أكتوبر ٢٠٠٦، تاريخ لن تنساه صناعة السينما المصرية، فهو نقطة تحول حقيقية
أثرت ومازالت تؤثر على الصناعة التى تنفرد بها مصر بين كل الشعوب العربية.
ففى ١٠ أكتوبر ٢٠٠٦ أعلنت الكتلتان الكبيرتان فى الإنتاج والتوزيع
السينمائى وهما «الثلاثى» و«الشركة العربية» الانفصال لتدفع الصناعة ثمنا
فادحا للخلافات بينهما.
يضم «الثلاثى» ثلاث شركات إنتاج وتوزيع هى: «النصر» وصاحبها المنتج والموزع
محمد حسن رمزى، و«الماسة» والمسؤول عنها هشام عبدالخالق، و«أوسكار» وصاحبها
والمسؤول عنها المنتج والموزع وائل عبدالله، أما العربية فالمسؤول عنها هو
المنتجة والفنانة إسعاد يونس.
«الثلاثى» و«العربية».. صراع لا ينتهى.. ويهدد بتدمير السينما
رغم الحرص الدائم من الكتلتين على نفى وجود أى خلافات بينهما، إلا أن
الانفصال حدث بالفعل نتيجة اتهامات متبادلة بينهما أشعلها بعض المنتجين
والنجوم لمصالحهم الخاصة، ونتيجة تراكم الخلافات، حدث شرخ فى العلاقة بين
الكتلتين بسبب اعتقاد كل كتلة أن أفلامها لا تلقى اهتماما وبالتالى تخسر
عند عرضها على الشاشات التى تمتلكها الكتلة الأخرى، بينما تحقق إيرادات
جيدة فى دور العرض التى تخصها، فهناك أفلام رأت «الثلاثى» أنها ظلمت عند
العرض على شاشات «العربية»، والعكس صحيح.
كان هذا هو السبب الأساسى فى اتخاذ «الثلاثى» أولا قرار الانفصال لتعرف هل
ستحقق أفلامها نتائج أفضل أم لا، ووافقت «العربية» لنفس السبب، وحدث
الانفصال المستمر حتى كتابة هذه السطور، وأصبحت كل كتلة لا تفكر إلا فى
نفسها دون النظر لمصلحة صناعة السينما، فكل منهما تسعى للاستحواذ على أفضل
دور عرض وأكبر عدد ممكن من الشاشات والتى تحتاج أفلاماً تعرضها طوال العام،
وترتب على ذلك فتح الباب بينهما لـ«خطف» النجوم والفنيين الذين استغلوا
الأزمة ورفعوا أجورهم بمباركة الكتلتين ورغبة فوز كل منهما على الأخرى،
لتتكون خيوط كارثة ارتفاع تكلفة الفيلم وبالتالى تخفيض عدد الأفلام
المنتجة. وأبرز وقائع خطف النجوم، ما قيل عن خطف «الثلاثى» كريم عبدالعزيز
من «العربية» بينما كان نجمها المدلل ويتصدر أهم الأفلام الموجودة فى
أجندتها، ومحمد سعد الذى كانت تمتلك «العربية» حق توزيع أفلامه بحكم
اتفاقها مع أحمد السبكى منتج أفلامه، وفجأة ذهب حق التوزيع إلى «الثلاثى»
متمثلا فى وائل عبدالله الذى وزع فيلمى «بوحة» و«كتكوت»، ثم عاد السبكى إلى
«العربية» مرة أخرى بفيلم «بوشكاش»، فى حين حصلت «الثلاثى» على توزيع فيلم
سعد الجديد «٨ جيجا»، بعد خلاف قيل إنه دب بين السبكى و«العربية» نتيجة
اعتقاده بأن الشركة ظلمت فيلميه «بوشكاش» و«كباريه» لصالح فيلمى «الريس عمر
حرب» و«إتش دبور»، وهكذا أصبحت الأمور تسير بشكل عشوائى، فعندما يغضب منتج
من كتلة يجد الحل عند الكتلة الأخرى، وكذلك الحال بالنسبة للنجوم فكل منهم
يبحث عن العرض الأفضل والأجر الأعلى عند أى منهما.
مع الوقت، دخلت الحرب بين الكتلتين منطقة جديدة، وأصبحت ظاهرة ضرب
الإيرادات وتزويرها من أدوات الصراع بينهما مما اضطر غرفة صناعة السينما
للتدخل، وعقد أكثر من اجتماع لحل تلك الأزمة خاصة بعدما قيل عن ضرب إيرادات
فيلم «ولاد العم» لـ«الثلاثي» و«أمير البحار» لـ«العربية».
