اعتبر معظم مشاهدي فيلم «صائد الجوائز» الذي يعرض حالياً في دور السينما
المحلية، أن العمل يفتقد لروح الكوميديا، مشيرين إلى أن ذلك ظهر بشكل خاص
لدى بطلة الفيلم جينيفر انيستون، فيما أبدى البعض حيرتهم في طبيعة الفيلم
الذي اخرجه اندي تينانت، متسائلين هل «صائد الجوائز» رومانسي أم كوميدي؟،
وآخرون أكدوا انعدام الكيمياء بين الممثلين، معربين عن شعورهم بالملل بسبب
«الرتم» البطيء لأحداث الفيلم، وتراوحت الدرجة التي منحها مشاهدون استطلعت
«الإمارات اليوم» آراءهم بين خمس الى سبع درجات.
ويتناول الفيلم قصة رجل يُدعى ميلو بويد، يؤدي دوره جيرالد بتلر، يعمل في
تعقب المطلوبين، ما يجني عليه ثروة كبيرة، ومن ضمن هؤلاء المطلوبين زوجته
السابقة الصحافية نيكول هورلي، التي تؤدي دورها بطلة مسلسل الاصدقاء جينيفر
انيستون، فيعتقد ان مهمته سهلة، لكنه يكتشف انه موضوع للقبض على مجموعة من
المزيفين حول جريمة قتل تتعقبهم زوجته السابقة، فيصبحان في خانة واحدة،
ويتحولان من متعقبين الى مطاردين من قبل القتلة، في قالب كوميدي، اساسه
المفارقات التي توضع امام البطلين على اساس انهما مطلقان.
انعدام الكيمياء
«انعدام الكيمياء شعرت بالملل»، هذا ما بدأ به كلامه عن الفيلم فادي غازي
(30 عاماً)، مضيفاً «لم اشعر بأي حافز لجلوسي لمتابعة الفيلم، وعلى الرغم
من حبي الشديد لبطليه الا انني لم اشعر بأي نوع من الكيمياء بينهما،
وكأنهما يمثلان في الفيلم رغما عن أنفيهما، وشعرت بأن الحياة الخاصة خارج
التمثيل تدخلت في الأداء حيث العلاقة العاطفية التي تربط انيستون وبتلر
وكأنهما يريدان ان ينفيا لمعجبيهما هذه العلاقة»، مانحاً الفيلم خمس درجات.
وقال منتصر محمدي (33 عاماً) «صعقت من الأداء الضعيف لبطلي الفيلم
والكوميديا المصطنعة البعيدة عن شخصيتهما التي عهدناهما، ويجب على مخرجي
الأفلام ألا يجمعوا بين ممثلين تضمهما علاقات عاطفية»، وقيم الفيلم بسبع
درجات. واتفقت سها أبونعمة (28 عاماً) مع الرأيين السابقين، مضيفة «لم اشعر
بالمتعة ابداً، فالفيلم ممل جداً ويفتقد لأساسيات الأفلام الكوميدية
والرومانسية، ولا يوجد تناسق في أداء فريق العمل وكان كل واحد منهم يمثل في
فيلم مختلف عن الآخر»، مانحة اياه خمس درجات.
وتساءلت رندة إبراهيم (21 عاماً) اذا كان الفيلم كوميديا أو رومانسيا؟،
وقالت «مهما كان فهو فاشل في الحالتين، فالانسجام لم يكن كبيراً بين بطلي
العمل على الرغم من العلاقة العاطفية التي تجمعهما في الحقيقة، والتي
يحاولان انكارها امام الناس، فأنا اعتقدت انني سأرى تناغماً بينهما الا
أنني مللت من الإيقاع البطيء لأدائهما ولأحداث الفيلم»، معطية إياه خمس
علامات.
في المقابل رأت ميسون هادي (34 عاماً) أن «الفيلم جميل جداً وعلاقة الحب
والتناغم بين بطلي العمل ظاهرة ورائعة، وقد استمتعت كثيراً في الفيلم لدرجة
انني سأشاهده مرة اخرى» مانحة اياه العلامة الكاملة.
