إن مصطلح الدبلجة مستقى من الكلمة الفرنسية <>دوبلاج>>
ويستخدم للدلالة على التعريب الصوتي للإنتاج الفني
التلفزيوني والسينمائي من أصولها الأجنبية كالمسلسلات والأفلام إلى اللغة
العربية.
وقد كانت للدبلاج باللغة العربية الفصحى في أعمال الأطفال والكرتون تجربة
ناجحة
للطفل العربي. ولكن ماذا يمكن أن نقول تجاه تاريخ الدبلجة للكبار الذي
انطلق مع
المسلسلات المكسيكية التي رفضها الكبار وأندمج معها المراهقون والمراهقات..
صبايا
جميلات، ثقافة مختلفة، خروج صارخ على القيم والتقاليد.. ونجحت حتى مل منها
المشاهد.
ولكن تسارع خطوات التطور الإعلامي وبروز عصر الفضائيات والقنوات الخاصة، أو
القنوات
التي تتخفى خلف رؤوس الأموال الحكومية تحت غطاء قنوات خاصة، أصبحت هذه
المحطات
نفسها في الغالب هي التي تتولى عملية الدبلجة، فبرزت في السنوات الأخيرة
التجربة
التركية بمسلسلاتها وأفلامها، قبل أن تمتد التجربة نحو السينما الأميركية
والأفلام
الهندية، ولم تعد اللغة الفصحى هي بوابة عملية الدبلاج، لا بل أضحى الأمر
استعادة
لتاريخ الملوك والطوائف في بلاد الأندلس، إذ تم تهميش اللغة الفصحى، وهناك
تهميش
بالتأكيد للترجمة.
فهل الدبلجة تأكيد على قبول الأمية بدل العلم.. تسريب ثقافة
بدل ثقافتنا العربية رغم عللها؟
ونحن هنا نسأل، مجرد سؤال فقط:
لماذا دبلجة
المسلسلات التركية باللهجة الشامية؟ حتى توهم البعض أنها مسلسلات سورية
<>بنيو
لوك>>؟
أفلام هندية مدبلجة باللهجة الكويتية، وحسب تقدير
المحطة الفضائية أن اللهجة الكويتية هي التي تناسب الأفلام الهندية؟ ونحن
لا ندري
لماذا؟ إلا إذا الأخوة في الكويت يعرفون سر قرب لهجتهم من اللغات الهندية
بتنوعها
فيشرحون لنا هذا السر العظيم!!
أفلام أميركية مشهورة تدبلج باللهجة اللبنانية،
ولا ندري لماذا اللهجة اللبنانية، هل لثقافتهم الفرنسية علاقة؟ الله أعلم.
هل
قامت هذه الخيارات على دراسات علمية عربية أو أميركية أو سورية أو كويتية
أو....
هل تم استبيان هذه الشعوب لنقل هذه الملوك والطوائف وهي تنازع الرمق
الأخير من كل ما يشكل هويتها، قبل أن تتم هذه المحاصة في اختيار اللهجات؟
وقبلها
اختيار ثقافات تختلف عن ثقافتنا العربية.
في هذا الملف فتح أفق السؤال، وللجميع
حق الجواب والمشاركة.
*
شرح بالمعاني للعناوين
.1
سعابيل في اللهجة الكويتية
هي اللعاب الذي يسيل من فم الطفل الرضيع!
.2
تشكلي آسي في اللهجة السورية هي من
تعلق لي نبت الريحان. ويقصد بها يموت فتعلق الريحان على قبره.
هيفاء حسين: الدبلجة
الكويتية مضحكة
ترى الفنانة هيفاء حسين أن الدبلجة تتطلب ممثلا محترفا فهي أصعب من
التمثيل التلفزيوني. فالعملية تعتمد على الصوت بنسبة 100%، فهذه مهمة جدا
صعبة،
و>>اعتقد
أن هذا الأمر لكي يتحقق بشكل احترافي يجب أن يكون الممثل
محترفا>>،
وبالحديث عن الأفلام الهندية التي دبلجت إلى اللهجة الكويتية أو
الخليجية بينت أن الدبلجة كانت مضحكة لأنها لم تكن على مستوى احترافي عال.