وسط الصراع بين الكتلتين، يعانى المنتجون الأفراد أمثال محمد وسامى العدل،
وهانى جرجس فوزى، ومحمد ياسين، ومحمد وأحمد السبكى من حيرة الانحياز لإحدى
الكتلتين، ويشهد كل موسم سينمائى مفارقات غريبة تشبه لعبة الكراسى
الموسيقية، فمرة نجد أحمد السبكى يوزع أفلامة مع «العربية» ومرة مع
«الثلاثى»، وكذلك محمد السبكى الذى وزع مؤخرا فيلمين مع «الثلاثى» هما
«البيه رومانسى» و«عمر وسلمى٢»، وبعد أن اتفق معها على عرض فيلمه الجديد
«نور عينى» لتامر حسنى، اختلفا، فذهب إلى «العربية». أما محمد العدل فيوزع
أفلامه مع «العربية» بينما سامى العدل يوزع ويشارك فى إنتاج أفلام
«الثلاثى» وآخرها «الديلر» الذى سيعرض هذا الموسم فى دور عرض «الثلاثى».
الحرب بين الكتلتين تجعل كل منهما لا تعلن عن خططها، لذلك كل يوم هناك
مفاجأة سواء بالنسبة للنجوم أو دور العرض والاستحواذ على المواقع المميزة،
فقد أعلنت الشركة «العربية» التى تمتلك ١٢٠ شاشة فى ٥٥ دار عرض بواقع ٢٠
ألف كرسى تقريبا من إجمالى ٥٩ ألف كرسى فى مصر كلها، أعلنت عن اقتراب
افتتاحها ١٦ شاشة عرض جديدة فى مول «صن سيتى» فى مصر الجديدة، فى حين حصلت
«المصرى اليوم» على معلومة افتتاح «الثلاثى» مع نهاية هذا العام ١٦ شاشة
عرض فى «مول العرب» فى مدينة ٦ أكتوبر، كما ستفتتح ١٤ شاشة أخرى فى مدينة
الشيخ زايد، أى أن كلتا الكتلتين تحاول توسيع رقعة ممتلكاتها من الشاشات فى
أماكن مختلفة ومميزة جغرافيا، وقد بدأت هذه الخطة بعد حدوث الانفصال، وبدأت
كل منهما شراء وبناء دور عرض فى المنطقة التى تقل فيها دور العرض الخاصة
بها، فمثلا اكتشفت «الثلاثى» أنها تملك داراً واحدة فقط فى الهرم وأكتوبر
هى دار عرض «الهرم»، فحرصت على صفقة شاشات «مول العرب» والشيخ زايد، فى حين
اكتشفت «العربية» أن «الثلاثى» تسيطر على منطقة وسط البلد بعدد كبير من دور
العرض على رأسها «أوديون» و«ميامى» و«بيجال» و«كوزموس» و«ديانا»، بينما
تمتلك «العربية» دارى عرض «ريفولى» و«مترو» فقط فقسمت «مترو» لأربع شاشات،
وافتتحت دار عرض «رنيسانس» فى شارع عماد الدين. وفى منطقة الدقى، تمتلك
«العربية» دار عرض شيراتون بعدد ٣٠٠ كرسى، بينما تمتلك «الثلاثى» دار عرض
«التحرير» بعدد ٩٠٠ كرسى، وفى شارع كورنيش النيل، تمتلك «العربية» مجمع
سينمات «نايل سيتى» بعدد ٨ شاشات، بينما تمتلك «الثلاثى» دار عرض «رمسيس
هيلتون» بعدد ٥ شاشات.
