تعامل فيلم (personal effects)
أو كما عرض تجاريًا في إحدي
الصالات المصرية تحت عنوان (الغضب) مع منطقة المشاعر والأحاسيس الإنسانية
فأبدع
وأمتع. الفيلم أمريكي كتب له السيناريو وأخرجه «ديفيد هولاندر»
ولكنه عمل مختلف
يذكرك علي نحو ما بالأفلام الأوروبية وتحديدًا الفرنسية التي تقدم لمسات
وتحليلات
تهز المشاعر للعواطف وللانفعالات، والصعوبة هنا أن الفيلم - الذي يبدو
كمشهد واحد
طويل متصل - يتعامل مع إحساسين معقَّدين ومرتبطين ولكنه ينجح
في نقلهما بامتياز:
الأول هو الشعور بالفقد عندما يغيّب الموت شخصًا عزيزًا فيتحول العالم إلي
فراغ،
والثاني هو الإحساس بالحب الذي يحوّل العالم إلي أطياف مُلَّونة. الفقد
والحب هما
وجهان لعملة واحدة، والفيلم يقدِّمهما بهذا المعني من خلال تفصيلات غاية في
الدقة
والعذوبة، ربما كادت مشاهد ما قبل النهاية أن تدمِّر كل شيء، ولكننا عدنا
أخيرًا
إلي شاطئ السلامة لنستمتع بأحد أجمل وأرق أفلام العام
الأجنبية، وليستمر الجدل بين
فقدان الحياة واستعادتها من جديد من خلال الحب.
ولأن الفيلم يعتمد بشكل
كامل علي تلك اللمسات، فإن هناك صعوبة حقيقية في أن تقدم عنه للقارئ صورة
متكاملة،
علي سبيل المثال: يمكن أن تتحدث عن بطلة الفيلم - وهي سيدة في
منتصف العمر، ويمكن
أن تنقل كلمات دعوتها لبطل الفيلم - وهو شاب في الرابعة والعشرين من عمره،
لكي يحضر
معها مناسبة أحد حفلات الزفاف، ولكن ما لا تستطيع أن تنقله تعبيرات وجهها
وتعبيرات
وجهه. كلماتهما تقول إن حضورهما الحفل نوعٌ من العمل، ولكن
الوجوه تقول إنهما
كاذبان. هذا فقط مجرد نموذج للطريقة التي تعامل بها السيناريست المخرج في
موضوعه،
وقد نجح تمامًا في توظيف اللقطة الكبيرة المقرَّبة لإشباع لحظاته الإنسانية
في كثير
من المشاهد، وانطلق الممثلون ليعبِّروا ليس فقط عن المعاني
المباشرة، ولكن عن
المعاني العميقة، فأضافوا وتوحَّدوا مع شخصياتهم، ووصل إلينا كل شيء لأن ما
يصدر من
القلب يصل إلي القلب.
ثنائية الفقد والحب موجودة عند بطلي الفيلم: «ليندا»
(ميشيل
فايفر) التي قتل زوجها «لاري» بالرصاص، والتي تعاني من صدمة ابنها المراهق
البدين «كلاي» - وهو الأصمّ الأبكم - من هول الحادث، والاثنان ينتظران حكم
القضاء
علي القاتل، «ليندا» - كما ستقول عن نفسها - تعودت علي
الانتظار طوال حياتها،
ومشاعرها تجاه زوجها الراحل لا تخرج إلاّ في صورة دموع أثناء حضورها حفلات
الزفاف
التي تعمل في مجال تنظيمها لحساب إحدي الجمعيات. علي الجانب الآخر، يعاني «والتر» «آشتون كوتشنر» من قصة أخته الوحيدة «آني»
التي قتلت في إحدي الحانات. شاب عملاق
يمارس المصارعة وتفوق فيها لينضم إلي المنتخب، ويعمل في
الترويج لمبيعات أحد محلات
الدجاج، حيث يرتدي بدلة صفراء علي هيئة دجاجة، ويعرض علي المارة تجربة
أصناف الطعام
ليتلقي عبارات السباب.
لكن كل شيء تغير بعد مصرع أخته. أصبح جزء كبير من
وقته يقضيه في المحكمة يستمع إلي محامي المتهم بقتل أخته يصفها بالعاهرة،
يعود إلي
المنزل ليرعي ابنة أخته الصغيرة ويحاول تعويضها. ويتعامل مع أمه العجوز
بأقل قدر من
الكلمات، الأم تحاول أن تخرجه من حالته وتدِّعي التماسك،
ولكننا سنكتشف كم هي هشَّة
وضعيفة عندما تنهار وهي تبيع أسطوانات الابنة الراحلة، وتحاول استردادها
بعد أن دفع
المشتري نقوده. ومرة أخري، لا يمكن وصف هذه المشاهد، وإنما لابد أن تراها
لتصلك هذه
المشاعر النبيلة.