ورفضت
هيفاء أن تستبدل اللهجة الدارجة أو الإقليمية بنظيرتها بالفصحى مبينة أن
اللهجة
الدارجة أو الإقليمية اقرب إلى الناس والمجتمع، فعلى الرغم من وجود تجارب
دبلجة
المسلسلات المكسيكية إلى الفصحى فقد كانت موضة حينها ونجحت تلك التجربة في
وقت
معين.
بحر: أنا ضد الدبلجة بهذه
الصورة
«أنا
ضد هذا النوع من الدبلجة بهذه الصورة، من الممكن أن تكون
الدبلجة باللغة العربية الفصحى أو أن تعرض الترجمة على الشاشة، بهذه الصورة
هي أصدق
وأفضل بكثير.
لا يوجد من وجهة نظري سبب مقنع للقيام بهذه الدبلجة، إذا كانت
المحطة تعتقد أن غالبية المشاهدين يريدون ذلك، فيجب عليهم أن يقوموا
باستطلاع آراء
عينة وشريحة كبيرة من المشاهدين عن طريق استبانة.
معظم المحيطين بي يستنكرون هذه
الدبلجة ويرون أنها تساهم في تخلف البشر، فمن خلال متابعة الفيلم بلغته
الأصلية
أتعلم اللغة الأصلية، وهذا يساهم في تطوير مهارات الإنسان».
فاطمة عبدالرحيم: لم
أتقبل الأفلام الهندية المدبلجة
قدمت الأعمال المكسيكية في فترة من الفترات بالفصحى وكانت محط أنظار
الناس رغم أنها لم تكن تمثل مجتمعنا ولكن أحبها الجمهور وعاشت لسنوات وكانت
موضة
جديدة، وعندما عرضت الأعمال التركية مدبلجة للسورية لم نشعر أن الأعمال
التركية
فقدت مضمونها فهي في مضامينها قريبة جدا من الوطن العربي، وربما تقبل
الجمهور هذه
الأعمال لأننا أصلا لم نشاهد الأعمال التركية بلهجتها الأصلية. أما بالنسبة
لدبلجة
الأفلام الهندية إلى الخليجية قالت
<>كمتابعة
جيدة للأفلام الهندية فأنا
اعشقها ولم أتقبلها مدبلجة. فأعتقد أن الأفلام الهندية يجب ألا تدبلج.
فالشارع
الخليجي قريب منها والمشاهد الخليجي كذلك، حتى أن الأغلبية تعرف اللغة
الهندية.
فالسينما الهندية صاحبة شعبية كبيرة في الخليج وتجني أرباحا طائلة.
ملك: لا أستسيغ
الدبلجة
«لا
أتابع ولا أستسيغ هذه الدبلجة، لا أقتنع بالوجه التركي للممثلين
وهم يتكلمون بلهجة مختلفة، هذه الطريقة تقلل من صدقية العمل نفسه، فعندما
ينفعل
ممثل بطريقة زائدة عن اللزوم أو بطريقة غير منطقية هذا يسيء للعمل، حتى على
الصعيد
الفني الدبلجة تؤثر على الموسيقى التصويرية وعلى المؤثرات الخاصة للفن
لأنها لا
توضع بالإتقان نفسه. هذه الدبلجة تقلل من احترام المشاهد في نظري، وقد تسبب
مستقبلاً تدني الذوق العام، هذا تشويه للأعمال الدرامية، ونشعر بعدم
التلقائية
عندما نستمع إليها من الممكن أن تكون مقبولة في المسلسلات الكارتونية.
حالياً
قلب العالم هو الخليج العربي، الأعمال الدرامية أصبحت منتشرة في مختلف
أنحاء العالم
العربي، فعبر هذه الدبلجة من الممكن أن تنتشر ثقافة أو لهجة كما انتشرت
اللهجة
المصرية عبر الأعمال الدرامية المختلفة.