وبالأرقام، تمتلك «الثلاثى» ٣٩ ألف كرسى من مجموع ٥٩ ألفا وبواقع ٢٠٠ شاشة
فى ١٦٠ دار عرض، وتسيطر على بعض الأماكن المميزة جغرافيا بخلاف منطقة وسط
البلد التى ذكرناها وهى مدينة نصر ومصر الجديدة على رأسها مجمع سينمات «سيتى
ستارز» الذى يضم ٢١ شاشة ويحقق ٢٠% من مجموع إيرادات دور العرض المصرية،
و«السراج مول» بخمس شاشات، ومجمع «السلام» بثلاث شاشات ودور عرض
«هليوبوليس» و«روكسى» و«نورماندى»، بينما تمتلك «العربية» فى نفس المنطقة
مجمع «جنينة مول» بعدد ٦ شاشات، ومجمع «وندر لاند» بعدد ٦ شاشات، و«طيبة
مول» بعدد شاشتين، وتتشارك الشركتان فى امتلاك شاشات «سيتى سنتر» وعددها
سبع شاشات.توجد دور عرض خارج ملكية «العربية» و«الثلاثى»، أشهرها دور عرض
«جود نيوز»، و«جهاز السينما»، و«جالاكسى» التى يمتلكها جابى خورى، وقد حسم
الأمر بالنسبة لدور عرض جهاز السينما بعرض أفلام الكتلتين بالتساوى، أما «جالاكسى»
فحصلت عليها «الثلاثى»، وتتبقى «جود نيوز» التى كانت تعرض أفلام «العربية»
حتى فيلم «عمارة يعقوبيان»، ثم انتقلت إلى «الثلاثى» منذ فيلم «مرجان أحمد
مرجان» وأفلام «جود نيوز» الأخرى «ليلة البيبى دول» و«رمضان مبروك
أبوالعلمين» و«بوبوس».
تضم خريطة توزيع الفيلم الأجنبى فى مصر خمسة توكيلات عالمية هى «وارنر» و«ديزنى»
و«فوكس» و«كولومبيا» و«ui
p»،
يمتلك «الثلاثى» منها أربعة توكيلات، بينما تمتلك «العربية» توكيل «uip».
يرى عدد كبير من العاملين فى صناعة السينما أن انفصال الكتلتين أثر سلبيا
على الصناعة، وهناك منتجون تاهوا وسط الصراع بينهما، لكن يرى البعض أن هناك
جوانب إيجابية للانفصال أهمها محاولة كل كتلة زيادة عدد دور العرض، وزيادة
إنتاج الأفلام، وضخ دماء جديدة للسينما من الوجوه الجديدة، كما ساعد
الانفصال على الاهتمام بالفيلم الأجنبى وعرض أهم الأفلام العالمية فى نفس
توقيت عرضها فى الخارج، فى حين ترى كل كتلة أنها تهتم أكثر بالأفلام التى
تنتجها وتعرضها فى المواعيد الأنسب لها دون وجود أى ضغوط أو حدوث أى
اتهامات، وبالتالى تحقق إيرادات أكثر من أيام التحالف، فـ«الثلاثى» ترى أن
السقا لم يحقق إيرادات كبيرة أيام التحالف، بينما حقق ٢٤ مليون جنيه بعد
الانفصال بفيلم «الجزيرة»، و١٨ مليوناً بفيلم «تيمور وشفيقة»، وبالمثل
أفلام كريم عبدالعزيز وتامر حسنى ومحمد هنيدى، وكذلك «العربية» على قناعة،
كما يقال، بأنها تتيح لأفلامها فرصاً أفضل وتبرز نجوما وتضخ دماء جديدة
للسينما لأنها تتبع سياسة «الفن والصناعة» معا، لكن الواقع يؤكد وجود كارثة
سينمائية ترتبت على الانفصال، فقد ارتفعت أجور النجوم والفنيين وزادت تكلفة
الأفلام بشكل جنونى، فى الوقت الذى توقفت فيه بعض الفضائيات الممولة
للسينما عن ضخ الأموال للمنتجين مثل «روتانا» و«art»،
وفتحت الأبواب أمام النجوم لعمل المسلسلات التليفزيونية بأجور فلكية تزيد
على أجر النجم فى السينما بثلاثة أضعاف، ويكفى أن عدد الأفلام انخفض من ٥١
فيلما فى عام ٢٠٠٨ إلى ٣٩ فيلما فى عام ٢٠٠٩، ومن المتوقع ألا يزيد على ٢٠
فيلما فى ٢٠١٠.
