نحن على بعد 20 عنوان من نهاية قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما التي
حصل أغلبها على مكان مميز في القمة، لتقديمها إضافة جديدة للفن السابع على
مستوى الفكرة والإخراج، مثل الأعمال الفرنسية والإيطالية التي ذُكرت أو
تميز فردي في الأداء مثل ذاك الذي قدمه الأميركي روبيرت دي نيرو من خلال
عدة أعمال خالدة خاصة مع المخرج الإيطالي الأميركي مارتن سكورسيزي.
وفي هذا المكان من الق ائمة، لا يمكننا أن نهمل فيلم «المواطن كين» الذي
يبقى دائماً في القمم رغم مرور 59 عاماً على ولادته، فهو ينافس باستمرار
على المراتب الأولى لأنه استطاع أن يخرج من التصنيفات المعتادة للأفلام،
مقدماً عملاً فلسفياً عن الهوية الإنسانية ومزجها بالتحليل النفسي الذي
تمثل بالأداء والموسيقى وزوايا التصوير، مما جعل هذا الفيلم ثورة في
المستوى الفكري للسينما.
«المواطن كين» من إخراج وتمثيل أورسن ويلس، وسبق أن وصفه البعض بأعظم
الأفلام على الإطلاق بسبب جمال الموسيقى وأسلوب السرد وقوة أسلوب التصوير،
وهو أول فيلم روائي يقدمه ويلس، وترشح لتسع جوائز أوسكار العام 1941 لكنه
حصد جائزة واحدة هي جائزة أفضل نص لويلس وهيرمان مانكفج.. وعلى الرغم من
أنه فشل على المستوى الجماهيري في دور السينما لأنهم لم يعتادوا هذا النوع
من الأفلام، إلا أن الإعجاب الأوروبي وبالأخص الفرنسي أعاد الحياة لهذا
الفيلم في العام 1956 فأصبح درسا مهما لكل من يريد أن يحب أو يتعلم
السينما.
وتعود السينما الفرنسية مرة أخرى من خلال فيلم «رجل.. هرب» «a man escaped»
من إخراج روبرت بريسون العام 1956 ومستوحى من مذكرات أندريه ديفغني أحد
أسرى الحرب العالمية الثانية في سجن فورت مونتلوك.. شخصية الفيلم الرئيسية
يدعى فونتين، وقد برع بريسون المخرج في تقديم معاناة الأسير في أيدي
النازيين فترة الحرب العالمية الثانية خاصة وأن كاتب النص عاش التجربة
والمخرج نفسه أيضاً كان أسيراً بحكم مشاركته في المقاومة الفرنسية ضد
النازية.
ويتحدث الفيلم عن سجناء فرنسيين لدى الجيش النازي يحاولون باستمرار الهرب
من السجن، وغالباً ما تفشل محاولاتهم وتصبح أصعب مع وضعهم في زنزانات أكثر
إحكاماً، لكن في النهاية تنجح محاولة الهرب حيث ينتهي الفيلم، إلا أن القصة
تسلط الضوء على القلم الذي فك أصفاد السجين ومن ثم الملعقة التي حفرت
الجدار الخشبي قبل حكم الإعدام، في محاولة لتصوير هشاشة الدكتاتورية
النازية أمام رغبة الإنسان في الحياة.
وفي المرتبة الـ 83 يجيء فيلم أميركي آخر بعنوان «رائحة النجاح الحلوة» «sweet
smell of success» من إخراج ألكسندر ماكندرك وتمثيل برت لانكستر وتوني كرتس وسوزن
هاريسون ومارتن ملنرن بينما كتب العمل كليفورد أوديتس مستوحى من رواية
لإرنست ليمان تتحدث عن كاتب مقال صاحب نفوذ يدعى هانسكر يستخدم علاقاته
ليدمر علاقة أخته برجل لا يقبل به. وفشل هذا الفيلم مثلما حصل مع الكثير من
الأفلام العظيمة في دور السينما على المستوى الجماهيري، إلا أنه حصد ردود
فعل إيجابية من النقاد حتى تم اعتباره من أهم أعمال السينما الأميركية في
العام 1993 وتم تحويل العمل إلى مسرحية موسيقية العام 2003.
