كان من الواضح أن الأفلام الروائية القصيرة، التي شاركت في المهرجان القومي
للسينما المصرية - مؤخرا- أفضل بكثير في معظمها، من نظيرتها الطويلة، رغم
الميزانيات الضخمة التي تتوافر لها، ووجود خبرات سينمائية، لأن الهم الأكبر
للمحترفين هو شباك التذاكر، وقانون السوق، لا القيمة الفنية.
ولذا علينا أن نحتفي بــ "سينما الظل"، وصناعها من الشباب المبشرين ، ومن
هؤلاء مروة زين مخرجة فيلم "لعبة" المقتبس عن قصة للأديب الإيطالي البرتو
مورافيا، والذي يبدو لافتا ببساطة معالجته، وعمقها في ذات الوقت ، إلى جانب
الحساسية النسوية في التعاطي مع حدث يبدو عاديا ومتكررا كل يوم في حياتنا
اليومية، لكننا لا نتوقف عنده، من قبيل فجوة التواصل بين الآباء والأبناء،
والنظرة السلبية من جانب الجيل الأكبر للأصغر، والاستهانة بذكائه وخبرته،
واعتبار أنه أقل استيعابا لما يدور حولنا، غير أن الحقيقة ليست كذلك،
فالطفلة الصغيرة في الفيلم كانت مدركة لكل التفاصيل، بل إنها اخذت زمام
المبادرة لتلطيف الاجواء المتوترة بينها وبين أمها العصبية، جراء مرورها
بأزمة عاطفية بعد طلاقها، اذ تعرض الصغيرة على الأم ممارسة لعبة تبادل
الأدوار، وتحاول إتقان تقليد الأم في كل تصرفاتها لتعلمها بشكل غير مباشر
أنها تعي كل صغيرة وكبيرة، رغم أنها تهملها ولا تتواصل معها كما ينبغي، بل
أنها تلومها على الجلوس أمام التليفزيون الذي يكسر وحدتها، ويصل الأمر إلى
ذروته بتقليد الابنة الأم كذلك في تعاطي المهدئات، ما يجعل الأم تثور
وتمنعها، وينتهي الفيلم بنهاية مفتوحة دون ثرثرة أو استطراد، لأن الرسالة
قد وصلت للأم.
وقد أحسنت في اختيار بطلتيها الصغيرة والكبيرة، اللتين جسدتا الحالة بتمكن
ومعايشة مقنعة للحظات الدرامية، دون مبالغة في الانفعالات، وعلى نحو أقرب
للطبيعية.
وإن كانت البطلة الكبيرة ليلي سامي تفوقت في الاداء التمثيلي في هذا
الفيلم، فإنها تفوقت كذلك كمخرجة في فيلمها " صولو" الذي يتميز بإيقاعه
اللاهث، نتيجة حركة الكاميرا السريعة، والتقطيع المتواصل للقطات المتنوعة،
رغم وجود ممثلة واحدة، وداخل مساحة مكانية محدودة بشقة، لأغراض درامية تجسد
فكرتها الأقرب الى المونودراما المسرحية، حيث الصراع الداخلي الذي يدور
داخل هذه الشخصية المأزومة التى تعاني الرهاب الاجتماعي، والخوف المرضي
الذي يقارب فوبيا مواجهة الآخرين، والنزول للشارع الذي صار يحاصر بالأصولية
والنفاق والأنانية والانتهازية والعنف الواسع، حتى عندما تستهلك الشيكولاتة
التى بحوزتها مصدر سعادتها، وإدمانها، ومخفف ألمها النفسي، ولا تجد اي قطعة
أخرى، لا تجرؤ أن تخرج من باب بيتها، ويصل بها الاكتئاب مداه، فتنتحر في
هدوء، لتتخلص من ضجيج العالم من حولها، وصراعاته التي لا تنتهي، والتى لم
تقو كفنانة مرهفة الحس على تحملها.