فادي إسماعيل: الذائقة
العامة للمشاهدين تتقبل الدبلجة
وفي إجابته على السؤال قال فادي إسماعيل مدير عام الخدمات الإنتاجية
في مجموعة
MBC
عندما بدأنا بدبلجة الدراما المكسيكية إلى اللغة العربية الفصحى قبل
أكثر من عقد من الزمن، كانت الذائقة العامة للمشاهدين تتقبل تلك الدبلجة
وتتفاعل
معها وهو ما أثبت نجاحاً كبيراً وقتها.
أما اليوم فنحن مطالبون كمجموعة إعلامية
رائدة بالاستمرار في تقديم كل ما هو جديد ومبتكر بحيث يلبّي الحاجات
المتطوّرة
والمختلفة للأجيال المتعاقبة من المشاهدين، مع المحافظة بالطبع على قيمنا
وأصالتنا،
لنستمر بالتالي في إرضاء الذوق العام، وإن كان إرضاء الناس - كما نعرف -
غاية لا
تُدرك. واليوم وبعد أن حقّقت الدراما التركية التي أطلقتها MBC
نجاحاً منقطع النظير
في العالم العربي.
لقد عمدنا إلى دبلجة الأفلام الهندية إلى اللهجة الخليجية،
وكذلك قمنا بدبلجة بعض الكوميديا الأميركية الخفيفة إلى اللهجة المصرية
المَحكية،
وذلك لثقتنا بأن اللهجة العربية الفصحى تناسب أكثر الأعمال الكلاسيكية التي
تتطرّق
إلى حقبة زمنية قديمة. فالعربية الفصحى اليوم ليست لغة
<>الدراما>>
العربية، إذ لدينا كما نعرف: الدراما المصرية والسورية والخليجية وسواها،
حيث يقوم
كل بلد بتقديم الدراما الخاصة به بلهجته المحكية، لتعكس ثقافته ونمط حياته،
وهو ما
يتقبّله كل المشاهدين العرب على امتداد العالم العربي، والذين باتت مسامعهم
تستسيغ
جميع اللهجات العربية المحبّبة.
ومن هذا المنطلق، فقد ارتأينا دبلجة كل عمل إلى
لهجة عربية محبّبة بحيث تقترن كل لهجة بنوع مختلف من الدراما أو السينما،
مع حرصنا
على تلبية جميع الأذواق عبر تنويع اللهجات. وقد حثّنا على المضي قدماً بتلك
المبادرة استطلاعات الرأي التي أجرتها وتجريها لصالح MBC
شركات عالمية
متخصصة.
وقد أكّدت تلك الاستطلاعات بالأرقام، رضا الأغلبية من المشاهدين
وتقبّلهم لما نقدّمه من أعمال مدبلجة، لذا فنحن مستمرّون في هذه الخطوة
طالما
توافقت مع أذواق مشاهدينا الأوفياء الذين وضعوا ثقتهم بنا منذ قرابة 20
عاماً،
وكذلك معلنينا الذين يجدون في شاشاتنا المختلفة نوافذ على المشاهدين العرب
على
اختلاف أطيافهم ومشاربهم وشرائحهم العمرية.
ماذا يقول المشاهد البحريني
البعض مدمن عليها.. والبعض «حشر مع الناس عيد»
عشق ومتابعة دائمة
تقول مريم طالبة (جامعية تخصص إدارة أعمال) «أعشق
المسلسلات المدبلجة، ويوجد فيها ما هو غير متوافر في الأعمال الدرامية وهو «الصدق»،
وتعتقد أنهم لا يجملون أنفسهم ويتقمصون الشخصيات بكل بساطة، ولا يبالغون
في الأداء مثل الممثلات الخليجيات أو المصريات».
وحين سألتها عن الدراما
السورية، قالت «حلوة بس ما أتابعها ولم أحب مسلسل «باب الحارة».
