داخل بلاتوهات استديو مصر تدور حاليا كاميرات تصوير مسلسل "عايزة أتجوز"
الذي يعتبر أول بطولة مطلقة لهند صبري تعود من خلاله إلى جمهور التليفزيون
بعد غياب دام عامين منذ أول تجاربها في الدراما التليفزيونية من خلال مسلسل
"بعد الفراق". هند صبري اختارت تجربة طازجة تتحدث عن فكرة العنوسة لكاتبة
شابة هي غادة عبد العال والمخرج رامي إمام الذي يدخل أولى تجاربه في
الدراما التليفزيونية والأهم أن هند صبري تدخل بهذا العمل إلى منطقة
الكوميديا من خلال مواقف طريفة تقع فيها مع كل عريس يتقدم لخطبتها خلال
حلقات العمل.. وهذا هو الخط الرئيسي للمسلسل الذي تطل به هند صبري على
الشاشة في شهر رمضان المقبل..
·
اعتذرت خلال الفترة الماضية عن
عدد كبير من الأعمال الدرامية التي عرضت عليك بعد مسلسلك الأول «فما سبب
حماسك لمسلسل «عايزة أتجوز» علي وجه التحديد؟
- بصراحة شديدة.. أعجبتني جداً فكرة المدونة للكاتبة غادة عبد العال التي
حملت عنوان «أنا عايزة أتجوز» وقد صاغتها غادة بحسها الأنثوي، وأسلوبها
الساخر السلس الجذاب لدرجة أنها جعلتني أشعر بالصدق والحميمية مع كل سطر في
المدونة وكأنها واحدة من أفراد أسرتي، وأعجبني أكثر جرأة الموضوع الذي يمثل
من الألف إلي الياء خلطة سحرية مليئة بالقصص والحكايات سواء كانت تمثل
تجارب شخصية لها أو لصديقاتها أو حتي من وحي خيالها، وبالرغم من أنها
دكتورة صيدلانية لا علاقة لها بالفن من قريب أو بعيد لكنها استطاعت عبر هذه
المدونة من لفت انتباه الكثيرين خاصة عندما قامت دار الشروق بطبعها في كتاب
وبالفعل حققت نجاحاً وانتشاراً كبيرا، وعلشان كده ابتديت فكرة تحويلها إلي
مسلسل تليفزيوني تكبر في دماغي شوية شوية.
·
لكن هناك عدداً كبيراً من
الأعمال التي تحضر حاليا تتناول فكرة العنوسة نفسها التي يناقشها مسلسلك
فما الاختلاف الذي تسعين لتقدميه؟
المسلسل مكتوب بطريقة مختلفة جدا، فهو عبارة عن توليفة درامية اجتماعية في
قالب كوميدي لايت ساخر يحاول تسليط الضوء علي ظاهرة العنوسة وأسباب تأخر سن
الزواج في ظل سيطرة الأمثال الشعبية من نوعية «ضل راجل ولا ضل حيطة»،
و«الجواز سترة للبنت» من خلال شخصية البطلة «علا» وهي دكتورة صيدلانية علي
مشارف الثلاثين من عمرها وتجد نفسها مطالبة بضرورة الإسراع في الزواج نتيجة
ازدياد الضغوط الاجتماعية والأسرية عليها، فهناك نموذج الأم اللي عايزة
تجوزها بأي شكل، والأب اللي عايز يخلص منها، وأتصور أن أكثر من نصف بنات
مصر هيشوفوا نفسهم في المسلسل ده لأنه يتناول بشكل واقعي المشاكل، والأزمات
التي تتعرض لها الفتاة.
·
ما الفرق بين تعاملك مع الدراما
التليفزيونية في هذا المسلسل وبين تجربتك الأولي في مسلسل «بعد الفراق»
الذي عرض قبل عامين؟
- طبعاً هناك فرق فقد أصبحت أكثر خبرة ونضجاً في التعامل مع الشكل
التليفزيوني بعد أن حدث لي مايشبه «الصدمة النفسية» من التجربة الأولي، حيث
كنت في مرحلة التعلم واكتساب الخبرات، أما الآن فالوضع مختلف إلي حد كبير
لأن التأهيل والاستعداد النفسي والمعنوي الذي حرصت عليه قبل البدء في
التصوير منحني مزيداً من الثقة بالنفس، والصلابة.
