تفاقمت في الآونة الأخيرة، ظاهرة تكليف الفنانين بتقديم برامج
تلفزيونية...صحيح أن هذه الظاهرة ليست جديدة، لكن تراكم
النماذج في ذاكرة المشاهد
في السنوات القليلة الأخيرة، يكاد يجعل لها صدى متجدداً...فبعد تجارب
الفنان دريد
لحام، التي كان آخرها برنامج (نورتو) على قناة (المنار) العام
الماضي...وبعد (حبيب
الملايين) الذي كانت تقدمه الممثلة دينا عبد الله، على قناة
(المحور) وبرنامج (الدار
دارك) الذي يقدمه الممثل أشرف عبد الباقي على قناة (أبو ظبي) وبرنامج (الجريئة) الذي قدمته المخرجة إيناس الدغيدي
على قناة (نيل سينما) في شهر رمضان
الماضي وأثار لغطاً تفاوت بين الاستياء العارم والقبول
المتحفظ...تطل المطربة
الأردنية ديانا كرزون على الفضائية المصرية حالياً، لتقدم برنامجا حواريا
بعنوان: (ديتو) تستضيف فيه نجوم الغناء العربي، فيما
تبدو الفنانة يسرا، في برنامج
(العربي)،
وهو أول برنامج تلفزيوني تقدمه على الفضائيات، الأكثر إثارة للأسئلة حول
ظاهرة تقديم الفنانين للبرامج التلفزيونية...ليس بسبب رداءة ما تقدمه...بل
بسبب حجم
وجاذبية يسرا الفنية، التي تجعل من تقديمها لبرنامج تلفزيوني، بعد هذه
المسيرة
الطويلة والناجحة في عالم الفن، عملاً لافتاً للاهتمام، بمقدار
ما هو مثير
للأسئلة!
ولعل أول هذه الأسئلة لماذا تنتقل يسرا من كرسي الضيفة المحتفى بها في
كبريات البرامج الحوارية إلى كرسي المضيف الذي قد يستضيف من هو
أقل منه نجومية
وشهرة في مجال عمله...وما الذي سيضيفه هذا إلى مسيرتها الفنية الناجحة في
ظل التخمة
البرامجية التي تصيب بها الفضائيات العربية مشاهديها على مدار الساعة؟!
هذه
التساؤلات وغيرها، قد تكون لها إجابات خاصة لدى كل ممثل تطرح عليه، لكن
هناك
بالتأكيد عوامل مشتركة تغري الممثلين على الدوام بالقفز من
مهنة التمثيل إلى مهن
أخرى...فالممثل يقضي عمره وهو يردد كلمات وأفكار الآخرين...يمثل نصا كتبه
مؤلف
وأداره مخرج، فهو يعيش مهنة تابعة رغم كل ما لها من نجومية وأضواء...ولهذا
فالكثير
من الممثلين لا يترددون في قبول عروض تقديم برامج تلفزيونية،
أو كتابة مقالات للصحف
والمجلات، لأنهم يريدون أن يظهروا بمظهر اصحاب رأي ووجهة نظر خاصة، حتى لو
كان
للبرنامج فريق إعداد بالطبع.
وهذا ما نلمسه في أداء الفنانة يسرا على وجه
الخصوص، إنها تريد في كل مقابلاتها، ليس أن تنبش العنصر الإيجابي في شخصية
العربي،
وما يوحدنا ويقربنا ويشدنا إلى بعض كما تقول في 'بروموشن' البرنامج...بل
تريد أن
تبدو صاحبة وجهة نظر...ولذلك تتخذ دور المحاورة المتواضعة التي
تطرح الأسئلة
الذكية، وتنتظر الإجابة بشغف لدرجة أنها تقول عن نفسها في حوارها مع عمرو
خفاجي: (معلش أنا حمارة مش فاهمة...عاوزة أفهم) لكن
يسرا وهي تحاول أن تفهم تسعى لتشكيل
وجهة نظر...وتبدو في حواراتها حميمية وتلقائية، ويشع وجهها
بالمودة والألفة وهي
تصغي لضيوفها فتبدو تعابيرها وهي تصغي أكثر جاذبية من حضور بعض مالكي
الإجابات.
