مسلسل «العار» ومسرحية «سكر هانم»، عملان يضعان أحمد رزق رغما عنه فى
مقارنة مع نجمين كبيرين هما محمود عبدالعزيز وعبدالمنعم إبراهيم، كما
يضعانه فى دائرة الاتهام باستغلال نجاح شخصيتين يعاد تقديمها مرة أخرى.
رزق تحدث مع «المصرى اليوم» عن استنساخ الأعمال القديمة فى المسلسلات
والمسرحيات، وعن غيابه عن السينما، ورأيه فيما تتعرض له من أزمات، وسر
الهجوم على مسلسله الأخير «فؤش».
■
ما سر حماسك لمسلسل «العار» وما الجديد الذى ستقدمه فى شخصية محمود
عبدالعزيز التى قدمها فى الفيلم؟
- مبدئيا فيلم «العار» يختلف تماما عن المسلسل رغم أنهما تيمة واحدة،
ففى الفيلم يكتشف الأبناء الثلاثة أن والدهم كان تاجر مخدرات، وعندما
يكملون مسيرته يخسرون صفقة بيع المخدرات بسبب سوء تخزينها، وينتهى الفيلم
على ذلك، أما فى المسلسل، فنحن نبدأ من حيث انتهى الفيلم، وتتغير الأحداث
تماما، حيث تنجح الصفقة وينال كل ابن من الثلاثة نصيبه ويستأنف حياته، ثم
يحل عليه العقاب بطريقة مختلفة، أما عن دورى، فلا مقارنة أساسا بينى وبين
دور محمود عبدالعزيز، فهناك اختلاف بين الشخصيتين، حيث كان فى الفيلم
طبيبا، أما فى المسلسل فلا علاقة لى بالطب، وملامح الشخصيات تختلف تماما عن
الفيلم.
■
هذا لا يمنع حدوث مقارنة بين الفيلم والمسلسل والأبطال والتى ربما ليست فى
صالح أبطال المسلسل؟
- طبعا أى مقارنة مع النجوم الكبار نور الشريف وحسين فهمى ومحمود
عبدالعزيز بالتأكيد ستكون ظالمة فهم أصحاب خبرة وجماهيرية، لكن ربما يكون
ذلك حافزا لنا للاجتهاد والتجويد، وليس للخوف والتراجع، كما أن اختلاف
الموضوع فى التفاصيل والأحداث وملامح الشخصيات قد يخفف من فكرة المقارنة.
■
تعود للمسرح بتحد كبير وهو مسرحية «سكر هانم» وفى شخصية جسدها عبدالمنعم
إبراهيم فما سر هذا الاختيار؟
- تساءل الكثيرون ماذا سنقدم بعد الفيلم العظيم «سكر هانم» الذى يعتبر
واحدا من أجمل أفلام السينما، وكيف سنقدمه على المسرح لكن ما لا يعرفه
البعض أن الفيلم كان فى الأصل مسرحية قدمها إسماعيل ياسين، وبالمصادفة جلست
أقرأ على الإنترنت معلومات عن الفيلم وفوجئت بكارثة وهى أن الفيلم هوجم
بشراسة أثناء عرضه واتهم بالتفاهة.
ولذلك لم أتعجب من أن الجميع يتعرضون للهجوم لكن بعد فترة يأخذ كل ذى
حق حقه، وتحمست جدا للمسرحية بعد عمل معالجة عصرية لها وبمشاركة عدد كبير
من النجوم على رأسهم عمر الحريرى ولبنى عبدالعزيز وطلعت زكريا وروجينا
وإدوارد وأحمد السعدنى، وعموما فكرة المسرحية مغرية جدا لأى كوميديان، خاصة
أن شخصيتى شخصية رجل يتقمص امرأة وهى المرة الثانية التى اجسد فيها تلك
التيمة بعد دور أم فؤش فى مسلسل «فؤش»، وباحترام شديد للفنان عبدالمنعم
إبراهيم سأجسد الشخصية بشكل عصرى، وأعتقد أنه لا مجال للمقارنة لا فى
الموضوع ولا الشكل.
