في السابعة من عمرها، كانت تتحضر لمستقبل راقصة واعدة، وفي الثامنة عشرة،
كانت مجرد فتاة ساذجة وبريئة تحلم بالشهرة، لكنها كانت أيضاً فتاة جميلة،
وجميلة بشكل مختلف، ولم تتخيل أنها بعد ثلاثة أعوام على انطلاقتها ستصبح
نجمة ورمزاً للتحرر في الستينات من القرن العشرين: إنها ب.ب. أو بريجيت
باردو التي لقّبت بالقنبلة الفنية والساحرة مع إطلاق فيلمها "وخلق الله
المرأة" للمخرج الفرنسي روجيه اديم الذي سيصبح حبيبها وزوجها، وكان قد
اكتشفها المخرج مارك آليغريه بعد أن سحره جمالها على صفحات مجلة "آيل"
فدعاها الى جلسة استماع ومشاهدة لمواهبها الفنية في الرقص وسرعان ما انتقلت
بريجيت من مجرد فتاة إعلانات في الصفحات الداخلية للمجلات النسائية الى
نجمة غلافات في أهم المجلات العالمية، وأيضاً سرعان ما انتشرت الصورة
الأولى التي ظهرت فيها وهي صورة الفتاة الساذجة والبريئة لتصير محط أنظار
العالم كنجمة الإغراء الأولى في أفلام توالت بسرعة وتطورت هي معها لتصبح
أيضاً رمزاً جنسياً ساحراً ونموذجاً للجمال. وانطلقت موضة ب.ب. في العالم:
تسريحة شعر بريجيت باردو، ماكياجها، أزياؤها، إكسسواراتها... واليوم وبعد
مرور أكثر من نصف قرن على هذه الظاهرة الفنية والجمالية الصاخبة، ومع أن
بارود تعيش شيخوختها بهدوء وسط اهتمامات مختلفة تماماً عن اهتمامات
بداياتها وأبرزها حماية الحيوان عبر العالم ودعمها لجمعية حقوق الحيوان، لا
زالت الصحف والمجلات تعود موسمياً الى تذكّر هذه الحقبة الجميلة من
الستينات من القرن الماضي التي لوّنتها باردو بإشراقها الدائم وجمالها.
وقبل أيام قليلة تناولت مجلة "الفيغارو" الفرنسية وقبيل افتتاح "مهرجان
كان" السينمائي الحالي مجموعة صور فوتوغرافية للفنانة وأطلقتها بالمناسبة
على أساس أن بريجيت باردو كانت واحدة من أشهر الفنانات اللواتي كنّ يظهرن
بأبهى حلّة في ما سمي بظاهرة "لي كروازيت" حيث كانت الجميلات تتبارين أمام
الحضور. والصور المعروضة اليوم في "الفيغارو" للمصور بيار بولا التقطها هذا
الأخير لها عام 1952 وكانت في أولى خطواتها نحو الشهرة: صور غير منشورة
لباردو المراهقة عثرت عليها زوجة المصور الراحل بين أوراقه وهي من مجموعة
كبيرة صوّرها قبيل افتتاح "مهرجان كان" ونشر معظمها وأبقى غير المنشور منها
بين محفوظاته الخاصة: بريجيت المراهقة الراقصة، مع كلبها، وفي منزلها من
دون تبرّج تتباهى بجدائلها الطويلة...
المستقبل اللبنانية في
19/05/2010
مهرجانات السينما المصرية «مولد وصاحبه غائب»
القاهرة - دار الإعلام العربية
لم نسمع من قبل أن مهرجان «كان» السينمائي لم يحضره أحد، أو أن مهرجان
توزيع جوائز الأوسكار انصرف عنه نجوم وصناع السينما، أو أن مهرجان فينسيا
خرج بلا فوائد..