«التركية»
نعم.. غيرها لا
اما فوزية وهي ربة منزل متعلمة تقول «أتابع المسلسلات التركية
المدبلجة، ولكن لست من المتابعين للأفلام الأميركية المدبلجة لأنها بعيدة
عن
ثقافتنا، وأرى في المسلسلات التركية قضايا متنوعة وجديدة، وتمتاز بالبساطة
وعدم
التكلّف مثلما نرى في المسلسلات الخليجية التي تركض فيها الممثلات وراء
عمليات
التجميل مع أداء سيئ، كما أن معظم هذه الأعمال تكرر نفسها ولم تستطع أن
تقدم الجديد
مع أن المجتمعات الخليجية مليئة بالقضايا والقصص، وتمتلك مقومات اختلاف
البيئة بين
القرية والمدينة وأهل الصحراء».
وعن استمرارها في مشاهدة المسلسلات المدبلجة
أكدت إنها لم تنقطع عن مشاهدة أي مسلسل تبثه قناة
MBC
بشكل متتابع.
تفقد
الدراما قيمتها
أما سميرة بلال (موظفة)، فتقول إنها ترى عكس الآخرين «أتابع ما
يعرض في القنوات من أعمال مدبلجة»، ولكن لا تشكل لها اهتماماً أساسياً في
حياتها
اليومية، وترى أن الدبلجة تفقد الكثير من قيمة العمل الفني، ولكنها تتابع
بشكل كبير
المسلسلات الخليجية «لأنها تنطوي على تنوع درامي».
قتل للمتعة الفنية
أحد
المتابعين يقول «هذه الأفلام الهندية المدبلجة أصبحت للمتعة والكوميديا،
وهذا تحول
كبير وضياع معنى وقيمة الفيلم، ويتحول إلى مسرحية كوميدية. أما اللهجات
الأخرى فهي
تقتل المحيط الصوتي من ناحية المؤثرات الصوتية والتفاصيل الصوتية التي تضيع
مع
الدبلجة وتبقى للصوت الأصلي متعته الخاصة».
وأضاف «أغلب المشاهدين الذين أعرفهم
خسروا متعة المشاهدة الأصلية وقراءة الترجمة، وأعتقد أن الدبلجة للضحك
والكوميديا،
أما في المسلسلات التركية فتكمن خطورتها في نقل ثقافة أخرى إلى الثقافة
العربية»
عدد كبير يطالب بوقف «هذه المهزلة»
مجموعات وصفحات «فيس بوك» ضد دبلجة الأفلام للعربية
تقوم قناة «إم بي سي ماكس» بالدبلجة منذ بداية بثها بعرض مجموعة من
الأفلام الأجنبية والهندية، لكن الجديد في هذه الأفلام هو أن القناة قامت
بدبلجتها
باللغة العربية، لكن هذه الدبلجة ليست باللغة العربية الفصحى، بل بالعامية
الخليجية، والعامية الشامية وغيرها، والسبب المعلن في ذلك هو محاولة لتقريب
هذه
الأفلام من المشاهد العربي، فهل نجحت المحطة في ذلك؟
من أبرز وسائل التعبير عن
الرأي هذه الأيام هو موقع «فيس بوك»، حيث حاولت «الوقت» أن ترصد ردود الفعل
على
الموقع الاجتماعي الشهير على دبلجة الأفلام على «أم بي سي ماكس».
ثلاث صفحات
رئيسة
توجد على «فيس بوك» ثلاث صفحات رئيسة تهاجم دبلجة الأفلام إلى اللهجات
العامية، ولا توجد أي صفحة على الموقع تؤيد ما تقوم به المحطة، وتوجد صفحة
واحدة
وهي صفحة القناة شبه الرسمية وفيها يوجد عرض لبرامج القناة ولا يوجد فيها
أي انتقاد
للدبلجة العربية للأفلام الأجنبية.
