قليلة جدا الأفلام العربية التي تعالج أو تعنى بالقضايا الجوهرية التي
ترتبط بطبيعة تكوين المجتمعات العربية سواء من الناحية العرقية أو من
الناحية الطائفية الدينية، وقد يكون سبب ذلك أن هذه القضايا حساسة بحيث إن
الخوض فيها يتضمن مخاطر غير مضمونة العواقب، وقد يكون ذلك لأسباب تتعلق
بطبيعة اقتصاديات السينما التي تتطلب وجود أفلام قابلة للتسويق التجاري
وبالتالي عليها أن تركز على الحكايات المشوقة وليس على القضايا الشائكة،
خاصة التي قد تثير إشكالات خطيرة سواء من قبل الرقابة الرسمية أو الرقابة
الاجتماعية، وقد يكون السبب رغبة المخرجين المستقلين في إعطاء التعبير عن
أنفسهم وعن حياتهم وتجاربهم الشخصية الأولوية على ما عداه من مواضيع،
وأخيرا، قد يكون الموضوع أكبر من أن تحتمله الإمكانات الإنتاجية، لهذا نثمن
خطوة الإقدام على إنتاج أي فيلم جديد يقارب بجرأة مواضيع حساسة من هذا
النوع في بادرة قد تشجع الآخرين على السير في خطاها، خاصة إذا كان الموضوع
المعالج راهنا .
مناسبة هذا التقديم فيلم سينمائي جديد جرى إنتاجه في الأردن بعنوان
“الشراكسة” وهو من تأليف وإنتاج وإخراج محي الدين قندور، الذي أعد
السيناريو عن رواية له صدرت بالإنكليزية أولا ثم صدرت ترجمتها العربية
لاحقا .
محي الدين قندور مخرج أردني الجنسية من أصل شركسي، وهو خبير اقتصادي ومؤلف
موسيقي وكاتب روائي ومخرج سينمائي، عمل لسنوات طويلة في هوليود حيث أخرج
بضعة أفلام روائية هناك وحلقات تلفزيونية ومسلسل وذلك قبل نحو ثلاثين عاما
ثم توقف عن الإخراج، إلى أن قرر أن ينتج ويخرج فيلمه هذا بشكل مستقل .
يتناول الفيلم حقبة تاريخية تنتمي إلى أواخر القرن الثامن عشر، وهي الفترة
التي كانت فيها المنطقة واقعة تحت الحكم العثماني وشهدت هجرات متلاحقة من
قبائل الشركس الذين هربوا من طغيان الحكم القيصري الروسي ولجأوا إلى منطقة
شرقي الأردن أساسا، حيث أقاموا في منطقة رأس العين التي منحتهم السلطة
العثمانية الأراضي فيها، فاستوطنوها، وهم بذلك وضعوا الأساس لمدينة عمان
التي أصبحت لاحقا عاصمة مملكة الأردن، غير أن إقامتهم في المنطقة لم تمر
بسلاسة في البداية بسبب من تناقض وجودهم مع مصالح القبائل البدوية حيث إن
استيطانهم في منطقة رأس العين التي يوجد فيها نبع ماء قد يشكل تهديدا
وعائقا أمام حرية وصول القبائل البدوية القاطنة في الصحراء القريبة إلى
النبع للتزود بالمياه، وبسبب من اختلاف العادات والتقاليد بينهم وبين سكان
المنطقة، على الرغم من انتماء الجميع إلى دين واحد هوالإسلام .
الموضوع الرئيس الذي يشغل الفيلم ليس الصراع بين البدو والشركس القادمين
الغرباء، بل تجاوز هذا الصراع وصولا إلى حالة من التفهم المتبادل والتعايش
الحضاري بين ثقافتين مختلفتين ولو كانت بعض العادات والتقاليد التي تخص احد
الطرفين تتنافى كليا مع تقاليد وعادات الطرف الآخر بحيث أن ما يعتبر تصرفاً
أخلاقياً ومفخرة عند طرف يعتبره الطرف الآخر تصرفاً مهيناً وعاراً .
لتجسيد فكرته هذه، يختار المخرج قصة حب بين بدوية، هي ابنة شيخ القبيلة
ومهاجر شركسي شاب، وهي قصة حب مرفوضة من قبل أهل الفتاة وأهل الفتى، لكنها،
بطبيعة الحال، تنتهي نهاية سعيدة .
قصص الحب من هذا النوع متكررة في الأفلام وفي الأدب العالمي منذ أن صاغ
شكسبير أحداث مسرحيته الشهيرة “روميو وجولييت”، وجعل مادتها وحبكتها
الدرامية مرتكزا لقصص الحب اللاحقة ذات الإشكالية الواحدة وذلك بغض النظر
عن المجتمع الذي تحصل فيه أو الحقبة الزمنية التي يدور الحدث في إطارها .
