بعد مرور سبعة أعوام على مقتلها جاءت مسرحية " إسمي راشيل كوري" لتلقي
المزيد من
الضوء على ناشطة السلام الأمريكية اليهودية التي قتلت في غزة وهي تدافع عن
بيوت
الفلسطينيين ضد جرافات البلدوزر الإسرائيلية.
ويعتمد العمل المسرحي الوثائقي على مراسلات الناشطة الراحلة ومذكراتها
اليومية
والتي قام بمراجعتها وصياغتها كل من آلين ريكمان وكاثرين فينر،
ويستمر العرض حتى
نهاية شهر أبريل القادم، ويعتمد على ممثلة شابة تطرح أفكار وآمال الناشطة
الراحلة
وتستعرض أمنياتها في الحياة وتطلعاتها إلى تحقيق السلام منذ أن كانت في عمر
الخامسة
من عمرها.
وتعرض المسرحية لحظات مصورة من سنوات راشيل كوري في مراحل
الطفولة والمراهقة وخطابها الذي ألقته في الثامنة من عمرها وتعبر فيه عن
آمالها في
إسهامها في مكافحة الفقر عالميا، كما يعرض مشاهد وصور من اللحظات الأخيرة
لحياتها
حيث تتصدى لجرافة إسرائيلية تحاول جرف بيت عربي في غزة، ثم
تعرض الصور الأخيرة لها
وهي غارقة بدمائها بعدما داستها الجرافة.
ويظهر الجمهور اليوناني تجاوبا ملحوظا مع العمل المسرحي الوثائقي خاصة فئة
الشباب الذين لم يكونوا يمتلكون المعلومات الكافية عن حياة
ونشاطات كوري وعن نضالها
للسلم في فلسطين.
تقول الممثلة الشابة ذيميترا سيرو التي تؤدي دور كوري إن
هناك أعمالا تكتب للمسرح وفي المقابل هناك أعمال في المسرح تحرك الناس لكي
يتخذوا
موقفا جادا من الأحداث الدولية التي اعتدنا تجاوزها لأن " الظروف تريد ذلك"
،
وينتمي العمل المسرحي عن راشيل كوري إلى الفئة الثانية من
الأعمال
المسرحية.
وتضيف سيرو إن هذه الأعمال يجب أن تعرض لكي يعرف الجميع ماذا
يجري في نواح قريبة منا ولا ندري به، خاصة قضية الشعب
الفلسطيني الذي لا يزال يعاني
منذ أكثر من ستين عاما، وشجاعة النشطاء العالميين الذين يتصدون بأجسادهم
للوحشية
الإسرائيلية، معتبرة أن كوري لم تكن مجنونة ولا متهورة بل كانت شجاعة وفي
غاية
الشجاعة.
وتقول مارو أغريتي الممثلة المشاركة في العمل إن المسرحية عرضت أول مرة في
لندن
حيث لاقى نجاحا كبيرا ونالت العديد من الجوائز، كما عرضت في
نواح عديدة من القارة
الأمريكية وأستراليا وحتى إسرائيل، وظهر بوضوح أن لها تأثيرا على الرأي
العام حيثما
عرضت ويظهر ذلك من خلال تعطيل عرضها أكثر من مرة في نيويورك وميامي
وتورونتو خوفا
من أعمال تخريبية انتقامية.
أما مانيا باباذيميتريو مخرجة المسرحية فقالت للجزيرة الوثائقية إن
السيناريو
الانكليزي ترجم بشكل خاص للعمل بعدما كان ترجم قبل ذلك
لليونانية، وأسهمت الترجمة
الدقيقة في إضفاء طابع جديد على المسرحية.