·
هل سيتم التعامل مع مسلسل «عايزة
أتجوز» كحلقات ست كوم خصوصا أن حلقاته متصلة منفصلة؟
- لأ خالص، نحن نقدم مسلسلاًً اجتماعياً كوميدياً وليس ست كوم، صحيح أن
المسلسل عبارة عن حلقات متصلة منفصلة في إطار كوميدي ضاحك لكن ده مش معناه
إطلاقاً أن نتعامل معاه من منظور التفاهة والسطحية كما يحدث في بعض مسلسلات
الست كوم حالياً ـ ولا أقصد كل مسلسلات الست كوم ـ بل حرصنا علي أن يكون
التناول والمعالجة الدرامية بأسلوب عميق وشيق وجذاب علي اعتبار أن الأحداث
تتناول قضايا اجتماعية حساسة، ووقائع حياتية تمس الناس فعلاً..يعني الموضوع
مش هزار.
·
هل فكرة تحويل المدونة إلي عمل
درامي يمكن أن يكون وسيلة للتغلب علي فقر الأفكار وتكرارها؟
- بلا شك لأن غالبية هذه المدونات تعبر عن أحوال، وأوجاع وهموم وأحلام
الملايين من الشعوب العربية، وتعتبر فرصة ذهبية لكتاب الدراما من أجل تقديم
الكثير من الأفكار والموضوعات الجديدة والمختلفة والطازجة التي تمس فعلاً
رجل الشارع.
·
ألا تراودك مشاعر الخوف من
الإقدام علي تجربة كوميدية في ظل وجود أكثر من عمل كوميدي في شهر رمضان
المقبل لكوميديانات مهمتهم الأساسية هي الإضحاك؟
- أنا مش خايفة بس، أنا مرعوبة إلي أقصي درجة، باحط أيدي علي قلبي وباقول
يارب استر، المسلسل حمل تقيل جدا،ً والموضوع صعب جداً جداً، وعارفة كويس إن
المسلسل مغامرة كبيرة قوي قد تصيب وقد تخيب، فالكوميديا من وجهة نظري هي
أصعب أنواع الدراما علي الإطلاق، أصعب شيء في الدنيا هو إضحاك الناس لأنها
عملية مركبة ومعقدة تحتاج إلي موهبة، وقدرات، ومهارات خاصة لكنني اجتهدت
قدر استطاعتي في تطوير الشخصية، وحاولت إضفاء بعض اللمحات، والإضافات التي
تحمل بصمتي الخاصة جداً وإن كان هذا لا يعني أنني سوف أتحول إلي كوميديانة
صرف تسعي وراء تقديم النكت والقفشات والإفيهات.
·
هل تقديم مسلسل يتناول قضية
اجتماعية كان أمراً مخططاً له بعد مرور عدة أشهر علي تعيينك في منصب سفيرة
النوايا الحسنة بالأمم المتحدة؟
- الموضوع جه بالصدفة، ولم يكن مقصوداً علي الإطلاق لأنني لا أحب فكرة
الخلط بين الأنشطة الاجتماعية والإنسانية، وبين مهنتي كفنانة لأن المنصب
ليس صكاً أو وثيقة ضمان لتقديم أعمال علي مستوي جيد طوال الوقت.
·
ما سر كل هذه التأجيلات المستمرة
التي طالت فيلمك «أسماء»؟
- بكل أسف أحوال السينما اليومين دول لا تسر عدواً ولا حبيباً والأزمة
الاقتصادية أثرت بالسلب في الجميع لكن هناك اتفاقاً مع المخرج عمرو سلامة
علي البدء في تصوير الفيلم عقب عيد الفطر المقبل.
الدستور المصرية في
07/06/2010
أحمد حلمي و"عسل أبيض"
حسام مصفى إبراهيم
بفيلمه الجديد "عسل إسود" استطاع النجم المتألق أحمد حلمي، ليس فقط تقديم
قصة إنسانية رقيقة، وتشريح واقعنا المؤلم - بالهمس وليس عن طريق الصراخ
والصوت العالي- وإنما تمكّن كذلك، من تقديم "حالة" سينمائية متميّزة، تُعد
استمرارًا للخط الواعي الذي بدأ اتخاذه، منذ فيلمه "آسف على الازعاج".
فحلمي في فيلمه الجديد، يقدم رصدًا واقعيًا ومرهفًا لأهم ما تعاني منه مصر
من مشاكل ومعوّقات، ربما لا تتكثف بهذا الشكل اللامنطقي إلا في وجه أبنائها
فحسب، في نفس الوقت الذي لا تكون فيه الأمور شديدة الإظلام هكذا مع
المنتمين لجنسيات أخرى!
والجميل، أن حلمي فعل كل ذلك دون أن يفقد خفة دمه المعتادة، ولا قوة
ملاحظته، وقدرته على التقاط أدق التفاصيل، التي من الممكن ألا تلفت انتباه
أحد غيره!