لكن الأمر يبدو مختلفا عند الحديث عن المهرجانات الفنية العربية بشكل عام
والسينمائية بشكل خاص، فنحن نقيم الاحتفالات التي لا يحضرها أحد، ونبالغ في
إقامة المعارض والدعاية وحشد الحشود الكلامية لها من دون أن يهتم أحد من
الذين يكسبون قوتهم بالانتساب إلى هذه السلعة..
حال المهرجانات العربية وضعف نتائجها المرجوة، قضية ناقشها «الحواس الخمس»
مع مختصين عبر السطور التالية..ضربة قاسية لفكرة المهرجانات العربية وجهها
أخيرا المهرجان القومي للسينما في دورته السادسة عشرة المنتهية قبل أيام.
فقد خلا المهرجان من حفل الافتتاح، وعلل القائمون ذلك بأنه ترشيد للنفقات
ولكثرة الأفلام المعروضة وقلة أيام المهرجان، علاوة على أن الكثير من
النجوم الذين تشارك أفلامهم في منافسات المهرجان لم يحضروا الحفل،حتى،
لتسلم جوائزهم في إشارة إلى عدم جدوى هذه الجوائز.
والغريب هنا أن النجوم العرب يذهبون إلى أي مهرجان في العالم حتى وإن كان
خاصًا بالأفلام التسجيلية والوثائقية التي تقل قيمتها عن المهرجانات
المصرية التي يقاطعونها عن قصد، ولا يشاركون في فعالياتها كما كانوا يفعلون
قبل عقد من الزمان؛ حيث كان المهرجان القومي للسينما يقام في سينما ميامي
قبل أكثر من 10 أعوام.
وكان يحضره نجوم الفيلم والمخرج وكل طاقم العمل، ويتم عمل حوار واسع مع
جمهور السينما، إلا أن إدارته فضلت نقله إلى دار الأوبرا المصرية، ما قلل
إقبال الجماهير، وتدريجيًا أهمل النجوم والمخرجون والعاملون حضور عروض
أفلامهم، لينتهي المهرجان وكأنه لم يبدأ بعد.
والحال لا يختلف كثيرا في مهرجانات أخرى كالقاهرة السينمائي الدولي أو
الإسكندرية السينمائي، حيث بات يتم التعامل معهما على أنهما «مول» أو «حفل
ليلي» يضيء بالنجوم في حفلي الافتتاح والختام دون فعاليات حقيقية، وذلك على
العكس من بعض المهرجانات العربية التي رغم حداثتها أصبحت تحقق مردودا قويا
للفن في بلدها.
هذا ما يفسره الناقد علي أبوشادي رئيس المهرجان القومي للسينما، بقوله إن
مصر تعتز بتاريخها السينمائي، ولا تقبل أن تكون أفلامها بلا مهرجانات أو
جوائز، فعندما تحل أشهر فبراير ومارس وأبريل من كل عام تعلن وزارة الثقافة
عن وصول قطار الجوائز للعاملين في صناعة السينما لتقويم أعمالهم في السوق،
لكن الأمر أصبح وسيلة لجذب الانتباه والمجاملات التي لا تضيف شيئًا إلى
السينما المصرية، لكنها تفقدها العديد من المقومات.
ولم تكن الوجاهة ولفت الانتباه هما الرسالة الأساسية للمهرجانات المصرية،
حسبما يؤكده أبوشادي، فتقويم الأعمال السينمائية هو الهدف، إلا أن هذا
الهدف يأتي للأسف في ذيل الاهتمامات رغم المنافسة القوية من جانب
المهرجانات العربية في الخارج.
فضائح ومهازل
مهرجان الإسكندرية السينمائي لم يكن أحسن حالا من سابقه، حيث يشهد في كل
عام فضائح ومهازل عدة، فلم تختلف دورته في أغسطس 2009 عن دوراته السابقة من
حيث سوء التنظيم، على حد قول الناقدة السينمائية ماجدة موريس.
