الشاب المخرج عدي رشيد في حراكه وانفتاحه نفسا ينطوي على ذات النوايا
وما
يحتاجنا جميعا أن نرفع هذا الحيف بحق السينما العراقية وحق
السينمائيين العراقيين
روادا و شبابا. والتجربتان ستكرران من آخرين وسنتوحد معا بلا شك ، ما دامت
مخرجات
السينما في كليات ومعاهد الفنون تترى ومشاركاتهم في المهرجانات الدولية
ماعادت
مستحيلة. ستنهض السينما العراقية وهي قادمة بقوة كما أراها في
طموح السينمائيين
الشباب في داخل العراق ، وفي خارجه.وهذا ما يجعلني أقول شيئا مخلصا للدولة
ممثلة
بحكوماتها المتعاقبة. لابد من الانتباه إلى السينما بعد الآن. لن تبقى
مواضيع
السينما تتكلم عن ظلم الدكتاتور إلى الأبد. وابن بابل في
موضوعه المدوي حقيقة
موضوعية شاخصة. وللسينما في عالم اليوم دوي مسموع. ليس من الصحيح أن تترك
السينما
هكذا بلا قوانين وبلا تشريعات وبلا تخطيط. السينما لها قابلية على التصديق
لقدرتها
المعروفة على إعادة الواقع وتركيبه. وليس من الحكمة النظر إلى
هذا الفن نظرة قاصرة.
وعلى دائرة السينما ولا أقول « السينما والمسرح» فمن المعيب أن تمضي على
هذه
الدائرة اثنتان وأربعون سنة أي ما يقارب نصف قرن. وهي تحمل اسما ليس له
معنى في
عالم بات يتخصص بأدق التفاصيل. ونحن ندمج عنوانين كبيرين
مختلفين في المعنى
والمتطلبات.لا بل نزيدهما مفارقة بدمج الفنون الشعبية لهما !! ونجمعهما في
دائرة
واحدة.ولا أدري لماذا لم يضيفوا لهم دائرة الفنون الموسيقية ، لتكتمل
الصورة. أقول
على دائرة السينما أن يكون ميدان عملها التخطيط للشأن
السينمائي انتاجا وتسويقا
وإنشاء للبنى التحتية.والانفتاح في جميع ذلك على المثقفين في الداخل ،
والمبدعين من
المخرجين والمنتجين من العراقيين وغيرهم . والعمل على تشجيع الإنتاج
المشترك.لا أن
تعتمد التكليف الوظيفي السابق لإنتاج الأفلام الذي اختبرناه!.
وأرجو أن لايمس هذا
الكلام أحدا. فهو رأي ويحتاج إلى المناقشات وقبل كل هذا لابد من أن تكون
هناك دائرة
متخصصة بالسينما وحدها. على الأقل لأن السينما صناعة. وصناعة لايقدر عليها
إلا في
بلد مثل العراق بموارده العراق
!.
قراءة الماضي:
نجح ابن بابل في
اختيار موضوعه السينمائي. ونجح في اختيار اللغة الفيلمية المنطوقة باللغتين
العربية
والكردية. ونجح كثيرا في وضع الدلالات والإشارات من دون الانحياز واختلاق
التفاصيل
الدرامية التي يرغب بها بعض السينمائيين لتنشئ واقعا منحازا أو
مؤثرا في عقول
المشاهدين.حيادية الفيلم لم تتعكز على ذاكرة الشعب العراقي. فهو فيلم مكتوب
- وهذا
هو الأهم في السينما - لكل البشر وقصته بقدر ما تحمل البساطة والسلاسة في
السرد
تحمل المعنى والمضمون المكتمل. رسالة مفهومة لبني البشر وتشاطر
الناس معنى الظلم
والاستبداد من أجل حفنة سنين من السلطة والحكم !. مهما استبد الحاكم وغيب
من
معارضيه ما طاب له.لايجني إلا حفنة سنين وبعدها العدم والتفاهة. ولا يترك
بعدها في
ضمير الناس غير الألم والخسران. تلك الرسالة الشفيفة هي موضوع الفيلم.