ونظرة سريعة لأحداث الفيلم، قادرة على أن تدهشك من كم القضايا الاجتماعية
التي عالجها حلمي، فقد تكلّم -في مساحة زمنية لا تزيد على الساعتين- عن
الروتين الحكومي، والتمييز بين المصري والأجنبي لصالح الأجنبي، واستغلال
السياح، وسوء طرق تدريس اللغة الإنجليزية في المدارس والتعليم بصفة عامة،
والبطالة وتأخر سن الزواج، والتفسخ الاجتماعي بين الأسر، وادعاء العلم
والثقافة والفهلوة!
لكن..دون أن يظهر في صورة الواعظ أو القديس ولا مرة واحدة، ودون أن يتم
التناول بشكل مباشر وفج، ودون أن يفقد المشاهد ولو لحظة واحدة من الضحك،
على نفسه وبلده، وظروفه عيوبه!
كما أن هناك لقطات مرهفة، تدل على مدى الحرفية التي تمتع بها صناع العمل،
فمثلا بعد أن تعرض حلمي لمضايقات لا حصر لها بسبب جواز سفره المصري، تسلم
أخيرا جواز سفره الأمريكي، فتبدلت معاملة الكل له، حتى أنه عندما يمر أمام
أحد كلاب الحراسة البوليسية، ويبدأ الكلب في النباح ويوشك على الهجوم عليه،
يخرج له حلمي جواز السفر الأمريكي ويلوح به، فيستكين الكلب فورا، ويضع ذيله
بين رجليه، ويقع على الأرض نابحا في ذلة ومسكنة!
وهناك اللقطة التي شُحنت بدلالات عميقة، وإسقاطات سياسية لا حد لها، عندما
سقط حلمي في المظاهرة التي كانت تهاجم أمريكا، وتمزقت ثيابه، وتناثرت على
الأرض من حوله ما بدا وكأنه بقايا معركة طاحنة، من زجاجات فارغة وصور
الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، وقماش ممزق وكذلك حذائه، فمد يده لالتقاط
حذائه، وفي أثناء ذلك لم ينس أن يسحب الحذاء عبر صورة بوش الملقاة أرضًا،
في لقطة لا تحتاج لتعليق!
والجميل أن حلمي لم يركز فقط على السلبيات، وإنما مثلما عرّاها واعترف بها،
عمد إلى إظهار إيجابيات كثيرة، يراها -ونراها معه- القلب النابض للمجتمع
المصري الحقيقي، فأحداث الفيلم جميعها تدور في فترة حلول شهر رمضان المعظم،
وطقوسه المحببة، وما ينتاب المصريين فيه من دفء ورحمة وإيمان، يعمل حلمي
جاهدا على إظهارها، والتفاعل معها.
وهو يكرس كذلك لقيم الأسرة، التي تتكاتف في المحن، وتتحمل ظروف أفرادها،
ويرسم صورة للأم الباسلة التي تقف في ظهر أبنائها حتى بعد أن يكبروا
ويتخرجوا ويصبح من المفروض عليهم أن يعملوا لإعالة أنفسهم، ويقدّم نموذج
الزوجة الصبور المُحبة لزوجها، والتي تشاركه صعوبات الحياة بلا منٍّ ولا
شكاية.
وهو كذلك يؤكد أصالة المصريين، وسعيهم لكي يكونوا أفضل، ويلفت الانتباه إلى
أن ما نحتاجه للتغيير، والتخلص من العادات السيئة، هو القدوة والمثل فحسب،
وهو ما بدا في لقطة سائق التاكسي "لطفي لبيب" وهو ينحني لالتقاط علبة
السجائر التي ألقاها على الأرض في نهاية الفيلم، ويلقيها في سلة المهملات،
بعد أن كان هذا هو الشيء الوحيد الذي تعلمه من حلمي طوال رحلتهما معا.
حلمي يثبت كذلك بفيلمه أنه لا ينبغي أن يكون العمل مُسفا كي يضحك جمهوره،
ولا بعيدًا عن قضايا الناس وهمومهم، كي لا "ينكد عليهم"، ولا مليئًا
بالإثارة والخروج عن المألوف لكي يغذّي شباك التذاكر!!!
فقد قدم حلمي داخل الفيلم، كماً كبيراً من الإيفيهات الراقية البعيدة عن
الابتذال أو الإسفاف، وناقش قضايا الناس دون أن يصيب جمهوره بالملل، كما لم
يحو الفيلم ولا لقطة واحدة أو لفظة واحدة خارج النص، ومع ذلك، نجح فيما فشل
فيه كثيرون، واستقطب جمهوره، وأمتعهم، وجعلهم يودون دخول الفيلم مرة ومرات.
ليثبت أحمد حلمي بفيلمه "عسل إسود" أنه الممثل الكوميدي الأول في مصر،
وأكثرهم قدرة على استخدام ذكائه ورهافته، في تنويع موضوعات أفلامه، وعدم
تكرار نفسه، أو اللهاث وراء شباك التذاكر على حساب فنه وكرامته ومصلحة
جمهوره.