ويبدو من تتر النهاية والعبارة التى كتبتها على الشاشة أنها قصة واقعية.
أما فيلم"العودة" للمخرج أبو بكر شوقي، فاللافت فيه، هو حالة المفارقة، و
كسر الإيهام في اللحظة الأخيرة بعد أن أقنعك بأن بطله قد نجا من الإعدام،
نتيجة انقطاع الحبل، وقرار إدارة السجن تركه يعود للحياة من جديد، ليصلح من
نفسه، ويكفر عن أخطائه، ويعاود الاهتمام بأسرته والاجتهاد في عمله، الذي
كان قد اهملهما، نجد المخرج فجأة يعود بنا إلى غرفة الاعدام، ليخبرنا أننا
تعرضنا لخدعة فنية فيها من التشويق والاثارة، ما يجعلك تسامحه على إيهامك،
وتتعاطف مع بطله، الذي حلم حلمه الأخير بالخلاص، لكن فات أوان التوبة، وحان
وقت العقاب.
الراية القطرية في
27/05/2010
خمسة أفلام جزائرية في ضيافة الاحتفالية
ختتم السبت بفيلم "الأفيون والعصا"
ضمن فعاليات احتفالية الدوحة عاصمة للثقافة العربية بدأت الثلاثاء أول أمس
عروض الافلام السينمائية الجزائرية الخمسة التي تقدم بانوراما تاريخية لأهم
انتاج هذه السينما المناضلة التي اعتبرت دائما واحدة من أهم صناعات السينما
العربية وأكثرها شهرة في المحافل والمهرجانات العالمية خصوصا الأدبية بل
ووصلت بالفعل الى العالمية من خلال مشاركتها للعديد من المرات في أهم
التظاهرات السينمائية العالمية ومهرجاناتها وفازت بعدد من أهم جوائزها مثل
فوز فيلم "وقائع سنوات الجمر" للأخضر حامينا بالجائزة الكبرى لمهرجان كان
السينمائي في عام ١٩٧٥ ويمتد تاريخ السينما في الجزائر تحت الاستعمار
والاستيطان الفرنسي الى عام ١٨٨٦ حين قام المستوطن الفرنسي في الجزائر
فيليلي يسيجسين بتصوير بعض مشاهد في مدينة الجزائر العاصمة وتلمسان لصالح
السينمائي الفرنسي الشهير لوميير وقام بعرضها على الجالية الفرنسية في
مدينة تلمسان وخلال حقبة الاستعمار الاستيطاني الفرنسي تم تصوير أكثر من ٥٠
فيلما في الجزائر عن طريق شركات اجنبية معظمها فرنسي ولم يشترك في هذه
الافلام سوى عدد قليل جداً من الممثلين الجزائريين في أدوار ثانوية وبدأت
الخطوات الأولى للسينما الجزائرية مع انطلاق الثورة الجزائرية وأسس جيسن
التحرير الجزائري في عام ١٩٥٧ أول مدرسة للسينما بالاوراس تحت اشراف مخرج
فرنسي مناصر للثورة هو رينيه فوتيه الذي اخرج بعد ذلك في عام ١٩٥٩ فيلماً
شهيراً هو فيلم "الجزائر تحترق" ولجنة السينما التي انشأتها الحكومة
الجزائرية المؤقتة النواة الأولى للسينما الجزائرية والتي قامت بانتاج
العديد من الاعمال في الفترة من ١٩٥٦ و ١٩٦١ مثل "اللاجئون" و"ساقية سيدي
يوسف" واخرج المخرج الكبير لخضر حامينا أول افلامه من خلال هذه اللجنة وهو