التي أكدت أن ندوات المهرجان شهدت حالة لا مثيل لها من سوء التنظيم بداية
من تضارب المواعيد أو إلغائها من دون الإعلان عن ذلك أو تبرير السبب، ما
يجعله غير قادر على المنافسة وسط المهرجانات الدولية، ولا حتى المحلية.
حتى ابتعد الإعلاميون وصناع الأفلام عن حضور الندوات؛ حيث كانوا يضطرون في
معظم الأوقات إلى الوقوف في القاعات لعدم تجهيزها لاستيعاب الأعداد
الحاضرة، حتى وصف البعض هذا المهرجان بالقول الدارج «مولد وصاحبه غائب».
موريس أوضحت أن العشوائية هي الأكثر سيطرة في الوقت الراهن على مهرجان
الإسكندرية السينمائي، ليس فيما يتعلق بالندوات فحسب، بل في مواعيد عرض
الأفلام التي كانت تتغير باستمرار وبلا مبررات.
حتى وصل الحال بأحد الضيوف وهو المخرج التونسي ناصر خميرة إلى تقديم شكوى
لإدارة المهرجان بسبب عدم وجود ترجمة لأفلام المسابقة الرسمية، ما اعتبره
خطأ فادحًا سقطت فيه إدارة المهرجان.
فضائح
أما الفضيحة الكبرى، وهي على لسان الناقد سمير فريد، في مهرجان الإسكندرية،
فقد حدثت عندما فوجئ الحضور بممدوح الليثي، رئيس جمعية كتاب ونقاد السينما
المشرفة على المهرجان، يطلب من منظمي الحفل إنهاء وصلة الغناء للمطربة رحمة
لأن صوتها لا يعجبه.
وأبلغ الفرقة الموسيقية بذلك، وقام بالاتصال بالمطرب سامو زين للحضور
مبكرًا؛ لتنهي رحمة وصلتها بالفعل، ويحضر سامو زين وبدأ فقرته قبل موعدها،
مما جعل المطربة تشعر بحرج شديد، بعدها تعاطف الجمهور الذي تفاعل معها إلا
أن الليثي كان له رأى آخر.
سقطات
ولم تكن هذه السقطة الوحيدة لليثي في هذا المهرجان؛ حيث ابتكر جائزة جديدة
أطلق عليها جائزة اتحاد الإذاعة والتلفزيون، وقيمتها 50 ألف جنيه، وتم
منحها لفيلم «واحد صفر» الذي أنتجه جهاز السينما برئاسة ممدوح الليثي.
والذي حصد 9 جوائز وحده من بينها جائزة للفنانة إلهام شاهين كأفضل ممثلة،
وأخرى للفنانة انتصار كأحسن ممثلة مساعدة، ولطفي لبيب كأحسن ممثل مساعد،
وكاملة أبو ذكري كأحسن مخرجة، ومريم نعوم كأفضل مؤلفة، ونانسي عبدالفتاح
كأحسن مونتاج، وتامر كروان كأحسن موسيقى تصويرية.
اعتبارات انتقائية
من ناحية أخرى تنتقد الناقدة ماجدة خيرالله مهرجان المركز الكاثوليكي
السينمائي الذي يعد من أقدم المهرجانات في مصر، لكنه يختار الأفلام وفقًا
لاعتبارات انتقائية ومعايير أخلاقية.
مما يتسبب في خروج أفلام جيدة من المنافسة، لمجرد أنها تحتوي على مشاهد
جريئة وألفاظ غير ملائمة أو مشاهد عنف؛ لذلك لا يهتم الوسط السينمائي
بجوائز هذا المهرجان ويعتبرونه مهرجانا للسينما الأخلاقية التي لا تتماشى
مع السينما التقليدية التي تجمع الطوائف كافة.
ولا تصادر أفكارًا، بل تقوم بعرض نماذج إما بغرض التسلية أو توجيه رسالة
معينة؛ لأن المجتمعات، بصفة عامة، لا تسير على وتيرة واحدة.
