صدر عن المجلس الأعلى للثقافة في مصر كتاب «أوهان... تصنيع وابتكار
المعدات
للسينما المصرية» وهو من تأليف سعيد الشيمي. والكتاب يروي
مأساة أوهان المصري
الأرمني الأصل الذي ولد عام 1913 في باب
الشعرية، كان يهوى فك الأشياء وتركيبها،
وذهب ذات مرة وهو طفل إلى السينما، فهاله مشهد الصور المتحركة التي سلبت
عقله. في
سن العاشرة اشترى والد أحد أصدقائه آلة عرض أفلام سينمائية للهواة صغيرة،
تدار
باليد. جرب أوهان آلة العرض، واستنتج وهو في هذه السن أن كل صورة على
الشريط عندما
تمر أمام الضوء تسقط على الحائط كبيرة واضحة، وأن دوران الصور المتتالية عن
طريق
الآلة وبسرعة، هو الذي يشعرنا بالحركة. اكتشاف مذهل توصل إليه أوهان أجاب
على
التساؤلات الكثيرة داخله، ولا سيما بالنسبة الى العدسة التي تبعث الضوء
وتكبره وهي
ليست سوى قطعة الزجاج. وهكذا فهم أوهان سريعاً وضمنياً وفي شكل جيد لعبة
العروض
السينمائية.
من هنا انطلقت رحلة أوهان في صناعة الآلات والمعدات وابتكار الكثير
منها للسينما
المصرية، فكان عدد من معدات استديو الأهرام الشهيرة، من صنعه.
لم يتزوج أوهان بل
عاش راهباً في محراب آلات وماكينات
السينما. وكانت النتيجة 25 ابتكاراً قدمها
للسينما وهي: كاميرات سينمائية 35 مللي كاملة بالأرجل والحقائب بعدسة
واحدة،
كاميرات سينمائية 35 مللي كاملة بالأرجل والحقائب وبعدسة واحدة مضافاً
إليها وحدة
تسجيل صوت في نفس جسم الكاميرا، وأجهزة تسجيل صوت بصري منفصلة، وأجهزة عرض
سينمائية
بالإضافة إلى شاشات عرض، أجهزة إذاعة الصوت لآلات العرض الصامتة، وجهاز لقص
شريط
الصوت البصري 35 مللي إلى نصفين 17.5 مللي، ليصبح شريطين. وجهاز بلاي باك
مرفق
بكاميرا التصوير السينمائي، وأجهزة البلاي باك منفصلة عن الكاميرا، وأجهزة
مونتاج «منضدة
مونتاج»، ومصادر ضوئية (كشافات) متعددة الأحجام والمقاسات بجميع مشتملاتها،
من تابلوات للتوزيع الكهربائي وخلافه. فضلاً عن أجهزة شاريو كاملة بالقضبان
الحديدية، ودواليب تحميض في المعامل للفيلم السالب والموجب والملون
والعكسي،
وماكينات طبع بصري للصورة والصوت. وماكينات تحديد كمية الضوء للطبع في
المعامل،
وأجهزة مكساج للصوت 6 قنوات، وأجهزة حمل للميكروفون (جراف)، وماكينات تصوير
العناوين والرسوم المتحركة - كاميرات التروكاج، وأجهزة إضافية مساعدة
لكاميرات
التروكاج، وعازل للكاميرا السينمائية للغوص بها تحت سطح الماء، وكاميرا
سينمائية
للتصوير تحت سطح الماء، وإضاءة صالحة للاستعمال تحت سطح الماء، وجهاز
لتحويل شريط
الفيديو إلى فيلم سينمائي. وقام أوهان بتحويل موفيولا إلى جهاز بلاي باك
بالعراق،
وتصميم كاميرات للتصوير الجوي الثابت والمتحرك، وتصميم سيارة معدات كاستديو
متحرك
صغير، وكرين واحد متوسط الارتفاع. هذا بخلاف تخطيطه الكامل وإشرافه على
بناء استديو
الأهرام، وتعديل استديو رامي بالإسكندرية، وبناء تسع دور عرض مجهزة بالآلات
والكراسي والشاشات بالكامل في نيجيريا.