■
ما رأيك فى ظاهرة تحويل الأفلام لمسلسلات، والتى تعد إفلاسا؟
- لا أعتقد أنها ظاهرة سلبية لأن الناس تأثروا بأفلام معينة ولا مانع
من أن يشاهدوا أفلامهم المفضلة على الشاشة الصغيرة خاصة أن المسلسل يمنح
مساحة أكبر وتفاصيل وخطوطا درامية جديدة، وللأسف هناك نوعان من الناس:
الأول الجمهور الذى يحب المشاهدة ويقيم فى النهاية هل أعجبه العمل أم لا،
والثانى أشخاص تهاجم فقط وتقول هذا اقتباس أو سرقة أو إفلاس وهم ليسوا
الجمهور الحقيقى، وعموما تيمات الدراما ٣٦ تيمة، وطبيعى أن نلف وندور حولها
بأشكال مختلفة.
■
لكن هذه الظاهرة تعبر عن وجود أزمة ورق حقيقية؟
- لا أنكر أننا نعانى من أزمة فى وجود الورق والأفكار وهذا لا يمكن أن
نجادل فيه، لكن قد تكون هناك أسباب لتلك الأزمة، فقد توجد أشخاص لديهم
أفكار وموضوعات جديدة لكنهم لا يصلون إلينا، وفى نفس الوقت، نحن نتعامل مع
عدد محدود من الكتاب لذلك نشعر بالتكرار وأزمة الورق.
■
قدمت فى رمضان الماضى مسلسل «فؤش»، وهوجم بشدة ولم يحظ بنجاح يذكر، ما ردك؟
- للأسف مسلسل «فؤش» ظلم جدا فى العرض بسبب الزحام الشديد فى عرض
المسلسلات، ولم يشاهده معظم الناس، ومع ذلك شتمه البعض دون أن يروه، والبعض
الآخر افزعهم شكل الشخصية لأنه مبتكر وغير تقليدى، والمسلسل فكرة أحمد مكى،
ولم أنزعج من رد الفعل لأن الناس قد لا يروقها التجديد، وكنت أعرف أنها
مغامرة قد يكون لها عواقب، ومع ذلك صممت على تقديمها لأننا لابد أن نغامر
ونجرب ونخرج من القوالب الثابتة ونكسر الملل، وعموما فالفن مغامرة ورد
الفعل دائما غير معلوم وغير متوقع.
■
صعدت كبطل أول فى السينما ثم اختفيت تماما فى الفترة الأخيرة، لماذا
تراجعت؟
- حال السينما الآن للأسف «تعبان جدا» بسبب الأزمة الاقتصادية وتضاؤل
حجم الإنتاج وعدد الأفلام، وبصراحة شديدة من يتواجدون الآن على الساحة
السينمائية هم أصحاب أسماء لها ضمانات جماهيرية، وبالتالى تضمن لحد كبير
عودة أموال المنتج، ولذلك لا تنفذ إلا الأفلام الكبيرة للنجوم الكبار،
وهناك نوع آخر من الأفلام يتم إنتاجه وهو ما يسمى أفلام المقاولات أو
الأفلام قليلة التكلفة، وطبعا لن أشارك فى تلك النوعية، وقد وصلت لقناعة
الانتظار لحين تحسن أحوال السينما بدلا من التورط فى أفلام لا أرضى عنها.
■
ما المانع أن تشارك فى أفلام كبيرة ضمن البطولة الجماعية أم أنك تصر على
البطولة؟
- «عمرى ما كان عندى تحفظ على البطولات الجماعية» ولم أشترط يوما أن
أكون بطلا مطلقا بدليل أننى بعد تقديم بطولات مطلقة رجعت وقدمت فيلم «التوربينى»
ولم أكن البطل الأول، ولا أمانع فى البطولات الجماعية لا فى السينما ولا
الفيديو، والطريف والغريب أننا كجيل ممثلين شباب إذا قدمنا بطولات مطلقة
نتهم بالأنانية وحب الذات، وإذا قدمنا بطولات جماعية يقال أفلسوا ولا
يستطيعون تحمل أعباء البطولة المطلقة.
