اشتهر الفنان السوري (جرجس جبارة) ومنذ سنوات عديدة بأدائه الكثير من
الأدوار الكوميدية والتراجيدية والاجتماعية، فيما كان مقلا في المشاركة
بالأعمال التاريخية، ولكنه كان حاضرا وبقوة في أعمال الكوميديا الناقدة مثل
سلسلة «بقعة ضوء» وفي المسلسلين الكوميديين «حواتي كافيه» و«ضيعة ضايعة»،
الذي جسد فيه شخصية رئيس المخفر «أبو نادر» في جزئه الأول، ويتابع تجسيد
الشخصية في الجزء الثاني من المسلسل، وكان حاضرا في أعمال اجتماعية معاصرة
منها المسلسل السوري المصري المشترك «آخر أيام الحب»، حيث جسد فيه شخصية
صاحب فندق يدعى «أبو هلال»، وفي المسلسل العراقي «الحب والسلام»، وفي مسلسل
«صبايا»، الذي يستعد لتصوير جزئه الثاني، ومسلسل «مرسوم عائلي» مع المخرج
ماهر صليبي، كذلك برز في عدد من الأعمال البيئية ومنها «باب الحارة»، حيث
جسد فيه شخصية حارس الحارة «أبو الفوارس»، وهو القادم من مدينة اللاذقية
ليعمل في الحارة الشامية، وليشارك أهلها جميع الأحداث والقصص والثورة
ويدافع عن الحارة في الجزء الرابع من باب الحارة، ويصور حاليا الشخصية
نفسها في الجزء الخامس، كما يشارك في عدد من الأعمال التلفزيونية الجديدة،
كذلك كان له مؤخرا عدد من المشاركات في مجال الأفلام السينمائية في سورية
من خلال فيلمي «الليل الطويل» و«سيلينا»، وفي الفيلم المصري «أولاد العم»
للمخرج شريف عرفة، الذي صور في مصر وجنوب أفريقيا وسورية، ويعرض حاليا في
دور العرض المصرية وجسد فيه شخصية رجل فلسطيني يدعى أبو زياد. فإلى نص
الحوار مع الفنان جرجس جبارة، الذي يتحدث إلى «الشرق الأوسط» من دمشق:
·
كيف ترى واقع أعمال البيئة
الشامية ونجاحها وجماهيريتها وخاصة باب الحارة؟
- يبقى الجمهور هو الحكم في تقييم الأعمال التلفزيونية، وأعمالنا
التلفزيونية هي للناس وتختلف عن السينما، حيث المشاهد هو من يذهب لمشاهدة
الفيلم، بينما في التلفزيون فالمسلسلات تقتحم المشاهد في منزله، ولذلك هو
الحكم الرئيسي لهذه المسلسلات، ونجاحها وخاصة باب الحارة برأيي أنه لامس
أشياء افتقدها الإنسان العربي، فوجدها في هذا العمل الدرامي. وبعيدا عن رأي
الناقد الفني، فأنا أرى نجاح أي عمل تلفزيوني هو نجاح للدراما السورية
ويساعد في وصول الفنان السوري إلى المجتمع العربي وللعالم أيضا، وعندما
نحقق هذا النجاح فإننا نحقق جزءا من رسالة اجتماعية أو ثقافية أو فنية.
·
أنت حللت مكان الفنان المخضرم
حسام تحسين بك في باب الحارة، فماذا أضفت لشخصية حارس الحارة؟
- ماذا أضفت؟ لا أعرف.. ولكن أستطيع القول إن الشخصية، وبالتعاون مع
المخرج بسام الملا، جاءت من محافظة أخرى وليس من دمشق، ولذلك دخول أبو
الفوارس الحارة، وهو من الساحل السوري ويتحدث باللهجة اللاذقانية وليس
بلهجة الحارة الدمشقية، قد يكون أضاف شيئا ما للعمل وقد لا يكون أضاف، هذا
يعود تقديره للجمهور والنقاد. وأنا في الجزء الرابع والخامس القادم قدمت
شخصية جديدة مغايرة لتلك التي قدمها الفنان حسام تحسين بك وتختلف اختلافا
كاملا عنها على الرغم من أن الفكرة واحدة هنا، وهي حراسة الحارة، ولكن كل
واحد منا قدمه بنفَس آخر. وأتمنى أن أكون أضفت شيئا للشخصية وللدور
وللمسلسل، وخاصة أن العمل ليس توثيقيا، بل من وحي الخيال.
·
البعض يرى في أعمال البيئة
الشامية على أنها فانتازيا شامية، ما رأيك بهذا الرأي؟
- لا أريد الدخول هنا في موضوع أنها فانتازيا أو غير ذلك، وسأروي لك
حادثة حصلت معي وأنا طفل عمري عشر سنوات: فقد جلب أحد البائعين، وبناء على
طلب أهلي، لمنزلنا مدفأة من صنع بلدة يبرود السورية وكانت على شكل مذياع،
حتى إن لها على الجوانب أماكن لتقوية الصوت وتغيير الإبرة والموجة (مجرد
موديل ومنظر فقط) وغيرها، فسألت الشخص الذي جاء بالمدفأة: لماذا شكلها
هكذا؟ فأجابني: يا ابني هذه فانتازيا؟!..وهذا التعبير ليس له علاقة
بالدراما، بل هو عبارة عن حالة من وحي الخيال ليس لها علاقة بالتوثيق، وقد
تكون اللهجة هي الوحيدة الموثقة، إنما أي حارة وفي أي مدينة سورية تشابه
حارة باب الحارة، وتبقى فكرته قائمة على حكاية أعجبت الناس.