متحف...؟ أي متحف
وفي يوم من أيام عام 1994، ذهب إليه أحد المسؤولين ليطلب منه - بعد
عمر طويل
-
ان يتنازل عن منزله ومعداته وورشته لتصبح متحفاً له، فما كان
من أوهان إلا الرفض
والتهجم على تفكير الدولة، التي لا تكرمه
في حياته أو تهتم به، ولكنها مهتمة بأن
يبقى مومياء مع معداته ليزورها الناس بعد
رحيله!
وهنا قرر أن يبيع الفيلا وينهي الورشة ويدمر كل ما صنع وبقي عنده ولم
يبع أو
يستغل، ليعيش أعوامه الأخيرة في شقة تضم ذكريات كهولته بعيداً
من البشر جميعاً. حتى
أخوه جيرار قاطعه.
لقد عانى أوهان من ظلم الحياة، لكن أكثر ما عاناه كان تجاهل السينما
والسينمائيين لأعماله، وفي هذا يقول بلهجته الشعبية: «دائماً اللي ورا
الكواليس
بيكونوا مستخبيين محدش بيسمع عنهم... يجوز لو أنا كنت ممثل كانوا يعملولي
جايزة
تانية... جايزة تالتة... لكن حيقولوا لك تصنيع آلات إيه؟ إحنا عمرنا ما
بنصنع آلات
هنا... بس... وطلعت برة المسابقة... اتحطيت على الجنب... كنت بَعمل أصعب
حاجة في
السينما... وآخر حاجة بيفكروا يهتموا بيها».
هاجم أوهان الجميع في آخر حديث منشور له قبل رحيله بحوالى عام ونصف
العام، وكان
على الحق مقابل الجحود الإنساني المؤلم. وهو لم يعترف أبداً
بأنه مدير تصوير ومصور
على رغم ممارسته التصوير. ويذكر المؤلف
مدير التصوير سعيد شيمي أنه كان يقول له «إنها
مهنة لا ترتقي إلى مهنتي الابتكارية في تصنيع آلات السينما». ولكنه رغم ذلك
صور 13 فيلماً روائياً كاملاً، كما صوّر بعض الأحاديث لمسؤولين كبار: صورة
وصوتاً،
وبدأ عام 1938 بفيلم «دونجا» الذي لم يكتمل، وأفلامه هي: فيلم «الشاطر حسن»
وفيلم «فتح
مصر» إخراج فؤاد الجزايرلي 1948، وفي نفس العام فيلم «ليلى العامرية»، وعام 1949
الفيلم العراقي «ليلى في العراق» إخراج أحمد كامل مرسي، وعام 1951 فيلم
«وهيبة
ملكة الغجر» إخراج نيازي مصطفى، وفيلم «انتصار الاسلام» إخراج أحمد الطوخي
عام 1952، وفيلم «أرض الأبطال» إخراج نيازي مصطفى عام
1953، وفيلم «المستهترة» لعبدالله
بركات، وفي عام 1954 فيلما «الفارس الأسود» و «فتوات الحسينية» إخراج نيازي
مصطفى،
وعام 1955 فيلم «قلبي يهواك» إخراج حسين صدقي، وفيلم «ضحايا الإقطاع» إخراج
مصطفى
كمال البدري. وفيلم «بنت الصياد» إخراج عبدالغني قمر واشترك في إخراجه
أوهان عام 1957.
هذا هو أوهان الذي أراد سعيد الشيمي من خلال كتابه هذا أن يرد بعض
الجميل الذي
قدمه للسينما المصرية، فهل حان الوقت لتكريم هذا المبتكر؟
الحياة اللندنية في
26/02/2010
الجمهور لا يمل من شباك تذاكر السينما
التسجيلية
دمشق - رنا زيد
يفخر القائمون على مهرجان سينمائي سوري محلي للأفلام التسجيلية بأنهم
تمكنوا من
إقناع الأمريكيان د.ا. بينيبيكر (أحد مؤسسي السينما المباشرة) وكريس هيغدس
بقبول
حلولهما ضيفين على الدورة الثالثة من أيام سينما الواقع
DOX BOX
في دمشق، كما يطرح
اسم سينمائي آخر كضيف استثنائي وهو المخرج التشيلي باتريسيو غوسمان صاحب
ثلاثية «
حرب تشيلي»، فيما عتذر عن حضور الدورة
القادمة السينمائي فريديريك وايزمان.
