ما زال الغول يجذب نجوم السينما بشدة ليدخلوا في عالمه، والغول هو
التلفزيون كما أطلق عليه، فهو غول فني حطم قواعد السينما، واهمها قاعدة
راسخة في تقاليد نجوم السينما، وهي أن التلفزيون «يحرق نجوم السينما»، وكان
من يمثل في التلفزيون يحرم من الظهور في أفلام السينما. وانعكست القاعدة
وأصبح التلفزيون اهم نافذة لنجوم السينما تمثيلا واخراجا وتأليفا.
وما زال الغول يمارس جذب نجوم السينما إلى عالمه التلفزيوني من خلال إعادة
انتاج قصص الأفلام السينمائية وتحويلها إلى مسلسلات، خاصة بعد أن أخذت
الدراما التلفزيونية من السينما ابطالها وجميع عناصرها الفنية من مخرجين
ومنتجين ومؤلفين ومصورين.
هذه الظاهرة التي بدأت تحظى بشغف الجماهير ومتابعتها ليست وليدة اليوم،
فمنذ سنوات اعادت الدراما انتاج افلام مثل «بين القصرين، الصبر في
الملاحات، نحن لا نزرع الشوك، دعاء الكروان، رد قلبي، أفواه وأرانب، عمارة
يعقوبيان»، وفي العام الماضي اعادت انتاج فيلمي «أدهم الشرقاوي،
والباطنية».
اليوم ظهرت على السطح تلك الظاهرة اللافتة للنظر، والغريب أن ثلاثة أفلام
تعيد الدراما التلفزيونية صياغتها في مسلسلات تعرض هـذا العام هي: «العار،
اللص والكلاب، وامبراطورية ميم»، رغم انتقادات كثيرة تعرض لها المؤلفون
الذين حولوا تلك الافلام الى مسلسلات تتهمهم في الافلاس في الافكار، وأن
معظم هذه المسلسلات يصاحبها مط وتطويل لأن فيلما مدته ساعتان تحول إلى
مسلسل من 20 ساعة.
إمبراطورية ميم
وكان المؤلف لينين الرملي قد انتهى مـن كتابة جميع حلقات مسلسل «امبراطورية
ميم» بعد أن تعاقد المنتج كامل أبو علي مع ورثة إحسان عبد القدوس صاحب
القصة.
يؤكد لينين الرملي ان المسلسل يختلف عن الفيلم تماما، وقال: المسلسل لم
يأخذ من الفيلم أو من الرواية التي كتبها احسان عبد القدوس إلا في انتخابات
مجلس ادارة الاسرة، لكن الشخصيات تختلف تماما عنها في الفيلم، فالمسلسل يضم
اكثر من 13 شخصية رئيسية، كل منها لها مشاكلها، كما يتطرق إلى المشاكل
الاقتصادية والسياسية والعاطفية التي تعيشها الاسرة المصرية.
اما الفنانة رغدة فتؤكد أن موافقتها على اعادة تقديم قصة فيلم «امبراطورية
ميم» الذي قدمته سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة في مسلسل، لم تتم الا
بعدما وجدت أن المسلسل سيختلف تماما عن الفيلم، وقالت: من الظلم أن
تقارنوني بسيدة الشاشة فاتن حمامة وأضافت: الفكرة واحدة في كلا العملين،
فهما مأخوذان عن رواية الأديب الراحل إحسان عبد القدوس، ولكن المعالجة
مختلفة تماما، فالفيلم يمتد على مدى ساعتين فقط بينما يتخطى المسلسل
الثلاثين حلقة، كما أن الفيلم قدم في عام 1972 حيث كانت الظروف السياسية
والاجتماعية مختلفة تماما، وما يشغل عقول شباب وآباء وأمهات الأمس مختلف
تماما عن الوقت الحالي، وهذا هو جوهر الاختلاف.
جوهر الاختلاف
وعن أفضل الطرق لعمل مسلسل مأخوذ من أحد الأفلام يقول المنتج محمد فوزي:
_ أولا لابد أن يمتلك مؤلف المسلسل وجهة نظر جديدة لتقديمها والا يشوه
الجوهر الأصلي، لذلك فإن المسلسل يختلف عن الفيلم لكي يتناسب مع ظروف
المجتمع في 2010.
أحمد أبو زيد مؤلف مسلسل «العار» نجل مؤلف الفيلم محمود أبو زيد يرى أن
العودة إلى أفلام الماضي هي الحل الوحيد للخروج من تيمة المسلسلات التي لا
تحمل مضمونا، وهي سلاح ذو حدين ، وتتطلب من المؤلف قدرة على ابتكار شخصيات
وخطوط جديدة غير موجودة في العمل الأصلي.