مهزلة مثيرة للسخرية
إحدى الصفحات على
الموقع يبلغ عدد أعضائها عشرين عضواً، وضعت صورتها الرئيسة علامة «كفاية»،
وعلى
صفحتها الرئيسة كتب «بقى على آخر الزمن فيلم بريف هارت يبقى مدبلج، كده
الفيلم
ضاع». هذه إشارة إلى عرض الفيلم القلب الشجاع على القناة مدبلجاً بإحدى
اللهجات
العامية، وأن الفيلم فقد بريقه بهذه الصورة.
والتفاعل على هذه الصفحة محدودة
للغاية، ويبدو أن السبب في ذلك يعود إلى قلة أعضائها نسبياً بعكس بقية
المجموعات
والصفحات على الموقع.
معاً لوقف الدبلجة العربية
هي أكبر صفحة على «فيس بوك»
ضد دبلجة الأفلام الأجنبية إلى اللغة العربية، يبلغ أعضاء هذه الصفحة 16
ألفاً و860
عضواً، تتنوع جنسيات أعضائها، والهدف الأساسي منها هو توصيل صوت أكبر عدد
ممكن من
المتابعين للقناة بأنهم ضد الدبلجة.
في صفحة المناقشات في المجموعة، أحد
الموضوعات وضع السؤال التالي «من يستطيع أن يتابع فيلماً مدبلجاً
للنهاية؟»، معظم
إجابات الأعضاء كانت بالنفي، بل إن أحد الأعضاء قال «القناة الله يرحمها
كانت حلوة
جداً، يكفي تحولت (أم بي سي 4) للمسلسلات التركية المدبلجة للهجة السورية
بصورة
سخيفة للغاية».
الجميع أكد أنه هذه الدبلجة تسيء للأفلام جداً، وأن القيمة
الدرامية للعمل تقل كثيراً هكذا، فالقيمة الفنية والدرامية لأي عمل،
المناقشة
الرئيسة في هذه الصفحة كانت تحت عنوان «إلى متى؟».
لا للترجمة الرديئة
«أكره
أن تترجم أم بي سي الأفلام إلى اللهجات العربية»، هذا هو شعار ثالث صفحة ضد
دبلجة
المحطة للأفلام الأجنبية، وأن أعضاء هذه المجموعة توقفوا عن مشاهدة المحطة
بعد أن
قامت القناة ببدء إذاعة الأفلام المدبلجة، بل قام أعضاء الصفحة بالسخرية
بصورة
منتظمة من كل ما تعرضه المحطة من أفلام مدبلجة، وتقوم الصفحة بعمل مناقشات
بين
الأعضاء حول أسباب دبلجة القناة للأفلام، لكن وكما يرون، فإنه لا يوجد أي
مبرر من
أجل القيام بذلك.
يوجد من بين المناقشات على هذه المجموعة دفاع عن القناة،
واتخذوا مبرراً لذلك أن هناك من قام بطلب القيام بذلك من أجل تسهيل متابعة
هذه
الأفلام على المشاهدين العرب وخصوصاً كبار السن منهم.
يشار إلى أن عدد أعضاء هذه
المجموعة يبلغ 3 آلاف و225 عضواً.
اختصاصيو اللغة العربية:
الفضائيات تفوِّت على نفسها ما عجزت عنه الأحزاب!
دائماً ما شكَّل استخدام اللهجات المحلية في الأدب العربي نقاشات
تخصص لها الندوات والمؤتمرات منذ طه حسين وتوفيق الحكيم وحتى يومنا هذا.
وقد شكَّلت
الدبلجة إشكالية عند اللغويين واختصاصيي اللغة العربية. هنا رأيان
اختصاصيان حول
هذا الموضوع.
يقول عبدالكريم حسن: لقد أخذ موضوع استخدام اللهجات العامية في
المجال الأدبي الكثير من النقاشات والحلقات والأوراق دخل فيها رواد الأدب
العربي من
أمثال توفيق الحكيم وطه حسين وغيرهما، وكانت هناك تيارات مع استخدام
اللهجات
المحلية في الأدب وآخرون ضد استخدامها، والكلام بالفصيحة المخففة إن كانت
الشخصية
المكتوبة تتكلم السوية.