إمرأة تبحث
عن ولدها غاب عنها اثنتي عشرة سنة اختزنت في قلبها الألم ،
وبقيت على قيد الحياة
بقوة الأمل، الذي أمدها طول رحلة البحث بالصبر والتجلد !. ولما تصدم بحقيقة
كانت
أبعدتها عن فكرها طوال السنين، باحتمالات أن تلقاه حيا في أحد السجون ؛ ولم
تفلح.
وقبلت أن تجده ميتا و كذلك لم تفلح. وهي تبحث بين رفات المغدورين بالمقابر
الجماعية. لكن أملها يخيب فتمزق فرط الحزن ، وتجلس تبكي على جمجمة وعظام
أحدهم.
وحفيدها الذي رافقها رحلتها الخائبة يبحث عن اسم أبيه بين المبرزات
المدفونة مع
المغدورين ؛ ويخبرها.. « جدتي إنه ليس أبي « كما اخبرها سابقا
« جدتي اسم أبي ليس
بين السجناء « والجدة تبكي ابنها إبراهيم.. «إبراهيم ولدي « تبكي وتبث
شوقها..حتى
لم تعد ترى بحفيدها أحمد غير إبراهيم ثم تسلم إلى رقاد الموت. الأمل الذي
قد يبقى
الناس أحياء ويموتون بموته أحيانا. هذه رسالة الفيلم الذي يعري
الظلم والهمجية
أينما كانت ويبقى الموت الحقيقة الأزلية والحكمة الأبدية. الموت الذي يطوي
الظالم
والمظلوم مفارقة الحكم والحكمة.
وفي خضم هذا الألم يبث الفيلم خيطا دراميا.
يكشف فيه عن معنى المشاعر الإنسانية الفطرية عندما تلتقي حركة مطمئنة ،
صادقة
يجمعها صفاء الدموع النابعة من الألم والندم. الدموع التي تندب حال البلد
وحال هذا
الشعب في واقع مرّ.ذلك الخيط الرفيع الذي يظهر ويختفي بين مكابدات المرأة
الشمالية
الكوردية.وسط مكابدات النساء الجنوبيات ؛ يحيلنا إلى قراءة
الماضي وفتح خزائن الألم
!!
التي مارسها الآخرعلى الشعب ، والشعب على الشعب. ولم يصادفهم ظرف
الاعتذار
لبعضهم . كما هي مصادفة موسى الذي اعتذر عن جرائمه وقدم مايقدرعليه من
مساعدة ، وفي
مقلتيه تجمعت دمعه الحزن والألم والاعتذارعندما حلت لحظة الطمأنينة
والمشاعرالحرة.
تلك المشاهد قد تمرعلى البعض مرورا عابرا تحت سطوة السرد وتفاصيل الحدث
ولكنها من
دلالات الفيلم المستقبلية ومن إشارات الفيلم الذكية ومن نهايات صراع
المؤثرة ،
والدرامية التي يسمح بها الظرف الراهن للمخرج بان يفصح عن رؤى تقبلها
الحياة
ويقبلها منطق النهايات للآلام المكرورة بالثأر والدم
والاستئثار والتخلف التي تعيد
التأريخ أو تبقيه جاثيا في مكانه ، ليظهر من جديد من هو يعيش فقط من أجل
حفنة سنين
من السلطة والحكم ليس إلا. ويموت بعدها ويتركنا نغط بالنفايات ! النفايات
ليس
إلا!.لقد نجح محمد الدراجي مرة أخرى ، وجعلنا نتلمس ملامح
أسلوبه الواقعي المؤطر
بالمشاعر الممزوجة بحب الوطن وعشق السينما.وإستطاع أن يستحضر في قلب
العاملين معه
من السينمائيين الشباب هذه المشاعر الخلاقة المبدعة المفعمة بحب السينما
وسحرها
الجميل. ذلك الأسلوب الذي شاهدناه في فيلمه الأول « أحلام «
المجسد بحركة الكاميرا
المنسجمة مع الحدث. واللقطات الثابتة الطويلة والحجوم القريبة والمتوسطة
للإقتراب
من تعبير الممثلين الذين قادهم بمرجعياته الفنية والتقنية الواقعية الصرفة
المحببة
، في مثل هذه الموضوعات الإنسانية. وما
يؤكد هذا الميل الواقعي اصراره على الاعتماد
على ممثلين بعيدين عن الاحتراف ليشكلهم إنسانيا بالتعايش مع الكاميرا ومع
الحـــــــدث إدراكا منه أن الممثل النمطي يصعب تجريده من
موروثه الأدائي. فضلا عن
أن اختيارالممثلين من الناس الاعتياديين يكسب الفيلم الالفة والمصداقية لدى
المشاهدين. نهج واقعي أجادة المخرج وأبدع. وربما ستكون لنا مناسبة أوسع
للحديث عن
إمكانيات هذا المخرج.
