عشرة سنوات من العمل معا عاشها المخرج العالمي "مارتن سكورسيزي" ونجم
هوليوود الشاب "ليوناردو دي كابريو" قدما للسينما العالمية ثلاثة افلام
رائعة عشنا معها لحظات يشوبها الترقب والمفاجأة دون أن ننسى جماليتها
وحبكتها وهي: "عصابات نيويورك" عام 2002 و"الطيار" عام 2003، و"الراحلون"
عام 2006، لكنه مع فيلمهما الجديد الذي اطلق مع بداية العام 2010 يعيدنا
سكورسيزي الى أيام عصر السينما الذهبية في خمسينيات القرن الماضي، وكأننا
نعيش تلك الاحلام والرؤى في كرنفال ساحر لا يخلو من دهشة.
"الجزيرة المغلقة " قصة الكاتب الأمريكي " دنيس لوهان " يضيف درسا
جديدا وعظيما للسينما ، أو كما يقول الناقد السينمائي رينيه رودريغز : ( ان
ميزة سكورسيزي تتلخص في جرأته وثقته بممثليه ) .
تدور احداث الفيلم عام 1954 اثناء إجراء المارشال الأمريكي تيدي
دانيلز " دي كابريو " وشريكه تشاك " مارك روفالو " تحقيقا حول اختفاء مريضة
من مستشفى للمصابين باضطرابات عقلية إجرامية يقع على جزيرة نائية .
سكورسيزي المعروف باسلوبيته المذهلة والمبدعة في الاخراج قدم لنا في
هذا الفيلم خلطة عجيبة من البشر تمثلت بمجموعة من القتلة والمغتصبين يحتلون
جزيرة ويسيرونها حسب أهوائهم ، هذه المجاميع ادارها سكورسيزي بحنكة عالية
كادت قلوبنا تتوقف ونحن نتابع اداء دي كابريو المعبّر بصفته محققا محبطا
يدفع بمعجبيه نحو الاشفاق عليه ، لكنه في مقابلة مع صحيفة ميامي الامريكية
بدد ذلك الشعور الذي قد ينتاب البعض من المشاهدين فقد قال ردا على سؤال حول
التكهنات الواردة بخصوص الفيلم قال : ( لأن معظم قصة الفيلم مرتبطة
بمعلومات لايطلع عليها بسهولة فمن الصعب جدا التحدث عن مثل هذه الافتراضات
حتى الدقائق الاخيرة منه ، لكن يبدو أن سكورسيزي لم يتكبد عناءا كبيرا في
خداع المشاهدين أو محاولة منعهم من اكتشاف ما يحصل ، فما من مفاجآت أو أي
شيئ من هذا القبيل ، فقد ركز الفيلم على تجربة الحاسة السادسة لدى المشاهد
عوضا عن اتباع اسلوب التشويق والاثارة ، فطبيعة القصة معقدة جدا وتقوم على
نوع الشخصية التي تؤدى وما تمر به ، ولدى تيدي ماض معقد جدا تطرق الفيلم
بكامله الى ذكرياته التي قد تفسر ايضا على انها احلام يريد سكورسيزي
التشديد على غموض الشخصية والحبكة ، لا أظن أنه أراد نهاية غريبة أو إحدى
تلك النهايات الخفيفة المسلية ) .