فيلم "ياسمينة" وبعد الاستقلال اولت الحكومة اهتماما كبيراً للفن السينمائي
وتم تأسيس المركز الوطني للسينما والمعهد الوطني للسينما ثم ارشيف السينما
الجزائرية "السينماتيك الجزائري" وخلال هذه الفترة تم انتاج عدد من الافلام
المشتركة كان من اشهرها فيلم "معركة الجزائر" للمخرج الايطالي جيليو
بونيتكورنو الذي فاز بجائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية عام ١٩٦٦ وبلغ
انتاج السينما الجزائرية في الفترة من ١٩٦٦ وحتى ١٩٧٤، ٢٤ فيلماً كان من
أبرزها (رياح الاوراس) للخضر حامينا والذي فاز ايضا بجائزة العمل الاول في
مهرجان كان وقدم أحمد راشدي في عام ١٩٧٠ فيلم "الافيون والعصا" الذي يصور
قصة قرية جزائرية في اثناء المقاومة وقصة البطل الدكتور بشير الذي يهجر
الحياة المترفة لينضم للمقاومة ويفند المخرج احمد الراشدي في هذا الفيلم
المقولة الاستعمارية التي تقول "إذا اردت ان تحكم شعباً عليك بالعصا فإذا
لم تنفع فاستعمل الافيون". وسوف يعرض هذا الفيلم في ختام تظاهرة السينما
الجزائرية في الدوحة في سينما لاندمارك يوم السبت الموافق ٢٩/ ٥ / ٢٠١٠ في
تمام الساعة السابعة.. كما يعرض اليوم في نفس المكان ونفس الموعد فيلم "نهر
لندن" "LONDON RIVER"
للمخرج الجزائري الفرنسي رشيد بوشارب صاحب فيلم "الخارجون على القانون"
الذي عرض في الاسبوع الماضي ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائي
وتدور احداث فيلم "نهر لندن" حول صداقة بين مهاجر عربي وامرأة انجليزية
يتعرضان لمحنة مروعة.. كما يعرض غداً في السابعة مساءً الفيلم الوثائقي
"سينمائيو الحرية" من انتاج عام ٢٠٠٩ ومن اخراج سعيد مهداوي ويتطرق فيه
لنشأة الحركة السينمائية في الجزائر من خلال شهادات حية لعدد من أهم صناعها
من الجزائريين والفرنسيين المناصرين للثورة ويتضمن الفيلم لقطات ومشاهد من
أول الافلام الجزائرية في الخمسينيات.. وكانت عروض الافلام الجزائرية قد
بدأت مساء يوم الثلاثاء بفيلم "بو عمامة" الذي انتج عام ١٩٨٥ من اخراج بن
عمر بختي وتدور قصته حول الشيخ بوعمامة أحد زعماء المقاومة الوطنية
الجزائرية وانتفاضة الشعب الجزائري التي حملت اسمه.. كما عرض أمس الاربعاء
فيلم "مسخرة" الذي انتج في عام ٢٠٠٧ في اطار احتفالية الجزائر عاصمة
للثقافة العربية وفاز بعدد من الجوائز في المهرجانات العربية والعالمية
ورشح لجائزة اوسكار أفضل فيلم اجنبي ويروي الفيلم في معالجة كوميدية
مغامرات الشاب منير الذي حاول لفت الانظار واكتساب الاهمية في قريته بكل
السبل وبنشر شائعة عن زواج اخته من رجل اعمال ثري.
