* منذ سنوات اكتشف بعض المسئولين في التليفزيون اختفاء شرائط حفلات غناء أم
كلثوم سيدة الغناء العربي من مكتبة التليفزيون. وقيل وكتب كلام كثير عن
وصولها أي الشرائط إلي تليفزيون الكويت بدون اذن. أو معرفة بمن فعلها. وفي
العام الماضي. نشرت صحيفة المصري اليوم بتاريخ 24 فبرابر 2009 موضوعا عن
اختفاء اشرطة نادرة عن حياة الرئيس مبارك. وأيضا رؤساء مصر السابقين من
الإدارة المركزية للمكتبات في التليفزيون. وأن هذه المواد الفيلمية تتناول
أهم الأحداث في حياة الرئيس. وأن قناة الجزيرة وقتها كانت تستعد لعمل سلسلة
أفلام وثائقية عن حياة الملوك والرؤساء العرب وأنها حاولت الحصول علي
الأشرطة بالطرق الطبيعية وفشلت. وأن وزير الإعلام انس الفقي يستعد لاصدار
قرار بتشكيل لجنة اعلامية لمراقبة الفضائيات العربية واحصاء ما تعرضه من
المواد الارشيفية الخاصة بالتليفزيون المصري واتخاذ الإجراءات القانونية
ضدها وفقا للبروتوكول الدولي لحقوق البث في العالم. ومضت الأيام. ولم نسمع
شيئا عن هذه اللجنة أو عملها حتي جاءت كارثة بيع تراث السينما المصرية إلي
الأمير الوليد بن طلال ليعرض في قنوات شبكته "روتانا" التي دخل شريكا فيها
منذ فترة المليونير الاسترالي الصهيوني روبرت ميردوخ. ومازال الحديث عن هذه
الكارثة مستمرا بلا أفق للحل ولكن الجديد هنا هو بيع الحفلات والشرائط
الغنائية التي انتجها اتحاد الاذاعة والتليفزيون المصري إلي "روتانا" ايضا
في صفقة شبه سرية علم بها مؤخرا وزير الإعلام "ولا نعلم ما هو السبب
المباشر لعلمه بها" فقدم بلاغا للنائب العام الذي حوله للتحقيق الفوري بسبب
فداحة الأخطاء وحيث تضمنت هذه الصفقة بيع حقوق استغلال هذا التراث الفني
العظيم المملوك لمصر بأسعار لا مثيل لها هي إلي الهدر أقرب. 11 ألف دقيقة
"أي ما يزيد علي 183 ساعة" من الحفلات الغنائية لكبار المطربين والمطربات
بسعر 10 دولارات للدقيقة بما يخالف الأسعار المعتمدة باللوائح التي تتراوح
بين 500 إلي آلاف دولار للدقيقة ولا استطيع هنا احصاء الفارق بين مائة
وعشرة الفا من الدولارات هي كل الثمن المدفوع فيها. وبين الثمن الحقيقي
الذي تم اهداره وضياعه علي خزانة الاتحاد المديونة.
الوجه الآخر للصورة
* غير أن للحقيقة وجها آخر كما يقال. وحيث أجرت جريدة المساء حوارا يوم
الأحد الماضي نفسه مع السيدة نادية صبحي رئيسة القطاع الاقتصادي باتحاد
الاذاعة والتليفزيون السابقة التي قالت إن إدارة التسويق بالاتحاد لها
سلطات تخول لها البيع ولكن بدون تحديد أسعار. وقالت إنهم في القطاع
الاقتصادي لم يكن لديهم مانع من بيع هذا الأغاني لروتانا حين طلبت شراءها
كحق استغلال للعرض عليها فقط دون أي استغلال آخر لأي قناة غيرها. وان السعر
الذي تم البيع به في العقد كان سعرا ساريا في ذلك الوقت خاصة أن هذه
الأغاني كانت قديمة وتعرضت للتلف من فئران المكتبة. وانه حتي هذا الوقت
الذي تم فيه البيع "2004 2005" كان المطربون والمطربات يدفعون للتليفزيون
مقابل إذاعة وعرض اغانيهم لكن المسئولين الغوا تحصيل هذه المبالغ واصبحت
تذاع مجانا.. والحقيقة أن ما قالته رئيسة القطاع الاقتصادي السابقة هو ما
يحتاج تحقيقا لأنه يكشف عن كم من الأخطاء لا يمكن اغفاله ونحن بصدد فتح
ملفات الفساد في هذه الصفقة أو غيرها. وعلي سبيل المثال فإننا إذا قررنا
توجيه الاتهام إلي من باع هذه الاشرطة بهذا السعر. فماذا عن الذي اصدر
القرار بأن تدفع أم كلثوم ويدفع عبد الوهاب وعبد الحليم وشادية مقابل
لاذاعة أغانيهم وعرضها علي شاشاتنا. هل يدفع كبار المبدعين الذين رحلوا أو
ورثتهم مقابل ابداعهم الذي يمثل كنزا وتراثا ثقافيا أم نتشرف نحن بعرضه؟
وبالطبع فحين صدر هذا القانون الجائر. لم يستطع الدفع إلا المطربون الجدد
والمطربات ذات الأصوات الرديئة والنص نص المشمولة برعاية شركات الاحتكار
واصحاب قنوات الكليبات. ولأن اصحاب القرار في الاعلام المصري وقتها ضنوا
علي المصريين بقناة للطرب أو الغناء ضمن المنظومة الفضائية المصرية أو شبكة
القنوات المتخصصة ورغم اطلاق مصر قمرها الذي اصبح الصدر الحنون لكل القنوات
العربية الجيدة والرديئة. فإن "روتانا" تقدمت لتكون البديل عن الاعلام
المصري. أخذت الأفلام وصنفتها في قنوات خاصة للأفلام الحديثة والقديمة
وأخذت الشرائط لأم كلثوم وعبد الحليم لتضعها في قناة روتانا طرب. وروتانا
زمان.. وذهبنا نحن المصريين المستمعين والمشاهدين إليها لنري فنانينا
الكبار علي شاشاتها. حتي اطلاق اذاعة مصرية للطرب لهؤلاء ضن المسئولون بها
علي ملايين المستمعين في مصر ليجبروهم علي احتمال اغاني الشباب وبرامج
الميوزيك بوكس من أجل الاستماع لام كلثوم وعبد الوهاب.. الموضوع قديم
والملفات التي تحتاج لفتحها. كثيرة.. وعلينا أن نفتحها لندرك اخطاء الماضي.
