قبيل إعلان جائزة الأوسكار لهذا العام أكدت معظم توقعات الصحافيين
السينمائيين أن الفيلم الذي سيحصد جلّ جوائز الأوسكار سيكون فيلم “افاتار”
المصنوع وفق أحدث تقنيات المؤثرات البصرية وبخاصة تقنية البعد الثالث، لكن
النتائج خيبت التوقعات وخسر الفيلم السباق لصالح فيلم “خزنة الأذى” الذي لم
يعتمد على المؤثرات بل على الرسالة السياسية التي سعت لإعادة الاعتبار
للجنود الأمريكيين المقاتلين في العراق .
لم تنشأ التوقعات من فراغ بل من معرفة بتوجهات صناعة السينما الأمريكية في
السنوات الأخيرة، والتي صارت تسعى لتكريس أولوية المؤثرات البصرية على ما
عداها من عناصر الفيلم، وكان من الطبيعي أن تدعم جوائز الأوسكار هذه
التوجهات حيث الجوائز والصناعة حليفان، لهذا لم يخرج فيلم “أفاتار” خالي
الوفاض من المسابقة بل حصل على ثلاث جوائز مترابطة أهمها جائزة “المؤثرات
الخاصة” . هكذا توزعت الجوائز بين فيلمين بما عكس حالة من تبادل الأدوار
بين السياسة والتقنية، وليس حالة من التنافس حيث إن “أفاتار” نجح تجاريا
والثاني لم ينجح .
بدأت علاقة الأوسكار بجائزة المؤثرات البصرية في العام 1928 أي بعد عام على
تأسيسها، إثر منح فيلم “الأجنحة”، بطولة نجم السينما الأمريكية آنذاك
دوغلاس فيربانكس، جائزة ثانوية هي جائزة “المؤثرات” . لكن، منذ عام 1939
انضمت جائزة جديدة بشكل دائم إلى مجمل الجوائز التي تتضمنها مسابقة
الأوسكار، وهي جائزة أفضل “مؤثرات بصرية” ومنحت في حينه لفيلم “ جاءت
الأمطار”، أي بعد عشرة أعوام من الجائزة الأولى .
يعكس تثبيت جائزة “المؤثرات الخاصة” ضمن هيكلية مسابقة الأوسكار السنوية
منذ العام 1939 الأهمية المتزايدة في صناعة السينما للمؤثرات البصرية التي
تحتاج إلى تقنيات خاصة قابلة للتطوير المتواصل كي يكون بإمكانها تلبية
وتجسيد ما تبتكره متخيلات صانعي الأفلام من مشاهد فيها عوالم وأحداث
وشخصيات ليست متاحة للتصوير بشكل طبيعي .
تشكل جائزة “أفضل مؤثرات بصرية” التي منحت في العام 1968 لفيلم المخرج
ستانلي “أوديسا الفضاء 2001”، دليلا على الأهمية المتزايدة لدور المؤثرات
البصرية في تطور صناعة السينما . ففيلم “اوديسا الفضاء” لم يكن مجرد فيلم
خيال علمي بل فيلم نقل هذا النوع من الأفلام من مجرد حقل للمغامرات إلى حقل
الفلسفة، والصراع الذي تضمنه الفيلم كان صراعا وجوديا وليس مجرد أحداث
مشوقة، فقد كان اختيار المخرج لعام 2001 زمنا لأحداث فيلمه بمثابة تخوف من
عصر مستقبلي تتطور فيه التقنيات الإلكترونية، ممثلة بالعقل الإلكتروني، إلى
درجة تصبح فيها مستقلة بذاتها وقادرة على التصرف واتخاذ القرارات بمفردها
بما يجعلها تدخل في حالة صراع حياة أو موت مع الإنسان الذي اخترعها، كان
على المخرج ومصمم المؤثرات الخاصة أن يخترعا مؤثرات تسمح بتصوير أجواء
الفضاء وأشكال أفعال الصراع بين العقل الإلكتروني والرواد لا من منطلق
تصويرها كإثارة حركية بل بما يخدم أسلوبي وفلسفة الفيلم . كانت خشية فيلم
“أوديسا الفضاء 2001” من عصر مستقبلي تتمرد فيه التقنيات على الإنسان وعاء
لفكرة الفيلم العميقة النابعة من التأمل في التجربة الإنسانية عبر التاريخ،
فالفيلم بتصويره مجموعة مراحل من تاريخ تطور الإنسان على الأرض، بدءا من
اكتشافه، عندما كان في مرحلته “البدائية” في العصر الحجري، لما يمكن أن
يحققه له استعمال العصا من سيطرة على الآخرين إذا ما استخدمت كسلاح، مرورا
بالاكتشافات العلمية المتلاحقة التي طورها العقل البشري، وصولا إلى غزو
الفضاء، كان يؤكد على فكرة أن المعرفة لا نهائية ولا تتوقف عند حد من
ناحية، وان منجزات العلم وأدواته يجب أن تكون في خدمة الإنسان وليس العكس،
يستخدم الفيلم رمزا يتكرر عدة مرات عبارة عن مسلة من الرخام الأسود تهبط من
السماء إلى الأرض ليجد فيها الإنسان نفسه أمام اكتشاف جديد، فيقف أمامها
مذهولا قبل أن ينتقل إلى مرحلة أرقى من المعرفة، لكن جائزة الأوسكار لم
تمنح لهذا الموضوع المبتكر الذي تضمنه نص السيناريو ولا لروعة التصوير
والإبداع الإخراجي، بل كانت من نصيب المؤثرات البصرية وحدها، بما يوحي
بمفارقة تتمثل في التحيز للمؤثرات التقنية على حساب الفن وللإبهار الحركي
على حساب الفكر العميق الخالي من رسالة سياسية دعائية .