المصري اليوم في
17/03/2010
أعداء الشعب
هادي ياسين
ما أن نزل فيلم ( أعداء الشعب ) الى صالات السينما في الولايات
المتحدة، منتصف العام الماضي (2009)، حتى حقق ايرادات تجاوزت الأربعين
مليون دولار في الأسبوع الأول، وما يزال الإقبال على مشاهدته ساخناً ،
وحققت أقراص الـ (دي. في. دي) ـ التي طـُبع عليها الفيلم ونزلت الى الأسواق
مؤخراً ـ مبيعات متقدمة. فقد اجتمعت عناصر نجاح كثيرة جعلته يحظى بهذا
الإقبال والإهتمام، أكان على مستوى الجمهور العريض أو مستوى النقاد الذين
أشادوا به وأعتبروه تتويجاً لنجاحات سابقة كان مخرجه (مايكل مان) قد حققها
من قبل في أفلام معروفة من مثل: (اللص) و(العارف) و(الرجل الصياد) و(شرطة
ميامي) و(حرارة) الذي جمع فيه النجمين (آل باتشينو) و(روبيرتو دي نيرو)،
وفيلم (علي) الذي يتناول فصلاً من حياة الملاكم الأمريكي الشهير (محمد علي
كلاي).. و(مايكل مان) مخرج أمريكي من أب روسي وأم أمريكية، يحفل سجله
بالتنوع الفني، ككتابة السيناريو، واخراج الإعلانات والأفلام القصيرة
والأفلام الوثائقية والمسلسلات التلفزيونية والإنتاج (أنتج حفلي توزيع
جوائز الأوسكار للعامين 1999 و2004)، وهو معروف عنه سعة ثقافته وثراء
تجربته الحياتية والفنية.. ومخرج بمرتبة (مايكل مان) وتجاربه الهوليوودية،
لا تنقصه الخبرة في اختيار ممثلين يرتفعون بالفيلم الى ما حققه من نجاح
كانوا هم من ابرز عوامله، مثل (جوني ديب) الذي مثل شخصية (جان دالنجر) في
الفيلم فخرج على جميع أنماط أفلامه الغرائبية والفنطازية السابقة وتفوق
عليها بامتياز، وكذلك الممثل (كريستيان بيل) الذي أضطلع بدور رجل الـ (أف.
بي. آي.) المطارد للص الخطير (دالنجر).
ولعب عنصر التشويق ـ أكان على مستوى شهرة الموضوع الذي تناوله الفيلم،
أو على مستوى تقديمه من حيث الإخراج ـ لعب هذا التشويق دوره الهام في انجاح
الفيلم. فقصة الفيلم قصة حقيقية حدثت في ثلاثينيات القرن الماضي، وتحديداً
في مدينة (شيكاغو) الأمريكية، وفي هذه الفترة كانت قد تفاقمت الأزمة
الإقتصادية العالمية الأولى التي انهارت على أثرها البورصات و تزعزعت
البنوك و عصفت الرياح بأسواق المال. الأمر الذي يدفع بالمشاهد الى الربط
بين تلك الأزمة الأولى التي حصلت في عهد الرئيس الأمريكي (روزفلت) وبين
الأزمة الحالية التي حصلت في عهد الرئيس (بوش) الإبن، مما ضخ الى الفيلم
شحنة من حيوية رفعت درجة حرارته لدى المشاهدين الذين أثار فضولهم موضوع
ساخن كهذا، تم التقاطه وتوظيفه بذكاء. فمن بين دهاليز تلك الأزمة خرجت الى
الشارع شخصية (جان دالنجر). و(دالنجر) شخص حقيقي ولد في العام 1903، وتوفي
في الثاني والعشرين من شهر يوليو/ تموز من العام 1934. بعد أن كان قد دوّخ
السلطات الإتحادية في الولايات المتحدة لسنوات، في مطاردات مثيرة تبارى
فيها الطرفان لإختبار درجة ومستوى ذكاء ومهارة وشطارة الطرف الآخر. فكانت
تلك السلطات لا تتردد في اللجوء الى أي وسيلة وحيلة، حتى وإن كانت غير
أخلاقية، من أجل الإيقاع بـ (دالنجر)، وبالمقابل كان هذا لا يتردد في
اللجوء الى أقسى درجات العنف في مواجهة تلك السلطات، فيما يلجأ أيضاً ـ حين
تتطلب الحاجة ـ الى الحيل الناعمة للإفلات، ومنها ـ على سبيل المثال ـ
تجواله في مركز للشرطة، وهو يعلم أنه مجرم مطلوب، وتلك كانت مهارة وشطارة
رجل يعرف أن لا أحد سيشك به، خصوصاً وأنه كان من المفترض أن يكون خلف
القضبان بعد أن كان قد ألقي القبض عليه ووضع تحت الحراسة المشددة. ولكنه
كان يفلت في كل مرة، مما صدع رأس الحكومة التي أطلقت عليه لقب (عدو الشعب
الأول)، ومن هنا جاء عنوان الفيلم، ولكن الشعب الأمريكي كان يرفض ذلك
التلقيب، وراح بالمقابل يلقبه بـ (روبن هود الجديد)، لأن (دالنجر) كان يعين
الكثير من العوائل بالكثير من الأموال التي كان يسرقها.