ويظهر ألفريد هيتشكوك مرة أخرى في القائمة بفيلم «notorious»
أو «سيئ السمعة» من تمثيل كاري غرانت وإنغريد بيرغمان وكلود راينز في أدوار
جواسيس يعملون على قضية واحدة، حيث يعمل غرانت على اقناع بيرغمان -وهي بنت
جاسوس نازي سابق- للعمل في البرازيل، حيث انتقل الكثير من النازيين بعد
الحرب العالمية الثانية. وفيما تعمل بيرغمان في دور أليشا على اتمام مهمتها
في البرازيل، تقع في حب غرانت الذي قدم دور ديفلن، إلا أنه لا يبادلها
الحب، فتتزوج من ألكس لتتجسس عليه وعلى مجموعته من قرب.. في النهاية، غرانت
يبادلها الحب مع إتمام المهمة ويرحلان تاركين أليكس تحت رحمة النازيين.
ولربما يعتقد البعض أن فيلم «العراب» سيكون خاتمة هذه الحلقات إلا أنه يظهر
بجزأيه الأول والثاني في المرتبة الـ 85 وهو فيلم عصابات أميركي مستوحى من
رواية لماريو بوزو ومن إخراج فرانسيس كوبولا وتمثيل مارلن براندو وآل
باتشينو وجيمس كان وريتشارد كاستيلينو، ومن ثم يظهر روبيرت دي نيرو في
الجزء الثاني ليمثل فيتو كورليوني في شبابه ويحصد جائزة الأوسكار في أحسن
ممثل دور ثانوي. وحصل الفيلم على جوائز أفضل فيلم وأفضل ممثل وأفضل نص، كما
دخل سريعاً إلى معاهد وجامعات ومكاتب السينما ليكون ثاني أعظم فيلم أميركي
بعد «المواطن كين» حسب تصنيف معهد السينما الأميركية. ويجمع هذا الفيلم
قوته من خلال النجوم الذين شاركوا فيه وأخلصوا كثيراً في أداء أدوارهم،
ليقدموا للعالم قصة غريبة عن المافيات الإيطالية التي جاءت من صقلية وكبرت
في الولايات المتحدة.
الفيلم مليء بالقتل والانتقام، إلا أن هذه الأفكار مثلت جزءاً من الجاذبية
بالنسبة للجمهور العادي ليحقق أرقاماً كبيرة من حيث بيع التذاكر.. ومازالت
الشركة المنتجة بارامونت تحصد الكثير من بيعها لهذا الفيلم بطريقة الـ «دي
في دي» فهو الفيلم الأكثر شعبية في تاريخ السينما وفي ذات الوقت الأكثر
تقديراً من قبل النقاد والمهرجانات.. فالبعض يعتقد أن فريق العمل أحدث
معجزة من خلال هذا الفيلم لأنهم جمعوا فيه كوكبة صعبة من النجوم لقنوهم
الكثير عن الثقافة الإيطالية الأميركية، وعملوا بدقة على الأزياء والتفاصيل
التاريخية، كما عرفوا كيف يقدمون فيلما روائيا طويلا بطريقة ذكية دون
أخطاءن متوجة بموسيقى يحفظها الجميع من تأليف الموسيقار الإيطالي نينو روتا
الذي حصل على جائزة الأوسكار لأفضل موسيقى مرتين في الجزأين الأول والثاني
من فيلم «العراب».
أوان الكويتية في
20/04/2010
ليلة السهرة الخروج على روتين الحياة الزوجية
إعداد - محمد جمّول
يمكن القول إن فيلم «ليلة السهرة»
Date Night
الذي يقدم زوجين يخرجان لقضاء سهرة في مانهاتن فيتعرضان لملاحقة مرعبة
بالسيارات من قبل إحدى العصابات المسلحة، يعد من أفضل أفلام هذا النوع من
الأعمال السينمائية، أي كوميديا الحياة الزوجية. والواقع أن حضور النجمين
تينا فاي وستيف كاريل في هذا الفيلم يجعل الجمهور يتوقع منه شيئا يزيد عما
ينتظره عادة من الأعمال المماثلة، نظرا لكونهما باتا مألوفين في الأعمال
التلفزيونية بشكل يجعلهما مطالبين بتقديم كوميديا احترافية ذات مستوى رفيع.