في المحكمة وفي جلسات الفضفضة النفسية تلتقي «ليندا» مع
الشاب المصارع الخجول الذي لا يشرب ولا يرقص ولا يدخن، والذي تصفه هي -
فيما بعد -
بأنه «دجاجة حزينة»، ولأنها تنظم حفلات
الزفاف ستدعوه لمرافقتها لمجرد أن يسيطر
عليها عندما تبكي إذ تتذكر زوجها الراحل، ولأنه يلاحظ معاناة
ابنها وسوء تكيفه مع
ظروفه النفسية، فإنه يتبني فكرة أن يجعله يتدرب معه علي المصارعة.
الحب
يبدو هنا كما لو كان الدواء الوحيد المتاح لتعويض الاحساس بالفقد والغياب،
رغم أنه
تعويض غير كامل.
الحب سينمو «رغم فارق السن - بين «ليندا» و«والتر»، ابنة
الأخت الصغيرة ستجد في «والتر» ما يعوض غياب الأم، و«كلاي» سيجد فيه بديلاً
عن الأب
الغائب، وسيتأكد هذا المعني عندما تعطي «ليندا» مسدس الأب الفارغ الذي
يحمله «كلاي»
لـ«والتر»، وفي خلفية الأحداث ظلال
المحاكمة لقاتل «آني» ولقاتل «لاري» وينسج
السيناريو عدة مشاهد بارعة سواء بين «ليندا» و«والتر» أو بين «والتر»
و«كلاي» أو
بين «والتر» وأمه العجوز وابنة أخته الطفلة، كلها تركز علي أننا نموت
بالفقد ونحيا -
ولو مؤقتاً - بالحب. ورغم أن «والتر» وهو
عمود الفيلم «الأساسي » ضخم البنيان»
إلا أنه «طيب القلب» - يحب أخته الراحلة، وينتظر أن يحدد موقفه من المتهم
بقتلها
وفقاً للحكم. في الجزء الأخير من الفيلم يصدر الحكم بإدانة قاتل «لاري» في
حين يبرئ
المحلفون قاتل «آني». يقرر «والتر» أن ينتقم لأخته فيهاجم
المتهم بعد تبرئته، وفي
مشهد آخر جيد يبكي الرجل مؤكداً أنه لم يقتلها أبداً، بل دافع عنها ضد
آخرين حتي
النهاية، ورغم ذلك يظل «والتر» فاقداً اتزانه، وهنا يقع بعض الاضطراب في
تصرفاته
حيث يقرر الابتعاد عن «ليندا» وابنها «كلاي»، ويزيد الاضطراب
عندما يقرر «كلاي» أن
يحمل مسدس والده ليقتل الرجل المتهم بقتل شقيقة «والتر»، الغريب أن «والتر»
نفسه
تراجع عن قتله، ويقود هذا الاضطراب في النهاية إلي إطلاق كلاي النار علي
المتهم
البريء فيصيب «والتر»، واستهدف السيناريو بهذا المشهد المفتعل
تماماً أن يذهب «كلاي»
إلي السجن، وأن يعود «والتر» مصاباً إلي «ليندا» أي أن ما استعادته «ليندا»
بالحب بعودة «والتر» فقدته بذهاب ابنها «كلاي» إلي السجن لتستمر ثنائية
الفقد والحب
حتي النهاية. المعني جميل، ولكن التجسيد الدرامي، ضعيف ومفتعل ولا يليق
بفيلم يغزل
أحداثه علي مهل وبذكاء وبتفصيلات إنسانية مؤثرة.
لكن التجربة عموماً أكثر
من جيدة. هناك مشاهد بأكملها قدمت بإتقان وبراعة من خلال مشخصاتية
وموهوبين. وبصفة
خاصة كانت المفاجأة بالنسبة لي في أداء آشتون كوتشنر الذي لم يثبت فقط أنه
مشخصاتي
بارع ولكنه قدم أيضاً أحد أفضل أدواره. لقد كنت أراه مجرد ممثل وسيم طويل
عريض يصلح
لمسلسلات «السيت كوم» أو للأفلام الخفيفة، ولكننا هنا أمام ممثل شديد الوعي
امتزج
مع شخصية «والتر» فأصبح جزءاً منها وأصبحت جزءاً منه، لم تفلت
منه لحظة واحدة أعقد
المشاعر والأحاسيس من الخجل إلي الغضب إلي الانتقام إلي الشعور بالعطف
والحب: بل
إنه قدم لمسات كوميدية جيدة في مشهد السيطرة علي بكاء «ليندا»، أما ميشيل
فايفر»
فقدمت أيضاً كل مشاعر السيدة العاشقة في منتصف العمر، بالإضافة إلي أحاسيس
الأم
التي تخاف علي ابنها الوحيد، والزوجة التي تحولت إلي أرملة بعد حادثة
عبثية،
وبالطبع فإن المخرج «ديفيدهولاندر» وقيادته لممثليه كانت وراء
إجادة الجميع بمن
فيهم الممثل الذي لعب دور المتهم البريء بقتل الأخت «آني» الذي ظل صامتاً
طوال
مشاهد المحكمة، ولكنه الصمت البليغ الذي يتجاوز الكلام.