كوميديا مكررة
ومن جانب آخر، أبدى مشاهدون تعليقات تخص اداء جينيفر انيستون بطلة الفيلم،
تحديداً، والتي ترتبط لدى معجبيها دائماً بشخصية راتشيل في مسلسل الأصدقاء،
وعن هذا قالت زينة ناجي (26 عاماً) «أنا من اشد المعجبات بانيستون، وكنت
اقلدها كثيراً في شعرها وأزيائها، الا أنها لم تتطور كوميدياً»، موضحة
«فأداؤها في الفيلم لم يختلف عن أدائها في مسلسل الأصدقاء، لذا لم تقدم اي
جديد، وشعرت بالملل، حتى انني كنت اتوقع ماذا ستفعل وأي حركة ستؤديها فهي
لم تقدم شيئاً مختلفاً» مانحة الفيلم سبع درجات.
واعتبر ياسين حبيب «28 عاماً» الفيلم لطيفاً نوعاً ما، مستدركاً «إلا ان
الأداء بالنسبة لجينيفر انيستون مكرر، ولا جديد فيه ابداً، وكأني اشاهد
سلسلة مسلسل الأصدقاء»، منتقلاً للحديث عن بتلر «لا يصلح هذا الممثل الذي
قدم فيلم 300 أن يؤدي دور البوهيمي الكوميدي ابداً، وهذا ما افقد العمل
التناغم بين بطليه»، رافضاً اعطاء اي نتيجة.
وكان لدعد المرزوقي (38 عاماً) رأي مختلف، وقالت «ضحكت من اعماق قلبي فعلى
الرغم من كل المصائب التي مرت بها انيستون الا انها مازالت تحتفظ بكوميدتها
الخاصة والتي لا يشبهها أي كوميدي آخر»، مانحة الفيلم سبع درجات.
ووجدت ناهد ابراهيم (35 عاماً) ان الفيلم ممل، وبعيد عن الكوميديا «وبطلا
الفيلم يكرران نفسيهما، خصوصاً انيستون التي لم تعطني فرصة لأقول انها
تختلف في السينما عن التلفزيون»، وذكرت أن «صائد الجوائز» يستحق ست درجات
فقط.
وتأسفت نضال العريمي (29 عاماً) على انيستون، «أحب هذه الممثلة من كل قلبي
لكنها لم تكن على المستوى المطلوب والمرجو منها في الفيلم فلم تقدم اي جديد
في حركاتها وردود فعلها التي احفظها عن ظهر قلب من شخصية راتشيل التي
قدمتها في مسلسل الاصدقاء، وللأسف جينيفر احبطتني جدا بأدائها» رافضة اعطاء
اي نتيجة.
وأحبت مروة مصري (27 عاماً) اداء بتلر مقارنة بأداء انيستون «فهو قدم
جديداً في طريقة تمثيله، اما أنيستون فلم تضف الى شخصية راتشيل في مسلسل
الأصدقاء، لذا فبتلر تفوق عليها فنياً»، مانحة الفيلم سبع درجات. وفي
المقابل قال احمد الرميثي (20 عاماً) إنه «لا علاقة بين نجاح الفيلم او
فشله بالممثلين، بل باستغلال شركات الانتاج لنجومية بطلي الفيلم ووضعهما في
فيلم لا يستحق ان يكون اسمهما عليه»، وأعطى الفيلم خمس درجات.
ووافقه الرأي ايهاب الناطور (24 عاماً)، مضيفاً «مع أنني استمعت بالفيلم
الا أنني شعرت أن أنيستون وبتلر لا يجب ان يكونا البطلين، إذ فقدا كثيراً
من رصيديهما في هذا الفيلم، وأرى هذا من جشع شركات الإنتاج التي لا يهمها
إلا جني الأموال».
أبطال العمل
ولدت جينيفر أنيستون وترعرعت في جو فني، حيث إن جدها هو الممثل اليوناني
تيللي سافالاس، ووالدتها كانت تعمل عارضة أزياء وممثلة، ووالدها مغني
أوبرا. أمضت انيستون سنة كاملة في اليونان قبل أن يقرر والداها الانتقال
إلى مدينة نيويورك، وتم تغيير اللقب من أناستاساكيس إلى أنيستون. اتفق الأب
جون أنيستون والأم نانسي دو على الطلاق عندما كانت انيستون في التاسعة.
وبفضل المزيج النادر الوجود ما بين الجمال والحس الكوميدي في شخصيتها أصبحت
نجمة تلفزيونية كبيرة بلعبها شخصية راتشيل جرين الفتاة الثرية المدللة التي
قررت ترك هذا الثراء وراء ظهرها والعمل نادلة في مقهى بسيط وهو ملخص دورها
في المسلسل الشهير الأصدقاء. تزوجت انيستون من براد بيت في عام 2000 وانتهى
عام 2005 بسبب علاقة بيت العاطفية مع زوجته الحالية انجلينا جولي.