رودريغز المعجب بسكورسيزي عاد ثانية فقال : ( ما صدمني فيما يتعلق
بهذا الفيلم ، أن القصة تأخذك الى مكان مظلم جدا لم أر يوما فيلما يصور
بهذه الطريقة وبتجسيد هذه الشخصية عموما ، طابعها العاطفي العميق ومدى
قدرتها على الغوص في الجهة المظلمة من الانسانية ، في النهاية يركز هذا
الفيلم على طبيعة الشخصيات مع اختفاء تدريجي للرعب حتى نصل الى جوهره أو ما
نسميها بالصدمة البشرية وما إذا كان المرء قادرا على الشفاء منها )، هذه
المعطيات الواردة اعطت لهذا الفيلم زخما واندفاعا عاليا لاكتساح باقي
الافلام المعروضة ، فقد حقق في بداية عرضه في أول ثلاثة أيام اكثر من 40
مليون دولار ، وهذا هو اكبر مبلغ يحصل عليه بعد ان كان فيلم " افاتار "
متسيدا الساحة السينمائية، أو حتى "تايتانيك" الذي قيل عنه انه لن يسبقه اي
فيلم قادم سواء على مستوى ملايين الدولارات التي حصدها أو الجمهور ، لكنه
حصاد التقييمات المشجعة التي انهالت عليه في الايام الثلاثة الاولى من عرضه
والذي قادته بنجاح شركة " بارامونت " التي أفرجت عنه في منتصف شباط الماضي
.
سكورسيزي ما من شيئ مميز في اسلوبية اخراجه يجعله مختلفا جدا عن
مخرجين آخرين من وزنه ، أو أفضل منهم بكثير لكن اعماله تنفرد بميزة خفية
لايمكن لمسها أو تحديدها ، لكنها ترتبط بالطريقة التي يتعاطى فيها سكورسيزي
مع الممثلين ، اسلوبه في تعديل بعض اللحظات الصغيرة وابرازها ، طريقة
تعاطيه مع الكاميرا بجرأة لايمكن تحديدها ، وعندما تجمع قطع الاحجية كافة
تحصل على مزيج لكن ما يمكنني قوله عنه بوضوح مميز ، وهكذا يعمل هذا المخرج
المبدع على مستويات مختلفة في انه يعطي الممثل كامل الحرية في تجسيد
الشخصية التي يؤديها ويلقي على عاتقه المسؤولية حتى وان سلك الممثل اتجاها
مختلفا تماما مما يعتبره مناسبا للفيلم ويسمح له بالمتابعة الى ان يكتشف
ذلك بنفسه، فهو يتوقع من ممثليه مساعدته في الفيلم الذي يخرجه ، وهكذا
يستكشف اداؤهم للدور وهذا رائع ونادر نوعا ما .
في سؤال اجاب عنه كابريو عن تأثير هذه التجربة على مقاربته للتمثيل
عموما وهل يعمل بشكل مختلف الآن او يبحث عن امور في نصوص الافلام تختلف عما
كان يبحث عنها سابقا ، اجاب : ( من بين الامور التي تعلمتها الانفتاح على
اكتشاف الشخصية اثناء تصوير الفيلم فقد بدأنا انا وسكورسيزي هذا الفيلم
ونحن نعرف تمام المعرفة نوعه والى أي خانة ينتمي ، لكننا لم نفهم حقيقة
العمق العاطفي الذي كنا بحاجة اليه الى أن باشرنا بتصويره ، وقد تضمن النص
مشهدا وصف ببساطة كبيرة ، ولكن فيما كنا نستعد لتصويره لاحظت فجأة أن هذه
في الواقع أهم لحظة في الفيلم بكامله فقال لي سكورسيزي أجل هذا صحيح ،
وأدركت عندئذ أن عليّ بذل جهد كبير في تصويرها ، لااستطيع التكلم بالتفصيل
عن هذا المشهد ، فهو يكشف الكثير عن الفيلم ، لكن ذلك المشهد بالقرب من
البحيرة هو اكثر عمل مجهد قمت به في حياتي ) .
العمل مع مخرج متميز كسكورسيزي يحتاج الى توقفات كثيرة ، فقد سبق ان
قدم النجم روبرت دي نيرو في اكثر من فيلم خاصة " سائق التاكسي " و "
الثورالهائج " وقد شكلت هذه المجموعات من افلامه مع ما قدمه لكابريو ، نخبة
ممتازة اعادت للسينما الهوليوودية تألقها كما في اربعينيات وخمسينيات القرن
الماضي ، وقد يسعفنا الحظ في قادم الايام لمشاهدة ابداعات اخرى لهذا المخرج
الذي يدغدغ فينا حاسة مخبوءة لايمكن ان تظهر بسهولة لولاه .