كما يبقى حلمي الممثل الوحيد -تقريبًا- الذي يمكن لأي أسرة مصرية، أن تطمئن
على أبنائها بصحبته، دون حتى أن يشاهدوا أفلامه أولاً، ثم يسمحون لأبنائهم
بدخولها بعد ذلك، فهو فنان يحترم فنه، ويخلص له، ولا يبخل عليه بأي مجهود
أو تعب، حتى يخرج في النهاية في أبهى صورة ممكنة.
وعلى الرغم من أن اسم الفيلم "عسل إسود" فإن حلمي قدّم فيلماً يفوق "العسل
الأبيض" إفادة وحلاوة وقدرة على الشفاء من كل أمراض الملل والضيق!
لمحات:
- نجح الفنان الكبير لطفي لبيب في تجسيد شخصية السائق ابن البلد، الذي
يستغل السائح الغريب، لكن شهامته وطيبته لا تلبث أن تتغلب عليه في النهاية،
وعلى الرغم من صغر دوره في الفيلم، إلا أنه قدّم وجبة شهية من الضحك
والإمتاع للمشاهدين.
- وكذلك نجح إدوارد في تجسيد دور الشاب المصري المغلوب على أمره، الذي على
الرغم من بطالته وإحباطه، لا يتأخر عن مساعدة أحد، ويقدّر قيم الوفاء
والصداقة والحب.
- ومع أن إيمي سيمر غانم لم تظهر في الفيلم كله إلا ثلاث أو أربع لقطات،
فقد تمكنت من ترك بصمة في العمل، ومنحت المشاهد انطباعًا قويًا بخفة دمها،
وقدرتها على تقمّص الشخصية التي أُسندت إليها، ولاشك أنها بطلة بالفطرة،
وفي القريب سوف تتمكن من القيام ببطولة منفردة تكشف فيها عن مزيد من
قدراتها التمثيلية.
- وجاءت صورة الأم التي قدمتها الفنانة الكبيرة إنعام سالوسة في الفيلم،
جديرة بأن تكون مثالا لكل أمهات مصر، طيبةً وقوةً وتماسكًا، وتفاؤلا بالغد
القريب، على الرغم من كل الظروف الصعبة التي تحيط بها.
- وجاءت الأغاني التي غنتها ريهام عبد الحكيم، بصوتها العذب الشجيّ، مُكملة
للصورة الجميلة، والحالة التي وضعنا فيها الفيلم منذ البداية، لثبت لحلمي
قدرته على الجمع بين الموهوبين في سلّة واحدة، لتقديم عمل يبقى في الذاكرة.
- ولم تقل براعة الطفل عبد الله محمد، عن غيره من كبار الممثلين المشاركين
في الفيلم، حيث تأثر بهم، وشاركهم في رسم لوحة جميلة، تشي بأن مستقبلا
كبيرا سيكون في انتظاره.
- أما الممثل الذي قام بدور عبد المنصف، فتقمص الدور ببراعة، ونجح في رسم
صورة الزوج المكافح، الذي يعمل ليل نهار، من أجل بيته وأسرته، دون أن يحترف
الشكوى، أو يسعى للخلاص من مسئولياته.
- في نفس الوقت الذي لعبت فيه موسيقى الفنان الكبير عمر خيرت، دورا كبيرا
في جذب المشاهد، وإضفاء روح محببة على الفيلم، وإضافة مزيد من العمق
والقدرة على الـتأثير إليه.
- أما السيناريست خالد دياب، فقد قدّم بهذا الفيلم، شهادة ميلاده الحقيقية
في السينما المصرية، وأثبت قدرته على التقاط التفاصيل، وتقديم رؤية متكاملة
للمجتمع المصري.
- وأكد المخرج خالد مرعي من جديد قدرته على تقديم صورة بصرية ثرية، وحبكة
قوية تنتظم الأحداث، وتؤكد حرفيته العالية في تحريك كاميراته.
كلمة أخيرة:
لابد لك من مشاهدة فيلم "عسل إسود" للنجم أحمد حلمي، إذا كنت تبحث عن متعة
بصرية وفنية، أو إذا كنت تسعى للخروج من جو الإحباط العام الذي نعيشه
جميعا، أو كنت تتمنى الضحك من قلبك، والخروج مع ذلك بقيمة، أو إذا كنت تبحث
عن تبرير للحب الكبير الذي نُكنّه لمصر على الرغم من كل ما نعانيه منها، أو
إذا كنت تحب النجم أحمد حلمي، وتثق أنه لن يخذلك أبدا، أو لكل هذه الأسباب
معا.
gn4me
في
07/06/2010 |