وعن اختيارها للمسرحية قالت باباذيميتريو إنها كغربية تعيش في منطقة قريبة
نوعا
من قطاع غزة تشعر كم كان من الصعب على فتاة أمريكية في مقتبل
العمل تسافر إلى
القطاع وتقف ضد إسرائيل رغم كونها يهودية ورغم أنها كانت تعيش في أمريكا
حيث
البروباغاندا الإسرائيلية تعمي قلوب الملايين من الأمريكان عن رؤية الأمور
التي
تجري في فلسطين بواقعية وصدق.
وأضافت باباذيميتريو إن أصعب ما يواجه المخرج والممثلين في الأعمال
المسرحية
الوثائقية هو لفت انتباه المشاهد وعدم تسرب الملل إليه خاصة
عندما يكون عدد
الممثلين قليلا ويكون بالتالي عليهم أن يؤدوا أدوارا مهمة لوقت طويل
وبانفعال
يتناسب مع طبيعة الموقف حيث يعرف الجمهور أن كل ما يراه ويسمعه في المسرحية
هو
واقعي لذلك ينتظر أن يكون أداء الممثلين متناسبا مع الوقائع
والأحداث التي
يعرفها.
وحول العمل المسرحي الوثائقي قالت باياذيميتريو إنه قريب نوعا ما إلى
المسرح
التراجيدي، ولا يملك المخرج فيه الكثير من الخيارات والحيل
المسرحية التي تجذب
انتباه المشاهد مما يجعل المهمة صعبة ودقيقة وتحتاج إلى أداء متميز وإخراج
متقن،
موضحة أن بعض الفقرات التي رأى القائمون على العمل أنها غير مهمة تم حذفها
كي لا
تجلب السأم للمشاهدين.
ولم تجد المسرحية أي ردود سلبية حتى الساعة، كما تقول باباذيميتريو فيما
تلقى
رواجا وتفاعلا من الجمهور اليوناني، حيث لاحظت أن كبار السن
كانوا في معظم الأحيان
مطلعين بشكل كاف على القصة وكانوا يستطيعون ذكر تفصيلات عن حياة راشيل لم
ترد في
المسرحية، فيما كان الشبان الأصغر سنا يتابعون المسرحية لمعرفة تفصيلات
حياة وموت
الناشطة الأمريكية.
كذلك تهدف المسرحية، تتابع باباذيميتريو، إلى تذكير العالم كله بأن ما
يجري في
غزة أسوأ بكثير مما تعرضه القنوات الفضائية والمحلية، حيث تكون المشاهد
مصورة
بطريقة لا تثير المشاهد ولا تشعره بهول الأحداث في القطاع ولا
بقسوة الظروف التي
يعيشها سكانه، وبالطبع فالأوضاع الآن مع الحصار والجدران من كل ناحية أكثر
صعوبة
وأشد فظاعة.
وتعتقد المخرجة اليونانية أن الهدف من المسرحية تحقق في كثير من الأحيان،
وتذكر
أن إحدى الصحفيات اليونانيات التي تهتم بالمجال الفني بعيدا عن السياسة
قالت لها "
لم أعتقد يوما من الأيام أنني سأبكي لما يجري في بلد آخر" فيما كان الشباب
الأصغر
سنا أكثر تجاوبا وتأثرا بالمسرحية من الكبار الذين يمتلكون المعلومات
والخبرة حول
حقيقة الأوضاع في الشرق الأوسط.
وحملت باباذيميتريو القنوات التلفازية والإعلام عموما مسؤولية جهل
الغربيين
بحقيقة الأوضاع ومدى صعوبتها في فلسطين حيث تعرض مشاهد الدمار من بعيد دون
إظهار
حقيقته ومدى فداحته، وهذا الأمر يجعل الجماهير مخدرة مطمئنة
إلى أن كل شيء على ما
يرام فيما القتل والتدمير يجريان بشكل يومي.
واعتبرت في ختام حديثها للجزيرة الوثائقية أن المسرحية توصل رسالتين الأولى
للشباب وهي أن هناك أبطالا في أعمارهم يسعون إلى تغيير الأمور
ولو بالتضحية
بحياتهم، والثانية إلى العالم مفادها أن حل المسألة الفلسطينية بشكل عادل
هو مفتاح
السلام لكل العالم لا منطقة الشرق الأوسط وحدها.