الصالة وتأريخ عروضها الجميلة:
عندما استقرت الجهود
على دعوة الناس إلى صالة سينما سمير اميس ، لاأكون مبالغا بوصف مشاعرهم وهم
يرفضون
مغادرة صالون القاعة ؛ أو صالة الانتظار بعد نهاية الفيلم.
وكأنهم في مزار. لقد
تحولت الصالة إلى رمز وطني يفتش الناس في ثناياه.. يصعدون ويهبون سلالم
الصالة ،
ويتلمسون جدرانها ومقلهم تمسح السقوف والأرضيات ومصابيح الإنارة.. ويتألمون
لنضوح
سقف المبنى.. ويقلبون الكراسي مندهشين لقوة صمودها. ويحدقون
بالمنصة الرهيبة وصفاء
بياض الشاشة وهيبة الستارة الطويلة..يتبادلون الحديث بلا ملل..وبلا سابق
معرفة أو
مناسبة .. لاحديت إلاحديث الصالة قبل أن يبدأ الفيلم ، يتعرفون إلى بعضهم
ويبثون
شجونهم وذكرياتهم عن تاريخ هذه الصالة.. متى بنيت..وبأي صالة شبهت..يقال ان
لها
أختا في أميركا وفي مدن أخرى!!.وكم..وكم من الأفلام عرضت بها.
حديث لاينقطع وأسئلة
الصحفيين لاتنتهي وحالنا يقول «عجيب أمور غريب قضية» أعتقد من حقنا أن نصف
هذا
الحال الغريب!!.
*اكاديمي
وناقد سينمائي
الصباح العراقية في
19/06/2010
الدراما القديمة في قفص الاتهام
نور ومهنـــد إطـــلاق ســـراح
عامر الفرحان
لاشك ان
الذكريات الجميلة تحظى باهتمام وافر وكبير ، فيما إذا كانت في غاية
الالتزام
والأهمية لحياة الفرد بالمجتمع وتحفر سطورها على جدار القلب
لتستغرق كل حواسنا بلا
ملل وياخذنا مالك الحديث بالود والسمر لصنع حياتنا المثالية بلا شعارات
ولاتملق
سعيا لتطهير النوازع النفسية السلبية المقيته التي جُبلَ عليها بنو
البشر.
ولعل هذه المقدمة الموجزة تقودنا الى واقع الدراما العراقية
والعربية خلال عقدين أو ثلاث عقود والتي خلقت ارتباطا صميميا
بين المشاهد وبين
أحداثها التي تحاكي متطلباته وحياته ومشاكله دون تكلف او غموض مع احترام
الذوق
العام ومنحه فرصة للتفكير الناجح بعيدا عن الكثافة الدرامية “المفرطة” التي
تطلق
سمومها على مدار( 24) ساعة ،ففي الماضي القريب كانت الساعة الثانية عشرة في
منتصف
المساء ينتهي البث التلفازي وننتظر بشغف كبير الساعة السابعة
مساءً من اليوم التالي
لتتصافح طفولتنا وعائلتنا مع افتح ياسمسم- نعمان – “هشام “قائد النعماني
رحمه الله
ثم تتوالى الافلام والمسلسلات والبرامج الهادفة المعبرة عن ذواتنا باخلاص
لتحمل
ذاكرتنا آخر لقطة للفيلم او المسلسل وبحماس جارف لمشاهدة لقطة
النهاية “حبكة
درامية” تدعونا للتوقف والتحليل والتفكير بمشاركة بناءة وإنها تحمل بصورتها
الفنية
والانطباعية معاناة حياتنا اليومية فلا ينسى احد (مسلسل تحت موسى الحلاق
“المرحوم
خليل الرفاعي “سليم البصري “- الدواسر -وفتاة في العشرين “شذى سالم
“وبساطتها
واسلوبها الفني في تقمص واقع الفتاة العراقية الرائع المتواضع
بشكل خاص، والعربية
بشكل عام – الذئب وعيون المدينة-النسر وعيون المدينة-محطات الذاكرة ورائحة
القهوة
ونحن بصدد لغة التطهير التي نبحث عنها اليوم في ذكريات الفردوس المفقود
وكيف تجنى
العابثون على النصوص وتحطيم المغزى الفعلي ،وتطول القائمة من
الأعمال الفنية
العربية الناجحة والهادفة من بينها “دخان بلا نار – الشبيهان –الامتحان –
قطار
منتصف الليل “ .