الراية القطرية في
27/05/2010
رامي عبد الرازق يكتب : الأوائل
أول مسلسل سينمائي في الشرق الأوسط.. أول برنامج ليسرا.. شاشة العرض
الأول..ما هي حكاية أوائل الأشياء معنا كمصريين.. ما هذا الولع الغريب بأن
نكون «الأوائل» في كل شيء رغم أننا في حقيقة الأمر لسنا «أوائل» في أي مجال
في الفترة الحالية وربما منذ تاريخ طويل!! انني أتذكر تلك الجمل الخالدة
التي جاءت في عشرات الأفلام المصرية:مكنش أول راجل في حياتها.. اكتشفت إني
مش أول واحد.. أول مرة تحب يا قلبي..حبك الأول هو حبك الأخير!! وأنا بالطبع
لست ضد «شرف البنت» و«عود الكبريت» لكن هذه الجمل في الحقيقة لا تعكس مجرد
هاجس يخص الشرف أو عفة الجسد أو بكارة المشاعر!ان تلك الإفرازات الوجدانية
جزء من ثقافتنا الخاصة التي تفصح عما نستمده من ثقة بالنفس وزهو ممتع ولذة
نرجسية عندما نقدم علي فعل شيء ونحن نوهم أنفسنا أننا أول من يفعله أو يقدم
عليه..أتصور أن تحليل هذه الجمل الدعائية التي تحاصرنا طوال اليوم سواء علي
شاشة الفضائيات أو من خلال اللوحات الإعلانية أمام كوبري 6 أكتوبر - بعد
محطة مصر علي اليمين- يحتاج إلي مجموعة متخصصة من علماء النفس والاجتماع
وخبراء الأعلام والإعلان لكي نكتشف سر إصرار هؤلاء الأشخاص أو تلك الجهات
علي اعتبار أوائل الأشياء أحسنها علي غرار مصطلح الثقافة الزراعية (أول
قطفة) فهل أوائل الأشياء دائما أمتعها أو أجملها أو أكثرها أصالة وروعة؟ لا
أحد ينكر ما للبكارة الأولي في الأشياء من جمال لكنه غالبا ما يكون جمالاً
ساذجاً معدوم الخبرة أو فطرياً أكثر من اللازم والفطرة يمكن أن تضعنا أمام
أشياء أو تفاصيل باهرة في المرة الأولي لكنها لا تدوم لأنه لا شيء يحافظ
علي تلك الفطرة مثل الخبرة المكتسبة من التراكم والتفاعل المستمر والإدراك
والمواظبة وعشرات العناصر الأخري وفي المسرح يقال دوما لا تذهب لحضور العرض
الأول لان الممثلين يكونون في غير الحالة التقمصية التي يصبحون عليها بعد
تقديم عدة عروض بل إن سرعة تغيير الديكور ودقة الميزانسين تختلف بعد ايام
من المواظبة علي العرض ثم هناك ذلك التفاعل الحي الذي يتربي لدي الممثل
نتيجة تراكم خبرته ليلة بعد ليلة حيث يصبح علي علم بالإفيهات اللفظية أو
مواضع الستكات أو الكريشندوهات الحوارية التي تطلق ضحكات الجمهور أو تصعد
بانفعاله أو تدغدغ حواس التلقي عنده..والمصيبة الأفدح في مسألة أول مسلسل
وأول برنامج أن معظمها ليس كما يدعي فلا أول مسلسل سينمائي هو أول مسلسل
سينمائي بالفعل ولكنها فرية تافهة وليس معني أن برنامج العربي هو أول
برنامج ليسرا أن ذلك يمنحه صفة الجودة فيسرا ممثلة مميزة لكنها ربما لا
تصبح مذيعة أو إعلامية جيدة ومن هنا لن يشفع لها أن هذا أول برنامج إلا إذا
أراد صناعه أن يستخدموا فكرة أول برنامج كشماعة في حال فشل البرنامج قائلين
(معلش أصله أول برنامج ليسرا) اما شاشة العرض الأول فنحن لم نشاهد عليها
حتي الآن أي شيء عرض أول سوي كلمة (عرض أول) وإذا كانت تعني العرض الأول
علي القنوات غير المشفرة فهي ليست الوحيدة فكايرو سينما عرضت احكي يا
شهرزاد وستعرض بالألوان الطبيعية بينما (شاشة العرض الأول) فرحانة لأنها
ستعرض الجزيرة بعد أن شاهدته الأمة العربية! ونعود لنؤكد يا إخوان جودة
العمل لا تأتي من كونه أول عمل وليس بالضرورة أن يكون أول عمل هو عمل جيد.
الدستور المصرية في
27/05/2010 |