لكن برنامج (العربي) في النهاية لا يضيف كثيراً إلى رصيد يسرا، سوى
أنه يقدم ألق الممثلة الكبيرة وهي تتقمص بتواضع وصدق دور
المحاورة...وهكذا تبدو
يسرا في سياق ظاهرة تقديم الفنانين للبرامج التلفزيونية، ليست استثناء ولا
نشازاً،
لكنها مجرد وجه جديد، قد يكون أكثر إصغاء وأريحية مع ضيوفه، لأنه وجه اعتاد
أن يصغي
لأنين الشخصيات الدرامية وهو يتقمصها، وأن يقترب منها بصدق،
مثلما يقترب من
موضوعاته هنا...أما الفضائية المصرية منتجة البرنامج، فهي تقدم حالة تجديد
تحتاجها...وتنجح في لفت الانتباه، أكثر مما تضيف للجوهر!
أيام بلون الورد:
عشر سنوات على تحرير جنوب لبنان!
غطت قناة (الجزيرة) باهتمام خاص، الذكرى
العاشرة لتحرير جنوب لبنان...هذه الذكرى التي حولتها الخلافات السياسية إلى
شأن خاص
بحزب الله وحلفائه في نظر بعضهم...إلا أن أبرز ما قدمته (الجزيرة) في هذا
السياق،
كان الفيلم الوثائقي: (أيام بلون الورد) الذي أعده وأخرجه بلال
خريس....
أهمية
ما قدمه هذا الفيلم الوثائقي، ينبع برأيي من التركيز على الجانب الإنساني
في حدث
التحرير...فقد رصد الفيلم عبر شهادات شهود العيان التحول
المفاجئ الذي عاشه أهالي
القرى المحررة في لحظات الانسحاب الإسرائيلي...عبر التركيز على حالهم في ظل
الاحتلال، والفظائع الشخصية والإنسانية التي طالما تعرضوا لها على يد
الاحتلال
والعملاء المتعاونين معه، ثم كيف تحول هذا الزمن المترع بالقهر
والظلم إلى زمن
آخر...زمن لم يكن أحد يتصور أن يمر بمثل هذا الانقلاب، الذي رد الغائبين
المطاردين
إلى قراهم، والمهجرين إلى بيوتهم، وحرر الأسرى في سجن الخيام الرهيب...في
لحظة شوق
عارم للحرية والحياة، اندفع فيها الأهالي يكسرون أقفال
الزنازين التي تركها
السجانون مغلقة، كي يخرجوا أبناءهم الذين غابوا في عتمة السجن سنوات، لم
يكن يعرف
لها آخر!
إذا لم يعن الفيلم كثيراً برصد تاريخ العمليات العسكرية التي أدت إلى
هذا الهروب الإسرائيلي الذي صنع لحظة التحرير، ولم يقف كثيراً
عند البطولات
والتضحيات على أهميتها، بل مشى في دروب الوجع الإنساني، والفرح الإنساني،
وروى
القصص التي تحول فيها ألم الماضي إلى فرح غامر، والتي تحول فيها الخوف إلى
ثقة
واطمئنان، فكان التحرير بهذا المعنى هو تحرير الإنسان قبل
الأرض...تحريره من الخوف
والألم وأرق الليل الطويل...ألم تروي إحدى الجنوبيات...أنها كانت تعيش
أرقاً
طويلاً، لم تعرف نهاية له إلا بعد زوال الاحتلال؟!
