هل يصرع «الديلر» أحمد السقا «نجم الجيل» تامر حسني؟ وهل يعود محمد سعد إلى
القمّة مع «8 جيجا» التي حجزها مسبّقاً أحمد حلمي؟ وأين النساء في هذه
المعمعة لولا البطلة المطلقة ياسمين عبد العزيز؟ أسئلة كثيرة عالقة عند
شبّاك التذاكر المحاصر بهذه «السنة الكبيس» التي فشل الفلكيّون في
معالجتها...
فلكيّاً، تُعدّ السنة الكبيس تلك التي تمتد إلى 366 يوماً. أما السنة
الكبيس سينمائياً، فهي التي تتخلّلها مباريات كأس العالم لكرة القدم.
وبينما يحلّ الفلكيّون مشكلتهم بإضافة يوم إلى شهر شباط (فبراير)، فإن
السينمائيّين يضغطون الموسم الصيفي، ويقلّلون الأفلام المعروضة خلال
مباريات كأس العالم، وينقلون بقية الأفلام إلى مواسم أخرى. نتحدّث عن
السينما المصرية على الأقل، التي انطلق موسمها الصيفي تواً. وهي لا تعاني
ازدحام جدول المباريات فحسب، بل أيضاً اتساع نطاق البرامج التلفزيونية
المواكبة للحدث المونديالي. بين المباريات والتغطيات، يشغل التلفزيون
جمهوره بهوس الكرة 24 ساعة يومياً. مع ذلك، فالصيف موسم سينمائي لا بد منه،
بل يبقى الموسم الرئيس وإن حاصره أيضاً اقتراب رمضان، وهو بدوره شهر
تلفزيوني بامتياز.
ورغم أنّ الأسابيع الماضية شهدت إطلاق فيلمي «تلك الأيام» لأحمد غانم
و«هليوبوليس» لأحمد عبد الله، فإنّ البداية الحقيقية للموسم الصيفي احتُسبت
مع إطلاق «نور عيني» (بطولة تامر حسني ومنّة شلبي). الشريط الذي يدور في
إطار غنائي رومانسي، وصفه مخرجه وائل إحسان بأنه «أول فيلم رومانسي مصري
منذ فيلم «حبيبي دائماً» لنور الشريف وبوسي». بعيداً عن تقويم الشريط، فإنه
يمثّل بداية حرب الإيرادات، وخصوصاً بعدما حقّق تامر حسني لمنتجه محمد
السبكي أرقاماً كبيرة في شبّاك التذاكر في العامين الماضيَين مع «عمر وسلمى
1» و«2». إذاً ينافس «نجم الجيل» على الإيرادات، قبل أيام من وصول منافس
شرس آخر هو أحمد السقا. يشارك الأخير في معمعة الصيف، بفيلمه «الديلر».
الشريط الذي أخرجه أحمد صالح ويدور في إطار حركة، يتناول قصّة شاب يعمل في
مجال تجارة المخدّرات، ويتصارع مع ضابط الشرطة (خالد النبوي) على حب فتاة
اللبنانية مي سليم.
وما زال محمد سعد ينتظر عودته إلى القمة التي بدأ التنازل عنها منذ خامس
أفلامه «كتكوت». هنا يعود بـ «8 جيجا» مع المخرج أشرف فايق. يخرج أخيراً
سعد من ثوب الشخصيات الأقرب إلى التأخّر العقلي. يرتدي ثوب محام فقير يكافح
لتحسين ظروف حياته بعد رسوبه في كلية الحقوق، وتكافح معه زوجته (مي عز
الدين). الفيلم كتبه نادر صلاح الدين وهو من إنتاج أحمد السبكي. الأسماء
الثلاثة السابقة (سعد وتامر والسقا) لديها فرص كبيرة للمنافسة. أما القمة،
فتبدو ممهّدة للنجم أحمد حلمي، الذي يقدّم «عسل أسود» للمخرج خالد مرعي
والمؤلف خالد دياب. القصة تتحدّث عن شابّ يعود إلى مصر بعد عشرين عاماً
قضاها في الولايات المتحدة. كيف تبدو له القاهرة اليوم؟ الدعايات التي
بثّها صنّاع الشريط حقّقت ترقّباً كبيراً، كما بثّ موقع الفيلم على الشبكة
مشاهد حُذفت في المونتاج، فاعتقد بعضهم أنّ نسخة الفيلم قد تسرّبت، لكن
تبين أن تلك طريقة مبتكرة للدعاية.