الإشكالية في فيلم “الشراكسة” مختلفة، وهي تنطلق من عادة “الخطيفة” عند
الشركس، وهي عبارة عن تصرف مشروع ومحكوم بأخلاقيات راسخة، يقوم به الشاب
المحب عندما يلاقي بعض الرفض لطلبه الزواج من الفتاة التي يحب، فلا يكون
أمامه من حل سوى خطفها، بالاتفاق معها، ووضعها في بيت محايد لشخصية معتبرة
بانتظار الاتفاق على الزواج، وهو اتفاق يتكلل بالنجاح في نهاية المطاف بعد
أن يوافق زعيم القبيلة البدوية وأهله على الزواج، ولا يحدث ذلك بسبب من
التسامح والغفران، بل تحديداً بسبب من التفهم وتقبل ثقافة الآخر على ما
فيها من تناقض، طالما أن هذه الثقافة أخلاقية في جوهرها وممارستها . حكاية
الحب هنا ليست مهمة بذاتها بقدر ما تشكل ذريعة لعرض الفكرة ونموذجا قابلا
للتعميم ويمكن الاقتداء به .
تكمن أهمية هذا النموذج في كون الإشكالية المطروحة لا تزال راهنة، بل إنها
تزداد تعقداً مع انتشار ظاهرة العصبيات القبلية والعرقية والطائفية في
مجتمعاتنا العربية المعاصرة في زمننا الراهن.
الخليج الإماراتية في
01/01/2010
لأول مرة: أسرار المصريين الجنسية فى فيلم تسجيلى
كتب
طارق مصطفي
خلال الأسبوع الماضى وعلى استحياء شديد عرض الفيلم التسجيلى «كلام
فى الجنس» الذى يقدمه المخرج «عمرو بيومى» فى إطار فعاليات
المهرجان القومى
للسينما.وهو فيلم تسجيلى يوثق على مدار الساعة جميع الأسرار والمشاكل
الجنسية
المسكوت عنها داخل الأسرة المصرية وبالتحديد فى إطار مؤسسة الزواج للتأكيد
على أن
هناك حالة جهل جنسى عام ومتعمد تدفع بأفراد المجتمع الخاضعين لهذه المنظومة
نحو
ممارسات تحمل قدرا كبيرا من الازدواجية والتناقض وفى أحيان
أخرى إلى الضياع التام.
يعنى إيه جنس؟
عدة مراحل وموضوعات يتنقل بينها
الفيلم بسلاسة، حيث يبدأ بثلاثة أشخاص من بيئات ثقافية واجتماعية مختلفة
تتحدث عن
مفهوم الجنس فى حياتها وتجاربها معه.
الشخص الأول نموذج لشاب مصرى عادى من
الذين يحترفون فض عذرية الفتيات ثم الإلقاء بهن إلى قارعة الطريق، أما
الثانى فهو
طالب جامعى يدرس الفلسفة ويحاول إضفاء الهيبة على كلامه بالحديث عن موانعه
الأخلاقية التى تحميه من الانحلال الجنسى، أما الشخصية الثالثة
فهى لفتاة فى
الخامسة والعشرين من عمرها اكتشفت رغم تحررها أنها عاجزة عن ممارسة الجنس
خارج إطار
الزواج لأنها مثلها مثل أى فتاة مصرية تربت على الخوف والإيمان المطلق
بالعذرية.
فى الفيلم تجد الشاب المتمرس يتحدث عن تجاربه الجنسية فيقول «أنا فى موضوع
الجنس مدرسة وكل اللى جرب الجنس معايا بيحكى عنه».
ذلك الشاب روى أيضا كيف
أنه أحب فتاة لسنوات وتطور الحب إلى علاقة جنسية ولكن الذى منع القصة من
التطور إلى
الزواج هو أنه روى لأصدقائه أنه فض بكارتها الأمر الذى كان من الممكن أن
يجعل منه
أضحوكة إذا أقبل على الزواج منها ويكفيه أن يقولوا «أتجوز واحدة نام
معاها»!
أما المفاجأة الكبرى فكانت عندما تحدث عن فتاة أحلامه التى من
المفترض أن تكون متدينة وجميلة وألا يكون لها تجارب لأنه فى
هذه الحالة لن يثق فيها
الثقة العمياء.
أما الفتاة فحكت كيف أنها كانت على علاقة بشخص قدم لها نفسه
على أنه متفتح لتكشف بعد ذلك أنه ذكورى وأن كل ما أراده من
العلاقة كان الجنس وهو
الشىء الذى لم تستطع تقديمه.
مدن الأفلام الإباحية
طالب الفلسفة ذكر فى الفيلم كيف أنه يرفض الدعارة لأسباب أخلاقية وكيف أن
معظم أصدقائه تزوجوا فقط لممارسة الجنس، أما المفاجأة الصارخة
التى فجرها فكانت
عندما قال إن «أى مدينة جامعية فى مصر هى أكبر مركز
porn.