وأبدت خيرالله استغرابها من قيام المركز بعرض فيلم «الفرح» ضمن المسابقة
الرسمية ودخوله المنافسة على الرغم مما يحتويه من مشاهد جريئة وألفاظ
خارجة، ويرفض في الوقت نفسه فيلم «إبراهيم الأبيض» لاعتماده على العنف، ما
يؤكد عدم وجود معايير ثابتة في اختيار نوعية الأفلام؛ لذلك فإن أي تقويم لن
يكون حياديًا.
المهرجانات الغنائية
وإذا كانت المهرجانات الفنية تلقى كل الدعم المادي وتفشل، فإن المهرجانات
الغنائية أصبحت تعاني من مشاكل متعددة حتى غابت بشكل كبير عن الساحة الفنية
في مصر وتركت الفرصة لمهرجانات أخرى مثل «قرطاج» و«هلا فبراير» لاستقطاب
المطربين من الدول العربية كافة من المحيط إلى الخليج.
وهذا ما يؤكده الناقد أشرف عبدالمنعم من أن أغلب المهرجانات الغنائية في
مصر تفتقر إلى حضور النجوم والدعمين المادي والإعلامي أيضًا، وأصبحت تواجه
أزمات متتالية خاصة في ظل تجاهل وزارتي الثقافة والسياحة.
حيث لا ترى الوزارتان أهمية لهذه المهرجانات في التسويق السياحي لمصر، على
الرغم من أن الدكتور ممدوح البلتاجي، وزير السياحة الأسبق، كان من أهم
المشددين على ضرورة عقد مهرجانات غنائية بصفة مستمرة، وأسهم في تأسيس أول
مهرجان للأغنية.
ضعف موارد
وعن السبب الرئيسي وراء عدم توجيه الدعوات للمطربين العرب لحضور هذه
المهرجانات، يقول عبدالمنعم إن ضعف الميزانية لا يسمح باستقطاب نجوم الغناء
المعروفين، الذين يفضلون دائمًا الذهاب لمهرجاني «قرطاج» بتونس و«هلا
فبراير» بالكويت.
بعد أن تجاهلت شركات الإنتاج دورها في مساندة المهرجانات الغنائية والعمل
على استثمارها من خلال الدفع بمطربين جدد للمشاركة فيها وجني الأرباح
الضخمة من وراء حفلاتها.
ويرى المنتج الغنائي نصر محروس أن تنظيم المهرجانات الغنائية الضخمة يحتاج
إلى تضافر الجهود من جهات رسمية لإنجاحه، مثل وزارات السياحة والإعلام
والثقافة.
ويحتاج إلى بعض التسهيلات أيضًا بالنسبة لمشاركة الفرق الموسيقية من الخارج
لمنع التلاعب والمشاكل التي تحدث بسبب الجمارك والضرائب وقائمة العوائق
التي تجعل المطربين يرفضون إحياء أي حفل أو حضور مهرجان في مصر.
شهرة زائفة
ترى الناقدة رانيا يوسف أن مهرجانات السينما العربية تختلف جملة وتفصيلا عن
المهرجانات الأوروبية، فنجد أن الأوسكار الأميركي يختلف تمامًا عن مهرجان
أوسكار السينما المصرية.
فلا يوجد أي مجال للمقارنة حيث يشوب الأخير الكثير من المجاملات، فعلى مدار
30 دورة لجوائز هذا المهرجان التي تقدمها جمعية فن السينما برئاسة الفنانة
مديحة يسري لم يثبت أنها جوائز يستحقها أصحابها.
لكنها تنحصر في المجاملات فقط بعيدًا عن الإبداع الحقيقي وبذل المجهود؛ حيث
لا يهدف هذا المهرجان إلى شيء سوى الشهرة ولفت الأنظار.
البيان الإماراتية في
19/05/2010 |