تفضيل فيلم “خزنة الأذى” على فيلم “أفاتار” من حيث عدد الجوائز لا ينفي
التوجهات، بل يعكس نوعا من العودة إلى لعبة تبادل الأدوار التي احتاجتها
المرحلة، ولكن مع الحفاظ على بعض التوازن، بين الرسالة السياسية وتقنيات
الترفيه، وهما ركنان أساسيان في صناعة السينما الأمريكية ومرجعان رئيسيان
لجوائز الأوسكار.
الخليج الإماراتية في
22/01/2010
يستعيد أجواء عصر شكسبير
"رسائل
إلى جولييت" يكتب قصة بطليه
الرومانسية
اعداد: أشرف مرحلي
في الكوميديا الرومانسية الجديدة “رسائل الى جولييت” تقوم النجمة، فانيسا
ريدجريف (73 عاما) والحائزة على الأوسكار، بتجسيد دور “كلير” الأرملة التي
تخلت عن حبها للورينزو “فرانكو نيرو” منذ خمسين عاماً مضت عندما كانت طالبة
في فيرونا بايطاليا .
ومثلما تفعل الكثير من السيدات عندما يقررن انهاء علاقة رومانسية، كتبت
كلير رسالة عن قصة حبها هي ولورينزو الى البطلة الشكسبيرية جولييت وعلقت
الرسالة على جدار فناء المنزل الذي يعتقد أن البطلة الأسطورية كانت تعيش
فيه .
عندما ذهبت أمريكية شابة تدعى صوفي “أماندا سايفريد” لقضاء عطلتها في
فيرونا عثرت على رسالة كلير في أحد شقوق الجدار، وفوجئت بوصول كلير
وحفيدها “كريس ايجان” الى فيرونا للبحث عن لورينزو.
كما يتناول الفيلم قصة صوفي وخطيبها فيكتور الذي يرغب في فتح مطعم في
فيرونا .
وتلتقي صوفي مصادفة مجموعة من السيدات يعرفن باسم “سكرتيرات جولييت”
واللائي كن يجمعن الرسائل التي تكتبها السيدات، وتقوم صوفي بالرد على رسالة
كلير على أنها من لورينزو . تتسلم كلير الرسالة فتقرر الذهاب الى فيرونا،
ولديها الاصرار على العثور على لورينزو، وتلتقي صوفي ويذهب الثلاثة: كلير
وحفيدها ايجان وصوفي في رحلة بحث عن لورينزو . ويلتقى الثلاثة خلال رحلتهم
بأشخاص مختلفين يحملون اسم لورينزو ويتمنى كل واحد منهم لو أنه كان لورينزو
الحقيقي .
هذه لمحة قصيرة عن الفيلم، وفي الواقع التقت فانيسا ونيرو عام 1966 في فيلم
“كاميلوت”، والذي لعبت فيه فانيسا دور “جينيفير” بينما جسد نيرو دور الفارس
الشجاع “لانسيلوت”، ونشأت بينهما قصة حب اكتملت بالزواج ورزق الزوجان بابن
يدعى كارلو نيرو، ويعمل حاليا كمخرج .
وفي ،1969 انفصلا، وبالرغم من ذلك ظلا متقاربين، وفي ،1996 أحيا الزوجان
المنفصلان قصتهما الرومانسية مرة ثانية وتزوجا في أواخر ذلك العام .