أما جيرالد بتلر فولد في مدينة غلاسكو الاسكتلندية في 13 من نوفمبر عام
1969 وهو اصغر اخوته الثلاثة، كانت له محاولات ثانوية في التمثيل لم تعطه
فرصة للظهور، الى ان جاء فيلم مهد الحياة الذي وقف فيه الى جانب انجلينا
جولي في البطولة عام 2003 وتوافدت السيناريوهات السينمائية على بتلر بعدها،
وأصبح وقتها حريصاً على الانتقاء وكان اهم ما اختاره فيلم 300 الذي قام به
في البطولـة المطلقـة، وقدمـه فناناً موهوباً ومتمرساً.
بينما ولدت كريستين بارانسكي، إحدى بطلات العمل، عام 1952 في نيويوك، وهي
من اصول بولندية، تزوجت من الفنان اماثيو كولز منذ عام .1983 ولديهما
ابنتان، بدأت بداية قوية حيث كانت تجربة الأداء الأولى لها على مسرح
برودواي، وانتقلت بين المسارح تغني وترقص وتمثل مسرحيات عالمية، كان لها
نصيب كبير في التلفزيون متوازياً مع مشوارها السينمائي والمسرحي وتعتبر من
الفنانات التي يطلق عليهن «الشاملات»، حيث جربت كل أنواع الأداء التمثيلي.
مؤلفة الفيلم
سارة ثورب، كاتبة من تورينتو، ولدت في عام 1967 تنتمي الى عائلة ثورب
المعروفة بأدائها المسرحي والاوربورالي في كندا، احبت المسرح وتعلقت به
وكانت تحلم بأن تصبح نجمة في يوم ما، لكن حلمها اخذ منحى آخر عندما توفي
احد كاتبي سيناريو لمسرحية يجب ان تجهز خلال شهر واحد، ما دفع ثورب الى
التبرع في كتابة السيناريو وهذه كانت البداية، حيث شعرت انها وجدت نفسها
اخيراً في الكتابة وتنفيذ المسرحيات، فذاع صيتها وارتأت هوليوود ان تكون
ثورب جزءاً منها من خلال توظيفها، فغيرت ثورب منحى كتابتها للتلاءم مع
سيناريوهات وافلام هوليوود، لكنها دائماً ما تحن الى المسرح.
المخرج
أندي تينانت هو مخرج وكاتب سيناريو أميركي من مواليد عام ،1955 تميز في
اخراج الأفلام الكوميدية الرومانسية، ولم يتم نقد طريقة اخراجه بشكل سلبي
في أغلبية الأحيان، من المخرجين الذين عرف كيف يوجه الكوميديان جيم كاري
الى الأفلام الكوميدية، وهو الذي اكتشف خاصية تعابير وجه كاري المتحولة
والمتحركة بشكل لافت، كثير من الفنانين الكوميديين يحبون العمل معه.
الإمارات اليوم في
18/04/2010
فيلم «تيرياج - الفرز» للمخرج دانيس تانوفيك..
هوليــوود فـــي قلـــب جبــال كردستـــان
هيثم
حسين
يتجلّى اهتمام السينما العالميّة بالعراق الذي بات
يستقطب أنظار السينمائيّين لما فيه من قصص إنسانيّة أليمة، ولما فيه من
واقع بكر لم تخض فيه السينما بعد، وقد أنتجت في الآونة الأخيرة أفلام عالجت
قضايا في العراق من وجهات نظر مختلفة، فكان أن حاز «The Hurt Locker»
جائزة الأوسكار عن أفضل فيلم في العام، وهو الذي عرض لجوانب من حاضر
العراق. كما اختار المخرج دانيس تانوفيك الغوص في الماضي القريب للعراق،
ليستخرج منه قصّة فيلمه «تيرياج – الفرز»، حيث يصوّر تانوفيك الأشهر الأولى
من سنة 1988، أيّام اشتداد الصراع بين البيشمركة وقوّات النظام العراقيّ
بقيادة الطاغية صدّام الذي كان يرتكب الموبقات بحقّ الشعب الكرديّ..