لكن البعد الإنساني للتحرير،
لم ينحصر في فرحة الأهالي بزوال الاحتلال، فثمة بعد إنساني آخر
للقصة...تجلى في رعب
المتعاونين من عملاء ما كان يسمى (جيش لبنان الجنوبي) من فرار
الإسرائيليين، وتركهم
يواجهون مصيرهم الأسود، بعد أن صار الاحتلال خلف أسوار
الحدود...ههنا ثمة قصص تروى
أيضاً، عن عملاء تحدثوا عن لحظات الرعب من محاسبة الوطن لمن خانوا أهله
وترابه...وعن مئات تجمعوا أمام بوابة فاطمة التي تفصل بين
لبنان وفلسطين المحتلة،
فلم يسمح لهم الجانب الإسرائيلي بعبورها، إلا بعد أن أصيبت طفلة من أبناء
أحد
العملاء برصاص الإسرائيليين، ففتحوا البوابة لنقلها للعلاج...وقد ظهر أحد
العملاء
السابقين ليتحدث عن موقف (أنطوان لحد) قائد ميليشيا التعاون مع الاحتلال،
الذي وصفه
بأنه كان (موقفاً صغيراً) أي متخاذلاً...لكن تخاذل الكلمات، لم
يكن بحجم الخذلان
والمهانة والعار الذي كانت تنضح به الصورة التلفزيونية، التي صورت أنطوان
لحد، بين
جمهرة العملاء الفارين أمام بوابة فاطمة...وهو يتجرع نهاية تليق
بمخازيه...فيتلون
الوجه المضطرب بمشاعر الانهيار، وتتوه الكلمات المبعثرة أمام
لحظة استحقاق
مرة...وتمتد يد أحد مرافقيه لتبعد الكاميرا التي كانت تصور، كي لا تكون
الصورة على
هذا القدر من البلاغة في تصوير نهاية رجل لم يفكر يوماً بعار النهايات التي
تليق
به!
هكذا تكتمل الصورة...وتبدو لحظة التحرير مفعمة بمشاعر إنسانية لا يمكن أن
نعفي العملاء منها بالتأكيد، رغم العار الأخلاقي الذي تكتسي به
عمالتهم...ويبدو
الإعلام جزءاً من الصورة أيضاً، فالإعلاميون عاشوا المفاجأة
مثل الأهالي، وحملوا
كاميراتهم غير مصدقين، وقد انعكست مشاعرهم من خلال صورهم التي وثقت الحدث،
والتي
استحضرها الفيلم في سياق تأملي، مشفوعا بحديث بعض الإعلاميين عما وراء
الصورة...عن
البعد الثالث الذي يتجلى في الزمن واليوم والتاريخ
واللحظة...وما يحمله من ارتعاشة
خوف أو فرح أو صدق أو إحساس بالخلاص، كما تجلى ذلك في صور كسر أقفال زنازين
سجن
الخيام على سبيل المثال...بل كأبلغ مثال.
وإلى جانب هذا التركيز المرهف على لغة
المشاعر والوجع الإنساني التي ارتسمت في خلفية قصة التحرير كما رواها فيلم
(أيام
بلون الورد) قدم بلال خريس معداً ومخرجاً، فيلمه هذا بلغة فنية عالية
المستوى، فهو
لم يتكئ على نبل الموضوع وأهمية الذكرى، بل سعى لأن يرقى بهما
فنياً إلى آفاق
موحية...فثمة صورة مشبعة جمالياً، تحمل بعداً تعبيرياً أخاذاَ في استحضار
الحالة،
وثمة توظيف ذكي للإضاءة في خلق مستويات تتجاوز مستلزمات الصورة
التلفزيونية، لتعيد
إنتاج البعد النفسي لها...لأن البعد النفسي هنا له أهمية خاصة
في تشكيل اللوحة التي
كان يرسمها الفيلم عبر إيقاع منضبط، وإيحاء مقتصد لا ينزلق في مطب
الميلودراما
الفجة...وإن كان يقارب تخومها بحذر أحياناً...مع قدرة متميزة على تقديم
حلول فنية
مناسبة لبناء سوية بصرية تجاري قوة المعالجة...وتحقق التكامل
في عمارة الفيلم
ككل.
أنهى بلال خريس فيلمه بالعودة إلى (وعد بزيع) المرأة التي أصيبت بقذيفة من
موقع بلاط الإسرائيلي...فأعاقتها، لكن (وعد) تشعر بالنصر رغم
ذلك....فقد رحل
الاحتلال، وسكت المدفع الذي كان يؤرق ليلها، لكنها بقيت في أرضها.
يحول بلال
خريس صورة المرأة أمام المدفع إلى لوحة تمتد الأنامل لتعيد رسمها...فكأنها
غدت
أيقونه للبقاء والانتصار على الخوف والقهر والاحتلال....وكأن
الإنسان الحر والمؤمن
بوطنه هو قلادة هذا الوطن في غير زمان ومكان.
