الحب: سمة البشرية التي
نعيش ونموت من أجله، نعيش الحب من أجل حبيباتنا ونموت حبا من أجل البلاد،
الحب بذرة
الخير التي وضعها الرب في الإنسان كي نحارب بها أشواك الشر ،مثلما نحارب
يوميا
أحلامنا ومآسينا وأفراحنا من أجل أن نعيش لحظة سعادة بحب في عالم أفضل.رحلة
حب (آسو
وهيلين) الصامتة إلا من لغة العيون تنتهي قبل أن تبدأ بموت آسو ،
فيما ستعيش هيلين
على أنقاض الذكريات، هذا أن وجدت ذكريات في عالم بائس، فالحياة ليست مباراة
كرة
قدم، والموت حبا هنا يربط مصير الفرد بمصير البلد.
بإمكانيات مادية صغيرة ورؤية
فنية شديدة الرهافة مصورة بالأسود والأبيض يحقق المخرج العراقي شوكت أمين
كوركي
فيلمه الطويل الثاني (ضربة البداية) الذي استحق بجدارة الجائزة الأولى في
مهرجان
الخليج السينمائي الثالث.في ملعب كرة قدم مهجور بمدينة كركوك اتخذت منه
أكثر من (100)
عائلة مسكنا لهم في بيوت من الصفيح وجريد النخل وبقايا أقمشة ليصبح مأوى
للاجئين الذين نزحوا من المدينة هربا من القذائف والموت المجاني ،ديكورا
طبيعيا
لإحداث فيلم كوركي الجميل هذا ،في لقطة عامة يدخلنا المخرج مع بطله إلى
أجواء هذا
الملعب/المدينة حيث يصل (آسو) الممثل (شوان عتوف) إلى بيته حاملا شقيقه
الذي بترت
ساقه بعد أن سقطت كرته عندما كان يلعب مع رفاقه في حقل للألغام، من هذا
البيت ينطلق
المخرج ليسرد وقائع الحياة اليومية البسيطة التي تعيشها عوائل الصفيح.يقوم
آسو ليلا
بجلب قطعة قماش بيضاء ويربطها على قوائم أهداف الملعب بدلا من الشبكة لتصبح
شاشة
سينمائية ويربط أجهزة الستلايت ليعرض فوق القماشة مباراة العراق والسعودية
في
نهائيات كأس آسيا يوم فاز العراق بالبطولة ليوحد أطراف الشعب التي لم تختلف
يوما
كما أختلف السياسيون، أولى المشاحنات تأتي مع هدف يونس محمود فالأكراد يرون
أن
الهدف ما كان ليكون لولا تحويلة هوار ملا محمد، والعرب يرون أن يونس هو بطل
الإبطال
وجالب الكأس، يحاول آسو في اليوم التالي تنظيم بطولة مصغرة للصبية من العرب
والأكراد والتركمان والاثوريين الذين يعيشون في الملعب سعيا منه للترفيه
عنهم وعن
أخيه العاشق لكرة القدم وكي لا يشعر بأنه اقل شأناً من أقرانه من جهة ولجذب
أعجاب
جارته (هيلين) التي تستعير منه كتب الشعر من جهة أخرى، في يوم أقامة مهرجان
الكره
يذهب آسو على دراجته مع صديقه لشراء كأس صغير للبطولة يقدم للفريق الفائز
من محلات
كركوك وهناك بحادث إرهابي يذهب آسو ضحية للعنف الطائفي الذي حاول جمعه
بلعبة كرة
القدم وتوحيد الصفوف مثلما فعل يونس محمود وأصحابه، فيما يحبس أخوه في
اللحظة عينها
نفسه بالحمام محاولا قطع شريان يده بموس الحلاقة ليتخلص من واقعه المؤلم
حيث انتهت
طفولته بعالم العجزة.حول شوكت أمين كوركي الملعب إلى مجتمع مصغر فقد اتخذت