خاصة في ظل المنافسة الشرسة لاحتكار الأعمال الفنية في كل القنوات لأنها
مصدر كنز اعلاني. وكنز أكبر هو ملايين المشاهدين الباحثين عن الأفضل دائما.
magdamaurice1@yahoo.com
الجمهورية المصرية في
20/05/2010
ليل ونهار
هليوبوليس
محمد صلاح الدين
* حتي وقت قريب لم يكن أحد يعرف شيئا عما يسمي "السينما المستقلة" في مصر..
وفجأ ظهرت موجة تصحيح ليست بالكبيرة.. ولكنها استطاعت رغم تواضعها أن توجد
جيلاً جديداً من المبدعين يعملون في صناعة السينما المصرية دون القيود
المكبلة بها السينما التجارية.. بالاستغناء عن: النجوم. الإنتاج المكلف.
السيناريو التقليدي المحبوك درامياً. ثم مشتملات كاميرا السينما الثقيلة
والمثقلة. واستبدالها بالديجيتال البسيطة.. إنها فعلاً ثورة صناعية قد تعصف
بالسينما التقليدية!!
وفيلم "هليوبوليس" للمخرج أحمد عبد الله السيد محاولة جديدة في فكر سينما
الشباب. الذي اعتمد طرح رؤيته في منظومة قليلة التكلفة. وبها كثير من
الاستقلالية في النص. واختيار الممثلين حتي ولو كانوا من الجمهور العادي!!
و "هليوبوليس" الفيلم يرثي لحال "هليوبوليس" الحي. ويرثي لحال الطبقة
المتوسطة المصرية التي كانت. والتي مطلوب من بقاياها أن ينتهوا إما بالقفز
إلي أعلي. أو بالاستسلام إلي الأدني ومحاولة تقليدهم في الصياعة والضياعة
والتنفس بالمخدرات والجنس.. أو بالطفشان بالهجرة من البلد كلها وتركها
تغرق. كما حاول أن يفعل أحد أبطال الفيلم الطبيب الشاب هاني الذي لايجد
معني لحياته في بلد لايتم إصلاح أي شيء فيه حتي "المرور". بصرف النظر عن
نجاحه هو أم لا؟!! وكلها أسئلة مدهشة في قاهرة الألفية الجديدة التي
لايستطيع أي مسئول فيها أن يخرج منها أي بناية وزارية لكي تتنفس البلد..
ولن يستطيع!!
إننا نري "هليوبوليس" التي أسسها رجل الأعمال البلجيكي البارون إمبان
وزملاؤه عام 1905 علي الطراز الفرنسي. وبني فيها قصر البارون وكنيسة
البازيليك والعديد من المباني القيمة للسكن العام منذ مائة عام. وكان يعيش
في هذا الحي الكثير من الأجانب والمصريين المثقفين الذين يبحثون عن النظافة
والنظام.. وفي الفيلم نري الشاب إبراهيم "خالد أبو النجا" الذي يقوم بعمل
بحث أكاديمي عن الأقليات التي عاشت في مصر وعن التدهور الذي أصاب حي
هليوبوليس. فيقابل سيدة يهودية عجوز "عايدة عبد العزيز" تعيش في منطقة
الكوربة. وتحكي بحرص عن الحي زمان. وفي نفس الشارع يسعي الطبيب الشاب "هاني
عادل" للهجرة إلي شقيقه في كندا ويرغب في بيع الشقة التي كانت تسكن فيها
عائلته. في الوقت الذي تتقرب منه جارته "يسرا اللوزي". بينما يحاول خطيبان
"عاطف يوسف وآية سليمان" اللحاق لشراء الشقة ولكن تحول خنقة المرور
والتشريفات دون ذلك. وعندما يختنق إبراهيم يذهب لبار ليصادف فيه موظفتين في
أحد الفنادق القديمة من نفس الشارع. ينفسان همومهما في التدخين والشرب..
وكل هؤلاء يمرون بشكل أو بآخر بعسكري حراسة "محمد قريع" قابع في كشك خانق
صغير مثل المسجون.. انه كالالة الصماء في مواجهة متطلبات الأمن ومع ذلك
يبحث عن إنسانيته من خلال راديو متقطع يبث أغاني الزمن الجميل. أو عطفه علي
كلب ضال!!
salaheldin_g@hotmail.com
الجمهورية المصرية في
20/05/2010 |