و ننتقل من هذه الأفلام والمسلسلات الناجحة والهادفة والملتزمة
التي تزاحم ذاكراتنا الى كفة الميزان الأخرى في وقت تعرض
الفضاء إلى الانتهاك
والتمزيق والتقهقر والعبث اللامشروع تجاوزا على احترام الأديان والتقاليد
والأعراف
الاجتماعية لتصبح (فتاة في العشرين )وأخواتها في قفص الاتهام وماغيرها هو
الصواب
انطلاقا من عمل الفضائيات الجبار التي تبث برامجها على مدار
الساعة منتهكة حقوق
الدول التي تعاني التبعية الاعلامية والتي تفتقر إلى التقنيات الالكترونية
الحديثة
لنرضخ صاغرين تحت سوط العولمة الجديدة للتطبيع وفق معطيات وايدلوجيات جديدة
بأسلوب
غربي يمحق حق الإنسان العربي وفرض عبودية الاستلاب الثقافي
والفكري المفعم بلهيب
العاطفة العطشى للتعبير عن الذات ,وخلق الاضطراب والخلل الطوبغرافي للمجتمع
العربي
والتفتيت لدخول العالم في صراع حضاري دام بطريقة نصب الديناميت الفكري
وتحطيم الروح
المعنوية الذي يكون موقوتا لسلب الهوية وتعريتها وتسميمها بشكل
مدروس وقبولها
بطريقة غير واعية من المستهدف .
أصبح نور ومهند المسلسل التركي المدبلج الغذاء
الفكري لملايين العرب الذين يعانون ويعانون من مشاكل جمة علمية وعملية
وفكرية
وثقافية وافساد الذوق بعملية تفكك اجتماعي مخيف
.
مهند (كيفانج تاتليتوغ)
وحبيبته نور مسلسل مدبلج باللهجة السورية
تدور الاحداث حول عائلة ثرية يفقد ابنها
خطيبته في حادث مفاجئ فيحزن مهند كثيرا فيقرر الجد تزويجه من
نور على ذلك تبدلت
حياة نور بمكالمة هاتفية من عمها المرموق من عائلة (سودوغلو )العريقة ولكن
السعادة
لم تدم طويلا عندما اكتشفت ان الامور ليست بالبساطة التي كانت تظنها وخاصة
المتعلقة
بزواجها من مهند وقد سارت احداث المسلسل الى 300 حلقة
.
وتستمر الاحداث تباعا
لعرض القصة بمشكلة خلافات اجتماعية بين زوجين باسلوب عاطفي رومانسي وبنمط
غربي بعيد
كل البعد عن المقارنة والمقاربة مع المجتمعات العربية سوى الاسماء واستخدام
اللهجة
السورية للدخول الى العرب ,فترى المشاهد العربي قد اصابته
الدهشة من “ كبار السن
والعجائز والشباب والشابات” فتراهم يأخذون صعداء النفس بموت البطل مهند
وسجن البطلة
نور كما يقول البعض اثناء الحديث عن المسلسل,ونعزو ذلك الى عدة اسباب
واولها ان
المجتمع العربي عاطفي الطبع مع امكانية التقهقر العاطفي بل
الهزيمة في بعض الاحيان
واستطيع القول ان شعوبنا تفتقد الثقافة العاطفية نظرا لحجم المشاكل
والقضايا التي
يتعرضون لها ، اعتمادا على الحياة الروتينية الكلاسيكية في حياتهم كما
تخونهم
التربية الفكرية والتنظيرية والتطبيقية كمسلم اولا وعربي ثانيا
فباتوا افرادا من
السهولة الوصول الى عقولهم وكسب المآرب التي يسعى لها القائمون على الاهداف
المختلفة.