هيلين من
مدرجاته مدرسة لتعليم الأطفال أبجدية الكلام ولو بطريقة بدائية فيما تحوم
فوق رأسها
طائرات الهليكوبتر، هناك المطيرجي وبائع الانتيكات والملابس ألمستعملة ،
وهناك مسعى
الدولة الحثيث لإخراج هؤلاء المتجاوزين العرب والأكراد من الملعب.جسد آسو
الممدد
على بوابة الملعب وهيلين تخرج من وسط التراب المتطاير جراء عواصف القصف
راكضة نحوه
لتخبره بعودتها اليه والعيش في عالم الصفيح لم تجد ما تصارحه به سوى دموعها
،فالحياة رمادية قاتمة ولا يجد الأبيض مكانه الا للحظات.تمتع فيلم كوركي
بغنى بصري
ورؤية تشكيلية جميلة فالصورة تحوي أكثر من بعد وأكثر من حركة فما يجري في
مقدمة
الكادر يختلف عما يجري في الخلفية، ولقطاته احتوت المكان وروحه فتحولت
المدرجات إلى
ديكور طبيعي وجزء لا يتجزأ من الفيلم مثلما شخصياته الحقيقية التي سخرها
بنجاح
لادوار البطولة، ومثلما تعامل أيضا باللونين الأسود والأبيض كمعامل لحالة
أبطاله
وحال المدينة القاتم، إلى جانب جماليات التكوين البصري وتوظيف المكان
بحرفية كانت
حركة الكاميرا هي الأخرى تتحرك كما الكرة لتدور على إيقاع الحياة المهددة
بالترحيل
أو الموت تحت طائل الحرب اللا مجدي التي يريدها الساسة وليس النساء
البسيطات.عالج
كوركي بحس فني شفاف وإنسانية مسألة التعايش في ظل الخلافات القائمة بين
العرب
والأكراد والتركمان ولكن من دون زعيق وشعارات مجانية فجة، هؤلاء لم يجمع
شملهم
ويوحدهم سوى ملعب مهجور هاربين جميعا من جحيم الوطن المستعر، هذه الفكرة هي
نفسها
التي عالجها كوركي في فيلمه الأول عبور الغبار حين تبنى رجلان كرديان طفلا
عربيا
صغيرا والأدهى أن اسمه صدام. وبشفافية أكبر عالج قصة الحب المستحيلة التي
أجهضت
بوادرها قبل أن تبدأ.سينما رقيقة عذبة سردت آلامها بتلك البساطة المتناهية
تذكرنا
كثيرا بالسينما الإيرانية التي تطرح همومها بذلك السهل الممتنع، فمن الصعب
جدا أن
تكون السينما بهذه السهولة.نال فيلم كوركي ضربة البداية الجائزة الأولى في
مهرجان
الخليج الثالث مثلما حصل على جائزة تقديرية في مهرجان (دبي) السينمائي
وجائزة
النقاد الدوليين في مهرجان دبي أيضا، وجائزتين في مهرجان بوسان في كوريا
الجنوبية
هما جائزة المسيرة الجديدة وجائزة الفيلم المختار من قبل اتحاد نقاد الفيلم
الدولي،
وحصل كذلك على جائزة الخنجر الفضي في مهرجان مسقط السينمائي.سبق لكوركي أن
حاز
فيلمه عبور الغبار على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان دلهي السينمائي بالهند
والجائزة الذهبية لأحسن فيلم في مهرجان اندونيسيا السينمائي.ضربة البداية
أنتاج
ياباني-كردي بميزانية متواضعة، لكن من قال أن الأفلام الرائعة تصنع
بميزانيات
كبيرة.