الجزيرة الوثائقية في
21/02/2010
أنجلينا جولي في مخيمات المنكوبين
ميشال شماس
لا أنكر أنني معجب بنجمة هوليوود أنجلينا جولي، ليس لأدائها التمثيلي القوي
وجمالها الملفت وشخصيتها الجذابة وحسب، بل لما قامت وتقوم به من نشاطات
عامة تمثلت في تقديم العون والدعم المادي والمعنوي لضحايا الحروب والمجاعة
والمرض في مناطق مختلفة من العالم. أقول هذا الكلام بالرغم من الأداء السيئ
للإعلام العربي وخاصة الفضائيات، التي أهملت هذا الجانب الإنساني من حياة
أنجلينا جولي، وركزت على ملاحقتها في خصوصياتها.
لم تأبه نجمة هوليوود لما يقال عنها في الإعلام العربي، فزارت مخيمات
اللاجئين في بعض البلدان العربية والإسلامية وقدمت للمقيمين فيها والنازحين
إليها دعماً مادياً ومعنوياً، متحدية ما يمكن أن تتعرض له من مخاطر كالقتل
والخطف، أو الاعتداء عليها أو تعرضها لإصابة ناجمة عن تفجير قنبلة أو هجوم
انتحاري قد يودي بحياتها أو على الأقل يشوه جمالها الفاتن ويقضي على
مستقبلها الفني. ولم تخش حتى أن تصاب بمرض معد، رغم أن تعرضها لأي من تلك
المخاطر أمر وارد الحدوث خصوصاً إذا علمنا أن زيارتها شملت أماكن منكوبة
بويلات الحروب أو المرض والجوع ، كمخيمات اللاجئين في أفغانستان والصومال،
ودارفور في السودان وكذلك في كينيا وتنزانيا وسيراليون وكمبوديا والعراق،
كما زارت مؤخراً مخيمات اللاجئين العراقيين والفلسطينيين في كل من لبنان
وسوريا، كما أعلنت عن نيتها تمويل إنشاء عيادة طبية لمكافحة الإيدز في
أثيوبيا.
ونقلت وكالات الأنباء أنه على مدى السنوات الثماني الماضية تبرعت انجلينا
جولي بأكثر من عشرين مليون دولار لضحايا الحروب والأمراض والمجاعة في
المناطق التي زارتها، بالإضافة إلى توزيع الأغذية والأدوية التي كانت
ترافقها في شاحنات إلى المناطق المنكوبة، والتي كانت تقوم أحياناً بتوزيعها
بنفسها على المحتاجين. هذا عدا عن أنها كانت تنفق من مالها الخاص على
زياراتها التفقدية بصفتها سفيرة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لأماكن
تواجدهم. كما تبرعت بملايين الدولارات لعدد من المنظمات الدولية، كمنظمة
الطفل العالمي، ومنظمة أطباء بلا حدود..الخ.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو أين هم الفنانون العرب في كل ما فعلته وما
زالت تفعله الممثلة العالمية أنجلينا جولي؟ لماذا تأتي نجمة هوليوود لتقدم
الدعم المادي والمعنوي للاجئين في الدول العربية؟ ما الذي يجبرها على
الجلوس معهم ومحادثتهم، وهي التي تملك عشرات الملايين من الدولارات التي
تتيح لها قضاء أجمل الأوقات برفقة تلك الملايين في أفخم الفنادق
والمتنزهات، كما يفعل الفنانون العرب، الذين لا يهتمون بمثل هذه المسائل،
وإن اهتموا فيكون اهتمامهم بها استعراضياً أمام عدسات الكاميرا ليس أكثر؟
المستقبل اللبنانية في
21/02/2010 |