واشتهر (دالنجر) بسطواته الدائمة والمنظمة على كبريات البنوك، وكأن
ذلك كان رداً أخلاقياً، بطريقته الخاصة، على مسببي تلك الأزمة الإقتصادية
التي أضرت بطبقات اجتماعية كثيرة في الولايات المتحدة وخارجها. لكن الفيلم
لا يعلن ذلك، ولم يحمّـل موضوعه بعداً سياسياً، بالرغم من الموقف والثقافة
السياسية لدى كاتب السيناريو (رونان بينيت) والمخرج (مايكل مان) الذي شارك
في كتابته أيضاً. فالفيلم يقدم موضوعاً ساخناً وباخراج ساخن يشد المشاهد
على مدى ساعتين وعشرين دقيقة من الشد والجذب والمطاردات ونصب الكمائن
وعمليات سطو مفاجئة ودموية التنفيذ واعتقالات ومن ثم عمليات هروب متكررة.
يبدأ الفيلم، من العام 1933، بمشهد لسجناء ينالون عقاباً في سجن
صحراوي معزول، ثم يظهر شخص بدا كرجل مباحث يقتاد (دالنجر) نحو السجن، ليفتح
له الحارس الباب، ولكن ما هي إلا دقائق حتى تبين بعدها انها حيلة انطلت على
الحارس، حين فتح (دالنجر) وصاحبُه، رجلُ المباحث المزعوم، النارَ على حراس
السجن، لتبدأ عملية تحرير أفراد عصابتهم من السجن. من هذه البداية المحبوكة
يبدأ فيلم (أعداء الشعب) ليقدم لنا بين طيات الأحداث صورة عن مدينة
(شيكاغو) بملاهيها وحاناتها وصالات السينما فيها وأضوائها.. المدينة التي
كانت قد أشتهرت في ذلك الوقت بكونها بؤرة لعصابات الإجرام على مستوى
العالم، وساحة لصراع تلك العصابات الشهيرة التي كانت قد بنت هيكليتها
وكياناتها بالمال والقوة، فبدت في بعض الأحيان ليست كطرف صراع مع السلطة،
كما هو معروف، بل موجّهة لها وصانعة لقراراتها، بصورة مباشرة أو غير
مباشرة. وبهذا المعنى فأنها كانت طرفاً في صراع خفي مع عصابة (دالنجر)،
ويشير مخرج الفيلم في حديث الى صحيفة (لوس أنجليس تايمز) أن (دالنجر) وقع
بين فكي كماشة السلطات التي كانت تطارده والعصابات التي كانت تراقبه، والتي
لا يروق لها خروج منافس لها من الوسط المُعدم. هذه الإشارة، ربما تحمل
إيحاءً بأن النهاية التي سقط فيها (دالنجر) قد تكون من نصيحة أومشورة
قدمتها تلك العصابات الى السلطات. فالخطأ الذي وقع فيه الرجل هو ارتباطه
بسيدة قادمة من احدى دول أوربا الشرقية، ومشكلة هذه السيدة هي انها مهددة
بالترحيل من الأراضي الأمريكية لأنتهاء صلاحية أوراقها، ومن نقطة ضعفها هذه
عرض عليها (هوفار) رجل الـ (أف. بي. آي.) صفقة منحها الإقامة الدائمة في
أمريكا مقابل اخباره بمكان تواجد (دالنجر).
ومنذ ذلك التاريخ، أغرت قصة الرجل أكثر من مخرج سينمائي لإخراجها. ففي
العام 1945 أخرج (ماكس نوزك) فيلماً قصيراً فاشلاً بعنوان (دالنجر). وفي
العام 1969 قدمت السينما الإيطالية ـ لتناغمها مع أفلام العصابات ـ فيلماً
بعنوان (دالنجر مات) من اخراج (ماركو فيريري). وبعده بعام واحد أخرج
الإيطالي (سيرجيو غوبي) فيلماً حمل عنوان (دالنجر 70). وفي العام 1973 أخرج
الأمريكي (جون ميلوس) فيلمه (دالنجر) المتميز والمتقدم كثيراً على هذه
السلسلة من الأفلام. ثم جاء (لويس تيغ) ليخرج في العام 1979 فيلماً بعنوان
(السيدة ذات الرداء الأحمر) في إشارة الى السيدة التي وشت، رغم إرادتها،
بـ(دالنجر ).
خاص "أدب فن"
المصري اليوم في
17/03/2010 |