ولا ينتظر أن يحقّق الكوميدْيان هاني رمزي ما يزيد عن إيرادته المتوسطة
المعتادة. هذا العام، يقدّم «الرجل الغامض بسلامته» للمخرج محسن أحمد،
والبطولة النسائية لنيللي كريم. وفي المقابل، يُنتظر أن يحافظ أحمد مكي على
نجاحه الجماهيري الذي تحقّق سابقاً مع «إتش دبور»، و«طير انت». إذ يقدم «لا
تراجع ولا استسلام» مع مخرج فيلمه السابق أحمد الجندي. وتتكرر البطولة
النسائية بوجود دنيا سمير غانم. ويقدّم عمرو سعد فيلمه الجديد، بعيداً عن
مكتشفه خالد يوسف. «عذراً للكبار فقط» يعود به السيناريست المخضرم بشير
الديك بعد غياب طويل. أما المخرج، فهو محمد العدل نجل المنتج جمال العدل،
علماً بأن «العدل غروب» هي منتجة الفيلم. وهي أيضاً منتجة فيلم «تلك
الأيام» الذي أخرجه نجل الروائي والصحافي الراحل فتحي غانم، صاحب الرواية
ذات العنوان نفسه، التي اقتبس منها الفيلم.
عادل إمام بقي خارج السباق بعد فشله العام الماضي، مفضّلاً تصوير فيلمه
الجديد... «زهايمر»
يلاحَظ أن الأفلام السابقة يؤدّي بطولتها رجال، أما البطولة النسائية
المطلقة الوحيدة، فهي لياسمين عبد العزيز. هذا العام، تقدّم عبد العزيز
بطولتها الثانية مع «الثلاثة يشتغلونها»، والاسم تنويع على اسم الفيلم
الشهير لسعاد حسني «الثلاثة يحبّونها». لكنّ فيلم ياسمين لا يحمل ميلودراما
فيلم «السندريللا»، بل يدور الشريط الذي أخرجه علي إدريس في إطار كوميدي،
حول رجال يستغلّون الفتاة مالياً لا عاطفياً.
ويوضح العدد القليل للأفلام السابقة (10 أفلام) مأزق الموسم الصيفي الذي
يغيب عنه نجم بحجم عادل إمام في سابقة نادرة. «الزعيم» الذي عانى انهيار
إيرادات فيلمه الأخير «بوبوس»، لم يدخل سباق الصيف هذه السنة. وفي الوقت
الذي تحتدم فيه المنافسة، سيبدأ تصوير فيلمه الجديد «زهايمر»، ويبتعد فيه
عادل إمام عن شريك الأفلام الأخيرة يوسف معاطي. الفيلم الجديد من تأليف
نادر صلاح الدين، أما الإخراج، فيتولّاه عمرو عرفة. ويغيب أيضاً محمد هنيدي
وإن كان قد اختار تقديم توقيت فيلمه الأخير «أمير البحار» قبل الموسم
الصيفي بفترة طويلة. أما أحمد عز، وهاني سلامة فيغيبان بلا أعذار، كما يغيب
خالد يوسف، الذي اعتاد أن يكون أحد منافسي الصيف في السنوات الأخيرة. لكنه
أيضاً تفادى صيف هذه السنة الكبيس الذي ستتنافس فيه أفلام بلغت كلفتها أكثر
من 150 مليون جنيه... بحثاً عن إيرادات لن تتجاوز ثلثي هذا المبلغ في أحسن
الأحوال!
الأخبار اللبنانية في
31/05/2010
جاك تاتي ضيفاً على «طوباويّات (*)
مسيو
HULOT...
أهلاً بك في «بيروتفيل»
بيار أبي صعب
ستة أفلام روائيّة فقط أدخلته تاريخ الفنّ السابع، في ركن «الملعونين»...
إنّه معلّم الكوميديا الذي أبدع «ديموقراطيّة الضحك»، وراهن على المتفرّج
الذي لم يتبعه حتّى النهاية
الأسبوع الاستعادي الذي انطلق قبل أيّام في بيروت، لأفلام جاك تاتي (١٩٠٨
ـــــ ١٩٨٢)، يكاد يمرّ من دون الحفاوة المتوقّعة. المعلّم الفرنسي ذو
الجذور السلافيّة والهولنديّة والإيطاليّة، يحلّ ضيفاً على مدينة المفارقات
العبثيّة بامتياز. مدينة من شأنها أن تشحن بأبعاد جديدة أعماله الكوميديّة
القائمة عند الشرخ بين زمان وآخر، بين عالم وآخر، عند المنعطفات والتحوّلات
الكبرى. بيروت، من شأنها أيضاً أن تتعرّف إلى نفسها في أفلامه التي تلعب
على التفاوت الخصب والديناميكي بين الواقع وبين طريقة النظر إليه
وتصويره...