وتشكل اللهجات أهمية حضورها في علم الفلكلور، والذي
تشكل فيه اللهجة ضرورة معرفية.
ولقد تابعنا في السابق نجاحا موفقا إلى اللغة
الفصيحة في دبلجة المسلسلات المكسيكية ومسلسلات الأطفال، بل كان هناك إقبال
جميل،
أكد عدم صحة أن اللغة الفصيحة ستكون ثقيلة على أذن المشاهد، بل بالعكس جاءت
مناسبة
وجميلة ورائعة.
أما الدبلجة باللهجات المحلية لا نجد لها أي ضرورة. ويجب على
الفضائيات أن تحافظ على اللغة الفصيحة في هذه الأعمال المدبلجة؛ لأنها تقدم
لأول
مرة في تاريخنا العربي الوحدة العربية على طبق من ذهب، أكثر مما تفعله أي
أحزاب
سياسية.
ويقول عبدالحميد المحادين حول الموضوع: إن الدبلجة وهي تحويل النطق
مترجما فعليا عن طريق الحوار إلى اللغة العربية الفصيحة أو المحلية، وهي
بطبيعة
الحال عمل شاق جدا وهو بوابة من بوابات تبادل الثقافات، إنما لا أرى الخطر
في
الدبلجة، إنما الخطر في المسلسلات نفسها، حيث إنها تدخل إلينا ثقافة قد لا
تتوافق
تماما مع ثقافتنا.
صحيح أن ثقافتنا اهتزت وأصبحت الآن تميل وخصوصا في الدراما
التلفزيونية إلى الهبوط، لكنه هبوط يستند على ثوابت ثقافتنا.
إن الدبلجة بطبيعة
الحال تسهل على المجتمع أو المتلقي الذي لا يجيد، أو ربما لا يقرأ الترجمة
التي
ترافق عرض المسلسل أو الفيلم، فيستسهل الدبلجة ويتعلق بها، وهذا يجعله
يتأثر
بالمعطيات التي تتضمنها هذه المسلسلات التي نبتت في أرض مختلفة وتحمل ثقافة
مختلفة.
وإذا نظرنا إلى الدبلجة المحلية، فإننا نكون قد جملناها مرتين، مرة
باللغة العربية أو اللهجة المحلية وبالتالي هي، أي المسلسلات تقترب من
الإنسان
العربي العادي البسيط، وهؤلاء هم الزبائن الذين يستهلكون هذا النوع من
المسلسلات.
والمرة الأخرى تكون هذه الفضائية قد قدمت وجبة رديئة.
وهنا، لست أقف مع الدبلجة
بالفصيحة، فهي ليست متفوقة على الدبلجة باللهجات المحلية، المستويان يحملان
خطورة
على الإنسان العربي البسيط. وإننا جميعا نذكر كيف استولى
<>مهند>>
و>>نور>>
على الإنسان العربي، وكيف كانت استجابات المجتمع العربي على
هذا المسلسل، وكيف انكشفت ضحالة ثقافتنا أمام مسلسل تركي لا يحمل أي قيم
يمكننا أن
نستنسخها. وعلى أي حال، فإنني أرى أن الدبلجة بهذا الشكل ظاهرة ودليل على
أننا نعيش
عصرا من عصور انحطاط الدراما العربية، بدليل أننا نستهلك هذه السلع
الرديئة، ولا
نكاد نميز بين صناعتنا والصناعة الأجنبية، فنقبل عليها جميعا مأخوذين أما
بالجنس أو
الشهوة مع استسهال اللغة وهبوطها، وهذا أمرٌ أظنه خطيرا، ولكن حتى يجيء
عصرٌ آخر
سنظل نستهلك هذه البضاعة التي تخلو من الجودة.
الوقت البحرينية في
21/04/2010 |