ولكن المشكلة هنا على الشاشة الكبيرة أنهما يعملان في سياق قصة تقليدية
تجعلهما في وضع مختلف عما في التلفزيون. إلا أن ما يتمتعان به من موهبة
وسمعة كبيرة يمكنهما من المحافظة على مستوى الأداء بالشكل الذي يقنع
المشاهد بأنه لا مجال لما هو أفضل.
تدور أحداث الفيلم، الذي يمكن اعتباره دراسة اجتماعية لحياة المتزوجين، حول
حياة الزوجين كلير وفيل فوستر اللذين يعيشان في نيوجيرسي مع ولديهما. كلير
تعمل وكيلة عقارية وفيل يعمل محاسبا. وما يميزهما قدرتهما على تفهم مصاعب
الحياة واستعدادهما للتعاون في سبيل الخروج من رتابتها والتمرد على
تحدياتها التي تقتل البسمة على وجوه الآخرين، وتقضي على قدراتهم في استخدام
عقولهم.
وفي هذا الإطار، يستشف المشاهد بعضا من الإبداع الذي كان هذان النجمان
سيضيفانه إلى العمل لو أُتيح لهما أن يرتجلا المواقف التي يختارانها بعيدا
عن الالتزام الدقيق بانعطافات السيناريو والحبكة المكتوبة عن حياة هذين
الزوجين اللذين وصلا إلى قناعة بأن عليهما أن يتصرفا بشكل ما لإنقاذ
حياتهما من حالة الملل والجمود التي باتت تهدد وجودهما معا. ولذلك يقرران
معا أن يقتحما حياة المدينة من دون تخطيط مسبق، فتقودهما خطواتهما إلى أحد
المطاعم الفخمة بلا حجز مسبق. وحالما يدخلان المطعم ويجلسان، يكتشفان أنهما
بذلك يستوليان على طاولة مخصصة لزوجين غيرهما، وعندئذ يصبح عليهما أن يدفعا
الثمن الذي كان يفترض أن يدفعه الزوجان الآخران لإحدى العصابات المدفوعة من
أحد الأشرار. وبالطبع، هذا يعني أكثر من مجرد خطأ بسيط يمكن تصحيحه بسرعة
ما دامت المسدسات بدأت بالعمل وأخذت الواجهات الزجاجية تتطاير وسط الضجة
والأصوات التي غيبت قصة حوار هادئ حول خطأ بسيط في اختيار طاولة في مطعم.
بالتأكيد، لم يكن هذا ما أراده الزوجان من خروجهما على روتين الحياة
اليومية. لقد شعرا أن حبهما كاد يموت وسط ساعات العمل الطويلة وبعد
الصباحات التي ينشغلان فيها بإعداد طفليهما للتوجه إلى المدرسة. حياة تكاد
تخلو من أية لحظة رومانسية، فقادهما تفكيرهما إلى القيام بتلك المغامرة
التي وضعتهما مكان زوجين تلاحقهما إحدى العصابات لاسترداد إحدى القطع
الإلكترونية التي تختزن معلومات قيمة.
الجميل في الفيلم أن لحظات الخطر التي يمر بها الزوجان تنشط فيهما روابط
العلاقة الزوجية وتمنحهما فرصة استعادة حبهما الذي كاد روتين الحياة
اليومية يحجبه وراء التفاصيل الحياتية الصغيرة. وبقدر ما يشعر فيل أنه
استعاد قوته ورجولته، تشعر كلير أن ما حدث يذكرها بما عرفته عن والديها من
قوة ويساعدها على اتخاذ موقف أكثر مسؤولية من مجمل الحياة، لنجد أننا أمام
أسرة عصرية جديدة أكثر قدرة على التعمل مع تعقيدات الحياة المحيطة بهما،
وأكثر استعدادا للتغاضي عن التفاصيل السطحية الصغيرة للتعامل مع ما هو أكثر
عمقا وأهمية.
عن صحيفة «ذا نيويورك تايمز» ومجلة «تايم» الأميركيتين
أوان الكويتية في
20/04/2010 |