تدور قصّة الفيلم حول مصوّرين صحافيّين أميركيّين يقصدان كردستان العراق
بحثاً عن المغامرة والجدّة، يجسّد الممثّل كولين فاريل دور المصوّر
الصحافيّ «مارك ووالش»، وجيم سيفيس دور صديقه «ديفيد»، وهناك يكتشفان
العالم الحقيقيّ، حيث الموت يحيط بهم من الجوانب كلّها، أحدهما يحرص على
التقاط اللحظات الأليمة وتخليدها، والآخر يبحث عن الأمل وسط الدمار
ليلتقطه، يمارسان عملهما محاولين الابتعاد عن العواطف التي قد تعرقل
عملهما، حيث يحاول المصوّر أن يبقي عدسته حاجزاً بينه وبين الحدث، فلا
يندمج فيه مهما كان كارثيّاً، بل يهمّه منه الصورة التي سيلتقطها، أي يحاول
البقاء متحجّر العواطف، لكنّ الحياد في مثل تلك المواقف حلم عصيّ على
التحقّق، لأنّ كارثيّة الواقع لا تستثني أحداً، ولأنّ المأساة عامّة
وشاملة، ولا مجال لتملّص أحدٍ منها. يتعرّف الصديقان إلى الدكتور تالزاني
الذي يجسّد دوره الممثّل برانكو جوليك، يكتشفان أنّ الدكتور تالزاني حين
يكشف على المصابين الذين يُجلبون إلى مستوصفه البدائيّ الذي هو عبارة عن
كهف في قلب الجبال، يفرزهم إلى ثلاثة أقسام، أولئك الذين من المحتمل أن
يعيشوا، بغضّ النظر عن الرعاية التي سيتلقونها، وأولئك الذين هم عرضة
للموت، ولا أمل في شفائهم بغضّ النظر عن الرعاية التي قد يتلقونها، ثمّ
أولئك الذين من الممكن أن تحدث العناية الفوريّة بهم تغييراً إيجابياً في
النتيجة. لكلّ قسم منهم إشارة خاصّة، لون محدّد، وكان هذا الفرز عادة
متّبعة في كثير من الحروب، بقصد الإراحة، إراحة المصاب من آلامه، عبر إطلاق
رصاصة الرحمة عليه، وحين يستنكر ووالش ممارسة الطبيب القتل برصاصة الرحمة،
يبرّر الطبيب بأنّه لا خيار لديه، لأنّ عدد المصابين ضخم جدّاً ولا سبيل
إلى تطبيبهم جميعاً، وإنّه يريح مَن يفقد من حالاتهم أيّ أمل في الشفاء، كي
يتفرّغ لمساعدة الآخرين، كما يخبره بأنّ الأوضاع الكارثيّة في الحرب لا
تفسح أيّ مجال لإيلاء الاهتمام لمصابين لن ينجوا على حساب آخرين قد ينجون..
وهنا يطرح الفيلم قضيّة غاية في الأهمّيّة، وهو مدى إنسانيّة قتل المريض
الذي يفقَد منه الأمل، وذلك لإراحته من الألم الذي ينهكه. هنا يتجلّى
التنافر، تتجلّى المفارقة المريرة، حيث الطبيب الذي يفترض به أن يكون
منقذاً لأرواح مرضاه، يغدو قاتلاً ينقذهم من آلامهم المتربّصة بهم، طالما
أنّ نهايتهم الموت فليعجّل بها، من دون أن ينتظرها، لأنّ انتظارها يعني
زيادة في الإيلام.. هو موقف صعب، لكن لا يجد الطبيب بدّاً من ارتكابه، في
ظلّ انعدام الوسائل الممكنة للمساعدة والإنقاذ، يضطرّ إلى أن ينقذهم
بإراحتهم من الألم..
يطلب المصوّر ديفيد من صديقه العودة إلى الديار، لأنّه ينتظر مولوداً في
الأيّام القادمة، لكنّ مارك يرفض ذلك، يطلب منه التريّث، ويصرّ على إكمال
مغامرته حتّى النهاية، يحاول التقدّم إلى مواقع القتال الأماميّة، لكنّه
يتراجع أمام عناد صديقه الذي يوليه ظهره ويسير ناوياً العودة، يتبعه مارك،
يستمتعان بتصوير الجمال الخلاّب في جبال كردستان، لكنّ المدافع لا تستثنيهم
من نيرانها، تصيب إحدى الطلقات صديقه ديفيد، تشوّه جسده، تبتر ساقيه، يحاول
مارك مساعدته، يحمله على ظهره، يسير به مسافة طويلة، وعندما يصل إلى نهر
لابدّ من اجتيازه، يلقي بنفسه في النهر، وصديقه على ظهره، لكن ثقل صديقه
يمنعه من المتابعة، ويكاد يغرقه، ما يضطرّه إلى فكّ يدي ديفيد عن رقبته كي
يتمكّن من إنقاذ نفسه، حينذاك يفلت جسد صديقه، ولفظه النهر إلى الحافّة،
مصاباً مغميّا عليه، ثمّ يكتشفه البعض، فيأخذونه إلى المستوصف عند الطبيب
تالزاني الذي يعمل ما بوسعه لإنقاذه، وبالفعل تتحسّن حالته، فيسافر إلى
بلاده..