«أهلاً بكم في
Tativille»
هو عنوان التظاهرة التي تحتضن أفلام تاتي في «ميتروبوليس أمبير صوفيل»،
بحضور ستيفان غوديه أحد أبرز اختصاصييه. كذلك تعرض تجارب عربيّة تتحاور معه
بشكل من الأشكال: الثنائي خليل جريج/ جوانا حاجي توما، وخصوصاً إيليا
سليمان (بعد غد الأربعاء في الختام). تاتيفيل، أي مدينة تاتي الخرافيّة
التي شيّدها المخرج بتفاصيلها في الاستوديو، هو المولع بالأكسسوارات
والأشياء، يبني حولها مواقفه الهاذية، من الدرّاجة الشهيرة إلى الغليون
الأشهر... لم يتردد تاتي في إعطاء البطولة المطلقة للديكور في «بلايتايم»،
أبرز أفلامه القائمة على حسّ هندسي واضح.
يندرج الأسبوع ضمن البرنامج الغني الذي تقدّمه «البعثة الثقافيّة
الفرنسيّة» هذه الأيّام تحت عنوان «طوباويّات (*)». وإذا كان من شخص يجسّد
بشكل نموذجي يوتوبيا الفنّ، فهو جاك تاتي. صاحب
PlayTime
الذي دخل تاريخ السينما بستة أفلام روائيّة طويلة فقط، لم ينجز سواها على
امتداد ثلاثين عاماً، وفشل أكثرها تجاريّاً، هو أحد هؤلاء العباقرة
الملعونين الذين عرفهم الفنّ السابع، من أورسون ويلز إلى روبير بروسون
مروراً بكارل دراير. أخذ السينما إلى قوالب خاصة، من الشريط الصوتي إلى
تركيب الكادر، تاركاً للمشاهد دوراً أساسيّاً في اختيار حقل الرؤية، ضمن
اللقطة المؤلّفة من مستويات عدّة. لقد أبدع «ديموقراطيّة الضحك»، وخاطر في
تهميش «مسيو
Hulot»،
الشخصيّة الشهيرة التي يؤدّيها، ما أبعده عن النجاح التجاري: فالجماهير في
حاجة إلى التماهي مع شخصيّة كوميديّة واضحة. أما ديكور «بلايتايم»، أحد
روائع السينما، فقد أدّى إلى إفلاس جاك تاتي مدى الحياة.\النجاح الجماهيري
اقتصر على شريطيه الأوّلين «يوم عيد» (١٩٤٩) مع شخصيّة ساعي البريد الشهير
ومفارقاته الكوميديّة التي تأخذنا إلى فرنسا الريفيّة المتململة على أبواب
الحداثة، ثم «السيد هولو في إجازة» (١٩٥٣): في غمرة اكتشاف فرنسا للإجازات
المدفوعة، كيف يندمج هذا الرجل الطيّب والعبيط مع مصطافي البلدة البحريّة
المقيّدة بقواعدها الاجتماعيّة؟ بعد ذلك جاء «خالي» (١٩٥٨) ليحيّر النقاد،
ويحكي تلك المواجهة بين السيّد هولو نفسه، صنو شارلو وباستر كيتون، وصهره
المحدث النعمة الغارق في آخر الاختراعات التقنيّة. أما رائعته لجهة البنية
السينمائيّة والدراميّة، «بلايتايم» (١٩٦٧)، أي الاستراحة التي يطغى فيها
اللعب على الوقت، فتضعنا أمام المدينة المستقبليّة بآخر ابتكاراتها
التكنولوجيّة، وأبراجها التي يضيع فيها السيّد هولو تماماً. أفلس تاتي، ولم
يستطع الجمهور اللحاق به، فلم ينتج حتى رحيله في ١٩٨٢ سوى شريطي
Trafic
(١٩٧١)، وParade
(١٩٧٤) اللذين يعرضان الليلة وغداً في بيروت.