·
هناك من يخاف على دراما البيئة
الشامية من الوقوع في مطب التكرار، ما مقترحاتك حتى لا تصل هذه الدراما إلى
هذه المشكلة؟
- إذا كان الهدف، من هذه الأعمال مثلا، هو المتاجرة باللهجة، فإن هناك
خوفا مبررا على هذا النوع من الدراما. وللأسف، نحن عندما نشاهد عملا
تلفزيونيا له خصوصية معينة وحقق نجاحا، تتكرر الأعمال مقلدة له في لعبة
تجارية بحتة، ولكن عندما يكون القائم على هذا المشروع إنسانا يفهم وقارئا
جيدا فإن المشروع لن يفشل، وأقدم لك مثالا، وهو مسلسل ضيعة ضايعة الذي حقق
نجاحا، فإذا حاول البعض تقليده وتقديم أعمال على شاكلته فستفشل هذه الأعمال
وسيبقى الأساس والأصلي هو الناجح، مثل بضاعة يابانية وأخرى مقلدة لها،
تايوانية مثلا؟!.. ويبقى في النهاية الغربال الذي يغربل الأعمال الجيدة من
السيئة ولا يصح إلا الصحيح، ويبقى هذا النوع من الدراما يحمل تشابها في
بعضها، وفي أعمال أخرى لا يوجد هذا التشابه، وبتصوري أن الاستخفاف بأي
فكرة، ستطرح في الأعمال الدرامية وعلى حساب اللهجة، أي الاعتقاد أن اللهجة
هي التي ستنجح المسلسل فبرأيي أن هذا الاعتقاد خاطئ، لأن المضمون هو من
ينجح العمل، وليس اللهجة التي قد تكون أحد أسباب نجاحه، ولكن ليست هي
الأساس في النجاح.
·
ولكن، قدمتم مسلسل «ضيعة ضايعة»
وهناك جزء ثان صُوّر أخيرا وحقق نجاحا مهما على الرغم من وجود لهجة محلية
لاذقانية صعبة في بعض عباراتها وترجمت على الشاشة، كيف حصل ذلك؟
- نجاح «ضيعة ضايعة» يعود لبساطته في الفكرة والتمثيل وحتى في
الإخراج، وللعفوية التي قدم بها، وعدم التكلف والتفلسف على المشاهد، الذي
لا يرغب في أن يقدم له النصائح، بل يريد العفوية، ولذلك شعر الناس بأن
«ضيعة ضايعة» قريب منهم، وشعروا بأنهم موجودون فيه بكل لحظة، وخاصة أن
المخرج تعامل مع هذا المسلسل بكل تفاصيله البسيطة وجاء الإخراج بهذه
الصورة. والشيء الآخر أننا عملنا في المسلسل بحب وكأسرة واحدة، على الرغم
من أن هناك ثنائية في العمل تمثلت في جودي وأسعد (باسم ياخور ونضال سيجري)،
ولكن كانت كل شخصيات العمل محورية ورئيسية أيضا. ومن أسباب نجاح العمل
أيضا، اقتحام أماكن سياحية مجهولة لم تتمكن الجهات السياحية من إبرازها،
فجاء هذا العمل الدرامي وأظهرها للناس، ونحن في المحصلة كفناني العمل وهذه
مهنتنا، ولكننا استطعنا تقديم رسالة من خلال هذا المسلسل.
·
أنت من الفنانين السوريين الذين
برزوا بشكل واضح في فن الكوميديا، هل لديك مشروع خاص في هذا المجال؟
- أنا أولا وأخيرا ممثل، وأي عمل أشارك فيه أعتبره مشروعي، وأنا لا
أنتمي إلى أي جهة إنتاجية أو شلة، ومطلوب من الجميع والحمد لله. وطموحي أن
أقوم بعمل لم أقم به حتى الآن.. هذا طموحي. ومشروعي كبير جدا، حيث له علاقة
برفع الدراما السورية واستمرارها وجعلها تنحو نحو العالمية.
·
هل شاركت في الأعمال التركية
المدبلجة؟
- لا، على الرغم من أنني دُعيت أكثر من مرة للمشاركة فيها ولكنني
اعتذرت، والسبب أنني لا أستطيع العمل بإحساس شخص آخر، وعندما أشارك في هذه
الأعمال فمعنى ذلك أنني سأعمل بإحساس الممثل الذي يجسد الدور، وبكل تفاصيل
هذا الإحساس من حزنه وفرحه ومواقفه الجادة، فأنا لا أستطيع أن أفعل ذلك إلى
جانب أمر آخر، وهو أن غرف الدوبلاج لا تناسبني؟!
·
يقال إن الأعمال المدبلجة أثرت
في الدراما السورية؟
- لا، لست مع هذه المقولة، لأنها دراما خاصة ليس لها علاقة بالدراما
السورية، ولكن - نحن كفنانين سوريين - أعطينا هذه الأعمال شهرة وانتشارا في
العالم العربي ومن خلال اللهجة السورية. وأذكر هنا مقولة للفنان غسان مسعود
في لقاء تلفزيوني عندما قال له عدد من الفنانين الأتراك: نشكركم، كفنانين
سوريين، لأنكم عرفتمونا فنانين أتراكا نحن لا نعرفهم؟! ولكن تبقى هذه
الأعمال لها خصوصيتها، وهــــــــي أعمال فنية لا تؤثـــــر فـــــــي
الأعمال التلفزيونية الســـورية.
الشرق الأوسط في
26/03/2010 |