وقبل أن تفقد فانيسا أختها الصغرى “لين” التي توفيت بسرطان الثدي مؤخراً،
تلقت اتصالاً هاتفياً من نيرو (68 عاما)، يخبرها فيه بأن الحياة أحيانا ما
تكون مملوءة بالتعقيدات .
وتقول فانيسا صاحبة الدور الرئيسي في الفيلم إنها هي التي رشحت نيرو للقيام
بدور لورينزو .
ويقول مخرج الفيلم الايطالي جاري وينيك “لم يكن هناك اسم بعينه مرشح للقيام
بالدور، فهناك الكثير من النجوم الذين يصلحون لأدائه، ولكنني أخبرت فانيسا
بأنني أثق في ترشيحها، كما توقعت أن تنعكس قصتهما الحقيقية على أدائهما في
الفيلم” .
ونيرو الذي يعمل كاتبا ومخرجا، كانت له أفكاره الرائعة التي أضافت الكثير
الى قصة الفيلم وأثرت الكثير من المشاهد .
ويتذكر جاري عندما التقى نيرو للمرة الأولى وأعطاه الأخير عدداً من الصفحات
التي كتبها بنفسه يقول فيها “هناك سطران في قصة الفيلم غاية في الأهمية،
وهما بمثابة رسالة مهمة للشباب ولكبار السن وللبالغين” .
السطر الأول هو ذلك الذي تقول فيه كلير للورينزو “آسفة لتأخيري” فقد جعلته
ينتظرها خمسين عاما، والسطر الثاني الذي تضمن رد لورينزو “عندما يكون
الحديث عن الحب فليس هناك تأخير على الاطلاق”.
يقول جاري “لم يذكر نيرو خلال اللقاء أنه كتب هذين السطرين، وعندما علم
الزوجان أن المشهد حذف، اتصلا بالأستوديو وأعيد السطران مرة ثانية الى
سيناريو الفيلم” .
ويقول نيرو “العمل مع فانيسا ميزة كبرى فأنا أعتقد أنها الأفضل، وأعني
ماأقول تماما، فهي امرأة رائعة، بالرغم من أنها عنيدة أحيانا” .
وتقول فانيسا عن زوجها “انه متحمس تجاه أي شيء يخص السينما” .
ويتذكر نيرو اللقاء الأول بينه وفانيسا بالقرب من شركة “وارنر براذر”
للانتاج، أثناء حديثه مع جوش لوجان مخرج فيلم “كاميلوت”، والذي قدمها اليه
فيقول ضاحكاً “لم أفاجأ عندما رأيتها، فكانت فتاة عادية ترتدي الجينز
والنظارة الشمسية، ولاتضع أياً من مساحيق التجميل” .
ويضيف نيرو أنه سأل جوش بعد أن قدمه الى فانيسا “هل أنت متأكد من أنك اخترت
الممثلة المناسبة، فهي ليست بالجميلة ؟” ورد جوش “لا داعي للقلق، فسوف ترى
نتيجة اختياري” .
وعندما عاد نيرو الى غرفة الملابس وجد رسالة من فانيسا تدعوه فيها الى
العشاء، فذهب على الفور الى منزلها في الباسيفيك باليسيدز، وعندما قرع
الباب فتحت له سيدة جميلة، وقالت له “أنا فانيسا ريدجريف” ويقول انها كانت
بالفعل مختلفة تماماً عن تلك التي قدمها اليه جوش .
ويقول نيرو “كلما تقدم بك العمر كلما أصبحت أكثر حكمة، وهذا ما جعلنا نقرر
العودة مرة أخرى” .
ويقدم مضمون الفيلم أدلة واضحة على وجود ايطاليا كبلد سياحي، فهناك مشاهد
للتلال التي تغلفها الأضواء الذهبية، وهناك المدن الصغيرة التي تعلو الأرض
والمبنية من الحجارة، والأسطح العالية وأشجار الكروم المائلة .
كما تظهر المشاهد أن الزمن توقف فجأة بعد عصر شكسبير وقبل عهد بيرلسكوني،
كما تثبت أيضا أن دور ايطاليا الثقافي يعد بمثابة خلفية ثرية للقصص
الرومانسية الناطقة بالانجليزية .
والفيلم يعتبر التجربة السينمائية الرابعة لاماندا سايفريد هذا العام،
والتي من شأنها، إضافة الى دورها في فيلم “دير جون”، أن تعزز مكانتها كنجمة
سينمائية، فهي تتميز بباقة من الصفات المحببة لدى المشاهد، مثل الاصرار
والحساسية الزائدة، وهي صفات تجعلها في نظر المشاهد أكثر أهمية من الفيلم
نفسه .
الخليج الإماراتية في
22/01/2010 |