كما ان الدراما العربية فقيرة بأساليبها الفنية والتقنية في ايصال
المضمون امام الكثافة الاعلاميةالوافدة عبر الفضاء والتي غزت
الافراد في عقر دارهم
بل بات العمل العربي مهملا نوعاً ما وهو يجلس على طاولة الانتظار لمتلقي
النخبة
الذي يعتز بالعمل الهادف ويمقت الهابط منها، والمسألة الاخرى ان الوحدات
الاجتماعية
باتت مفككة في الالتزام الخلقي واصبح رب الاسرة لايقدر حجم
التاثيرات الاجتماعية
لمثل هذه المسلسلات الزاحفة عبر الحدود .فمهند الشبح الذي اصاب فتيات العرب
بالهوس
مع انه اكبر نجوم مجلات اباحية في تركيا وان المسلسل قد لاقى عزوفا في
تركيا وفي
امة العرب الاستهلاك وحدوث مشاكل كبيرة جدا بسبب نور ومهند فمن
العلاقات الزوجية
ماغادرت سعادتها بسبب نور ومهند فالكثير من الطلاقات حدثت في الدول العربية
والاسلامية لان مهند شغف عواطف الزوجة وراحت تقرنه بزوجها على انه اجمل منك
وافضل
منك واتمنى لو كان زوجي بدلا منك ,او تضع الزوجة واجهة صورة
الجوال لمهند,أو تطلب
تبديل اسم خطيبها او زوجها الى اسم مهند,او تطلب شراء ملابس لبناتها ملابس
شبيهة
بملابس الخلاعة التي تظهر بها نور او لميس, وبيع صور مهند بأعداد كبيرة تصل
الى
الالاف عند ابواب الجامعات شرط ان يكون مهند بمفرده بدون نور
حتى لا تصيب الغيرة
فتيات العرب من وجودها بجانبها لممارسة العشق من طرف واحد ؟ ولم يقف الغزو
عند ذاك
بل بدات الشركات تصنع العاب الاطفال والماكولات لنفس الابطال لترويج
البضاعة
واستهلاكها؟وهنا نتمكن من القول الفنان المذكور قد حقق نجاحات
باهرة على امتنا
واصبح من كبار رجال الاستثمار العقاري اذ تواردت مصادر مطلعة بشراء فيلا في
كوجك
بمبلغ 645 الف دولار امريكي ومنزل على البحر فيلا بقيمة 865 الف دولار
امريكي كما
تعاقدت شركة سيرامك المصرية لاشتراكه باعلان تلفزيوني بمبلغ
300 الف ليرة تركية
وفديو كليب للفنانة اللبنانية رولا سعد بالاستعانة بمهند حمل عنوان (ناوياهالو )بمبلغ 120 الف دولار –”يالخيبتنا” من امة
ضحكت من جهلها الاممُ ناهيك عن زيارة
البطلين للعراق وسوريا وبعض الدول العربية ومع الاسف الشديد
بتنا لانميز بين الخبيث
والطيب وقد تشابهت الالوان علينا واختلطت الاوراق واصحبنا كالحمل الوديع
الذي يجر
الى المجزرة في اي وقت شاء الراعي و نقبل يد الراعي علنا ونصد نصيحة المفكر
والمصلح
نمقتها أي جهل واي ضياع ومتى نستفيق من فنتازيا الغرب المقيت
واجندته الخبيثة وهو
يقدم لنا العسل ويدس السم فيه فنتغابى عن الشعور بحقيقة الفجيعة المؤلمة .
وختام قولي فأن تركيا تعرض عن المشاهدة لمسلسل كهذا والعرب يشاهدونه
باستهلاك
مفرط ولنسال انفسنا لماذا؟
الصباح العراقية في
19/06/2010 |