المدى العراقية في
26/05/2010
أحدب نوتردام (1939)
ترجمة: عادل العامل
(أخرج
هذا
الفيلم، و هو من نوع الدراما التاريخية، المخرج الأميركي وليام ديتيريل، و
مثّل فيه
تشارلس لوتون، و سيدريك هاردويك، و توماس ميتشيل، و مورين أوهارا، و كانت
مدة عرضه
117
دقيقة.) إن قلّةً من الناس ستجادل في مسألة أن تكييف راديو RKO
عام 1939 لرواية
فكتور هيجو (أحدب نوتردام) للسينما كان أفضل التكييفات السينمائية الكثيرة
لهذا
العمل الكلاسيكي.
و نحن نقول هذا
آخذين بالاعتبار أمور الحريات المحسوبة من قبل كاتبي السيناريو سونيا ليفين
و برونو
فرانك لرسم موازيات بين باريس القرن الخامس عشر و أوروبا القرن العشرين. و
هكذا،
فإن كلود فرولو (و يمثله سيدريك هاردويك) وغد العمل الأدبي ، لا يعود مجرد
منافق
ديني غير قادر على السيطرة على رغباته الشهوانية. فهو، بدلاً من ذلك، هتلر
عصبة
دعاية، يحذّر من أن اختراع الصحافة المطبوعة خطر في كونه سيشجّع الحشد على
التفكير
لأنفسهم، و يدبّرأمر اضطهاد و تدمير الغجر " غير المرغوب فيهم ". و في
النزعة
ذاتها، جرى تحويل غرينغوار الشاعر ( أدموند أوبرين) إلى ناشط دعاية ، مصمم
على جلب
الحقيقة غير المنمَّقة للباريسيين الجهلة. و قد استُغني عن الكثير من قصص
هيجو
المتداخلة في الرواية، فالأفضل التركيز على كواسيمودو المشوَّه بصورة مخيفة
( و
يقوم بدوره تشارلس لوتون )، و هو قارع أجراس كاتدرائية نوتردام، و وفائه
الشبيه
بوفاء الجرو تجاه الراقصة الغجرية المعرَّضة للخطر أيزميرالدا( مورين
أوهارا، في
أول ظهور لها في فيلم أميركي). و يقوم المخرج وليام ديتيريل هنا بإظهار
الانفصال
الكبير بين الأغنياء و البائسين في مدينة باريس المسوَّرة في لقطات عريضة
ديناميكية
المشاهد.
عن / New York Times
المدى العراقية في
26/05/2010
شذرات سينما: السينما وتصوير المعنى غير
الظاهر
أ.د. عقيل مهدي يوسف
ليس من النافع،
أن ينغلق الفنان على نفسه، ويدير ظهره لتطورات الحياة، وانعطافاتها،
ومفاجآتها.والظن الصادق، إن الفن يتأثر بالحياة، ويؤثر فيها، بمثل تأثير
الحياة على
الفنانين أنفسهم، وعلى فنونهم أيضاً.كان (فرايتز لانج) يؤمن بالتمرد
الفني،
ويعتقد بحاجة
المخرجين السينمائيين إلى ما يسميه (بالتمرد الفني) ، لأنه يشعر في نفسه
بالحاجة
إلى الطروحات، والأشكال الجديدة، لكي يقوى الفنان على، عكس، أو إعادة بناء
العالم
المتغير الذي نعيشه، من خلال الأفلام.ولا يخفي (فرانسوا تروفو) الاعتبارات
الجمالية
التي يتوسلها في أفلامه، وبحوثه فيها، لأنها هي التي تشغله، وتهمه بشكل
أساس، فهو
يؤمن، كما يقول، على سبيل المثال، بأن هناك نوعين من السينما، يشكلان
إطارين نوعيين
لإشتغالاتها، الأول، ينحدر من (لومبير) مخترع السينما، الذي يصور الطبيعة
والأحداث،
والثاني، من (دولوك) الذي كان روائياً وناقداً فوجد قدرته الممكنة في
استخدام هذا
(الاختراع)
المسمى بالسينما، لتصدير أفعال لها معنى غير المعنى الظاهر، وبذلك تصبح
السينما فناً، هو أقرب إلى الفنون الأخرى.).
المدى العراقية في
26/05/2010 |