(أيام
بلون الورد) تحفة فنية،
انتصرت للإنساني على حساب الخطابي، وللنبرة التأملية الهادئة على حساب
النبرة
التفاخرية الجوفاء، ولوطن الإنسان بكل ما يحمل من مشاعر وألم وفرح، على
حساب وطن
الشعارات بكل ما يخفيه من ثراء الملامح وتعدد الأبعاد..ولعل
هذا ما نحتاجه حين
نستحضر مناسباتنا الوطنية والقومية، بدل الدوران في الحلقة المفرغة ذاتها،
التي
ابتدعها الإعلام الشمولي التعبوي التلقيني الرسمي...الذي طالما جعل من
مناسبات كهذه
حلقة دبكة للهتاف وتمجيد الأشخاص، واحتقار الإنسان...ومن هذا
المنطلق يبدو لنا (أيام
بلون الورد) تحفة فنية تستحق الاحتفاء والتقدير!
*ناقد فني من
سورية
mansoursham@hotmail.com
القدس العربي في
03/06/2010
بشرى: '678' فيلم عن التحرش الجنسي ولا يخدش الحياء
تقول ان التمرد مطلوب في الفن من أجل التجديد
والتطوير
القاهرة ـ 'القدس العربي' من محمد عاطف
نفت الفنانة الشابة 'بشرى' وجود مشاهد خادشة للحياء في فيلمها
الجديد '678' الذي انتهت من تصويره ويجري
تجهيزه للعرض في الصيف.
وقالت بشرى: صحيح الفيلم عن ظاهرة التحرش الجنسي لكن
معالجة الموضوع تمت بطريقة جيدة لا تخرج عن الآداب العامة، ولو كان هناك
مشاهد تخدش
الحياء لطلبت الرقابة على المصنفات الفنية حذفها لأن هناك قوانين ولوائح
تحكم العمل
الرقابي وكيف تتعامل مع السينما.
·
ألم تشعري بالحرج عند موافقتك
على هذا الموضوع
خاصة انك لا تشاركي في أفلام الإثارة؟
لم أشعر بأي حرج لأننا نطرح قضية اصبحت
تشغل العالم، وفي أوروبا يناقشون مشكلة التحرش في أفلامهم كثيرا رغم
الحريات التي
يتحدثون عنها ولا تحتاج لهذا الفعل السيىء، لذا وجدت اننا علينا مناقشة
القضية في
فيلم سينمائي ولكن ينبغي ألا ينجرف أحد وراء الصيغة التي تجعله
يقدم مشهدا يسيء
إليه أمام الجمهور ولذا صورنا الفيلم باطمئنان شديد.
·
اثناء تصوير مشهد من الفيلم
في استاد القاهرة وقعت مشادات وتحرش من الشباب للفتيات، ألا تخشين من تكرار
ذلك عند
عرض الفيلم؟
لو كان المتفرج ينفذ ما يراه في الأفلام لكانت كارثة مدوية على
رؤوسنا، ولكن المشاهد يفصل بين الموضوع على الشاشة والحياة
العامة، وفيما يخص ما
حدث باستاد القاهرة فكانت كلها مناوشات تقع بين أي تجمعات شبابية ولذا حرصت
إدراة
انتاج الفيلم على التحكم في المجاميع جيدا.
·
كيف ذلك؟
أعدنا تصوير المشهد في
منطقة السادس من أكتوبر ووضعت إدارة الانتاج كشوف بالمجاميع وبأرقام
بطاقاتهم
الشخصية وكل من هو مسجل هو الذي يدخل مكان التصوير، بالإضافة
الى وجود افراد حراسات
خاصة لحماية الموجودين ليس من التحرش ولكن كما قلت من أي كلام بين الاعداد
الكبيرة
من الشباب قد تتحول في جزء من الثانية الى مشادة واشتباكات وخلافه.
·
هل ترغبين في
التمرد على أدوارك ولذا صورت فيلم '678'؟
التمرد مطلوب من الفنان لأنه يؤدي الى
هدف مهم هو تجويد أداء الممثل والبحث عن شخصيات جديدة تساهم في تطوير
أدواته
الفنية، وأنا لا أكرر نفسي في أدواري، مثلا دوري في فيلم 'عن العشق والهوى'
نجح
ورشحت لأدوار كثيرة شبيهة به لكنني رفضتها كلها حتى أبحث عن
الجديد، هذا في منظوري
هو التمرد المطلوب من الفنان.
القدس العربي في
03/06/2010 |