الهوامش /
* مجلة / هوليوود كوم الامريكية
* انتوني لان / مجلة نيويوركر الامريكية
* رينيه رودريغز/ ناقد سينمائي امريكي
خاص "أدب فن"
أدب وفن في
22/03/2010
8 أفلام تتنافس على جوائز جمعية الفيلم..
والمهرجان يكرم نبيلة عبيد والعلايلي ومحرم
رضوى الشاذلي وأحمد خير الدين
بدأت يوم السبت الماضي بمركز الإبداع الفني بدار الأوبرا المصرية
وقائع الدورة السادسة والثلاثين من مهرجان جمعية الفيلم السينمائي، وهي
الدورة التي يتم من خلالها الاحتفال باليوبيل الذهبي لإنشاء جمعية الفيلم،
كذلك سيتم الاحتفال بالمناسبة نفسها من خلال عدة ندوات وحلقات نقاش تقام في
شهر نوفمبر المقبل، وتشمل وقائع هذه الدورة عرض ثمانية أفلام تم اختيارها
بناء علي استفتاء تم إجراؤه بين أعضاء الجمعية ويأتي في مقدمة هذه الأفلام
«خلطة فوزية» الذي عرض يوم السبت الماضي والذي يشارك في بطولته إلهام شاهين
وفتحي عبدالوهاب، وهو من تأليف هناء عطية وإخراج مجدي أحمد علي. بالإضافة
إلي فيلم «واحد صفر» الذي يشارك في بطولته أحمد الفيشاوي ونيللي كريم، وهو
من تأليف مريم ناعوم وإخراج كاملة أبو ذكري. كما عرض أمس ـ الاثنين ـ فيلم
«عين شمس» للمخرج إبراهيم البطوط، أما فيلم «دكان شحاتة» للمخرج خالد يوسف
فمن المقرر أن يعرض في السادسة مساء اليوم ـ الثلاثاء ـ وتعقبه ندوة يديرها
الناقد حسام حافظ. كما يعرض كذلك ضمن وقائع هذه الدورة فيلم «الفرح» من
تأليف أحمد عبدالله وإخراج سامح عبدالعزيز ومن بطولة خالد الصاوي وجومانا
مراد وماجد الكدواني وكريمة مختار، وفيلم «احكي يا شهرزاد» تأليف وحيد حامد
وإخراج يسري نصر الله وبطولة مني زكي ومحمود حميدة، وكذلك فيلم «ولاد العم»
وهو من تأليف عمرو سمير عاطف وإخراج شريف عرفة وبطولة كريم عبدالعزيز ومني
زكي وشريف منير. بينما وقع الاختيار علي فيلم «بالألوان الطبيعية» ليكون
آخر الأفلام التي تعرض ضمن وقائع المهرجان والفيلم من تأليف هاني فوزي
وإخراج أسامة فوزي وبطولة كريم قاسم ويسرا اللوزي. من جهة أخري قررت إدارة
المهرجان تكريم كل من نبيلة عبيد وعزت العلايلي والسيناريست مصطفي محرم
والناقد السينمائي سمير فريد وفني الإكسسوار محمود المغربي. أما لجنة تحكيم
دورة المهرجان العام فيرأسها الناقد علي أبو شادي وتضم الناقد طارق الشناوي
ومعالي زايد والسيناريست إبراهيم الموجي والدكتور فاروق الرشيدي والناقد
مجدي الطيب والمنتج محمد العدل والمونتير أحمد متولي. جدير بالذكر أن حفل
الختام وإعلان الجوائز من المقرر أن يقام في الثالث من شهر أبريل المقبل
بسينما كايرو.
الدستور المصرية في
22/03/2010 |