والمهرجان نتيجة ثلاث سنوات من تنظيم وإعداد قامت به شركة «بروآكشن
فيلم» التي
طلبت في الوقت نفسه إسناد رعاية الحدث للمؤسسة العامة للسينما بدمشق، بينما
تخضع
الأفلام للجنة تحكيم دولية. وتمر تظاهرة دوكس بوكس بثلاث مدن سورية، فمن
انطلاقتها
في 3 آذار (مارس) في دمشق، تتجه نحو حمص بعد يوم، وطرطوس بعد يومين مستمرة
حتى 11
من الشهر ذاته.
«صيغة المهرجان واضحة في هذه الدورة، والعلاقة مع المؤسسة الرسمية
مريحة»: يقول
مدير برنامج دوكس بوكس عروة نيربية. ويضيف «الواقع التسجيلي السيِّئ للفيلم
العربي
يبدو أفضل منه مما في التخيل».
ان ما تحاول هذه الظاهرة توفيره هو «فرص بديلة للإنتاج والتوزيع
التسجيلي في
العالم العربي» مرسخة في برنامجه وعروضه المتضمنة خمسة وأربعين فيلماً
تسجيلياً من 57
دولة صنفت ضمن تظاهرات هي «المختارات
الرسمية» و «جائزة الجمهور»، «الطبقة
العاملة تذهب إلى الجنة»، «رجال ونساء»، «روائع المهرجانات»،
بالإضافة إلى تظاهرة «أصوات
من سورية» المستقطبة لتجارب سورية في الفيلم التسجيلي. واختيرت الأفلام
النهائية على برنامج العروض من بين حوالى 620 فيلماً أتت من أنحاء العالم.
أما
الجائزة الأبرز فهي
DOX BOX – Soura
الممنوحة لأفضل فيلم تسجيلي سوري وتم إنشاؤها
بالتعاون مع شركة «صورة» للإنتاج الفني المدارة من قبل المخرج حاتم علي.
في الإطار نفسه سيكثف مخيم تدريبي لشبان يعملون على إخراج الفيلم
التسجيلي في
الوطن العربي، طاقات مدربيه للتركيز على مجالات الإنتاج والإخراج والتصوير
والمونتاج، ويتوجه برنامج تدربي آخر تحت عنوان (تكوين) للمهتمين غير
العارفين
بأساسيات بالفيلم التسجيلي.
ان «العمل بطريقة تشبه العدالة لعرض أفلام تتناول الم الواقع» أمر
يأتي متوازناً
بشكل ما مع رقابة المؤسسة العامة للسينمائية في سورية، ويرى نيربية أنه
«ليس
مطلوباً فعل أي نوع من المراوغة، لهذا فكل الأفلام تخضع لرقابة المؤسسة
الحكومية
بما فيها السياسية»، وبالمقابل لا يخفي نيربية أنه «لا يحب ولا
يوافق أي منطق
رقابي». ويقول نيربية هنا ان «التعاون مع مؤسسة رسمية يرفع من مستوى الثقة
للمهرجان» فمراسلة أجراها الدوكس بوكس مع جهات ومؤسسات سورية مكنته من
إنجاز أجندته «دون التأثير على عقليته الخاصة» فالأمر
باختصار «إما ان نتواجد كنشاط ثقافي
ديناميكي أو لا نتواجد، ولأجل ذلك يجب أن نخضع للرعاية».
بشكل عام تعمل «بروآكشن للفيلم» على تجهيز الأساسيات لـ «مهرجان مفتوح
على
التحاور وإفادة الإبداع الشاب» مبتعدة عن سياسة الربح والخسارة. الدعوات
وجهت
للمختصين من منتجين وموزعين وممثلي محطات تلفزيونية وصناديق دعم ومهرجانات
لـ
«المشاركة
في مجموعة من النشاطات المتشابكة»... كما ان دخول العروض سيكون مجانياً
للجميع.
ويرى نيربية ان من بين طموحات «الدوكس بوكس» الوصول إلى سمعة عربية
تحسن في واقع
السينما التسجيلية العربية: «الطموح هو النظر في مرآة الواقع. ابتداء
بسورية
وانتهاء بالدول العربية»، أما الفائض المالي فهو أمر غير موجود في مهرجان
يعتمد على
تمويل ومساعدات «غير دائمة التوافر».
الحياة اللندنية في
26/02/2010 |