تتناوبه الوساوس والهواجس بعد أن يصل إلى دياره، يشعر بتأنيب الضمير،
تجتاحه الكوابيس، يلوم نفسه على عدم تمكّنه من إنقاذ صديقه، أو جلب جثّته
لتدفَن في دياره. يتمّ إدخاله إلى مشفى الأمراض النفسيّة، يقع صريع
الذكريات المأسويّة التي عاشها مع صديقه، لا يبقى محايداً، بل يدخل في قلب
الصراع، يفقد صديقه العزيز، يفقد طاقته على التحمّل، يضيع في زحام الآلام،
فلا يعود بقادر على ممارسة عملية الفرز بين الواقع والكابوس الجاثم على
صدره.. تبقى حاله سيّئة، لحين يكشف، بمساعدة الطبيب ودفع منه، عن الألم
الذي يتلبّسه لعدم تمكّنه من مساعدة صديقه، يروي تفاصيل الحادثة، يبوح بما
يتآكله، فيرتاح قليلاً من آلامه، تنقذه الحقيقة المرّة، لأنّه لا يملك إلّا
البوح بها.. ثمّ نراه يتحسّر وهو ينظر إلى صورة عمر خاور وابنه، التي
التقطتها عدسة المصور الصحافيّ مصطفى أوزتورك، وهي تتصدّر واجهات الصحف،
يتأمّل عمق المأساة التي عبّرت عنها.. ثمّ يقول بأنّ هذه الصورة ستشكّل
ثورة بالنسبة للصحافيّ الذي التقطها.. تهمّه من الحوادث الصور الملتقطة،
التي يوقف فيها الزمن، وتحوّل إلى آلة جامدة، وصورة نابضة..
تخلّف المغامرة التي خاضها مارك في جبال كردستان، في معمعة الحرب الدائرة،
ندوباً وتشوّهات عميقة في روحه وجسده، وعلى الرغم من تمرّسه في تغطية
الحروب في عدّة أماكن من العالم، إلاّ أنّ تجربته في العراق ظلّت مختلفة،
وشملت كيانه كلّه، هو الذي لم يكن يتوقّعها سياحة بالأساس، وكانت أعظم
شراسة من توقّعاته كلّها..
يطرح الفيلم إشكاليّات عديدة، لكن يبرز حقيقة ثابتة، وهي أنّه يستحيل
البقاء على الحياد في أرض المعركة، وأنّ عدسة الكاميرا لا تبقى حاجزاً يحمي
المصوّر، ولا تبقيه بمنجىً عن الإصابة والموت والتشوّه النفسيّ والجسديّ،
لأنّ الدمار شامل.. لكن ما يؤخَذ على الفيلم هو تصويره لجوانب كارثيّة من
الحرب الدائرة، وعدم إبرازه لبعض الجوانب المتعلّقة بالدفاع المستميت من
قبل البيشمركه، أو تصوير جانب من بطولات البيشمركه، بل اكتفى بتصويرهم
ينقلون الجرحى والجثث، ويدفنونها، أي كانت عدسة الكاميرا مقيّدة بسموت كان
ينبغي توسيع مجالها ومدار معالجتها كي تكون الصورة أبلغ وأشمل.. ثمّ أنّه
حاول أن يلتزم الحياد، كأنّه ينساق وراء القول بإبقاء الكاميرا بعيدة عن
الإدانة؛ إدانة أيّ طرف، وكأنّ ما كان يتعرّض له الشعب الكرديّ من عنف
وتدمير شامل قضيّة ثانويّة مقابل مغامرة مصوّرين دفعهما حبّ الشهرة عبر
المغامرات إلى خوض مغامرتهما في جبال كردستان الصامدة أمام جبروت الطغاة..
الإتحاد العراقية في
18/04/2010 |