أما مصطفى محرم مؤلف مسلسل «الباطنية» فيؤكد أن زيادة عدد المسلسلات
المقتبسة من قصص أفلام سينمائية يرجع إلى نجاح مسلسله «الباطنية» وقال: في
العام المقبل سيزيد عدد الأعمال من تلك النوعية، لكن ليس شرطا أن تحقق
النجاح نفسه الذي حققه «الباطنية»، فالعبرة بطريقة المعالجة والابطال الذين
يقدمون المسلسل، واضاف: كل الافلام المأخوذة عن أعمال أدبية هي فقط التي
تصلح لتحويلها إلى مسلسلات لأن العمل الأدبي يقبل التناول اكثر من مرة
وبأكثر من وجهة نظر، وهذا ليس له علاقة بالإفلاس، فكبار المؤلفين في العالم
يعيدون كتابة مسلسلات قديمة.
أفكار جديدة
ويؤكد المخرج سمير سيف أنه من الأفضل تقديم افكار جديدة في التلفزيون بدلا
من الاقتباس من «حواديت السينما»، ورغم ذلك لا يرى مشكلة فى تحويل الفيلم
إلى مسلسل لأن جمهور السينما أصبح قليلا جدا وأي فيلم مهما كان نجاحه لن
يشاهده اكثر من مليون متفرج.
الفنانة فردوس عبد الحميد شاركت في فيلم «ناصر 56» وقدمت أيضا فيلم «كوكب
الشرق» نجح الأول، وركب الثاني قطار النسيان السريع. وهي تقول: لا توجد
مواصفات عامة يمكن أن نضع أيدينا عليها كسبب في إنجاح أو فشل العمل
الدرامي، كما أنه لا توجد قواعد في الفن يمكن اتباعها حتى ينجح العمل. لكن
الشخصية والتناول والطريقة والمكان كل هذه أسباب تميز عملا عن آخر.
فالسيناريو مثلا لا توجد له قاعدة محددة، ولكن هناك تناول مختلف وفقا
للشخصية نفسها فهناك شخصيات حياتها مليئة بالدراما من الممكن أن نأخذ حادثة
محددة منها ونصوغ حولها العمل.
وتقول: سيحدد ذلك وجهة نظر السيناريست والمخرج. والقضية في اختيار الممثل
الذي يقدم الشخصية ليست في تقارب الشبه بين الممثل وبين الشخصية، فالمهم هو
روح الشخصية، الفنان الراحل أحمد زكي لم يكن يشبه جمال عبد الناصر ومع ذلك
أقنعنا.
وحدة متكاملة
بعد قيامها بدور البطولة في مسلسل «الباطنية» وجدت الفنانة غادة عبد الرازق
نفسها في مقارنة مع الفنانة نادية الجندي. كجزء من المقارنة التي جرت بين
مسلسلها وفيلم «الباطنية».
تقول غادة عبد الرازق: الصدق والامانة هما أهم نجاح الأعمال المقتبسة من
أفلام سينمائية قديمة أو فشلها، وتؤكد أن من أهم شروط النجاح أن يكون العمل
وحدة متكاملة، فإذا اختل أحد عناصر العمل فإن سقوطه يصبح هو الأقرب، لذلك
يجب أن يكون السيناريو والاخراج والتمثيل جميعا على مستوى جيد.
ويؤكد المؤلف أحمد الابياري منتج مسرحية «سكر هانم» المأخوذة عن فيلم «سكر
هانم» الذي قدم عام 1960، وقامت ببطولته سامية جمال وعبد المنعم ابراهيم
وكمال الشناوي وعمر الحريري، يقول: إن اعادة تقديم نص الكاتب الراحل أبو
السعود الابياري يرجع إلى إيمانه الشديد بأن الظروف الحالية التي يمر بها
المجتمع المصري تجعله في حاجة إلى الاعمال الكوميدية الجادة التي تخرج
الناس من الهموم التي يعيشونها، ويضيف: لا اخشى المقارنة بين المسرحية
والفيلم لثقتي في ان المقارنة ستكون لمصلحتي خاصة ان المسرحية تقدم رؤية
جديدة للشخصيات وسيكون الرابط الوحيد بين العملين هو المضمون.
الفنان أحمد رزق الذى يؤدي دور «سكر» الذي سبق أن قدمه عبد المنعم ابراهيم
في الفيلم، وصف المسرحية بأنها عودة إلى عصر البطولات الجماعية التي
نفتقدها، وقال: «سكر هانم» ستعيد الاسرة المصرية مرة أخرى إلى المسرح الخاص
نظرا الى أنها تقدم كوميديا راقية دون اسفاف.
وحول الزيادة العديدة في كم المسلسلات المأخوذة عن قصص أفلام سبق تقديمها
أشار الفنان طلعت زكريا إلى أن هذه الطريقة فيها استغلال لنجاح العمل
الأصلي وذلك لضمان التسويق، لأنها تحظى بنسبة مشاهدة عالية، وتخطف انظار
المشاهدين وسط الكم الهائل من المسلسلات التي تعرض خلال شهر رمضان المبارك.
اما الفنان احمد زاهر فيؤكد أنه لا يحب الأفلام التي تتحول إلى مسلسلات مثل
«الباطنية» الذي كان فيلما، ورأيه ان الأعمال الجيدة لا يجب تكرارها، لأنها
لن تكون بحالة الإبداع الأولى نفسها.
القبس الكويتية في
27/03/2010 |