غلبت علي الفيلم
الدرجات الرمادية مع لقطات قليلة كانت الألوان فيها أقرب إلي الدفء من
الواضح أنه
لا شيء عند صناع الفيلم يعوض غياب الأحباب الذين ننتظر
عودتهم.. دون ملل!!
روز اليوسف اليومية في
21/04/2010
الدورة الـ26 لمهرجان الإسكندرية السينمائي بدون مصر
كتب
rosadaily
أكد وليد سيف نائب رئيس مهرجان الإسكندرية السينمائي أنه اتفق مع
القائمين علي المهرجان بأن دورته الـ26 التي تقام خلال الفترة
من 14 إلي19 سبتمبر
المقبل من المقرر أن تقام بدون مشاركة أفلام مصرية في حالة عدم العثور علي
فيلم
جيد. وأضاف: سوف نكتفي بأن يكون المهرجان لحوض البحر المتوسط وأعتقد أن هذا
الكلام
لا يغضب أحداً خاصة أن وجود مهرجان مصري بدون فيلم من مصري
أفضل بكثير من أن يضم
فيلماً ليس علي مستوي السينما المصرية والمهرجانات الدولية، وقال: هناك
صعوبة في
العثور علي فيلم مميز هذا العام بشكل يفوق الأعوام السابقة نظراً لقلة
الإنتاج
السينمائي.
مشيراً إلي أن إدارة المهرجان تلقت حتي الآن بما يقرب من أربعين
فيلماً من دول مختلفة وهذا غير مسبوق نظراً لأن الوقت مازال
مبكراً جداً، ولكن بدأت
لجنة المشاهدة عملها بالفعل برئاسة محيي الدين فتحي وتحت اشراف أحمد الحضري
وهي تضم 12
عضواً من النقاد والمؤلفين، ومن بين
الأفلام التي تم عرضها علي لجنة المشاهدة
«الراقصة
واللص» من إسبانيا «والبارونات» إنتاج مغربي بلجيكي وفيلم «الذئب» إنتاج
يوناني وفيلم «6 و 9» من سلوفانيا والفيلم الألباني «اهتمامات شخص بدين» ،
«علي قيد
الحياة» «السود» من كرواتيا وأيضاً، فيلم «الدواحة» من تونس،
وأوضح سيف أن إدارة
المهرجان اشترطت أن تكون كل الأفلام المشاركة» حديثة علي أن يتراوح تاريخ
إنتاجها
ما بين 2009 و2010 ومن بينها أفلام البانوراما هذا بجانب تركيز المهرجان
علي سينما
المرأة المبدعة بجانب طرح السينما التي تناقش مشاكل وقضايا
المرأة ورغبة في
مساندتها في الحصول علي المزيد من حقوقها والاحتفاء بها أيضاً في مجال
السينما،
خاصة أنها تميزت في التصوير والإخراج والسيناريو ولها أيضاً نجاحات كثيرة
في
المونتاج.
وسوف نلقي الضوء علي الأفلام التي تحدثت عن المرأة وساهمت في أن
تحصل علي حقوقها حتي إن كانت غير مباشرة أو كوميدية مثل فيلم
«كرامة زوجتي» و«مراتي
مدير عام» و«الزوجةرقم 13» وأكد وليد سيف أنه يجري حالياً اتصالات بعدد من
صناع
الأفلام المصرية أملاً في العثور علي فيلم جيد وأشار إلي أنه يفكر في
الحديث مع
المخرج إبراهيم البطوط ليسرع في الانتهاء من تجهيز فيلم «حاوي»
الذي يتحدث عن
الإسكندرية، خاصة أن موضوع الفيلم سوف يكون ملائماً بعد اختيار الإسكندرية
عاصمة
للسياحة.. وبالنسبة للنجوم الذين سيتم تكريمهم هذا العام قال لم نحسم
الاختيار بعد،
ولكن الإدارة اختارت نجلاء فتحي لتكون ضيف شرف المهرجان.
روز اليوسف اليومية في
21/04/2010 |