المصري اليوم في
06/05/2010
مخرجو وممثلو هوليوود يوقعون التماسا للحكومة
الإيرانية
بالإفراج عن «جعفر بناهى»
كتب
ريهام جودة
أعمال مميزة للمخرج الإيرانى جعفر بناهى مثل «تسلل» و«الدائرة» و«البالون
الأبيض» خلقت له بصمة واضحة واهتماما وإعجابا به فى الأوساط السينمائية
العالمية، وهو ما دفع عدداً كبيراً من المهتمين بالفن السابع إلى تشكيل
مجموعة لدعمه، والمطالبة بالإفراج عنه حيث اعتقلته الحكومة الإيرانية نظرا
لمواقفه المعارضة،
وهو ما دفع عدداً كبيراً من صناع السينما ونجومها فى هوليوود لتوقيع التماس
بأسمائهم مؤخراً يناشدون خلاله إطلاق سراح «بناهى»، بعضهم مخرجون كبار منهم
«ستيفن سبيلبيرج» و«مارتن سكورسيزى» و«فرانسيس فورد كوبولا»، و«جويل وإيثان
كوين» و«أنج لى» و«أوليفر ستون» و«مايكل مور»، ومن الممثلين «روبرت ريد
فورد» و«روبرت دى نيرو»، وجاء فى الالتماس: نحن نقف إلى جوار مخرج زميل،
ونحث الحكومة الإيرانية على إطلاق سراحه، ومثل كل الفنانين فى العالم، يجب
على صناع السينما الإيرانيين أن يحتفلوا بأعمالهم ويلقوا التكريم، وليس
القمع والسجن.
كان «بناهى» الذى يعد رمزا من رموز الموجة السينمائية الجديدة فى إيران قد
أبرز مواقفه المعارضة للرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد العام الماضى
بتأييده لخصمه ومنافسه المعتدل مير حسين موسوى، واعتقلته الحكومة الإيرانية
أوائل مارس الماضى، بعد حضوره حفل تأبين ندا أغا سلطان الشابة التى قتلت
خلال مظاهرات الاحتجاج على إعادة انتخاب نجاد رئيسا للمرة الثانية فى
يونيو، والتى تحولت إلى أحد رموز المعارضة وأطلق عليها لقب «شهيدة الحجاب».
وكانت الحكومة الإيرانية قد منعت «بناهى» من مغادرة البلاد قبل اعتقاله منذ
أن أعرب علنا عن دعمه المعارضة خلال مهرجان «مونتريال» السينمائى الدولى فى
كندا الصيف الماضى وحمل اللون الأخضر رمز المعارضة فى إيران، معلنا تأييده
لموسوى حيث برزت صوره التى تناقلتها وكالات الأنباء، وحال منعه من مغادرة
البلاد دون حضوره فعاليات الدورة الأخيرة لمهرجان «برلين»، وفى مارس الماضى
هاجم رجال النظام منزله، واعتقلوا أيضا زوجته وابنته و١٥ من رموز المعارضة
كانوا فى ضيافته،
وتم الإفراج عنهم بعد أيام، ثم نقل بناهى ومخرجون آخرون هم محمد رسولوف
ومهدى بور موسى إلى سجن طهران، فى الوقت الذى أرسلت فيه زوجته رسالة إلى
نشطاء حقوق الإنسان تبث فيها مخاوفها وقلقها من الحالة الصحية التى أصبح
عليها ومن سوء المعاملة هناك، ونقله إلى زنزانة أصغر.
وبررت قوات الأمن اعتقالها لـ«بناهى» بأنه كان يعد فيلما عن المظاهرات التى
تلت الانتخابات فى إيران فى خطوة اعتبرت معادية للنظام كما وصفها موقع
«تبناك» الإيرانى.
عرف «بناهى» بأفلامه التى تغوص فى المجتمع الإيرانى، وخاصة قضايا المرأة،
وتهاجم التشدد والعزلة التى تفرضها الحكومة هناك، وقدم فيلم «البالون
الأبيض» عام ١٩٩٥، والذى حصل عنه على جائزة الكاميرا الذهبية لمهرجان
«كان»، وانتقد خلاله أوضاع المرأة الإيرانية المتدنية، وعن فيلمه «الدائرة»
عام ٢٠٠٠ حصل على جائزة الأسد الذهبى لمهرجان «فينيسيا»، وفى عام ٢٠٠٣ حصل
على جائزة لجنة التحكيم فى مهرجان «كان» عن فيلمه «ذهب قرمزى».
ويعد فيلمه «تسلل» من المحطات البارزة فى مشواره أيضا، وحصل عنه على جائزة
الدب الفضى لمهرجان «برلين»، وبرز خلاله أسلوبه الساخر من الأوضاع
المجتمعية فى إيران، وقد منع من العرض داخل إيران عام ٢٠٠٦، وعرض خارجها
واستقبله النقاد بشكل جيد جدا.
المصري اليوم في
06/05/2010 |