ويكفى أن أبناءها
يضخون إليها كل أسبوع من 80 إلى 100 جيجا من الأفلام الإباحية. ينتقل
الفيلم بعد
ذلك من خلال شهادات لأساتذة وأطباء وفنانين تشكيليين إلى عدة
قضايا منها تأثير
الأفلام الإباحية على المصريين.
أوضاع جنسية
يصل
الفيلم بعد ذلك إلى عملية الزواج نفسها حيث يناقش الجهل الجنسى الذى قد
يبدو الحديث
عنه تقليديا،إلى أن تجد نفسك أمام اعترافات ساخنة للغاية لأزواج وزوجات
يتحدثون عن
الأوضاع الجنسية وعن قيامهم بخيانة شركائهم من أجل البحث عن
متعة أفضل.
المفارقة التى ستعلمها من خلال الفيلم أنه من بين 700 وضع جنسى يفضل
المصريون وضعين أو 3 فقط لأسباب كثيرة أهمها أن الرجل المصرى
يفضل دائما اعتلاء
زوجته على السرير ويرفض أى أوضاع جنسية قد تختلف عن ذلك.
من خلال الفيلم
ندرك معنيين مهمين أولهما أن الجنس كمتعة للزواج هو مفهوم غائب عن الأزواج
فى مصر
بالإضافة إلى أن هناك مؤسسات تفرض رقابة على الجسد وتحول بيننا وبين
اكتشافه وهنا
تلعب المؤسسة الدينية الدور الأكبر.
عودة مرة أخرى إلى الخيانة حيث يطالعنا
رجل فى الأربعين من عمره يتحدث عن أنه دائما ما كانت هناك امرأة فى حياته
غير
مراته، ودائما ما كان يجرب مع العشيقة كل الأوضاع الجنسية بينما مع زوجته
يلجأ إلى
نفس الأوضاع المعروفة لأنها مازالت «تتكسف منه» على حد قوله
حتى الآن.
نفس
الرجل حكى كيف أنه أصبح متقبلا للجنس الجماعى لأنه مثير بالنسبة له.
كانت
مفاجأة بكل المقاييس أن تجد امرأة فى الفيلم تروى كيف أنها محتفظة بعلاقة
مع رجل
آخر غير زوجها تمارس معه الجنس يوميا وتجرب معه كل الأوضاع
الجنسية.
عليك
أن تسمعها وهى تقول أن فكرة وجود امرأة على السرير مع أكثر من رجل هى فكرة
مثيرة
جدا خاصة عندما يلتهمك الفضول لمعرفة ما الذى فعله كل منهم
لإرضائها.
محظورات
وممنوعات
عندما سألنا «عمرو بيومى» عن فكرة الفيلم قال «فى البداية كانت
الفكرة التى تشغلنى هى إعطاء الفرصة لبعض النساء للحديث بصراحة
عن لحظة الأورجازم
أو النشوة الجنسية وبمرور الوقت اكتشفت أن هذه مجرد جانب من جوانب أخرى
عديدة ومهمة
ولكنى صدمت بخلو المكتبة العربية من كتب تتطرق إلى قضايا جنسية كثيرة
ومتشابكة
الأمر الذى جعلنى أصنع هذا الفيلم».
«عمرو
بيومى» قال لنا معلومة مهمة وهى
أن د.أحمد أبو زيد أحد المتحدثين فى الفيلم أخبره أنه أثناء وجوده فى أواخر
الثمانينيات بالمركز القومى للبحوث كان مشرفا على دراسة ميدانية كبيرة باسم
«الإنسان
ورؤى العالم» تضمنت فى أحد أجزائها حوارات مع المواطنين عن الجنس ولكن كل
نتائج الدراسة تم التحفظ عليها ووضعها فى الأدراج بعد أن انتقلت قيادة
المركز إلى
شخصية أخرى.
القضية بالنسبة لـ«عمرو بيومى» هى أن «نظرتنا للجنس مرتبطة
بنظرتنا للحرية، تلك النظرة التى طالما أثرت على الأدب والفنون مثل ألف
ليلة وليلة
ومثل فيلم «بالألوان الطبيعية».. فالجنس يظل دائما مركزا له أطراف كثيرة».
عمرو قال لنا أنه مصدوم من كم المواد الجنسية التى أصبحت موجودة على هواتف
المصريين المحمولة، فحتى الفلاحين والبسطاء أصبحوا يفردون لهذه
المواد مساحات كبيرة
فى حياتهم.
فى النهاية سألنا «عمرو» عما إذا كان مستعدا للمعركة التى
بالطبع سيثيرها فيلمه فكان رده «الطرح الجاد الذى أقدمه هو دفاعى الوحيد».
روز اليوسف اليومية في
01/01/2010 |