أسبوع استعادي يختتم بباكورة إيليا سليمان
لدى بروز إيليا سليمان، وجد نقاد عدة علاقات كثيرة مع تاتي. هناك طبعاً ذلك
المرح البارد الذي لا يشرح، ولا يناضل، ولا يكاد يتكلّم. وقلّة الحوارات
التي تجعل من السيناريو مجموعة اسكتشات ومونولوغات متوازية. هناك أيضاً
وجود إيليا الدائم في أفلامه مثل تاتي... لكن الأهم ربّما في تلك
«القرابة»، هو تيمة «الاختفاء» التي أعطت المخرج الفلسطيني عنوان باكورته
الروائيّة. لقد حقق أنكل تاتي فيلماً ضخماً هو «بلايتايم»، ليشتغل على محو
بطله هولو داخل الجماعة، المختفية هي الأخرى في هذا الصرح العملاق الذي
يبشّر بالمستقبل. هل قلت أبراج المستقبل؟ سيّد
Hulot
أهلاً بك في بيروت.
الأخبار اللبنانية في
31/05/2010
الرباط تحتضن «الشاهينيّين»، فماذا عن جود سعيد؟
لمى طيارة
يكرّم «مهرجان الرباط الدولي للفن والثقافة» السينمائي الراحل يوسف شاهين،
فيخصّص قسماً من فعالياته لعرض بعض أعمال صاحب «الأرض». والدورة التي تقام
من 18 حزيران (يونيو) المقبل حتى 26 منه، يشرف عليها الناقد السينمائي
المغربي محمد باكريم. إضافةً إلى هذا التكريم، ستقام تظاهرة كاملة تحت اسم
«الشاهينيّون» أو من تُعدّ أفلامهم ضمن مدرسة أفلام يوسف شاهين أو خطه،
أمثال يسري نصر الله، وخالد الحجر، وعلي بدرخان، ورضوان الكاشف، وخالد
يوسف، وأسماء البكري، وعاطف حتاتة... كما سيتضمن المهرجان مسابقة للسينما
العربية تحمل اسم «جائزة يوسف شاهين»، ودراسة تُنشر للمرة الأولى وتحمل
عنوان «المدرسة الشاهينية بعد شاهين».
أما أبرز محطات المهرجان فستتضمّن «سينما الطفل» و«السينما في المدينة» كما
سيجري الاحتفاء بالسينما الأمازيغية، وسيُعرض فيلم «وشمة» للمخرج حميد
بناني في ذكرى مرور 40 عاماً على إخراجه. كما سيعرض فيلم «لا دولتشي فيتا»
للمعلم الإيطالي فدريكو فيلليني. كما يُعرّف المهرجان بالسينما البلجيكية،
من خلال تجربة الأخوين داردين، ويعرض أفلامهما «الوعد» (1996)، و«روزيتا»
(1999)، و«صمت لورنا» (2008). أما الندوة، فمحورها هذا العام «سينما المؤلف
في العصر الرقمي» وتقام بالاشتراك مع مجلّة «دفاتر السينما» الباريسيّة
العريقة.
أحمد راشدي رئيساً للجنة تحكيم «جائزة يوسف شاهين»
وقد عهدت إدارة المهرجان إلى السينمائي الجزائري القدير أحمد راشدي، مهمة
رئاسة لجنة تحكيم «جائزة يوسف شاهين لأفضل فيلم عربي». ويُتوقّع أن تتنافس
من خلالها عشرة أفلام حديثة الإخراج. وكان يُفترض أنّ يشارك الفيلم السوري
«مرة أخرى» بعدما وُجّهت إليه الدعوة رسمياً. وهو أحدث إنتاج سينمائي
لـ«مؤسسة السينما» في سوريا، ويحمل توقيع المخرج الشاب جود سعيد. وقد جرى
اختيار الشريط للمشاركة باعتباره ينتمي إلى مدرسة يوسف شاهين «سينما
المؤلف». إلّا أنّ مؤسسة السينما اعتذرت عن عدم المشاركة.
وطبعاً اختيار أحمد راشدي لرئاسة لجنة التحكيم التي ترتبط باسم المعلم
المصري يوسف شاهين، ليس «بريئاً» تماماً. فالسينمائي الجزائري كانت الدورة
الأخيرة من «مهرجان القاهرة السينمائي» قد عدلت عن تكريمه، بسبب الأزمة
التي اندلعت بين البلدين إثر مباراة كرة القدم الشهيرة بين الفريقين المصري
والجزائري... فهل سيكون لهذا الاختيار تداعياته؟ وهل يمكن اعتباره نوعاً من
التكريم للمخرج المتألق أحمد راشدي، وسبباً لإعادة ما أفسدته كرة القدم بين
الجزائريين والمصريين؟
الأخبار اللبنانية في
31/05/2010 |